تقييم ثورة الاستزراع السمكى الاولى (1976-2015) فى مصر(١).
الاستزراع السمكى معروف في مصر منذ بداية التاريخ المكتوب إلى عام 2500 قبل الميلاد. الا ان الاستزراع السمكى الحديث لم يبدأ الافي منتصف الثلاثينيات من القرن الماضى بعد إدخال الكارب العادى المستورد في مزرعتين بحثييتين. الفكرة والريادة: فى عام ١٩٧٦ عندما عين الدكتورخالد الشاذلى(جامعة الاسكندرية) نائبا لوزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية وهو نفس المنصب الذى تشغله الدكتورةمنى محرز حاليا وبفكرة الثاقب كعالم عالمى مرموق ادرك بحسه العلمى ان الحيوانات المجترةكفائتها التحويلية للاعلاف التى تستهلكها منخفضة وتنبأ بصعوبة الاعتماد عليها فى المستقبل وذلك فى خضم المنافسة الشرسة وغير المتكافئة بين الانسان والحيوان على الموارد الارضيّة المحدودة للزراعة وتنامى الفجوة الغذائية سنويا مع والمرتبطة ارتباطا وثيقا بزيادة الكثافة السكانية السنوية وتغير النمط الاستلاكى لارتفاع الدخول وتحسن مستويات المعيشة وتحسن الوعى الصحى وزيادة الطلب على الغذاء بصفة عامة والبروتينات الحيوانية بصفة خاصة وكانت النتيجة هى انتصار الانسان على الحيوان فى ان يكون الفول وهو علف الحيوان هو الوجبة الغذائية الاساسية لمعظم المصريين وتتقلص مساحات البرسيم لزراعة محصول القمح لتوفير رغيف الخبز فى سياسات زراعية استهدفت تلبية متطلبات غذاء المواطنين دون الحيوانات . وعلى اساسه وضع الشاذلى سياسته الهادفة الى ادخال الاستزراع السمكى كمكون انتاجى ثالث ضمن منظومة تنمية الثروة الحيوانية الى جانب المجترات والدواجن باعتبار ان الاسماك هى الاكفأ فى التحويل الغذائى والأسرع نموا وانتاجا ولا تنافس الانسان على الارض اليابسة المتاحة للزراعة ....... الشاذلى لم يعمر طويلا فى وزارة الزراعة لخلافات فى وجهات النظر مع الوزير انذاك وعاد الى جامعتة(جامعة الاسكندرية ) رئيسا لمجلس قسم الانتاج الحيوانى ليقترح تدريس مقرر دراسى عن انتاج الاسماك "انتاج حيوانى120” ليدرس لطلبة السنة الرابعة تخصص انتاج حيوانى وذلك لاول مرة بالجامعات المصرية وقام بتسجيل ثلاثة طلبة لدراسة الماجستير فى الاستزراع السمكى وأنشأ اول مزرعة سمكية بحثية تعليمية إرشادية بالجامعات المصريةعلى مساحة عشرة افدنة بابيس وكانت هذة هى الشرارة التى بدأتها جامعة الاسكندرية لتحقق بها الريادة وسرعان ما انتقلت الى جامعات الازهر وقناة السويس بعد ذلك فى مطلع الثمانينات من القرن الماضى مع توجس من الجامعات الاخرى التى بدأت على استحياء بعد ذلك ....... فى خلال فترة الثورة الاولى للاستزراع السمكى فى مصر زاد الإنتاج الانتاج السمكى فى مصر من 150,000 طن عام1985(معظمهم من المصايدومنهم 5000طن استزراع ) الى حوالى ١،٥ مليون طن فى عام٢٠١٥ وذلك بمعدل نمو سنوى يتراوح من 8-10% وهذة الزيادة لم تكن من تنمية المصايد التى تبلغ اجمالى مسطحاتها حوالى 13مليون فدان ولكن كانت محصلة جهود الاستزراع السمكى والتى ساهمت ب75%من اجمالى الانتاج السنوى للاسماك فى مصر لتتبوء بها مصر كدولة مراكز عالميةمتقدمة وتدخل فى قائمة اكبر عشرة منتجين على مستوى العالم والثانية بعد الصين فى انتاج البلطى والأولى افريقيا..... لقد نجحت خطة الشاذلى نائب وزير الزراعة وتحققت آماله وهذا هو دور العلماء فى قيادة الانتاج للأمام . ان نجاح الزراعة المصرية من خلال ثورة الاستزراع السمكى الاولى (1976-2015) قد شجع المسؤولين فى الآونة الاخيرة على الاهتمام بهذا النشاط ومنحه الأولوية الاولى فى الاستثمار الزراعى فساهمت الدولة فى انشاء مشاريع عملاقة ومتكاملة لتربية الأسماك والجمبرى تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الواردات من الاسماك وخلق فرص العمل وتقليل أسعار المنتجات البحرية في السوق المحلية وتصدير الأنواع ذات القيمة العالية لكسب العملات الصعبة. وبالفعل فقد الرئيس السيسى بافتتاح مزارع سمكية بحريةعملاقة فى كل من غليون وقناة السويس وغيرها بما سيسهم مستقبلا فى دفع العجلة الانتاجية السمكية للأمام وبالرغم من ذلك فمازالت مصر مستوردة للاسماك حيث استوردت حوالى 500,000 طن عام ٢٠١٥ . ان ماحققته الزراعة المصرية فى خلال ثورة الاستزراع السمكى الاولى (1976-2015) يتطلب منا وقفة متأنية لدراسة مراحل تطور صناعة الاستزراع السمكى فى مصر بإيجابياتها وسلبياتها والطموحات والآمال المنعقدة على دورها المستقبلى فى توفير البروتين الحيوانى الرخيص والآمن والمستدام للمواطنين وتحقيق الامن الغذائى لحوالى 150مليون نسمة هم سكان مصر المتوقع فى 2050 (الاحتياجات ٣-٣،٧٥مليون طن سنويا) .الى جانب دورها فى توفير فرص جديدة للعمل وتعمير الصحارى المصرية وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ..... وللموضوع بقية.......
