سد النهضة الأثيوبى وتأثيره على مصر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
وسط الهياج الإعلامى على سد النهضة الأثيوبى وان السياسة الحالية (سياسة الاخوان) لا تصلح لحل هذه المشكلة.. واننا سنصبح بدون ماء وبالتبعية بدون كهرباء..
اود ان اتناول هذه القضية من وجهة نظر هندسية وعلمية بدون الاعتماد على مصادر الاعلام..
أولا نهر النيل عبارة عن مجموع نهرى النيل الأزرق والنيل الأبيض فى الخرطوم.. النيل الأبيض يعتبر مصدر دائم للمياه على مدار العام، اما النيل الأزرق القادم من أثيوبيا يعتبر موسمى وان كان هو الأكبر من نحية القيمة.. فتقريبا اثيوبيا تمدنا بالمياه بنسبة 80% فى فترة الأمطار والتى كانت تعرف فى مصر بفترة الفيضان.. والنيل الابيض القادم من باقى دول حوض النيل يمدنا بالـ 20% الباقية طوال العام..
قيمة مياه الامطار التى تتساقط على أثيوبيا حوالى 1660 مليار متر مكعب من المياه فى العام.. محصلة المياه التى تدخل إلى مصر حوالى 85 مليار متر مكعب من المياه فى العام.. بمعنى آخر حوالى 5% من قيمة المياه الاثيوبية.. وبالطبع ليست كلها من اثيوبيا..
وأيضا مصر تعانى من اهمال شديد فى استخدام المياه القادمة إليها ويحدث لها نتح وبخر بكميات كيبرة بسبب عدم الاهتمام بالمجارى المائية واولهم بحيرة ناصر التى تعانى من حرارة الشمس الكبيرة والتى تؤدى إلى بخر كميات ضخمة من المياه بالرغم من وجود العديد من الدراسات التى تقدم حلول عملية لهذه المشاكل..
ضرر السد على مصر والسودان يكون فى فترة إمتلاء بحيرة السد وهى تسمى سعة التخزين الميت.. والتى ذكر فى اكثر من مصدر ان اقصى سعة تخزينية يستوعبها السد لن تزداد عن 24 مليار متر مكعب من المياه.. اما عن الارقام الاخيرة مثل 67 مليار متر مكعب او 72 مليار متر مكعب من المياه فلا توجد اى دراسات تدعمها.. وتلك السعة لن تؤثر على مصر إلا مرة واحدة فقط وفى أول عام.. حيث اكدت اثيوبيا اكثر من مرة انها لن تسعى لخصم اى كميات مياه من مصر..
ماهى مشكلة السد الفعلية ؟!
اثيوبيا تعد افقر دولة فى دول حوض النيل، وقادتها يسعون لتنميتها عن طريق استخدام الطاقة الكهربية للسد.. خاصة ان الاراضى القابلة للزراعة هناك قليلة جدا.. ويعتبر واحد من اهم الاضرار التى سيحدثها السد ان بحيرته ستغرق الكثير من الاراضى القابلة للزراعة.. ولكن بناء على الاتفاقيات السياسية لا يسمح لأثيوبيا او اى دولة من دول حوض النيل ان تتخذ اى اجراءات او تقوم بعمل اى منشأت على مجرى النيل إلا بعد موافقة مصر (التى كانت متمثلة فى مصر والسودان فى هذا الحين).. هذه الاتفاقيات ابرمتها بريطانيا اثناء احتلالها لمصر مع ايطاليا وفرنسا اللذان كانا يحتلا دول حوض النيل فى هذا الوقت لتضمن بريطانيا لنفسها استمرار الزراعة المصرية والتى كانت تعد من اكثر الموارد المالية لهم فى هذا الوقت..
بناء السد يعد اختراق لهذه الاتفاقيات.. وهو المطلوب حيث ان اثيوبيا اعدت اتفاقية جديدة تضم كل دول حوض النيل باسم اتفاقية العنتيبى تسعى فيها للحصول على حريتها فى انشاء اى منشأت على نهر النيل مادام لن تؤثر على دول المصب.. ولكن بدون انتظار موافقة منهم..
قصة سد النهضة
فى عام 2008 قدم الرئيس السابق حسنى مبارك طلب للبنك الدولى موقع من مصر والسودان واثيوبيا بانشاء سد النهضة.. وهو ما يعنى ان الدراسات التى اجريت حينها اثبتت ان السد لن يؤثر على مصر باى شكل.. اما سبب الخلاف الذى حدث بعدها هو الاتفاقية التى اعدتها اثيوبيا، مما جعل النظام السابق يسعى لايقاف اعمال السد استنادا للاتفاقيات السابقة كنوع من التهديد لأثيوبيا.. وهو ما زاد من حدة من الصراع المصرى الاثيوبى.. ومع ذلك حينما قامت الثورة ومع اول وزارة اقيمت فى هذا الحين اختار الفريق احمد شفيق الدكتور قنديل لوزارة الرى والذى قام بزيارة دول حوض النيل وجعل أوغندا والكونغو ينسحبوا من الاتفاقية بعد ان تعدت النصاب القانونى للموافقة عليها واجبار مصر على الانصياع لها.. ووافقت اثيوبيا على الانتظار حتى تنتهى الأزمة المصرية حينها.. وبعد اسقاط النظام اعلنت اثيوبيا انها لن تجرى اى اجراءات فى اعمال السد حتى اختيار رئيس منتخب من الشعب.. وهو ما يوضح مدى تفهم اثيوبيا للوضع المصرى.. ولكن فى رأيى الشخصى اللعب على هذه الورقة حاليا هو نوع من انواع اختلاق الازمات والتى اعتاد ان يستخدمها النظام السابق لجمع الشعب حوله..
فى الاخير اترك لكم دراسة قام بها الدكتور عباس محمد شراقى – الاستاذ بمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة .. عن مشكلة السد ضمن فاعليات مؤتمر “ثورة 25 يناير 2011 ومستقبل علاقات مصر بدول حوض النيل”.. يتضح فيها العيوب التى تهدد سد النهضة (من هنا) ومدى الضرر العائد على اثيوبيا من وجود مثل هذا السد..