القومى لحقوق الإنسان» يحذر من محاولات الفلول دفع البلاد إلى سيناريو فوضى
كتب وائل على ١/ ٧/ ٢٠١١
أدان المجلس القومى لحقوق الإنسان أعمال العنف التى ارتكبت بحق المتظاهرين، مساء أمس الأول، واستمرت على مدار يومين وأسفرت عن سقوط عدد كبير من المصابين، معتبراً أن احتجاج المتظاهرين جاء على خلفية مطالب مشروعة لأسر شهداء ومصابى الثورة.
وأكد المجلس، فى بيان أمس، عقب اجتماعه الشهرى الذى عقد برئاسة محمد فائق، نائب رئيس المجلس، أحقية أسر شهداء ومصابى الثورة فى مطالبة أجهزة الدولة بإجراء المحاكمات العاجلة والعادلة لقيادات ورموز النظام السابق المتورطين فى قتل شهداء المصريين.
وحذر البيان من خطورة ردود أفعال عناصر قريبة من بعض دوائر النفوذ فى النظام السابق تمارس العنف أو تحرض عليه بهدف توريط المواطنين فى مواجهات مع الأمن ودفع البلاد إلى سيناريو فوضى يهدد استقرار الوطن ويحول دون تحقيق مطالب الثورة العادلة.
وانتقد البيان البطء النسبى فى المحاكمات الجارية وغياب العلنية عنها وعدم السماح لأسر الشهداء والمصابين، المدعين بالحق المدنى، بحضورها.
ونوه البيان إلى أنه من حق أسر شهداء ومصابى الثورة مطالبة جميع الأجهزة الرسمية بتعويضهم ماديا وأدبيا عن مصابهم وما حل بهم من أضرار، مشدداً على مسؤولية الدولة الكاملة فى هذا الصدد وعلى خطورة المماطلة والتأجيل أو إحالة المسؤولية للمحافظات.
واستنكر البيان الاستخدام المفرط للعنف ضد المتظاهرين والمحتجين من قبل الأجهزة الأمنية، الذى أسفر عن سقوط مئات المصابين، مطالبا قيادات وأفراد الأجهزة الأمنية بضرورة الالتزام بضبط النفس والامتناع عن انتهاكات حقوق الإنسان وممارسات ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١.
ودعا البيان السلطات إلى الامتناع الكامل عن تحويل مدنيين إلى القضاء العسكرى والالتزام بعرضهم حال المساءلة القانونية على القاضى الطبيعى، كما دعا جميع القوى السياسية إلى إنجار توافق وطنى حول خريطة طريق واضحة المعالم الزمنية لإدارة المرحلة الانتقالية الراهنة.
ورفض البيان عودة ما سماه «خطاب التكفير والتخوين والتجريم» الذى تنتجه وتتداوله شخصيات ودوائر وصفها بـ«المتطرفة»، معتبراً أنها تمارس هذا الخطاب «بآلة إعلامية منفلتة من كل قيد بحق مواطنين من المشتغلين بالعمل العام والسياسى والفكرى يختلفون معهم فى المنطلقات والرؤى».
الجمعة، يوليو 1
«جمعة القصاص»
شباب الثورة يحتشدون فى «جمعة القصاص» ضد «قتلة المتظاهرين»
١/ ٧/ ٢٠١١
عودة خيام الاعتصام إلى ميدان التحرير «أ. ف. ب»
استعد شباب الثورة وعدد من الأحزاب لتنظيم مظاهرة اليوم فيما أطلقوا عليه «جمعة القصاص لشهداء الثورة»، للمطالبة بسرعة محاكمة المتورطين فى قتل المتظاهرين، وبدأ أمس عشرات الشباب فى نصب الخيام، استعداداً للاعتصام فى ميدان التحرير، وقسموا أنفسهم إلى مجموعات تتولى تنظيم المرور، وتنظيف الحديقة، وتوضيح ما تعرضوا له فجر الأربعاء الماضى، على يد قوات الشرطة و«البلطجية»، على حد قولهم. وأعلنت أحزاب الوفد والتجمع والمصرى الديمقراطى وثورة الغضب الثانية وحركة ٦ أبريل وشباب من أجل العدالة والحرية وائتلاف الشباب المشاركة فى مظاهرات اليوم، وقال محمد صلاح، أحد شباب الوفد: «سنشارك احتجاجاً على أسلوب الحكومة الانتقالية فى إدارة الأزمات التى تمر بها البلاد، وعلى أسلوب قيادات الداخلية فى التعامل مع أحداث الثلاثاء».
فى المقابل، رفض شباب الحزبين «الناصرى» و«العربى» المشاركة، واعتبروا المظاهرات محاولة للوقيعة بين الشعب والشرطة. فى السياق نفسه، تم إغلاق جميع الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية بالمدرعات العسكرية، وتولت القوات المسلحة والشرطة العسكرية تأمين مقر الوزارة، وهى الإجراءات التى تزامنت مع مواجهات الأربعاء الماضى بين الشرطة والمتظاهرين.
وقررت النيابة العسكرية أمس، حبس ٢٩ متهماً فى المواجهات لمدة ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات.
وكان المتظاهرون قد اتهموا الشرطة فى التحقيقات بإطلاق الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع، وهو ما نفاه اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، فى تصريحاته لـ«المصرى اليوم»، وقال: «إن الوزارة ليست على خلاف مع أسر الشهداء، ولم تطلق رصاصة مطاطية واحدة ضدهم، واستخدام القنابل المسيلة للدموع جاء فى إطار تفريق المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقر الوزارة» مؤكداً أنه أعطى تعليماته بإطلاق الرصاص الحى ضد كل من يحاول اقتحام مقر الوزارة.
من جانبه، أدان المجلس القومى لحقوق الإنسان أعمال العنف التى ارتكبت ضد المتظاهرين مساء أمس الأول وأسفرت عن سقوط مصابين، معتبراً احتجاجات المتظاهرين جاءت على خلفية مطالب مشروعة. ووصفت منظمة العفو الدولية تعامل الأمن مع متظاهرى التحرير بـ«الأخرق»، وطالبت بإجراء تحقيق مستقل وعادل حوله، مؤكدة أن فريقها بالقاهرة كان شاهداً على شحن قوات الأمن المركزى للمتظاهرين واستفزازهم، كما أكدت الخارجية الأمريكية أنها تنتظر نتائج التحقيق الذى أمر به الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، بشأن الأحداث.
١/ ٧/ ٢٠١١
عودة خيام الاعتصام إلى ميدان التحرير «أ. ف. ب»
استعد شباب الثورة وعدد من الأحزاب لتنظيم مظاهرة اليوم فيما أطلقوا عليه «جمعة القصاص لشهداء الثورة»، للمطالبة بسرعة محاكمة المتورطين فى قتل المتظاهرين، وبدأ أمس عشرات الشباب فى نصب الخيام، استعداداً للاعتصام فى ميدان التحرير، وقسموا أنفسهم إلى مجموعات تتولى تنظيم المرور، وتنظيف الحديقة، وتوضيح ما تعرضوا له فجر الأربعاء الماضى، على يد قوات الشرطة و«البلطجية»، على حد قولهم. وأعلنت أحزاب الوفد والتجمع والمصرى الديمقراطى وثورة الغضب الثانية وحركة ٦ أبريل وشباب من أجل العدالة والحرية وائتلاف الشباب المشاركة فى مظاهرات اليوم، وقال محمد صلاح، أحد شباب الوفد: «سنشارك احتجاجاً على أسلوب الحكومة الانتقالية فى إدارة الأزمات التى تمر بها البلاد، وعلى أسلوب قيادات الداخلية فى التعامل مع أحداث الثلاثاء».
فى المقابل، رفض شباب الحزبين «الناصرى» و«العربى» المشاركة، واعتبروا المظاهرات محاولة للوقيعة بين الشعب والشرطة. فى السياق نفسه، تم إغلاق جميع الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية بالمدرعات العسكرية، وتولت القوات المسلحة والشرطة العسكرية تأمين مقر الوزارة، وهى الإجراءات التى تزامنت مع مواجهات الأربعاء الماضى بين الشرطة والمتظاهرين.
وقررت النيابة العسكرية أمس، حبس ٢٩ متهماً فى المواجهات لمدة ١٥ يوماً على ذمة التحقيقات.
وكان المتظاهرون قد اتهموا الشرطة فى التحقيقات بإطلاق الرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع، وهو ما نفاه اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، فى تصريحاته لـ«المصرى اليوم»، وقال: «إن الوزارة ليست على خلاف مع أسر الشهداء، ولم تطلق رصاصة مطاطية واحدة ضدهم، واستخدام القنابل المسيلة للدموع جاء فى إطار تفريق المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقر الوزارة» مؤكداً أنه أعطى تعليماته بإطلاق الرصاص الحى ضد كل من يحاول اقتحام مقر الوزارة.
من جانبه، أدان المجلس القومى لحقوق الإنسان أعمال العنف التى ارتكبت ضد المتظاهرين مساء أمس الأول وأسفرت عن سقوط مصابين، معتبراً احتجاجات المتظاهرين جاءت على خلفية مطالب مشروعة. ووصفت منظمة العفو الدولية تعامل الأمن مع متظاهرى التحرير بـ«الأخرق»، وطالبت بإجراء تحقيق مستقل وعادل حوله، مؤكدة أن فريقها بالقاهرة كان شاهداً على شحن قوات الأمن المركزى للمتظاهرين واستفزازهم، كما أكدت الخارجية الأمريكية أنها تنتظر نتائج التحقيق الذى أمر به الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، بشأن الأحداث.
المطالبة بتغيير القيادات الجامعية
«ائتلاف الأساتذة» يبدأ اعتصامه الأحد ضد «سلامة» للمطالبة بتغيير القيادات الجامعية
كتب أبوالسعود محمد ومحمد كامل، والإسكندرية ــ محمد عبدالعال ١/ ٧/ ٢٠١١
ينظم ائتلاف أساتذة الجامعات بعد غد الأحد، عدداً من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، فى الجامعات المختلفة، اعتراضاً على موقف الدكتور عمرو عزت سلامة، وزير التعليم الحالى والبحث العلمى، من القيادات الحالية بالجامعات، فيما استمرت مظاهرات الباحثين بمقر الوزارة للمطالبة بتعيينهم فى الجامعات والمراكز البحثية، بينما نظم نحو ٥٠٠ شخص من أفراد أمن جامعة حلوان أمس الأول، مظاهرة ضد إدارة الجامعة، احتجاجا تأخر صرف مستحقاتهم المالية.
وأرجع الأساتذة قرار العودة للاعتصام إلى «عدم وضوح رؤية وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى بشأن ما إذا كان سيطبق رؤية الجماعة الأكاديمية حول أسلوب الاختيار الجديد على القيادات الجامعية الحالية، أم لا؟».
وأوضح الدكتور محمد أبوالغار، الأب الروحى لحركة «٩ مارس لاستقلال الجامعات»، أن أول اعتراض على موقف الوزير كان بانسحاب ٧ أعضاء من لجنة صياغة أسلوب جديد لاختيار القيادات الجامعية، بسبب اكتشافهم أن الاقتراحين اللذين توصلت إليهما اللجنة «وهما اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب المباشر، أو انتخاب لجنة تتولى عملية الاختيار»، لن يؤديا إلى استقلال وديمقراطية حقيقية بالجامعات، مشيراً إلى أن الأساتذة قرروا بعدها العودة للاحتجاجات، للمطالبة بتحقيق مطالبهم العادلة برحيل جميع القيادات نهاية الشهر الجارى.
من جانبه انتقد الدكتور محمد الشقفى ممثل حركة «١٦ أبريل» فى لجنة الاقتراحات، عدم إعلان وزير التعليم العالى موعد تنفيذ المقترحين حتى الآن. وقال الدكتور عبدالله سرور، المتحدث باسم اللجنة القومية للدفاع عن الجامعة، إن المقترحين حصيلة عمل لجنة لدراسة الأفكار المختلفة حول الأسلوب الأمثل لاختيار القيادات الجامعية. وأوضح أن اللجنة أخذت توصية تؤكد على مطالبة المجلس العسكرى بالإعلان عن شغل جميع المناصب القيادية الجامعية اعتبارا من ٣١ يوليو المقبل، على أن تتضمن انتخاب جميع المناصب بلا استثناء اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل. من جهتهم قرر أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية، مقاطعة الاعتصام المقرر بعد غد، حرصاً على ما سموه «مصلحة الطلاب أثناء الامتحانات».
كتب أبوالسعود محمد ومحمد كامل، والإسكندرية ــ محمد عبدالعال ١/ ٧/ ٢٠١١
ينظم ائتلاف أساتذة الجامعات بعد غد الأحد، عدداً من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، فى الجامعات المختلفة، اعتراضاً على موقف الدكتور عمرو عزت سلامة، وزير التعليم الحالى والبحث العلمى، من القيادات الحالية بالجامعات، فيما استمرت مظاهرات الباحثين بمقر الوزارة للمطالبة بتعيينهم فى الجامعات والمراكز البحثية، بينما نظم نحو ٥٠٠ شخص من أفراد أمن جامعة حلوان أمس الأول، مظاهرة ضد إدارة الجامعة، احتجاجا تأخر صرف مستحقاتهم المالية.
وأرجع الأساتذة قرار العودة للاعتصام إلى «عدم وضوح رؤية وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى بشأن ما إذا كان سيطبق رؤية الجماعة الأكاديمية حول أسلوب الاختيار الجديد على القيادات الجامعية الحالية، أم لا؟».
وأوضح الدكتور محمد أبوالغار، الأب الروحى لحركة «٩ مارس لاستقلال الجامعات»، أن أول اعتراض على موقف الوزير كان بانسحاب ٧ أعضاء من لجنة صياغة أسلوب جديد لاختيار القيادات الجامعية، بسبب اكتشافهم أن الاقتراحين اللذين توصلت إليهما اللجنة «وهما اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب المباشر، أو انتخاب لجنة تتولى عملية الاختيار»، لن يؤديا إلى استقلال وديمقراطية حقيقية بالجامعات، مشيراً إلى أن الأساتذة قرروا بعدها العودة للاحتجاجات، للمطالبة بتحقيق مطالبهم العادلة برحيل جميع القيادات نهاية الشهر الجارى.
من جانبه انتقد الدكتور محمد الشقفى ممثل حركة «١٦ أبريل» فى لجنة الاقتراحات، عدم إعلان وزير التعليم العالى موعد تنفيذ المقترحين حتى الآن. وقال الدكتور عبدالله سرور، المتحدث باسم اللجنة القومية للدفاع عن الجامعة، إن المقترحين حصيلة عمل لجنة لدراسة الأفكار المختلفة حول الأسلوب الأمثل لاختيار القيادات الجامعية. وأوضح أن اللجنة أخذت توصية تؤكد على مطالبة المجلس العسكرى بالإعلان عن شغل جميع المناصب القيادية الجامعية اعتبارا من ٣١ يوليو المقبل، على أن تتضمن انتخاب جميع المناصب بلا استثناء اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل. من جهتهم قرر أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية، مقاطعة الاعتصام المقرر بعد غد، حرصاً على ما سموه «مصلحة الطلاب أثناء الامتحانات».
هيئات أوروبية تشتبه فى «الحلبة» المصرية كمصدر لـعدوى بكتيريا«إى كولاى»
ت هيئات أوروبية تشتبه فى «الحلبة» المصرية كمصدر لـعدوى بكتيريا«إى كولاى»
كتب متولى سالم ومحمد الصيفى وسارة جميل وفاطمة زيدان، و(د.ب.أ) ١/ ٧/ ٢٠١١
الخضروات تنقل عدوى «إى كولاى»
أعلنت هيئات أوروبية، أمس، اشتباهها فى بذور الحلبة المصرية، كمصدر لتفشى العدوى البكتيرية النزفية (إى كولاى) فى ألمانيا وفرنسا، فيما اتفقت وزارة الزراعة وخبراء نباتات طبية على عدم صحة تقارير تلك الجهات.
