الجمعة، يونيو 17

الكل فاشل

ممدوح حمزة :ممر التنمية مشروع فاشل.. وأطالب بمناظرة علمية مع الباز

آخر تحديث: السبت 16 ابريل 2011 5:10 م بتوقيت القاهرة

تعليقات: 122 شارك بتعليقك
- القاهرة - أ ش أ

ممدوح حمزة وفاروق الباز
شارك
 انتقد المهندس الاستشاري والناشط السياسي الدكتور ممدوح حمزة مشروع "ممر التنمية" الذي يطرحه العالم الدكتور فاروق الباز.. وقال: إن هناك العديد من المآخذ العلمية والهندسية والفنية على المشروع، ولا أرى جدوى اقتصادية من مشروع ممر التنمية الفاشل.. وطالب الباز بالتوقف عن شرح وتسويق المشروع إعلاميًّا قبل دراسته واستقبال الملاحظات بشأنه من العلماء والمتخصصين.

وأكد حمزة -في تصريحات صحفية اليوم السبت- استحالة تنفيذ مشروع "ممر التنمية" لأن الهضبة الغربية لنهر النيل مرتفعة عن مستوى سطح النهر، وهي هضبة جيرية لا يمكن أن توجد بها مساحات زراعية تصل إلى مليون فدان، كما يستهدف المشروع، إضافة إلى شح المياه وصعوبة توصيل مياه النيل دون استخدام محطة رفع عملاقة مثل تلك التي تستخدم في مشروع "توشكى".

وأعرب الدكتور حمزة عن استعداده لإجراء مناظرة علمية مع الدكتور فاروق الباز حول جدوى مشروع "ممر التنمية"، من الجوانب كافة، ومدى استفادة خطط التنمية والتوزيع الجغرافي في مصر من هذا المشروع.


يقوم مشروع "ممر التنمية" على إنشاء طريق طولي يربط بين شمال مصر وجنوبها فوق الهضبة الغربية لنهر النيل بعيدًا عن ممر النهر بمسافة تتراوح بين 8-10 كيلومترات ليتفادى في طريقه منخفض القطارة، وينحرف شرقًا ثم غربًا لتفادي بحيرة قارون في الفيوم، ويتم ربط هذا الطريق بالوادي من خلال محاور عرضية تربطه بالمدن المصرية المختلفة في الوادي والدلتا.

يستهدف المشروع استيعاب 20 مليون مواطن مصري وزراعة نحو مليون فدان يتم ريُّها من خلال المياه الجوفية، أما الاستخدامات المنزلية والبلدية فيتم توفير المياه لها من النيل عبر أنبوب يقوم بسحب مياه النهر إلى محطات على طول الطريق.

وأوضح الدكتور ممدوح حمزة، أستاذ الهندسة المتفرغ بجامعة حلوان، أن نقل 20 مليون مواطن مصري من الوادي الضيق إلى الأراضي الجديدة حول الطريق هدف غير قابل للتحقيق، ولن يحل مشكلة الوادي، كما لم تستطع المدن الجديدة في 6 أكتوبر والشيخ زايد، وغيرها، اجتذاب أعداد كبيرة من المصريين للانتقال إليها، حلا لمشكلة التكدس السكاني في القاهرة الكبرى.

وأشار إلى أن المحاور التي ستربط بين طريق ممر التنمية والمدن في شمال مصر وجنوبها ستخلق مدنًا جديدة حولها تمثل عبئًا على الوادي، ولن تحل مشكلة التكدس السكاني في المدن القديمة، إضافة إلى مساحات الأراضي المنزرعة التي يتم نزعها من الفلاحين لإنشاء الطريق والمحاور، "ناهيك عن فروق المناسيب بالنسبة إلى المياه والتكلفة العالية للمشروع، والتي تصل إلى 24 مليار دولار، أو ما يوازي نحو 180 مليار جنيه مصري".

تجدر الإشارة إلى أن الدكتور فاروق الباز أكد أن دور الحكومة في تنفيذ مشروع "ممر التنمية" سيقتصر فقط على سن القوانين لحماية المشروع.. لافتًا إلى أن البنية الأساسية للمشروع تحتاج 450 ألف عامل يتولون حفر الترع أو تسوية الشوارع ورصفها.. مشيرًا إلى أن المشروع يجب أن تتبناه الدولة كسياسة، وألا يقتصر على حكومة بعينها أو وزير بعينه

ممر التنمية

تحيطه المخاوف والآمال
مشروع ممر التنمية بوابة مصر إلي نادي الدول الكبرى

محيط ـ جمال الملاح

في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية العصيبة التي تمر بها مصر حالياً، زفت حكومة شرف خبراً ساراً للمصريين، تمثل في الإعلان عن تبني الحكومة المصرية رسمياً مشروع "ممر التنمية والتعمير"، الذي اقترحه العالم المصري الدكتور فاروق الباز، ليكون مشروعا قوميا يشارك فيه الشعب لإحداث نقلة نوعية للتنمية في مصر مع دراسة ربطه بمشروع التنمية العمرانية الاجتماعية وبناء مليوني وحدة سكنية‏.‏
وهذه ليست المرة الأولى التي يتقدم بها العالم المصري الشهير بمشروع ممر التنمية، فقبل أكثر من 25 عاما تقدم الباز بهذا المشروع للحكومة المصرية للمرة الأولى، إلا أنه لم يجد استجابة، فظل خلال هذه الفترة يجري المزيد من الأبحاث لتطوير المشروع وقدمه مرة أخرى لحكومة رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف عام 2005 ولكن تم تجاهله أيضاً.

مضمون المشروع

يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء:
1- طريق رئيسي يعتبر المحور الأساسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية، ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كيلومتر تقريباً.
2- اثني عشر محورا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي حوالي 800 كيلومتر.
3- شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي.

4- أنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً حتى نهاية الممر على ساحل البحر المتوسط.
5- خط كهرباء يُؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.
وتبلغ تكلفة المشروع الاستثمارية 24 مليار دولار، وسيتم تمويله من خلال اكتتاب شعبي في مرحلته الأولي ثم اكتتاب للمستثمرين العرب ثم الأجانب، ومن المتوقع أن يتم تنفيذه علي مرحلتين في مدة عشر سنوات تقريبا.

الدكتور الباز علق على المشروع بالقول أن مصر الآن أمام أهم مشروع قومي لها للدخول في نادي الدول الكبرى، وسوف يفتح آفاقا جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول، وخلق الأمل لدى شباب مصر وذلك بتأمين مستقبل أفضل.

أصوات خائفة

رغم أن الإعلان عن المشروع القومي الجديد أوجد حالة من الفرحة والسعادة ممزوجة بالأمل في مستقبل جديد لمصر، إلا أن ذلك لم يمنع وجود أصوات تتخوف على مستقبل المشروع وتحذر من إمكانية أن يلقى نفس مصير مشروع توشكى الفاشل، والذي تبناه النظام السابق وكلف خزينة مصر أكثر من 14 مليار جنية دون تحقيق أي أهداف.

ويرى البعض أن عرض المشروع في هذا التوقيت في غير محله، فمصر تمر الآن بمرحلة انتقالية، وهو ما يعني أن الحكومة لا ينبغي لها أن تضع التزامات على البلاد في مشروعات طويلة الأجل مثل مشروع ممر التنمية الذي سيتكلف عشرات المليارات دون دراسات كافية وشاملة من جميع الجهات وأخذ الوقت اللازم، بينما تحتاج البلاد في تلك الفترة إلى مشاريع ذات عائد اقتصادي واجتماعي سريع وذات مستوى مخاطرة منخفض، وهو حتما ما لا يوفره هذا المشروع.

وتكمن أهم مخاوف الخبراء في اعتماد المشروع على المياه، في ظل أزمة طاحنة بين مصر ودول حوض النيل حول حصة مصر من المياه، ويتساءل البعض كيف يراد لمشروع التنمية نهضة نصف مليون قرية وحصتها من المياه محدودة وفي سبيلها للنقصان في ظل محاولات بعض دول حوض النيل إقامة سدود على مجرى النيل من شأنها تقليل حصة مصر من المياه لتصل إلى 40 مليار متر مكعب بدلا من 55 مليار، وفي ظل ندرة المياه الجوفية في الصحراء الغربية التي سيقام عليها مشروع ممر التنمية، كما أن السحب الكثيف من المياه الجوفية التي يتطلبها هذا المشروع سوف يجعل المشروع برمته مشكوكا في جدواه الاقتصادية وفى استمراره  سواء من حيث توافر المياه الجوفية أو تكلفة استخراجها، بحسب منتقدي المشروع.

وكان الدكتور الباز قد أكد ضرورة توفير مياه الشرب للمنطقة المراد تنفيذ المشروع فيها عبر ضخ أربعة مليارات متر مكعب من المياه في العام ونقل 20 مليون مصري إلي هناك مما جعل خبير الجيولوجيا المصري الدكتور مغاوري دياب خبير جيولوجيا المياه يؤكد ـ خلال ندوة «المياه الجوفية بمصر» أقيمت بساقية الصاوي ـ استحالة تنفيذ المشروع لأن احتياجات 20 مليون مصري ستصل إلي 20 مليار متر مكعب في العام، كما أن محور أسيوط غير صالح للزراعة كما أكد الباز، بحسب الدكتور مغاوري.

بينما رأي الدكتور سامر المفتي إن 80% من مشروعات ممرات التعمير علي مستوي العالم فشلت طبقًا لبيانات وتقارير البنك الدولي والذي أعلن عن عدم قيامه بتمويل مثل هذه المشروعات. وأضاف ـ رداً على إمكانية أن يمول المستثمرون المشروع ـ أن المستثمرين لن يجازفوا بتمويل مثل هذه المشروعات. وقال مغاوري إن المشروع الذي ورطت فيه الحكومة الدكتور الباز من أجل نقل الحياة خارج الوادي الضيق تجاهل الواقع تمامًا واعتمد علي دراسات غير صحيحة.

الدكتور فاروق الباز
المخاوف نفسها حذر منها العالم المصري المهندس الاستشاري الدكتور ممدوح حمزة، الذي رأي أن مشروع "ممر التنمية" يعد من أهم الأسباب التي دفعت بوروندي للتوقيع على مبادرة "وادي النيل"، وذلك لاعتماد المشروع على مياه النيل بشكل أساسي، مؤكداً استحالة تنفيذ أهداف المشروع، والممثلة في انتقال 20 مليون مواطن وزراعة مليون فدان، بسبب عدم وجود أراضٍ قابلة للزراعة أو مياه جوفية في الأماكن المحددة له.

وأضاف الدكتور حمزة أن تخطيط مشروع ممر التنمية يعيد نفس الخطأ الذي تم ارتكابه عند إنشاء عدد من المدن الجديدة، مثل 6 أكتوبر والشيخ زايد والتي تم إنشاؤها بالقرب من العاصمة، مما أدى إلى مزيد من الضغط عليها بدلا من التخفيف من الزيادة السكانية بها، حيث إن المشروع في حالة تنفيذه سيشكل ضغطا على وادي النيل بدلا من تخفيف الضغط عليه.

أمل ... رغم الانتقادات

الدكتور فاروق الباز رد على تلك الانتقادات والمخاوف بالتأكيد على أنه ليس هناك أي خطر من السدود الإثيوبية المقامة على نهر النيل على حصة مصر من المياه، مرجعًا ذلك لكون معظمها لتوليد الكهرباء، بل طالب بأن تقوم مصر ببناء تلك السدود في إثيوبيا بنفسها.

ورأي الباز أن مشروع ممر التنمية سيساهم في توطيد العلاقات المصرية الأفريقية، وعودة النفوذ المصري في وسط وجنوب القارة السمراء، وأشار خلال محاضرة بمكتبة الإسكندرية بعنوان: "ممر التعمير في الصحراء الغربية.. وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر"، إلى إمكانية التوسع في المشروع مستقبلاً، بحيث من الممكن أن يصل إلى السودان، ثم يستمر جنوبًا إلى أن يصل إلى كيب تاون بجنوب أفريقيا، بينما قال الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، إن ممر التنمية يحقق التواصل مع القارة الإفريقية باعتباره طريقاً يربط بين الإسكندرية ومدينة كيب تاون"بجنوب أفريقيا، حيث يمثل ممراً للتجارة الإفريقية كما سيجعل منها بوابة لأفريقيا على العالم.

وحول الانتقادات بأن مشروعات ممرات التعمير علي مستوي العالم مصيرها الفشل طبقًا لبيانات وتقارير البنك الدولي أورد الباز أمثلة على دول طبقت مبدأ الممرات لتحقيق التنمية ونجحت؛ منها الهند التي أصبحت اليوم متقدمة في الكثير من المجالات بعد أن كانت تعاني في الخمسينات من القرن الماضي من مجاعات يموت فيها الآلاف سنويا، بينما أصبحت الآن تصدر القمح رغم تعداد سكانها الكبير.

وأوضح الباز أن مشروع ممر التنمية سوف يحقق العديد من المزايا؛ منها: الحد من التعدي على الأراضي الزراعية التي أثبتت الدراسات، أنه في حال استمرارها بالمعدلات الحالية فإن جميع الأراضي الزراعية في مصر ستختفي على إثر زحف العمران في خلال 183 سنة، كما سيوفر فرصة إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل، لافتا إلى أنه على سبيل المثال فإن هناك منطقة بين كوم أمبو وأسوان تعد من أحسن الأماكن للزراعة؛ إذ إن بها حوالي نصف مليون فدان صالح للزراعة.

وبين من يرى أن مصر اليوم وفى ظروفها الراهنة لا تستطيع تحمل العواقب الاقتصادية والاجتماعية لمغامرات بهذا الحجم، ومن يرى أن البلاد تحتاج في تلك الفترة لمشروع قومي يعيد الروح الوطنية إلى الشخصية المصرية، يظل مشروع ممر التنمية ـ رغم المخاوف والانتقادات ـ هو الأمل، الذي يمكنه أن يعزز روح المواطنة لدى المصريين، ويكون نبراساً ينير الطريق نحو مستقبل أفضل لمصر وشعبها، بعد أكثر من ثلاثين عاما عجاف. 

** وحدة الدراسات المتخصصة ـ مركز البحوث والدراسات الإعلامية 

تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش :       الخميس , 14 - 4 - 2011 الساعة : 1:9 مساءً
توقيت مكة المكرمة :  الخميس , 14 - 4 - 2011 الساعة : 4:9 مساءً

من هو الرجل الغامض الذي تبرع لمصر بـ30 مليون دولار؟!|الشباب

من هو الرجل الغامض الذي تبرع لمصر بـ30 مليون دولار؟! أخر تحديث: 16/06/2011 07:26 م الدكتور محمد العريان يتبرع بـ30 مليون دولار لمشروع زويل لنهضة مصر علمياً، الخبر لفت إنتباه كثيرين لضخامة الرقم، ولكن ما أثار التساؤلات هو الاسم نفسه لأن معظم المصريين لا يعرفون من هو الدكتور محمد العريان؟ كتب : حواش منتصرهو خبير إقتصادي مصري أمريكي يشغل منصب المدير التنفيذي لمؤسسة بيمكو الأمريكية، التي تعتبر من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم وتدير أصولا تزيد قيمتها على 1.1 تريليون دولار أمريكي، أي أكبر من حجم اقتصاديات أغلب دول العالم النامية، كما أن مؤسسة بيمكو تعد واحدة من أربع شركات إدارة أصول اختيارها الرئيس الأمريكي أوباما لإدارة برنامج مجلس الاحتياط الفيدرالي البالغ قيمته 500 مليار دولار، كما تدير الشركة أيضاً برنامج الأوراق المالية التجارية البالغة قيمتها 251 مليار دولار، والتي تحافظ على تدفق الدين قصير الأجل في الشركات الأمريكية، مما يجعلها ضرورية لانتعاش الاقتصادولد الدكتور العريان في عام 1958 لأب مصري وأم فرنسية، متزوج من محامية ولديه ابنة وحيدة، والده الدكتور عبد الله العريان الذي كان أستاذاً للقانون ثم قاضي في محكمة العدل الدولية، وعمه الأستاذ أحمد العريان أستاذ هندسة المواد في كلية الهندسة جامعة القاهرة، احتل الدكتور محمد العريان المرتبة الـ11 ضمن أفضل 500 شخصية عربية حسب استفتاء مجلة أريبيان بيزنس، والمرتبة الـ7 عام 2009، كما أنه يعد مرجعا لعدد كبير من المؤسسات المالية والصحف العالمية، والعديد من الدول، وصفته جريدة النيويورك تايمز قبل أعوام بأنه "المصري الأهم والأكثر تأثيرا في العالم ..وقلة هم من يملكون القوة التي يتمتع بها العريان" وأسمته أيضا بالرجل الغامض، وقالت الجريدة في تقريرها إن أهمية الدكتور العريان على المستوى العالمي لا تضاهيها أي شخصية مصرية أخرى، وذلك لتأثيره على مجريات الشئون الدولية المالية، وخلال الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم في 2008، كان العالم يتأثر وأسواقه المالية تظهر ردود أفعالها على تصريحات وأراء الدكتور محمد العريان، ومع تضخم الأزمة الإقتصادية في اليونان وزيادة الديون كان العريان هو أهم من تلجأ إليه وكالات رويترز وبلومبرج المتخصصة في قطاعات المال والأعمال ليوضح ما يحدث، والى أين يسير العالم، أما رأيه في التمويل الإسلامي، فيرى العريان أنه أداة هامة في حركة رأس المال نحو استخدامات منتجة، وهو يرى أن هذه الممارسات المالية ستستمر في الانتشار والتزايد، وهذا النوع الهام من التمويل يتم تقويته عن طريق تدعيم بنيته التحتية. وقد حصل العريان على شهادته الجامعية في الاقتصاد من جامعة كامبريدج، ثم حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة،وعمل لمدة 15 عاما لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن قبل تحوله للعمل في القطاع الخاص، حيث عمل كمدير تنفيذي في سالمون سميث بارني التابعة لسيتي جروب في لندن، وفي عام 1999 انضم إلى مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية، وقد نشر الدكتور العريان العديد من الدراسات حول القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، حصد ألقاباً كثيرة وبرز اسمه كواحد من أهم نجوم عالم الاستثمار الذين صعدوا بسرعة غير عادية، نال في عام 2008 جائزة عالمية عن كتابه "عندما تتصادم الأسواق"، وقد كان العريان مسئولاً عن الوقف الاستثماري لجامعة هارفرد والبالغ قيمته 35 مليار دولار، وحقق فيه عوائد قياسية بمتوسط 23% للسنة المالية وهي الأعلى في تاريخ الجامعة.وعند سؤاله عن سر نجاحه في عالم المال والاستثمار، قال إن التفكير المستقل وراء كل نجاح، إضافة إلى تطابق آراء الفرد مع المعلومات المتوافرة أمامه.بعد كل هذا لا تتعجب عندما تعرف أن محمد العريان مرشح الآن لرئاسة البنك الدولي خلفا للفرنسي ستراوس

حمزاوى:كنت مع الدستور أولا قبل الاستفتاء والآن مع الانتخابات أولا

ممر التنمية

يحتاج التفكير في مستقبل مصر إلى بعد نظر، فلا يمكن أن يتغير الوضع الحالي بين عشية وضحاها، المهم أن يكون هناك مخطط يعمل على تحريك الشعور بالمواطنة في عقل وقلب كل مصري ومصرية، ينمو ذلك عندما يؤمن السواد الأعظم من الناس بأن قادتهم يعملون للصالح العام أولا وأخيرا، ويؤهل هذا الشعور، أن يؤدي كل فرد دوراً فعالاً في مخطط الإنماء، هكذا يجري إنماء الدول الغنية والفقيرة على حد سواء.
إذن يلزمنا إعداد مشروع يفهم مقصده كل الناس، له مخطط زمني محدد نعلم بدايته ونهايته ويستطيع كل فرد أن يرى فيه مكانا أو خيرا إما له شخصيا أو لأبنائه أو للآخرين، يجب أن يتيح هذا المخطط الاستخدام الأمثل لعقول الناس وسواعدهم وقدراتهم لكي يؤمن الجميع به ويشعر كل فرد بأن له دوراً مهماً في إنجاحه. بناء على كوني جيولوجياً جاب أراضي مصر ونجوعها وصحاريها، ويعلم بالممارسة أحوال معيشة الناس في المدن الكبيرة والصغيرة والقرى والواحات، كذلك أعلم الوضع الماضي والحالي بالمدارس والجامعات والمعاهد وما وصلنا إليه، وما يمكننا أن نصل إليه إذا ما تحسن وضعنا المعيشي وانفتحت آفاق التقدم والرقي. لقد أثبت تاريخ الأمم أنه منذ خلق الله الإنسان على الأرض ازدهرت الحضارة بين أي مجموعة من الناس إذا توافرت في مجتمعهم ثلاثة مقومات أساسية هي:

1- إنتاج فائض من الغذاء مما يجعل الناس تنمو أجسامهم قوية ومخيلاتهم خصبة والغذاء الجيد يمنح الصحة والعافية التي تؤهل إلى العمل المجدي.

2- تقسيم العمل بين أفراد المجتمع تقسيماً مناسباً، ويستدعي ذلك ترقية أهل الخبرة والمعرفة وحسن الإدارة (وليس أهل الثقة) على جميع المستويات.

3- تأهيل الحياة الكريمة في المدن بحيث لا ينشغل الناس فقط بالبحث عن قوتهم ويعيشون في بيئة صالحة لكي يتمكن البعض منهم من الإبداع والابتكار في عملهم، والإبداع في العمل هو أهم مقومات الحضارة والرقي.

إذن لن نحدّث مصر ونؤمن مستقبل أهلها إلا إذا تحسنت أوضاعنا بالنسبة إلى المقومات الثلاثة السابقة، لذلك فالحل الأمثل هو البدء في مشروع ممر التنمية في شريط من صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالاً حتى بحيرة ناصر في الجنوب، وعلى مسافة تتراوح بين 10 و80 كيلومتراً غرب وادي النيل، يفتح هذا الممر آفاقاً جديدة للامتداد العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي حول مسافة شاسعة.

أهمية النقل

يُعتبر النقل من أساسيات التقدم والازدهار على مر العصور، ونحن نعلم أن قيام الدولة المصرية القديمة منذ أكثر من خمسة آلاف عام اعتمد على النيل كطريق يربط شمالها بجنوبها، حيث كان ينتقل من خلاله الناس والأخبار والغذاء والمنتجات والبضائع ورجال الأمن وجامعو الضرائب وكل ما يمثل كيان الدولة وسر بقائها، كذلك اعتمد الإغريق والرومان والعرب على تسهيل وتأمين النقل في جميع أرجاء حضاراتهم، وفي العصر الحالي نَمَت أوروبا الحديثة بعد إنشاء شبكات الطرق السريعة فيها، وكذلك تفوقت أمريكا على باقي العالم الغربي باستخدام ثرواتها الطبيعية أحسن استخدام، مما استدعى إنشاء شبكة متميزة من السكك الحديدية والطرق الممتازة، الدائمة الصيانة في جميع أرجائها.

وبالنسبة لنا في مصر لا يصِح إنشاء شبكة طرق جديدة في وادي النيل والدلتا لأن في ذلك اعتداء على الأرض الزراعية المُعتدى عليها أصلاً، نتيجة النمو الكبير للكتل السكانية العشوائية وغير المُرخَص لها في أغلب الأحيان، هذه الأراضي الخصبة رسبها نهر النيل العظيم على مدى ملايين السنين، ولقد تكدس سكان مصر في مساحة محدودة منها نتيجة الزيادة المستمرة في عدد السكان، ولا يعقل أن نستمر في العيش على 5% من مساحة أرضنا، مع الاستمرار في البناء فوق التربة الزراعية، لذلك فلا بد من فتح آفاق جديدة للتوسع العمراني والزراعي والصناعي والتجاري والسياحي خارج نطاق وادي النيل الضيق.

