السبت، يونيو 4
مصر الأمل.. ثلاثية الرؤية - احمد زويل
-15 مايو 2011 احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
مصر الأمل.. ثلاثية الرؤية جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير، لترفع الستار عن وجود قوة مؤثرة من الشباب المصرى، له من المبادئ والآمال والقدرة على الفعل والتغيير بصورة لم يكن يتوقعها الغالبية فى مصر أو فى العالم الغربى.
قبيل مغادرتى القاهرة بعد أيام من تنحى السيد حسنى مبارك عن حكم مصر، فى الحادى عشر من فبراير، التقيت إسراء، فتاة مصرية من قيادات الثورة، وسألتها عن الهدف الذى كان لدى الشباب عندما أطلقوا ثورتهم فى ميدان التحرير، ومختلف أرجاء ومحافظات مصر، فأجابتنى أن الهدف كان «تغيير النظام».
ولقد تمكن الشعب المصرى من خلال الثورة وفى 18 يوما، أن يُسقط رأس النظام، وينهى 30 عاما من حكم فردى وشمولى.
وبنظرة موضوعية، يجد المرء نفسه أمام عملية تحول ديمقراطى تشمل إنهاء آثار الحكم السابق وإظهار معالمه، خاصة الفساد الذى كان متفشيًا فى أرجاء وأعماق الوطن، والتحرك نحو حقبة جديدة من تاريخ مصر.
وبالفعل، فإن التحولات التى شهدتها مصر خلال الشهور الثلاثة الماضية، تعد تحولات كبرى، خاصة إذا ما قارناها بالشهور الثلاثة ــ أى نفس المدة ــ التى سبقت بدء ثورة الخامس والعشرين من يناير.
الثورة النموذجية
ومن أهم ما يميز الثورة المصرية عن غيرها من الثورات العربية التى يتعرض أبناؤها لإراقة دمائهم من أقبلة الأنظمة فى ليبيا واليمن وغيرهما، أن هذه الثورة مثلت وحدة رائعة بين أبناء الشعب المصرى وبين الشعب وقواته المسلحة.
فى الوقت نفسه، فإننا عندما نتابع تفاصيل الفساد الذى عاش به النظام السابق، والذى كشف عنه مع سقوط رأسه، لابد لنا وأن نشعر بأن مصر كانت محروسة بالفعل، كونها لم تتعرض لعملية إفلاس كاملة بالرغم من كل هذا الفساد.
والرائع واللافت للنظر فعلا هى قدرة الشعب المصرى على التخلص من قيود خوف كبلته لعقود، فكسرها، وتجاوز سنوات من القهر والظلام تعرض لها.
ولهذا كله، فإن الثورة المصرية تمثل نموذجًا فريدًا لتحقيق التغيير فى منطقة الشرق الأوسط. ومن ينظر فى الشأن المصرى، سيدرك على الفور أنه، وبالرغم من اختلاف عقائد أبناء هذا الشعب، وهو الاختلاف الذى يمكن أن ينجم عنه فى بعض الأحيان بعض التوترات أو المشاحنات، فإن الشعب المصرى يبقى فى نهاية الأمر شعبا موحدا، غير قابل للانقسام على أى أساس قبلى أو الوقوع فى فتن طائفية بالمعنى الكامل للكلمة.
فالشعب المصرى يجمعه تاريخ مشترك وميراث ثقافى عريق يبقيه دوما موحدا فى إطار الحضارة المصرية «أم الدنيا».
وفى هذا يختلف النموذج المصرى عن البلدان الأخرى التى بها من التمايز القبلى والثقافى ما يمكن أن يفتح الباب أمام سيناريوهات للفوضى، بل ربما الحروب الأهلية، وهو ما يعنى أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها يمكن أن تقع فى براثن النزاعات والتعصب، وهو أيضا ما سيدفع بالمنطقة نحو الخلف بدلا من الأمام.
ولذلك، فمن الضرورى أن تنجح الثورة المصرية فى تتويج أهدافها لتكون نموذجا قابلا للاستلهام فى حالات أخرى. والثورة المصرية فى رأيى حالة مركزية ومهمة لأن مصر التى يبلغ الآن تعداد سكانها الـ 85 مليون نسمة هى أكبر الدول فى منطقة الشرق الأوسط، كما أنها مركز ثقل العالم العربى لدورها المحورى فى السياسة والثقافة والمعرفة، وأيضا للمكانة التاريخية للأزهر الشريف.
إن القوة الفكرية الهائلة والكامنة فى الشعب المصرى ما زالت قادرة على إعادة مصر لهذا الدور الريادى حتى بعد التراجع الملموس فى العقود السابقة.
وعلى المستوى العالمى فإن نجاح التجربة المصرية هو أمر أساسى لضمان الاستقرار الذى من شأنه الحفاظ على أمن الإقليم وإرساء الديمقراطية وأيضا تدفقات النفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط لضمان إمدادات الطاقة فى العالم أجمع. والغرب يجب أن يقدم الدعم لهذه الثورات الشعبية فى العالم العربى، والتى تهدف بالأساس لتحقيق الديمقراطية، ذلك الهدف الذى لم يتمكن من تحقيقه بالحرب على العراق فى 2003 رغم تكلفة بلغت تريليونات الدولارات.
الديمقراطية والفوضى
ومع كل ما حققته الثورة المصرية من إنجازات، ومع كل ما تميزت به، بل وكل ما كشفت عنه من تحضر للشعب المصرى فإن هناك أمورًا توالت بعد انتهاء الثورة لا تتفق حسبما أراها مع قواعد الديمقراطية المتعارف عليها ولا مع قواعد الوطنية المصرية للثورات السابقة.
ومن ذلك التباين الكبير بين التألق الرائع للوحدة الوطنية التى عاشتها مصر أياما متتالية فى ثورتها التى تجسدت فى ميدان التحرير، حيث تداعت أى حواجز زائفة بين مسلمى الوطن وأقباطه، وأن نعود بعد أسابيع قليلة من انتهاء الثورة لنطالع أنباء مؤسفة ومؤلمة عن تشاحنات بين مسلمين وأقباط أو مسلمين بعضهم وبعض.
ولا يمكن بمنطق الثورة السلمية والشريفة أن يفسر المرء ما حدث من قطع الطرق ووقف القطارات ويصل الحد لإحراق بيوت العبادة ورفع أعلام لدول أجنبية على أرض الكنانة.
من المفهوم أنه بعد أى ثورة توجد فئات ومجموعات لديها أهداف ومصالح تسعى لتحقيقها من خلال عمليات شحن عشوائى لمشاعر البعض، ولكن هؤلاء سيكونون فى النهاية، وعندما تقام الدولة الديمقراطية بكامل أركانها، الخاسرين، لأن الغلبة ستكون للشعب المصرى القادر دوما على أن يظهر معدنه الحقيقى فى ظل كل الصعوبات، ولأن الغالبية العظمى من الشعب المصرى لا تريد الانجراف وراء التشاحن والفوضى، وإنما تسعى لبناء دولة ديمقراطية حديثة.
بناء المستقبل
والسؤال إذن هو، ماذا ينبغى أن نفعل فى هذه المرحلة؟ ومن منطلق خبرتى فى الدعوة والحث على تحقيق التغيير عبر عقدين من الزمن، ولأننى كنت طرفا مفاوضا أثناء الثورة المصرية، سواء من خلال التخاطب مع شباب الثورة أو مع الحكومة المصرية فى حينه، فإننى أعلم يقينا أن أهم ما يسعى إليه الشباب فى مصر هو مستقبل جديد، مستقبل يقدم لهم حياة تختلف عن تلك التى عاشوها فى ظل النظام القديم ومستقبل لتحقيق الإنتاج والتقدم، الذى يليق بمكانة مصر على المستويين العربى والعالمى.
مستقبل مصر الواعد يتطلب بالضرورة استقرار الوحدة الوطنية ليسعى الشعب متكاتفا لتحقيق أهداف ثلاثة أراها حتمية لبناء الدولة الديمقراطية، اقتصاديا وسياسيا. وعليه فإن ثلاثية الرؤية تتمثل فى:
«البعد السياسى» والذى أساسه يكون بناء الهيكل الحقيقى لنظام الحكم الديمقراطى الرشيد بما فى ذلك عدالة تطبيق القانون، ضبط أمن البلاد والانتقال إلى الشرعية الدستورية لحكم مستقر مبنى على مبادئ الثورة.
«البعد الاقتصادى» والذى يتطلب فى المدى القريب التحرك السريع نحو عودة الإنتاج إلى ما كان عليه مع إصلاحات فى المؤسسات الاقتصادية، وفى نفس الوقت فلابد من وضع رؤية شاملة لرفع الإنتاج المصرى والدخل القومى، وإصلاح الوضع المؤسوى لمحدودى الدخل.
«البعد القومى للنهضة» ولهذا البعد رؤية خاصة حيث فيه يلتحم الشعب مع الحكومة فى تبنى «مشاريع أحلام الوطن» والتى عن طريقهم يتم بناء جيل المستقبل ودفع مصر إلى مكانة العالم الأول، وتحديث العالم العربى ككل.
وهناك بعد رابع، بالمقارنة مع علوم الكون الطبيعية، هذا البعد يحدد ديناميكية العلاقة بين الجيش والحكومة من طرف والشعب من طرف آخر، وعليه فإن هذه الديناميكية لابد وأن تحدد بوضوح مسار التغيير الجديد والمدد الزمنية لاستكمال المسيرة، وذلك عن طريق حوار دائم وبناء.
وأعتقد جازما أن السعى نحو أى من هذه الأهداف الثلاثة، يتطلب أولا وقبل كل شىء، تحقيق الاستقرار الأمنى فى أسرع وقت، والذى ينبغى أن ينعم به أبناء الشعب المصرى، على أن يكون ذلك فى إطار مؤسسى لشرطة ما بعد الثورة، يباعد بين ما عرفه النظام السابق من آليات لتحقيق الأمن، ويعمل على احترام حقوق المواطن فى الوقت ذاته، فإن الإصلاحات السياسية الحقيقية ــ وليست تلك التى تكون مستمدة بشكل أو آخر من النظام السابق ــ ينبغى أن تكون سريعة، وأن تكون هادفة لتكوين المؤسسات الجديدة للدولة فى جميع القطاعات، وهو ما يتطلب بالضرورة أن يكون هناك تطبيق قاطع للقانون على كل المواطنين دون أدنى استثناء.
المأزق الاقتصادى.. والإنتاج
أما الإصلاحات الاقتصادية، والتى أراها هى حجر الزاوية للبناء والتقدم، فتلك هى التحدى الأصعب الذى يواجه مصر حاليا، كما سيواجهها فى المستقبل القريب، وذلك لأسباب عدة، أهمها أن السعى المصرى نحو بناء اقتصاد قوى يأتى بعد عقود من حكم السيد مبارك ودائرته المقربة، حيث تم استنزاف الكثير من الموارد المصرية.
إلى جانب ذلك، فإن الثقة فى مناخ الاستثمار فى مصر ليست عالية أبدا، وحركة السياحة ليست فى أحسن أحوالها، كما أن دعم المصريين فى الخارج، الذين لهم الكثير من القدرة على تقديم الدعم المادى والمهنى لمصر ما بعد الثورة، قد يتأثر بدرجة كبيرة، ربما بسبب عدم الارتياح إزاء بعض ما جاء فى التعديلات الدستورية، بالإضافة إلى أن أصحاب الأعمال المصريين، سواء كانوا من أصحاب الأعمال الصغيرة أو الكبيرة، يعانون تحديات لا يستهان بها.
لكن مع كل تلك الصعوبات، فإن بناء اقتصاد مصرى قوى ليس بالأمر المستحيل. إن استعادة التركيز على القضايا الجوهرية، والابتعاد عن الانخراط فى الأمور التى ليس لها جدوى تذكر، واسترجاع التسامح والتصالح الوطنى، وشعور الثقة فى الوطن وبين أبنائه يمكن بالتأكيد أن يدفع بالشعب المصرى نحو نهضة اقتصادية جديدة.
ولذلك ليس أمامنا من اليوم غير العمل والعمل الجاد من أجل الإنتاج. فالوقت لم يعد يسمح بإطلاق بعض الشعارات والتصريحات والاكتفاء بذلك.
إن تحقيق النمو الاقتصادى يتطلب أن يكون هناك استقرار فى معدلات النمو على المستوى المنظور، ليتم العمل على الأمد الطويل لرفعها بما يتناسب مع أهداف تحقيق التنمية والإنتاج المناسب لمصر، ورفع الإنتاج ينبغى أن يكون الشغل الشاغل لكل المجتمع المصرى، حيث لا يمكن لنا أن نقبل بأن يبقى الاقتصاد فى مصر ما بعد الثورة معتمدًا على عوائد قناة السويس والسياحة فقط.
الثروة البشرية
إن مصر ليس لها الكثير من الموارد الطبيعية، كما أن المساحة المزروعة من أرضها ليست بالمساحة الكبيرة، أقل من 10٪، ولكن مكمن الثروة المصرية الحقيقية هو أبناؤها. فمصر تتمتع بثروة بشرية هائلة إذا ما أحسن استغلالها من خلال العمل المنتج، ومن خلال مشاريع قومية يلتف حولها أبناء الشعب المصرى يمكن لها أن تحقق الكثير، خاصة إذا ما توازى ذلك مع مشروع نهضوى كبير لتحقيق طفرة فى مستوى التعليم والبحث العلمى، وبالتالى فى قدرات الثروة البشرية المصرية.
إن ما يطلق عليهم فى مصر الآن «شباب الفيس بوك»، يعلمون أن مصر كان لديها يوما مستوى من التقدم فى مجالات التعليم والبحث العلمى تفوق التى كانت لدى دولة مثل كوريا الجنوبية، والتى أصبحت الآن من أهم اقتصاديات العالم. كما أنهم يعلمون أنه خلال العقود الثلاثة، التى أمضاها السيد مبارك فى قصر الرئاسة تراجعت الأمور فى مصر بدرجة كبيرة، بينما تقدمت بلدان أخرى، وحققت طفرات.
فاستطاعت الصين أن ترفع حياة الملايين من مواطنيها من حال الفقر، كما استطاعت فى الوقت نفسه، أن ترسل روادا إلى الفضاء الخارجى، وأن تبنى مدنا عملاقة (Megacities)، وأن تصنع قطارات فائقة السرعة، وترفع مستوى التعليم بين طلاب المدن الصينية إلى المستويات الدولية. وبالتالى، فإن هؤلاء الشباب فى مصر يتساءلون: لماذا لم تحقق مصر ذلك، ولماذا لا تتحرك هى الأخرى نحو تحقيق مثل هذه الطفرات فى التعليم والتنمية؟
وبالطبع، فإن تحقيق مثل هذا النمو هو الهدف الذى ينبغى أن تسعى إليه مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن ذلك السعى سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصل إلى مبتغاه. ولأن الأمر سيستغرق شيئًا من الوقت، ويحتاج الكثير من العزيمة، فإن الأولوية الآن تحتاج لإشعال شمعة للأمل، لأن هذه الشمعة هى التى ستضئ الطريق نحو مستقبل أفضل.
الفرصة التاريخية.. المشروع القومى
إننى أنظر إلى مصر فأرى فرصة تاريخية لاستعادة هذا البلد لمكانة يستحقها بجدارة، كما أننى أرى الشعب المصرى القادر بالعزيمة والإيمان بحق بلاده فى التطور أن يحقق الهدف المبتغى من خلال عمل هو بالضرورة بسواعد المصريين أنفسهم.
وفى هذا الشأن، فإننى أقترح بناء مشروع مصر القومى للنهضة العلمية فى أسرع وقت، والذى عملت من أجله فى الـ12 عامًا الأخيرة مع النظام السابق وبدون جدوى لأسباب يعلمها الجميع ولا داعى هنا للعودة للماضى للحديث عنها.
إن هذا المشروع النهضوى والغير القابل للربح، يرتكز بدوره على ثلاثية مهمة، وهى:
«التعليم العصرى» وذلك لنشر المعرفة والعلوم الحديثة.
«المراكز المتميزة» وذلك للنهوض بالبحث العلمى والمشاركة العالمية.
«التكنولوجيا الإنتاجية» وذلك لبناء القاعدة الإنتاجية والمعتمدة على تكنولوجيا العصر.
هذا المشروع فى عصر العلم هو العمود الفقرى للتقدم وأيضا لبث فكر مجتمعى جديد.
وكما قلت سابقا، فإنه لا يمكن لهذا المشروع أن يرى النور بدون الإرادة الوطنية، وتحقيق الهيكل الأكاديمى والقانونى الخاص بالعمل فى مشروع كهذا، بحرية وشفافية، مع إيجاد التمويل اللازم من قبل الحكومة والشعب المصرى.
صندوق «اقرأ»
وفى أولى كلمات القرآن التى
أوحيت للنبى محمد، تكمن الحكمة: «اقرأ». وإذا ما أردنا تطبيق هذه الحكمة على حال مصر الآن، فإن ما نسعى إليه بالتأكيد هو تحقيق طفرة فى اقتناء المعرفة وتطبيقها لصالح البلاد.
وفى مبادرة جديدة، اقترحت إنشاء صندوق للشراكة القومية والدولية، يمكن أن يسمى «صندوق اقرأ» ــ بين المؤسسات الخاصة والحكومية ــ لدعم المشروع، ولكن لابد أن نعلم جميعا أن مثل هذا المشروع لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على غير المصريين، وإن كنت أثق أنه عندما يصبح نجاح هذا المشروع واضحًا، فإنه سوف يجتذب الشراكة العالمية الفعالة والنافعة.
وفى اختيار كلمة «اقرأ» عنوانا للصندوق الذى أقترحه، فإننى أيضًا أطرح معنى عالميا، حيث أردت لها أن تكون المرادف العربى للكلمة الإنجليزية «READ» والتى هى اختصار لـ «Renaissance in Education And Development».
وينبغى أن يكون عمل هذا الصندوق بعيدا عن كل أغراض السياسة، وأن يتم تحت إدارة مجلس أمناء من الشخصيات البارزة المصرية والعربية والدولية، على أن يكون الهدف الرئيسى أمام هذا الصندوق هو رفع المستوى التعليمى والفكرى بما يؤدى إلى بناء استراتيجية واعدة لتحقيق نمو اقتصادى واسع، وإعادة صياغة البنية التحتية فى مصر، وفتح الآفاق أمام نهضة صناعية وثقافية تعود بنا إلى نهضة محمد على، ولكن فى سياق القرن الواحد والعشرين. إن الأمية ستبقى دوما عائقا قاسيا أمام تحقيق التنمية أو إرساء الديمقراطية، لهذا فإننى أقترح أن نسعى أيضا للعمل على محو كامل للأمية، وبناء مدارس علمية للموهوبين، وبناء مراكز تطبيقية لأغراض البنية الأساسية.
الإرادة والدعم
وفى البداية، فإن إطلاق هذا المشروع يحتاج إلى مليار دولار، كما يجب أن يتم فى الوقت نفسه إنشاء وقف مالى بقيمة مليار دولار أخرى، لأغراض تطوير المشروع وتوسيعه بصورة متدرجة، وعلينا أن نعلم أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا فى المملكة العربية السعودية لها وقف مالى يقرب من 20 مليار دولار.
وسيحتاج الأمر بالتأكيد خلال سنوات متتالية لمزيد من الأموال التى يمكن أن يسهم بها عدد من الدول المعنية بدعم استعادة النهضة المصرية ليتم توفير هذه الأموال من خلال البنك الدولى أو البنك العربى أو صندوق الإنماء الإسلامى، بجانب التبرعات الأساسية من الشعب والحكومة المصرية. ولكن كما ذكرت سالفا لا يمكن لهذا المشروع أن يتم بدون الإرادة المصرية والدعم المصرى، ثم بعد ذلك يتم الاستعانة بمؤسسات ودول أخرى، أما العكس فى الرؤية ففى رأى لا يؤدى إلى النتيجة المطلوبة من مشروع بهذا الثقل والأهمية.
وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن قرابة نصف سكان مصر هم من الشباب دون الثلاثين، فإننا سنجد أن الأموال المطلوب توفيرها لإطلاق وعمل هذا الصندوق الذى سيكون من أبرز نتائج نشاطه رفع مستوى كفاءة الفرد المهنية والفكرية، وتمهيد الأرض لإرساء الديمقراطية الحقيقية والمعتمدة على تبادل الآراء، فإننا سنجد أن تلك الأموال تعد النذر القليل بالمقارنة بمئات المليارات من الدولارات التى إهدرت وسرقت من مصر، وبدون فائدة للوطن وأبنائه.
وينبغى هنا أن أشير إلى الأثر النفسى الكبير الذى يمكن أن يلعبه إنشاء مثل هذا المشروع القومى الآن. فمصر هى دولة فى حالة من السيولة، تتنازعها أقطاب مختلفة من مخلفات النظام السابق إلى تيارات تمارس السياسة باسم الدين وبسمات من التعصب وغيرها، وكل يسعى لأن تكون له الكلمة الأخيرة فى تقرير مصير هذا البلد.
ومن خلال عملية إعادة بناء ناجحة لمؤسسات تعرضت للانهيار، فإن المشروع القومى مع صندوق «اقرأ» يمكن أن يسهم فى وضع مصر على بداية الاتجاه الصحيح فى الإنتاج من أجل الاقتصاد، والفكر من أجل التقدم. والفخر والاعتزاز من أجل بناء حضارة مستقبلية لمصر.
والجميع يعرف أن الأسر المصرية تعانى من نتائج تدهور التعليم الذى حل خلال العهد السابق. وأنا أثق أن كل أسرة مصرية، وبلا استثناء، تحلم اليوم بأمرين، أولهما: هو ضمان تعليم جيد لإبناءها. والثانى: هو الإسهام فى استعادة نهضة وعزة مصر.
التاريخ.. والأمل
يعلمنا التاريخ أن البلاد يمكن أن تستعيد تجارب النجاح، ومصر قادرة على ذلك. إن مصر قادرة على أن تستعيد مكانتها فى صنع الحضارة، وأن تكون مركز النهضة العلمية والفكرية والاقتصادية فى العالم العربى.
ولكن هذا لن يتم بالجدل السياسى عن الماضى والأيدولوجيات أو بالانشقاق الوطنى بين المسلمين والمسيحيين أو بالصراع بين المذاهب أو بالطموح السياسى مع إغفال مصلحة الأمة. وهنا يأتى دور هيبة الدولة واحترام القانون، والتسامح والمصالحة الوطنية، كما يأتى ضرورة عدم استغلال بعض رجال الإعلام وأهل السياسة للأوضاع الحالية فى مصر.
مصر فى حاجة إلى نقلة نوعية، من حالة شرعية الثورة إلى حالة دولة المؤسسات، لبناء الدولة الحديثة، وهذا يتطلب المشاركة البناءة والحقيقية، ويجب التذكر أن شبابنا فى أعز المحن فى الميدان كان يردد كلمة «سلمية»، وبالتالى فهم يتوقعون أن يكون شعار كل المصريين فيما بعد الثورة هو التسامح والتعايش السلمى!
إن ثورات تغيير النظم، كما يذكرنا التاريخ، كثيرا ما يعقب مراحلها الأولى بعض الاضطرابات، وفى بعض الأحيان انقلابات، وبالتالى فإننا يجب أن نبادر بالتغيير الشامل والعمل الجاد دون تردد، لأن أى تأخير ستكون له عواقب سلبية ستتحمل مصر والمنطقة بأسرها نتائجه لعقود قادمة، إن عامل الوقت هو عامل حاسم بكل تأكيد.
ولكننى عندما أُسئَل عن ثورة 25 يناير فأقول، وكما ذكرت مرارًا فى السابق، إننى «متفائل بمستقبل مصر»، أقول هذا ليس من منطلق العواطف ولكن لمعرفتى الشخصية بطموحات شباب مصر والمستمدة من لقاءاتى معهم، وأيضًا بمعرفتى التاريخية لعبقرية مصر، فقد تجلت هذه العبقرية مرارًا، كان آخرها النصر القومى فى عام 1973 بعد هزيمة 67 الفاجعة، والآن بعد نصر 2011، لابد وأن تهزم مصر الماضى وتبنى المستقبل.
وفقنا الله جميعا لخدمة مصر.. مصر الأمل
البرادعي ينتقد الحديث فقط على الماضي مطالب بالتحدث عن الفترة الانتقالية والشفافية - بوابة الشروق
الشروق السبت 4 يونيو 2011 11:39 ص بتوقيت القاهرة
محمد البرادعي
أعلن الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية ، والمرشح المحتمل للرئاسة ، أن معظم الحديث اليوم هو عن الماضي وفساده ،وأكد أن الضرورة الآن هي الحديث بالتوازي عن الفترة الانتقالية بتفاصيلها وتوقيتاتها.مشيرا لان أسبقيتنا تأتي النظر إلى الأمام.
وأشار البرادعي في تعليق له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي " توتيتر" اليوم السبت، ان هناك أخبار مستمرة عن" ثورة مضادة و مؤامرة لتقسيم مصر" وان الشعب يريد أن يعرف من المسؤول و ما هي خطة المواجهة و التصدي لهذا ،مؤكدا على أن الشفافية مطلوبة في هذا الوقت
أول طريق النهضة
استثمار العقول.. أول طريق النهضة
أسامة هيكل Sat, 04/06/2011 - 08:00 المصرى اليوم
كانت مشكلة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل أنه محبوب ومقنع لقطاع كبير من المصريين، فإذا تحدث صدقه الناس وتفاعلوا معه.. ولهذا كان النظام السابق يكرهه ويحرص على استبعاده كما كان يستبعد كل شخص تنطبق عليه تلك المواصفات.. وحينما اقترح الرجل مشروع جامعة العلوم، تجاهلها النظام السابق، فإن الشخص لم يكن يلقى القبول المطلوب من الرئيس السابق، ضحينا بمشروع كان يمكن أن نجنى الآن ثماره..
وحينما انتقد الرأى العام تراجع الحكومة عن تنفيذ المشروع، كانت الإجابات تثير السخرية، فمرة يتهمونه بأنه غير جاد، ومرة يتهمونه بأنه يطمع فى منصب وزارى، ومرة يتهمونه بأنه هو الذى تراجع عن تدبير التمويل اللازم للمشروع.. ولكن المهم أن المشروع لم ينفذ.. وظل الدكتور زويل يتردد على مصر دون يأس، واقتصر نشاطه على إلقاء محاضرات.. وكان عدد قليل من الوزراء والمسؤولين يقتنعون بالدكتور زويل وفكرته، ولكن لم يكن فى مقدورهم تغيير الواقع الأليم.
وفى مطلع العام الماضى، حضر الدكتور زويل لمصر مبعوثا علميا للرئيس الأمريكى باراك أوباما، فاستقبلته الحكومة بهذه الصفة، وكان الرجل يسعى لإقرار تعاون علمى بين مصر وعدة دول فى المنطقة مع الولايات المتحدة، وعقد 3 لقاءات مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وعدد من الوزراء، ولم يخرج بأى نتيجة، وكان حزينا لأن مصر لم تحدد رؤيتها الواضحة لهذا التعاون المطلوب، ولم يكن لها أى تصور لمستقبل مصر العلمى كما فعلت دول أخرى فى المنطقة شملتها نفس الزيارة.. وكنت أشعر بغيرته كلما تحدثنا عن هذا التقدم الذى حدث فى ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا ارتكازا على المنهج العلمى، بينما مصر لم تعتمد هذا المنهج الذى يبدأ بالاهتمام بالعلم واحتضان العلماء.
كان تعطيل النظام السابق لفكرة جامعة العلوم حرمانا للدولة المصرية من مركز للتميز ونقطة انطلاق لنهضة علمية حقيقية، فالفكرة تعتمد على اجتذاب الطلاب النابغين والمتميزين ووضعهم فى مناخ علمى حقيقى، ويتلقون العلم على أيدى علماء كبار بينهم حاصلون على جوائز نوبل، فيتخرج هؤلاء الطلاب علماء قادرين على حل مشاكل المجتمع وجذبه للأمام.. وهذا المشروع الضخم ستظهر نتيجته خلال 10 سنوات.. وهو مشروع قيمته ليست فى ثمن الأرض المقام عليها.. فهو مشروع لا يهدف للربح، وإنما يهدف لاستثمار العقول، وما يدره من أرباح سيضخ مرة أخرى لتعليم طلاب جدد وإنتاج علماء أكثر يستفيد منهم الوطن.
الفكرة ممتازة، ولكن النظام السابق كان يرفضها فقط لأن زويل هو صاحب الفكرة.. ولم تستح الحكومة حينما خصصت نفس أرض المشروع لإنشاء جامعة النيل التى أنشئت لأهداف خاصة برئيس الوزراء الأسبق، ولم تستح أن تدفع وزارة الاتصالات ثمن الأرض من ميزانيتها رغم ما فى الأمر من علامات استفهام. كان الكل يعلم الحقيقة..
وكان فى مصر رجال يدركون أهمية العلم والعلماء، ويشعرون باستياء من هذا الاستهتار بالعلم والعلماء.. ومن بين هؤلاء الدكتور عصام شرف.. ففى شهر يونيو الماضى، كان الدكتور عصام يؤسس جمعية عصر العلم التى اشتق اسمها من اسم كتاب الدكتور أحمد زويل، وكان يسعى لاجتذاب العلماء المصريين الكبار من خارج مصر كى يستفيد من أفكارهم ويحاول البحث عن تمويل لتنفيذها بشكل أهلى بعيد عن الحكومة، وكى يرعوا النوابغ الصغار فى مصر، واختار أن يكون الدكتور زويل رئيسا شرفيا لهذه الجمعية،
واختارنى لأدير ندوة له فى افتتاح الجمعية عقدت بمكتبة الإسكندرية، وطوال الطريق من القاهرة للإسكندرية لم يتوقف حديث الدكتور عصام شرف معى عما أصاب زويل ومشروعه بنبرة استياء وألم واضحتين، وكان مؤمنا أن نهضة مصر لن تقوم إلا على مثل هذه الأفكار.. ولم أكن وقتها أتوقع، ولم يكن هو نفسه يتوقع أن يحدث فى مصر ما حدث من تطورات أو أن يكون هو رئيس وزراء مصر.. ومنذ تولى هو هذا المنصب بدأت أشعر بأن هذا المشروع سوف يرى النور.. وبالفعل وافقت حكومة شرف على مشروع زويل المجمد منذ 11 عاما.. وأنتظر اللحظة التى أرى فيها خريجى هذه الجامعة وهم يساهمون فى تحقيق نهضة هذا الوطن.
أعتقد أن أحمد زويل الآن أسعد الناس وأكثرهم فرحا بأن المشروع الحلم سيتحول إلى حقيقة بعد معاناة شاهدتها بنفسى سنوات طوالا، وأرسل تهنئتى للمصريين الذين سيستفيدون من هذا المشروع.. وأقول شكرا للدكتور عصام شرف الذى كان عند حسن ظنى وظن المصريين به.. والمطلوب الآن أن نسرع فى سن قانون خاص لهذا المشروع يضمن استقلاليته واستمراريته حتى لا تواجهه العراقيل البيروقراطية، وحتى لا تأتى حكومة أخرى بعد سنوات فتهدم الفكرة لسبب أو لآخر.. المشوار طويل ويحتاج إلى تأمين.. واستثمار العقول هو استثمار بطبيعته طويل الأجل، وهو الأهم إذا كنا نطمح فعلا فى مستقبل أفضل لمصر.
osamaheikal@hotmail.com
أسامة هيكل Sat, 04/06/2011 - 08:00 المصرى اليوم
كانت مشكلة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل أنه محبوب ومقنع لقطاع كبير من المصريين، فإذا تحدث صدقه الناس وتفاعلوا معه.. ولهذا كان النظام السابق يكرهه ويحرص على استبعاده كما كان يستبعد كل شخص تنطبق عليه تلك المواصفات.. وحينما اقترح الرجل مشروع جامعة العلوم، تجاهلها النظام السابق، فإن الشخص لم يكن يلقى القبول المطلوب من الرئيس السابق، ضحينا بمشروع كان يمكن أن نجنى الآن ثماره..
وحينما انتقد الرأى العام تراجع الحكومة عن تنفيذ المشروع، كانت الإجابات تثير السخرية، فمرة يتهمونه بأنه غير جاد، ومرة يتهمونه بأنه يطمع فى منصب وزارى، ومرة يتهمونه بأنه هو الذى تراجع عن تدبير التمويل اللازم للمشروع.. ولكن المهم أن المشروع لم ينفذ.. وظل الدكتور زويل يتردد على مصر دون يأس، واقتصر نشاطه على إلقاء محاضرات.. وكان عدد قليل من الوزراء والمسؤولين يقتنعون بالدكتور زويل وفكرته، ولكن لم يكن فى مقدورهم تغيير الواقع الأليم.
وفى مطلع العام الماضى، حضر الدكتور زويل لمصر مبعوثا علميا للرئيس الأمريكى باراك أوباما، فاستقبلته الحكومة بهذه الصفة، وكان الرجل يسعى لإقرار تعاون علمى بين مصر وعدة دول فى المنطقة مع الولايات المتحدة، وعقد 3 لقاءات مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وعدد من الوزراء، ولم يخرج بأى نتيجة، وكان حزينا لأن مصر لم تحدد رؤيتها الواضحة لهذا التعاون المطلوب، ولم يكن لها أى تصور لمستقبل مصر العلمى كما فعلت دول أخرى فى المنطقة شملتها نفس الزيارة.. وكنت أشعر بغيرته كلما تحدثنا عن هذا التقدم الذى حدث فى ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا ارتكازا على المنهج العلمى، بينما مصر لم تعتمد هذا المنهج الذى يبدأ بالاهتمام بالعلم واحتضان العلماء.
كان تعطيل النظام السابق لفكرة جامعة العلوم حرمانا للدولة المصرية من مركز للتميز ونقطة انطلاق لنهضة علمية حقيقية، فالفكرة تعتمد على اجتذاب الطلاب النابغين والمتميزين ووضعهم فى مناخ علمى حقيقى، ويتلقون العلم على أيدى علماء كبار بينهم حاصلون على جوائز نوبل، فيتخرج هؤلاء الطلاب علماء قادرين على حل مشاكل المجتمع وجذبه للأمام.. وهذا المشروع الضخم ستظهر نتيجته خلال 10 سنوات.. وهو مشروع قيمته ليست فى ثمن الأرض المقام عليها.. فهو مشروع لا يهدف للربح، وإنما يهدف لاستثمار العقول، وما يدره من أرباح سيضخ مرة أخرى لتعليم طلاب جدد وإنتاج علماء أكثر يستفيد منهم الوطن.
الفكرة ممتازة، ولكن النظام السابق كان يرفضها فقط لأن زويل هو صاحب الفكرة.. ولم تستح الحكومة حينما خصصت نفس أرض المشروع لإنشاء جامعة النيل التى أنشئت لأهداف خاصة برئيس الوزراء الأسبق، ولم تستح أن تدفع وزارة الاتصالات ثمن الأرض من ميزانيتها رغم ما فى الأمر من علامات استفهام. كان الكل يعلم الحقيقة..
وكان فى مصر رجال يدركون أهمية العلم والعلماء، ويشعرون باستياء من هذا الاستهتار بالعلم والعلماء.. ومن بين هؤلاء الدكتور عصام شرف.. ففى شهر يونيو الماضى، كان الدكتور عصام يؤسس جمعية عصر العلم التى اشتق اسمها من اسم كتاب الدكتور أحمد زويل، وكان يسعى لاجتذاب العلماء المصريين الكبار من خارج مصر كى يستفيد من أفكارهم ويحاول البحث عن تمويل لتنفيذها بشكل أهلى بعيد عن الحكومة، وكى يرعوا النوابغ الصغار فى مصر، واختار أن يكون الدكتور زويل رئيسا شرفيا لهذه الجمعية،
واختارنى لأدير ندوة له فى افتتاح الجمعية عقدت بمكتبة الإسكندرية، وطوال الطريق من القاهرة للإسكندرية لم يتوقف حديث الدكتور عصام شرف معى عما أصاب زويل ومشروعه بنبرة استياء وألم واضحتين، وكان مؤمنا أن نهضة مصر لن تقوم إلا على مثل هذه الأفكار.. ولم أكن وقتها أتوقع، ولم يكن هو نفسه يتوقع أن يحدث فى مصر ما حدث من تطورات أو أن يكون هو رئيس وزراء مصر.. ومنذ تولى هو هذا المنصب بدأت أشعر بأن هذا المشروع سوف يرى النور.. وبالفعل وافقت حكومة شرف على مشروع زويل المجمد منذ 11 عاما.. وأنتظر اللحظة التى أرى فيها خريجى هذه الجامعة وهم يساهمون فى تحقيق نهضة هذا الوطن.
أعتقد أن أحمد زويل الآن أسعد الناس وأكثرهم فرحا بأن المشروع الحلم سيتحول إلى حقيقة بعد معاناة شاهدتها بنفسى سنوات طوالا، وأرسل تهنئتى للمصريين الذين سيستفيدون من هذا المشروع.. وأقول شكرا للدكتور عصام شرف الذى كان عند حسن ظنى وظن المصريين به.. والمطلوب الآن أن نسرع فى سن قانون خاص لهذا المشروع يضمن استقلاليته واستمراريته حتى لا تواجهه العراقيل البيروقراطية، وحتى لا تأتى حكومة أخرى بعد سنوات فتهدم الفكرة لسبب أو لآخر.. المشوار طويل ويحتاج إلى تأمين.. واستثمار العقول هو استثمار بطبيعته طويل الأجل، وهو الأهم إذا كنا نطمح فعلا فى مستقبل أفضل لمصر.
osamaheikal@hotmail.com
حقا الدم المصرى مش رخيص
الـدم الــمـصـرى " مـش رخـيـص "
فتحى المزين الجمعة, 03/06/2011 - 13:58 المصرى اليوم
الدماء المصرية الذكية تروى تراب الوطن كل يوم فى مشاهد موجعة لكل مصرى ومصرية .. وحالة الانفلات الامنى تتزايد كل ثانية ولغة البلطجة والسرقة هى السائدة بشكل مبالغ فيه .. أن سائقي التاكسيات فى القاهرة يكادون يتوقفون عن العمل ليلاً نتيجة السرقات اليومية لسيارتهم ولا أحد يعرف أين تختفي كل تلك السيارات ؟ ومحاولات القتل يومية ولا أحد يخشى الدولة او الشرطة .. وفى مشاهد أخرى واقعية لدرجة الرعب .. نرى مجموعات من البلطجية تقتحم المستشفيات لتصفى خصوم لها فى مشاهد دولية لعصابات منظمة .. وحالات الخطف رعب خاص لأولياء الأمور وخاصة مع أقتراب موعد الامتحانات ..
أن الدم المصري أغلى وأنبل من يضيع هدراً هكذا على أرصفة البلطجة و والأنفلات الأمني .. هل يعقل أن نحطم محكمة بكاملها من اجل قرار مبدئي للقاضي تخوفاً على عدم محاكمة القتلة وفى الجانب الآخر نترك البلد لنهر من الدم ونسكت ونصمت ولا نتحرك ساكناً .. أن مشاهد الفوضى " تتسلل إلينا بهدوء مرعب "
الأعتداء على رموز او مرشحي الرئاسة وبشكل منظم .. التهريج فى عيد العمال والتعدى على الجميع .. إفساد كل حفلة او تجمع سياسي .. وسط حالة من العصيان ورفع حالة " الأنا " وان لا صحيح سوى صوتي فقط والباقي خونة او مخطئين .. كل تلك الهموم والكوارث الأمنية تنذر بضياع البلد وسط حالة من السخط العارم فى بيوت كل المصريين والحكومة الحالية لم تتحرك جانباً أو وزارة الداخلية سوى المناشدة مثلها مثلاً تماماً ..
لا يعقل أن نرى فيديوهات لبلطجة فى المستشفيات فى وجود الشرطة ولا تتحرك وتتركهم ليصفوا بعضهم بعض ..
لا يعقل أن نرى فيديوهات لبلطجية فى الإسكندرية يقطعون جسد مواطن سكندري مقتول فى شارع خالد بن الوليد .. من الشوارع السياحية المحترمة ويحدث به كل تلك الجرائم البشعة فماذا يحدث إذن فى الأماكن الشعبية .. هذا بخلاف الهجوم المسلح على شركة لسرقة ما بها وضرب مديرها وموجود حاليا فى العناية المركزة بين الحياة والموت .. لا يعقل أن يقتل عضو مجلس محلى مدينة مطوبس وتقطع يداه وووو وهناك مئات الحالات التى نراه بعين الحسرة وكلنا نصرخ متى يعود الضابط إلى الشارع مرة ثانية ..
أن الهجوم المسلح على الشركات والأشخاص والسيارات وغيرها مسلسل لن ينتهي إلا بالتعاون الكامل بيننا وبين الشرطة والجيش
لا يعقل أن نتكلم ونتكلم فقط ثم ننتقد اى شيء تقوم به الداخلية .
يا سادة الوضع جد خطير ويجب أن يكون مطلبنا الأول هو الأمن
حتى مطالبنا بالإنتاج والعمل لدفع عجلة التنمية .. كل هذا لن يتحقق سوى بالأمن .. أن الثورة ومصر وأولادها فى خطر حقيقي
نريد الأمن والأمان لبناتنا وأولادنا حتى ترجع مصر لنا مرة ثانية
نحتاج وبشدة إلى عودة " الأمن والأمان إلى بلد الآمن والأمان .
فتحى المزين الجمعة, 03/06/2011 - 13:58 المصرى اليوم
الدماء المصرية الذكية تروى تراب الوطن كل يوم فى مشاهد موجعة لكل مصرى ومصرية .. وحالة الانفلات الامنى تتزايد كل ثانية ولغة البلطجة والسرقة هى السائدة بشكل مبالغ فيه .. أن سائقي التاكسيات فى القاهرة يكادون يتوقفون عن العمل ليلاً نتيجة السرقات اليومية لسيارتهم ولا أحد يعرف أين تختفي كل تلك السيارات ؟ ومحاولات القتل يومية ولا أحد يخشى الدولة او الشرطة .. وفى مشاهد أخرى واقعية لدرجة الرعب .. نرى مجموعات من البلطجية تقتحم المستشفيات لتصفى خصوم لها فى مشاهد دولية لعصابات منظمة .. وحالات الخطف رعب خاص لأولياء الأمور وخاصة مع أقتراب موعد الامتحانات ..
أن الدم المصري أغلى وأنبل من يضيع هدراً هكذا على أرصفة البلطجة و والأنفلات الأمني .. هل يعقل أن نحطم محكمة بكاملها من اجل قرار مبدئي للقاضي تخوفاً على عدم محاكمة القتلة وفى الجانب الآخر نترك البلد لنهر من الدم ونسكت ونصمت ولا نتحرك ساكناً .. أن مشاهد الفوضى " تتسلل إلينا بهدوء مرعب "
الأعتداء على رموز او مرشحي الرئاسة وبشكل منظم .. التهريج فى عيد العمال والتعدى على الجميع .. إفساد كل حفلة او تجمع سياسي .. وسط حالة من العصيان ورفع حالة " الأنا " وان لا صحيح سوى صوتي فقط والباقي خونة او مخطئين .. كل تلك الهموم والكوارث الأمنية تنذر بضياع البلد وسط حالة من السخط العارم فى بيوت كل المصريين والحكومة الحالية لم تتحرك جانباً أو وزارة الداخلية سوى المناشدة مثلها مثلاً تماماً ..
لا يعقل أن نرى فيديوهات لبلطجة فى المستشفيات فى وجود الشرطة ولا تتحرك وتتركهم ليصفوا بعضهم بعض ..
لا يعقل أن نرى فيديوهات لبلطجية فى الإسكندرية يقطعون جسد مواطن سكندري مقتول فى شارع خالد بن الوليد .. من الشوارع السياحية المحترمة ويحدث به كل تلك الجرائم البشعة فماذا يحدث إذن فى الأماكن الشعبية .. هذا بخلاف الهجوم المسلح على شركة لسرقة ما بها وضرب مديرها وموجود حاليا فى العناية المركزة بين الحياة والموت .. لا يعقل أن يقتل عضو مجلس محلى مدينة مطوبس وتقطع يداه وووو وهناك مئات الحالات التى نراه بعين الحسرة وكلنا نصرخ متى يعود الضابط إلى الشارع مرة ثانية ..
أن الهجوم المسلح على الشركات والأشخاص والسيارات وغيرها مسلسل لن ينتهي إلا بالتعاون الكامل بيننا وبين الشرطة والجيش
لا يعقل أن نتكلم ونتكلم فقط ثم ننتقد اى شيء تقوم به الداخلية .
يا سادة الوضع جد خطير ويجب أن يكون مطلبنا الأول هو الأمن
حتى مطالبنا بالإنتاج والعمل لدفع عجلة التنمية .. كل هذا لن يتحقق سوى بالأمن .. أن الثورة ومصر وأولادها فى خطر حقيقي
نريد الأمن والأمان لبناتنا وأولادنا حتى ترجع مصر لنا مرة ثانية
نحتاج وبشدة إلى عودة " الأمن والأمان إلى بلد الآمن والأمان .
الطائفية.. وجع فى قلب مصر
الطائفية.. وجع فى قلب مصر «3».. دراسة للدكتور عماد عبداللطيف أستاذ تحليل الخطاب
علاء الغطريفي Mon, 23/05/2011 - 20:47 المصرى اليوم
تناولت الحلقة السابقة جذور الطائفية من خلال مقال الفقيه القانونى الدكتور محمد نور فرحات، الذى لفت فيه إلى قدم الاحتقان الطائفى رغم فترات الوئام الطويلة التى كان أكثرها إضاءة ثورة 1919.. واليوم زاوية أخرى فى تفاصيل الملف الطائفى تتعلق بنظرة السلطة المصرية، من بعد الثورة حتى يومنا هذا، للموضوع القبطى والأزمات الطائفية، وفيها يشرح الباحث الدكتور عماد عبداللطيف، أستاذ تحليل الخطاب بجامعة القاهرة، خطاب السلطة تجاه الأقباط بدءاً من عبدالناصر، مروراً بالسادات ومبارك، وانتهاء بالمجلس العسكرى، ويعكس لحظات مهمة فى تاريخ مصر ومساحات القرب والابتعاد بين مؤسسة الحكم والأقباط وتأثيرها على مبدأ المواطنة.
كانت مؤسسة الرئاسة المصرية منذ ثورة يوليو هى أقوى المؤسسات السياسية وأكثرها تأثيرا فى الحياة المصرية قاطبة، خاصة ما يتعلق بصياغة الخطاب العام حول المسائل والقضايا الداخلية والخارجية. ولذلك فمن الضرورى للتعرف على جذور مشكلة ما وطبيعتها أن ندرس الخطاب السياسى الرئاسى حولها، لأن هذا الخطاب عادة ما كان يمارس الدور الأكبر فى تشكيل وعى الجمهور وموقفهم وسلوكياتهم نحوها من ناحية، ويوجه السياسات العامة بشأنها من ناحية أخرى. وفى هذا الطرح الذى يقدمه الدكتور عماد عبداللطيف، أستاذ تحليل خطاب، الرؤساء بجامعة القاهرة، يلخص موجزاً عن الكيفية التى تحدثت بها السلطة فى مصر من بعد ثورة يوليو عن الأقباط عموماً وعن الأزمات الطائفية خصوصاً. وسوف نركز على خطب الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، وبعض بيانات المجلس العسكرى فى الشهور الأخيرة.
فى البداية يجب التأكيد على أن ذكر الأقباط فى الخطب الرئاسية المصرية عادة ما كان يأتى فى ثلاثة سياقات: السياق الأول سياق عارض هو ذكر الأقباط بمعية المسلمين للإشارة إلى عنصرى الأمة، مثل عبارة مبارك فى خطابه الشهير فى 1 فبراير 2010 «إننى أتوجه بالحديث اليوم مباشرة لأبناء الشعب بفلاحيه وعماله، مسلميه وأقباطه، شيوخه وشبابه..». أما السياق الثانى فهو سياق احتفالى، يتمثل فى خطب الرؤساء المصريين أثناء زيارتهم للكاتدرائيات أو الكنائس أو أثناء وضع حجر أساسها أو افتتاحها، أو التهنئة بعيد القيامة المجيد. وفى الحقيقة فإن الرئيس جمال عبدالناصر، كان الأكثر حرصاً على المشاركة فى هذه المناسبات، والتحدث فيها. ففى عام 1953 وحده ألقى ثلاث خطب فى ثلاث كاتدرائيات فى المنصورة والسويس وبنى سويف، وكان حرصه على اختصاص الأقباط بالحديث فى المناسبات المبهجة لهم، جزءا من استراتيجيته لتقديم خطاب سياسى متوازن لا ينطوى على أى تمييز بين المواطنين على أساس دينى. أما السياق الثالث فهو سياق الأزمات والفتن التى كانت تنشأ بين المسلمين والأقباط، التى كانت تصل ذروتها فى شكل مصادمات دامية بينهما، أو فى شكل أعمال إرهابية يشنها أفراد من أحد الطرفين على الآخر. وقد كان للرئيس السادات النصيب الأكبر من هذه الخطب بالقياس إلى فترة حكمه، فقد كان ملف الفتنة الطائفية مفتوحاً على مصراعيه طوال سنوات حكمه الإحدى عشرة.
ثوابت الخطاب الرسمى حول الملف القبطى
على اختلاف هذه الخطب الرئاسية المصرية وتنوعها يمكن أن نجد بعض ثوابت حول الملف القبطى، من أهمها إدراك أن الفتنة الطائفية هى الخطر الأكبر الذى قد يهدد الوحدة الوطنية فى مصر، وأن الملف القبطى يتسم بدرجة عالية من الحساسية والخطورة، وأنه أرض خصبة للتدخلات الخارجية التى تسعى لانتهاك سيادة الدولة المصرية وتقويض استقرار المجتمع المصرى، وأن المتسببين فى الأزمات التى قد تحدث بين المسلمين والأقباط هم دوماً قلة، فى حين أن الأغلبية الغالبة من المسلمين والأقباط يعيشون فى تآلف وإخاء. وعادة ما تستشهد هذه الخطب باللحظات المضيئة من التاريخ المصرى الحديث التى شهدت أقصى درجات التوحد بين المسلمين والأقباط مثل ثورة 1919 وحربى 1956 و1973.
مع ذلك توجد اختلافات جذرية بين خطب الحكام الذين تعاقبوا على رئاسة مصر بعد الثورة فى تصورهم لموقع الرئيس من الأزمة، وطريقة تصويرها، والسبل التى إما اقترحوها أو نفذوها لحلها. وفيما يلى استكشاف كيف تحدث رؤساء مصر الثلاثة عن الأزمة، ونبدأ بالخطاب الأكثر توازناً وفعالية الذى قدمه الرئيس عبدالناصر.
الرئيس الحكَم: عبدالناصر وترسيخ المواطنة
«إنى أحب دائماً أن أقول (مواطنى الأعزاء)، لأننا سواء فى هذا الوطن، لا فرق بين مسلم وقبطى، لأن رصاص العدو المستعمر لا يفرق بين مسلم وقبطى، وإنما يهدف إلى قلب كل مواطن، فإننا كلنا أبناء وطن واحد، وإذا ارتقى ذلك الوطن فسنرتقى، وإذا انتكس هذا الوطن فسننتكس، ولهذا ندعو دائماً للاتحاد».
هكذا تكلم عبدالناصر، وهكذا اختار طوال فترة حكمه أن يصوغ خطابه السياسى للمصريين على أساس مبدأ المواطنة، دون أدنى تمييز على أساس دينى. وارتبط بذلك حرصه كذلك على تأكيد حق المساواة بين جميع المواطنين المصريين فى كل مناحى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر. والفقرة التالية المأخوذة من كلمته إثر وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة فى تفصيل أوجه هذه المساواة ومظاهرها:
«حينما تعرضنا للعدوان فى سنة ٥٦ وضربت بورسعيد، هل فرقت قنابل الأعداء بين المسلم والمسيحى؟! إننا جميعاً بالنسبة لهم أبناء مصر، لم يفرقوا بين مسلم ومسيحى. على هذا الأساس سارت الثورة، وكنا نعتقد دائماً أن السبيل الوحيد لتأمين الوحدة الوطنية هو المساواة وتكافؤ الفرص، لا فرق بين مواطن ومواطن، فى المدارس الدخول بالمجموع، مش ابن فلان ولا ابن علان، ولا مسلم ولا مسيحى، أبداً. فى الجامعة الدخول بالمجموع اللى بيجيب المجموع بيدخل، (..) مافيش تمييز بين مسلم ومسيحى اللى بيجيب النِمَر بيدخل. فى التعيينات فى الحكومة فى القضاء، بالأقدمية، اللى بيجيب نمره أحسن بيروح القضاء، مانعرفش دا ابن مين ولا دا ابن مين، ولا دا دينه إيه ولا دا دينه إيه. فى كل الوظائف نسير على هذا المنوال. فى الترقى، جميع الترقيات فى الدولة بالأقدمية لغاية الدرجة الأولى، (..) مافيش فرصة حتى للمتعصبين إنهم يتلاعبوا. طبعاً دا سبيلنا، ودا سبيل الثورة (..). احنا كحكومة وهيئة حاكمة، وأنا كرئيس جمهورية مسؤول عن كل واحد فى هذا البلد مهما كانت ديانته، ومهما كان أصله أو حسبه أو نسبه، إحنا مسؤولين عن الجميع، ومسؤوليتنا دى إحنا مسؤولين عنها قدام ربنا فى يوم الحساب. طبعاً كلنا عايزين الكمال، والكمال لا يتحقق إلا بالنضال والكفاح. معروف عندكم المثل فى هذا فى نشأة المسيحية وفى كفاح السيد المسيح، وفى الإسلام وفى كفاح سيدنا محمد..».
شهدت الفترة من 1952 إلى 1970 نزاعات محدودة بين الأقباط والمسلمين، لم تكن قائمة غالباً على أساس دينى، وإنما كانت فى معظمها نزاعات غير طائفية. فقد كان للمصريين حلم مشترك يسعون لتحقيقه، وكان هذا الحلم أساساً لبلورة هوية مصرية عربية، يتعايش فى إطارها أبناء الدينين السماويين. بالطبع كانت هناك ميول للتعصب لدى بعض الأشخاص أو الجماعات من الجانبين، لكن هذا التعصب لم يصل بالأمور إلى حد الأزمة، بسبب التأكيد على الطابع المدنى للدولة، وحرص السلطة القائمة وقتها على الوقوف فى مواجهة جماعات الإسلام السياسى من ناحية، وحرص الكنيسة المصرية على الامتناع عن ممارسة السياسة بشكل مباشر من ناحية أخرى. لكن رحيل عبدالناصر المفاجئ، وتولى أنور السادات سدة الحكم فى مصر كانا بداية تحول جذرى فى العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر. وأصبحت مصر تتقلب طوال السبعينيات فوق صفيح الفتنة الطائفية الساخن.
الرئيس الخصم: السادات وتصارع الهويات الدينية
«أقول لأبنائى الأقباط، وهم يسمعونى الآن، أقول لكم ولشعبنا، إننى من يوم أن توليت الحكم فى مصر أحكم كرئيس مسلم لدولة إسلامية.. أنا قلت يجب أن نسمى الأشياء بأسمائها».
هكذا تكلم السادات فى قلب إحدى أعنف الأزمات الطائفية التى شهدتها مصر الحديثة فى منتصف عام 1980. والعبارة الموجزة تلخص إلى حد كبير الملامح الأساسية لخطاب السادات حول الملف القبطى. فالعبارة تبدأ بتعبير «أبنائى الأقباط» الذى يعكس الأبوية التى سعى السادات لترسيخها كشكل وحيد للعلاقة بينه وبين الشعب، لكن هذه الأبوية –فى حالة الأقباط- يتم نسفها بواسطة التأكيد على الهوية الإسلامية للرئيس وللدولة، وهى بالطبع هوية دينية وليست هوية وطنية. أما جملة «يجب أن نسمى الأشياء بأسمائها» فهى دالة من ناحية على طابع العنف والحدة الذى تميز به خطاب السادات حول هذا الملف، ودالة من ناحية أخرى على أن خطاب السادات حول الأزمة أحدث تحولا جذرياً فى الخطاب السياسى المصرى منذ محمد على. وهذا أمر يحتاج إلى تفصيل.
سعى السادات بعد أن أمسك بزمام السلطة فى مصر إلى إعادة تشكيل موازين القوى فى مصر، مستهدفاً إضعاف النخبة السياسية والثقافية المصرية التى كانت تتشبع بأفكار اشتراكية يسارية، وكانت وسيلته لتحقيق ذلك هى التحالف الوثيق مع جماعات الإسلام السياسى، وتقويتها، واستخدامها أداة فى مواجهة معارضيه السياسيين. ولتحقيق ذلك كان على السادات إضفاء طابع إسلامى على شخصه وحكمه.
لقد نجح السادات فى أن يقترب إلى حد كبير من الصورة الذهنية الشعبية لـ(المسلم المتدين). فقد كان حريصاً على مدار سنوات حكمه على نقل وقائع أدائه لصلاة الجمعة مباشرة على التليفزيون المصرى وعلى أن تحتل صوره وهو يصلى صدر الصفحات الأولى فى الجرائد اليومية. وغالبا ما كان الرئيس يرتدى فى هذه الصلوات (خاصة تلك التى يؤديها فى مسقط رأسه بقرية ميت أبوالكوم) العباءة، وتتدلى المسبحة من يده، ويجلس فى خشوع وورع تنجح كاميرات التصوير فى نقلهما بجلاء للمصريين. وفى كثير من الأحيان كان السادات يؤم المصلين بنفسه.
وقد توازى حرص السادات على إذاعة صلواته مع تزايد حرصه على حضور المناسبات الإسلامية، وإلقائه خطبا فيها، فى حين تراجع حضوره المناسبات المسيحية.
إضافة إلى ذلك عمد السادات إلى توظيف القرآن الكريم أداة للاحتجاج والتأثير والإقناع، وبناء الخطب السياسية على نمط الخطب الدينية، من حيث البدء بالتسمية كاملة، وختام الخطب بآيات من القرآن الكريم والأدعية الدينية. كما حرص السادات على ترويج الإعلام المصرى للقب (الرئيس المؤمن) للكناية عنه. كما ذكر محمد عبدالسلام الزيات، أحد مستشارى السادات، أنه قد أوحى للبعض بأن يُطلقوا عليه لقب «سادس الخلفاء الراشدين».
أما على نطاق الدولة فقد اختار السادات شعار «دولة العلم والإيمان» الذى يوجز المكونات الجوهرية للدولة المصرية، كما كان يراها السادات، ويؤكد ضرورة وجود طابع دينى لمصر. وقد عبر السادات بوضوح عن أن هذا الطابع الدينى هو أبرز خصائص الدولة المصرية فى عهده، فقد كان يُعرِّف نفسه بأنه «رئيس مسلم لدولة مسلمة»، و«حاكم مسلم لدولة إسلامية»، و«ولى أمر مسلم لدولة مسلمة»، و«حاكم مسلم أحكم دولة إسلامية». وتزامن هذا مع إحداث تغيير فى الدستور والقوانين المصرية يتوافق مع التحالفات التى أسسها السادات مع الإسلاميين فى مواجهة معارضيه السياسيين فى الداخل.
ربما كان من المصادفة أن طريقة بناء السادات للصورة الرمزية له بوصفه «مسلماً متدينا ورعاً» تتلاقى مع «نصيحة» سرية كانت الحكومة الأمريكية قد قدمتها لأحد أهم حلفائها فى الشرق الأوسط فى ذلك الوقت، أعنى شاه إيران. نص «النصيحة» هو أن: «الشاه يجب أن يعطى اهتماما كافيا للمسائل الدينية ويستعمل عبارات ودلالات دينية، ويجب أن يظهر باعتباره حامى الدين، وينتزع هذه المكانة من آيات الله فى «قم»، كما أنه لابد أن يظهر كثيرا لأداء الصلاة فى المساجد، خصوصا فى الأعياد والمناسبات». (نقلاً عن محمد حسنين هيكل. «المقالات الممنوعة»، «المصرى اليوم» 15/01/2008. عدد 1311). وقد جاءت هذه النصيحة فى إطار حرص أمريكا على تدعيم سلطة الشاه فى ظل وجود معارضة داخلية قوية لنظامه كان أبرز تجلياتها «ثورة مصدق». ويلمح هيكل -فى نفس المقال- إلى أن شاه إيران ربما يكون قد قدم هذه النصيحة -بمعية نصائح أخرى- إلى السادات بعد أن توطدت العلاقة بينهما، ويقترح أن يكون ذلك قد حدث تحديدا أوائل عام 1975. ويبقى مثل هذا الرأى مجرد تخمين. وتظل العلاقة بين التوصية الأمريكية، والتأسيس العلاماتى لشخصية السادات تزامنية وليست عِلِّية، حتى يتكشف جديد. لكن ما يثير الانتباه هنا أن هذه النصيحة تصبح «نصيحة مدمرة» فى حالة مجتمع متعدد الأديان، لابد أن يقف فيه الحاكم على مسافة متساوية من الجميع.
لقد شهدت فترة حكم السادات أعنف الأزمات الطائفية وأخطرها فى تاريخ مصر المعاصر، ويبدو هذا طبيعياً فى ظل حرص السادات على إنتاج خطاب سياسى يمارس أشكالا من التمييز الدينى، ويقصى فى كثير من الأحيان شرائح واسعة من المصريين من دائرة جمهوره المستهدف. لكن خطورة هذا الخطاب تتضاءل بالمقارنة بالإجراءات المادية الأخرى التى تبناها السادات، خاصة احتضان جماعات الإسلام السياسى التى كانت لديها فى ذلك الوقت عقائد بالغة التحيز والتمييز ضد غير المسلمين، بل ضد غير المتدينين من المسلمين أنفسهم. لكن الفعل السياسى الأكثر خطورة وتأثيراً فى الأزمة القبطية فى ذلك الوقت تمثل فى دخول السادات فى صراع شخصى شبه ثأرى مع القيادة الروحية للكنيسة المصرية، انتهى بفرض الإقامة الجبرية على البابا شنودة فى سبتمبر 1981. هذه الخصومة كانت انعكاساً لتحول موقف رئيس الدولة من موقع الحامى والحَكَم إلى موقع الخصم، وربما لا أكون مبالغاً إن قلت إن ما نجنيه الآن من ثمار مرة للفتنة الطائفية فى مصر هو حصاد سنوات بذر الفتنة فى السبعينيات، وأن ما نراه الآن من استقطاب على أساس دينى فى بعض شرائح المجتمع المصرى هو فصل من فصول الأزمة يسطره نفس المداد الذى سطر خطاب السادات الذى قسم المجتمع المصرى فى كثير من الأحيان على أساس عقيدى، لأغراض سياسية خالصة. وحين تولى حسنى مبارك الحكم فى مصر، كانت الأزمة الطائفية قد تغلغلت فى التربة المصرية.
الرئيس المنقذ: مبارك وتحديات الفتن والإرهاب
«ليست لدينا فى مصر مشكلة أقباط ومسلمين، فكل مصرى على أرض مصر له احترامه وحقوقه المتساوية». حسنى مبارك فى عام 1991.
«لن أتسامح مع من يحاول المساس بوحدة أبناء الشعب المصرى والوقيعة بين الأقباط والمسلمين، ولن أتهاون مع أى تصرفات ذات أبعاد طائفية من الجانبين على السواء، وسأتصدى لمرتكبيها بقوة القانون وحسمه.» مبارك فى 2011.
شهدت فترة حكم مبارك خطاباً معتدلا فيما يتعلق بالملف القبطى، فقد أعاد استخدام أساليب مخاطبة لا تنطوى على تمييز دينى، وتم التخلص من كثير من المظاهر الدينية للخطاب السياسى التى شاعت لدى السادات. ومن ثمَّ، تحرك الخطاب بعيداً عن دائرة التمييز والإقصاء الدينى التى كان يدور فيها فى عهد السادات. وتوازى ذلك مع إعادة بناء علاقة حميمة بين المؤسسة الكنسية القبطية والنظام الحاكم، طوت صفحات الصراع المشتعل بينهما فى السبعينيات. وقد أدى هذا إلى التخلص إلى حد كبير من التنازع بين الكنيسة والدولة. لكن التخلص من هذا التنازع لم يؤد إلى زوال أكثر مسببات الفتنة، وهو ما يرجع إلى أسباب منها، أولا: الشحن الطائفى طوال فترة السبعينيات لم يكن من السهل بمكان تفريغه دون تهيئة الأجواء لمجتمع مدنى ديمقراطى حقيقى، ولم يكن هذا ضمن أهداف النظام الحاكم طوال فترة حكمه. ثانياً: تزايد مساحة التدخل الخارجى فى الأزمة الطائفية فى مصر، وتنامى الدور الذى تلعبه قوى معادية لمصر استراتيجياً مثل إسرائيل فى تأجيج الفتن الطائفية، بوصفه وسيلة فعالة فى إضعاف مصر وتمهيداً لتحقيق حلمهم بتفتيتها على أساس طائفى فى المستقبل. ثالثاً: تنامى المساحة التى تشغلها الخطابات الدينية المتشددة من الجانبين الإسلامى والمسيحى، خاصة فى عصر السماوات المفتوحة وتقنيات التواصل الجماهيرى، ومع تراجع مستويات الثقافة والتعليم فى ربوع مصر وجدت هذه الخطابات المتشددة أرضاً خصبة للاستنبات والازدهار، وعضد من ذلك أن الدولة لم تتخذ أى خطوات فعالة لمواجهة هذه الخطابات لا بتفعيل القوانين التى تعاقب على الخطابات التى تحض على الكراهية أو العنف أو التحريض أو تمارس تمييزا بين المواطنين على أساس دينى، ولا بمواجهة حضارية ثقافية تكشف عن تهافت خطابات التعصب وضيق أفقها وخطورتها على الوطن والمجتمع. رابعاً: إن العلاقة بين المؤسسات الدينية الرسمية الإسلامية والمسيحية والنظام الحاكم تجاوزت علاقة التعاون إلى علاقة التحالف، فمؤسسة الأزهر الشريف كانت عادة ما تتخذ مواقفها فى توافق مع مصالح النظام الحاكم، وكذلك المؤسسة الكنسية فقد كانت –فى كثير من الأحيان- تتخذ مواقف سياسية مؤيدة للنظام الحاكم فى أمور كان يجدر بها أن تترك لرعاياها حرية الاختيار فيها، خاصة أمور الانتخابات النيابية والرئاسية. وقد أدى هذا إلى إضعاف مؤسسة الأزهر فى مواجهة المتشددين الإسلاميين من ناحية، وتوجيه اتهامات للكنيسة بالجمع بين السلطتين الروحية والزمنية من ناحية أخرى. خامساً: ترك أكثر الملفات تأثيرا فى إذكاء الفتنة مفتوحاً على مصراعيه، دون محاولة حقيقية لسد فوهات النيران التى تنبعث منها، خاصة مسألة بناء دور العبادة، التى لم يصدر بشأنها قانون موحد حتى الآن.
لقد استخدم الخطاب السياسى لمبارك عدة استراتيجيات للتعامل مع الملف القبطى، الاستراتيجية الأولى هى القفز على الأزمة الطائفية من خلال إنكار وجودها، وتأكيد أن ما يحدث إنما هو محاولات فردية بالغة المحدودية ليس لها تأثير على النسيج الوطنى. هذه الاستراتيجية للإنكار تسير بالتوازى مع استراتيجية التهديد، التى تشيع فى خطاب مبارك، وغالباً ما يكون التهديد موجهاً نحو «الأصابع الخفية» التى تعبث بالوحدة الوطنية. هذه التهديدات كانت عادة ما تعكس الميل لتفضيل التعامل الأمنى مع الأزمة، خاصة فى ظل غياب مفاهيم المواطنة الحقيقية وأجواء الحرية التى تتيح ممارسات سوية للهوية الوطنية. فى إطار خطاب التهديد عادة ما كان النظام الحاكم يقدم نفسه فى صورة المنقذ فى سيناريو يتضمن قوى شريرة داخل المجتمع وخارجه، لا يتم تسميتها بل وصفها بصفات شريرة، تتحرك فى الظلام، بهدف زعزعة الوحدة الوطنية، وتعريض مستقبل حياة المصريين للدمار. هذه القوى الخفية بلا ضمير، ولا عقل، ولا يحركها سوى أغراض ومطامع شخصية شريرة. ودور الرئيس المنقذ هو القضاء على قوى الشر والفتنة. والسبيل لتحقيق ذلك هو تكاتف المؤسسات الدينية مع النظام الحاكم فى مواجهة تلك القوى الشريرة. وهكذا استطاع النظام إنشاء علاقة تحالف سياسى مع الكنيسة المصرية تقوم على معادلة التأييد فى مقابل الحماية. وهى معادلة لا يمكن تخيل وجودها فى ظل مواطنة حقيقية تتيح لجميع المواطنين حقوقاً متساوية.
رسائل المجلس الأعلى للقوات المسلحة: الفتنة الطائفية بين إرث التعصب والثورة المضادة
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة عدة رسائل تتعرض للأزمات الطائفية التى شهدها المجتمع المصرى منذ ثورة 25 يناير، منها رسائل رقم 37 و47 و48. أبرز ما يميز هذه الرسائل أنها تستهدف بالأساس لفت انتباه المجتمع المصرى إلى خطورة الاحتكاكات الطائفية على أهداف الثورة المصرية. كما أنها تنجز أفعال التهديد الخطابى ضد من «يزرعون الفتنة بين أبناء مصر»، هؤلاء الذين أطلق عليهم المجلس تسمية «قوى الشر والظلام». وفضَحَ ارتباطهم بالقوى الخارجية التى «تحاول تمزيق النسيج الوطنى».
من الطبيعى أن يكون ملف الفتنة الطائفية حاضراً بقوة فى خطاب المجلس العسكرى فى الوقت الراهن، فقد أتاحت الثورة، بعد أن قضت على سلطة القسر والقهر، التى كانت سيفاً مسلطاً على الجميع، فضاءً واسعاً لجميع فئات المجتمع وطوائفه للتعبير عن معتقداتها ومواقفها وآرائها. فأصبح الفضاء العام يعج بخطابات شتى لجماعات شتى، وتزامن ذلك مع غياب تطبيق القوانين الصارمة التى توجد فى معظم دول العالم لتنظيم الخطابات الجماهيرية. وتزامن هذا مع أمرين بالغى الخطورة، الأول: سعى محموم من قِبَل القوى المناهضة للثورة داخلياً وخارجياً للقضاء على الثورة وتحجيم منجزاتها، بأساليب من بينها دفع مصر إلى حافة اقتتال طائفى لا يبقى ولا يذر، والثانى: تزايد شوكة الجماعات الدينية التى تقوم بإنتاج خطاب دينى بالغ التطرف والتعصب. فوضع الزيت فوق النار واشتعلت الفتنة أكثر من مرة. ولا تزال قابلة للاشتعال. وعلى الرغم من أن خطاب المجلس الأعلى يحاول مواجهة الأزمة بواسطة إنتاج خطاب متوازن يتعامل بشفافية وصراحة مع الواقع فلا يزيفه أو ينكره، فإن حل الأزمة فى حالتها الراهنة لا يمكن أن يتحقق إلا بخطوات عملية على أرض الواقع تواجه الخطاب الذى يحض على الكراهية والتحريض بحسم كامل، وتنجز بفاعلية مبدأ سيادة القانون فيما يخص تنظيم الخطابات الجماهيرية بما يحول دون التحريض والتمييز الطائفى، وتضع خططاً لمعالجة الأسباب المزمنة للأزمة مثل بناء بيوت العبادة وتدنى مستويات التعليم والثقافة
علاء الغطريفي Mon, 23/05/2011 - 20:47 المصرى اليوم
تناولت الحلقة السابقة جذور الطائفية من خلال مقال الفقيه القانونى الدكتور محمد نور فرحات، الذى لفت فيه إلى قدم الاحتقان الطائفى رغم فترات الوئام الطويلة التى كان أكثرها إضاءة ثورة 1919.. واليوم زاوية أخرى فى تفاصيل الملف الطائفى تتعلق بنظرة السلطة المصرية، من بعد الثورة حتى يومنا هذا، للموضوع القبطى والأزمات الطائفية، وفيها يشرح الباحث الدكتور عماد عبداللطيف، أستاذ تحليل الخطاب بجامعة القاهرة، خطاب السلطة تجاه الأقباط بدءاً من عبدالناصر، مروراً بالسادات ومبارك، وانتهاء بالمجلس العسكرى، ويعكس لحظات مهمة فى تاريخ مصر ومساحات القرب والابتعاد بين مؤسسة الحكم والأقباط وتأثيرها على مبدأ المواطنة.
كانت مؤسسة الرئاسة المصرية منذ ثورة يوليو هى أقوى المؤسسات السياسية وأكثرها تأثيرا فى الحياة المصرية قاطبة، خاصة ما يتعلق بصياغة الخطاب العام حول المسائل والقضايا الداخلية والخارجية. ولذلك فمن الضرورى للتعرف على جذور مشكلة ما وطبيعتها أن ندرس الخطاب السياسى الرئاسى حولها، لأن هذا الخطاب عادة ما كان يمارس الدور الأكبر فى تشكيل وعى الجمهور وموقفهم وسلوكياتهم نحوها من ناحية، ويوجه السياسات العامة بشأنها من ناحية أخرى. وفى هذا الطرح الذى يقدمه الدكتور عماد عبداللطيف، أستاذ تحليل خطاب، الرؤساء بجامعة القاهرة، يلخص موجزاً عن الكيفية التى تحدثت بها السلطة فى مصر من بعد ثورة يوليو عن الأقباط عموماً وعن الأزمات الطائفية خصوصاً. وسوف نركز على خطب الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، وبعض بيانات المجلس العسكرى فى الشهور الأخيرة.
فى البداية يجب التأكيد على أن ذكر الأقباط فى الخطب الرئاسية المصرية عادة ما كان يأتى فى ثلاثة سياقات: السياق الأول سياق عارض هو ذكر الأقباط بمعية المسلمين للإشارة إلى عنصرى الأمة، مثل عبارة مبارك فى خطابه الشهير فى 1 فبراير 2010 «إننى أتوجه بالحديث اليوم مباشرة لأبناء الشعب بفلاحيه وعماله، مسلميه وأقباطه، شيوخه وشبابه..». أما السياق الثانى فهو سياق احتفالى، يتمثل فى خطب الرؤساء المصريين أثناء زيارتهم للكاتدرائيات أو الكنائس أو أثناء وضع حجر أساسها أو افتتاحها، أو التهنئة بعيد القيامة المجيد. وفى الحقيقة فإن الرئيس جمال عبدالناصر، كان الأكثر حرصاً على المشاركة فى هذه المناسبات، والتحدث فيها. ففى عام 1953 وحده ألقى ثلاث خطب فى ثلاث كاتدرائيات فى المنصورة والسويس وبنى سويف، وكان حرصه على اختصاص الأقباط بالحديث فى المناسبات المبهجة لهم، جزءا من استراتيجيته لتقديم خطاب سياسى متوازن لا ينطوى على أى تمييز بين المواطنين على أساس دينى. أما السياق الثالث فهو سياق الأزمات والفتن التى كانت تنشأ بين المسلمين والأقباط، التى كانت تصل ذروتها فى شكل مصادمات دامية بينهما، أو فى شكل أعمال إرهابية يشنها أفراد من أحد الطرفين على الآخر. وقد كان للرئيس السادات النصيب الأكبر من هذه الخطب بالقياس إلى فترة حكمه، فقد كان ملف الفتنة الطائفية مفتوحاً على مصراعيه طوال سنوات حكمه الإحدى عشرة.
ثوابت الخطاب الرسمى حول الملف القبطى
على اختلاف هذه الخطب الرئاسية المصرية وتنوعها يمكن أن نجد بعض ثوابت حول الملف القبطى، من أهمها إدراك أن الفتنة الطائفية هى الخطر الأكبر الذى قد يهدد الوحدة الوطنية فى مصر، وأن الملف القبطى يتسم بدرجة عالية من الحساسية والخطورة، وأنه أرض خصبة للتدخلات الخارجية التى تسعى لانتهاك سيادة الدولة المصرية وتقويض استقرار المجتمع المصرى، وأن المتسببين فى الأزمات التى قد تحدث بين المسلمين والأقباط هم دوماً قلة، فى حين أن الأغلبية الغالبة من المسلمين والأقباط يعيشون فى تآلف وإخاء. وعادة ما تستشهد هذه الخطب باللحظات المضيئة من التاريخ المصرى الحديث التى شهدت أقصى درجات التوحد بين المسلمين والأقباط مثل ثورة 1919 وحربى 1956 و1973.
مع ذلك توجد اختلافات جذرية بين خطب الحكام الذين تعاقبوا على رئاسة مصر بعد الثورة فى تصورهم لموقع الرئيس من الأزمة، وطريقة تصويرها، والسبل التى إما اقترحوها أو نفذوها لحلها. وفيما يلى استكشاف كيف تحدث رؤساء مصر الثلاثة عن الأزمة، ونبدأ بالخطاب الأكثر توازناً وفعالية الذى قدمه الرئيس عبدالناصر.
الرئيس الحكَم: عبدالناصر وترسيخ المواطنة
«إنى أحب دائماً أن أقول (مواطنى الأعزاء)، لأننا سواء فى هذا الوطن، لا فرق بين مسلم وقبطى، لأن رصاص العدو المستعمر لا يفرق بين مسلم وقبطى، وإنما يهدف إلى قلب كل مواطن، فإننا كلنا أبناء وطن واحد، وإذا ارتقى ذلك الوطن فسنرتقى، وإذا انتكس هذا الوطن فسننتكس، ولهذا ندعو دائماً للاتحاد».
هكذا تكلم عبدالناصر، وهكذا اختار طوال فترة حكمه أن يصوغ خطابه السياسى للمصريين على أساس مبدأ المواطنة، دون أدنى تمييز على أساس دينى. وارتبط بذلك حرصه كذلك على تأكيد حق المساواة بين جميع المواطنين المصريين فى كل مناحى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر. والفقرة التالية المأخوذة من كلمته إثر وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة فى تفصيل أوجه هذه المساواة ومظاهرها:
«حينما تعرضنا للعدوان فى سنة ٥٦ وضربت بورسعيد، هل فرقت قنابل الأعداء بين المسلم والمسيحى؟! إننا جميعاً بالنسبة لهم أبناء مصر، لم يفرقوا بين مسلم ومسيحى. على هذا الأساس سارت الثورة، وكنا نعتقد دائماً أن السبيل الوحيد لتأمين الوحدة الوطنية هو المساواة وتكافؤ الفرص، لا فرق بين مواطن ومواطن، فى المدارس الدخول بالمجموع، مش ابن فلان ولا ابن علان، ولا مسلم ولا مسيحى، أبداً. فى الجامعة الدخول بالمجموع اللى بيجيب المجموع بيدخل، (..) مافيش تمييز بين مسلم ومسيحى اللى بيجيب النِمَر بيدخل. فى التعيينات فى الحكومة فى القضاء، بالأقدمية، اللى بيجيب نمره أحسن بيروح القضاء، مانعرفش دا ابن مين ولا دا ابن مين، ولا دا دينه إيه ولا دا دينه إيه. فى كل الوظائف نسير على هذا المنوال. فى الترقى، جميع الترقيات فى الدولة بالأقدمية لغاية الدرجة الأولى، (..) مافيش فرصة حتى للمتعصبين إنهم يتلاعبوا. طبعاً دا سبيلنا، ودا سبيل الثورة (..). احنا كحكومة وهيئة حاكمة، وأنا كرئيس جمهورية مسؤول عن كل واحد فى هذا البلد مهما كانت ديانته، ومهما كان أصله أو حسبه أو نسبه، إحنا مسؤولين عن الجميع، ومسؤوليتنا دى إحنا مسؤولين عنها قدام ربنا فى يوم الحساب. طبعاً كلنا عايزين الكمال، والكمال لا يتحقق إلا بالنضال والكفاح. معروف عندكم المثل فى هذا فى نشأة المسيحية وفى كفاح السيد المسيح، وفى الإسلام وفى كفاح سيدنا محمد..».
شهدت الفترة من 1952 إلى 1970 نزاعات محدودة بين الأقباط والمسلمين، لم تكن قائمة غالباً على أساس دينى، وإنما كانت فى معظمها نزاعات غير طائفية. فقد كان للمصريين حلم مشترك يسعون لتحقيقه، وكان هذا الحلم أساساً لبلورة هوية مصرية عربية، يتعايش فى إطارها أبناء الدينين السماويين. بالطبع كانت هناك ميول للتعصب لدى بعض الأشخاص أو الجماعات من الجانبين، لكن هذا التعصب لم يصل بالأمور إلى حد الأزمة، بسبب التأكيد على الطابع المدنى للدولة، وحرص السلطة القائمة وقتها على الوقوف فى مواجهة جماعات الإسلام السياسى من ناحية، وحرص الكنيسة المصرية على الامتناع عن ممارسة السياسة بشكل مباشر من ناحية أخرى. لكن رحيل عبدالناصر المفاجئ، وتولى أنور السادات سدة الحكم فى مصر كانا بداية تحول جذرى فى العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر. وأصبحت مصر تتقلب طوال السبعينيات فوق صفيح الفتنة الطائفية الساخن.
الرئيس الخصم: السادات وتصارع الهويات الدينية
«أقول لأبنائى الأقباط، وهم يسمعونى الآن، أقول لكم ولشعبنا، إننى من يوم أن توليت الحكم فى مصر أحكم كرئيس مسلم لدولة إسلامية.. أنا قلت يجب أن نسمى الأشياء بأسمائها».
هكذا تكلم السادات فى قلب إحدى أعنف الأزمات الطائفية التى شهدتها مصر الحديثة فى منتصف عام 1980. والعبارة الموجزة تلخص إلى حد كبير الملامح الأساسية لخطاب السادات حول الملف القبطى. فالعبارة تبدأ بتعبير «أبنائى الأقباط» الذى يعكس الأبوية التى سعى السادات لترسيخها كشكل وحيد للعلاقة بينه وبين الشعب، لكن هذه الأبوية –فى حالة الأقباط- يتم نسفها بواسطة التأكيد على الهوية الإسلامية للرئيس وللدولة، وهى بالطبع هوية دينية وليست هوية وطنية. أما جملة «يجب أن نسمى الأشياء بأسمائها» فهى دالة من ناحية على طابع العنف والحدة الذى تميز به خطاب السادات حول هذا الملف، ودالة من ناحية أخرى على أن خطاب السادات حول الأزمة أحدث تحولا جذرياً فى الخطاب السياسى المصرى منذ محمد على. وهذا أمر يحتاج إلى تفصيل.
سعى السادات بعد أن أمسك بزمام السلطة فى مصر إلى إعادة تشكيل موازين القوى فى مصر، مستهدفاً إضعاف النخبة السياسية والثقافية المصرية التى كانت تتشبع بأفكار اشتراكية يسارية، وكانت وسيلته لتحقيق ذلك هى التحالف الوثيق مع جماعات الإسلام السياسى، وتقويتها، واستخدامها أداة فى مواجهة معارضيه السياسيين. ولتحقيق ذلك كان على السادات إضفاء طابع إسلامى على شخصه وحكمه.
لقد نجح السادات فى أن يقترب إلى حد كبير من الصورة الذهنية الشعبية لـ(المسلم المتدين). فقد كان حريصاً على مدار سنوات حكمه على نقل وقائع أدائه لصلاة الجمعة مباشرة على التليفزيون المصرى وعلى أن تحتل صوره وهو يصلى صدر الصفحات الأولى فى الجرائد اليومية. وغالبا ما كان الرئيس يرتدى فى هذه الصلوات (خاصة تلك التى يؤديها فى مسقط رأسه بقرية ميت أبوالكوم) العباءة، وتتدلى المسبحة من يده، ويجلس فى خشوع وورع تنجح كاميرات التصوير فى نقلهما بجلاء للمصريين. وفى كثير من الأحيان كان السادات يؤم المصلين بنفسه.
وقد توازى حرص السادات على إذاعة صلواته مع تزايد حرصه على حضور المناسبات الإسلامية، وإلقائه خطبا فيها، فى حين تراجع حضوره المناسبات المسيحية.
إضافة إلى ذلك عمد السادات إلى توظيف القرآن الكريم أداة للاحتجاج والتأثير والإقناع، وبناء الخطب السياسية على نمط الخطب الدينية، من حيث البدء بالتسمية كاملة، وختام الخطب بآيات من القرآن الكريم والأدعية الدينية. كما حرص السادات على ترويج الإعلام المصرى للقب (الرئيس المؤمن) للكناية عنه. كما ذكر محمد عبدالسلام الزيات، أحد مستشارى السادات، أنه قد أوحى للبعض بأن يُطلقوا عليه لقب «سادس الخلفاء الراشدين».
أما على نطاق الدولة فقد اختار السادات شعار «دولة العلم والإيمان» الذى يوجز المكونات الجوهرية للدولة المصرية، كما كان يراها السادات، ويؤكد ضرورة وجود طابع دينى لمصر. وقد عبر السادات بوضوح عن أن هذا الطابع الدينى هو أبرز خصائص الدولة المصرية فى عهده، فقد كان يُعرِّف نفسه بأنه «رئيس مسلم لدولة مسلمة»، و«حاكم مسلم لدولة إسلامية»، و«ولى أمر مسلم لدولة مسلمة»، و«حاكم مسلم أحكم دولة إسلامية». وتزامن هذا مع إحداث تغيير فى الدستور والقوانين المصرية يتوافق مع التحالفات التى أسسها السادات مع الإسلاميين فى مواجهة معارضيه السياسيين فى الداخل.
ربما كان من المصادفة أن طريقة بناء السادات للصورة الرمزية له بوصفه «مسلماً متدينا ورعاً» تتلاقى مع «نصيحة» سرية كانت الحكومة الأمريكية قد قدمتها لأحد أهم حلفائها فى الشرق الأوسط فى ذلك الوقت، أعنى شاه إيران. نص «النصيحة» هو أن: «الشاه يجب أن يعطى اهتماما كافيا للمسائل الدينية ويستعمل عبارات ودلالات دينية، ويجب أن يظهر باعتباره حامى الدين، وينتزع هذه المكانة من آيات الله فى «قم»، كما أنه لابد أن يظهر كثيرا لأداء الصلاة فى المساجد، خصوصا فى الأعياد والمناسبات». (نقلاً عن محمد حسنين هيكل. «المقالات الممنوعة»، «المصرى اليوم» 15/01/2008. عدد 1311). وقد جاءت هذه النصيحة فى إطار حرص أمريكا على تدعيم سلطة الشاه فى ظل وجود معارضة داخلية قوية لنظامه كان أبرز تجلياتها «ثورة مصدق». ويلمح هيكل -فى نفس المقال- إلى أن شاه إيران ربما يكون قد قدم هذه النصيحة -بمعية نصائح أخرى- إلى السادات بعد أن توطدت العلاقة بينهما، ويقترح أن يكون ذلك قد حدث تحديدا أوائل عام 1975. ويبقى مثل هذا الرأى مجرد تخمين. وتظل العلاقة بين التوصية الأمريكية، والتأسيس العلاماتى لشخصية السادات تزامنية وليست عِلِّية، حتى يتكشف جديد. لكن ما يثير الانتباه هنا أن هذه النصيحة تصبح «نصيحة مدمرة» فى حالة مجتمع متعدد الأديان، لابد أن يقف فيه الحاكم على مسافة متساوية من الجميع.
لقد شهدت فترة حكم السادات أعنف الأزمات الطائفية وأخطرها فى تاريخ مصر المعاصر، ويبدو هذا طبيعياً فى ظل حرص السادات على إنتاج خطاب سياسى يمارس أشكالا من التمييز الدينى، ويقصى فى كثير من الأحيان شرائح واسعة من المصريين من دائرة جمهوره المستهدف. لكن خطورة هذا الخطاب تتضاءل بالمقارنة بالإجراءات المادية الأخرى التى تبناها السادات، خاصة احتضان جماعات الإسلام السياسى التى كانت لديها فى ذلك الوقت عقائد بالغة التحيز والتمييز ضد غير المسلمين، بل ضد غير المتدينين من المسلمين أنفسهم. لكن الفعل السياسى الأكثر خطورة وتأثيراً فى الأزمة القبطية فى ذلك الوقت تمثل فى دخول السادات فى صراع شخصى شبه ثأرى مع القيادة الروحية للكنيسة المصرية، انتهى بفرض الإقامة الجبرية على البابا شنودة فى سبتمبر 1981. هذه الخصومة كانت انعكاساً لتحول موقف رئيس الدولة من موقع الحامى والحَكَم إلى موقع الخصم، وربما لا أكون مبالغاً إن قلت إن ما نجنيه الآن من ثمار مرة للفتنة الطائفية فى مصر هو حصاد سنوات بذر الفتنة فى السبعينيات، وأن ما نراه الآن من استقطاب على أساس دينى فى بعض شرائح المجتمع المصرى هو فصل من فصول الأزمة يسطره نفس المداد الذى سطر خطاب السادات الذى قسم المجتمع المصرى فى كثير من الأحيان على أساس عقيدى، لأغراض سياسية خالصة. وحين تولى حسنى مبارك الحكم فى مصر، كانت الأزمة الطائفية قد تغلغلت فى التربة المصرية.
الرئيس المنقذ: مبارك وتحديات الفتن والإرهاب
«ليست لدينا فى مصر مشكلة أقباط ومسلمين، فكل مصرى على أرض مصر له احترامه وحقوقه المتساوية». حسنى مبارك فى عام 1991.
«لن أتسامح مع من يحاول المساس بوحدة أبناء الشعب المصرى والوقيعة بين الأقباط والمسلمين، ولن أتهاون مع أى تصرفات ذات أبعاد طائفية من الجانبين على السواء، وسأتصدى لمرتكبيها بقوة القانون وحسمه.» مبارك فى 2011.
شهدت فترة حكم مبارك خطاباً معتدلا فيما يتعلق بالملف القبطى، فقد أعاد استخدام أساليب مخاطبة لا تنطوى على تمييز دينى، وتم التخلص من كثير من المظاهر الدينية للخطاب السياسى التى شاعت لدى السادات. ومن ثمَّ، تحرك الخطاب بعيداً عن دائرة التمييز والإقصاء الدينى التى كان يدور فيها فى عهد السادات. وتوازى ذلك مع إعادة بناء علاقة حميمة بين المؤسسة الكنسية القبطية والنظام الحاكم، طوت صفحات الصراع المشتعل بينهما فى السبعينيات. وقد أدى هذا إلى التخلص إلى حد كبير من التنازع بين الكنيسة والدولة. لكن التخلص من هذا التنازع لم يؤد إلى زوال أكثر مسببات الفتنة، وهو ما يرجع إلى أسباب منها، أولا: الشحن الطائفى طوال فترة السبعينيات لم يكن من السهل بمكان تفريغه دون تهيئة الأجواء لمجتمع مدنى ديمقراطى حقيقى، ولم يكن هذا ضمن أهداف النظام الحاكم طوال فترة حكمه. ثانياً: تزايد مساحة التدخل الخارجى فى الأزمة الطائفية فى مصر، وتنامى الدور الذى تلعبه قوى معادية لمصر استراتيجياً مثل إسرائيل فى تأجيج الفتن الطائفية، بوصفه وسيلة فعالة فى إضعاف مصر وتمهيداً لتحقيق حلمهم بتفتيتها على أساس طائفى فى المستقبل. ثالثاً: تنامى المساحة التى تشغلها الخطابات الدينية المتشددة من الجانبين الإسلامى والمسيحى، خاصة فى عصر السماوات المفتوحة وتقنيات التواصل الجماهيرى، ومع تراجع مستويات الثقافة والتعليم فى ربوع مصر وجدت هذه الخطابات المتشددة أرضاً خصبة للاستنبات والازدهار، وعضد من ذلك أن الدولة لم تتخذ أى خطوات فعالة لمواجهة هذه الخطابات لا بتفعيل القوانين التى تعاقب على الخطابات التى تحض على الكراهية أو العنف أو التحريض أو تمارس تمييزا بين المواطنين على أساس دينى، ولا بمواجهة حضارية ثقافية تكشف عن تهافت خطابات التعصب وضيق أفقها وخطورتها على الوطن والمجتمع. رابعاً: إن العلاقة بين المؤسسات الدينية الرسمية الإسلامية والمسيحية والنظام الحاكم تجاوزت علاقة التعاون إلى علاقة التحالف، فمؤسسة الأزهر الشريف كانت عادة ما تتخذ مواقفها فى توافق مع مصالح النظام الحاكم، وكذلك المؤسسة الكنسية فقد كانت –فى كثير من الأحيان- تتخذ مواقف سياسية مؤيدة للنظام الحاكم فى أمور كان يجدر بها أن تترك لرعاياها حرية الاختيار فيها، خاصة أمور الانتخابات النيابية والرئاسية. وقد أدى هذا إلى إضعاف مؤسسة الأزهر فى مواجهة المتشددين الإسلاميين من ناحية، وتوجيه اتهامات للكنيسة بالجمع بين السلطتين الروحية والزمنية من ناحية أخرى. خامساً: ترك أكثر الملفات تأثيرا فى إذكاء الفتنة مفتوحاً على مصراعيه، دون محاولة حقيقية لسد فوهات النيران التى تنبعث منها، خاصة مسألة بناء دور العبادة، التى لم يصدر بشأنها قانون موحد حتى الآن.
لقد استخدم الخطاب السياسى لمبارك عدة استراتيجيات للتعامل مع الملف القبطى، الاستراتيجية الأولى هى القفز على الأزمة الطائفية من خلال إنكار وجودها، وتأكيد أن ما يحدث إنما هو محاولات فردية بالغة المحدودية ليس لها تأثير على النسيج الوطنى. هذه الاستراتيجية للإنكار تسير بالتوازى مع استراتيجية التهديد، التى تشيع فى خطاب مبارك، وغالباً ما يكون التهديد موجهاً نحو «الأصابع الخفية» التى تعبث بالوحدة الوطنية. هذه التهديدات كانت عادة ما تعكس الميل لتفضيل التعامل الأمنى مع الأزمة، خاصة فى ظل غياب مفاهيم المواطنة الحقيقية وأجواء الحرية التى تتيح ممارسات سوية للهوية الوطنية. فى إطار خطاب التهديد عادة ما كان النظام الحاكم يقدم نفسه فى صورة المنقذ فى سيناريو يتضمن قوى شريرة داخل المجتمع وخارجه، لا يتم تسميتها بل وصفها بصفات شريرة، تتحرك فى الظلام، بهدف زعزعة الوحدة الوطنية، وتعريض مستقبل حياة المصريين للدمار. هذه القوى الخفية بلا ضمير، ولا عقل، ولا يحركها سوى أغراض ومطامع شخصية شريرة. ودور الرئيس المنقذ هو القضاء على قوى الشر والفتنة. والسبيل لتحقيق ذلك هو تكاتف المؤسسات الدينية مع النظام الحاكم فى مواجهة تلك القوى الشريرة. وهكذا استطاع النظام إنشاء علاقة تحالف سياسى مع الكنيسة المصرية تقوم على معادلة التأييد فى مقابل الحماية. وهى معادلة لا يمكن تخيل وجودها فى ظل مواطنة حقيقية تتيح لجميع المواطنين حقوقاً متساوية.
رسائل المجلس الأعلى للقوات المسلحة: الفتنة الطائفية بين إرث التعصب والثورة المضادة
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة عدة رسائل تتعرض للأزمات الطائفية التى شهدها المجتمع المصرى منذ ثورة 25 يناير، منها رسائل رقم 37 و47 و48. أبرز ما يميز هذه الرسائل أنها تستهدف بالأساس لفت انتباه المجتمع المصرى إلى خطورة الاحتكاكات الطائفية على أهداف الثورة المصرية. كما أنها تنجز أفعال التهديد الخطابى ضد من «يزرعون الفتنة بين أبناء مصر»، هؤلاء الذين أطلق عليهم المجلس تسمية «قوى الشر والظلام». وفضَحَ ارتباطهم بالقوى الخارجية التى «تحاول تمزيق النسيج الوطنى».
من الطبيعى أن يكون ملف الفتنة الطائفية حاضراً بقوة فى خطاب المجلس العسكرى فى الوقت الراهن، فقد أتاحت الثورة، بعد أن قضت على سلطة القسر والقهر، التى كانت سيفاً مسلطاً على الجميع، فضاءً واسعاً لجميع فئات المجتمع وطوائفه للتعبير عن معتقداتها ومواقفها وآرائها. فأصبح الفضاء العام يعج بخطابات شتى لجماعات شتى، وتزامن ذلك مع غياب تطبيق القوانين الصارمة التى توجد فى معظم دول العالم لتنظيم الخطابات الجماهيرية. وتزامن هذا مع أمرين بالغى الخطورة، الأول: سعى محموم من قِبَل القوى المناهضة للثورة داخلياً وخارجياً للقضاء على الثورة وتحجيم منجزاتها، بأساليب من بينها دفع مصر إلى حافة اقتتال طائفى لا يبقى ولا يذر، والثانى: تزايد شوكة الجماعات الدينية التى تقوم بإنتاج خطاب دينى بالغ التطرف والتعصب. فوضع الزيت فوق النار واشتعلت الفتنة أكثر من مرة. ولا تزال قابلة للاشتعال. وعلى الرغم من أن خطاب المجلس الأعلى يحاول مواجهة الأزمة بواسطة إنتاج خطاب متوازن يتعامل بشفافية وصراحة مع الواقع فلا يزيفه أو ينكره، فإن حل الأزمة فى حالتها الراهنة لا يمكن أن يتحقق إلا بخطوات عملية على أرض الواقع تواجه الخطاب الذى يحض على الكراهية والتحريض بحسم كامل، وتنجز بفاعلية مبدأ سيادة القانون فيما يخص تنظيم الخطابات الجماهيرية بما يحول دون التحريض والتمييز الطائفى، وتضع خططاً لمعالجة الأسباب المزمنة للأزمة مثل بناء بيوت العبادة وتدنى مستويات التعليم والثقافة
ريم ماجد امام القضاء العسكرى
السكوت تماماً هو البديل
سليمان جودة Sat, 04/06/2011 - 08:05 المصرى اليوم (6-4-2011)
استدعى القضاء العسكرى، صباح الثلاثاء الماضى، الأستاذة ريم ماجد، مقدمة برنامج «بلدنا بالمصرى» على قناة «on.tv» ومعها المدوِّن حسام الحملاوى، والكاتب نبيل شرف الدين، للتحقيق معهم، بتهمة توجيه انتقادات إلى الشرطة العسكرية.. وبعدها بيومين، كان الأستاذ سيد عبدالعاطى، رئيس تحرير «الوفد» الأسبوعى، يقف أمام القضاء نفسه، بالتهمة ذاتها تقريباً، وربما يتكرر الاستدعاء لآخرين خلال الأيام المقبلة، بما يدعو إلى أن تقال كلمة هنا، تكون بمثابة نقطة نظام، تضع النقاط على حروفها!
فليس سراً، أن المشير عبدالحكيم عامر، كان قد أرسى قاعدة، فى أيامه، لمنع التعرض للقوات المسلحة، بأى شكل، وفى أى صورة، من جانب الإعلام، حتى ولو كان التعرض إيجابياً، ولذلك كانت القاعدة، منذ أن كان عامر قائداً للقوات المسلحة، إلى قبل ثورة 25 يناير، هى ألا تتعرض وسائل الإعلام للمؤسسة العسكرية، لا بالطيب، ولا بغيره، وكانت قاعدة محترمة طبعاً، طوال تلك السنين، ثم ظلت كذلك، سواء بإيمان من الجميع بأن المؤسسة العسكرية منطقة محظورة،لا يجوز الاقتراب منها إعلامياً، لأى سبب، أو لأن القانون كان رادعاً فى هذا الاتجاه، للمتجاوزين، بقوة وحسم!
غير أن الموضوع اليوم يبدو مختلفاً، من زاويتين: الأولى أن الذين يوجهون نقداً من أى نوع، إلى المؤسسة العسكرية، هذه الأيام، إنما يفرقون بشكل واضح أو يجب أن يفرقوا، بين المجلس العسكرى الأعلى، من ناحية، وبين الجيش ذاته، من ناحية أخرى، ويتوجه النقد لذلك إلى المجلس الأعلى تحديداً، إذا كان هناك شىء يدعو للانتقاد، أما الجيش، كمؤسسة عسكرية وطنية عظيمة فإنه بالطبع يظل بعيداً تماماً عن أى انتقاد، أو أى كلام، وهذه حقيقة يجب أن تكون واضحة، فى كل أحوالها، أمام الجميع.
الزاوية الثانية، أن المجلس العسكرى الأعلى هو حاكم البلد، منذ 11 فبراير، عندما تخلى الرئيس السابق عن منصب رئيس الجمهورية.. فمن يومها، يقف المجلس الأعلى فى نفس موقف رئيس الجمهورية من قبل، وبالتالى فهو يحكم ويدير البلد، وليس من المتصور أن يكون هذا هو موقعه ثم يخلو الأمر من انتقاد له فى الشأن العام، هنا مرة، وهناك مرات!
المجلس الأعلى، الآن، هو السلطة التنفيذية، فى بلدنا، وهو أيضاً السلطة التشريعية، فى ظل عدم وجود برلمان، ليبقى السؤال عن الجهة التى يمكن أن يتوجه إليها الكلام، على مستوى الإعلام، إذا أراد المتكلم أن يتحدث عن هاتين السلطتين، أو ينتقد شيئاً يتعلق بمستوى الأداء العام، فى أى منهما.. لا جهة طبعاً، سوى المجلس الأعلى!
لن نجد غيره، إذن، نتكلم معه، ولا بديل عن ذلك، إلى أن ينشأ فى البلد برلمان منتخب، ورئيس منتخب، فالانتقاد وارد بالطبع، خلال هذه الفترة، وليس مطلوباً من المجلس وأعضائه، إلا أن يكونوا على درجة من المرونة تسمح باستيعاب ما يقال، ثم ترشيده، إذا اختلط بنوع من التجاوز غير المقصود.. إذ الأهم هنا، أن يكون الانتقاد موضوعياً، وأن يمس الأفكار والأعمال، لا الأشخاص.
ومع ذلك فإن التعامل مع المؤسسة العسكرية يحتاج إلى كلمة أخرى نقولها غداً بإذن الله، لأنها إذا كانت كمؤسسة وطنية عريقة، تمسك بزمام كل شىء هكذا، فلابد من أن يكون الكلام عند الضرورة معها هى، ومعها وحدها، لأنه ليس هناك جهة أخرى، يمكن أن يتوجه إليها المتكلم، فالبديل هو السكوت تماماً، ولكن هذا الكلام، فى المقابل، يجب أن يكون بحساب شديد.. كيف ولماذا؟!.. هذا موضوع آخر!
سليمان جودة Sat, 04/06/2011 - 08:05 المصرى اليوم (6-4-2011)
استدعى القضاء العسكرى، صباح الثلاثاء الماضى، الأستاذة ريم ماجد، مقدمة برنامج «بلدنا بالمصرى» على قناة «on.tv» ومعها المدوِّن حسام الحملاوى، والكاتب نبيل شرف الدين، للتحقيق معهم، بتهمة توجيه انتقادات إلى الشرطة العسكرية.. وبعدها بيومين، كان الأستاذ سيد عبدالعاطى، رئيس تحرير «الوفد» الأسبوعى، يقف أمام القضاء نفسه، بالتهمة ذاتها تقريباً، وربما يتكرر الاستدعاء لآخرين خلال الأيام المقبلة، بما يدعو إلى أن تقال كلمة هنا، تكون بمثابة نقطة نظام، تضع النقاط على حروفها!
فليس سراً، أن المشير عبدالحكيم عامر، كان قد أرسى قاعدة، فى أيامه، لمنع التعرض للقوات المسلحة، بأى شكل، وفى أى صورة، من جانب الإعلام، حتى ولو كان التعرض إيجابياً، ولذلك كانت القاعدة، منذ أن كان عامر قائداً للقوات المسلحة، إلى قبل ثورة 25 يناير، هى ألا تتعرض وسائل الإعلام للمؤسسة العسكرية، لا بالطيب، ولا بغيره، وكانت قاعدة محترمة طبعاً، طوال تلك السنين، ثم ظلت كذلك، سواء بإيمان من الجميع بأن المؤسسة العسكرية منطقة محظورة،لا يجوز الاقتراب منها إعلامياً، لأى سبب، أو لأن القانون كان رادعاً فى هذا الاتجاه، للمتجاوزين، بقوة وحسم!
غير أن الموضوع اليوم يبدو مختلفاً، من زاويتين: الأولى أن الذين يوجهون نقداً من أى نوع، إلى المؤسسة العسكرية، هذه الأيام، إنما يفرقون بشكل واضح أو يجب أن يفرقوا، بين المجلس العسكرى الأعلى، من ناحية، وبين الجيش ذاته، من ناحية أخرى، ويتوجه النقد لذلك إلى المجلس الأعلى تحديداً، إذا كان هناك شىء يدعو للانتقاد، أما الجيش، كمؤسسة عسكرية وطنية عظيمة فإنه بالطبع يظل بعيداً تماماً عن أى انتقاد، أو أى كلام، وهذه حقيقة يجب أن تكون واضحة، فى كل أحوالها، أمام الجميع.
الزاوية الثانية، أن المجلس العسكرى الأعلى هو حاكم البلد، منذ 11 فبراير، عندما تخلى الرئيس السابق عن منصب رئيس الجمهورية.. فمن يومها، يقف المجلس الأعلى فى نفس موقف رئيس الجمهورية من قبل، وبالتالى فهو يحكم ويدير البلد، وليس من المتصور أن يكون هذا هو موقعه ثم يخلو الأمر من انتقاد له فى الشأن العام، هنا مرة، وهناك مرات!
المجلس الأعلى، الآن، هو السلطة التنفيذية، فى بلدنا، وهو أيضاً السلطة التشريعية، فى ظل عدم وجود برلمان، ليبقى السؤال عن الجهة التى يمكن أن يتوجه إليها الكلام، على مستوى الإعلام، إذا أراد المتكلم أن يتحدث عن هاتين السلطتين، أو ينتقد شيئاً يتعلق بمستوى الأداء العام، فى أى منهما.. لا جهة طبعاً، سوى المجلس الأعلى!
لن نجد غيره، إذن، نتكلم معه، ولا بديل عن ذلك، إلى أن ينشأ فى البلد برلمان منتخب، ورئيس منتخب، فالانتقاد وارد بالطبع، خلال هذه الفترة، وليس مطلوباً من المجلس وأعضائه، إلا أن يكونوا على درجة من المرونة تسمح باستيعاب ما يقال، ثم ترشيده، إذا اختلط بنوع من التجاوز غير المقصود.. إذ الأهم هنا، أن يكون الانتقاد موضوعياً، وأن يمس الأفكار والأعمال، لا الأشخاص.
ومع ذلك فإن التعامل مع المؤسسة العسكرية يحتاج إلى كلمة أخرى نقولها غداً بإذن الله، لأنها إذا كانت كمؤسسة وطنية عريقة، تمسك بزمام كل شىء هكذا، فلابد من أن يكون الكلام عند الضرورة معها هى، ومعها وحدها، لأنه ليس هناك جهة أخرى، يمكن أن يتوجه إليها المتكلم، فالبديل هو السكوت تماماً، ولكن هذا الكلام، فى المقابل، يجب أن يكون بحساب شديد.. كيف ولماذا؟!.. هذا موضوع آخر!
التخلص من الإعلام الردئ
مصادر: بحث إنشاء قناة تتحدث باسم الدولة.. وتحويل «القنوات المتخصصة لـ«شركة قابضة»
المصرى اليوم (4-6-2011)
....أكدت مصادر مطلعة بماسبيرو – طلبت عدم ذكر أسمائها - أن اللواء طارق المهدى، المكلف برئاسة المجلس الوطنى للإعلام، مارس عمله داخل مبنى ماسبيرو يومى الجمعه والأربعاء، بصفته عضو مجلس أمناء الاتحاد، مشيرة إلى أنه ينتظر صدور قرار رسمى بتعيينه مشرفا على الإعلام.
وأضافت المصادر، أن «المهدى» عقد على مدار اليومين السابقين اجتماعا موسعا مع اللواء سامى سعيد، وكيل أول وزارة الإعلام، وأحمد شوقى، رئيس القطاع الاقتصادى، لدراسة اللائحة المالية الجديدة لماسبيرو، موضحة أن الاجتماع أسفر عن التوصية بعمل دراسة لتطوير شاشة التليفزيون، وتكليف أحد أعضاء مجلس الأمناء المعين بالإشراف على لجنة التطوير وإعادة الهيكلة، وتكليف عضو آخر بالإشراف على لجنة القراءة والمشاهدة ولجنة لتوزيع الدراما وإنتاج المسلسلات، وبرامج «التوك شو». كما أوصى المجتمعون – بحسب المصادر - بدراسة إنشاء قناة رسمية تتحدث باسم الدولة، وكيفية تحويل شركة «إن. تى. إن» للقنوات المتخصصة إلى شركة قابضة ربحية، وفقا لقانون الشركات.
من جهة أخرى، اتهم الإعلامى حافظ المرازى، اللواء طارق المهدى، بتعطيل برنامج «بتوقيت القاهرة»، الذى يقدمه «المرازى»، فيما نفى مصدر مسؤول بالتليفزيون صدور قرار من «المهدى» بإلغاء البرنامج، مؤكداً أن الموضوع لم يتعد «إرجاء الانطلاق» لحين بحث بعض المشاكل المالية مع الشركة المنتجة. قال «المرازى»، لـ«المصرى اليوم»، إن قرار وقف البرنامج صدر بتعليمات من اللواء طارق المهدى، بصفته عضو مجلس أمناء الاتحاد المعين، والمفوض حاليا بما يسمى «مجلس الإعلام الوطنى»، رغم أنه لم يصدر أى تفويض أو قرار رسمى بحق «المهدى» – حسب قول المرازى
وقد سبق لمحرر نهضة مصر الكتابة حول الموضوع ذاتة وطلب تخصيص قناة واحدة وجريدة قومية واحدة وإذاعة واحدة وطرح الباقى للمستثمرين تخلصا من إعلام ردئ يضر ولا يفيد وتخفيفا عن كاهل الدولة لسداد المرتبات الشهرية المترهلة
المصرى اليوم (4-6-2011)
....أكدت مصادر مطلعة بماسبيرو – طلبت عدم ذكر أسمائها - أن اللواء طارق المهدى، المكلف برئاسة المجلس الوطنى للإعلام، مارس عمله داخل مبنى ماسبيرو يومى الجمعه والأربعاء، بصفته عضو مجلس أمناء الاتحاد، مشيرة إلى أنه ينتظر صدور قرار رسمى بتعيينه مشرفا على الإعلام.
وأضافت المصادر، أن «المهدى» عقد على مدار اليومين السابقين اجتماعا موسعا مع اللواء سامى سعيد، وكيل أول وزارة الإعلام، وأحمد شوقى، رئيس القطاع الاقتصادى، لدراسة اللائحة المالية الجديدة لماسبيرو، موضحة أن الاجتماع أسفر عن التوصية بعمل دراسة لتطوير شاشة التليفزيون، وتكليف أحد أعضاء مجلس الأمناء المعين بالإشراف على لجنة التطوير وإعادة الهيكلة، وتكليف عضو آخر بالإشراف على لجنة القراءة والمشاهدة ولجنة لتوزيع الدراما وإنتاج المسلسلات، وبرامج «التوك شو». كما أوصى المجتمعون – بحسب المصادر - بدراسة إنشاء قناة رسمية تتحدث باسم الدولة، وكيفية تحويل شركة «إن. تى. إن» للقنوات المتخصصة إلى شركة قابضة ربحية، وفقا لقانون الشركات.
من جهة أخرى، اتهم الإعلامى حافظ المرازى، اللواء طارق المهدى، بتعطيل برنامج «بتوقيت القاهرة»، الذى يقدمه «المرازى»، فيما نفى مصدر مسؤول بالتليفزيون صدور قرار من «المهدى» بإلغاء البرنامج، مؤكداً أن الموضوع لم يتعد «إرجاء الانطلاق» لحين بحث بعض المشاكل المالية مع الشركة المنتجة. قال «المرازى»، لـ«المصرى اليوم»، إن قرار وقف البرنامج صدر بتعليمات من اللواء طارق المهدى، بصفته عضو مجلس أمناء الاتحاد المعين، والمفوض حاليا بما يسمى «مجلس الإعلام الوطنى»، رغم أنه لم يصدر أى تفويض أو قرار رسمى بحق «المهدى» – حسب قول المرازى
وقد سبق لمحرر نهضة مصر الكتابة حول الموضوع ذاتة وطلب تخصيص قناة واحدة وجريدة قومية واحدة وإذاعة واحدة وطرح الباقى للمستثمرين تخلصا من إعلام ردئ يضر ولا يفيد وتخفيفا عن كاهل الدولة لسداد المرتبات الشهرية المترهلة
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مشاركة مميزة
-
Can I sign u AHMED MOHAMED EL-WAZIRY" , "sami _rn2000" , "FAIRS animal" , "DR Abd-El-Rahman" , &quo...
-
http://www.ahram.org.eg/Egypt/News/123073.aspx اللهم لاتجعل هلاك مصر على يد الجنزورى اد-عبدالعزيزنور nouraziz2000@yahoo.com (رسالة مو...
-
Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of ... Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of Fragil...