وتبين من خلال التحليل المشترك، الذى أجرته هيئة سلامة الغذاء الأوروبية فى مدينة بارما الإيطالية مع المركز الأوروبى للوقاية والرقابة على الأمراض فى العاصمة السويدية ستوكهولم، أن عدوى (إى كولاى) فى فرنسا لها علاقة على ما يبدو بشحنة بذور حلبة مصرية تم تصديرها إلى هناك عام ٢٠٠٩، وكذلك فى ألمانيا، حيث تم تصدير شحنة إلى هناك عام ٢٠١٠.
وذكرت الهيئات الأوروبية أن بذور الحلبة المصرية متورطة بذلك فى انتشار هذه العدوى فى فرنسا وألمانيا ، إلا أنه ليس من المؤكد حتى الآن ما إذا كانت تلك البذور السبب المشترك فى جميع حالات الإصابة بالعدوى أم لا. وأكدت ضرورة إجراء المزيد من التحليلات والفحوص لمعرفة مسارات توزيع شحنات بذور الحلبة المصرية إلى ألمانيا وأوروبا، مشيرة إلى أن جزءاً من البذور المصرية نقل إلى فرنسا عبر شبكة بريطانية.
من جانبه، أكد الدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن التحاليل التى قامت بها المعامل المركزية بوزارة الزراعة والمعتمدة من الاتحاد الأوروبى تؤكد خلو «الحلبة» المصرية من بكتيريا الـ«إى كولاى» مشيراً إلى أن جميع صادرات مصر من الحلية للأسواق الأوروبية وباقى أسواق العالم تخضع لأعلى درجات الفحص قبل السماح بتصديرها إلى الخارج.
وقال الوزير لـ«المصرى اليوم» إن إسرائيل تحاول الإساءة إلى سمعة الصادرات الزراعية المصرية التى تلقى رواجا بالأسواق الأوروبية وزيادة الطلب عليها من مختلف الأسواق الدولية، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية قامت بتسريب تقرير «كاذب» لصحيفة «يديعوت أحرونوت» تدعى فيه أن الخيار المصرى المصدر لليونان هو المسؤول عن بكتيريا الـ«إى كولاى» بالمخالفة لجميع دساتير الغذاء العالمى التى تؤكد خلو مصر من البكتيريا القاتلة وأن منتجاتها الأعلى جودة عالميا.
وأكدت معامل البكتيرولوجى التابعة لمعهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية خلو العينات - التى تم فحصها من الحلبة - من هذه البكتيريا، وهو ما يتسق مع صحة تقارير الوزارة عن خلو مصر من البكتيريا القاتلة.
ودعا المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، الهيئات الأوروبية، بعدم الإفصاح عن حالات الاشتباه، إلا بعد التأكد من موطن البكتيريا. وقال شريف البلتاجى، رئيس المجلس، لـ«المصرى اليوم»، إن المجلس يدرس حاليا موقف الشركة المصرية، المعلن عن تسببها فى الشحنة المصابة.
فى سياق متصل طالب الدكتور نادر البنا، وكيل معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، بعدم الانسياق وراء كل كلمة تقال، وأشار إلى أن الهيئات الأوروبية لم تفصح عن مصدر التصدير، أو من هى الشركة المصدرة. وتساءل البنا: كيف تم تصدير بذور الحلبة إلى فرنسا عام ٢٠٠٩ ، وألمانيا عام ٢٠١٠ ، ثم يكتشفون الإصابة بها فى ٢٠١١، فهذا غير معقول .
وأكد الدكتور محمد حسن المصرى، أستاذ النباتات الطبية بمعهد بحوث البساتين، مدير معهد بحوث البساتين الأسبق، أن بذور الحلبة يمكن أن يكون بها أى نوع ميكروبات أخرى، ولكن من المستحيل أن يوجد بها بكتيريا الـ(إى كولاى) والتى هى بكتريا من مياه «الصرف الصحى».
وأشار المصرى إلى أن بذور الحلبة تخضع للفحص فى معامل تقدير الجودة، فإذا أقرها المعمل تخرج وتكون سليمة ويمكن استخدامها وتصديرها، وإذا تم اكتشاف أى شىء فيها فترفض من المعمل، وبالتالى فمن المستحيل تصديرها طالما أنها ليست مطابقة للمواصفات.
وأكد وسيم السيسى، أستاذ جراحة المسالك البولية بالمستشفيات التعليمية، الباحث فى علم المصريات، أنه فى حالة ثبوت هذه الادعاءات فإنه يجب تحليل بذور الحلبة الموجودة فى فرنسا وألمانيا، ومقارنتها مع البذور الموجودة فى مصر، كذلك معرفة باقى الدول التى تم تصدير الحلبة إليها فى نفس الفترة وتحليل العينات، وتساءل: «إذا كانت الحلبة سبب العدوى، فلماذا لم نصب فى مصر؟!».
وشدد السيسى على أن بكتيريا (إى كولاى) من المستحيل أن تكون نقلت عبر الحلبة المصدرة «لسبب بسيط أن الحلبة تصدر جافة، أما تلك البكتيريا فتحتاج إلى رطوبة حتى تستطيع النمو».
وأشار السيسى إلى أن المصريين يستخدمون الحلبة منذ نحو ٦ آلاف سنة، لمكافحة أمراض الشيخوخة، لافتا إلى أن القدماء كانوا ينصحون بتناول البذور ذات الأجنة مثل الحلبة المنبتة والفول النابت
كتب متولى سالم ومحمد الصيفى وسارة جميل وفاطمة زيدان، و(د.ب.أ) ١/ ٧/ ٢٠١١
الخضروات تنقل عدوى «إى كولاى»
أعلنت هيئات أوروبية، أمس، اشتباهها فى بذور الحلبة المصرية، كمصدر لتفشى العدوى البكتيرية النزفية (إى كولاى) فى ألمانيا وفرنسا، فيما اتفقت وزارة الزراعة وخبراء نباتات طبية على عدم صحة تقارير تلك الجهات.
وتبين من خلال التحليل المشترك، الذى أجرته هيئة سلامة الغذاء الأوروبية فى مدينة بارما الإيطالية مع المركز الأوروبى للوقاية والرقابة على الأمراض فى العاصمة السويدية ستوكهولم، أن عدوى (إى كولاى) فى فرنسا لها علاقة على ما يبدو بشحنة بذور حلبة مصرية تم تصديرها إلى هناك عام ٢٠٠٩، وكذلك فى ألمانيا، حيث تم تصدير شحنة إلى هناك عام ٢٠١٠.
وذكرت الهيئات الأوروبية أن بذور الحلبة المصرية متورطة بذلك فى انتشار هذه العدوى فى فرنسا وألمانيا ، إلا أنه ليس من المؤكد حتى الآن ما إذا كانت تلك البذور السبب المشترك فى جميع حالات الإصابة بالعدوى أم لا. وأكدت ضرورة إجراء المزيد من التحليلات والفحوص لمعرفة مسارات توزيع شحنات بذور الحلبة المصرية إلى ألمانيا وأوروبا، مشيرة إلى أن جزءاً من البذور المصرية نقل إلى فرنسا عبر شبكة بريطانية.
من جانبه، أكد الدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن التحاليل التى قامت بها المعامل المركزية بوزارة الزراعة والمعتمدة من الاتحاد الأوروبى تؤكد خلو «الحلبة» المصرية من بكتيريا الـ«إى كولاى» مشيراً إلى أن جميع صادرات مصر من الحلية للأسواق الأوروبية وباقى أسواق العالم تخضع لأعلى درجات الفحص قبل السماح بتصديرها إلى الخارج.
وقال الوزير لـ«المصرى اليوم» إن إسرائيل تحاول الإساءة إلى سمعة الصادرات الزراعية المصرية التى تلقى رواجا بالأسواق الأوروبية وزيادة الطلب عليها من مختلف الأسواق الدولية، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية قامت بتسريب تقرير «كاذب» لصحيفة «يديعوت أحرونوت» تدعى فيه أن الخيار المصرى المصدر لليونان هو المسؤول عن بكتيريا الـ«إى كولاى» بالمخالفة لجميع دساتير الغذاء العالمى التى تؤكد خلو مصر من البكتيريا القاتلة وأن منتجاتها الأعلى جودة عالميا.
وأكدت معامل البكتيرولوجى التابعة لمعهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية خلو العينات - التى تم فحصها من الحلبة - من هذه البكتيريا، وهو ما يتسق مع صحة تقارير الوزارة عن خلو مصر من البكتيريا القاتلة.
ودعا المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، الهيئات الأوروبية، بعدم الإفصاح عن حالات الاشتباه، إلا بعد التأكد من موطن البكتيريا. وقال شريف البلتاجى، رئيس المجلس، لـ«المصرى اليوم»، إن المجلس يدرس حاليا موقف الشركة المصرية، المعلن عن تسببها فى الشحنة المصابة.
فى سياق متصل طالب الدكتور نادر البنا، وكيل معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، بعدم الانسياق وراء كل كلمة تقال، وأشار إلى أن الهيئات الأوروبية لم تفصح عن مصدر التصدير، أو من هى الشركة المصدرة. وتساءل البنا: كيف تم تصدير بذور الحلبة إلى فرنسا عام ٢٠٠٩ ، وألمانيا عام ٢٠١٠ ، ثم يكتشفون الإصابة بها فى ٢٠١١، فهذا غير معقول .
وأكد الدكتور محمد حسن المصرى، أستاذ النباتات الطبية بمعهد بحوث البساتين، مدير معهد بحوث البساتين الأسبق، أن بذور الحلبة يمكن أن يكون بها أى نوع ميكروبات أخرى، ولكن من المستحيل أن يوجد بها بكتيريا الـ(إى كولاى) والتى هى بكتريا من مياه «الصرف الصحى».
وأشار المصرى إلى أن بذور الحلبة تخضع للفحص فى معامل تقدير الجودة، فإذا أقرها المعمل تخرج وتكون سليمة ويمكن استخدامها وتصديرها، وإذا تم اكتشاف أى شىء فيها فترفض من المعمل، وبالتالى فمن المستحيل تصديرها طالما أنها ليست مطابقة للمواصفات.
وأكد وسيم السيسى، أستاذ جراحة المسالك البولية بالمستشفيات التعليمية، الباحث فى علم المصريات، أنه فى حالة ثبوت هذه الادعاءات فإنه يجب تحليل بذور الحلبة الموجودة فى فرنسا وألمانيا، ومقارنتها مع البذور الموجودة فى مصر، كذلك معرفة باقى الدول التى تم تصدير الحلبة إليها فى نفس الفترة وتحليل العينات، وتساءل: «إذا كانت الحلبة سبب العدوى، فلماذا لم نصب فى مصر؟!».
وشدد السيسى على أن بكتيريا (إى كولاى) من المستحيل أن تكون نقلت عبر الحلبة المصدرة «لسبب بسيط أن الحلبة تصدر جافة، أما تلك البكتيريا فتحتاج إلى رطوبة حتى تستطيع النمو».
وأشار السيسى إلى أن المصريين يستخدمون الحلبة منذ نحو ٦ آلاف سنة، لمكافحة أمراض الشيخوخة، لافتا إلى أن القدماء كانوا ينصحون بتناول البذور ذات الأجنة مثل الحلبة المنبتة والفول النابت
مصر تعانى إفلاساً فى المرشحين
«أبوالفتوح» يهاجم منافسيه: واحد مستورد والثانى يقترب من الـ ٧٥ وأصغرهم ٥٩ سنة.. ومصر تعانى إفلاساً فى المرشحين
كتب وفاء يحيى ١/ ٧/ ٢٠١١
تصوير- أحمد المصرى
أبو الفتوح أثناء اللقاء
قال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إن مصر تعانى إفلاسا فى مرشحى الرئاسة، موضحاً أن أصغرهم حمدين صباحى يبلغ من العمر ٥٩ سنة، فيما يقترب أحدهم من الـ ٧٥ سنة، وآخر مستورد من الخارج.
وأكد «أبوالفتوح» فى لقائه طلاب جامعة عين شمس، مساء أمس الأول، أن جمهور الإخوان المسلمين يدين له بالولاء والطاعة، وأن انتماءه للجماعة وليس للحزب، موضحا أن العديد منهم يتابع اللقاءات والندوات التى يلقيها، لكنهم لم يحضروا هذا اللقاء بسبب مباراة الأهلى والزمالك.
وقال: «بشكل عام، أحب التواصل مع التيارات السياسية الأخرى».
ودعا «أبوالفتوح» المطالبين بـ«الدستور أولا» إلى عدم التصدى لأول تجربة ديمقراطية حقيقية فى مصر والالتزام برأى الأغلبية التى ظهرت فى الاستفتاء، وطالبهم بعدم استخدام «الإرهاب الفكرى» والتخويف من الإسلاميين، وردد قائلا: «بلاش الديمقراطية بطريقة الحسين والسيدة زينب، فهى الديمقراطية بالعافية».
ورداً على سؤال حول اتفاقية كامب ديفيد، قال «أبوالفتوح»: «هناك بنود سرية ملحقة بهذه الاتفاقية لا تتفق ومصلحة مصر والأمة العربية، وإلغاء المعاهدة أو عدم الاعتراف بإسرائيل لا يعنى قيام الحرب
كتب وفاء يحيى ١/ ٧/ ٢٠١١
تصوير- أحمد المصرى
أبو الفتوح أثناء اللقاء
قال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إن مصر تعانى إفلاسا فى مرشحى الرئاسة، موضحاً أن أصغرهم حمدين صباحى يبلغ من العمر ٥٩ سنة، فيما يقترب أحدهم من الـ ٧٥ سنة، وآخر مستورد من الخارج.
وأكد «أبوالفتوح» فى لقائه طلاب جامعة عين شمس، مساء أمس الأول، أن جمهور الإخوان المسلمين يدين له بالولاء والطاعة، وأن انتماءه للجماعة وليس للحزب، موضحا أن العديد منهم يتابع اللقاءات والندوات التى يلقيها، لكنهم لم يحضروا هذا اللقاء بسبب مباراة الأهلى والزمالك.
وقال: «بشكل عام، أحب التواصل مع التيارات السياسية الأخرى».
ودعا «أبوالفتوح» المطالبين بـ«الدستور أولا» إلى عدم التصدى لأول تجربة ديمقراطية حقيقية فى مصر والالتزام برأى الأغلبية التى ظهرت فى الاستفتاء، وطالبهم بعدم استخدام «الإرهاب الفكرى» والتخويف من الإسلاميين، وردد قائلا: «بلاش الديمقراطية بطريقة الحسين والسيدة زينب، فهى الديمقراطية بالعافية».
ورداً على سؤال حول اتفاقية كامب ديفيد، قال «أبوالفتوح»: «هناك بنود سرية ملحقة بهذه الاتفاقية لا تتفق ومصلحة مصر والأمة العربية، وإلغاء المعاهدة أو عدم الاعتراف بإسرائيل لا يعنى قيام الحرب
كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
--------------------------------------------------------------------------------
آلان جريش رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية: لا أحد فى «مصر الثورة» يريد الإجابة عن سؤال الإقتصاد: كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
حوار أحمد محجوب ١/ ٧/ ٢٠١١
آلان جريش
صحفى مخضرم قاد إحدى كبرى المؤسسات الصحفية فى فرنسا، ويسارى بارز، ومحلل سياسى عاصر الأحداث الكبرى فى مصر حيث ولد عام ١٩٤٨. الصحفى الفرنسى آلان جريش يقرأ «زحام المواقف» فى الثورة المصرية، ويحلل التغيرات وحالة «حرب التصريحات» التى تدور فى مصر، دون أن يغيب عن ذهنه أنه أمام شعب ثار وانتصر، ودولة تتطلع لمستقبل مختلف، ومجتمع فى مرحلة إعادة تشكيل.
فى هذا الحوار يفتح آلان جريش، رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك»، ملفات الاقتصاد، والإعلام والأداء الحكومى، ومدنية الدولة والانتخابات، وبناء نظام ديمقراطى ويطرح تساؤلات حول «الهوية الاقتصادية» لمصر الجديدة، والتعقيدات الدولية التى على القاهرة أن تستوعبها وتتفاوض حولها «بشراسة» لتبتكر طريقها الخاص، وإلى نص الحوار:
■ الآن وبعد ٥ شهور تقريبا على الثورة.. يبدو المشهد السياسى المصرى مرتبكا للغاية، ولا يكاد النقاش يهدأ فى قضية حتى يبدأ فى قضية أخرى.. كيف تقرأ هذا المشهد المضطرب؟
- ما يحدث فى مصر الآن طبيعى جداً، فالشعب كان موحداً حول رحيل مبارك، وحين رحل عن السلطة ظهرت الاختلافات، وهو أمر منطقى، فميدان التحرير وحد المصريين ضد مبارك، وميدان التحرير كان يضم الجميع، لكن الأهم أن ما تغير أن الخوف رحل وعادت الكرامة، ولا أظن أن الشعب مستعد أن يكون هناك نظام يعتدى عليه ويقمعه ويأخذ منه أموالا دون وجه حق.
■ عادت مؤخراً حالات التعذيب ليظهر على السطح، مرة أخرى المتهم الرئيسى.. هل تعود الثورة إلى الوراء؟
- مبدئيا، أنا ولدت فى مصر عام ١٩٤٨، وشاهدت تجربة ناصر (جمال عبدالناصر)، وكانت هناك مقولة شائعة أن من يقبض عليه ويذهبون به إلى الكوميسارية (مركز الشرطة) يتعرض للضرب أولا ثم يبدأ التحقيق معه، لذلك هذه للأسف ثقافة متجذرة فى مصر. لكن ما أراه أن هذه النقطة المتعلقة بكرامة الإنسان لن تعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ٢٥ يناير، ولا أعتقد أن الناس سوف تقبل بالعودة للقمع، وهناك صحف وفضائيات وإنترنت وميدان تحرير يمكن العودة إليه.
■ تبدو متفائلا للغاية، لكن البعض متخوف من عودة القمع تحت دعاوى مختلفة فما تعليقك؟
- بالتأكيد لا يمكن الجزم بشكل قطعى حول المستقبل، فربما تنشب حرب تكون مصر طرفاً فيها وتفرض السلطات إجراءات استثنائية، لكن بشكل عام تظل الكرامة الإنسانية أهم ما أنجزته الثورة، وحتى فى فرنسا وهى دولة لديها ثقافة حقوقية قوية، توجد مشاكل مع الشرطة، لكنى أظن أن نزول المدنيين إلى الشوارع ودفاعهم عن حقهم، وما ينشره الإعلام يجعل العودة للوراء صعبة جداً.
■ هناك مخاوف من طريقة كتابة الدستور الجديد فى ظل مطالبة الجميع تقريبا بـ«كوتة دستورية»، فالمجلس العسكرى يتحدث عن «وضع خاص» للجيش، والإسلاميون يحاربون من أجل «كوتة شريعة» والكنيسة تطالب بـ«ضمانات» فهل يخرج الدستور المصرى على طريقة «الحصص» كما فى لبنان والعراق؟
- فى العالم كله توجد تفاهمات حول الدستور، وحتى تفاهمات المجلس العسكرى والإخوان مسألة مؤقتة، ومن الطبيعى أن يتفاهم الجزء الوحيد المتماسك من الدولة مع الفصيل الوحيد المنظم فى الشارع، خاصة فى هذه المرحلة.
والمشكلة الحقيقية هى غياب أى نقاش حول الهوية الاقتصادية للدولة، فالحوار الحالى محصور فى دور الشريعة، لكن لا يوجد حوار حول المشكلة الأساسية لهذا البلد، وهى التنمية الاقتصادية، وإعادة توزيع الثروة.
التنمية الاقتصادية أيضا معناها تحقيق عدالة اجتماعية، ولو نتذكر كان شعار الثورة فى يومها الأول «خبز.. حرية.. عدالة اجتماعية»، لكن الجميع يرفضون مناقشة الأمر رغم خطورته الشديدة، وأنا أعتقد أن مشاكل الشارع المصرى معظمها اقتصادية، خاصة مع «لقمة العيش» كما تقولون، هذا لا يعنى أن الشعب لا يهتم بالحريات، لكن السؤال الأصعب هو كيف نوفر «لقمة العيش» هذه للمصريين دون المساس بالحريات، وبشكل كريم وعادل لا يدفع ثمنه الفقراء، الذين هم الوقود الحقيقى للثورة، وهم أكثر من دفع الثمن أيام مبارك؟
■ «الدستور أولا أم الانتخابات أولا»؟.. يبدو هذا السؤال هو أكثر الأسئلة التى تشغل المصريين حاليا.. كيف تقيم هذا النقاش الحاد الذى يكاد يصل لدرجة المعركة؟
- مبدئياً هناك ١٨ مليون مواطن صوتوا للاستفتاء ويجب ألا نعود للوراء، ويجب أن نحترم أصواتهم، وبشكل شخصى أعتقد أن انتخاب المحليات أكثر أهمية، فعلى مستوى القرية أو المدينة الصغيرة، يمكن للمواطن أن يدرك قيمة صوته، وأن يراقب بدقة تصرفات المرشحين والمسؤولين، ويحاسبهم ويعزلهم إذا لم يستجيبوا لتطلعاته، لذلك ربما تكون تلك الانتخابات المرحلة الأولى للوصول لديمقراطية حقيقية.
لكن المشكلة أن الأحزاب فى مصر تتجه للانتخابات دون برامج حقيقية وواضحة، فهنا كانت الأحزاب القديمة تابعة للنظام، وهذه مشكلة ضخمة، والجديدة بلا برامج، والتكتلات السياسية هى تكتلات وراء أشخاص للأسف، وليست وراء برامج محددة أو أيديولوجيا بعينها، فهى أحزاب الرجل الواحد.
■ فى ٢٥ يناير فجر الشباب الثورة، وبعد إزاحة رأس النظام لا يزالون بعيدين عن مراكز اتخاذ القرار، ونفاجأ كل فترة بقانون يصدر هكذا دون نقاش وبقرار منفرد.. فى ظل هذا الوضع كيف تقرأ المستقبل؟
- صعب أن يتنبأ أحد بالمستقبل فى مصر، ولا أحد فكر فى تنظيم المرحلة الانتقالية، فلا المجلس العسكرى ولا الأحزاب ولا حتى شباب الثورة وضعوا خطة لما سوف يحدث فى تلك المرحلة، فكان رحيل مبارك هو المطلب الرئيسى، لكن ليس هناك خطة متفق عليها لإدارة المرحلة، وهذا أيضا أمر مفهوم، خاصة حين نرى أن الأمن والوزارات والمسؤولين فى كل قطاعات الدولة من الجيل القديم، وحتى فى المؤسسات الإعلامية الرسمية التغيير قليل، وقبل فترة رأيت مظاهرة للمحامين يقولون إن الثورة أزاحت مبارك لكن هناك ألف مبارك باقين فى مواقعهم، وهذه مسألة سوف تتطلب وقتا، لذلك أعتقد أن المرحلة الانتقالية سوف تستمر طويلا.
■ تستمر حتى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- لا أعتقد أن الانتخابات سوف تغلق باب المرحلة الانتقالية تماماً، وحتى الآن لا أحد يستطيع مثلا أن يقول من سيأتى رئيسا لمصر، ليس فقط من هو الشخص الذى سوف يتولى المنصب، لكن أيضا ما صلاحياته الدستورية وبالتالى مسؤولياته، وما طبيعة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والرئاسة؟.. كل هذه الأشياء لا تزال ضبابية، فمصر فى مرحلة ثورية، وهذا أمر لا يثير القلق إطلاقا، فحين بدأت الثورة الفرنسية مثلا، لم يكن هناك قادة معروفون، ولا برامج واضحة، وحتى فكرة التحول للجمهورية لم تكن مطروحة، حتى ظهرت فجأة وتحققت بعد ٣ سنوات من الثورة، لكن المهم أن المرحلة الثورية مرحلة نضج، والناس تتعلم بسرعة فى تلك المرحلة، وتعرف كيف تواجه التحديات، وكيف تحدد خطواتها.
■ بما أنك ضربت مثالاً بفرنسا، فهناك جاء الجنرال شارل ديجول للحكم، بطريقة ديمقراطية، فى مصر حاليا ظهر ٤ جنرالات سابقون كمرشحين محتملين للرئاسة.. هل يفتح هذا الباب لسيناريو «رئيس عسكرى بزى مدنى»؟
- ديجول كان عسكريا، لكن لا يمكن أن نقول إن حكمه كان حكما عسكريا هذا أولا. ثانياً: الجيش سيكون له دور فى المستقبل، فهو جزء من تاريخ الدولة فى مصر، ففى تركيا كان دور الجيش هو الأهم، ثم تقلص من ٢٠ إلى ٣٠ سنة، لكن دور الجيش موجود تاريخيا فى مصر، لكن الأهم أن يكون معروفاً ما هو دوره بالتحديد، وما هو خارج إطار سلطاته.
■ وماذا عن فكرة ضمان الجيش مدنية الدولة؟
- هذه فكرة عجيبة جدا، فكيف تكون مؤسسة عسكرية هى ضمانة المدنية؟. وعامة هذه المقولة يرددها تيار كان مؤيداً لمبارك خوفا من الإسلاميين، وهذا أمر مرفوض.
والمشكلة أن البعض من المثقفين يعتقد أن الشعب جاهل ولا يستطيع أن يأخذ قراراً بشكل سليم، وهذا أمر آخر مرفوض أيضا، فالديمقراطية هى الديمقراطية، ومَنْ يستطيع أن يقول إن صوت المثقف مثلا أهم من صوت العامل؟ لا أحد فالموضوع أن لكل مواطن حقاً أصيلاً فى اختيار ما يراه مناسبا، وأحيانا يأخذ بعض المثقفين مواقف غير موفقة.
وأعتقد أنه فى جو ديمقراطى لن تكون هناك دولة دينية مثل السعودية أو طالبان، وبشكل شخصى أعتقد أن شريحة واسعة من الذين يصوتون للإسلاميين لا يريدون هذه النماذج.
■ عادت «فزاعة الإسلاميين» مرة أخرى كما يقول البعض، بعد تصريحات مثيرة لقيادات التيار الدينى وبعد الصعود الكبير للإخوان المسلمين.. فكيف تقرأ هذا الطرح؟
- فى البداية كان الإخوان موحدين، ولديهم برنامج سهل وفضفاض، بسبب الضغوط الأمنية، لكن مشكلة الإخوان حالياً فى الشارع، ولا يستطيعون أن يقولوا شيئا ويفعلوا نقيضه، طبعا بعضهم يفعل ذلك لكن هناك وسائل إعلام تنشر، «وإنترنت» يحتوى على أرشيف، وشارعاً يتعلم بسرعة، وأتمنى أن يصل الإخوان للحكم لنعرف ما هى برامجهم الحقيقية.
أظن أن المناخ الديمقراطى هو الأهم ولا يجوز أن يقال إن الجيش هو الضامن للدولة المدنية، فالشعب هو الضامن الوحيد للديمقراطية.
■ هناك انتقادات متبادلة بين الليبراليين والإسلاميين حول الديمقراطية.. هذا الجدل الحاد كيف تفسره؟
- ليس هذا هو الحوار الأهم رغم أنه يظهر أمام الناس للأسف كأنه حلبة الصراع الوحيدة، وأعتقد أن الليبراليين والإسلاميين سعداء بهذا الصراع الوهمى، كى لا يجيبوا عن أسئلة تتعلق بالاقتصاد والتغيرات الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وحتى ما معنى الديمقراطية، وطرق تطبيقها، وما معنى الدولة المدنية، فليس هناك نموذج موحد لها يمكن استنساخه.
وحتى مع اعترافنا بأن هناك مشكلة فى المستوى الثقافى للجمهور، وهناك حاجة لعملية تثقيف واسعة، لكن وبكل الأحوال لا يجوز أن يعتقد أحد أن عليه أن «يربى» الشعب أولا ٢٠ سنة ثم «يعطيه» الحق فى اتخاذ القرار.
■ طرح وجود المجلس العسكرى وحكومة شرف معاً تساؤلات حول ازدواج السلطة فى مصر.. إلى أى مدى تعتقد فى هذا التناقض؟
- هناك تناقضات داخل كل سلطة، فحتى المجلس العسكرى ليست لديه رؤية موحدة حول العديد من الأمور، مثلا ما هو موقفه حول الرواتب، والموازنة العامة للدولة، والتنمية الاقتصادية؟ ربما تكون لديه مواقف عامة لكن ليس أكثر من ذلك، أيضا داخل الحكومة الحالية هناك تناقضات مماثلة واختلاف فى الرؤى، لأنه لا يوجد اتجاه عام أو خطة واضحة.
■ هذا يجرنا لسؤال آخر، حول أداء الحكومة خاصة فى موضوع الاقتراض من الخارج لسد العجز فى الموازنة.. كيف تقيم تلك الخطوة؟
- يجب أولا أن نعرف الدور السيئ الذى قامت به المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك الدولى وصندوق النقد فيما يتعلق بمصر، ولنعد لما كانوا يكتبونه عن انتعاش الاقتصاد فى عهد مبارك، ودعمهم للنظام السابق وهم يعرفون جيدا ماذا يجرى على الأرض. هنا على شباب الثورة أن يكون لهم موقف واضح تجاه تلك المؤسسات التى دعمت الديكتاتورية، وهذا التأييد لم يكن سياسيا فقط بالتقارير، لكنه كان تأييدا اقتصاديا أيضا.
ثانياً تلك المؤسسات الدولية تضع خططا وشروطا ليست بالتأكيد حقائق علمية مسلماً بها، فالعالم كله رأى كيف فجرت قرارات البنك الدولى وغيره الأزمة الآسيوية فى التسعينيات، ومعظم دول آسيا قطعت علاقتها بتلك المؤسسات والجهات، ورفضت اتفاقية واشنطن حول الليبرالية الاقتصادية، وحققت تقدما مهما.
■ هل مصر فى وضع يسمح لها بأن تأخذ قراراً مماثلاً لما فعلته الدول الآسيوية؟
- علينا أن نعترف بأن وضع مصر الاقتصادى صعب، لكن هذا لا يمنع أن تكون لدى حكومة القاهرة رؤية واضحة، وأن تتفاوض بشراسة، ولا تقبل كل الشروط.
لكن هناك ملامح تثير القلق، مثلا فى مصر الآن نقاش ضخم حول الضرائب، وهذا نقاش غريب فى الحقيقة، فحتى فى الدول الرأسمالية الكبرى، تُفرض ضرائب تصاعدية، لكن فى مصر يثور البعض حين تقول الحكومة إنها سوف تفرض ضريبة ٢٠ أو ٢٥% على من يصل دخله إلى ١٠٠ ألف جنيه، وهذا غير منطقى ففى فرنسا مثلا إذا تجاوز دخلك مبلغا بعينه تدفع ٥٠% منه ضرائب للدولة التى تعيده للفقراء فى صورة خدمات.
■ هناك محللون تخوفوا من موجة الدعم الاقتصادى المعروضة على مصر من دول غربية باعتبارها محاولة لإيجاد قدم فى «مصر الثورة».. هل تتفق مع هذه الرؤى؟
- بتقديرى ليست مشكلة أصلا أن تحاول بعض الدول إيجاد موطئ قدم، فهذا أمر طبيعى لأن كل الدول تتحرك حسب مصالحها، ومصر دولة مهمة للغاية، لكن المشكلة أننى لا أشعر بأن هناك حكومة مصرية لديها خطة واضحة فيما يتعلق بالاقتصاد تتفاوض على أساسها وتأخذ ما تريد وترفض ما لا يناسبها. وما أخشاه أن تأخذ الحكومة المصرية المواقف الاقتصادية للولايات المتحدة باعتبارها «مواقف مبدئية»، وهذا طريق سيؤدى لأن تخسر مصر كثيراً.
■ بمناسبة الضرائب كيف تفسر تراجع الحكومة السريع عن الضريبة الجديدة؟
- فكرة الضرائب كانت مفيدة جدا للاقتصاد المصرى، لكن الحكومة تراجعت بسرعة، وبشكل شخصى حين وصلت إلى مصر اندهشت من الحديث بفزع عن محورى الأمن والاقتصاد، وشخصيا مصر من أكثر الدول التى أشعر فيها بالأمان، والقاهرة مثلا من العواصم القليلة جدا التى يمكنك أن تخرج فيها فى وقت متأخر من الليل للشارع وتعود سالما.
أما عن الاقتصاد فهناك مشاكل، ربما ورثتها الحكومة مما قبل الثورة، لكن إثارة فزع الشعب من الاقتصاد رسالة هدفها النهائى أن يعود المواطنون إلى منازلهم، فالثورة انتهت، وهذا أسلوب لا يحل المشاكل الاقتصادية.
■ وسط هذه الظروف هل تعتقد أن «مصر الثورة» قادرة على شق طريق اقتصادى مختلف وتفادى ضغوط الدول الكبرى؟
- الثورة المصرية حدثت فى عالم يتغير وهذا شىء مهم جدا ومفيد لمصر، فلسنا فى التسعينيات حيث كان هناك النموذج الاقتصادى الأمريكى وحده، أما الآن فلدينا نماذج بعيدة عن اتفاقية واشنطن الاقتصادية، مثل الصين والهند والبرازيل وهى قوى اقتصادية صاعدة ومميزة، لذلك هناك إمكانية لدولة بحجم مصر أن تقرر مستقبلها الاقتصادى.
طبعا العلاقات الاقتصادية مع أوروبا وأمريكا مهمة، لكن هناك خيارات أخرى، فلابد أن تستوعب مصر هذا التغير الاقتصادى التاريخى، وهذا مهم للغاية لدعم الثورة المصرية، وعلى الثوار أن يعرفوا أنهم فى عالم جديد، وأن يتعاملوا على هذا الأساس.
■ أليس غريبا أن يختفى اليسار فى مصر فى الوقت الذى تتصاعد فيه مطالب شعبية هى بالأساس على أجندته؟
- بالتأكيد اليسار المصرى خسر للغاية. فتجربة حزب التجمع ومواقفه المؤيدة للنظام أدت لخسارة حقيقية، لكن هناك حركات يسارية كانت مشاركة فى الثورة ومن البداية، وكذلك هناك النقابات المستقلة، وأرى محاولات تطور فى القطاع العمالى، وربما تكون لاعبا مؤثراً، لكن المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد برنامج شامل لحقوق العمال والفلاحين يرفعه اليسار.
■ بالنسبة للعمال هم الآن فى مرمى سهام «الفئوية» وهناك قانون لتجريم الاحتجاجات طرحته حكومة جاءت عبر احتجاج أصلا.. كيف تقرأ هذا الملف؟
- لنبدأ بما يسمونها مطالب فئوية، هل من المعقول أن نعتبر مطالبة عامل فقير بأجره مطلب فئوى يجب تأجيله؟ فى الوقت الذى يرفض فيه رجال الأعمال دفع ضرائب للدولة ويهددون بمؤشر البورصة رغم أنه ليس معبرا عن الاقتصاد المصرى، فتستجيب الدولة وتلغى الضريبة فى ٢٤ ساعة.
■ وماذا عن تحرك العمال نقابيا.. لدينا الآن اتحاد رسمى وآخر مستقل، واتحاد أعلنت قيادات الإخوان عزمهم تأسيسه تحت عنوان اتحاد عمال الإخوان المسلمين؟
- الأصل أن هذه نقابات للعمال، ولا يجب أن تكون خاضعة لحزب بعينه، وأتوقع أن ينتهى اتحاد العمال الحكومى، وألا تنجح نقابة عمال الإخوان، أما النقابات الحرة فلديها فرصة، وقد قابلت بعضا من العمال هنا ولديهم وعى جيد جدا فيما يتعلق بالمطالب وحتى بتاريخ الحركة العمالية فى مصر المستمر منذ نحو قرن كامل.
وببساطة إذا أراد اليسار أن يكون له دور بين التيارين الليبرالى والدينى فعليه أن يعود لدوره الحقيقى وسط العمال.
■ لنبتعد قليلا عن الاقتصاد ولنتحدث عن الإعلام.. كيف تقرأ المشهد الإعلامى المصرى بعد الثورة؟
- المشهد اتسع، لكن ما يشغلنى الآن هو مصير المؤسسات الصحفية القومية، فمن النظرة الأولى على الخريطة الإعلامية تجد أن هناك فضائيات، وإعلاماً مستقلاً، لكن الكتلة القومية التى كانت تؤيد مبارك أصبحت تؤيد المجلس العسكرى، وفى مصر يقولون «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»، ومصير المؤسسات القومية والتليفزيون الحكومى هو ما يشغلنى الآن.
■ هناك انتقادات حادة موجهة للإعلام، والمجلس العسكرى فى آخر بياناته ينتقد وسائل الإعلام ويطالبها بتحرى الدقة، ومؤخرا أحيل ٣ صحفيين للنيابة العسكرية.. هل الإعلام على أبواب مأزق جديد مع السلطة؟
- كما قلت لك المشهد اتسع، ولم يعد بمقدور أحد أن يفكر فى الإعلام بطريقة الستينيات، والمجلس العسكرى والجنرالات من جيل مبارك لا يتصورون كيف يمكن لشاب فى العشرينيات أن يقف فى مؤتمر وينتقدهم بشجاعة.
لكن لابد أن نعترف بأن الصحافة المصرية لديها مشكلات عميقة، فما ينشر اليوم تكذبه الصحف غداً، وعلى الإعلاميين أن تكون لديهم ثقافة التأكد من المصادر، فإذا قال أحد شباب تنظيمات الثورة إنه يؤيد مظاهرة ما تخرج الصحف فى اليوم التالى لتعلن تأييد شباب الثورة للمظاهرة أو الاحتجاج، وهذا أمر غير دقيق أبدا ويحتاج كما قلت لثقافة التأكد من المصادر.
■ أصبح مستخدمو الإنترنت فى مصر نحو ٢٣ مليوناً، وبدأت المصادر الرسمية تتراجع لصالح صحافة أقرب لصحافة المواطن خاصة على الإنترنت.. هل يتراجع دور الصحفى؟ وهل الصحافة قادرة على تطوير أدواتها لتستوعب هذا الزخم الجديد؟
- انتشار الإنترنت واستخدامها بكثافة مصدر جديد للأخبار، وهذا لا يثير القلق، نعم على الميديا أن تتطور، ونعم هناك دور متزايد للصحفى المواطن، لكن لنقل إن الأفراد كانوا دائما صانعى الأحداث، فيما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتعامل مع المصادر الرسمية أكثر وتركز عليها. هذه المعادلة سوف تتغير بالتأكيد، لكن دور الصحفى سيظل موجودا بلا شك فهو الذى ينقل الخبر، ويعرض وجهات النظر المختلفة، وهو من يقرر إبراز خبر بعينه أو معلومة بعينها.
آلان جريش رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية: لا أحد فى «مصر الثورة» يريد الإجابة عن سؤال الإقتصاد: كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
حوار أحمد محجوب ١/ ٧/ ٢٠١١
آلان جريش
صحفى مخضرم قاد إحدى كبرى المؤسسات الصحفية فى فرنسا، ويسارى بارز، ومحلل سياسى عاصر الأحداث الكبرى فى مصر حيث ولد عام ١٩٤٨. الصحفى الفرنسى آلان جريش يقرأ «زحام المواقف» فى الثورة المصرية، ويحلل التغيرات وحالة «حرب التصريحات» التى تدور فى مصر، دون أن يغيب عن ذهنه أنه أمام شعب ثار وانتصر، ودولة تتطلع لمستقبل مختلف، ومجتمع فى مرحلة إعادة تشكيل.
فى هذا الحوار يفتح آلان جريش، رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك»، ملفات الاقتصاد، والإعلام والأداء الحكومى، ومدنية الدولة والانتخابات، وبناء نظام ديمقراطى ويطرح تساؤلات حول «الهوية الاقتصادية» لمصر الجديدة، والتعقيدات الدولية التى على القاهرة أن تستوعبها وتتفاوض حولها «بشراسة» لتبتكر طريقها الخاص، وإلى نص الحوار:
■ الآن وبعد ٥ شهور تقريبا على الثورة.. يبدو المشهد السياسى المصرى مرتبكا للغاية، ولا يكاد النقاش يهدأ فى قضية حتى يبدأ فى قضية أخرى.. كيف تقرأ هذا المشهد المضطرب؟
- ما يحدث فى مصر الآن طبيعى جداً، فالشعب كان موحداً حول رحيل مبارك، وحين رحل عن السلطة ظهرت الاختلافات، وهو أمر منطقى، فميدان التحرير وحد المصريين ضد مبارك، وميدان التحرير كان يضم الجميع، لكن الأهم أن ما تغير أن الخوف رحل وعادت الكرامة، ولا أظن أن الشعب مستعد أن يكون هناك نظام يعتدى عليه ويقمعه ويأخذ منه أموالا دون وجه حق.
■ عادت مؤخراً حالات التعذيب ليظهر على السطح، مرة أخرى المتهم الرئيسى.. هل تعود الثورة إلى الوراء؟
- مبدئيا، أنا ولدت فى مصر عام ١٩٤٨، وشاهدت تجربة ناصر (جمال عبدالناصر)، وكانت هناك مقولة شائعة أن من يقبض عليه ويذهبون به إلى الكوميسارية (مركز الشرطة) يتعرض للضرب أولا ثم يبدأ التحقيق معه، لذلك هذه للأسف ثقافة متجذرة فى مصر. لكن ما أراه أن هذه النقطة المتعلقة بكرامة الإنسان لن تعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ٢٥ يناير، ولا أعتقد أن الناس سوف تقبل بالعودة للقمع، وهناك صحف وفضائيات وإنترنت وميدان تحرير يمكن العودة إليه.
■ تبدو متفائلا للغاية، لكن البعض متخوف من عودة القمع تحت دعاوى مختلفة فما تعليقك؟
- بالتأكيد لا يمكن الجزم بشكل قطعى حول المستقبل، فربما تنشب حرب تكون مصر طرفاً فيها وتفرض السلطات إجراءات استثنائية، لكن بشكل عام تظل الكرامة الإنسانية أهم ما أنجزته الثورة، وحتى فى فرنسا وهى دولة لديها ثقافة حقوقية قوية، توجد مشاكل مع الشرطة، لكنى أظن أن نزول المدنيين إلى الشوارع ودفاعهم عن حقهم، وما ينشره الإعلام يجعل العودة للوراء صعبة جداً.
■ هناك مخاوف من طريقة كتابة الدستور الجديد فى ظل مطالبة الجميع تقريبا بـ«كوتة دستورية»، فالمجلس العسكرى يتحدث عن «وضع خاص» للجيش، والإسلاميون يحاربون من أجل «كوتة شريعة» والكنيسة تطالب بـ«ضمانات» فهل يخرج الدستور المصرى على طريقة «الحصص» كما فى لبنان والعراق؟
- فى العالم كله توجد تفاهمات حول الدستور، وحتى تفاهمات المجلس العسكرى والإخوان مسألة مؤقتة، ومن الطبيعى أن يتفاهم الجزء الوحيد المتماسك من الدولة مع الفصيل الوحيد المنظم فى الشارع، خاصة فى هذه المرحلة.
والمشكلة الحقيقية هى غياب أى نقاش حول الهوية الاقتصادية للدولة، فالحوار الحالى محصور فى دور الشريعة، لكن لا يوجد حوار حول المشكلة الأساسية لهذا البلد، وهى التنمية الاقتصادية، وإعادة توزيع الثروة.
التنمية الاقتصادية أيضا معناها تحقيق عدالة اجتماعية، ولو نتذكر كان شعار الثورة فى يومها الأول «خبز.. حرية.. عدالة اجتماعية»، لكن الجميع يرفضون مناقشة الأمر رغم خطورته الشديدة، وأنا أعتقد أن مشاكل الشارع المصرى معظمها اقتصادية، خاصة مع «لقمة العيش» كما تقولون، هذا لا يعنى أن الشعب لا يهتم بالحريات، لكن السؤال الأصعب هو كيف نوفر «لقمة العيش» هذه للمصريين دون المساس بالحريات، وبشكل كريم وعادل لا يدفع ثمنه الفقراء، الذين هم الوقود الحقيقى للثورة، وهم أكثر من دفع الثمن أيام مبارك؟
■ «الدستور أولا أم الانتخابات أولا»؟.. يبدو هذا السؤال هو أكثر الأسئلة التى تشغل المصريين حاليا.. كيف تقيم هذا النقاش الحاد الذى يكاد يصل لدرجة المعركة؟
- مبدئياً هناك ١٨ مليون مواطن صوتوا للاستفتاء ويجب ألا نعود للوراء، ويجب أن نحترم أصواتهم، وبشكل شخصى أعتقد أن انتخاب المحليات أكثر أهمية، فعلى مستوى القرية أو المدينة الصغيرة، يمكن للمواطن أن يدرك قيمة صوته، وأن يراقب بدقة تصرفات المرشحين والمسؤولين، ويحاسبهم ويعزلهم إذا لم يستجيبوا لتطلعاته، لذلك ربما تكون تلك الانتخابات المرحلة الأولى للوصول لديمقراطية حقيقية.
لكن المشكلة أن الأحزاب فى مصر تتجه للانتخابات دون برامج حقيقية وواضحة، فهنا كانت الأحزاب القديمة تابعة للنظام، وهذه مشكلة ضخمة، والجديدة بلا برامج، والتكتلات السياسية هى تكتلات وراء أشخاص للأسف، وليست وراء برامج محددة أو أيديولوجيا بعينها، فهى أحزاب الرجل الواحد.
■ فى ٢٥ يناير فجر الشباب الثورة، وبعد إزاحة رأس النظام لا يزالون بعيدين عن مراكز اتخاذ القرار، ونفاجأ كل فترة بقانون يصدر هكذا دون نقاش وبقرار منفرد.. فى ظل هذا الوضع كيف تقرأ المستقبل؟
- صعب أن يتنبأ أحد بالمستقبل فى مصر، ولا أحد فكر فى تنظيم المرحلة الانتقالية، فلا المجلس العسكرى ولا الأحزاب ولا حتى شباب الثورة وضعوا خطة لما سوف يحدث فى تلك المرحلة، فكان رحيل مبارك هو المطلب الرئيسى، لكن ليس هناك خطة متفق عليها لإدارة المرحلة، وهذا أيضا أمر مفهوم، خاصة حين نرى أن الأمن والوزارات والمسؤولين فى كل قطاعات الدولة من الجيل القديم، وحتى فى المؤسسات الإعلامية الرسمية التغيير قليل، وقبل فترة رأيت مظاهرة للمحامين يقولون إن الثورة أزاحت مبارك لكن هناك ألف مبارك باقين فى مواقعهم، وهذه مسألة سوف تتطلب وقتا، لذلك أعتقد أن المرحلة الانتقالية سوف تستمر طويلا.
■ تستمر حتى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- لا أعتقد أن الانتخابات سوف تغلق باب المرحلة الانتقالية تماماً، وحتى الآن لا أحد يستطيع مثلا أن يقول من سيأتى رئيسا لمصر، ليس فقط من هو الشخص الذى سوف يتولى المنصب، لكن أيضا ما صلاحياته الدستورية وبالتالى مسؤولياته، وما طبيعة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والرئاسة؟.. كل هذه الأشياء لا تزال ضبابية، فمصر فى مرحلة ثورية، وهذا أمر لا يثير القلق إطلاقا، فحين بدأت الثورة الفرنسية مثلا، لم يكن هناك قادة معروفون، ولا برامج واضحة، وحتى فكرة التحول للجمهورية لم تكن مطروحة، حتى ظهرت فجأة وتحققت بعد ٣ سنوات من الثورة، لكن المهم أن المرحلة الثورية مرحلة نضج، والناس تتعلم بسرعة فى تلك المرحلة، وتعرف كيف تواجه التحديات، وكيف تحدد خطواتها.
■ بما أنك ضربت مثالاً بفرنسا، فهناك جاء الجنرال شارل ديجول للحكم، بطريقة ديمقراطية، فى مصر حاليا ظهر ٤ جنرالات سابقون كمرشحين محتملين للرئاسة.. هل يفتح هذا الباب لسيناريو «رئيس عسكرى بزى مدنى»؟
- ديجول كان عسكريا، لكن لا يمكن أن نقول إن حكمه كان حكما عسكريا هذا أولا. ثانياً: الجيش سيكون له دور فى المستقبل، فهو جزء من تاريخ الدولة فى مصر، ففى تركيا كان دور الجيش هو الأهم، ثم تقلص من ٢٠ إلى ٣٠ سنة، لكن دور الجيش موجود تاريخيا فى مصر، لكن الأهم أن يكون معروفاً ما هو دوره بالتحديد، وما هو خارج إطار سلطاته.
■ وماذا عن فكرة ضمان الجيش مدنية الدولة؟
- هذه فكرة عجيبة جدا، فكيف تكون مؤسسة عسكرية هى ضمانة المدنية؟. وعامة هذه المقولة يرددها تيار كان مؤيداً لمبارك خوفا من الإسلاميين، وهذا أمر مرفوض.
والمشكلة أن البعض من المثقفين يعتقد أن الشعب جاهل ولا يستطيع أن يأخذ قراراً بشكل سليم، وهذا أمر آخر مرفوض أيضا، فالديمقراطية هى الديمقراطية، ومَنْ يستطيع أن يقول إن صوت المثقف مثلا أهم من صوت العامل؟ لا أحد فالموضوع أن لكل مواطن حقاً أصيلاً فى اختيار ما يراه مناسبا، وأحيانا يأخذ بعض المثقفين مواقف غير موفقة.
وأعتقد أنه فى جو ديمقراطى لن تكون هناك دولة دينية مثل السعودية أو طالبان، وبشكل شخصى أعتقد أن شريحة واسعة من الذين يصوتون للإسلاميين لا يريدون هذه النماذج.
■ عادت «فزاعة الإسلاميين» مرة أخرى كما يقول البعض، بعد تصريحات مثيرة لقيادات التيار الدينى وبعد الصعود الكبير للإخوان المسلمين.. فكيف تقرأ هذا الطرح؟
- فى البداية كان الإخوان موحدين، ولديهم برنامج سهل وفضفاض، بسبب الضغوط الأمنية، لكن مشكلة الإخوان حالياً فى الشارع، ولا يستطيعون أن يقولوا شيئا ويفعلوا نقيضه، طبعا بعضهم يفعل ذلك لكن هناك وسائل إعلام تنشر، «وإنترنت» يحتوى على أرشيف، وشارعاً يتعلم بسرعة، وأتمنى أن يصل الإخوان للحكم لنعرف ما هى برامجهم الحقيقية.
أظن أن المناخ الديمقراطى هو الأهم ولا يجوز أن يقال إن الجيش هو الضامن للدولة المدنية، فالشعب هو الضامن الوحيد للديمقراطية.
■ هناك انتقادات متبادلة بين الليبراليين والإسلاميين حول الديمقراطية.. هذا الجدل الحاد كيف تفسره؟
- ليس هذا هو الحوار الأهم رغم أنه يظهر أمام الناس للأسف كأنه حلبة الصراع الوحيدة، وأعتقد أن الليبراليين والإسلاميين سعداء بهذا الصراع الوهمى، كى لا يجيبوا عن أسئلة تتعلق بالاقتصاد والتغيرات الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وحتى ما معنى الديمقراطية، وطرق تطبيقها، وما معنى الدولة المدنية، فليس هناك نموذج موحد لها يمكن استنساخه.
وحتى مع اعترافنا بأن هناك مشكلة فى المستوى الثقافى للجمهور، وهناك حاجة لعملية تثقيف واسعة، لكن وبكل الأحوال لا يجوز أن يعتقد أحد أن عليه أن «يربى» الشعب أولا ٢٠ سنة ثم «يعطيه» الحق فى اتخاذ القرار.
■ طرح وجود المجلس العسكرى وحكومة شرف معاً تساؤلات حول ازدواج السلطة فى مصر.. إلى أى مدى تعتقد فى هذا التناقض؟
- هناك تناقضات داخل كل سلطة، فحتى المجلس العسكرى ليست لديه رؤية موحدة حول العديد من الأمور، مثلا ما هو موقفه حول الرواتب، والموازنة العامة للدولة، والتنمية الاقتصادية؟ ربما تكون لديه مواقف عامة لكن ليس أكثر من ذلك، أيضا داخل الحكومة الحالية هناك تناقضات مماثلة واختلاف فى الرؤى، لأنه لا يوجد اتجاه عام أو خطة واضحة.
■ هذا يجرنا لسؤال آخر، حول أداء الحكومة خاصة فى موضوع الاقتراض من الخارج لسد العجز فى الموازنة.. كيف تقيم تلك الخطوة؟
- يجب أولا أن نعرف الدور السيئ الذى قامت به المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك الدولى وصندوق النقد فيما يتعلق بمصر، ولنعد لما كانوا يكتبونه عن انتعاش الاقتصاد فى عهد مبارك، ودعمهم للنظام السابق وهم يعرفون جيدا ماذا يجرى على الأرض. هنا على شباب الثورة أن يكون لهم موقف واضح تجاه تلك المؤسسات التى دعمت الديكتاتورية، وهذا التأييد لم يكن سياسيا فقط بالتقارير، لكنه كان تأييدا اقتصاديا أيضا.
ثانياً تلك المؤسسات الدولية تضع خططا وشروطا ليست بالتأكيد حقائق علمية مسلماً بها، فالعالم كله رأى كيف فجرت قرارات البنك الدولى وغيره الأزمة الآسيوية فى التسعينيات، ومعظم دول آسيا قطعت علاقتها بتلك المؤسسات والجهات، ورفضت اتفاقية واشنطن حول الليبرالية الاقتصادية، وحققت تقدما مهما.
■ هل مصر فى وضع يسمح لها بأن تأخذ قراراً مماثلاً لما فعلته الدول الآسيوية؟
- علينا أن نعترف بأن وضع مصر الاقتصادى صعب، لكن هذا لا يمنع أن تكون لدى حكومة القاهرة رؤية واضحة، وأن تتفاوض بشراسة، ولا تقبل كل الشروط.
لكن هناك ملامح تثير القلق، مثلا فى مصر الآن نقاش ضخم حول الضرائب، وهذا نقاش غريب فى الحقيقة، فحتى فى الدول الرأسمالية الكبرى، تُفرض ضرائب تصاعدية، لكن فى مصر يثور البعض حين تقول الحكومة إنها سوف تفرض ضريبة ٢٠ أو ٢٥% على من يصل دخله إلى ١٠٠ ألف جنيه، وهذا غير منطقى ففى فرنسا مثلا إذا تجاوز دخلك مبلغا بعينه تدفع ٥٠% منه ضرائب للدولة التى تعيده للفقراء فى صورة خدمات.
■ هناك محللون تخوفوا من موجة الدعم الاقتصادى المعروضة على مصر من دول غربية باعتبارها محاولة لإيجاد قدم فى «مصر الثورة».. هل تتفق مع هذه الرؤى؟
- بتقديرى ليست مشكلة أصلا أن تحاول بعض الدول إيجاد موطئ قدم، فهذا أمر طبيعى لأن كل الدول تتحرك حسب مصالحها، ومصر دولة مهمة للغاية، لكن المشكلة أننى لا أشعر بأن هناك حكومة مصرية لديها خطة واضحة فيما يتعلق بالاقتصاد تتفاوض على أساسها وتأخذ ما تريد وترفض ما لا يناسبها. وما أخشاه أن تأخذ الحكومة المصرية المواقف الاقتصادية للولايات المتحدة باعتبارها «مواقف مبدئية»، وهذا طريق سيؤدى لأن تخسر مصر كثيراً.
■ بمناسبة الضرائب كيف تفسر تراجع الحكومة السريع عن الضريبة الجديدة؟
- فكرة الضرائب كانت مفيدة جدا للاقتصاد المصرى، لكن الحكومة تراجعت بسرعة، وبشكل شخصى حين وصلت إلى مصر اندهشت من الحديث بفزع عن محورى الأمن والاقتصاد، وشخصيا مصر من أكثر الدول التى أشعر فيها بالأمان، والقاهرة مثلا من العواصم القليلة جدا التى يمكنك أن تخرج فيها فى وقت متأخر من الليل للشارع وتعود سالما.
أما عن الاقتصاد فهناك مشاكل، ربما ورثتها الحكومة مما قبل الثورة، لكن إثارة فزع الشعب من الاقتصاد رسالة هدفها النهائى أن يعود المواطنون إلى منازلهم، فالثورة انتهت، وهذا أسلوب لا يحل المشاكل الاقتصادية.
■ وسط هذه الظروف هل تعتقد أن «مصر الثورة» قادرة على شق طريق اقتصادى مختلف وتفادى ضغوط الدول الكبرى؟
- الثورة المصرية حدثت فى عالم يتغير وهذا شىء مهم جدا ومفيد لمصر، فلسنا فى التسعينيات حيث كان هناك النموذج الاقتصادى الأمريكى وحده، أما الآن فلدينا نماذج بعيدة عن اتفاقية واشنطن الاقتصادية، مثل الصين والهند والبرازيل وهى قوى اقتصادية صاعدة ومميزة، لذلك هناك إمكانية لدولة بحجم مصر أن تقرر مستقبلها الاقتصادى.
طبعا العلاقات الاقتصادية مع أوروبا وأمريكا مهمة، لكن هناك خيارات أخرى، فلابد أن تستوعب مصر هذا التغير الاقتصادى التاريخى، وهذا مهم للغاية لدعم الثورة المصرية، وعلى الثوار أن يعرفوا أنهم فى عالم جديد، وأن يتعاملوا على هذا الأساس.
■ أليس غريبا أن يختفى اليسار فى مصر فى الوقت الذى تتصاعد فيه مطالب شعبية هى بالأساس على أجندته؟
- بالتأكيد اليسار المصرى خسر للغاية. فتجربة حزب التجمع ومواقفه المؤيدة للنظام أدت لخسارة حقيقية، لكن هناك حركات يسارية كانت مشاركة فى الثورة ومن البداية، وكذلك هناك النقابات المستقلة، وأرى محاولات تطور فى القطاع العمالى، وربما تكون لاعبا مؤثراً، لكن المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد برنامج شامل لحقوق العمال والفلاحين يرفعه اليسار.
■ بالنسبة للعمال هم الآن فى مرمى سهام «الفئوية» وهناك قانون لتجريم الاحتجاجات طرحته حكومة جاءت عبر احتجاج أصلا.. كيف تقرأ هذا الملف؟
- لنبدأ بما يسمونها مطالب فئوية، هل من المعقول أن نعتبر مطالبة عامل فقير بأجره مطلب فئوى يجب تأجيله؟ فى الوقت الذى يرفض فيه رجال الأعمال دفع ضرائب للدولة ويهددون بمؤشر البورصة رغم أنه ليس معبرا عن الاقتصاد المصرى، فتستجيب الدولة وتلغى الضريبة فى ٢٤ ساعة.
■ وماذا عن تحرك العمال نقابيا.. لدينا الآن اتحاد رسمى وآخر مستقل، واتحاد أعلنت قيادات الإخوان عزمهم تأسيسه تحت عنوان اتحاد عمال الإخوان المسلمين؟
- الأصل أن هذه نقابات للعمال، ولا يجب أن تكون خاضعة لحزب بعينه، وأتوقع أن ينتهى اتحاد العمال الحكومى، وألا تنجح نقابة عمال الإخوان، أما النقابات الحرة فلديها فرصة، وقد قابلت بعضا من العمال هنا ولديهم وعى جيد جدا فيما يتعلق بالمطالب وحتى بتاريخ الحركة العمالية فى مصر المستمر منذ نحو قرن كامل.
وببساطة إذا أراد اليسار أن يكون له دور بين التيارين الليبرالى والدينى فعليه أن يعود لدوره الحقيقى وسط العمال.
■ لنبتعد قليلا عن الاقتصاد ولنتحدث عن الإعلام.. كيف تقرأ المشهد الإعلامى المصرى بعد الثورة؟
- المشهد اتسع، لكن ما يشغلنى الآن هو مصير المؤسسات الصحفية القومية، فمن النظرة الأولى على الخريطة الإعلامية تجد أن هناك فضائيات، وإعلاماً مستقلاً، لكن الكتلة القومية التى كانت تؤيد مبارك أصبحت تؤيد المجلس العسكرى، وفى مصر يقولون «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»، ومصير المؤسسات القومية والتليفزيون الحكومى هو ما يشغلنى الآن.
■ هناك انتقادات حادة موجهة للإعلام، والمجلس العسكرى فى آخر بياناته ينتقد وسائل الإعلام ويطالبها بتحرى الدقة، ومؤخرا أحيل ٣ صحفيين للنيابة العسكرية.. هل الإعلام على أبواب مأزق جديد مع السلطة؟
- كما قلت لك المشهد اتسع، ولم يعد بمقدور أحد أن يفكر فى الإعلام بطريقة الستينيات، والمجلس العسكرى والجنرالات من جيل مبارك لا يتصورون كيف يمكن لشاب فى العشرينيات أن يقف فى مؤتمر وينتقدهم بشجاعة.
لكن لابد أن نعترف بأن الصحافة المصرية لديها مشكلات عميقة، فما ينشر اليوم تكذبه الصحف غداً، وعلى الإعلاميين أن تكون لديهم ثقافة التأكد من المصادر، فإذا قال أحد شباب تنظيمات الثورة إنه يؤيد مظاهرة ما تخرج الصحف فى اليوم التالى لتعلن تأييد شباب الثورة للمظاهرة أو الاحتجاج، وهذا أمر غير دقيق أبدا ويحتاج كما قلت لثقافة التأكد من المصادر.
■ أصبح مستخدمو الإنترنت فى مصر نحو ٢٣ مليوناً، وبدأت المصادر الرسمية تتراجع لصالح صحافة أقرب لصحافة المواطن خاصة على الإنترنت.. هل يتراجع دور الصحفى؟ وهل الصحافة قادرة على تطوير أدواتها لتستوعب هذا الزخم الجديد؟
- انتشار الإنترنت واستخدامها بكثافة مصدر جديد للأخبار، وهذا لا يثير القلق، نعم على الميديا أن تتطور، ونعم هناك دور متزايد للصحفى المواطن، لكن لنقل إن الأفراد كانوا دائما صانعى الأحداث، فيما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتعامل مع المصادر الرسمية أكثر وتركز عليها. هذه المعادلة سوف تتغير بالتأكيد، لكن دور الصحفى سيظل موجودا بلا شك فهو الذى ينقل الخبر، ويعرض وجهات النظر المختلفة، وهو من يقرر إبراز خبر بعينه أو معلومة بعينها.
كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
--------------------------------------------------------------------------------
آلان جريش رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية: لا أحد فى «مصر الثورة» يريد الإجابة عن سؤال الإقتصاد: كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
حوار أحمد محجوب ١/ ٧/ ٢٠١١
آلان جريش
صحفى مخضرم قاد إحدى كبرى المؤسسات الصحفية فى فرنسا، ويسارى بارز، ومحلل سياسى عاصر الأحداث الكبرى فى مصر حيث ولد عام ١٩٤٨. الصحفى الفرنسى آلان جريش يقرأ «زحام المواقف» فى الثورة المصرية، ويحلل التغيرات وحالة «حرب التصريحات» التى تدور فى مصر، دون أن يغيب عن ذهنه أنه أمام شعب ثار وانتصر، ودولة تتطلع لمستقبل مختلف، ومجتمع فى مرحلة إعادة تشكيل.
فى هذا الحوار يفتح آلان جريش، رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك»، ملفات الاقتصاد، والإعلام والأداء الحكومى، ومدنية الدولة والانتخابات، وبناء نظام ديمقراطى ويطرح تساؤلات حول «الهوية الاقتصادية» لمصر الجديدة، والتعقيدات الدولية التى على القاهرة أن تستوعبها وتتفاوض حولها «بشراسة» لتبتكر طريقها الخاص، وإلى نص الحوار:
■ الآن وبعد ٥ شهور تقريبا على الثورة.. يبدو المشهد السياسى المصرى مرتبكا للغاية، ولا يكاد النقاش يهدأ فى قضية حتى يبدأ فى قضية أخرى.. كيف تقرأ هذا المشهد المضطرب؟
- ما يحدث فى مصر الآن طبيعى جداً، فالشعب كان موحداً حول رحيل مبارك، وحين رحل عن السلطة ظهرت الاختلافات، وهو أمر منطقى، فميدان التحرير وحد المصريين ضد مبارك، وميدان التحرير كان يضم الجميع، لكن الأهم أن ما تغير أن الخوف رحل وعادت الكرامة، ولا أظن أن الشعب مستعد أن يكون هناك نظام يعتدى عليه ويقمعه ويأخذ منه أموالا دون وجه حق.
■ عادت مؤخراً حالات التعذيب ليظهر على السطح، مرة أخرى المتهم الرئيسى.. هل تعود الثورة إلى الوراء؟
- مبدئيا، أنا ولدت فى مصر عام ١٩٤٨، وشاهدت تجربة ناصر (جمال عبدالناصر)، وكانت هناك مقولة شائعة أن من يقبض عليه ويذهبون به إلى الكوميسارية (مركز الشرطة) يتعرض للضرب أولا ثم يبدأ التحقيق معه، لذلك هذه للأسف ثقافة متجذرة فى مصر. لكن ما أراه أن هذه النقطة المتعلقة بكرامة الإنسان لن تعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ٢٥ يناير، ولا أعتقد أن الناس سوف تقبل بالعودة للقمع، وهناك صحف وفضائيات وإنترنت وميدان تحرير يمكن العودة إليه.
■ تبدو متفائلا للغاية، لكن البعض متخوف من عودة القمع تحت دعاوى مختلفة فما تعليقك؟
- بالتأكيد لا يمكن الجزم بشكل قطعى حول المستقبل، فربما تنشب حرب تكون مصر طرفاً فيها وتفرض السلطات إجراءات استثنائية، لكن بشكل عام تظل الكرامة الإنسانية أهم ما أنجزته الثورة، وحتى فى فرنسا وهى دولة لديها ثقافة حقوقية قوية، توجد مشاكل مع الشرطة، لكنى أظن أن نزول المدنيين إلى الشوارع ودفاعهم عن حقهم، وما ينشره الإعلام يجعل العودة للوراء صعبة جداً.
■ هناك مخاوف من طريقة كتابة الدستور الجديد فى ظل مطالبة الجميع تقريبا بـ«كوتة دستورية»، فالمجلس العسكرى يتحدث عن «وضع خاص» للجيش، والإسلاميون يحاربون من أجل «كوتة شريعة» والكنيسة تطالب بـ«ضمانات» فهل يخرج الدستور المصرى على طريقة «الحصص» كما فى لبنان والعراق؟
- فى العالم كله توجد تفاهمات حول الدستور، وحتى تفاهمات المجلس العسكرى والإخوان مسألة مؤقتة، ومن الطبيعى أن يتفاهم الجزء الوحيد المتماسك من الدولة مع الفصيل الوحيد المنظم فى الشارع، خاصة فى هذه المرحلة.
والمشكلة الحقيقية هى غياب أى نقاش حول الهوية الاقتصادية للدولة، فالحوار الحالى محصور فى دور الشريعة، لكن لا يوجد حوار حول المشكلة الأساسية لهذا البلد، وهى التنمية الاقتصادية، وإعادة توزيع الثروة.
التنمية الاقتصادية أيضا معناها تحقيق عدالة اجتماعية، ولو نتذكر كان شعار الثورة فى يومها الأول «خبز.. حرية.. عدالة اجتماعية»، لكن الجميع يرفضون مناقشة الأمر رغم خطورته الشديدة، وأنا أعتقد أن مشاكل الشارع المصرى معظمها اقتصادية، خاصة مع «لقمة العيش» كما تقولون، هذا لا يعنى أن الشعب لا يهتم بالحريات، لكن السؤال الأصعب هو كيف نوفر «لقمة العيش» هذه للمصريين دون المساس بالحريات، وبشكل كريم وعادل لا يدفع ثمنه الفقراء، الذين هم الوقود الحقيقى للثورة، وهم أكثر من دفع الثمن أيام مبارك؟
■ «الدستور أولا أم الانتخابات أولا»؟.. يبدو هذا السؤال هو أكثر الأسئلة التى تشغل المصريين حاليا.. كيف تقيم هذا النقاش الحاد الذى يكاد يصل لدرجة المعركة؟
- مبدئياً هناك ١٨ مليون مواطن صوتوا للاستفتاء ويجب ألا نعود للوراء، ويجب أن نحترم أصواتهم، وبشكل شخصى أعتقد أن انتخاب المحليات أكثر أهمية، فعلى مستوى القرية أو المدينة الصغيرة، يمكن للمواطن أن يدرك قيمة صوته، وأن يراقب بدقة تصرفات المرشحين والمسؤولين، ويحاسبهم ويعزلهم إذا لم يستجيبوا لتطلعاته، لذلك ربما تكون تلك الانتخابات المرحلة الأولى للوصول لديمقراطية حقيقية.
لكن المشكلة أن الأحزاب فى مصر تتجه للانتخابات دون برامج حقيقية وواضحة، فهنا كانت الأحزاب القديمة تابعة للنظام، وهذه مشكلة ضخمة، والجديدة بلا برامج، والتكتلات السياسية هى تكتلات وراء أشخاص للأسف، وليست وراء برامج محددة أو أيديولوجيا بعينها، فهى أحزاب الرجل الواحد.
■ فى ٢٥ يناير فجر الشباب الثورة، وبعد إزاحة رأس النظام لا يزالون بعيدين عن مراكز اتخاذ القرار، ونفاجأ كل فترة بقانون يصدر هكذا دون نقاش وبقرار منفرد.. فى ظل هذا الوضع كيف تقرأ المستقبل؟
- صعب أن يتنبأ أحد بالمستقبل فى مصر، ولا أحد فكر فى تنظيم المرحلة الانتقالية، فلا المجلس العسكرى ولا الأحزاب ولا حتى شباب الثورة وضعوا خطة لما سوف يحدث فى تلك المرحلة، فكان رحيل مبارك هو المطلب الرئيسى، لكن ليس هناك خطة متفق عليها لإدارة المرحلة، وهذا أيضا أمر مفهوم، خاصة حين نرى أن الأمن والوزارات والمسؤولين فى كل قطاعات الدولة من الجيل القديم، وحتى فى المؤسسات الإعلامية الرسمية التغيير قليل، وقبل فترة رأيت مظاهرة للمحامين يقولون إن الثورة أزاحت مبارك لكن هناك ألف مبارك باقين فى مواقعهم، وهذه مسألة سوف تتطلب وقتا، لذلك أعتقد أن المرحلة الانتقالية سوف تستمر طويلا.
■ تستمر حتى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- لا أعتقد أن الانتخابات سوف تغلق باب المرحلة الانتقالية تماماً، وحتى الآن لا أحد يستطيع مثلا أن يقول من سيأتى رئيسا لمصر، ليس فقط من هو الشخص الذى سوف يتولى المنصب، لكن أيضا ما صلاحياته الدستورية وبالتالى مسؤولياته، وما طبيعة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والرئاسة؟.. كل هذه الأشياء لا تزال ضبابية، فمصر فى مرحلة ثورية، وهذا أمر لا يثير القلق إطلاقا، فحين بدأت الثورة الفرنسية مثلا، لم يكن هناك قادة معروفون، ولا برامج واضحة، وحتى فكرة التحول للجمهورية لم تكن مطروحة، حتى ظهرت فجأة وتحققت بعد ٣ سنوات من الثورة، لكن المهم أن المرحلة الثورية مرحلة نضج، والناس تتعلم بسرعة فى تلك المرحلة، وتعرف كيف تواجه التحديات، وكيف تحدد خطواتها.
■ بما أنك ضربت مثالاً بفرنسا، فهناك جاء الجنرال شارل ديجول للحكم، بطريقة ديمقراطية، فى مصر حاليا ظهر ٤ جنرالات سابقون كمرشحين محتملين للرئاسة.. هل يفتح هذا الباب لسيناريو «رئيس عسكرى بزى مدنى»؟
- ديجول كان عسكريا، لكن لا يمكن أن نقول إن حكمه كان حكما عسكريا هذا أولا. ثانياً: الجيش سيكون له دور فى المستقبل، فهو جزء من تاريخ الدولة فى مصر، ففى تركيا كان دور الجيش هو الأهم، ثم تقلص من ٢٠ إلى ٣٠ سنة، لكن دور الجيش موجود تاريخيا فى مصر، لكن الأهم أن يكون معروفاً ما هو دوره بالتحديد، وما هو خارج إطار سلطاته.
■ وماذا عن فكرة ضمان الجيش مدنية الدولة؟
- هذه فكرة عجيبة جدا، فكيف تكون مؤسسة عسكرية هى ضمانة المدنية؟. وعامة هذه المقولة يرددها تيار كان مؤيداً لمبارك خوفا من الإسلاميين، وهذا أمر مرفوض.
والمشكلة أن البعض من المثقفين يعتقد أن الشعب جاهل ولا يستطيع أن يأخذ قراراً بشكل سليم، وهذا أمر آخر مرفوض أيضا، فالديمقراطية هى الديمقراطية، ومَنْ يستطيع أن يقول إن صوت المثقف مثلا أهم من صوت العامل؟ لا أحد فالموضوع أن لكل مواطن حقاً أصيلاً فى اختيار ما يراه مناسبا، وأحيانا يأخذ بعض المثقفين مواقف غير موفقة.
وأعتقد أنه فى جو ديمقراطى لن تكون هناك دولة دينية مثل السعودية أو طالبان، وبشكل شخصى أعتقد أن شريحة واسعة من الذين يصوتون للإسلاميين لا يريدون هذه النماذج.
■ عادت «فزاعة الإسلاميين» مرة أخرى كما يقول البعض، بعد تصريحات مثيرة لقيادات التيار الدينى وبعد الصعود الكبير للإخوان المسلمين.. فكيف تقرأ هذا الطرح؟
- فى البداية كان الإخوان موحدين، ولديهم برنامج سهل وفضفاض، بسبب الضغوط الأمنية، لكن مشكلة الإخوان حالياً فى الشارع، ولا يستطيعون أن يقولوا شيئا ويفعلوا نقيضه، طبعا بعضهم يفعل ذلك لكن هناك وسائل إعلام تنشر، «وإنترنت» يحتوى على أرشيف، وشارعاً يتعلم بسرعة، وأتمنى أن يصل الإخوان للحكم لنعرف ما هى برامجهم الحقيقية.
أظن أن المناخ الديمقراطى هو الأهم ولا يجوز أن يقال إن الجيش هو الضامن للدولة المدنية، فالشعب هو الضامن الوحيد للديمقراطية.
■ هناك انتقادات متبادلة بين الليبراليين والإسلاميين حول الديمقراطية.. هذا الجدل الحاد كيف تفسره؟
- ليس هذا هو الحوار الأهم رغم أنه يظهر أمام الناس للأسف كأنه حلبة الصراع الوحيدة، وأعتقد أن الليبراليين والإسلاميين سعداء بهذا الصراع الوهمى، كى لا يجيبوا عن أسئلة تتعلق بالاقتصاد والتغيرات الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وحتى ما معنى الديمقراطية، وطرق تطبيقها، وما معنى الدولة المدنية، فليس هناك نموذج موحد لها يمكن استنساخه.
وحتى مع اعترافنا بأن هناك مشكلة فى المستوى الثقافى للجمهور، وهناك حاجة لعملية تثقيف واسعة، لكن وبكل الأحوال لا يجوز أن يعتقد أحد أن عليه أن «يربى» الشعب أولا ٢٠ سنة ثم «يعطيه» الحق فى اتخاذ القرار.
■ طرح وجود المجلس العسكرى وحكومة شرف معاً تساؤلات حول ازدواج السلطة فى مصر.. إلى أى مدى تعتقد فى هذا التناقض؟
- هناك تناقضات داخل كل سلطة، فحتى المجلس العسكرى ليست لديه رؤية موحدة حول العديد من الأمور، مثلا ما هو موقفه حول الرواتب، والموازنة العامة للدولة، والتنمية الاقتصادية؟ ربما تكون لديه مواقف عامة لكن ليس أكثر من ذلك، أيضا داخل الحكومة الحالية هناك تناقضات مماثلة واختلاف فى الرؤى، لأنه لا يوجد اتجاه عام أو خطة واضحة.
■ هذا يجرنا لسؤال آخر، حول أداء الحكومة خاصة فى موضوع الاقتراض من الخارج لسد العجز فى الموازنة.. كيف تقيم تلك الخطوة؟
- يجب أولا أن نعرف الدور السيئ الذى قامت به المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك الدولى وصندوق النقد فيما يتعلق بمصر، ولنعد لما كانوا يكتبونه عن انتعاش الاقتصاد فى عهد مبارك، ودعمهم للنظام السابق وهم يعرفون جيدا ماذا يجرى على الأرض. هنا على شباب الثورة أن يكون لهم موقف واضح تجاه تلك المؤسسات التى دعمت الديكتاتورية، وهذا التأييد لم يكن سياسيا فقط بالتقارير، لكنه كان تأييدا اقتصاديا أيضا.
ثانياً تلك المؤسسات الدولية تضع خططا وشروطا ليست بالتأكيد حقائق علمية مسلماً بها، فالعالم كله رأى كيف فجرت قرارات البنك الدولى وغيره الأزمة الآسيوية فى التسعينيات، ومعظم دول آسيا قطعت علاقتها بتلك المؤسسات والجهات، ورفضت اتفاقية واشنطن حول الليبرالية الاقتصادية، وحققت تقدما مهما.
■ هل مصر فى وضع يسمح لها بأن تأخذ قراراً مماثلاً لما فعلته الدول الآسيوية؟
- علينا أن نعترف بأن وضع مصر الاقتصادى صعب، لكن هذا لا يمنع أن تكون لدى حكومة القاهرة رؤية واضحة، وأن تتفاوض بشراسة، ولا تقبل كل الشروط.
لكن هناك ملامح تثير القلق، مثلا فى مصر الآن نقاش ضخم حول الضرائب، وهذا نقاش غريب فى الحقيقة، فحتى فى الدول الرأسمالية الكبرى، تُفرض ضرائب تصاعدية، لكن فى مصر يثور البعض حين تقول الحكومة إنها سوف تفرض ضريبة ٢٠ أو ٢٥% على من يصل دخله إلى ١٠٠ ألف جنيه، وهذا غير منطقى ففى فرنسا مثلا إذا تجاوز دخلك مبلغا بعينه تدفع ٥٠% منه ضرائب للدولة التى تعيده للفقراء فى صورة خدمات.
■ هناك محللون تخوفوا من موجة الدعم الاقتصادى المعروضة على مصر من دول غربية باعتبارها محاولة لإيجاد قدم فى «مصر الثورة».. هل تتفق مع هذه الرؤى؟
- بتقديرى ليست مشكلة أصلا أن تحاول بعض الدول إيجاد موطئ قدم، فهذا أمر طبيعى لأن كل الدول تتحرك حسب مصالحها، ومصر دولة مهمة للغاية، لكن المشكلة أننى لا أشعر بأن هناك حكومة مصرية لديها خطة واضحة فيما يتعلق بالاقتصاد تتفاوض على أساسها وتأخذ ما تريد وترفض ما لا يناسبها. وما أخشاه أن تأخذ الحكومة المصرية المواقف الاقتصادية للولايات المتحدة باعتبارها «مواقف مبدئية»، وهذا طريق سيؤدى لأن تخسر مصر كثيراً.
■ بمناسبة الضرائب كيف تفسر تراجع الحكومة السريع عن الضريبة الجديدة؟
- فكرة الضرائب كانت مفيدة جدا للاقتصاد المصرى، لكن الحكومة تراجعت بسرعة، وبشكل شخصى حين وصلت إلى مصر اندهشت من الحديث بفزع عن محورى الأمن والاقتصاد، وشخصيا مصر من أكثر الدول التى أشعر فيها بالأمان، والقاهرة مثلا من العواصم القليلة جدا التى يمكنك أن تخرج فيها فى وقت متأخر من الليل للشارع وتعود سالما.
أما عن الاقتصاد فهناك مشاكل، ربما ورثتها الحكومة مما قبل الثورة، لكن إثارة فزع الشعب من الاقتصاد رسالة هدفها النهائى أن يعود المواطنون إلى منازلهم، فالثورة انتهت، وهذا أسلوب لا يحل المشاكل الاقتصادية.
■ وسط هذه الظروف هل تعتقد أن «مصر الثورة» قادرة على شق طريق اقتصادى مختلف وتفادى ضغوط الدول الكبرى؟
- الثورة المصرية حدثت فى عالم يتغير وهذا شىء مهم جدا ومفيد لمصر، فلسنا فى التسعينيات حيث كان هناك النموذج الاقتصادى الأمريكى وحده، أما الآن فلدينا نماذج بعيدة عن اتفاقية واشنطن الاقتصادية، مثل الصين والهند والبرازيل وهى قوى اقتصادية صاعدة ومميزة، لذلك هناك إمكانية لدولة بحجم مصر أن تقرر مستقبلها الاقتصادى.
طبعا العلاقات الاقتصادية مع أوروبا وأمريكا مهمة، لكن هناك خيارات أخرى، فلابد أن تستوعب مصر هذا التغير الاقتصادى التاريخى، وهذا مهم للغاية لدعم الثورة المصرية، وعلى الثوار أن يعرفوا أنهم فى عالم جديد، وأن يتعاملوا على هذا الأساس.
■ أليس غريبا أن يختفى اليسار فى مصر فى الوقت الذى تتصاعد فيه مطالب شعبية هى بالأساس على أجندته؟
- بالتأكيد اليسار المصرى خسر للغاية. فتجربة حزب التجمع ومواقفه المؤيدة للنظام أدت لخسارة حقيقية، لكن هناك حركات يسارية كانت مشاركة فى الثورة ومن البداية، وكذلك هناك النقابات المستقلة، وأرى محاولات تطور فى القطاع العمالى، وربما تكون لاعبا مؤثراً، لكن المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد برنامج شامل لحقوق العمال والفلاحين يرفعه اليسار.
■ بالنسبة للعمال هم الآن فى مرمى سهام «الفئوية» وهناك قانون لتجريم الاحتجاجات طرحته حكومة جاءت عبر احتجاج أصلا.. كيف تقرأ هذا الملف؟
- لنبدأ بما يسمونها مطالب فئوية، هل من المعقول أن نعتبر مطالبة عامل فقير بأجره مطلب فئوى يجب تأجيله؟ فى الوقت الذى يرفض فيه رجال الأعمال دفع ضرائب للدولة ويهددون بمؤشر البورصة رغم أنه ليس معبرا عن الاقتصاد المصرى، فتستجيب الدولة وتلغى الضريبة فى ٢٤ ساعة.
■ وماذا عن تحرك العمال نقابيا.. لدينا الآن اتحاد رسمى وآخر مستقل، واتحاد أعلنت قيادات الإخوان عزمهم تأسيسه تحت عنوان اتحاد عمال الإخوان المسلمين؟
- الأصل أن هذه نقابات للعمال، ولا يجب أن تكون خاضعة لحزب بعينه، وأتوقع أن ينتهى اتحاد العمال الحكومى، وألا تنجح نقابة عمال الإخوان، أما النقابات الحرة فلديها فرصة، وقد قابلت بعضا من العمال هنا ولديهم وعى جيد جدا فيما يتعلق بالمطالب وحتى بتاريخ الحركة العمالية فى مصر المستمر منذ نحو قرن كامل.
وببساطة إذا أراد اليسار أن يكون له دور بين التيارين الليبرالى والدينى فعليه أن يعود لدوره الحقيقى وسط العمال.
■ لنبتعد قليلا عن الاقتصاد ولنتحدث عن الإعلام.. كيف تقرأ المشهد الإعلامى المصرى بعد الثورة؟
- المشهد اتسع، لكن ما يشغلنى الآن هو مصير المؤسسات الصحفية القومية، فمن النظرة الأولى على الخريطة الإعلامية تجد أن هناك فضائيات، وإعلاماً مستقلاً، لكن الكتلة القومية التى كانت تؤيد مبارك أصبحت تؤيد المجلس العسكرى، وفى مصر يقولون «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»، ومصير المؤسسات القومية والتليفزيون الحكومى هو ما يشغلنى الآن.
■ هناك انتقادات حادة موجهة للإعلام، والمجلس العسكرى فى آخر بياناته ينتقد وسائل الإعلام ويطالبها بتحرى الدقة، ومؤخرا أحيل ٣ صحفيين للنيابة العسكرية.. هل الإعلام على أبواب مأزق جديد مع السلطة؟
- كما قلت لك المشهد اتسع، ولم يعد بمقدور أحد أن يفكر فى الإعلام بطريقة الستينيات، والمجلس العسكرى والجنرالات من جيل مبارك لا يتصورون كيف يمكن لشاب فى العشرينيات أن يقف فى مؤتمر وينتقدهم بشجاعة.
لكن لابد أن نعترف بأن الصحافة المصرية لديها مشكلات عميقة، فما ينشر اليوم تكذبه الصحف غداً، وعلى الإعلاميين أن تكون لديهم ثقافة التأكد من المصادر، فإذا قال أحد شباب تنظيمات الثورة إنه يؤيد مظاهرة ما تخرج الصحف فى اليوم التالى لتعلن تأييد شباب الثورة للمظاهرة أو الاحتجاج، وهذا أمر غير دقيق أبدا ويحتاج كما قلت لثقافة التأكد من المصادر.
■ أصبح مستخدمو الإنترنت فى مصر نحو ٢٣ مليوناً، وبدأت المصادر الرسمية تتراجع لصالح صحافة أقرب لصحافة المواطن خاصة على الإنترنت.. هل يتراجع دور الصحفى؟ وهل الصحافة قادرة على تطوير أدواتها لتستوعب هذا الزخم الجديد؟
- انتشار الإنترنت واستخدامها بكثافة مصدر جديد للأخبار، وهذا لا يثير القلق، نعم على الميديا أن تتطور، ونعم هناك دور متزايد للصحفى المواطن، لكن لنقل إن الأفراد كانوا دائما صانعى الأحداث، فيما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتعامل مع المصادر الرسمية أكثر وتركز عليها. هذه المعادلة سوف تتغير بالتأكيد، لكن دور الصحفى سيظل موجودا بلا شك فهو الذى ينقل الخبر، ويعرض وجهات النظر المختلفة، وهو من يقرر إبراز خبر بعينه أو معلومة بعينها.
آلان جريش رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية: لا أحد فى «مصر الثورة» يريد الإجابة عن سؤال الإقتصاد: كيف نوفر «لقمة العيش» للمصريين؟
حوار أحمد محجوب ١/ ٧/ ٢٠١١
آلان جريش
صحفى مخضرم قاد إحدى كبرى المؤسسات الصحفية فى فرنسا، ويسارى بارز، ومحلل سياسى عاصر الأحداث الكبرى فى مصر حيث ولد عام ١٩٤٨. الصحفى الفرنسى آلان جريش يقرأ «زحام المواقف» فى الثورة المصرية، ويحلل التغيرات وحالة «حرب التصريحات» التى تدور فى مصر، دون أن يغيب عن ذهنه أنه أمام شعب ثار وانتصر، ودولة تتطلع لمستقبل مختلف، ومجتمع فى مرحلة إعادة تشكيل.
فى هذا الحوار يفتح آلان جريش، رئيس تحرير «لوموند ديبلوماتيك»، ملفات الاقتصاد، والإعلام والأداء الحكومى، ومدنية الدولة والانتخابات، وبناء نظام ديمقراطى ويطرح تساؤلات حول «الهوية الاقتصادية» لمصر الجديدة، والتعقيدات الدولية التى على القاهرة أن تستوعبها وتتفاوض حولها «بشراسة» لتبتكر طريقها الخاص، وإلى نص الحوار:
■ الآن وبعد ٥ شهور تقريبا على الثورة.. يبدو المشهد السياسى المصرى مرتبكا للغاية، ولا يكاد النقاش يهدأ فى قضية حتى يبدأ فى قضية أخرى.. كيف تقرأ هذا المشهد المضطرب؟
- ما يحدث فى مصر الآن طبيعى جداً، فالشعب كان موحداً حول رحيل مبارك، وحين رحل عن السلطة ظهرت الاختلافات، وهو أمر منطقى، فميدان التحرير وحد المصريين ضد مبارك، وميدان التحرير كان يضم الجميع، لكن الأهم أن ما تغير أن الخوف رحل وعادت الكرامة، ولا أظن أن الشعب مستعد أن يكون هناك نظام يعتدى عليه ويقمعه ويأخذ منه أموالا دون وجه حق.
■ عادت مؤخراً حالات التعذيب ليظهر على السطح، مرة أخرى المتهم الرئيسى.. هل تعود الثورة إلى الوراء؟
- مبدئيا، أنا ولدت فى مصر عام ١٩٤٨، وشاهدت تجربة ناصر (جمال عبدالناصر)، وكانت هناك مقولة شائعة أن من يقبض عليه ويذهبون به إلى الكوميسارية (مركز الشرطة) يتعرض للضرب أولا ثم يبدأ التحقيق معه، لذلك هذه للأسف ثقافة متجذرة فى مصر. لكن ما أراه أن هذه النقطة المتعلقة بكرامة الإنسان لن تعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل ٢٥ يناير، ولا أعتقد أن الناس سوف تقبل بالعودة للقمع، وهناك صحف وفضائيات وإنترنت وميدان تحرير يمكن العودة إليه.
■ تبدو متفائلا للغاية، لكن البعض متخوف من عودة القمع تحت دعاوى مختلفة فما تعليقك؟
- بالتأكيد لا يمكن الجزم بشكل قطعى حول المستقبل، فربما تنشب حرب تكون مصر طرفاً فيها وتفرض السلطات إجراءات استثنائية، لكن بشكل عام تظل الكرامة الإنسانية أهم ما أنجزته الثورة، وحتى فى فرنسا وهى دولة لديها ثقافة حقوقية قوية، توجد مشاكل مع الشرطة، لكنى أظن أن نزول المدنيين إلى الشوارع ودفاعهم عن حقهم، وما ينشره الإعلام يجعل العودة للوراء صعبة جداً.
■ هناك مخاوف من طريقة كتابة الدستور الجديد فى ظل مطالبة الجميع تقريبا بـ«كوتة دستورية»، فالمجلس العسكرى يتحدث عن «وضع خاص» للجيش، والإسلاميون يحاربون من أجل «كوتة شريعة» والكنيسة تطالب بـ«ضمانات» فهل يخرج الدستور المصرى على طريقة «الحصص» كما فى لبنان والعراق؟
- فى العالم كله توجد تفاهمات حول الدستور، وحتى تفاهمات المجلس العسكرى والإخوان مسألة مؤقتة، ومن الطبيعى أن يتفاهم الجزء الوحيد المتماسك من الدولة مع الفصيل الوحيد المنظم فى الشارع، خاصة فى هذه المرحلة.
والمشكلة الحقيقية هى غياب أى نقاش حول الهوية الاقتصادية للدولة، فالحوار الحالى محصور فى دور الشريعة، لكن لا يوجد حوار حول المشكلة الأساسية لهذا البلد، وهى التنمية الاقتصادية، وإعادة توزيع الثروة.
التنمية الاقتصادية أيضا معناها تحقيق عدالة اجتماعية، ولو نتذكر كان شعار الثورة فى يومها الأول «خبز.. حرية.. عدالة اجتماعية»، لكن الجميع يرفضون مناقشة الأمر رغم خطورته الشديدة، وأنا أعتقد أن مشاكل الشارع المصرى معظمها اقتصادية، خاصة مع «لقمة العيش» كما تقولون، هذا لا يعنى أن الشعب لا يهتم بالحريات، لكن السؤال الأصعب هو كيف نوفر «لقمة العيش» هذه للمصريين دون المساس بالحريات، وبشكل كريم وعادل لا يدفع ثمنه الفقراء، الذين هم الوقود الحقيقى للثورة، وهم أكثر من دفع الثمن أيام مبارك؟
■ «الدستور أولا أم الانتخابات أولا»؟.. يبدو هذا السؤال هو أكثر الأسئلة التى تشغل المصريين حاليا.. كيف تقيم هذا النقاش الحاد الذى يكاد يصل لدرجة المعركة؟
- مبدئياً هناك ١٨ مليون مواطن صوتوا للاستفتاء ويجب ألا نعود للوراء، ويجب أن نحترم أصواتهم، وبشكل شخصى أعتقد أن انتخاب المحليات أكثر أهمية، فعلى مستوى القرية أو المدينة الصغيرة، يمكن للمواطن أن يدرك قيمة صوته، وأن يراقب بدقة تصرفات المرشحين والمسؤولين، ويحاسبهم ويعزلهم إذا لم يستجيبوا لتطلعاته، لذلك ربما تكون تلك الانتخابات المرحلة الأولى للوصول لديمقراطية حقيقية.
لكن المشكلة أن الأحزاب فى مصر تتجه للانتخابات دون برامج حقيقية وواضحة، فهنا كانت الأحزاب القديمة تابعة للنظام، وهذه مشكلة ضخمة، والجديدة بلا برامج، والتكتلات السياسية هى تكتلات وراء أشخاص للأسف، وليست وراء برامج محددة أو أيديولوجيا بعينها، فهى أحزاب الرجل الواحد.
■ فى ٢٥ يناير فجر الشباب الثورة، وبعد إزاحة رأس النظام لا يزالون بعيدين عن مراكز اتخاذ القرار، ونفاجأ كل فترة بقانون يصدر هكذا دون نقاش وبقرار منفرد.. فى ظل هذا الوضع كيف تقرأ المستقبل؟
- صعب أن يتنبأ أحد بالمستقبل فى مصر، ولا أحد فكر فى تنظيم المرحلة الانتقالية، فلا المجلس العسكرى ولا الأحزاب ولا حتى شباب الثورة وضعوا خطة لما سوف يحدث فى تلك المرحلة، فكان رحيل مبارك هو المطلب الرئيسى، لكن ليس هناك خطة متفق عليها لإدارة المرحلة، وهذا أيضا أمر مفهوم، خاصة حين نرى أن الأمن والوزارات والمسؤولين فى كل قطاعات الدولة من الجيل القديم، وحتى فى المؤسسات الإعلامية الرسمية التغيير قليل، وقبل فترة رأيت مظاهرة للمحامين يقولون إن الثورة أزاحت مبارك لكن هناك ألف مبارك باقين فى مواقعهم، وهذه مسألة سوف تتطلب وقتا، لذلك أعتقد أن المرحلة الانتقالية سوف تستمر طويلا.
■ تستمر حتى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟
- لا أعتقد أن الانتخابات سوف تغلق باب المرحلة الانتقالية تماماً، وحتى الآن لا أحد يستطيع مثلا أن يقول من سيأتى رئيسا لمصر، ليس فقط من هو الشخص الذى سوف يتولى المنصب، لكن أيضا ما صلاحياته الدستورية وبالتالى مسؤولياته، وما طبيعة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والرئاسة؟.. كل هذه الأشياء لا تزال ضبابية، فمصر فى مرحلة ثورية، وهذا أمر لا يثير القلق إطلاقا، فحين بدأت الثورة الفرنسية مثلا، لم يكن هناك قادة معروفون، ولا برامج واضحة، وحتى فكرة التحول للجمهورية لم تكن مطروحة، حتى ظهرت فجأة وتحققت بعد ٣ سنوات من الثورة، لكن المهم أن المرحلة الثورية مرحلة نضج، والناس تتعلم بسرعة فى تلك المرحلة، وتعرف كيف تواجه التحديات، وكيف تحدد خطواتها.
■ بما أنك ضربت مثالاً بفرنسا، فهناك جاء الجنرال شارل ديجول للحكم، بطريقة ديمقراطية، فى مصر حاليا ظهر ٤ جنرالات سابقون كمرشحين محتملين للرئاسة.. هل يفتح هذا الباب لسيناريو «رئيس عسكرى بزى مدنى»؟
- ديجول كان عسكريا، لكن لا يمكن أن نقول إن حكمه كان حكما عسكريا هذا أولا. ثانياً: الجيش سيكون له دور فى المستقبل، فهو جزء من تاريخ الدولة فى مصر، ففى تركيا كان دور الجيش هو الأهم، ثم تقلص من ٢٠ إلى ٣٠ سنة، لكن دور الجيش موجود تاريخيا فى مصر، لكن الأهم أن يكون معروفاً ما هو دوره بالتحديد، وما هو خارج إطار سلطاته.
■ وماذا عن فكرة ضمان الجيش مدنية الدولة؟
- هذه فكرة عجيبة جدا، فكيف تكون مؤسسة عسكرية هى ضمانة المدنية؟. وعامة هذه المقولة يرددها تيار كان مؤيداً لمبارك خوفا من الإسلاميين، وهذا أمر مرفوض.
والمشكلة أن البعض من المثقفين يعتقد أن الشعب جاهل ولا يستطيع أن يأخذ قراراً بشكل سليم، وهذا أمر آخر مرفوض أيضا، فالديمقراطية هى الديمقراطية، ومَنْ يستطيع أن يقول إن صوت المثقف مثلا أهم من صوت العامل؟ لا أحد فالموضوع أن لكل مواطن حقاً أصيلاً فى اختيار ما يراه مناسبا، وأحيانا يأخذ بعض المثقفين مواقف غير موفقة.
وأعتقد أنه فى جو ديمقراطى لن تكون هناك دولة دينية مثل السعودية أو طالبان، وبشكل شخصى أعتقد أن شريحة واسعة من الذين يصوتون للإسلاميين لا يريدون هذه النماذج.
■ عادت «فزاعة الإسلاميين» مرة أخرى كما يقول البعض، بعد تصريحات مثيرة لقيادات التيار الدينى وبعد الصعود الكبير للإخوان المسلمين.. فكيف تقرأ هذا الطرح؟
- فى البداية كان الإخوان موحدين، ولديهم برنامج سهل وفضفاض، بسبب الضغوط الأمنية، لكن مشكلة الإخوان حالياً فى الشارع، ولا يستطيعون أن يقولوا شيئا ويفعلوا نقيضه، طبعا بعضهم يفعل ذلك لكن هناك وسائل إعلام تنشر، «وإنترنت» يحتوى على أرشيف، وشارعاً يتعلم بسرعة، وأتمنى أن يصل الإخوان للحكم لنعرف ما هى برامجهم الحقيقية.
أظن أن المناخ الديمقراطى هو الأهم ولا يجوز أن يقال إن الجيش هو الضامن للدولة المدنية، فالشعب هو الضامن الوحيد للديمقراطية.
■ هناك انتقادات متبادلة بين الليبراليين والإسلاميين حول الديمقراطية.. هذا الجدل الحاد كيف تفسره؟
- ليس هذا هو الحوار الأهم رغم أنه يظهر أمام الناس للأسف كأنه حلبة الصراع الوحيدة، وأعتقد أن الليبراليين والإسلاميين سعداء بهذا الصراع الوهمى، كى لا يجيبوا عن أسئلة تتعلق بالاقتصاد والتغيرات الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وحتى ما معنى الديمقراطية، وطرق تطبيقها، وما معنى الدولة المدنية، فليس هناك نموذج موحد لها يمكن استنساخه.
وحتى مع اعترافنا بأن هناك مشكلة فى المستوى الثقافى للجمهور، وهناك حاجة لعملية تثقيف واسعة، لكن وبكل الأحوال لا يجوز أن يعتقد أحد أن عليه أن «يربى» الشعب أولا ٢٠ سنة ثم «يعطيه» الحق فى اتخاذ القرار.
■ طرح وجود المجلس العسكرى وحكومة شرف معاً تساؤلات حول ازدواج السلطة فى مصر.. إلى أى مدى تعتقد فى هذا التناقض؟
- هناك تناقضات داخل كل سلطة، فحتى المجلس العسكرى ليست لديه رؤية موحدة حول العديد من الأمور، مثلا ما هو موقفه حول الرواتب، والموازنة العامة للدولة، والتنمية الاقتصادية؟ ربما تكون لديه مواقف عامة لكن ليس أكثر من ذلك، أيضا داخل الحكومة الحالية هناك تناقضات مماثلة واختلاف فى الرؤى، لأنه لا يوجد اتجاه عام أو خطة واضحة.
■ هذا يجرنا لسؤال آخر، حول أداء الحكومة خاصة فى موضوع الاقتراض من الخارج لسد العجز فى الموازنة.. كيف تقيم تلك الخطوة؟
- يجب أولا أن نعرف الدور السيئ الذى قامت به المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك الدولى وصندوق النقد فيما يتعلق بمصر، ولنعد لما كانوا يكتبونه عن انتعاش الاقتصاد فى عهد مبارك، ودعمهم للنظام السابق وهم يعرفون جيدا ماذا يجرى على الأرض. هنا على شباب الثورة أن يكون لهم موقف واضح تجاه تلك المؤسسات التى دعمت الديكتاتورية، وهذا التأييد لم يكن سياسيا فقط بالتقارير، لكنه كان تأييدا اقتصاديا أيضا.
ثانياً تلك المؤسسات الدولية تضع خططا وشروطا ليست بالتأكيد حقائق علمية مسلماً بها، فالعالم كله رأى كيف فجرت قرارات البنك الدولى وغيره الأزمة الآسيوية فى التسعينيات، ومعظم دول آسيا قطعت علاقتها بتلك المؤسسات والجهات، ورفضت اتفاقية واشنطن حول الليبرالية الاقتصادية، وحققت تقدما مهما.
■ هل مصر فى وضع يسمح لها بأن تأخذ قراراً مماثلاً لما فعلته الدول الآسيوية؟
- علينا أن نعترف بأن وضع مصر الاقتصادى صعب، لكن هذا لا يمنع أن تكون لدى حكومة القاهرة رؤية واضحة، وأن تتفاوض بشراسة، ولا تقبل كل الشروط.
لكن هناك ملامح تثير القلق، مثلا فى مصر الآن نقاش ضخم حول الضرائب، وهذا نقاش غريب فى الحقيقة، فحتى فى الدول الرأسمالية الكبرى، تُفرض ضرائب تصاعدية، لكن فى مصر يثور البعض حين تقول الحكومة إنها سوف تفرض ضريبة ٢٠ أو ٢٥% على من يصل دخله إلى ١٠٠ ألف جنيه، وهذا غير منطقى ففى فرنسا مثلا إذا تجاوز دخلك مبلغا بعينه تدفع ٥٠% منه ضرائب للدولة التى تعيده للفقراء فى صورة خدمات.
■ هناك محللون تخوفوا من موجة الدعم الاقتصادى المعروضة على مصر من دول غربية باعتبارها محاولة لإيجاد قدم فى «مصر الثورة».. هل تتفق مع هذه الرؤى؟
- بتقديرى ليست مشكلة أصلا أن تحاول بعض الدول إيجاد موطئ قدم، فهذا أمر طبيعى لأن كل الدول تتحرك حسب مصالحها، ومصر دولة مهمة للغاية، لكن المشكلة أننى لا أشعر بأن هناك حكومة مصرية لديها خطة واضحة فيما يتعلق بالاقتصاد تتفاوض على أساسها وتأخذ ما تريد وترفض ما لا يناسبها. وما أخشاه أن تأخذ الحكومة المصرية المواقف الاقتصادية للولايات المتحدة باعتبارها «مواقف مبدئية»، وهذا طريق سيؤدى لأن تخسر مصر كثيراً.
■ بمناسبة الضرائب كيف تفسر تراجع الحكومة السريع عن الضريبة الجديدة؟
- فكرة الضرائب كانت مفيدة جدا للاقتصاد المصرى، لكن الحكومة تراجعت بسرعة، وبشكل شخصى حين وصلت إلى مصر اندهشت من الحديث بفزع عن محورى الأمن والاقتصاد، وشخصيا مصر من أكثر الدول التى أشعر فيها بالأمان، والقاهرة مثلا من العواصم القليلة جدا التى يمكنك أن تخرج فيها فى وقت متأخر من الليل للشارع وتعود سالما.
أما عن الاقتصاد فهناك مشاكل، ربما ورثتها الحكومة مما قبل الثورة، لكن إثارة فزع الشعب من الاقتصاد رسالة هدفها النهائى أن يعود المواطنون إلى منازلهم، فالثورة انتهت، وهذا أسلوب لا يحل المشاكل الاقتصادية.
■ وسط هذه الظروف هل تعتقد أن «مصر الثورة» قادرة على شق طريق اقتصادى مختلف وتفادى ضغوط الدول الكبرى؟
- الثورة المصرية حدثت فى عالم يتغير وهذا شىء مهم جدا ومفيد لمصر، فلسنا فى التسعينيات حيث كان هناك النموذج الاقتصادى الأمريكى وحده، أما الآن فلدينا نماذج بعيدة عن اتفاقية واشنطن الاقتصادية، مثل الصين والهند والبرازيل وهى قوى اقتصادية صاعدة ومميزة، لذلك هناك إمكانية لدولة بحجم مصر أن تقرر مستقبلها الاقتصادى.
طبعا العلاقات الاقتصادية مع أوروبا وأمريكا مهمة، لكن هناك خيارات أخرى، فلابد أن تستوعب مصر هذا التغير الاقتصادى التاريخى، وهذا مهم للغاية لدعم الثورة المصرية، وعلى الثوار أن يعرفوا أنهم فى عالم جديد، وأن يتعاملوا على هذا الأساس.
■ أليس غريبا أن يختفى اليسار فى مصر فى الوقت الذى تتصاعد فيه مطالب شعبية هى بالأساس على أجندته؟
- بالتأكيد اليسار المصرى خسر للغاية. فتجربة حزب التجمع ومواقفه المؤيدة للنظام أدت لخسارة حقيقية، لكن هناك حركات يسارية كانت مشاركة فى الثورة ومن البداية، وكذلك هناك النقابات المستقلة، وأرى محاولات تطور فى القطاع العمالى، وربما تكون لاعبا مؤثراً، لكن المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد برنامج شامل لحقوق العمال والفلاحين يرفعه اليسار.
■ بالنسبة للعمال هم الآن فى مرمى سهام «الفئوية» وهناك قانون لتجريم الاحتجاجات طرحته حكومة جاءت عبر احتجاج أصلا.. كيف تقرأ هذا الملف؟
- لنبدأ بما يسمونها مطالب فئوية، هل من المعقول أن نعتبر مطالبة عامل فقير بأجره مطلب فئوى يجب تأجيله؟ فى الوقت الذى يرفض فيه رجال الأعمال دفع ضرائب للدولة ويهددون بمؤشر البورصة رغم أنه ليس معبرا عن الاقتصاد المصرى، فتستجيب الدولة وتلغى الضريبة فى ٢٤ ساعة.
■ وماذا عن تحرك العمال نقابيا.. لدينا الآن اتحاد رسمى وآخر مستقل، واتحاد أعلنت قيادات الإخوان عزمهم تأسيسه تحت عنوان اتحاد عمال الإخوان المسلمين؟
- الأصل أن هذه نقابات للعمال، ولا يجب أن تكون خاضعة لحزب بعينه، وأتوقع أن ينتهى اتحاد العمال الحكومى، وألا تنجح نقابة عمال الإخوان، أما النقابات الحرة فلديها فرصة، وقد قابلت بعضا من العمال هنا ولديهم وعى جيد جدا فيما يتعلق بالمطالب وحتى بتاريخ الحركة العمالية فى مصر المستمر منذ نحو قرن كامل.
وببساطة إذا أراد اليسار أن يكون له دور بين التيارين الليبرالى والدينى فعليه أن يعود لدوره الحقيقى وسط العمال.
■ لنبتعد قليلا عن الاقتصاد ولنتحدث عن الإعلام.. كيف تقرأ المشهد الإعلامى المصرى بعد الثورة؟
- المشهد اتسع، لكن ما يشغلنى الآن هو مصير المؤسسات الصحفية القومية، فمن النظرة الأولى على الخريطة الإعلامية تجد أن هناك فضائيات، وإعلاماً مستقلاً، لكن الكتلة القومية التى كانت تؤيد مبارك أصبحت تؤيد المجلس العسكرى، وفى مصر يقولون «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»، ومصير المؤسسات القومية والتليفزيون الحكومى هو ما يشغلنى الآن.
■ هناك انتقادات حادة موجهة للإعلام، والمجلس العسكرى فى آخر بياناته ينتقد وسائل الإعلام ويطالبها بتحرى الدقة، ومؤخرا أحيل ٣ صحفيين للنيابة العسكرية.. هل الإعلام على أبواب مأزق جديد مع السلطة؟
- كما قلت لك المشهد اتسع، ولم يعد بمقدور أحد أن يفكر فى الإعلام بطريقة الستينيات، والمجلس العسكرى والجنرالات من جيل مبارك لا يتصورون كيف يمكن لشاب فى العشرينيات أن يقف فى مؤتمر وينتقدهم بشجاعة.
لكن لابد أن نعترف بأن الصحافة المصرية لديها مشكلات عميقة، فما ينشر اليوم تكذبه الصحف غداً، وعلى الإعلاميين أن تكون لديهم ثقافة التأكد من المصادر، فإذا قال أحد شباب تنظيمات الثورة إنه يؤيد مظاهرة ما تخرج الصحف فى اليوم التالى لتعلن تأييد شباب الثورة للمظاهرة أو الاحتجاج، وهذا أمر غير دقيق أبدا ويحتاج كما قلت لثقافة التأكد من المصادر.
■ أصبح مستخدمو الإنترنت فى مصر نحو ٢٣ مليوناً، وبدأت المصادر الرسمية تتراجع لصالح صحافة أقرب لصحافة المواطن خاصة على الإنترنت.. هل يتراجع دور الصحفى؟ وهل الصحافة قادرة على تطوير أدواتها لتستوعب هذا الزخم الجديد؟
- انتشار الإنترنت واستخدامها بكثافة مصدر جديد للأخبار، وهذا لا يثير القلق، نعم على الميديا أن تتطور، ونعم هناك دور متزايد للصحفى المواطن، لكن لنقل إن الأفراد كانوا دائما صانعى الأحداث، فيما كانت وسائل الإعلام التقليدية تتعامل مع المصادر الرسمية أكثر وتركز عليها. هذه المعادلة سوف تتغير بالتأكيد، لكن دور الصحفى سيظل موجودا بلا شك فهو الذى ينقل الخبر، ويعرض وجهات النظر المختلفة، وهو من يقرر إبراز خبر بعينه أو معلومة بعينها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مشاركة مميزة
-
http://www.ahram.org.eg/Egypt/News/123073.aspx اللهم لاتجعل هلاك مصر على يد الجنزورى اد-عبدالعزيزنور nouraziz2000@yahoo.com (رسالة مو...
-
Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of ... Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of Fragil...
-
الأولى - مؤتمر لفرص الاستثمار بمصر خلال أكتوبر مؤتمر لفرص الاستثمار بمصر خلال أكتوبر القاهرة ـ آمال علام: 159 أكد الدكتور م...