مستقبل الإستزراع السمكى 2050
ا.د.عبدالعزيز نور
كلية الزراعة – جامعة الأسكندرية
الملخص
العالم
انتج 167.2 مليون طن من الأسماك عام 2014
منها 93.4 مليون طن من المصايد السمكية ( 55.86% ) و73.8 مليون طن من الإستزراع
السمكى ( 44.14%) . واليوم يوفرالإستزراع السمكى
حوالى 50% من نصيب الفرد من
الأسماك وتوفر المصايد السمكية النصف الأخر باجمالى 20 كيلوجرام للفرد سنويا( 1 )
. من المتوقع ان يبلغ سكان العالم مابين 9.2- 9.7 مليار نسمة عام 2050 وسيواجة العالم
بشدة آثارثبات انتاجيات المصايد الطبيعية فى البحار والمحيطات منذ اكثر من عقدين من الزمان
نتيجة تداعيات الصيد الجائر والتلوث والتغيرات المناخية وزيادة الطلب على الأسماك
ولذا فمن المتوقع تنامى مساهمات الإستزراع عن المصايد فى العهود القادمة
لتبلغ حوالى 140 مليون طن او 65% من
الإنتاج السمكى العالمى . الصين هى الدولة الأوفر حظا فى تحقيق اعلى انتاج
من الأسماك المستزرعة فى العالم ( 80% ) ولذا فهى تمثل القوام الحقيقى لهذة
الصناعة(75.1%) وفى الجانب الآخر بدأ الدورالمصرى فى التنامى والظهور على الساحة
برقم 10على مستوى أكبرالدول المنتجة فى العالم وفقا لبيانات 2015 ويشكل إنتاجها
معظم انتاج القارة الإفريقية.
الإنتاج السمكى فى مصرحقق 1.56 مليون طن عام 2014(2) منها 330 الف طن من المصايد ( 22%)و 1.23
مليون طن من الإستزراع السمكى ( 88%)وهذة
المعدلات توضح ان مصر تعتمد حاليا بصفة اساسية على الإستزراع السمكى فى تلبية
إحتياجاتها السمكية . ويبلغ متوسط نصيب الفرد من الأسماك فى مصر حاليا 22.4
كيلوجرام سنويا.
وفى ضوء التوقعات
المستقبلية بإزدهارالإقتصاد المصرى وتحسن مستويات المعيشة وزيادة الوعى الغذائى
والصحى للشعب واحتمالات عدم نمو مصادر البروتين الحيوانية الأخرى (الحيوانات
والدواجن)بنفس المعدلات المطلوبة فإنة من
المتوقع ان تكون الأسماك هى المصدر الرئيسى للبروتين الحيوانى فى وجبات الشعب
المصرى مستقبلا. ويمكن وضع اكثر من
سيناريو لتحديد حجم الإنتاج المطلوب من هذا القطاع عام 2050 لتوفير الأسماك لحوالى 150 مليون نسمة(3) والذى يبلغ حوالى 3.36 مليون طن سنويا اذا
مااستمرالإستهلاك بالمعدلات الحالية أما لو زادت هذة المعدلات لتكون 25 أو30 كيلوجرام للفرد سنويا فاننا سنحتاج الى انتاج سمكى سنوى قدرة 3.75
أو4.50 مليون طن سنويا .
ولقد
مرت صناعة الإستزراع السمكى بعدد من تجارب النجاح والفشل فى مسيرتها على مدى
العهود الأربعة الماضية واصبحت زاخرة بالتباين والتنوع ولا تخلوا من الإبتكارات
والإبداعات المرتكزة على جهود البحوث العلمية وسعى جامعات العالم لتخريج الكوادراللآزمة
للإرتقاء بها ,إلا ان الصناعة تواجه محددات لمدخلات الإنتاج بها بمايهدد استدامتها مثل نقص وتدهور الموارد الطبيعية (
الأرض والمياة ومصادر الطاقة) والمنافسة الشديدة على استخداماتها وآثار التلوث
البيئ والتغيرات المناخية وغيرها و من قصص النجاح التى تعتمد على التقنيات الحيوية
Biotechnology والتقنيات الأخرى أدت الى :
1-زيادة انواع الأحياء المائية
المستزرعة من 12 نوع عام 1950 الى
مايفوق 580 نوع حاليا منهم 40 نوع يتم
استزراعهم بطريقة إقتصادية . وجارى حاليا
تطبيق مفاهيم الهنسة الوراثية ونقل الجينات Transgenicنجحت بالفعل فى انتاج اسماك
السلمون والتراوت والبلطى سريعة النموعالية الكفاءة الغذائية ومقاومة للأمراض .
2- تطوير نظم الإنتاج وتحديثها بكل الوسائل لتوفر الظروف المثلى ضمانا لنمو
مثالى ومقنن للأسماك فى النظم المكثفة وفائقة
الكثافة مفتوحة او مغلقة.
3- النجاح فى تحديد الإحتياجات الغذائية للأحياء المستزرعة وتصنيعها فى
صورة اعلاف طاقية Floating feeds وتوفير الأعلاف الإقتصادية وبدائل تحد من الإعتماد على مسحوق السمك وزيت السمك فى
العلائق. وجارى حاليا انتاج الأعلاف الذكية والأعلاف العلاجية باستخدام تطبيقات
النانوتكنولوجى Nanotechnology التى تصل الى الهدف وتحققة بأقل تكلفة وأقل آثار ضارة بالبيئة المائية .
4- الفهم العميق لأيكولوجية البيئة المائية وتسخير ميكروباتها الدقيقة ( بكتريا
–طحالب ....) فى تنقية البيئة وانتاج الغذاء الميكروبى عالى القيمة الغذائية بديلا
لمسحوق وزيب السمك فى العلائق .
5-إ نتخاب امهات خالية من مسببات الأمراض فى الجمبرى انقذ صناعة استزراع
الجمبرى من التوقف .
5-انشاء الأقفاص السمكية العملاقة المجهزة اوتوماتيكيا فى اعالى البحار والمحيطات
كى لاتضر بالبيئة المائية حول الشواطئ.
6- تحسين نوعية بعض الأسماك وجودة لحومها قبل تسويقها ضمانا للحصول على
اسعار مرتفعة .
وتشير بعض
التقاريرالعلمية ان محاولات التكثيف لها إيجابيات وسلبيات ومن ابرزإيجابياتها
زيادة الإنتاج من وحدة المساحة ولكن سلبياتها زيادة الطلب على الطاقة والأعلاف
والتلوث وإنتشار الأمراض بما يدعو الى اهمية أحتواء وتقليص الأثار المترتبة على
جهود تكثيف الإستدامة Sustainability من خلال طرح العديد من السيناريوهات ودراسات الحالة
والتى وضحت امكانية تحقيق زيادة الإنتاج دون الإضرار بالبيئة من خلال نقل و تطبيق
التقنيات الفنية اللآزمة ودعم القوى السوقية وتوفير التشريعات وحفز الأفراد.
ان
مجالات بحوث المستقبل ستتركز على إنجازات علوم الهندسة الوراثية
والنانوتكنولوجى والبيوتكنولوجى وغيرها من اجل توفير ظروف أيكولوجية مثلى للإنتاج
وفقا لمعايير انتاجية واقتصادية صارمة لتوفير أنواع من الأحياء المائية
سريعة النمو عالية الكفاءة الغذائية
تقاوم آثار التغيرات المناخيىة والإصابة بالأمراض بما يدعم جهود التنمية المستدامة . كما ستسمرجهود علماء تغذية
الحيوان فى بحوثهم لتقليص استخدامات مسحوق
السمك وزيت السمك فى صناعة أعلاف الأسماك
اعتمادا على التوسع فى انتاج البروتين الميكروبىprotein Microbial وزراعة الطحالب farming Algaeوزراعة الحشرات farming Insects واستخدامها كمصادر للبروتين فى
تغذية الأسماك واستخدام الإضافات الغذائية الطبيعية Feed Additives ِالحية (البروبيوتيك ؛ Probiotic) وغير الحية (البريبيوتك ؛ Prebiotic) وغيرها. كذلك سيتم التوسع فى تطبيق نظم انتاجية تطبق التقنيات الحديثة وتحقق
الإستدامة البيئية فى النظم المغلقة مثل
نظام البيوفلوك Biofloc وغيرة فى الزراعات الأرضية الى جانب مشروعات اقفاص شبكية عائمة Floating Cagesعملاقة تقام فى اعالى
البحار والمحيطات وتستخدم فيها
تقنيات ذكية للتحكم فى ادارة نظم التشغيل الكامل ذاتيا Full automation مستفيدة من معلومات
تقنية Information technology توفرها
الأقمار الصناعية عن جغرافية المواقع وطبيعة المياة وحركة الأمواج وشدة الرياح وجودة المياة وتوافر
الغذاء الطبيعى والطقس وخلافة من خلال الإستشعار عن بعد كذلك سيتم الأستعانة بمواد
وآلآت ومهمات ذكية Smart تحد من التدخل البشرى فى التعاملات اليومية مع الأحياء المائية ويزيد من
دقة التنفيذ وتحد من الأخطاء البشرية
ويزيد من فرص نجاح المشروعات .
ان دورالبحث العلمى المأمول لمستقبل الإستزراع
السمكى العالمى يسيرفى اتجاة تكثيف
الإستدامة Sustainable intensification الإنتاجية من خلال :1- تطوير النظم الإقتصاية الإجتماعية ٍ و2- توفير اعلاف مغذية
جيدة و3- تكثيف انتاج الأسماك و4- الحد من تلوث البيئة وانتشار الأمراض وهروب
الأسماك المستزرعة ..... فى
إطارمعاييرتكنولوجية إبداعية تحقق الأمن الحيوى Biosecurity والأمان
الحيوى Biosafety لتوفير
منتجاتها بكميات كبيرة - جودةعالية -
مرتفعة القيمة الغذائية - صديقة للبيئة - رخيصة .
فى مصروبا لرغم
من توافر الموارد الطبيعية المتمثلة فى 14
مليون فدان مسطحات مائية وازدهار صناعة
الاستزراع السمكى فى العهود الثلاثة الماضية الا اننا لم نحقق سوى
75% من الإكتفاء الذاتى وما زلنا نستورد
نصف مليون طن من الأسماك والمأكولات البحرية سنويا . وقامت الدولة فى الآونة الأخيرة بالتركيز على
الإستزراع البحرى واقامت 3مشروعات عملاقة فى محور القناة وبركة غليون ومنطقة بالوظة
ومن المتوقع ان تضيف هذة المشروعات 380
الف طن من الأسماك البحرية سنويا ولكن التكاليف الباهظة فى الإنشاء والتشغيل سيكون
دائما معوقا لإستدامتها ولذا فننصح بالتريث فى التوسع فى تعميم هذة المشروعات انتظارا
لتقييم المشروعات الحالية .
إن صناعة الاستزراع السمكى في مصر مازالت تعانى من عدد من المعوقات
التشريعية والإدارية و إلإقتصادية والفنية والتسويقية والأمنية وغيرها:
1: المعوقات التشريعية:يكبل صناعة الإستزراع السمكى العديد من
التشريعات والقوانين المكبلة لها وعلى قائمتها قانون الرى 124 لعام 1983وهذا يتطلب
ضرورة مراجعتها وتعديلها.
2:
المعوقات الإدارية:يتحكم فى ادارة صناعة الإستزراع السمكى العديد من الوزارات
والجهات الحكومية بقوانين ولوائح متضاربة
تعيق ازدهارها.
3: المعوقات الاقتصادية: ارتفاع التكاليف الاستثمارية فى مشاريع الأسماك
المكثفة والشبه مكثفة وتكاليف التشغيل يحتاج الى توفير مصادر تمويلية ثابتة وكذلك
وجود نظام للتامين على المزارع ضد الأخطار.
4:
المعوقات الفنية :تتعدد المعوقات الفنية بين معوقات خاصة بالبنية التحتية للمزارع والتغيرات المناخية ، توفيرزريعة الأسماك،
عشوائية تصميم الأحواض السمكية ، جودة المياه فى المزارع السمكية، التغذية
الصناعية للأسماك، ازدهار النباتات والهائمات عن الحدود المسموح بها، وجود الأعداء
الطبيعية في المزارع السمكية.
5: المعوقات التسويقية:يتحكم فى الأسعار حفنة من التجار
المحتكرين يحصلوا على اضعاف مايحصل علية المزارع ولذا فلابد من توفير نظم تسويقية
جيدة تضمن تحقيق هامش ربح جيد بما يشجع على مواصلة الإستزراع.
6: المعوقات الأمنية:تفشى السرقات فى المزارع يتطلب توفير نظم
امنية صارمة .
ونستخلص مما سبق ان مصر مؤهلة لتتبوء مكانة عالية فى صناعة الإستزراع
السمكى على الصعيد العالمى فى المستقبل القريب وستكتفى ذاتيا من الأسماك فى 2050 بل وستصدر
الفائض وهذا يتطلب أيجاد حلول عاجلة للمعوقات الحالية التى تواجةهذة الصناعة .ولذا فلابد من تشجيع المزارعين والتركيز على تعظيم انتاجية المزراع السمكية شبة
المكثفة القائمة حاليا على المياة الشروب فى شمال الدلتا
بتوفير اجهزة التهوية التى تعمل بمصادر
الطاقة المتجددة ( الطاقة الشمسية والرياح والفضلات المزرعية ) وتشجيع استزراع السمك على مياة الآبار الجوفية فى صحارى
مصر وتشجيع الآستزراع البحرى فى اقفاص شبكية
عائمة بالبحرين الأبيض والأحمروالإهتمام اكثر
بتنمية مصادر الثروة الطبيعية فى نهر النيل والبحيرات والترع والمصارف واليحار وتزويدها
بإصبعيات الأسماك Stock enhancement
من خلال التوسع فى انشاء مفرخات للشباب
لتفريخ أسماك المياة العذبة ورعايتها الى طور الإصبعبات وإلقاؤها فى هذة المسطحات وتنظيم
عمليات صيدها بما يسمح بتوفير اسماك رخيصة على مدار العام . كما يجب العمل على تنويع
مجالات الإستزراع المائى Aquaculture بإستزراع
الطحالب والمحاريات والحيوانات المائية ولا تكون قاصرة على الأسماك والجمبرى فقط. ان
زراعة الطحالب على المياة المالحة فى
المناطق الصحراوية المتاخمة للبحار(2800 كيلومتر) سيمكننا من غزوملايين الأفدنة فى
الصحراء وانتاج الوقود الحيوى والأعلاف اللآزمة
لتغذية الحيوانات والدواجن والأسماك وتشغيل ملايين الشباب.
كذلك نرى ان مايكبل صناعة
الإستزراع المائى فى مصر هو وضعها الراهن بإعتبارها احد ادارات وزارة الزراعة
واستصلاح الأراضى ومن مقومات الإزدهار هى إستحداث إدارة متكاملة لقيادتها خاصة
وان مجالات أنشطتها يمكن ان تمتد فى عموم مساحة القطر المصرى كلة والبالغ
حوالى 200 مليون فدان ولذا فنوصى بإنشاء وزارة مستقلة تسمى "وزارة الإستزراع
المائى " .