ويسعى الممر المقترح، إضافة إلى تسهيل النقل بين أطراف الدولة، إلى الحد من التوسع العمراني في وادي النيل والدلتا بفتح آفاق جديدة للنمو بالقرب من التجمعات السكانية الكبرى ومجالات لا حصر لها في استصلاح أراضٍ صحراوية وإنشاء مشاريع جديدة للتنمية في مجالات التعمير والزراعة والصناعة والتجارة والسياحة، كما يُعطي الممر أملاً جديداً لأجيال المستقبل باستخدام أحد عناصر الثروة الطبيعية وأقربها إلى التجمعات السكانية الحالية، وهو الشريط المتاخم لوادي النيل في الصحراء الغربية.

لقد اُختِير هذا الجزء من الصحراء الغربية بُناءً على خبرة في تضاريس مصر وإمكاناتها التنموية، ويتكون الشريط المتاخم لوادي النيل من هضبة مستوية بميل بسيط من الجنوب إلى الشمال بموازاة النيل، ولا تقطع المنطقة أودية تهددها السيول كما هو الحال في شرق النيل، كذلك تتواجد مساحات شاسعة من الأراضي التي يسهُل استصلاحها لإنتاج الغذاء، إضافة إلى احتمالات تواجد المياه الجوفية، هذا الشريط بالذات تقل فيه الرمال ولا تتقاطع معه خطوط الكثبان الرملية.

دعائم الممر

بناءً على ما تقدم يتضمن مقترح ممر التعمير إنشاء ما يلي:

1- طريق رئيسي يعتبر المحور الأساسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية، ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كيلومتر تقريباً.

2- اثني عشر محورا من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي حوالي 800 كيلومتر.

3- شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي.

4- أنبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً حتى نهاية الممر على ساحل البحر المتوسط.

5- خط كهرباء يُؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية.


1- المـمر الرئيسي

يمثل الطريق العالمي من الشمال إلى الجنوب العنصر الأساسي لممر التعمير، يبدأ الطريق على ساحل البحر المتوسط في موقع بين الإسكندرية والعلمين، ويؤهل لإنشاء ميناء عالمي جديد يُضاهي الموانئ العالمية الكبري في المستقبل، وتُؤخَذ في الاعتبار الحاجة إلى توفير استخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة في التعامل السهل السريع مع الصادرات والواردات والبضائع المؤقتة.

يتكون الطريق الرئيسي من ثمانية ممرات على الأقل، اثنان لسيارات النقل واثنان للسيارات الخاصة ذهاباً وإياباً، كما يلزم تمهيد الطريق وفق المواصفات العالمية التي تسمح بالسير الآمن السريع دون توقف إلا في حالات الطوارئ ومحطات الاستراحة والوقود ومراكز تحصيل رسوم السير.

2- المحاور العرضية

يشتمل المقترح على 12 محورا عرضيا يربط كل منها الطريق الرئيسي بموقع من مواقع التكدس السكاني في الدلتا وبموازاة وادي النيل، تسمح هذه الطرق بالامتداد العمراني غرباً في هذه المواقع رويداً رويداً وتضيف بُعداً جغرافيا لعدد من المحافظات التي تعاني من الاختناق في الوقت الحالي، ويجب ألا يُسمح إطلاقا بالنمو العشوائي في تلك المناطق، بل يجب أن يسبق التخطيط والتنظيم والخدمات النمو الحضري لها، وعلى سبيل المثال، تشمل المحاور العرضية المقترحة ما يلي:

محور الإسكندرية

يمتد هذا المحور من الطريق الرئيسي غرباً ليصل إلى مدينة الإسكندرية ومينائها ومطارها الدولي، ويمكن أن يستمر المحور شرقاً حتى طريق الدلتا الساحلي إلى رشيد ثم دمياط، وبذلك يربط هذا الفرع الطريق الرئيسي للممر بشمال الدلتا بأكملها.

محور الدلتا

لربط الطريق الرئيسي بمنتصف منطقة الدلتا ربما في مدينة طنطا، مثل هذا المحور يتطلب المحافظة على الأراضي الزراعية في مساره وربما يتطلب كباري جديدة على فرع رشيد وقنوات الري والصرف، والجزء الغربي من هذا الطريق يُرصف على صحراء قاحلة وقابلة للاستصلاح وتمثل بعدا جغرافياً جديداً لمحافظة الغربية أكثر محافظات الدلتاً اختناقاً على الإطلاق.

محور القاهرة

يؤهل هذا المحور ربط الطريق الرئيسي بطريق «مصر- إسكندرية الصحراوي» ثم بأكبر تجمع سكاني في قارة أفريقياً بأكملها، ألا وهو محافظة القاهرة، ويمكن لهذا الفرع أن يستمر شرقاً إلى المعادي ومنها إلى طريق السويس كي يربط الميناء الجديد بميناء السويس، ويؤهل ذلك نقل البضائع برياً من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر عبر خليج السويس.

محور الفيوم

يضمن هذا المحور تنمية الصحراء في شمال وغرب منخفض الفيوم، ومنطقة غرب الفيوم بالذات يمكن تنميتها صناعياً لإبعاد الصناعات الملوثة للبيئة، مثل صناعة الأسمنت عن المواقع السكنية.

محور البحرية

ويهدف هذا الفرع إلى توصيل الطريق الرئيسي بالواحات البحرية في اتجاه جنوب غرب الجيزة، وبذلك يؤهل للربط بين واحات الوادي الجديد الشمالية والطريق الرئيسي، ويسمح الفرع بالتوسع في السياحة في منخفض البحرية.

محور المنيا

يفتح هذا المحور آفاقاً جديدة للنماء غرب وادي النيل في منطقة تكتظ بالسكان وتحتاج إلى التوسع في العمران نظراً لوجود جامعة بها، بالإضافة إلى الحاجة لعدد من المدارس ومعاهد التدريب.

محور أسيوط

يمكن إعادة كل ما قِيل عن فرع المنيا، إضافة إلى أن هذا المحور يؤهل السير على طريق الواحات الخارجة وباقي واحات محافظة الوادي الجديد.

محور قنا

يوصل هذا المحور إلى منطقة واسعة يمكن استصلاح أراضيها تقع جنوب مسار نهر النيل بين مدينتي قنا ونجع حمادي، وتكونت التربة في هذه المنطقة نتيجة لترسيب الأودية القديمة مما يعني أيضاً احتمال وجود مياه جوفية يمكن استخدامها في مشاريع الاستصلاح.

محور الأقصر

يعد هذا الطريق امتداداً غير محدود للمشاريع السياحية المتميزة فوق الهضبة وغرب وادي النيل بالقرب من أكبر تجمع للآثار المصرية القديمة في الأقصر.

محور كوم أمبو وأسوان

يعتبر هذا المحور سهلاً واسعاً يمثل مجرى قديما للنيل ولذلك تغطيه تربة خصبة صالحة للزراعة، ولأسباب جيولوجية بدأ مجرى النيل الهجرة شرقاً حتى وصل إلى موقعه الحالي، ولذلك يمكن استخدام المياه الجوفية المُختَزنة منذ قديم الزمن في استصلاح هذا السهل الخصيب، ويربط امتداد الفرع في اتجاه الجنوب الشرقي بينه وبين الطريق الرئيسي ومدينة أسوان، مما يسهل نقل المنتجات المحلية إلى المحافظات الشمالية علاوة على التنمية السياحية عبر تيسير زيارة المواقع السياحية في منطقة أسوان، إضافة إلى ذلك يؤهل الطريق تنمية مطار أسوان للتجارة العالمية.

محور توشكى

يهبط الطريق الرئيسي من الهضبة حيث يجري وصله بعدة أماكن حول منخفض توشكى، وجرى حفر قناة لتوصيل ماء النيل من بحيرة ناصر إلى منخفض توشكى بغرض استصلاح الأراضي المحيطة بالبرك التي تكونت في المنخفض، هذا المشروع يستدعي عدة سبل للنقل السريع إلى المحافظات الشمالية ومنافذ التصدير معاً.

محور بحيرة ناصر

تمثل بحيرة ناصر موقعاً متميزاً لتنمية الثروة السمكية وصيد الأسماك، خاصة إذا جرى تسهيل نقلها إلى مواقع التكدس السكاني في المحافظات الشمالية. لقد اختيرت هذه المحاور لقربها من مواقع التكدس السكاني وسهولة المرور بها من الناحية الطبوغرافية، هذا ويمكن إضافة محاور أخرى كما في دراسة أعدها متخصصون من وزارة التنمية الاقتصادية، وأفادت بإمكانية ثلاثة محاور إضافية.

يشتمل ممر التعمير المقترح على شريط سكة حديدية للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي. تؤهل هذه الوسيلة نقل الناس والبضائع والمنتجات من جنوب مصر حتى ساحل البحر المتوسط لا سيما أن السكة الحديدية الحالية تُعاني من الكهولة. كما لا يصِح إنشاء سكة حديدية جديدة داخل وادي النيل؛ لأن في ذلك تعدياً على الأراضي الزراعية.

تؤهل السكة الحديدية للنقل السريع شحن الأسماك من بحيرة ناصر التي تزخر بالثروة السمكية إلى مواقع التكدس السكاني في شمال وادي النيل. كذلك تُمكّن الوسيلة من الاستخدام الأمثل في الصناعات العديدة كصناعة الألومنيوم في نجع حمادي، فتواجد السكة الحديدية الجديدة سوف يجعل النقل من الميناء إلى المصنع ثم نقل المُنتَج من المصنع إلى السوق يتم في سهولة ويسر وبتكلفة أقل، هذا بالإضافة إلى الحد من الزحام الناتج عن حركة الشاحنات على الطريق الزراعي الحالي.

أنبوب الماء

يلزم توفير الماء الصالح للشرب بطول الممر المقترح فوق هضبة الصحراء الغربية. يُفضل نقل الماء من بحيرة ناصر أو قناة توشكى داخل أنبوب لمنع البخر أو تسرب الماء في الصخور. ويشمل التخطيط لمشاريع التنمية المختلفة على طول الممر استخدام المياه الجوفية في الزراعة والصناعة، ولكن الحاجة إلى الماء للاستخدامات البشرية خلال المراحل الأولي للمشروع تتطلب توفير الأنبوب المذكور.

ربما يلزم المشروع خلال تلك المرحلة أنبوب قطره متر واحد أو متر ونصف. وهذا ليس بكثير لأن ليبيا قد أقامت النهر الصناعي العظيم لنقل الماء العذب من آبار صحرائها في الجنوب إلى مدنها على ساحل البحر المتوسط في أنبوب قطره أربعة أمتار وبطول 2000 كيلومتر. وكما هو الحال في ليبيا، بعد ضخ الماء إلى مستوى الهضبة يتم نقله من الجنوب إلى الشمال بالميل الطبيعي لسطح شمال أفريقيا.

خط الكهرباء

يلزم للمقترح إنشاء خط كهرباء للإنارة والتبريد على طول الطريق الرئيسي، وخاصة لأن مسار الطريق يمر في منطقة صحراوية لا تتواجد فيها متطلبات التنمية الأساسية، خلال المراحل الأولى للمشروع. في نفس الوقت يجب تشجيع مشاريع التنمية العمرانية والزراعية والصناعية والسياحية المُنَظمَة واستخدام مصادر الطاقة المستدامة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

مزايا المشروع

يلزم لأي مقترح لمشروع تنموي دراسة الآثار الجانبية له خاصة من الناحية البيئية، ولأن المشروع المقترح يقلل من تدهور البيئة في وادي النيل فهذا يعتبر إحدى مزاياه العديدة. الجانب الأساسي الذي يجب دراسته هو الجدوى الاقتصادية للمشروع، أي مدى نجاحه المؤكد من ناحية الاستثمار، وهذا يتم من خلال دراسة جدوى يجريها المختصون بناءً على بيانات حقيقية ومنطقية. أما المزايا والمنافع المنتظرة للمشروع فعديدة، نوجز منها ما يلي:

- الحد من التعدي على الأراضي الزراعية داخل وادي النيل من قِبَل القطاع الخاص والحكومي معاً.

- فتح مجالات جديدة للعمران بالقرب من أماكن التكدس السكاني.

- إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل.

- توفير مئات الآلاف من فرص العمل في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والإعمار.

- تنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل.

- الإقلال من الزحام في وسائل النقل وتوسيع شبكة الطرق الحالية.

- تأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض بالإبداع في العمل.

- ربط منطقة توشكى وشرق العوينات وواحات الوادي الجديد بباقي مناطق الدولة.

- خلق فرص جديدة لصغار المستثمرين للكسب من مشاريع في حقول مختلفة.

- مشاركة شريحة واسعة من الشعب في مشاريع التنمية، مما ينمي الشعور بالولاء والانتماء.

- فتح آفاق جديدة للعمل والتمتع بثمار الإنجاز في مشروع وطني من الطراز الأول.

- خلق الأمل لدى شباب مصر، وذلك بتأمين مستقبل أفضل.

وسيلة الإنجاز

مع أن تنفيذ المقترح الحالي قد نُوقِش في محاضرات عديدة بالجامعات والمؤسسات ومع الحكومة المصرية، لكنه يُعرض كمشروع للقطاع الخاص وذلك لأسباب كثيرة. لقد قدر المختصون تكلفة المشروع بحوالي 24 مليار دولار. وهذه القيمة ليست بالكثير في الوقت الحالي لا سيما أنها تؤمن مستقبل شعب بأكمله وتنقذ مصر من الوضع الاقتصادي المُتردي في هذا الوقت بالذات. وربما تمكن المستثمرون من تأمين المبلغ المطلوب لتنفيذ المشروع عبر بيع الأراضي الصالحة للإعمار على جانبي المحاور العرضية في بداية المشروع، ونحن نعلم أن أسعار أراضي البناء تزداد بسرعة خيالية حالياً.

بطلب من السيد الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء قامت لجنة وزارية برئاسة فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي بدراسة جميع آفاق المقترح بناء على دراسة مستفيضة بواسطة أهل الخبرة في المهن المختلفة أثناء السنوات الثلاث الماضية. قام بالدراسة خبراء في مراكز الأبحاث والجامعات لكي يتحقق تقييم المقترح جدياً بواسطة أهل الخبرة والمعرفة في جميع المجالات تحت إشراف وزارة التنمية الاقتصادية. في نظري تلزم أيضا مناقشة مثل هذا المشروع الحيوي في البرلمان لكي يمكن سن القوانين واتخاذ الإجراءات التي تحمي الناس من الروتين الحكومي أو استغلال بعض العاملين في القطاع الخاص.

ويا حبذا لو بدأ التفكير منذ لحظة الانطلاق بمشاركة أوسع شريحة ممكنة من الناس، فيمكن لكل محافظة مثلا البدء في إعداد قائمة بمشاريع التنمية وأولوياتها بناءً على احتياجاتها الحقيقية وفي ضوء مواردها من العمالة الفنية اللازمة وقدراتها الأخرى، وفي نفس الوقت يجب عدم السماح باستقطاب عمالة أجنبية للعمل في المشروع مهما كانت الأسباب، لأن المصري أو المصرية يمكن تدريبهما للقيام بأي عمل كان وبأعلى مستويات الأداء العالمية.

وكذلك يمكن تشجيع شباب الجامعات من خلال مسابقات لاختيار مشاريع تنمية تُقام في محافظاتهم. حتى طلبة المدارس يمكنهم المشاركة بمسابقات لاختيار أسماء الطرق العرضية والمدن والقري التي سوف تنشأ على جوانبها. مشاركة الشباب مهمة للغاية لأن الهدف من المشروع هو تأمين مستقبلهم عبر إتاحة فرص عمل لا نهائية أمامهم.

معنى ذلك أن الباب مفتوح على مصراعيه لمشاركة من يود أن يدلو بدلوه، على شرط أن تكون الأفكار المقدمة ليس الغرض منها هو الكسب الشخصي الضيق والمحدود، ولكنها تصب أولاً وأخيراً في الصالح العام. وهكذا تتقدم الدول ويعمل الناس بعزم ونشاط وولاء وانتماء وتزدهر الحياة مرة أخرى في وادي النيل الخالد.

خاتمة

في عرض سابق لفكرة المشروع ذكرت أن حفيدتي ياسمين (وعمرها 10 سنوات) عادت من مدرستها في واشنطن لتخبر أمها أن المُدرِسة ذكرت اسم مصر في أول درس من دروس التاريخ، وأضافت أن المُدرِسة قالت إن التاريخ يعيد نفسه، وسألت أمها هل هذا صحيح؟ فعندما أجابتها الأم بالإيجاب سألت بحماس شديد: هل هذا يعني أن مصر يمكن أن تعود عظيمة مرة أخرى؟

الإجابة على سؤال هذه الصغيرة، التي تعيش بعيداً ولكنها تحتفظ بذكرى مصر في قلبها وعقلها، تستدعي التفكير الثاقب والعمل الدؤوب في سبيل رفعة هذا البلد الذي يستحق موقعاً متقدماً بين الأمم. فمصر كانت على مدى العصور منبعاً للحضارة والفكر والعلم والثقافة والفن والبناء وحسن الأداء، ولكن بين آونة وأخرى تخبو فيها شعلة الحضارة وينطوي شعب مصر على نفسه وكأنه في غيبوبة لا يعي بما يدور حوله في العالم، ولكن سرعان ما يفيق هذا الشعب العظيم من الغثيان وينتفض بكل حيوية ونشاط لكي تتوهج شعلة الحضارة مرة أخرى في أرض مصر.

ويمكنني القول إن العرب في كل مكان ينتظرون رفعة مصر لأن في ذلك رفعتهم جميعاً. ولم تكن للعرب مكانة في أي وقت من الزمان إلا في وجود مصر القوية كالعمود الفقري الذي تلتف حوله البلدان العربية جميعاً.

لن تعود مصر دولة عظيمة مرة أخرى إلا إذا تحسنت أوضاعنا الحالية. وبناءً على مزايا ومنافع وهذا المشروع يمكنه أن يوصل مصر إلى الغرض المنشود خلال عقد أو عقدين من الزمان على الأكثر، كما أن من شأنه أن يُخرِج مصر من الوضع الحالي بمآسيه المختلفة، لذلك فإنني مقتنع تماماً بأن المشروع المقترح يمكن أن يعيد الحيوية والإنتاجية لشعب مصر ويؤهل هذا البلد الطيب المعطاء للوصول إلى موقع متميز بين أعظم بلدان العالم مرة أخرى

سيناء

مع الأحداث
الأمل والخير قادم لسيناء
مصطفي بلال
الأخبار : 23 - 08 - 2010

»الرئيس يعلن عن مشروعات كبري بشمال سيناء خلال أسابيع«.. هذا التصريح أعلنه اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء خلال لقاء جماهيري بالمحافظة.. قال المحافظ إن الرئيس مبارك سوف يعلن خلال أسابيع قليلة عن مجموعة كبيرة من المشروعات التي يحلم بها أبناء سيناء.. وأضاف: ان الستة أشهر الماضية شهدت العديد من الانجازات لصالح أبناء المحافظة، التصريح كتبه مراسل الجمهورية في العريش الأستاذ أحمد العبد.. ونشرته الجريدة صباح الأربعاء 81 أغسطس الحالي.
وكم كانت سعادتي صباح الخميس 91 أغسطس أيضا عندما قرأت في الجمهورية ندوة مهمة كشف فيها مشايخ سيناء الحقائق كاملة.. الندوة تستحق أكثر من مقال وتعليق وحوار.. ولكن لضيق المساحة سوف اقتبس بعض الكلمات المهمة لمشايخ سيناء والتي تصب في صالح حملتي التي بدأتها منذ أكثر من عامين لتتحرك الحكومة الذكية تجاه الشرق.. تجاه سيناء.. لتعميرها وتنميتها وتوفير سبل إقامة مجتمعات صناعية وزراعية وتعدينية عملاقة علي أرضها الطاهرة.
الشيخ فايز أبوحرب عضو مجلس الشعب عن شمال سيناء قال: »شمال سيناء كان مخططا لها كما ذكرتم في المحور الأول وهو التنمية الزراعية من خلال وصول مياه ترعة السلام واستصلاح 004 ألف فدان في المنطقة.. والمشروع القومي لتنمية سيناء.. وكان المستهدف وجود اكثر من 2 مليون مواطن، وأن يتم ضخ أكثر من 57 مليار جنيه، ثم كان التحول وسحب هذه الأموال عندما تم البدء في مشروع توشكي وتحويلها إلي هذا المشروع، وبالتالي أدي هذا إلي خلل في خطط التنمية في هذه المنطقة.
أضاف الشيخ فايز.. هناك عشرة طلبات موقعة من أكثر من عشرين عضوا بالشعب لمناقشة التنمية في سيناء مناقشة حقيقية والمشكلة الحقيقية في التنمية في رفح والشيخ زايد ووسط سيناء.. تحتاج إلي المزيد من فرص العمل ومزيد من الآبار التي يكون لها عائد لري الأرض بالمنطقة.. ويتم إنشاء محافظة في وسط سيناء كما حدث في جنوب وشمال.. وتكون هناك هيئة أو وزارة يرأسها نائب رئيس الوزراء لرئاسة الثلاث محافظات الموجودة حتي يكون هناك اتخاذ للقرار المناسب بالنسبة للتنمية في سيناء.
الشيخ عبدالله جهامه رئيس جمعية مجاهدي سيناء: قال »سيناء قتل عليها درة شباب مصر وتعفرت رمال سيناء بدم الشباب ولا توجد محافظة ولا نجع ولا قرية إلا ولها شهيد في سيناء.. بالتالي مطلوب من ابناء هذه المحافظات ان يهاجروا إلي سيناء لتعميرها ويجب علي الدولة ان تبسط الاجراءات لتعمير سيناء.. وتساءل: »مشروع ترعة السلام لتنمية سيناء ينتهي في 7102 ولم تصل الترعة إلي المرجو منها«، وتساءل: »أين المشروع القومي لتنمية سيناء؟!«
الندوة مهمة.. والكلام خطير.. ولكن هل تسمع وتقرأ حكومتنا الذكية؟! أشك!!.. وعموما كل الشكر للزميلة الجمهورية للاهتمام بعقد مثل هذه الندوة..
وإلي لقاء متواصل مع سيناء الحبيبة الأسبوع المقبل إن كان في العمر بقية.
mostafabelal88@Hotmail.com



انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.

سيناء إهمال ونسيان

سيناء بعد 28 عامًا من الإهمال والنسيان
الشروق الجديد
الشروق الجديد : 27 - 06 - 2010

منذ أعلنت الدولة المصرية عن مشروع تنمية سيناء فى 13 أكتوبر عام 1994 والشعب المصرى يتساءل أين المشروع وماذا تم فيه.. ولماذا أهملته الدولة وبماذا نفسر بقاء سيناء على حالها صحراء قاحلة يسكنها 400 ألف مواطن وأين الأحلام والأمانى والوعود..
ما بين عودة سيناء المحتلة ومشروع تنميتها فاصل زمنى طويل امتد 12 عاما.. وما بين مشروع تنمية سيناء وزماننا الحالى 16 عاما أخرى، أى أننا أمام 28 عاما بلا عمل أو إنجاز وبين هذا وذاك أربعة رؤساء وزارات وأكثر من حكومة.. بدأت الرحلة مع وزارة د. عاطف صدقى بين عام 86 و96 ثم وزارة د.كمال الجنزورى من 96 إلى 99 ثم وزارة د. عاطف عبيد ما بين 99 و2004 ونحن حاليا فى وزارة د.أحمد نظيف منذ 5 سنوات..
ضاع كل هذا الوقت فى الدراسات والمشروعات الوهمية والقصص والحكايات والأعذار..
أنا لا أتصور أن يبقى الحال على ما هو عليه بعد كل ما جرى ودار من مؤامرات تجاوزت حدود السرية وأصبحت حديثا صريحا واضحا ما بين كواليس السياسيين وأجهزة الإعلام ومراكز الأبحاث والقرار.. وتجاوزت حدود سيناء لتأخذ مكانها فى الملفات السياسية للدول الأوروبية وأمريكا وإسرائيل.. أصبح من الصعب أن نتعامل مع هذه الوقائع من خلال منظور الشك والهواجس.. أن ما يحيط بسيناء الآن يمثل تهديدا صريحا إلا إذا كان بيننا من يرى أن القضية من هذا المنظور يمكن أن تكون محلا للنقاش وسيكون ذلك هو الكارثة الأكبر من احتلال سيناء مرتين فى أقل من خمسين عاما..
بدأت قصة التنمية فى سيناء بعد عودتها مباشرة فى عام 1982.. وفى ظل احتفالات التحرير ورفع الأعلام على الأرض العائدة طافت بنا أحلام كثيرة..
كان اليهود قد خرجوا من سيناء تسبقهم دموعهم ففى خلال فترة وجيزة ما بين 67 و73 أى ست سنوات من الاحتلال أقامت إسرائيل عشرات المشروعات الناجحة ما بين زراعة مساحات كبيرة من الأراضى والتوسع فى المشروعات السياحية واستغلت آبار البترول استغلالا وحشيا وسرقت ونهبت آلاف القطع الأثرية وقامت بالتنقيب عن الكثير من المعادن والثروات الطبيعية واستخدمت أحدث أساليب التكنولوجيا فى الزراعة الحديثة.. وكانت منتجات سيناء الزراعية تتدفق كل يوم إلى أسواق أوروبا خاصة الفاكهة والزهور.. قامت إسرائيل ببناء مجموعة ضخمة من المستوطنات كان أشهرها وأكبرها مستوطنة ياميت الشهيرة.. وفى شرم الشيخ وطابا كان آلاف الإسرائيليين يسبحون كل يوم فى مياهنا الزرقاء.. ست سنوات من الاحتلال تحولت سيناء إلى شىء آخر إنتاجا وتصديرا وصناعة وزراعة وسياحة.. قلت إن إسرائيل فعلت فى سيناء فى ست سنوات ما فشلنا نحن فى إنجازه فى نصف قرن من الزمان..
عادت سيناء بالأغانى الوطنية رغم أنها تحررت بدماء شبابنا الغالى ولكن صوت الغناء رغم العودة كان أعلى وأغلى من صوت الدماء النبيلة..
مشروع ضخم لتنمية سيناء أعلنته حكومة د. عاطف صدقى قبل أن يترك الوزارة بعامين وكان الرجل جادا فى طرح هذا المشروع.. فى مشروع تنمية سيناء الذى أصبح الآن جزءا من أرشيف الحكومات المصرية تم رسم إستراتيجية كاملة لتنمية كل سيناء شمالها وجنوبها من شرم الشيخ جنوبا إلى رفح والعريش شمالا.. من مياه البحر الأحمر إلى مياه البحر المتوسط على مساحة 66 ألف كيلومتر مربع حيث تقترب هذه المساحة من ثلث مساحة الدولة المصرية..
وضعت الدولة المصرية ميزانية استثمارية لهذا المشروع بلغت 110 مليارات جنيه بحيث يبدأ المشروع عام 1994 وينتهى فى عام 2017 من هذه الميزانية 64 مليار جنيه لشمال سيناء و46 مليار جنيه لجنوب سيناء..
هناك أرقام تؤكد أن كل ما تم تنفيذه من هذه الاستثمارات لم يتجاوز 14 مليار جنيه منذ تحرير سيناء وحتى الآن.
كان من أهم أهداف هذا المشروع زيادة الرقعة الزراعية والتوسع فى الإنتاج الزراعى وإعادة توطين السكان وانتقال 3 ملايين مواطن من الدلتا إلى سيناء وجعلها امتدادا طبيعيا للوادى واستغلال طاقات الشباب.. تبدأ المرحلة الأولى لتنمية سيناء بزراعة 220 ألف فدان غرب قناة السويس أما المرحلة الثانية فتشمل زراعة 400 ألف فدان فى وسط سيناء وشمالها وجنوبها..
كان المشروع يقوم على زراعة 400 ألف فدان من مياه ترعة السلام التى حملت مياه النيل إلى وسط سيناء بحيث توزع هذه المساحات على أساس زراعة 70 ألف فدان فى منطقة رابعة و70 ألف فدان فى بئر العبد و135ألف فدان فى منطقة السر والقوارير..
من بين أهداف المشروع الذى لم يكتمل أيضا إنشاء خط سكة حديد يربط مدن القناة من الإسماعيلية حتى شمال سيناء على الحدود المصرية فى رفح مارا بالعريش ويتضمن 13 محطة بتكاليف تصل إلى 800 مليون جنيه كان المشروع أيضا يهدف إلى إقامة سلسلة من الكبارى والأنفاق منها كوبرى الفردان وكوبرى مبارك للسيارات مع عدد كبير من مشروعات الطرق والغاز والكهرباء وتحلية المياه..
فى عام 94 وعند إعلان هذا المشروع الضخم لتنمية سيناء كان هناك إحساس عام لدى المصريين بأن سيناء يمكن أن تمثل حلا جذريا للكثير من مشاكل وأزمات مصر خلال فترة زمنية قصيرة..
كان هناك اعتقاد راسخ بأن سيناء هى البديل الطبيعى للأزمة السكانية الطاحنة التى تعيشها مصر على ضفاف النيل.. وفى ظل زيادة سكانية تتجاوز المليون نسمة سنويا يمكن أن تكون سيناء هى الحل الأمثل أمام هذه الزيادة.. كان مشروع تنمية سيناء يهدف إلى انتقال ثلاثة ملايين نسمة للحياة فى سيناء كمرحلة أولى يمكن أن يصل هذا العدد إلى خمسة ملايين نسمة قبل إتمام المشروع فى عام 2017..
وبدلا من أن تكون سيناء حلا للمشكلة السكانية زادت الأزمة تعقيدا ويكفى أن عدد سكان مصر قد زاد خلال 28 عاما ومنذ عودة سيناء بأكثر من 25 مليون مواطن.. وهذا هو الفرق بين حكومات تواجه الأزمات وتعمل على حلها وأخرى تصنع المشكلات وتضيف إليها المزيد..
كانت هناك خطة للتوسع الزراعى من خلال زيادة الرقعة الزراعية بما يعنيه ذلك من توفير السلع الزراعية خاصة القمح والذى يمثل عبئا كبيرا على ميزانية النقد الأجنبى فى مصر حيث تعتبر مصر واحدة من أكبر دول العالم استيرادا للقمح.. كان من الممكن مع زراعة 400 ألف فدان فى سيناء أن توفر مصر الكثير من احتياجاتها من المنتجات الزراعية..
إن خطة التوسع الزراعى والصناعى سوف تفتح آفاقا جديدة للصادرات المصرية بما يعنيه ذلك من زيادة مواردنا من العملات الصعبة خاصة أن كثيرا من المحاصيل والفاكهة التى تنتجها سيناء تلقى سمعة دولية طيبة فى الأسواق الخارجية..
إن خطة تنمية سيناء كانت تقوم أيضا على استثمار ما بها من حقول البترول والغاز والمعادن مع التوسع فى إنشاء مصادر للطاقة الكهربائية وتصديرها للدول العربية المجاورة وفى سيناء تلال من الرمال البيضاء التى تستخدم فى صناعة الزجاج مع كميات ضخمة من الرخام والحديد والأسمنت..
كلنا يعلم أن السياحة من أهم مصادر الدخل فى سيناء خاصة فى الجزء الجنوبى على مياه البحر الأحمر.. وفى الوقت الذى كان الاهتمام كبيرا بالسياحة على البحر الأحمر كان الإهمال واضحا على شواطئ البحر المتوسط والتى تمتد من العريش إلى دمياط..
ورغم أن وسط سيناء يضم أماكن أثرية تحظى بسمعة دولية مثل دير سانت كاترين وبئر فرعون وعشرات الأماكن الأثرية فإن هذه الأماكن بقيت بعيدة عن الاهتمام بها كمصادر دخل مضمونة..
كان الإهمال واضحا فى بعض المناطق فى سيناء خاصة منطقة الوسط رغم أن الجزء الأكبر من السكان يعيش فيها حيث يبلغ سكانها 300 ألف نسمه.. ولم يترك الإهمال أيضا شمال سيناء على امتداد شواطئ البحر المتوسط بينما كان الجزء الأكبر من الاهتمام يتجه إلى الجنوب حيث لا يوجد أكثر من 50 ألف نسمة.. لقد تم توجيه استثمارات رهيبة إلى شرم الشيخ والمناطق المحيطة بها ولو أن الجزء الشمالى من سيناء أخذ شيئا من هذه الاستثمارات لتحولت سيناء كلها وليس جنوبها فقط إلى شىء آخر.. فى شرم الشيخ تركزت المشروعات السياحية.. ومشروعات الغاز والبترول والمطارات والتوسع السكانى وإن بقيت فى كل الحالات منتجعا لم يستفد منه سكان سيناء بشىء يذكر..
الآن لا ينبغى أن نطيل البكاء على اللبن المسكوب.. ويكفى الذى ضاع.. نحن الآن أمام صورة لا تدعو للتفاؤل فلم تعد القضية فقط تنمية سيناء بحيث نوجه اللوم إلى حكومات سابقة أو لاحقة لأنها أهملت مشروع تنمية هذا الجزء من الوطن.. إن القضية الآن تتجاوز حدود التنمية وتدخل إلى أزمة خطيرة تهدد أمن مصر القومى.. إن الحديث أصبح واضحا وصريحا حول دخول سيناء منطقة التفاوض حول مستقبل إنشاء الدولة الفلسطينية.. كان هناك كلام حول تقسيم فلسطين بين إسرائيل والدولة الفلسطينية ولكن الحديث الآن حول إمكانية أن يكون جزء من سيناء حلا للقضية الفلسطينية.. إن إسرائيل تجد أكثر من مبرر لهذا الطرح أمام العالم..
أولا: إن سيناء أرض خالية لا بشر ولا إنتاج ولا تنمية، وإن المصريين أهملوها تماما منذ عادت لهم فى بداية الثمانينيات أى أنهم تركوها الآن ثلاثين عاما فلماذا لا تصبح جزءا من الحل الشامل للصراع العربى الإسرائيلى مادامت خالية.. إنها أرض بلا سكان وبلا تنمية وبلا مستقبل فى ظل سياسات مصرية متخاذلة وغير مفهومة..
ثانيا: إن عدد السكان الإسرائيليين مع الفلسطينيين سوف يصل إلى 20 مليون نسمة وإن أرض دولة فلسطين التى ستجمع الشعبين لا تكفى لاستيعاب هذا العدد من البشر فى السنوات القادمة وإن الحل هو جزء من سيناء يضاف إلى هذه المساحة..
ثالثا: فى ظل الظروف السياسية السيئة التى تحيط بالعالم العربى وتراجع الدور المصرى عربيا فإن إسرائيل تتصور أنه قد يجىء الوقت المناسب لطرح هذه القضية بحيث تجد قبولا لدى أطراف كثيرة..لن يعارض الغرب ولا أمريكا هذا التوجه وقد يكون الوقت مناسبا فى المستقبل القريب لطرح هذا المشروع أمام ظروف اقتصادية صعبة قد تعيشها مصر وتفرض عليها البحث عن حلول لمشاكلها وقد تكون الأرض أحد هذه الحلول..
من أغرب الأشياء التى نسمعها أن كل مسئول يتحدث عن تنمية سيناء دون أن نفعل شيئا، وفى زيارته الأخيرة للأقصر أعلن رئيس الوزراء د. أحمد نظيف أن الحكومة حريصة على تنمية سيناء من خلال مشروعات عملاقة يجرى تنفيذها الآن وأضاف د. نظيف أن لسيناء وضعا خاصا سياسيا واستراتيجيا باعتبارها بوابة مصر الشرقية وإن أفضل وسائل تأمين سيناء هو تعميرها من خلال تكاتف دور الشعب والحكومة..
هذا ما أكده رئيس الحكومة وهو كلام جميل ولكنه يخالف الحقيقة فأين تلك المشروعات العملاقة التى تقام فى سيناء.. وأين هذا التكاتف بين الشعب والحكومة لتنمية سيناء باستثناء مجموعة الفنادق والقرى السياحية التى أقامها خمسة أشخاص وربما أقل فى شرم الشيخ أو توابعها..
منذ عامين فقط أصدر رئيس الوزراء د. أحمد نظيف القرار رقم 350 لسنة 2007 هذا القرار فى مادته الرابعة يحرم على المصريين تملك الأراضى فى سيناء ويجيزها فقط بحق الانتفاع لمدة 99 عاما.. ثم إن هذا القرار الذى يمنع شباب مصر من أن يذهب إلى هناك ويقوم بزراعتها وتعميرها يتعارض تماما مع كل ما يقال عن رغبة الدولة فى تنمية سيناء..
كيف تشجع الدولة ملايين المصريين للذهاب إلى سيناء وهى تحرمهم من حقهم فى تملك شبر فيها..
كيف نطالب القطاع الخاص أن يذهب إلى هناك ويستثمر أمواله وهو لا يملك الأرض التى يقام عليها المشروع خاصة أن قرار رئيس الوزراء ينص على أن تؤول المبانى والمنشآت على الأراضى الممنوحة بحق الانتفاع فى نهاية المدة إلى الدولة.. هذا يعنى أن مواطنا أقام فندقا أو استصلح أرضا وأقام عليها مشروعا ليس من حق ورثته الاستفادة من هذا المشروع بعد انتهاء مدة حق الانتفاع..
إن هذا القرار الغريب يكفى لمنع المصريين من الذهاب إلى سيناء وربما فتح أبوابا كثيرة للتلاعب حيث يمكن التنازل عن حق الانتفاع للأجانب وهذه قصة أخرى أكثر خطورة وتهديدا..
منذ سنوات طالب الرئيس مبارك الحكومة بتمليك أهالى سيناء الأراضى التى يزرعونها والبيوت التى يعيشون فيها وهناك ملكيات قديمة استقرت من عشرات السنين بوضع اليد والزراعة ولم يكن فى سيناء شهر عقارى أو مؤسسات قانونية لإثبات الملكية فماذا تفعل الحكومة مع هؤلاء؟.
إن الحكومة تطرد أهالى سيناء من أراضيهم وبيوتهم وترفض منحهم حق الملكية فى الوقت الذى تتلاعب فيه عصابات دولية لشراء الأراضى والعقارات للأجانب فى سيناء..
فى ظل قرار رئيس الوزراء رقم 350 لسنة 2007 لن يذهب المصريون إلى سيناء ولن تخرج أفواج الشباب لتعميرها.. إننى أتصور أن ينطلق إلى صحرائها عشرة ملايين شاب لا يجدون عملا ولا بيتا ولا مستقبلا فى المحروسة وكان ينبغى أن توفر لهم الدولة من الإجراءات والقرارات والقوانين ما يشجع المصريين كل المصريين على الذهاب والعمل والحياة فى سيناء.. أما قرارات حق الانتفاع ومنع المواطنين المصريين من تملك أراضيهم فهى قرارات طاردة وسياسات خاطئة ينبغى مراجعتها وإلغاؤها فورا..
إن القصص التى نسمعها الآن حول مستقبل سيناء الغامض تمثل تهديدا لمستقبلها وتهديدا لأمن مصر القومى خاصة أن هناك قوى كثيرة تتربص بها وبنا..
ثلاثون عاما تركت حكوماتنا الرشيدة سيناء للمخدرات.. والإرهاب والأطماع الخارجية وبعد ذلك تصدر الفرمانات التى تحرم الشعب المصرى من امتلاك أرضه..
فى الوقت الذى يتحدث فيه العالم عن مؤامرة ضد سيناء ما زلنا نحن نردد الأغانى فى ذكرى عودتها رغم أن المخاطر التى تحيط بها الآن أكبر كثيرا من كل ما حدث فى الماضى.. هل يعقل أن تترك أرض الفيروز كل هذه السنوات الطوال بلا تنمية..
وهل يمكن لنا أن نتصور يوما تصبح فيه سيناء موضوعا لمفاوضات لبيع الأرض أو التنازل عن جزء منها..
وماذا سنقول للأجيال القادمة عن هذا الجزء من الوطن الذى فرطنا فيه بالإهمال حينا وربما بالتنازل عنه فى زمان قادم..
افتحوا أبواب سيناء للمصريين واتركوا شبابها العاطل يعمر صحراءها ويزرع أراضيها..
هناك سر غامض وألغاز كثيرة حول تأجيل مشروع تنمية سيناء كل هذه السنوات.. إن مرور الوقت ليس فى صالحنا بكل المقاييس.. إنها فرص ضائعة.. وأزمات مؤجلة وإهمال جسيم لمستقبل جزء عزيز من هذا الوطن.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر