الأربعاء، يونيو 8

عُــرس الثورة.. بتحـقيـق جميع مطالبها

عُــرس الثورة.. بتحـقيـق جميع مطالبها
بقلم: حسين أحمد حسين

11-4-2011
تحظى الثورة المصرية باهتمام ضخم وكبير فى الأوساط العالمية والعربية والإسلامية والمحلية، عبر المتابعة الدقيقة لمجرياتها، وهذا الاهتمام يرجع لمكانة مصر وتأثيرها، والخوف على مستقبل هذه الثورة.
ورغم تباطؤ الخطى إلا أن الثورة تحقق كل يوم إنجازات على الأرض، وكان آخر هذه الخطى إعلان المجلس العسكري عن صدور قانون تكوين وتشكيل الأحزاب الجديد، رقم 2 لسنة 2011م، ومن أبرز ملامح القانون الجديد إنشاء الأحزاب بالإخطار، حيث سيتم تشكيل لجنة قضائية تتعلق بالنظر في الجوانب الإجرائية والتزام الأحزاب بالشروط التي من بينها عدم قيام الأحزاب على أساس دينى.
ويتضمن مشروع القانون أن يكون إنشاء الحزب بالإخطار على أن يعرض ذلك على اللجنة التي يجب أن ترد على ذلك في خلال 30 يوما، وإذا لم يتم الرد يكون الحزب قائما، اعتبارا من اليوم التالي؛ أي يوم 31 والتعديلات الجديدة "في القانون رقم 40 لسنة 1977م "تحظر قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار أعضائه على أساس ديني أو على أسس التمييز بين المواطنين، بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وعدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية، وعلانية مبادئ الحزب وتنظيماته ومصادر تمويله".. ونخشى أن تستخدم هذه المادة فى مصادرة حق من له مرجعية إسلامية فى إنشاء الأحزاب!!
وحسب القانون، ستصبح اللجنة قضائية برئاسة النائب الأول لرئيس محكمة النقض وعضوية نائبين من محكمة النقض واثنين من رؤساء محاكم الاستئناف، واثنين من مجلس الدولة، ويجوز للجنة القضائية حل الحزب وتصفية أمواله، وذلك إذا ثبت من التحقيقات التي يجريها النائب العام أن الحزب يمارس أي نشاط يخالف أيا من الشروط المنصوص عليها في القانون.
ويشترط القانون الجديد أن يوقع على الإخطار بقيام حزب 5 آلاف عضو مؤسس من عشرة محافظات على الأقل بما لا يقل عن 300 عضوا من كل محافظة، وأن يمارس (الحزب) نشاطه السياسي اعتبارا من اليوم التالي لمرور ثلاثين يوما من إخطار لجنة الأحزاب دون اعتراضها.
والقانون الجديد حذف منه اشتراطات عديدة منها أن يمثل البرنامج إضافة للأحزاب الموجودة، وكذلك تم حذف عدم استغلال المشاعر الدينية لأنها عبارة فضفاضة، وقال إن القانون ينص على عدم انشاء الأحزاب على أساس دينى أو طائفى أو طبقى أو فئوى، وقد حذف القانون الجديد الدعم الحكومى للأحزاب حتى تقضى على ثغرة استخدمتها الأحزاب للحصول على الدعم دون وجود فاعلية فى الشارع السياسي.
{{ وفى مقابل انجازات الثورة، ينتظر الشارع المصرى المزيد ليكتمل العرس الديموقراطى، وتكتمل اللوحة الثورية الجميلة لشعبنا، لتكون النموذج الذى يٌحتذى في عالمنا العربى والإسلامى، ننتظر المحاكمة العاجلة والاستثنائية لجميع رموز الفساد أمثال: "فتحى سرور" و"زكريا عزمى" و"صفوت الشريف"، إنا ننتظر إبعاد رموز وأعوان النظام السابق، وإن كنا نجحنا فى تطهير الصحف القومية من أبواق النظام البائد، إلا أننا ننتظر تطهير مصر من بقايا الحزب الوطنى، وتطهير ننتظر تحرير مبنى الإذاعة والتليفزيون .
إن هناك العشرات من المواقف التي تدعم المخاوف، من بينها عدم التحقيق مع فتحي سرور رئيس مجلس الشعب السابق وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، الأمين العام للحزب "الوطني" سابقا، وزكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وعدم محاسبة محرضي "البلطجية" فى "موقعة الجمل" رغم إدانة تقرير لجنة تقصي الحقائق لهم الذى اتهم قيادات الحزب "الوطني" بالتورط في ارتكاب جرائم القتل والاعتداءات البدنية والترويع التي ارتكبها النظام السابق حيال المتظاهرين سلميًا، والتي أبرزها حشد البلطجية للاعتداء على المتظاهرين بميدان التحرير يوم 2 فبراير.
{{ قضية أخرى غاية فى الأهمية، وهى تقديم يوسف والي موسي ميزار أحد قيادات الحزب الوطني ووزير الزراعة الأسبق، للمحاكمة بتهمة القتل العمد للشعب المصرى، لأنه المسئول عن انتشار أمراض السرطان والفشل الكلوى والكبد الوبائى في مصر لاستخدامه المبيدات المسرطنة والمواد المهرمنه المحظورة دوليا في المجالات الزراعية.
إن والى كان فوق القانون ورفض المثول أمام المحكمة التي تحاكم 21 مسئولا ومتعاملا مع وزارة الزراعة معظمهم من كبار مساعديه، منهم المتهم الأول بـالقضية وكيل أول الوزاره ورئيس البنك الزراعي يوسف عبد الرحمن، الذى قدم وثائق للمحكمة تثبت مسئولية الوزير عن كل الاتهامات المنسوبة له والتي تصل عقوبتها للمؤبد لكونها تشكل خيانة للوطن، وأبرز تلك الاتهامات استيراد مبيدات وهرمونات تسبب السرطان والفشل الكلوي والكبدي والعقم، وإدخالها عن عمد للبلاد مقابل عمولات وبموافقة صريحة من والي والذي كان يعرف خطرها.. إن يوسف والى من أكثر الشخصيات التي أسهمت في قتل وتدمير المواطن المصري المطحون والسؤال المهم هو لماذا لم يٌحاكم والى؟ ولماذا (حتى الآن) خارج القضبان؟!!.
وأخيرا لا نرى أى مبرر لتأخير طلب تجميد أموال الشخصيات المشتبه بها، وعلى رأسها أسرة الرئيس السابق حتى الآن، ثم إرسال الطلب بأخطاء في الصياغة تؤخر عملية التجميد وتجعل بعض الدول تقدم على رفضه، بينما نحن في أمس الحاجة لهذه الأموال لحل أزمتنا الاقتصادية الحالية، لابد من استرداد أموال الشعب التي تم الاستيلاء عليها بدون وجه حق سواء كانت أموال سائلة أم عينية أم منقولة أو مودعة بالبنوك المصرية أو الأجنبية.
علينا أن تتخذ جميع الإجراءات لإعادة الأموال التي نهبها مسؤولو النظام السابق، إن إعداد قانون جديد يتيح لرجال الأعمال المتهمين بقضايا فساد إعادة الأموال المنهوبة مقابل التصالح معهم يعد خطوة فى الاتجاه الصحيح؛ فليس مطلوبا أن نحاكم ونسجن وتضيع أموالنا هباء، ويجب أن يسمح هذا القانون بالتصالح فقط مع من استفاد من الفساد، دون أن يشارك فيه بشكل مباشر.
{{ إن نجاح ثورة شعبنا لن يكتمل بدون محاكمة لكل من شارك فى قتل الشهداء البالغ عددهم -حسب وزارة الصحة المصرية- 365 شهيدا، وأكثر من 1200 فقدوا أحد أعينهم، وآلاف المصابين.. مطلب المحاكمة مشروع لنروى ظمأ الأمهات، ونفى العهد لمن ضحوا بأنفسهم لنعيش في حرية وعدالة.
الأمة كلها تشيد بموقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يؤكد دائما وأبدا أن مهمته لم تتغير منذ أن تولى الأمور بعد رحيل مبارك، ويشدد على حمايته للثورة والدفاع عنها والعمل على إنجاح أهدافها، لأن الجيش لا يأخذ أية إملاءات من أية جهة داخلية او خارجية.

ثورة مصر تقلب شاحنة التاريخ

رسالة الى الخليفة ..!!
ثورة مصر تقلب شاحنة التاريخ ..!!
4-3-2011


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب

تقديم :
دور الثورة المصرية على المستوى الثقافي :

سيدي الخليفة :
قال تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص 4: 5 )
اجل ان الفضل كله لله ، فهو سبحانه من يؤتي الملك وينزع الملك ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيه الخير سبحانه وتعالى علوا كبيرا له المجد الذي لا يرام والعز الذي لا يضام..
قال احد الكتاب القدامى :" أن الأمة لم تفقد عزتها ولم تدفن أمجادها في قبور تاريخها ثم تسير بلا عزة وبلا مجد ، بل ان لها من حاضرها أيام غر محجلات لا يضر من رآها ان يموت، إلا ان يكون فقط قد رأى تلك الأيام "
ربما كان الكلام اعلاه لرجل عاش في واقع من الفتوحات الإسلامية ، وأيام مجد ، إلا أن واقعنا قبل الثورة بالفعل كان موبوءاً ..ما كنا نتصور أن يقول الماغوط في رثاء السياب : تشبث بموتك أيها المغفل ما الذي تريد ان تراه ، كتبك التي تباع على الأرصفة أم عكازك الذي صار بيد الوطن ، والسياب لا يستحق ذلك وهو القائل في آلية الكلمة والمجد ..
ارفع العبء عن البشر
اغرق في دمي إلى القرار
إن موتي انتصار
وكنا نهتف : سيدي الخليفة هيا تقدم واقتحم ساحاتنا الموبوءة .. اعتبرناه زمن الحيض العربي ، في "زمن يحيض فيه الرجال وتباع فيه الأوطان " وكتبنا "ايها الواقع العربي ارحل ثكلتك أمك " نحاول أن نرد الثقة في الشعوب بوجهات نظر من فروسية الإسلام السابقة بأن جغرافية الكون حاليا تستلزم الجديد من الفتوحات الإسلامية ،، كانت معالجات فكرية كالغريق يبحث عن طوق النجاة ، نجد في القرآن الكريم فخامة النص الإلهي وحلولا مستفيضة من معالجة الأنبياء للواقع الكوني ، وكتبنا في الآصرة التي تربط بين الإسلام والثورة وان الأنبياء هم ثوار الله في الأرض ..ونجد في التراث روعة الورع . والأدب الجاهلي فروسية والأدب الإسلامي محض دموع وأدب السجون ..ابتداء من البوابة السوداء لأحمد رائف ، إلى نزق الثوار والاكتئاب لمحمد الماغوط في الأرجوحة..
وكنا نتساءل ، من اين لنا بيوم واحد من أيام المجد ،لكي تكتحل عيوننا بأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا ،في حاضر بائس لا نرى إزاءه معالجة ،فقد استهلكت كل المعالجات ، او حوصرت كل الحلول ، وأصبحت الأمة في مأزق ذهني ، فريق من أحزاب المعارضة تم تدجينه و اوبق دينه لحطام ينتهزه ، في أولئك الكتاب الذين من مطبخ السلطان يأكلون وبسيفه الطويل يضربون ، أما من كان أبيا ثائرا قاموا بسجنه وتجميد نشاط حزبه كحزب العمل ، وليس هناك من صيحفة إسلامية واحدة على الساحة ، كلها قد سحبت تراخيصها ، كنا ننسلخ من الحاضر الأليم ونمضي الى موسى بن نصير نحاول اللحاق بركبه ، او ركب عمرو بن العاص او محمد بن ابي بكر نحاول ان يكون لنا راحلة او فرس في ركبهم عبر الأدب ..
بل نذهب الى خالد بن الوليد لنستأجر منه سيفا، يا ابن الوليد ألا سيفا تؤجره ، ان سيوفنا قد أصبحت خشبا، اجل وقد جاءت ثورة مصر على قدر ، الثورة عمل جبار ولكل عمل جبار ثمة محفز وخلفيات فكرية اغلبها ناضجة ومستعدة للتضحية، وبهذا العمل الجبار في 25 يناير وأيام المجد تلك لا يضرنا ان يذهب بنا الموت اليوم او غدا بعدما رأينا ايام المجد ، أيام غر محجلات كما قال الكاتب القديم أعلاه ، ،بأن قلبت ثورة مصر قلبت شاحنة التاريخ ، ذات يوم وفي أيام اليأس كان السياق منا نحاول ان نحث الهمم : ان الله لا يستجدي من عباده نصرة دينه ولن يجبرهم على ان يكونوا رجالا وعندما لا يستحقون شرف التضحية يسقطهم الله من التاريخ ثم يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه .اجل اتضح لي ان الله يحب هذا الجيل من الشباب ..فكانت الثورة على أيديهم . صدقوا الله فصدقهم ..
كنا نتألم حينما يقول جيمس زغبي العالم العربي هو مجرد شيء يقوم الغرب بضربه وتحريكه فمتى يملك العالم العربي مصيره ؟!
في وقت تنظر الشعوب الإسلامية إلى حكامها نظرة المدراء الى الموظف المهمل وتبتسم ابتسامة حزينة تخرج من عمق الوجع ، وهي ترى المجازر في غزة او البوسنة او العراق .في وقت حاول فيه الكتاب الخونة ان يقولوا لنا ان القواسم المشتركة بين الأمة وأخوة الدم و الدين والرحم هي في سحنة الوجه فقط وليس الـ DNA ولا مانع ان يكون الدم ماء ..
وهناك من يصرخ كما قال الشاعر :
الى متى فرعون يقهر عزتي وهامان ينــــــــــهب زادي
والى متى يقلق راحتى كسرى وقيصر يسترق بلادي
وهناك من انتحر ، وهناك من حرق نفسه ،حاولنا ان نبحث عن مخرج في "خيارات الموت في زمن الاستبداد "
ولكن اليوم هاهم اليوم في تونس ومن ثم مصر جيل جديد قد اثبتوا إنهم يستحقون شرف التضحية .. وكانوا رجالا بملء الكلمة ولا باس كما قال محمود درويش يوم كانت كلماتي غضبا كنت صديق للسلاسل ..
ليجيب عليه محمود الزبيري
لا سيوف تذلنا ولا سجون*** تصنع الرق في دمائنا الأبية
او كما قال الشاعر العربي القديم :
لا نرهب الموت ان الموت*** مكرمة ولا نضن على راح بأصفاد
اجل وعندما تهب الريح على الطغيان لا تبق على شيء .. اجل وقد هبت الريح ..فاستقرت الريح بزين العابدين في جده ، واستقرت بمبارك في شرم الشيخ .. حيث القى عصاه واستقر به النوى!!
قبل 25 يناير كان ابسط توصيف له ما قاله الشيخ مهدى شمس الدين حينما قال :الشعوب دجنت إلى أن أصبحت خراف ،الحكام فسدوا إلى أن أصبحوا في مستوى الخيانة ، وعلماء الدين يديرون شئون الملائكة في السماء السابعة ، والسياسيين يحفرون القبور ويجوعون البطون ويذلون النفوس .. قبل انتحار البوعزيزي في تونس بسنوات كان عندنا حالات انتحار كثيرة كان أشهرها من شنق نفسه على كوبري فيصل ،ولم يك رد الفعل المصري كما هو الحال في تونس يومها كتبت "ارحل أيها الديكتاتور فالشعب ينتحر" وانتهينا الى وضعية امتهان كرامة المصري في تصدير عمالة مصرية من الصبايا المصريات إلى بلاد الخليج البترولي كتبت يومها" فلتخرج من حياتنا سيادة الرئيس" لم يكن هناك بصيص نور في نهاية النفق ..في تلك الأثناء.. فجاءت دماء خالد سعيد وسيد بلال ..لتضخ الدماء في العروق ..
جاءت الثورة في مصر أخيرا ، فقلبت الأوضاع رأسا على عقب بما نعقد عليها من آمال. الا انه لم يرق لي ما قاله جهاد الخازن ان الأحزاب الإسلامية ما هي إلا أحزابا شيوعية بإسم آخر ..لماذا يا سيد جهاد ، فالمعروف انك نصراني الدين باسم آخر أي اسم إسلامي ..فلماذا ترمي الإسلاميين بداءك وتنسل ..؟!
****
سيدي الخليفة :
هنيئا لك سيدي فتيانك الصغار ، هنيئا لك، أولئك الأبناء الذين أتوا من رحم الزمان ، ليعود بنا إلى جيل الثورات والعظماء الذين غيروا مجرى التاريخ ، لقد راهن الخونة منذ زمن بعيد على موت مصر، وكم هيئوا للعروبة والإسلام الكفن وحاولوا ان يستخرجوا لها شهادة وفاة بالرغم ما يدب فيها من الروح ،إلا أنها اليوم تنتفض وقلبت كل المعادلات كما قال المتنبي
كم قد قتلت وكم قد مت عندكم ثم*** انتفضت فزال القبر والكفن
اجل تنتفض كالعنقاء من تحت الركام ،وايم الله ما جف رحم نساء مصر ، أولئك الذين حملوا إلى المتخلف عن ركب عمرو بن العاص حين سجن في الترانزيت ، كعكات العيد المزركشة ونثروا عليها دقيق السكر، إنها عبقرية المجد والثورة في ميدان التحرير حالما تحول الى محيط هادر وبحر متلاطم من البشر ، فهاهم أبناءك كما لو كانوا قد هبطوا من الأرحام الى صهوات الجياد ، لله در بني تغلب واهل مصر في تلك النخوة العرباء ..!!
عربية الإحساس في نخواتها*** لله تلك النخوة العرباء
جيل جديد ، أبناء تعلموا فقه المجد والفروسية ، وكيف تنقل شاشات التلفزة ، وهم يركعون ويسجدون امام ضخ المياه على كوبري 6 اكتوبر ولم يعبئوا بالماء الحاشد ولا حتى بالموت , ان الثورة تولد من رحم الاحزان ، كيف خرج هذا الجيل الرائع الباهر ،من عمق المأساة؟! ، آن لمصر اليوم ان تتيه فخرا بابناءها ، ويوم ان مضى مبارك تنقل شاشات التلفزة من خروا سجدا لله ، ما أروع هذا الجيل ، ولله درهم من فرسان ، مهما كتبنا ومهما بحثنا عن مفردات ، لن نستطيع ان نوفي هذا الجيل من الشباب قدرة ، دخلت المسجد فوجت شابا متوضئا يأتي مسرعا ، فقدمته للإمامة ، قلت له انتم للإمامة أهل يا بني ، تقدم فدربك مجد ،يا هذا الجيل ، شباب اقسم ووفي بالقسم، هنيئا لك سيدي الخلفية أبناءك الصغار، أولئك الذين وقفوا على نواصي شوارع مصر بأسرها وهم دون العاشرة والسابعة من العمر ،في الهزيع الأخير من الليل كي يحمونها من أوباش جنود فرعون وهامان . ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (القصص : 8 )
اجل أولئك الشباب الذين خرجوا من رحم المحنة والتجويع والإذلال والاضطهاد ، لكي يصنعوا لنا المجد والثورة ، فكان رائعا وفوق كل التوقعات ، شباب اقسم بالله خير القسم وما صانه من كريم الشيم وما اكتسحت عزمته من قمم ، وما انتفضوا به من إباء ودم ، هاهو يرمي قلبه في المزدحم ويمحو عن الشعب عار الصنم ويجعله عبرة للأمم .
سيشهد التاريخ ان يوما ما سجدت جباهاً طاهرة متوضئة على ارض ميدان التحرير ، سيسجل التاريخ كيف كان ميدان التحرير هادراً بمئات الألوف سجدوا لله ،ورفعوا الأذان بكلمة الله اكبر في سماء الميدان فردوا لمصر هويتها خمس مرات في اليوم والليلة، سيسجل التاريخ ان كان هنا رجال أوفياء ضحوا بدمائهم، كيف ضرب هذا الإعصار قواعد الطغيان ، كنت اسمع على شاشات الجزيرة نوارة نجم وعلى المستقلة أسامة رشدي ودكتور حامد الهاشمي فكان لهم القدح المعلى في التوجيه ،بشكل سلمي آتت ثمارها ،كنت أتوقف عن أقوال جيفارا ، وهو شي منه وما وتسي تونج من قبل، كنت أتوجس البعد الدموي من قضية صناعة الثورات في بيئتنا الشرقية عندما كتبت "فقه المجد والثورة " والتجربة الإسلامية في الثورة طويلة منذ الإمام الحسين إلى الإمام الخميني ناهيك عن الشيوخ المجاهدين سواء حسن البنا وحرب فلسطين اوعمر المختار في ليبيا إلى عز الدين القسام في سوريا وفلسطين إلى ابن باديس في الجزائر انتهاء إلى الشيخ عبد الله عزام فمعظمهم من كبار الثوار الذين غيروا مسار التاريخ ..وكنت اتساءل عن قول سابستيان دي لاروش : هل تتوقع ان الثورة صنعت من ماء الورد ،Do you think then that revolutions are made with rose water? او ان الثورة برميل من البارود كما قال ما تسي تونج ، لذلك كتبت الثورة والأخلاق في المشروع الحضاري الإسلامي ، بغية تجنيب أي ثورة هذا المنزلق الخطير في إرهاصات ما قبل الثورة.
هاهي مصر اليوم وهاهو نيل مصر الذي كان دوما شرابا للصابرين وحسرة على ال فرعون والكافرين هاهو يمضي ببقايا الطغيان(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) (الدخان : 29 ) ، في معالجة الطغيان ، بحثنا عن ثورة الحسين كمنطلق ، و"خيارات الموت في زمن الاستبداد" وقلنا انه "فقط بالثورات يرحل الطغيان" وهاهي ارض مصر اليوم تنشق عن ثمانين مليون ثائر ، حاولنا ان نبحث عن الحالة المصرية ومعالجتها منذ يوسف عليه السلام ، منذ ان قال يا صاحبي السجن (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف : 39 )، وتساءلنا هل قدر للدعوة إلى الله في مصر ان تنطلق من السجون والزنازين ،وتوقفنا عند تشخيص الحالة المصرية عند أبي الأعلى المودودي وتخوفنا من تحليله حين قال ان الحالة المصرية حالة خاصة ، لان الله تعالى ارسل موسى الى فرعون خاصة فالتغيير كان موجها الى الرمز اي فرعون نفسه (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 ولم يضطلع الشعب بدور في المعالجة ،لانه لا تعويل عليه، (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ) (الزخرف : 54 ) حاولنا ان نسوق توضيحا انه لابد من رفض صفقة الاستخفاف من قبل الطغيان كيلا نكون قوما فاسقين اجل ان الرفض ايمان والانصياع فسق، والتوضيحات في هكذا سياق مهم وجدير بأن يؤتي أُكُله،..كان المتطلب ان ترفض الشعوب الاستخفاف ويعلنوا العصيان كي لا نندرج تحت قائمة الفاسقين. وتجاوزت الثورة مرحلة التنظير إلى مرحلة التفعيل على ارض الواقع بهذا الجيل الجديد ..
اجل ،الجيل الجديد من الثوار استوعب الدرس فرفضوا الاستخفاف واخذوا الشرارة من تونس وأعلنوها مظاهرات وعصيانا وثورة تحت كل حجر وعلى ناصية كل شارع وزحفاً جنود الله تخرج من مسجدي ، وكتب عامر عبد المنعم الثورة تخرج من المساجد ، في مرحلة التأرجح ومشارف النصر خرج عبد الحليم قنديل بتحليل رائع مصر و نيرون خرجت الملايين لتصنع التاريخ ، كتب مجدي حسين وأدلى بدلوه فيمن أرادوا التفاوض مع الطغيان . روعة الامر ان الشباب كانوا وقود هذه الثورة وتحملوا تكاليفها الباهظة ..من مواجهة وتضحيات وسجن ودم ..
سيدي الخليفة: هنيئا لك ابناءك الصغار الذين رفعوا اسم مصر، أولئك الذين اهرقوا دمائهم قربانا في سبيل الله .. كان الشعب على بعد لحظات من النصر ،كان ثمة عناد ألا يترك الساحة ،ركعنا وسجدنا لله تعالى ان ينزع الله من مبارك الملك ، في صلاة الجمعة في شارع الصعيدي مهند ابني مع زملاءه اخبرني ان خطيب الجمعة كان يجأر بالدعاء واظهر مدى الافتقار وكرر حسبنا الله ونعم الوكيل عدة مرات مخلصا في الدعاء ..
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران : 26 )
سيدي الخليفة :
في فقه الثورة ، قال المحللون ان المعارك التي تمنى بها الشعوب بأسوأ الهزائم هي المعارك التي لم تخضها ، وها قد خاض الشعب المصري معركته مع الطغيان ، وكسب الجولة ،وذكرنا ان الحسين كان ذو إصرار مستميت على ان يخوض الملحمة حتى آخر شوط ، وقلنا أكثر من مرة ان لو كان هناك حلولا أخرى لأقدم عليها الحسين هكذا خاضها سيد شباب اهل الجنة لكي يثبت للشعوب ان الخوف شعور زائف ، فلابد ان تخوض تلك الشعوب الملحمة ، كان معالجة الحسين ثرية لأنها ثورة خرجت من تحت عباءة رسول الله وكساءه الشريف وان "ما الحياة الا انتفاضة ثائر" ذكرنا ان "الحسين ما زال مغضوبا عليه".. لأنه فتح على الطغيان باب من أبواب جهنم وتعامل الاستبداد مع الحسين بكل دهاء وما عليك إلا أن تنزل مضارب بني أمية وتنزل إلى أي مكتبة عامة وتسأل عن كتاب او بحث عن الحسين او ال بيت محمد الا واعتبروك زنديقا او نظروا إليك شذرا.. قال غاندي تعلمت من الحسين ان انتصر مظلوما ، وقال الخميني ليس عندنا سوى عاشوراء .. وقال برس سايكس ، لقد عزم الحسين والفئة المؤمنة معه على الكفاح بصورة تتحدى إعجابنا وإكبارنا على مر التاريخ إلى يومنا هذا.
كانت معالجة الثورة الفرنسية رائعة إلا أن لنا عليها بعض التحفظات والخطوط الحمراء في مسألة استثناء الدين من المعالجة لثأر مبيت بينهم وبين رجال الدين المسيحيين ، وأعجبني دور المقصلة في الثورة الفرنسية ذكرناها في "مصر والساحة الحمراء"ولكن للبيئة الأوربية ظروفها .لا يمكن أن نسحبها على مصر .. بالرغم انه قد ظهر عندنا من باء بها .. ممن افتوا بقتل القرضاوي والبرادعي .. معضلة حينما يفسد رجال الدين ..!!
حاليا تلقت الثورة طعنات نافذة :
ان الثورة ُتخرج انبل ما في الإنسان ، والطغيان يُخرج أسوأ ما في الإنسان ما قال الدكتور علاء الأسواني.. لهذا رأينا جيش أبو لهب من الجمال وعربات الكارو والعربجية والبلطجية يقتحم ميدان التحرير في القرن الواحد والعشرين ..انها وصمة العار التي تلاحق الطغيان.
من مفارقة عجيبة ،شباب تقي يبحث في ميدان التحرير عن مكان للماء يتوضأ منه ويسجد ويركع بالميدان ويعلي الاذان .. وعلى الجانب الأسوأ بلطجية وسنج وكرات من النار وزجاجات الملوتوف ..بالله عليكم هل تلتقي هذه بتلك .
ها نحن اليوم سيدي الخليفة على بعد فرسخين من قصر الخلافة ، وما أن رأي الإخوان المسلمون الهجمة قالوا نخشى ان تصيبنا دائرة .. ولقد قالها المهدى عاكف منذ سنوات في جريدة الشرق الأوسط .. بمانشيت عريض "لسنا أهل ثورة".. الا انه قد خرج العريان بتصريحات من بي بي سي بعضها رائع والآخر مؤلم، والرائع هو ما أفاد به أن المادة الثانية من الدستور أي ان الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي في الدستور ان هذا البند فوق المناقشة وخط احمر لا نسمح بالمساس به ، كان رد رائع بالفعل منه واسأل الله ان يسجله في ميزان حسناته، الا انه لم يرق لي وما صرح به ان معاهدة السلام وقعت بما يضمن حقوق الفلسطينيين ، ويضيف لا داعي ان يطلع الشعب على الاتفاقيات المبرمة وانها لا تناقش على صفحات الجرائد.. تصريحات عارية من الشفافية والنزاهة تبتغي وجه إسرائيل وأميركا ولا تبتغي وجه الله.. أي انه لا مانع لدى العريان ان تطبخ المعاهدات سرا .. نعلم يا سيد عريان ان الكل يتنمر للإسلام ولكن ليس هكذا تورد الإبل .. ولا يقبل الله تعالى أساليب البيضة والحجر ،او ما يسميه الفرنجة hocus pocus قالوا ان الإمام علي فشل في ميدان السياسة لان مثالية هذه الشخصية أبت أن تنزل به الى حمأتها .. قضيتكم توصيل الإسلام وكذا وبملء الفم "أن يحكم الإسلام" ، فإذا تقاعستم عنها سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة : 54 ) أرجوك ان تقل الحق وتطالب بحكم الإسلام لمصر ولا تخش في الله لومة لائم ..
ا .. فلتكن المقدمات نزيهة كي نوصل الى النتائج نزيهة .. وليس بالمطبخ السري للسياسة تكسب الصفقات ..ليس هكذا نوصل الإسلام للآخرين. وليس هكذا سيحكم الإسلام ، لماذا تخجلون من أن يحكم الإسلام ؟..انا أعلنها مدوية فليحكم الاسلام مصر ، فلماذا تتقاعسوا ان ترشحوا انفسكم .
لكم تمنينا لك العودة سيدي الخليفة كي تمسح على رؤوس اليتامى وتصلي بنا جماعة . وتعود مصر إسلامية ولكن كيف؟! وهناك لقيصر ألف بروتس كي يطعنه ..ولكل ال ياسر الف ابا لهب كي يقهره ، ولكل حمزة الف وحشي كي يطعنه والف بنت عتبة كي تمضغ كبده ..
ولكن هو سياق الإسلام دوما كما قال الشاعر :
وما أبالي وان أريقت دمائي**** فدماء الكرام دوما مباحة
وهاهم القوم أرادوها ديمقراطية ، ونتساءل ألم يكن الحزب الحاكم بالأمس ديمقراطيا .. ما العيب أن يحكم الإسلام .. ما هي الجريمة في ان يحكم الأرض شريعة الله .. ما العيب وما هي الجريمة ؟ ان يهيمن القرآن على مصر شريعة ودستورا !! ..بدلا من ان يتقافز بني امية من العلمانيين على منبر رسول الله .. ليقول جهاد الخازن ان الحكومة السعودية أكثر ليبرالية من الشعب ،الكل يريد ان يحكم بغير ما انزل الله .. وكلما تنادي بشرع الله تخرج عليك ألف بندقية ..كل من هب ودب يريد ان يحكم بغير ما انزل الله حتى بنو سوزان ..ألا بعدا لعاد كما بعدت ثمود.. كما قال ابو فراس :
ادعاها بنو سوزان ارثهم **** وليس لهم فيها قَدم ولا قِدم
واسمع مايكل منير على (قناة الحياة) خضراء الدمن ومسجد الضرار مع عمرو أديب، يريد الأول نزع المادة الثانية من الدستور ان العقيدة الإسلامية مصدر التشريع، ويعلنها بلا حياء، "لكيلا تأتي لنا دولة دينية"، كيف يجتريء هذا الوقح.. كيف يريد طمس هويتنا علانية وبلا حياء من على قناة سيد البدوي هذا الاخير الذي حاول ركب الموجة مرارا وتكرارا أثناء الثورة، ذلك الذي باع جريدته لنصراني، ولا مانع لديه ان يبيع كل شيء بما فيها قصر الخلافة ومستقبل مصر وماضيه ..
وتتوالى الطعنات على الثورة طعنة تلو أخرى بما يفيد وأعلنوه : التزام مصر بالمعاهدات التي أبرمتها سابقا!!
،إذن فلتطمئن إسرائيل ، ولأمريكا من عرضنا ما استحلت ، كما قال بن أبي ربيعة ..ولم يختلف شيء عن الأمس ، لقد مضي مبارك وسيأتي مبارك آخر .. أي ان مصر لن تخرج عن محور الاعتدال ، وما زلت مغلة بالقيود ، يوم أن جهرت بها الثورة في الميدان أنها ضد إيران ، أي أن مصر لم تخرج عن محور الاعتدال ، بما يعني انه سيظل يلعب الفعل المضارع اليهودي في مصر الاختراق وأعماله الجهنمية أخشى بالفعل انه.. لم يجد جديد ، اللهم الا في غضبة شعب وآلاف الجرحى ومئات الشهداء ، ويمضي فرعون ومن ثم يأتي فرعون آخر ولم تكسر بعد سلسلة الطغيان .. الواقع السياسي في شرم الشيخ كان يأتيه شارون ويزوره رابين ..
هذا قبل 25 يناير وكذلك في ظل الالتزام بالاتفاقيات لن يتغير شيء، .. هل سيظل براوح الواقع السياسي المصري مكانه في العمالة لإسرائيل.. حتى بعد هذه الثورة وتلك التضحيات. ؟! ..فضوها سيرة ..!! كنت أتمنى ان يعلنوا ان اتفاقية السلام تحت نعال واقدام الشعب المصري .. ان عدم الالتزام باتفاقية السلام هو بمثابة انسلاخ من ربقة الذل والاستبداد الاميركي الإسرائيلي وهو انعتاق نحو الريادة في المنطقة وحرية القرار السياسي وعكس ذلك ،هو ان مصر ستظل تلعب دور العميل وتقزيم لدور مصر ..وتتحول إلى مجرد بواب على معبر رفح .. وهذا ما يرفضه تاريخ مجيد ونخوة عرباء وسياق الريادة .. وكل حر وثائر على ارض مصر .. اجل فلتنته مرحلة التصهين ولتبدأ مرحلة جديدة وهي ان تعود مصر الى حضنها القومي والإسلامي ..
اجل فلتنته دولة الصهاينة في مصر ..!!
ومن خلال قراءتي للأحداث ..ما أرى إلا أن الشعب قد سرقت منه الثورة جراء التدخل الأمريكي الإسرائيلي .. واللهو الخفي الذي تم خلف الكواليس،، فإذا لم تخرج مصر من محور الاعتدال ومعاهدة العار ، هذا يعني قطعا انه لم يجد جديد.. وأننا مازلنا نراوح مكاننا فيما قبل 25 يناير .. ولم يتغير إلا الوجوه وحسبنا نفس السياسات ..ليس هذا ما ضحى من اجله الشعب ..
أما البعد الغالب الاهمية ، انه قد أعلن نتانياهو "ان عدم الاستقرار في مصر سيستمر لسنوات بعد رحيل مبارك" ، واكد ايهود بارك "ان هناك فترة مثالية للثورة بعدها هناك من هم مستعدون لان يَقتلوا وُيقتلوا" ، ولقد وضع مبارك مصر في مازق ما بين خيارين "الاستقرار اوالفوضى" ، يبدو ان تباشير عدم الاستقرار التي نوه عنها الثلاثة قد اتضحت اليوم ليقول احد الصحفيين في اتصال هاتفي مع قناة الاقصى من محافظة الشرقية بمصر انه قد تم قتل احد المعارضين بثمانية عشرة طعنة نافذة أفضت به الى الموت قبل وصوله إلى المستشفى ، بمعنى ان هناك من يريدون العبث بأمن مصر ومن هنا نناشد القائمين على الدولة حاليا ان يكون هناك قصاص رادع من القتلة حتى لا تكون مصر مسرحا لعملاء الموساد ومافيا الاجرام ، و ننوه ان الثورة الفرنسية قد تغلبت عليها بتفعيل دور المقصلة للمجرمين والخارجين على القانون ولا مانع ولا حرج إسلاميا من القصاص فان الرحمة بالمجرم خيانة للضحية، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة : 178 ) وقال تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة : 179 )

.سيدي الخليفة : كلما اقتربت المسافة إليك ،تتلقى في الظهر ألف طعنة ,, فمتى تعود ومتى نعقد البيعة .. ومتى تعود مصر دولة إسلامية كي ينعم فيها أطفالنا بالأمان.. قال تعالى : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين : 8 ) وقال تعالى في علاه :
(أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (النور : 50 )
سيدي الخليفة :
عندما يزداد الظلم والطغيان يغضب الله الملك القهار وعندما يعلو رأس فرعون يولد موسى لخفض رأس فرعون في كل زمان ..

واسلم لامتك يا خليفة .

انسحاب 4 وزراء من اجتماعات دول حوض النيل.

التاريخ: 14/04/2010
انسحاب 4 وزراء من اجتماعات دول حوض النيل.. وتهديد مصرى بوقف المفاوضات.. ودول الحوض ترفض مقترحا مصريا سودانيا بإنشاء مفوضية عليا للتعاون

انسحاب 4 وزراء من اجتماعات دول حوض النيل.. وتهديد مصرى بوقف المفاوضات.. ودول الحوض ترفض مقترحا مصريا سودانيا بإنشاء مفوضية عليا للتعاون

تحفظ وزراء المياه بدول حوض النيل على اقتراح مصر والسودان إنشاء مفوضية عليا لتنظيم التعاون بين الدول، يكون هدفها تفعيل العمل المشترك فى مجالات المياه والاستثمار والتجارة، وتوليد الطاقة الكهربائية فى إطار ما أطلق عليه سياسة الربح لجميع الدول، وذلك إذا لم يتم الاتفاق على شكل نهائى للاتفاقية الإطارية لدول الحوض.

وانسحب 4 وزراء من المشاركين فى اجتماع وزراء دول حوض النيل بشرم الشيخ بسبب وقوع خلافات حادة، فيما هدد الدكتور محمد نصر الدين علام، الوزير المصرى، بوقف المفاوضات والانسحاب.

وأوضحت مصادر مشاركة فى جلسات التفاوض أنه تم الاتفاق على عدم تطرق المناقشات إلى الاتفاقيات التاريخية الموقعة بين دولتى المصب ودول أعالى النيل وبقية نقاط الخلاف، مدللة على أن المفوضية الجديدة المقترح إنشاؤها لا تشترط تناول قضية الحقوق التاريخية لأنها من خلال تنفيذ المشروعات المشتركة سوف تحقق الأمن المائى لدولتى المصب بشكل غير مباشر، من خلال المناقشات حول المشرعات تنفيذا لشعار المفوضية المقترحة " الجميع يكسب دون الإضرار بالآخرين"، والذى يتوافق مع مبادئ مبادرة حوض النيل منذ إطلاقها عام 1999 وحتى نهاية دورها المقرر 2012.

وأكدت المصادر أن النية تتجه نحو إصدار بيان حول نتائج الاجتماع ينص على شكل التعاون المستقبلى وكيفية تحقيق الأمن المائى لشعوب النيل، بشرط عدم الإضرار بأى دولة عند تنفيذ أية مشروعات على مستوى الأحواض الفرعية.

وأعلن محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى، أنه يتطلع إلى التوصل لنتائج إيجابية يمكن تنميتها والبناء عليها فى الاجتماع المقبل المقرر عقده فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يوليو المقبل.

وأشار علام إلى أن الاجتماع يتم فى لحظة حاسمة فى تاريخ التعاون بين دول حوض النيل، من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى وهو حوض واحد ورؤية واحدة.

وحدد الوزير فى كلمته أمام الجلسة الافتتاحية 8 إنجازات تم تحقيقها خلال رئاسة مصر للمجلس الوزارى لدول حوض النيل، منها تأكيد دول الحوض على أهمية التحرك الجماعى الشامل، مبنيا على نيل واحد وحوض واحد ورؤية واحدة، ووضع الإجراءات الخاصة بالتحول من المبادرة المؤقتة إلى مفوضية حوض النيل، مشيرا إلى أن الزيارات المتواصلة بين دول حوض النيل ساهمت فى زيادة أجواء الثقة وتقريب وجهات النظر وتوفير مناخ إيجابى للتفاهم بيننا.

وأضاف أن مصر قامت خلال الشهور الماضية بالتأكيد على دورها فى المساهمة فى مشروعات التنمية بدول حوض النيل، موضحا أن زيارة رئيس الوزراء لإثيوبيا ديسمبر الماضى، استهدفت استكشاف فرص الاستثمار فى إثيوبيا والترويج للاستثمارات المصرية فى دول أخرى، مثل أوغندا وتنزانيا، بالإضافة إلى مساهمة مصر فى تنفيذ عدد من المشروعات بهذه الدول، وخاصة مجالات إنشاء سدود صغيرة لحصاد مياه الأمطار وتمويلها بملايين الدولارات لصالح شعوب دول الحوض.

ومن جانبه أكد اصفاو ديناجاموا وزير الرى الإثيوبى، تأييده لمواصلة المفاوضات بين دول حوض النيل للتوصل إلى آلية حقيقية للاتفاق حول الإطار القانونى والمؤسسى للاتفاقية الشاملة للتعاون بين دول حوض النيل.

وفى سياق متصل أكد كمال على وزير الرى السودانى، أن الزيارات المتبادلة لوزراء مياه دول حوض النيل ساهمت فى إضفاء أجواء الثقة المتبادلة بين حكومات وشعوب دول الحوض، مشيرا إلى دعم السودان ومصر لإنشاء مفوضية لدول الحوض لمواصلة تنفيذ المشروعات المقترحة للتعاون بين هذه الدول، موضحا أن الجهود الأخيرة ساهمت فى إحداث اختراق فى المفاوضات والرغبة فى التوصل إلى اتفاق لصالح جميع دول حوض النيل.

ودعا وزير الرى السودانى جميع الوزراء المجتمعين إلى استثمار اجتماعهم بالتوقيع على المبادرة حفاظا على المكاسب التى تحققت خلال العشر سنوات الماضية وبذل مزيد من التعاون والمرونة الكافية للتوقيع على الاتفاقية، والتى ستعود بالنفع على جميع الدول الأعضاء.

وكشف عن خطابات الرئيس السودانى عمر البشير، والتى وجهها إلى رؤساء دول الحوض، والتى طالب فيها بتحويل المبادرة إلى مفوضية حتى يتحقق منها منفعة الشعوب الأفريقية.

ومن جانبها أعربت السيدة ماريا موتوجامبا وزيرة الموارد المائية والرى الأوغندية عن أمنياتها بتوقيع الاتفافية الإطارية الخاصة بإدارة موارد مياه النيل، والتى ستعود بالرفاهية والتقدم الاقتصادى والاجتماعى على شعوب الحوض.

وقالت إنها تأمل أن يكون هذا الاجتماع الطارئ فرصة سانحة لتحقيق مصالح شعوب القارة، فى وقت فارق من تاريخ التعاون بين دول حوض النيل والموافقة على توقيع الاتفاقية الإطارية لمياه النيل.

وأشارت الوزيرة الأوغندية إلى أهمية الاتفاقية المعروضة على مجلس وزراء مياه النيل، فى تحسين مستوى معيشة شعوب الحوض مع احترام سيادة وخصوصية الدول، ووجهت الوزيرة الشكر للحكومة المصرية على تمويلها لمشروعات التنمية المختلفة بأوغندا، والتى أثرت بشكل إيجابى فى تحسين ظروف معيشة الأوغنديين وطلبت مزيدا من التعاون المشترك.

ومن جانبه، طالب مارك جيمس وزير الرى التنزانى المشاركين فى الاجتماعات الحالية بسرعة التوقيع على الاتفاقية فى هذا الاجتماع، الذى اعتبره تاريخيا فى مدينة السلام "شرم الشيخ"، مضيفا " إننا نجتمع على أرض السلام (يقصد مصر) وأن عاصمة تنزانيا هى أيضا دار السلام".

وطالب مصر والسودان بالتوصل إلى حلول جذرية لإنهاء الاتفاق الإطارى لحل البنود المعلقة للتوقيع عليها لصالح شعوب دول الحوض.

وأشارت مصادر داخل أروقة الاجتماعات الوزارية، إلى أن هناك نية للاتفاق بين الوزراء على منح مهلة تتفق مع المهلة المقدمة من مؤسسات التمويل الدولية برئاسة البنك الدولى للوصول إلى اتفاق شامل، والتى تنتهى بانتهاء تمويل مشروع الدعم المؤسسى 2012 .

وحول ما آثاره بعض وزراء دول منابع النيل الاستوائية بضرورة التوقيع على الاتفاقية الإطارية القانونية والمؤسسية التزاما بما تم الاتفاق عليه خلال احتفال تنزانيا بالذكرى العاشرة لإطلاق المبادرة، أكدت مصادر مطلعة أنه لا يوجد استعجال لتوقيع الاتفاقية، وهو ما اتفق عليه رؤساء دول وحكومات حوض النيل خلال الخطابات المتبادلة بينهم والتى حملها وزيرا الرى المصرى والسودانى، وأن تنفيذ المشروعات على أرض الواقع من شأنه أن يقرب بين وجهات النظر حول نقاط الخلاف، وكذلك شروط مؤسسات التمويل الدولية بشأن ضرورة الاتفاق بين الدول على المشروع الذى يحتاج إلى تمويل من هذه المؤسسات.

وأوضحت مصادر أخرى أن كافة الاحتمالات مطروحة، ولا يمكن حسم أية أفكار أو آراء إلا مع نهاية الاجتماع الطارئ، الذى لا يزال دائرا حتى الآن بعيدا عن الصحافة والإعلام

تعثر برامج الطاقة النوويةفي البلدان العربية

تعثر برامج الطاقة النوويةفي البلدان العربية



ما زالت البلدان العربية بعيدة جداً عن امتلاك قدرات نووية حقيقية، وبشكل خاص إعداد الكوادر البشرية العربية المتخصصة القادرة على القيام بالمهمات المطلوبة لبرامج وطنية للطاقة النووية. ولا توجد حالياً أية محطات نووية عاملة لتوليد الكهرباء في المنطقة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت إعلان العديد من الدول العربية عن خطط لإقامة مثل هذه المحطات. هنا عرض موجز عن الوضع في بعض الدول العربية التي أعلنت عن برامج نووية.

تزايد الطلب مؤخراً على الطاقة الكهربائية في البلدان العربية بشكل ملحوظ، حتى وصل إلى 7 في المئة سنوياً، ما يشكل أكثر من ضعفي معدل الزيادة العالمية. ودفع ذلك بعض الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، إلى التفكير الجدي بإقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. وبالفعل، وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة في أواخر العام 2009 عقوداً مع شركات كورية لإقامة أربع محطات نووية بقدرة 6000 ميغاواط. ووصلت مصر إلى مرحلة إعداد وثائق مناقصة لإقامة أول محطة نووية على ساحل المتوسط قرب الإسكندرية.

لكن الكارثة الطبيعية التي حلت باليابان في آذار (مارس) الماضي وأدت إلى كارثة نووية كبيرة دفعت العديد من دول العالم إلى مراجعة برامجها للتوسع في إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء. كما دفعت الإمارات إلى الطلب من الشركة الكورية المتعاقدة دراسة معمقة لنظم الأمان النووي في المفاعلات المعتزم إقامتها. كذلك قامت مصر بمراجعة وثائق المناقصة لتضمن أقصى درجات الأمان في المحطة النووية العتيدة.

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية تصبح ذات جدوى اقتصادية عندما يتجاوز متوسط سعر برميل النفط 75 دولاراً، مع الإشارة إلى أن هذه الجدوى تقوم على افتراض أن الكلفة الرئيسية للمحطات النووية هي في إنشائها، لأن كلفة الوقود وتشغيل المحطة لا تتجاوز نسبة 10 في المئة من كلفة تمويل الاستثمار لإقامة هذه المحطات. وبالطبع فإن هذه الدراسات تهمل كلفة التعامل اللاحق مع الوقود النووي المستهلك، كما تهمل كلفة الأحداث الطارئة التي قد تقع في هذه المحطات.

البرامج النووية في الأقطار العربية

بدأت مصر باكراً، في أواسط خمسينات القرن الماضي، بوضع برنامج وطني للطاقة النووية. ولحقتها حينذاك دول عربية أخرى، منها العراق ثم الجزائر وبعدهما ليبيا وسورية. ولا توجد حالياً أية محطات نووية عاملة لتوليد الكهرباء في المنطقة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت إعلان العديد من الدول العربية عن خطط لإقامة مثل هذه المحطات. ونستعرض هنا بإيجاز الوضع في بعض الدول العربية التي أعلنت عن برامج نووية، علماً أن العديد من الدول العربية لا تملك أية تجهيزات نووية ولا برامج وطنية لإقامة مثل هذه التجهيزات.

الأردن

أعلن الأردن في تموز (يوليو) 2010 عن خطة لإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء تكون عاملة سنة 2020، بقدرة 1000 ميغاواط، قادرة على توفير نحو 20 في المئة من الطلب على الطاقة الكهربائية، على أن تُلحق بمحطة نووية أخرى، لتغطي الطاقة النووية 30 في المئة من احتياجات الكهرباء بحلول سنة 2030.

وكان الأردن قد بدأ عام 2009 ، بالتعاون مع شركة من كوريا الجنوبية، مشروع إقامة مفاعل نووي للأبحاث، بقدرة 10 ميغاواط، في جامعة الأردن للعلم والتكنولوجيا. كما أنشئ في هذه الجامعة برنامج بكالوريوس في الهندسة النووية بدأ عام 2007.

من جهة أخرى، وقع الأردن مع الصين عام 2008 عقداً لاستغلال خامات اليورانيوم المتوافرة في أراضيه والتي تقدر بنحو 200 ألف طن. وفي العام 2009 أعيد تنظيم الهيئات المعنية بالطاقة الذرية، فشكلت مفوضية الطاقة الذرية بقانون، وتلتها هيئة مستقلة للرقابة النووية.

الإمارات العربية المتحدة

في نيسان (أبريل) 2008، أعلنت الإمارات برنامجها الوطني للطاقة النووية، مؤكدة معايير الأمان النووي الدولية والاستخدامات السلمية لهذا البرنامج. وكلفت مجموعات كبيرة من الخبرات العالمية لإعداد ما يلزم لتنفيذه. وفي 2008 أيضاً أعلنت عن تـشـكـيل شـركـة الإمـارات للطاقة النووية (ENEC) كهيئة مستقلة مسؤولة عن توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، ولتشرف على جميع الأنشطة النووية والإشعاعية في الدولة، بما في ذلك تطبيق كل المعايير الدولية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 أعلنت الإمارات عن تشكيل الهيئة الوطنية الرقابية الناظمة لقضايا الطاقة النووية. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2009 وقعت ENEC مع مجموعة من الشركات العالمية، على رأسها شركة كوريا لتوليد الكهرباء (KEPCO)، عقداً لبناء وتشغيل أربعة مفاعلات نووية، قدرة كل منها 1500 ميغاواط. وتجاوزت قيمة العقد 20 بليون دولار، على أن يبدأ بناء المفاعل الأول سنة 2012، وأن تكتمل جميع المفاعلات وتربط بالشبكة الكهربائية بحلول سنة 2020. ويتضمن العقد مسؤولية الشركة المتعاقدة عن تفكيك هذه المفاعلات عند انتهاء عمرها المحدد (50 سنة)، وتداول الوقود المنضب المشع، على أن تكون كلفة ذلك (نحو 20 بليون دولار أيضاً) خارج العقد الحالي.

وفي نيسان (أبريل) 2010 أعلنت الإمارات اختيار منطقة براكة في الغرب موقعاً لإقامة المفاعل الأول. وبدأت الشركات المتعاقدة إعداد الدراسات والبنى التحتية المطلوبة، وكذلك إعداد البرامج التعـليمـية والتدريـبـية لمـواطني الإمارات الذين سيشاركون في هذا البرنامج. وأنشأت جامعة الإمارات برنامج بكالوريوس في الهندسة النووية، وهي تنظر في تخفيض مدة الدراسة في هذا البرنامج لتسريع تأهيل المواطنين للمشاركة في إدارة وتشغيل المحطات النووية، علماً أنه عند اكتمال بناء المحطات الأربع ستكون هنالك حاجة إلى أكثر من 2000 خبير من الإمارات بين مهندس وفني وإداري، لإدارة هذه المحطات وتشغيلها.

وبعد كارثة اليابان تقدمت سلطة الإمارات الناظمة للطاقة النووية بأسئلة محددة إلى المجموعة المتعاقدة حول الدروس التي يمكن تطبيقها على نظم أمان المحطات النووية.

سورية

أعلنت سورية في آذار (مارس) 2010 أنها تدرس الاستفادة من مختلف أنواع الطاقة البديلة. وذكرت أن التطبيقات السلمية للطاقة النووية يجب أن تكون متوافرة للجميع، لا حكراً على القلة التي تمتلك التكنولوجيا النووية.

وكانت سورية بدأت بناء مفاعل للأبحاث بتصميم كوري شمالي وبمشاركة فنيين كوريين. كما أنجزت مشروع مفاعل للأبحاث عام 1991 بتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو مفاعل مصغر لإنتاج النيوترون (MNRS). وتم تدريب خبراء فنيين على تشغيل المفاعل في بولندا وفي الاتحاد السوفياتي السابق. وأقامت عام 1998 مفاعلاً للبحث صيني التصميم، بمساعدة الوكالة الدولية أيضاً، في دير الحجر لإنتاج النظائر المشعة وللتدريب.

الجزائر

أعلنت الجزائر في مطلع 2011 عن نيتها بناء محطات عدة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، بحيث يبدأ بناء أول محطة سنة 2020، يليها بناء محطة كل خمس سنوات.

وتملك الجزائر حالياً مفاعلين للأبحاث، كما تملك في أراضيها ما تصل كميته إلى 56 ألف طن من خامات اليورانيـوم التي يمكن الاستفادة منها.

مصر

تعد مصر أول دولة عربية اهتمت بوضع برنامج وطني للطاقة النووية، وأنشأت عام 1955 لجنة الطاقة الذرية التي تحولت إلى هيئة الطاقة الذرية عام 1957. وتملك هذه الهيئة اليوم مراكز عدة للأبحاث النووية، بما في ذلك مركز البحوث النووية في أنشاص وفيه مفاعلان للأبحاث أحدهما بقدرة 2 ميغاواط والآخر بقدرة 22 ميغاواط، والمركز القومي لبحوث وتكنولوجيا الإشعاع، والمركز القومي للأمان النووي والوقاية الشعاعية.

وكانت مصر تنوي تشييد محطة نووية لتوليد الكهرباء في ثمانينات القرن الماضي، إلا أن المشروع تأخر لأسباب فنية واقتصادية. وفي أواخر 2010 أعادت إحياء هذا البرنامج، وكلفت شركة استشارية عالمية لإدارة المشروع بحيث يعاد تحديث كل الدراسات، بما في ذلك دراسة اختيار المواقع المقترحة، وإعداد الوثائق الضرورية لاستدراج عروض بناء المحطة النووية الأولى، وكذلك إعداد ما يلزم من بنى تحتية تشريعية وتقنية وصناعية. وكان المتوقع أن تنشر الدعوة لاستدراج العروض مبكراً سنة 2011، إلا أن ذلك تأخر بسبب الأحداث السياسية التي طرأت.

وبعد كارثة اليابان، تقوم مصر بدراسة إجراءات إضافية تزاد على وثائق المناقصة، لضمان أمن كل المحطات النووية المزمع إقامتها. ومن المتوقع أن تكتمل المحطة الأولى بحلول سنة 2019، على أن يبلغ مجمل طاقة المحطات المعتزم إقامتها (وعددها ما بين 4 و6 محطات) 4000 ميغاواط.

بقية الدول العربية

لم تنفذ أية دولة عربية أخرى خطوات ملموسة لإقامة محطات توليد كهرباء بالطاقة النووية، وإن كان بعضها مؤخراً أعلن نيته إقامة مثل هذه المحطات. فقد أعلنت البحرين عام 2010 نيتها البدء بإقامة أول محطة نووية سنة 2017. وأنشأت الكويت عام 2010 اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، على أن تسعى لبناء أربع محطات نووية بقدرة 1000 ميغاواط لكل منها، بحيث تبدأ الدراسات لهذه المحطات سنة 2013، وتبدأ المحطة الأولى بالعمل في حدود 2020.

وفي تموز (يوليو) 2010 أعلن المغرب خطة وطنية للطاقة تتضمن إقامة محطات نووية عدة بدءاً من سنة 2022، على أن يتم قبل ذلك إنشاء الهيئات الرقابية والتشريعية اللازمة لمثل هذا البرنامج.

وفي العام 2010 افتتحت المملكة العربية السعودية مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة، لتشرف على جميع الأنشطة في مجال الطاقة النووية. لكنها لم تعلن أي خطوات محددة في هذا الإطار، باستثناء إمكان سعيها إلى الاستفادة من خامات اليورانيوم المتوافرة في أراضيها.

يتبين من هذا العرض أن البلدان العربية ما زالت بعيدة جداً عن امتلاك قدرات نووية حقيقية، وبشكل خاص إعداد الكوادر البشرية العربية المتخصصة القادرة على القيام بالمهمات المطلوبة لبرامج وطنية للطاقة النووية. فالبرامج الوطنية الناجـحـة تتـطلب خبرات متنوعة ومطلعة، كما تتطلب إقامة الهيئات الوطنية الناظمة والتشريعية لتوفير البنى التحتية الضرورية. وأي تقييم موضوعي يشير إلى أن مصر ما زالت الوحيدة التي تمتلك ما يلزم لإعداد الكوادر البشرية المتخصصة، في حين أن الدول الأخرى ما زالت متأخرة جداً في إعداد هذه الكوادر.
المصدر: http://www.env-news.com/?p=2676 المصدر: جريدة الحياة اخبار البيئة

* Currently 15/5 Stars.
* 1 2 3 4 5

5 تصويتات / 50 قراءة
Square_1238125057
نشرت فى 17 مايو 2011
بواسطة HaresAmmar
د/حارص عمار ـ دكتوراة في المناهج وتكنولوجيا التعليم
الطاقة الذرية

حلم تعمير مصر

حلم تعمير مصر

مصرأهم بلد فى العالم !!! قالها نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر بعد هزيمته فى سنة 1815 .. ولم يكن الرجل يبالغ أو ينافق حينما وصف مصر بذلك , فمصر تاريخيا من أقدم الحضارات الانسانية ..وجغرافيا تحتل مكانة استراتيجية مميزة على خريطة الكرة الأرضية. والمصرى دائما وأبدا فخورا بمصريته وعروبته واسلامه. ومكانة مصر الفريدة والمتميزة هى التى جعلتنا نتساءل : أين مصر من الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا واليابان والصين وكندا ... ودول الاتحاد الأوروبى فى عصرنا الحديث ؟

تبلغ مساحة مصر حوالي مليون كيلو مترمربع وتعادل مساحتها تقريبا كل من مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين . ومصر تقع في أقصي الشمال الشرقي لقارة أفريقيا، و تطل على كل من الساحل الجنوبي الشرقي للبحر المتوسط و الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر.ومصر هى دولة أفريقية غير أن جزءا من أراضيها، وهي شبه جزيرة سيناء، يقع في قارة آسيا.

بلغ عدد سكان مصر حسب تقدير سنة 2007 حوالى 79 مليون نسمة وحسب تقرير البنك الدولى من المتوقع أن يصل تعداد السكان الى 160 مليون نسمة سنة 2050 ومصرهي ثاني أكثرالدول سكانا في أفريقيا بعد نيجيريا يتركز أغلب السكان في وادي النيل، بالذات في المدينتين الكبرتين، القاهرة التي بها تقريبا ربع السكان والإسكندرية، كما يعيش أغلب السكان الباقين في الدلتا وعلى ساحلي البحر المتوسط والأحمر ومدن قناة السويس.. ويبلغ متوسط الكثافة السكانية فى مصر 630 نسمة فى كل كيلو مترمربع فى منطقة وادى النيل أما فى دلتا النيل فهى 900 نسمة فى كل كيلو متر مربع وهى من أعلى معدلات الكثافة السكانية فى العالم!! أو بمعنى آخر يعيش المصريون على 4% من مساحة مصر .

تشترك مصر بحدود من الغرب مع ليبيا و من الجنوب مع السودان ومن الشمال الشرقي مع فلسطين، و يفصلها البحرالأحمرعن كل من الأردن و السعودية، و تمرعبرأرضها قناة السويس التي تفصل الجزء الآسيوي منها عن الجزء الافريقي . ومصر أكبر الدول العربية سكاناً، وذات الترتيب الخامس عشر عالمياً من حيث عدد السكان الذين يعيش أغلبهم على ضفتي النيل و إلى جانب المنطقة الساحلية. تشكل الصحراء غالبية مساحتها و هي غير معمورة. معظم السكان في مصر حاليا من الحضر.

ويمكن تقسيم مصر جغرافيا الى أربعة أقسام :

وادى النيل والدلتا : ومساحته حوالى (33 ألف كم2 ) تقريبا
الصحراء الغربية : تشغل حوالى (680 ألف كم2 ) تقريبا
الصحراء الشرقية : ومساحتها حوالى (225 ألف كم2) تقريبا
شبه جزيرة سيناء : مساحتها حوالى (61 ألف كم2) تقريبا

وعندما يراودنا حلم تعمير مصر بطريقة حديثة تتماشى مع أحدث صيحات التعميرعلى مستوى العالم لابد أن نحدد المشاكل التى تواجه مصر والتى هى عقبة كؤد فى وجه التقدم والتعمير,وأن نتصور حلولا عملية واقعية يمكن تحقيقها .. هناك لن ينقصنا الا العزيمة والايمان بالله ..

ولكى نضع الصورة كاملة بين يديك عزيزى القارىء لابد أن نناقش النقاط التالية والتى هى سوف تقودنا الى أن عملية التعميرسهلة عما قد نتصور وأن الأمل فى تعمير مصرمازال قائما وهناك أمل كبير فى غد أفضل لأولادنا وأحفادنا من بعدنا.. وهنا لابد أن نتناول :

أولا : تجربة أوروبا فى التعمير بعد الحرب العالمية الثانية من خلال القاء الضوء على مشروع مارشال.

ثانيا : البدء فى ازالة الألغام فى الصحراء الغربية وهى من مخلفات الحرب العالمية الثانية.. وبداية تعمير الساحل الشمالى ومد خطوط سكك حديدية حديثة وسريعة ومريحة من الأسكندرية الى طرابلس بليبيا وأم درمان بالسودان ..وبناء موانى ومطارات عالمية تليق بمصر وتربط أطرافها بالعالم الخارجى . هذه المشاريع مكلفة وقد لاتكون مجدية اقتصاديا فى البداية الا أنها على المدى الطويل هامة جدا وتحقق الفائدة الاقتصادية المنشودة.

ثالثا : تعميرسيناء والاهتمام ببدو سيناء فهم مصريون مهملون ومشكوك فى هويتهم من قبل الحكومات المتعاقبة وسيناء هى مصدر مهم فى أمن مصر القومى.

رابعا : مشكلة التصحر .. وكيف أن السعودية بدون نهر كنهر النيل عالجت مشكلة التصحر.

خامسا : الاهتمام بالسياحة والاستثمارات العربية كمصدر أساسى للدخل القومى.

سادسا : الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كمصدر رئيسى للطاقة وتحلية مياه البحر وتصدير الطاقة الزائدة للخارج.

سابعا : ترشيد الانفاق العام ومراجعة أسعاربيع القطاع العام مثل أوكرانيا.

ثامنا : الأعتماد على نجوم الهندسة المعمارية العالميين فى تصميم مدن جديدة واسعة ورحبة لاستقبال الملايين من الناس النازحين من ضيق الدلتا لبدء حياة نموذجية فى مصر القرن الواحد والعشرين وبناء جامعات حديثة حتى يعود مستوى التعليم فى مصرالى عهده السابق.
المصدر: غريب المنسي http://www.ouregypt.us/culture/culture2.html

* Currently 15/5 Stars.
* 1 2 3 4 5

5 تصويتات / 36 قراءة
Square_1238125057
نشرت فى 17 مايو 2011
بواسطة HaresAmmar
د/حارص عمار ـ دكتوراة في المناهج وتكنولوجيا التعليم

التلوث يهدد الثروة السمكية في مصر

التلوث يهدد الثروة السمكية في مصر



في وقت يشهد فيه العالم أزمة في الغذاء، وينتشر فيه مرض أنفلونزا الطيور، ووسط مخاوف من تسرب لحوم الخنازير إلى الأسواق وبيعها على أنها لحوم ماشية، تتجه الأنظار إلى الأسماك كبديل للدواجن واللحوم...
الثروة السمكية
يقدر عدد العاملين بقطاع صيد الأسماك حوالي 165 ألف عامل، ويرتفع هذا العدد لحوالي 200 ألف عامل بجميع القطاعات الاقتصادية للصيد والتوزيع والتصنيع.
وحسب مصادر الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية يُقدر نصيب الثروة السمكية بنحو 4% من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي، وحوالي 15% من قيمة الإنتاج الحيواني، كما أن الإنتاج السمكي حالياً يدر عائداً يُقدر بنحو 6 مليارات جنيه. (الدولار يعادل 557.75 جنيها مصريا)
وتتعدد مصادر الإنتاج المحلي للأسماك فمنها:
- الأسماك البحرية: مثل القاروص والدنيس والوقار والسردين والمرجان والمكرونة وسمك موسى علاوة على الجمبري والكابوريا والسبيط.
- أسماك المياه العذبة: ومنها البلطي والبياض والقرموط وقشر البياض.
- أسماك المزارع: ومنها البلطي والمبروك والبوري والقرموط.
وبمُقارنة متوسط استهلاك الفرد السنوى للأسماك في مصر بمثيله في دول العالم الأخرى نجد أنه منخفض جداً، فيصل من 2.5 إلى 6 كيلو جرام بينما نجده 35.9 كيلو جرام و26.1 كيلو جرام سنويا في اليابان وإسبانيا على الترتيب.
ومعدل استهلاك الفرد من الأسماك سنوياً في مصر يُعتبر مُتدني أيضاً مُقارنة بنصيب الفرد المُحدد بواسطة هيئة الصحة العالمية، والذي يُقدر بأكثر من 11 كيلو جرام سنويا، ويرجع سبب قلة نصيب الفرد من الأسماك في مصر إلى قلة الإنتاج السمكي، حيث يمثل الإنتاج المصري من الأسماك 2.5% من الإنتاج الإفريقي الذي يمثل 6.3% من الإنتاج العالمي.
أنواع مختلفة من الأسماكتعد إنتاجية الثروة السمكية مُنخفضة التكاليف بالمُقارنة إلى تكلفة الإنتاج الحيواني في فروعه الأخرى كاللحوم الحمراء والدواجن، وعلى مدى 20 عاماً تم التوسع في الاستزراع السمكي الذي أصبح ضرورة لسد الفجوة الغذائية ومواكبة الزيادة المستمرة في عدد السُكان، كما تم التوسع في مشروعات الاستزراع السمكي بنظمه المختلفة "انتشاري- شبه مكثف - مكثف"، وتبلغ مساحة مزارع الأحواض الحكومية بحوالي 105 ألف فدان، تقدر إنتاجية الفدان بحوالي 1.2-3.5 طن من الأسماك، أي حوالي من 10 : 15 ضعف إنتاجية الفدان من المصادر الطبيعية "مصايد بحرية ومصايد البحيرات المالحة والعذبة" بالإضافة إلى مزارع القطاع الخاص، والتي تقدر بنحو 28 ألف فدان علاوة على 440 ألف فدان من الأراضي المزروعة بالأرز التي يتم استخدامها في تربية أسماك المبروك.
المصايد والبحيرات
الصيد فى بحيرة المنزلةتشغل المصايد السمكية في مصر مساحات شاسعة تزيد على 13 مليون فدان، وبما يُعادل نحو 150% من الأرض الزراعية بها، وتتنوع هذه المصادر بحسب طبيعتها، فمنها البحار كالبحرين الأحمر والمتوسط، ومنها البُحيرات وتشتمل على بحيرات المنزلة والبرلس والبردويل وإدكو وقارون ومريوط والبحيرات المرة، وملاحة بور فؤاد، ومنها أيضاً مصادر المياه العذبة وتشتمل على نهر النيل بفرعيه والترع والمصارف، بالإضافة إلى البحيرات الصناعية مثل بحيرة ناصر والريان وكذلك المزارع السمكية.
تبلغ المساحة الصالحة للصيد في البحر الأحمر نحو 4.4 مليون فدان، وتبلغ المساحة الصالحة للصيد في البحر المتوسط نحو 6.8 مليون فدان، وتحتل المصايد البحرية المرتبة الثانية من مصادر الإنتاج السمكي في مصر، إلا أن الإنتاج السمكي فيها مازال مُتدنياً بالمُقارنة بمساحتها.
وتعود أسباب انخفاض إنتاجية الأسماك في المصايد البحرية إلى عدة أسباب هي:
- ضعف الخصوبة في البحر المتوسط، واستقباله للعديد من الملوثات من الدول المُطلة عليه.
- ارتفاع معدلات التلوث بالمبيدات والكيماويات التي تصب في بحيرة قارون.
- ارتفاع معدل البخر لاتساع رقعتها بحيرة قارون، مما أدى إلى ازدياد نسب الملوحة فيها فاقتربت بيئتها من البيئة البحرية.
- البناء المستمر بالبحيرات الطبيعية وعمليات الصيد الجائرة في هذه البحيرات من قبل هواة الصيد.
- الاستغلال السيئ للاستثمارات السياحية في البحر الأحمر وإقامة قرى سياحية، بدلاً من استخدامها كمزارع تربية طبيعية لإنتاج الأسماك.
- استمرار عمليات الصرف الصناعي والزراعي في مياه البحيرات الطبيعية.
- ‏ وأيضاً استخدام الصيادين "الحطاطات" في نفس البحيرة، وهي من أدوات الصيد التي تتسبب في قتل الآلاف من أسماك الجمبري التي تتجمع في أماكن مُعينة بالبحيرة.
الاستزراع السمكي
نظراً للتزايد السُكاني المستمر اتجهت مصر نحو مجال الاستزراع السمكي لسد الفجوة الغذائية، وذلك من خلال التوسع في إنتاج سُلالات جديدة من الأسماك سريعة النمو وعالية الجودة لضمان توفير احتياجات السوق المحلية‏، وبالتالي تخفيض معدل الاستيراد.‏
ويُقصد بالاستزراع السمكي تربية الأسماك بأنواعها المختلفة سواء أسماك المياه المالحة أو العذبة، والتي تستخدم كغذاء للإنسان تحت ظروف مُعينة وتحت سيطرة الإنسان، وفي مساحات مُعينة سواء أحواض تربية أو أقفاص، بقصد تطوير الإنتاج وتثبيت ملكية المزارع للمنتجات.
وعلى الرغم من نجاح مصر في الاستزراع السمكي في المياه العذبة، إلا أنها مازالت تستورد نحو‏ 193‏ ألف طن من الأسماك، وتصدر نحو‏700‏ طن، وتعتبر أسماك القاروص والدنيس - وهي من الأسماك البحرية - تعد أكثر الأسماك في مصر قابلية للتصدير، إذ تمثل 90% من صادرات مصر من الأسماك وتنجح تماما في المزارع السمكية العادية.
وهناك أنواع من الأسماك لا تنتج في مصر مثل الرنجة والماكريل والسلامون، لذلك لابد من استيراد هذه الأنواع لسد احتياجات المجتمع لها، بالإضافة إلى انخفاض أسعار هذه النوعية المستوردة من الأسماك، فهي أقل سعراً من الأسماك التي تنتج محلياً، وبالتالي ستكون مُتاحة لجميع فئات المجتمع خاصة محدودي الدخل وهذا أيضا يُحقق نوعاً من التوازن في سوق الأسماك المصرية.
وكان إنتاج مصر من المزارع السمكية قد ارتفع من ‏1000‏ طن عام ‏1970‏ إلى ‏400‏ ألف طن حتى نهاية عام ‏2003، ويُشكل إنتاج المزارع 50% من حجم الإنتاج الكلي للأسماك في مصر‏، وأصبح الاستيراد مقتصراً على بعض النوعيات الفاخرة من الإنتاج البحري كالفيليه والجمبري الجامبو..
الاستزراع البحري
يُشير رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية إلى العديد من الخطط، من بينها مشروع الاستزراع البحري والذى يتم لأول مرة بإنشاء مزارع سمكية داخل البحر الأبيض المتوسط باستخدام الأقفاص السمكية، بالإضافة إلى أحواض أرضية تستزرع بها الأسماك البحرية، مثل الدنيس والقاروص وموسى وأسماك الثعابين، وكذلك فى منطقة المُثلث بمحافظة دمياط، حيث تم تربية أسماك "اللوت" في المياه المخلوطة وكان الإنتاج يتراوح بين ‏8‏ - ‏10‏ أطنان للفدان خلال 16شهراً‏.‏
تحديات الاستزراع
يُعتبر المعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية أن مشكلة التلوث من القضايا الرئيسية التي تواجه تنمية استزراع الأسماك في مصر، فهي تؤثر على الإنتاج السمكي كماً ونوعاً، حيث تشير الأبحاث إلى تأثير مياه الصرف الزراعي نتيجة إلقاء 5.3 مليون طن من الأسمدة و20 ألف طن من المبيدات، إضافة إلى المُخلفات الصناعية وخلافه، وما يحدث من تسريب للمواد البترولية والتي تؤدي إلى نفوق أطنان من الأسماك.
وتعد مسألة نقص الأعلاف بسبب ارتفاع أسعارها، من العوامل المؤثرة في عملية استزراع الأسماك، بسبب الاضطرار إلى استخدام أعلاف تقليدية من علف الماشية أو خلطات اجتهادية من قبل المزارع مما يؤدي إلى إنخفاض جودة الأسماك.
إحدى صور تهديد التماسيح للأسماك
وعلى جانب آخر يوجد بالسواحل الشمالية أسماك متوحشة تسمى "أرانب البحر" تهدد الثروة السمكية في مصر، لقيامها بالتهام كميات كبيرة من الأسماك التي تعيش وتتكاثر فى هذه المناطق مما يضر بالثروة السمكية، وكذلك التماسيح الموجودة في بحيرة ناصر والتي تستهلك أكثر من 135 طناً من الأسماك يومياً، بل تهدد حياة الصيادين.
تنمية الثروة السمكية
شهدت عملية استزراع الأسماك في مصر العديد من طرق النهوض بالثروة السمكية، وذلك إلى جانب التكنولوجيا المتطورة المُستخدمة في عمليات الصيد والزيادة الكبيرة في عدد قوارب الصيد، فقد تم إنشاء المعمل المركزي لبحوث الثروة السمكية، بهدف إجراء البحوث التطبيقية والإرشاد والتدريب على أساس زيادة الإنتاج السمكي، ودراسة الاحتياجات الغذائية للأنواع المختلفة من الأسماك الاقتصادية في المزارع السمكية.
ولمعمل بحوث الثروة السمكية هدف آخر وهو إنتاج علائق مُتخصصة للأسماك باستخدام مكونات محلية غير تقليدية رخيصة الثمن، وتحديد كمية ونوعية الأغذية الإضافية المُكملة للغذاء الطبيعي بالأحواض بهدف تحسين معدل التحول الغذائي للأسماك، والاستفادة من المخلفات النباتية والحيوانية كغذاء وكتسميد للمزارع السمكية، وانتاج سلالات مهجنة لأسماك ذات معدلات نمو أعلى وأكثر مقاومة للأمراض وتتلائم مع الظروف البيئية المصرية ونظم الاستزراع السمكي.
وفي عام 1978 تم توقيع اتفاقية بين الوكالة الأمريكية ووزارة الزراعة لإنشاء مشروع تنمية المزارع السمكية في مصر، وبدأت أولى الاستزراع التجريبي أوائل عام 1986، وتم الانضمام إلى مركز البحوث الزراعية في نهاية 1991.
في عام 1995 بلغ الانتاج الإجمالي 407 ألف طن، يمثل الناتج من المزارع السمكية 18% حيث بلغت الكمية 72 ألف طن، وتم استيراد 141 ألف طن لسد الفجوة، وتوالت الزيادة في المُستخرج من المزارع السمكية خلال الأعوام التالية لتصل في 2001 النسبة إلى 44% من جملة الإنتاج، حيث بلغ الانتاج الإجمالي 772 ألف طن، كان إجمالي ما أنتجته المزارع السمكية 343 ألف طن وتم سد الفجوة والبالغة 261 ألف طن من خلال الاستيراد.
شهد عام 2000 طفرة في إنتاج المزارع السمكية والذي يُعتبر أفضل الأعوام، حيث كان الإجمالي 724 ألف طن نصيب المزارع السمكية 340 ألف طن بنسبة زيادة تقدر بـ47%.
ومن بين وسائل تنمية الثروة السمكية تنفيذ "مشروع الحدود الجغرافية للبحيرات المصرية والمسطحات المائية"، والتي تقع تحت إشراف الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وذلك باستخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد، والذي جاء في إطار اتفاقية التعاون الموقعة بين الهيئة القومية للاستشعار عن بُعد وعلوم الفضاء والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، والتي تنص على التعاون بين الجانبين لتحديد مجالات وآليات تنمية وإدارة ومراقبة الموارد السمكية في مصر، بالإضافة إلى تنفيذ عدد من المشروعات البحثية التي تهدف إلى تنمية الثروة السمكية في مصر، ووقف التعديات على المسطحات المائية، بالإضافة إلى مشروع وضع خريطة للمصايد السمكية يهدف إلى عمل مسح لشواطئ البحرين المتوسط والأحمر لرسم خريطة للمصايد السمكية لاستكشاف مناطق صيد جديدة على أعماق مختلفة، وتقدير المخزون السمكي الحالي، ورفع إمكانيات الصيد المُتاحة لزيادة عرض الأسماك في الأسواق.
المصدر: مدونة الثروة السمكية في مص

قراءة في ثورات المجتمع المصري

قراءة في ثورات المجتمع المصري
سعيد عكاشة
باحث متخصص فى الشئون المصرية



إذا ما نظرنا إلي قضية علاقة الشعوب بالسلطات الحاكمة والظواهر التي تنتجها هذه العلاقة فإن كافة المعطيات المستخدمة لوصف هذه العلاقة أو الظواهر المرتبطة بها لاتبدو محايدة خاصة عندما يتم دراسة ظاهرة الصراع بين الجانبين، فهناك علي سبيل المثال تعبيرات عديدة تصف هذه الحالات مثل ''الثورة''، ''الهوجة''، ''العصيان''، ''التمرد''، الانتفاضة.، فالتعبير ''الأول'' ــ الثورة ــ هو من حظي باهتمام أكبر من قبل المنظرين في العلوم الاجتماعية، وبالأخص في الدراسات التاريخية والسياسية. وهذه التعبيرات استخدمت بطبيعة الحال في وصف العديد من التحركات الجماهيرية الواسعة عبر التاريخ المصري الحديث، سواء من جانب من نشطوا أو شاركوا في هذه الأحداث أو من جانب الباحثين والمؤرخين أو من خلال الخطاب الرسمي للسلطة الحاكمة، وهو ما قد ينسحب في الوقت الحاضر ومستقبلاً علي ماحدث في الخامس والعشرين من يناير 2011.
لن نعود إلي التاريخ البعيد، رغم أن هناك أحداث كثيرة منذ العصر الفرعوني وصفت بأنها ثورات للشعب المصري، فسوف نركز فقط علي ماتم تلقينه للأجيال المصرية منذ عام 1952عن التاريخ المصري الحديث والذي يبدأ بحملة نابليون علي مصر عام 1798.
فقد تغير وصف هذه الأحداث بعد ثورة الضباط الأحرار في عام 1952عندما أخذ ينظر إلي التاريخ من منظور دور العسكريين المصريين فيه، ومن ثم فقد تم إسقاط تعبير هوجة عرابي الذي كان سائداً قبل 25 ليحل محله ثورة عرابي أو ثورة الجيش المصري في مطلع ثمانينات القرن التاسع عشر، واحتوي التناول علي مبالغة شديدة في وصف المضمون والوطني لهذه الثورة والبطولات التي حققها الجيش المصري في مواجهة الإنجليز والخديوي، في المقابل كانت هناك دراسات أخري ــ غير ذائعة ــ قد تناولت الحدث ذاته بمنظور نقدي، وأكدت علي الطابع الفئوي لحراك بدأ بمطالب محددة للجيش المصري وانتهي بانضمام جماهيري إليه أملاً في توسيع نطاق المطالب الاجتماعية للأغلبية من المصرين، كما أعادت هذه الدراسات تقييم الأداء السياسي والعسكري لقادة هذا الحدث، بل تناولت السيرة الذاتية لبعض رموزه البارزة مثل عرابي ومحمد عبده وعبدالله النديم ومحمود سامي البارودي وغيرهم، وشاب هذا العرض النقدي أحياناً نوع من التعريض بنوايا وكفاءة عرابي ورفاقه، ولكن مابقي في النهاية نتيجة حكم ''العسكر'' لمصر منذ عام 1952، أن مصطلح الثورة طغي علي مصطلح الهوجة لأسباب واضحة تتعلق برغبة العسكريين منذ عبدالناصر في إيجاد عمق تاريخي لدور المؤسسة العسكرية في صناعة التاريخ المصري، وساعد علي ذلك أن الذاكرة الوطنية المصرية ــ وربما الذاكرة القومية والوطنية لأي شعب ــ تتأثر ببعد المسافة الزمنية بين الحدث المؤرخ له وبين الاهتمام الجماهيري به.
واجمالا كانت هوجة أو ثورة عرابي ذات مردود سلبي علي مصر التي فقد إستقلالها النسبي عن الدولة العثمانية لصالح الاحتلال البريطاني المباشر، كما تعمقت الروح الانهزامية في أوساط النخب التي شاركت في هذا الحدث لتؤثر علي الحركة الوطنية إجمالاً لسنوات طويلة امتدت حتي منتصف العقد الثاني من القرن العشرين.
الحدث الثاني الأكبر في التاريخ المصري كان اندلاع ثورة 1919والتي وضعت لنفسها هدفاً هو إنهاء الاحتلال البريطاني، ووفقاً للرؤيةالتي سادت بعد عام 1952في ظل حكم العسكريين لم تكن هذه الثورة مكتملة الأركان وغلب عليها التناقض ما بين حراك جماهيري واسع وبين قيادة تمثلت في حزب ''الوفد'' استخدمت هذا الحراك لتحقيق أهداف أقل من تلك التي حددتها الكتلة الجماهيرية لنفسها، وهكذا انتهت هذه الثورة بمصر إلي وضع استقلال منقوص (تصريح 28فبراير 1922) وبمشاركة محدودة للطبقة المتوسطة ''الجنينية'' في التمتع بمكاسب هذه الثورة التي ذهبت إنجازاتها بشكل كامل للطبقة الاقطاعية ''أصحاب المصالح الحقيقية كما كانوا يسمون أنفسهم''.
لم يكن هناك ثمة خلاف كبير في كتب التاريخ المصرية الرسمية علي وصف أحداث مارس عام 1919علي أنها ثورة ولكن كان هناك نوع من تقليل المساحة التي تشغلها في صنع التاريخ الوطني للمصريين، بسبب عدم مشاركة العسكريين فيها من جانب، ومن جانب آخر ظل حكم الرئيس عبد الناصر ومن بعده السادات علي حذر من وضع تاريخ ''1919'' في صورته الكاملة خوفا من إحياء مشاعر التعاطف مع ''حزب الوفد'' والذي كانت جنازة زعيمه مصطفي النحاس عام 1965مؤشراً علي أن ذاكرة المصريين ووجدانهم ماتزال تحمل تقييماً إيجابياً لزعماء هذا الحزب، حيث شارك في هذه الجنازة عشرات الآلاف رغم الحكم البوليسي القاسي الذي كان سائدا آنذاك ورغم تسلط مناهج التعليم ووسائل الإعلام علي عقول الناس وإصرارها علي وصف كل ما كان قبل عام 1952 بالعهد البائد والحقبة المظلمة في التاريخ المصري.
الحراك الجماهيري الثالث في مصر أتي في أعقاب حركة الضباط الأحرار في 23يوليو عام 1952 وخلال فترة لم تزد علي عامين تم تداول قضية الحريات الحزبية والديمقراطية وعلاقة السلطة بالقوي الاجتماعية، وانتصر الجناح المؤيد لفكرة التركيز علي القضايا الاجتماعية وفرضت مقايضة غير معلنة بين الشعب المصري والنظام الجديد بقيادة جمال عبد الناصر بمقتضاها، اتجهت الحركة نحو توسيع الاصلاحات الاجتماعية وصولا للقضاء علي طبقة كبار ملاك الأرض ( أو ما كانوا يسمون في الماضي بأصحاب المصالح الحقيقية) مقابل تقزيم مساحة الحريات العامة عبر نظام سلطوي تضخمت فيه دور الأجهزة الأمنية. وعلي مدار سنوات طويلة خاصة بعد رحيل جمال عبد الناصر دارت نقاشات كثيرة بين أفراد النخبة المثقفة حول التوصيف الدقيق لما حدث في 23يوليو والتي بدأت كإنقلاب عسكري صرف ثم تحولت بعد التأييد الجماهيري الواسع لها لوصف نفسها بالثورة المكتملة الأركان والتي تخضع لمعايير النظرية الثورية وفقا للمقولة الماركسية التي تحدد الثورة، بأنها تحول في نوع القاعدة الاجتماعية التي يستند إليها الحكم، وهو ماكان قد حدث بالفعل بعد أن قضت حركة الجيش علي النظام الملكي وحولت البلاد إلي جمهورية وبعد أن أطاحت أيضا بطبقة كبار ملاك الأرض والبرجوازية الصناعية الناشئة لتتحالف مع العمال والفلاحين أو تعتبرهم قاعدتها الإجتماعية الجديدة، وجاء التنظيم السياسي الأوحد الذي ابتكرته عبر تطوراته (الاتحاد القومي، الاتحاد الاشتراكي) ليضع صيغة تحالف قوي الشعب العامل محل الديمقراطية بمعناها الأصيل. ولكن تجربة عبد الناصر سرعان ما تبددت بعد هزيمة يونيو عام 1967 ثم وفاته عام 1970 وتحول خليفته أنور السادات نحو إجراءات أولية في اتجاه تخفيض دور الدولة في الاقتصاد والبحث عن حل سلمي للصراع العربي، الإسرائيلي. كما يمكن الإشارة أيضا إلي الفترة القصيرة التي ظل الإعلام المصري يصف فيها صراع السلطة الذي دار بين السادات وخصومه من اتباع عبد الناصر في مايو 1971 والذي انتهي لصالح السادات، باسم ''ثورة التصحيح'' إشارة إلي أن ماحدث كان تصحيحا للإنحراف الذي عانته ثورة 1952 علي يد حواري عبد الناصر بعد وفاته، غير أن التعبير تلاشي هو الآخر بعد موت السادات ليصبح جزء من مشكلة الصراع علي السلطة ليس إلا، وفي كل الأحوال لم تكن أحداث يوليو 25 لتتطابق مع فكرة الثورة، كما نظر لها الماركسيون ــ باعتبارهم أصحاب أكثر مدارس علم الإجتماع بحثا في ظاهرة الانقلابات العنيفة في المجتمعات الانسانية، وحددت معني للثورة بأنه تغيير في الطبقة الحاكمة وعلاقات الانتاج، ولكنها للإنصاف أحدثت ''أي ثورة يوليو'' ما يشبة نتائج ثورة حقيقية وهو ما يفسر ما حظت به من تأييد جماهيري بشكل واسع حتي رحيل عبد الناصر علي الأقل.
الحراك الجماهيري الرابع في تاريخ المصريين الحديث كانت أحداث فترة امتدت علي مدة أربع سنوات 1968ــ 1972 شهدت فيها وصول المواجهة بين بعض طوائف الشعب ونظام الحكم إلي مستوي مرتفع تمثلت في مطالب رفعها الطلاب الجامعيين بإعادة محاكمة المتسببين في هزيمة يونيو عام 1967، وانتهت هذه المواجهات في دفعتها الأولي في خريف 1968 دون تحقيق نتائج ملموسة في إطار أهدافها، ثم جاءت المواجهة الثانية الكبري عام 1972. وتميزت برفع الطلاب لشعارات الديمقراطية والحريات العامة جنبا إلي جنب مع شعار تحرير الأرض المحتلة، وقد وصفت هذه الأحداث بمصطلح ''الانتفاضة الطلابية'' وكان وصفاً دقيقاً سواء علي مستوي نوعية المشاركين أو علي مستوي كونها لا تطرح تغييرا في النظام ذاته بل في توجهاته خاصة فيما يتعلق بقضية الديمقراطية، وانتهت هذه الانتفاضات بدورها دون أن تحقق نتائج واضحة، واتت حرب أكتوبر عام 1973. وما حققته من نتائج علي مستوي التحرير الجزئي للأرض المحتلة لتذهب الأمة المصرية في اتجاه مطالب إجتماعية رفعتها انتفاضة 18، 19يناير 1977 وبدورها لم تطرح هذه الانتفاضة شعارات المطالبة بتغيير النظام وتمركزت حول الاحتجاج علي الأوضاع الاقتصادية ــ الاجتماعية القائمة وشابتها شعارات أخري أكثر علواً في الصوت طالبت باستئناف القتال من أجل إسترداد بقية ''سيناء''، وبدلا من أن تحقق هذه الانتفاضة أهدافها اتجه نظام حكم الرئيس السادات بقوة صوب تحرير الاقتصاد وزيادة القبضة الأمنية (إدخال الشرطة إلي الجامعة في صورة حرس الجامعة) ونحو مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وصولا إلي إقامة السلام مع إسرائيل وإدارة مصر ظهرها إلي العرب والقوي المسماة بالثورية في المنطقة بالكامل، وهو ما يعني أن هذه الانتفاضة كانت مثل ثورة أو هوجة عرابي التي أتت بنتائج عكس التي كانت تطالب بها بل دعمت اتجاهاً كان السادات يسير فيه علي استحياء بالقطع مع روابط المرحلة الناصرية بكل تجلياتها، ثم مضي فيه بخطوات أوسع عقب هذه الانتفاضة مباشرة بالقيام بزيارة القدس في نوفمبر 1977.
من الاستعراض السابق لتاريخ أحداث وُصفت بالثورة أو الهوجة أو الانتفاضة نجد أن كل هذه التوصيفات اعتمدت علي التوجه الأيديولوجي للنظم التي كانت تحكم مصر في ذلك الوقت. يبدو أن شيئنا من هذا يجري الآن في وصف أحداث 25 يناير والتي نراها أنها تفتقر لمعني الثورة بالمفاهيم العلمية حيث اقتصرت علي الاطاحة بوجوه النظام القديم (مبارك وعائلته وبعض أقطاب الحزب الوطني الحاكم) ومن السابق لأوانه معرفة التطورات التي ستحدث وفقا لتصورات المجلس العسكري الحاكم حاليا فكل السيناريوهات مطروحة وفقا للائحة:
أولها: أن تمضي الاصلاحات الديمقراطية في مسارها التدريجي ولا يتم تحجيم القوي الاجتماعية التي ساندت النظام وتحكمت في مقاليد الأمور لسنوات طويلة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وبذلك يكون ما حدث في الخامس والعشرين من يناير مجرد إصلاح من داخل النظام، خاصة إذا ما عكست المجالس النيابية والتمثيلية (مجلس شعب ومجلس شوري، محليات) نسبا مختلة لتمثيل القوي السياسية والاجتماعية.
ثانيها: أن تحدث ردة علي ماتحقق من نتائج في 25 يناير نتيجة تزايد عناصر الفوضي في المجتمع المصري مما يدفع المجلس العسكري للبقاء لفترة أطول.
ثالثها: أن تنقض القوي الدينية (الاخوان، السلفية) وتتحكم في مصير البلاد عبر عملية ديمقراطية اجرائية لايوجد ضمان حقيقي لمنع الارتداد علي مكاسبها لاحقاً وبالوسائل الديمقراطية نفسها.
رابعها: أن تدخل البلاد في أزمة أنظمة حاكمة قصيرة الأجل نظرا لإرتفاع حدة التوتر الاجتماعي، وحدة التربص بين القوي السياسية القائمة.
والسيناريوهات الثلاث الأخيرة ستكون مثلها مثل السيناريو الأول لا تحقق للثورة معناها المتعارف عليه إلا من زاوية يمكن إعتبارها نقطة البدء لمسارات تصحح نفسها، أو يتم تصحيحها بصدامات عنيفة علي مدي زمني طويل، بشرط أن تعكس نقطة النهاية غير المحددة زمنيا التوافق حول أسس دولة حديثة تعلي من شأن المؤسسات الدستورية وحكم القانون وتحترم الحريات العامة وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لقد ظل الشعب المصري خارج معادلة السلطة طيلة تاريخه الطويل وقد برهنت أحداث 25 يناير علي أن الشعب المصري أو جزء معتبر منه قد نفض هذه المعادلة عن كاهله وتمكن لأول مرة في تاريخه من إسقاط حاكمه والمطالبة بحقوق المواطنة الكاملة.
وسواء اكتملت لهذه الثورة أركانها بتحول الثقافي إلي تعبير سياسي معاصر في مدي زمني قليل أم تأخرت هذه العملية، فإن الخامس والعشرين من يناير سيظل يؤرخ له بأنه أول محاولة ناجحة لإدخال الشعب المصري في معادلة الحكم التي ارتكزت لقرون طويلة إلي تجاهله، كما يقول سعد زهران في كتابه ''في أصول السياسة المصرية'' علي مثلث (الملك، الأعيان، الامبراطورية العالمية السائدة) ثم كانت هناك محاولة في الثلاثينيات لتربيع المثلث بإدخال الطبقة المتوسطة، أما الشعب المصري كجماعة بشرية ليس إلا، فلم يكن سوي كتلة إنفجارية يستخدمها أي من الأطراف الثلاثة أو الأربعة السابقة لتعديل موازين القوي داخل معادلة الحكم، وربما يعبر الشعار البسيط للجمهور الواسع الذي شارك بالملايين في ميدان التحرير أكثر من مرة في المظاهرات الاحتجاجية ''الآن عرفنا الطريق''، بمعني: اذا لم نؤخذ في الاعتبار منذ اليوم وحتي الأمد المنظور سنعود لميدان التحرير لنقول ''لا لمن'' يحاولون اخراجنا مرة ثانية من المعادلة. بهذا المعني ثارت مصر في الخامس والعشرين من يناير وعليها أن تمضي في طريق شاق وطويل لتثبيت وجود الشعب في معادلة الحكم.

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر