الأحد، أغسطس 12

قضايا واراء - خطاب في مقتضيات مصلحة الوطن

قضايا واراء - خطاب في مقتضيات مصلحة الوطن


خطاب في مقتضيات مصلحة الوطن
بقلم: د.سيف الدين عبد الفتاح
د.سيف الدين عبد الفتاح
161
 
عدد القراءات


هذا الخطاب المهم صدر عن مؤسسة بحثية‏(‏ مركز الحضارة للدراسات السياسية‏),‏ وهو يتبني هذه الرؤي المهمة رغبة في أن يقوم الجميع بدوره ومسئولياته علي أكمل وجه وبأفضل طاقاته واستثمار قدراته‏.‏ التعرف علي خماسية هذا الخطاب أمر رأيت من المهم أن نطلع عليه عموم الناس‏.‏
 بذلت قصاري جهدي لاستعراض مفاصل أفكاره.
مع اقتراب المرحلة الانتقالية لثورة25 يناير من نهايتها, ومع تصاعد وتوالي التحديات والمخاطر التي تحيط بمصر في الداخل والخارج, يتوجب علي القوي الوطنية المصرية أن تتحمل مسئولياتها الوطنية وتنهض بأدوارها كاملة في اجتياز هذه المرحلة نحو التطور السياسي والديمقراطي.
أولا ـ الشعب المصري: لقد قام الشعب المصري العظيم بثورة عظيمة, قدم فيها نموذجا حضاريا فريدا لم يزل يتعرض للتعثر ولمحاولات ضربه وإجهاضه في الداخل والخارج. ومن ثم فمن الضروري, أن يقف الشعب يدا واحدة للحفاظ علي الثورة: مكاسبها واستحقاقاتها, والحفاظ علي شرعية ميدان التحرير والتغيير, التي هي سند لشرعية مؤسسات الدولة المنتخبة, وعلي رأسها البرلمان. وأن يتحمل الشعب أمانة الاختيار الحر لممثليه, وعلي قمته الرئيس الأول لمصر الثورة, وألا يفرط الشعب في هذا الحق الخالص تحت أي دعوي أو محاولة لتزييف الوعي الشعبي المتنامي. كذلك علي الشعب أن يحافظ علي وحدة الجماعة الوطنية وتماسكها ويصر علي تجاوز الخلافات الضيقة التي تقودها قوي مختلفة. كما أن الشعب هو صمام الأمان وراعي استقرار الوطن ولن يسمح لأي جهة أيا ما كانت أن تضرب ثورته في أهم سماتها وهو سلميتها.
ثانياـ المجلس العسكري: لقد قاد المجلس البلاد منذ12 فبراير2012 وإلي اليوم, وسط أمواج عاتية من الأزمات سالت فيها دماء وفقدت مصر خلالها الكثير من الفرص والموارد, وتراكمت عليها المشكلات والتحديات, وكشفت هذه المرحلة عن فشل ذريع في إدارة أهم ملفين من ملفات الشعب والوطن; هما: ملف الأمن والاقتصاد, ولذا فمن الضروري, أن ينهض المجلس بدوره الأساس في تفكيك شبكة الاستبداد والفساد ومنظومة فلولها التي أفسدت البلاد وأرهقت العباد, وأن يعمل علي إيقاف المحاولات المستمرة للتلاعب بالقوي السياسية من وراء الستر بوضوح من مواجهة فلول النظام السابق والدولة العميقة المتآمرة ضد الشعب. وأن يتم عقد الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد سلفا دون أي تبديلات أو تمويهات أو محاولات لتقديم ذرائع لمد فترة الانتقال واصطناع أحداث يكون من شأنها التلاعب بموعد تسليم السلطة, وألا يربط بحال بين الاستحقاق الرئاسي والاستحقاق الدستوري كما أشيع أخيرا.
ومن الضروري ألا يعود حديث الإفك الذي أثارته من قبل وثيقة السلمي; لأنه لن يقبل بأي حال من الأحوال أي دعوي لأن يكون لأي مؤسسة وصاية علي مؤسسات الدولة المنتخبة, أو أن تتحول المؤسسة العسكرية إلي دولة داخل الدولة المصرية, أو تصير مؤسسة فوق الدستور أو إرادة الشعب.
ثالثاـ القوي الوطنية الإسلامية: لقد حملت الثورة القوي السياسية الإسلامية إلي الصدارة وبدلت من موازين القوي; بحيث أصبح الإسلاميون أغلبية برلمانية. لكن المرحلة الانتقالية كشفت عن كثير من العقبات والعراقيل أمام هذه القوي, كما سجلت عليهم كثيرا من العثرات والأخطاء الواجب إصلاحها وتفاديها مستقبلا. وفي إطار اللحظة الراهنة فمن الضروري, أن يضطلع الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة بدور خاص في تجديد دماء التوافق الوطني والمصالحة بين القوي المتنافرة داخل الساحة السياسية المصرية. كما أن تحديد الدور المنوط بالإخوان ومن ثم الأدوار المنوطة بكل فصيل وطني في النهوض بالوطن وإقالته من عثرته أضحي واجبا لا يمكن تصور التقدم بالبلاد بدونه; كسرا للحلقات المفرغة من العزف المنفرد الذي يمارسه الجميع. وضرورة التعامل بوضوح وشفافية مع الجميع والالتحام بالقوي الثورية والميدان وعموم الشعب, وتلافي ما يتعلق بفجوات الخطاب العام والسياسي.
وعلي حزب الحرية والعدالة أن يبادر بالاتفاق مع الأحزاب الممثلة في البرلمان لسرعة العودة إلي البرلمان من أجل إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وفق معايير موضوعية معلنة, ورفض تدخل المجلس العسكري في هذا الأمر جملة وتفصيلا, أو أي إيماءات من المجلس الاستشاري الذي أضحي يقدم مداخل للانقسام في المجتمع بأكثر مما يؤدي إلي مداخل الالتئام. وأن يحسم الإخوان موقفهم من قضية' المرشح الرئاسي' بين الرؤية السياسية الإخوانية التي هي من حقهم كقوة سياسية, وبين مقتضيات الصالح والوفاق الوطني الذي لا يمكن تجاوزه. وأن يضطلع السلفيون وحزب النور( كأحد حزبي الأغلبية) بالمسئولية السياسية في صناعة الوفاق الوطني وخاصة فيما يتصل بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور والوفاق حولها, وكذلك يناط بالسلفيين دور مهم في صناعة التوافق علي مرشح وطني للرئاسة; خاصة مع التداعيات المقلقة المرتبطة ببعض المرشحين.
رابعاـ القوي الوطنية العلمانية: اليسارية والليبرالية: أبدت المرحلة الانتقالية عن مفارقة من قبل القوي العلمانية لمسار المرحلة ونتائج العملية الديمقراطية التي اعترف الجميع بنزاهتها, وكأنما آلت القوي العلمانية علي نفسها أن تنقلب علي هذا المسار. وفي ظل الأجواء الراهنة ومن منطلق وطني وديمقراطي صار من الضروري, أن تعلن تلك القوي عن احترامها الاختيار الديمقراطي للشعب المصري, واعترافها بتغير موازين القوي السياسية بين أغلبية وأقلية جديدتين علي الساحة السياسية, والكف عن محاولات عرقلة مسيرة المؤسسات المنتخبة وبالأخص مجلسي الشعب والشوري. والالتزام بقواعد المعارضة الديمقراطية التي تعبر من كل سبيل عن رؤاها وتوجهاتها دون تشنج أو استفزاز. بحيث نرسي قواعد لعمل سياسي ديمقراطي يقوم علي نقد السياسات والمواقف وليس رفض أو اتهام مرجعية القوي الأخري والتشكيك في أهلية ممارستها للديمقراطية. وضرورة الكف عن استدعاء أو استعداء العسكر علي القوي المدنية, وضرورة التزام الشفافية في علاقات الأحزاب والنخب العلمانية بالعسكر وبالقوي الخارجية. وأيضا ضرورة ممارسة نوع من النقد الذاتي للآداء السياسي للشخصيات والأحزاب والمجموعات الليبرالية واليسارية, وأهمية أن تمد جسور الاتصال مع الشعب والجماهير.
خامساـ قوي شباب الثورة: لقد قاد الشباب الثورة وحافظوا لفترة غير قصيرة علي زخمها والدفع باستحقاقاتها للأمام, ولم يزل الوطن يعول عليهم في الكثير; لذا من الضروري, أن يصل الشباب ما انقطع بينهم وبين الناس وجموع الشعب الذي مضي وراءهم في إنجاح المرحلة الأولي. والعمل علي اجتياز تحدي التوافق الشبابي, وتخطي عقباته. ولابد من إعادة صياغة الدور المنوط بالشباب في إطار مستقبل الوطن والثورة.
وللجميع نقول في أمننا القومي, أين نحن من أهم قضايانا؟ أين تفاعلاتنا السياسية هذه من الأمن القومي المصري؟. إن بين أيدينا فرصا تتفلت وتحديات لا تقبل الهزل ولا الوهن. ففي ليبيا والشام والسودان واليمن وما يجري علي ضفاف قناة السويس وفي سيناء, ما يوجب الجامعية بين قوي الوطن. ولابد للمخلصين في هذا الوطن أن يضعوا أمن مصر الداخلي والخارجي وتماسك الجماعة الوطنية علي رأس أولوياتهم, وان يدركوا أنهم لن يمكنهم حفظ هذا الركن الركين بغير أن يقوم كل من هؤلاء بوظائفه وأدواره في حفظ أمن مصر وأمانها. ولابد من اجتماع القوي الوطنية المخلصة في مواجهة قوي النظام السابق قوي الاستبداد والفساد ضمن مشروع ثوري يقوم علي تفكيك بني النظام الاستبدادي ومنع فلوله من العودة إلي ممارسة دورها في إرهاب الوطن وتخريبه ومواجهة كل مفاصل الدولة العميقة.

الكتاب - سيناء بين صناعة المشكلة وصناعة الحل

الكتاب - سيناء بين صناعة المشكلة وصناعة الحل


سيناء بين صناعة المشكلة وصناعة الحل
بقلم: د.سيف الدين عبد الفتاح
د.سيف الدين عبد الفتاح
155
 
عدد القراءات


تأتي الأحداث رغم حدتها وخطورتها لتلد الفرصة‏,‏ وتوفر القدرة علي المواجهة ضمن خيارات وسياسات وقرارات‏,‏ واستثمار عالم الأحداث رغم سلبية الحدث في آثاره وخطورته ومآلاته هو استثمار إنساني تراكمي يتعلم من الأحداث وعليها‏.
ويؤكد علي معني' وذكرهم بأيام الله', إنها السنن حينما تتجلي في عالم أحداث لا يحابي أحدا تعطي لمن وعاها وعمل بها ولها. أحداث رفح في سيناء أشارت إلي قوانين وسنن الحماية والحفاظ علي الأمن القومي المصري, وحينما قصرنا وأهملنا وأغفلنا في شأن سيناء البشر, سيناء الجغرافية, سيناء الاستراتيجية, سيناء الأمن, لم يكن إلا ما شاهدنا من أحداث رغم أنها شكلت فاجعة, أليس ما حدث في سيناء هو جناية ما زرعنا بأيدينا, وجناية النظام البائد علي سيناء ومستقبلها كركن زاوية في استراتيجية مصر الأمنية. أليس ما حدث في سيناء هو نتيجة مباشرة لانشغال المجلس العسكري وإغفاله وتقصيره في إدارة شأن الأمن القومي وتأمين حدود مصر الدولية, المهمة الأساس الذي استبدلها بمهام لم تكن له ولا يعرف له خبرة فيها, حينما ينشغل العسكري بالسياسي عن حركة الأمن ومتطلباته, ومن الواجب مواجهة كل أمربقدره, وكل تقصير بحسبه, ومن ثم كانت قرارات مؤسسة الرئاسة تسير في هذا الطريق كخطوة أساسية علي الطريق الصحيح, ومن ثم فإننا نعتبر هذه القرارات ليست إلا مقدمة لاستراتيجية متكاملة أكد عليها اجتماع قوي سياسية وبعض الرموز في مجلس الشوري, أكدت فيه هذه القوي أن الاصطفاف في الأحداث الكبري واجب وطني, وأن عليها أن تكون جزءا من صناعة الحل لا تصنيع المشكلة.
هذه الرؤية الاستراتيجية تمثلت في صياغة مشروع بيان قدمته لجنة الصياغة أري واجبا علي ان أضمن هذا التفكير الجماعي ضمن هذا المقال, لأن مصر غنية بمواقف أبنائها وبقدراتهم في مواجهة التحديات. وهذا هو النص المقترح:
تعرضت مصر لهجمة ارهابية غادرة تستدعي وقفة جادة من الجميع لتحديد كيفية التحرك لمواجهتها بشكل جذري وسريع يمنع تكرارها ويؤسس لحلول ناجزة مستقبلية. وتنطلق الرؤية الشاملة لعلاج مشاكل سيناء من ثلاثة مرتكزات رئيسية:
أولا: تأسيس حقيقي لمبدأ المواطنة وحماية فاعلة لحقوق الانسان المصري تقضي علي كافة اشكال الاغتراب التي يعاني منها المصريون في هذا الجزء الغالي من ارض مصر.
ثانيا: العمل علي الخروج سريعا من المرحلة الانتقالية بحيث تعود المؤسسات السياسية المدنية المنتخبة لتصدر المشهد السياسي مما يفسح المجال للمجلس الاعلي للقوات المسلحة للتفرغ لدوره الأساسي في حماية الأمن القومي المصري الذي يواجه تحديات كبري علي حدود مصر.
ثالثا: أهمية تقديم الدعم المطلوب للقيادة السياسية المنتخبة في إدارتها للازمات المفروضة علي مصر الثورة, وفي هذا الإطار يمكن اقتراح تشكيل لجنة لإدارة الأزمات تكون تابعة للرئاسة.
ولمواجهة تداعيات العدوان علي جنودنا في رفح, توصي اللجنة بالتحرك السريع في مسارات متزامنة ومتكاملة لمجابهة الأزمة التي تمتد جذورها الي عقود سابقة عانت فيها سيناء- عن عمد- من الإهمال التنموي والإقصاء المعنوي.
وتندرج المقترحات في خمسة مداخل رئيسية واستراتيجية للحركة, وهي:
اولا: المسار الامني- العسكري:(1) يجب أن يكون التعامل مع البؤر الارهابية حاسما وقويا,(2) الابقاء علي اليقظة الأمنية مستمرة والتأسيس لنظام دوري للمحاسبة وتحديد المسؤولية وتقييم الأداء,(3) إشراك القبائل في عملية تأمين سيناء عبر تشكيل فرق تطوعية من شباب كل قبيلة تساعد في حفظ الأمن بالتنسيق مع الجهات المسؤولة,(4) العمل في المستقبل القريب علي إعادة توزيع الاختصاصات بين الأجهزة الأمنية والعسكرية بحيث تضطلع الشرطة بمهام الأمن داخل سيناء في حين توجه القوات المسلحة جهودها لحماية الحدود مع تطوير مستويات التسليح بالشكل المطلوب.
ثانيا: المسار السياسي- الاستراتيجي:(1) مجابهة مشاكل السيادة الاستثنائية المصرية علي مصر من خلال اتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية الامن القومي المصري, ومنها زيادة عدد القوات المسلحة الموجودة في سيناء بشكل دائم لضمان توفير الحماية اللازمة لحدود مصر.(2) تنظيم حركة المعابر مع إغلاق الأنفاق إغلاقا نهائيا عبر لجنة تنسيق مصرية فلسطينية.(3) انشاء منطقة تجارة حرة علي الحدود بين غزة ومصر.(4) تشكيل لجنة شعبية للحوار مع الجماعات في سيناء.(5) مراجعة نظام دخول الإسرائيليين الي سيناء.
ثالثا: المسار القانوني: النظر في المشاكل القانونية التي يعاني منها سكان سيناء من خلال(1) تأمين تمتع المصريين في سيناء بكافة حقوق المواطنة مثل حق التملك, والتوظيف في كافة مناصب الدولة بدون تمييز, والالتحاق بالكليات العسكرية,(2) إعادة محاكمة الصادر في حقهم أحكام غيابية,.(3) تفعيل قانون22 لسنة2012 بشأن جنسية اهالي سيناء,(3) بدء حوار مع أهالي سيناء حول الأجندة التشريعية المستقبلية التي تخاطب احتياجاتهم.
رابعا: المسار التنموي: التنمية في سيناء أولوية للدولة المصرية ولذا يجب أن يتم تخصيص الموارد اللازمة للنهوض بها, وتفعيل عمل المجلس الأعلي لتنمية سيناء بأسرع وقت ممكن من خلال:(1) تعيين قيادة نشيطة فاعلة لهذا المجلس تشرع في عمل جاد وملموس لتنمية سيناء في كافة المجالات الصناعية والزراعية والسياحية, ويتبع هذا المجلس مؤسسة الرئاسة,(2) الاستفادة من خطط تنمية سيناء الموضوعة مسبقا وتشكيل لجنة متخصصة تقوم برسم خريطة بالمشروعات التنموية المقترحة وأولويات التنفيذ, وترفع توصياتها الي المجلس خلال شهر علي اقصي تقدير,(3) وضع جدول زمني محدد لعمل هذا المجلس يتم فيه تحديد سقف زمني لتنفيذ خطة واضحة ومعلنة لتنمية سيناء,(4) تشكل أمانة التنسيق الدائمة المنبثقة من هذا الاجتماع لجنة متابعة تقوم بمهمة تقييم أداء المجلس وترفع تقاريرها الي مؤسسة الرئاسة,(5) البدء الفوري في الاعداد لمشاريع تطوير منطقة قناة السويس تمهيدا لتنفيذها في أقرب فرصة,(6) إنشاء جامعة حكومية في سيناء,(7) ربط سيناء بكامل الأراضي المصرية بالقضاء علي أي اجراءات تمييزية استثنائية تحول دون حرية حركة وانتقال المصريين او السلع بشكل طبيعي من والي سيناء,(8) تجديد اختيار قادة المحليات عبر تبني سياسة توظيف جديدة للقيادات التنفيذية المحلية السيناوية تعتمد علي معيار الكفاءة وتعطي الأولوية لأبناء سيناء.
دعونا إذا نتحرك نحو بوصلة تصنيع الحل لا المشكلة, سيناء هي المختبر لكل ذلك شعبا ورئيسا وحكومة ومجلسا عسكريا وقوي سياسية, دعونا نتعلم الدرس' قل هو من عند أنفسكم' إن إيجابا أو سلبا.

قضايا واراء - مكانة الأزهر

قضايا واراء - مكانة الأزهر


مكانة الأزهر
بقلم: رجب البنا
رجب البنا
519
 
عدد القراءات


للأزهر مكانة تصل إلي حد التقديس في قلوب المسلمين في أنحاء العالم باعتباره قلعة الدفاع عن الإسلام بمفهومه الصحيح المعتدل البعيد عن التعصب والتشدد‏,‏ وأعلي مؤسسة علمية إسلامية‏,‏ والممثل الشرعي الوحيد للفكر وللفقه‏,‏ والمدافع عن الشريعة في مواجهة الأدعياء والمغرضين‏.‏
يكفي أن نعرف أن هناك أكثر من140 ألف عالم من علماء الأزهر يؤدون رسالة الأزهر في نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام, وفي أنحاء العالم أكثر من150 من أساتذة الأزهر يدرسون علوم الإسلام, وفي معاهد وكليات الأزهر أكثر من30 ألفا من أبناء الدول الإسلامية وغير الإسلامية, وفي كل زياراتي للصين كان مطلب الجمعيات الإسلامية هناك زيادة المنح المخصصة لأبناء الصين للدراسة في الأزهر. والأزهر بتاريخه الممتد عبر الزمان بأكثر من ألف سنة هو الذي كان حامي العقيدة من الفكر المنحرف, وهو الذي يتولي قيادة العمل العلمي في مجال الاجتهاد الفقهي وتجديد الفكر الإسلامي, وهو الذي يمثل قيادة الحركة العقلية الرشيدة التي تؤسس لنهضة الأمة وتتفاعل مع التقدم العلمي والحضاري في العالم.
ولكن الأزهر يواجه محاولات مغرضة للانتقاص من مكانته من أكثر من جهة, من الجهلاء والأدعياء وأنصاف العلماء, ومن الذين يحاولون اختزال الإسلام في طقوس شكلية تبعده عن المشاركة في تقدم مجتمعات المسلمين, وهؤلاء أسري لما في الكتب القديمة من اجتهادات علماء العصور الماضية دون إضافة أو تجديد أو إعادة النظر, ولا يدركون الفرق بين ما هو ثابت في الدين وما هو متغير, أو الفرق بين الشريعة والفقه, ويتشبثون بإضفاء القدسية علي آراء بشرية وعدم الاستفادة من فكر المجددين.
الأزهر رمز الإسلام, وهو أيضا رمز الوطنية, وقد أخذ زمام المبادرة بإعلان وثيقتين حدد فيهما الموقف الصحيح للإسلام من علاقة الدولة بالدين وجوهر الإسلام المتمثل في حرية العقيدة وحرية الفكر واحترام العقل وحقوق الإنسان والالتزام بالعدل بمفهومه الشامل في كل مجالات الحياة وأولها العدالة الاجتماعية. وهذا ما جعل شيخ الأزهر يوجه رسالة إلي الرئيس الجديد بعد انتخابه بأن يلتزم بعهده بأن يكون رئيسا لكل المصريين علي اختلاف آرائهم وعقائدهم الدينية وانتماءاتهم الحزبية وأن ينسي أي وصف آخر, وأن يعمل علي إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة علي دعائم القيم العليا للإسلام التي يجتمع عليها الجميع, وأن يتحمل مسئوليته عن تحقيق المساواة بين المصريين مسيحيين ومسلمين علي السواء.. وهو في ذلك يؤدي واجبه الذي عاهد الله عليه.
واجبنا الآن أن نحمي الأزهر من الذين يريدون أن ينالوا منه ومن علمائه حتي لا يتمكنوا من تحويل مرجعية المسلمين إلي وجهات أخري, ولكن سوف يستمر الأزهر في مكانته العالية وفي القيام بمسئوليته الكبري عن حماية الإسلام وسوف يحميه الله لكي يستمر في مواجهة أعداء الحضارة الداعين إلي انغلاق العقول وقمع حرية التفكير ورفض التجديد في الفكر الديني, وهم الذين تسببوا في تخلف الدول الإسلامية عن مسايرة الحضارة العالمية.
والأزهر يرفض فرض رأي واحد أو فكر أو مذهب واحد يدعي أنه المعبر عن الإسلام, ولذلك يحرص الأزهر علي تدريس جميع المذاهب علي اختلافها, ويجمع بين فقه الأحكام وفقه الواقع, أي أنه يجمع بين الأصول الثابتة والواقع المتغير مما لا يدرك قيمته الذين لا يدركون قيمة الاختلاف وتعدد الاجتهادات.
الأزهر هو المرجعية الوحيدة, وهو المدافع عن الوحدة الوطنية, والقائم بالحوار بين الديانات والثقافات والحضارات للتوصل إلي نقاط اتفاق وتعاون علي البر والتقوي, وهو الذي يعمل علي تجديد الخطاب الديني.. لذلك من الضروري أن يتضمن الدستور الجديد مواد خاصة عن الأزهر ومكانته ورسالته تنص علي استقلال الأزهر ومسئوليته عن شئون الدعوة الإسلامية والتعليم الديني الإسلامي, وتنص أيضا علي إنشاء هيئة كبار العلماء ويرأسها شيخ الأزهر تختص بوظيفة الاجتهاد الفقهي, وعدم قابلية شيخ الأزهر للعزل.. ليس المقصود أن يكون الأزهر سلطة دينية, لكن المقصود حماية الأزهر من أهواء الحكام والحكومات والقضاء علي فوضي الدعوة والدعاة والفتاوي من كل من يتجرأ علي الإفتاء, والحفاظ علي مكانة الأزهر من أصحاب الأهواء.

الكتاب - رؤية الشباب لمستقبل مصر

الكتاب - رؤية الشباب لمستقبل مصر



رؤية الشباب لمستقبل مصر
بقلم: رجب البنا
رجب البنا
244
 
عدد القراءات


الشباب هم الذين أشعلوا شرارة الثورة‏,‏ وجاءت بعدهم القوي الثورية الأخري‏,‏ ومن حق الشباب أن يكون لهم مكان في قيادة المرحلة المقبلة‏,‏ ومن واجب القيادة أن تستمع إلي الشباب وإلي أحلامهم ورؤيتهم لمستقبل بلدهم الذي سيكون خالصا لهم في المستقبل‏.‏
وقد تنبه المركز القومي للبحوث الاجتماعية فطلب من ممثلي الشباب أن يقدموا رؤيتهم إلي المؤتمر السنوي للمركز, فعرضوا أفكارهم للمستقبل السياسي, وللمستقبل الاقتصادي, في الجانب السياسي قالوا إنهم يتطلعون إلي أن يروا مصر دولة حديثة بالمعني المتعارف عليه في أدبيات العلوم السياسية, وفيها نظام إداري وتشريعي حديث يخضع له المواطنون, ويكون الدستور نتاج توافق أطياف الشعب, وتتحول البيروقراطية المصرية من التسلط إلي الخدمة العامة, ويكون مفهوم المواطنة حقيقة في الحياة اليومية, ويتساوي المواطنون بالفعل وليس بالقول, وتكون حرية الرأي مكفولة حقيقة بحيث تتمكن الفئات المختلفة من التعبير عن آرائها ومصالحها, ويكون لجميع المواطنين دون تمييز الحق في المشاركة السياسية دون تضييق أو توجيه اتهامات, ويكون لمؤسسات الدولة القضائية والتشريعية والتنفيذية استقلال يحمي كلا منها من تغول سلطة أخري عليها, أو واستحواذ فئة علي السلطات جميعها, فيتحول النظام السياسي مرة أخري إلي الدكتاتورية والاستبداد.
ورؤية الشباب لنظام الحكم المناسب لهذه المرحلة هو النظام المختلط الذي يجمع بين بعض سمات النظام البرلماني, وبعض سمات النظام الرئاسي, ويكون الرئيس ورئيس مجلس الوزراء مسئولين أمام البرلمان, وليس من المناسب الأخذ بالنظام البرلماني لأنه لا يعمل إلا في وجود أحزاب قوية, ومن الممكن أن يؤدي إلي عدم الاستقرار السياسي كما يحدث في بعض البلاد التي تأخذ بهذا النظام, وكذلك فإن النظام الرئاسي تزداد فيه سلطات الرئيس بما يسمح له بالانفراد بالسلطة, خصوصا في حالة وجود برلمان أغلبيته من حزب الرئيس, أو في وجود برلمان ضعيف لا يتمكن من محاسبة الرئيس.
وبالنسبة للنظام الانتخابي كانت رؤية الشباب الأخذ بنظام القائمة النسبية المفتوحة التي تسمح للناخب أن يختار من كل القائمة الأسماء التي يريدها, ولا تمثل القائمة في البرلمان إلا إذا حصلت علي نسبة معينة, وفي تصورهم أن النظام الفردي يكرس العصبية والقبلية وسيطرة المال, بينما القائمة النسبية تسمح بزيادة تمثيل أطياف وشرائح المجتمع, خصوصا الأقباط والمرأة والشباب, لأن الناخبين لن يكونوا ملزمين لاختيار قائمة بكاملها كما في نظام القائمة انسبية المغلقة, وبذلك يسهم نظام القائمة النسبية المفتوحة في انتخاب سلطة تشريعية تضم ممثلين عن الجماعات المختلفة, ويحفز الأحزاب لتقديم قوائم متوازنة من المرشحين, ويساعد علي تقوية الأحزاب, ويكون التصويت علي برامج بأكثر مما يكون علي أشخاص.
ويري الشباب إلغاء كل صور التمييز في الدستور الجديد, بما في ذلك تخصيص نسبة من مقاعد البرلمان للمرأة, أو للعمال والفلاحين بعد أن تغيرت ظروف المجتمع, وأصبح للعمال وللفلاحين أن يشكلوا أحزابا سوف تحصل قطعا علي مقاعد لعمال وفلاحين حقيقيين, بعد أن أدي التعريف القانوني للعامل والفلاح إلي فتح الباب أمام( الفئات) لانتحال أي من الصفتين, وهذا ما حدث فعلا وتكرر حدوثه, ولم تعد النسبة المخصصة للعمال والفلاحين مخصصة لهم بالفعل, وإنما صارت نوعا من الادعاء الكاذب بأنصاف الفلاحين والعمال.
وكان الشباب معبرين عن الرأي العام بمطالبتهم بأن تكون الحصانة البرلمانية للنائب مقصورة علي كل ما يتعلق بدوره الرقابي والتشريعي, ولا تمتد إلي تصرفاته خارج هذا النظام, أي تكون الحصانة لضمان حريته في أداء دوره وليست حصانة لشخصه, وكذلك النص في الدستور علي حظر الجمع بين منصب الوزير والموظف العام وعضوية البرلمان, لأن مهمة البرلمان الرقابة علي الحكومة, وهذه المهمة تتعارض مع كون النائب من الحكومة وزيرا أو موظفا.
وطالب الشباب بما يطالب به كل الأحرار في هذا البلد بإصدار قانون حرية المعلومات يلزم جميع الجهات بإعطاء المعلومات لكل من يطلبها, ولا يفرض الحظر إلا علي المعلومات التي تتعلق بالأمن القومي, وهذا القانون هو الذي يمكن من مراقبة وكشف أي انحرافات أو فساده علي أن يتضمن هذا القانون تحديدا دقيقا لمفهوم الأمن القومي حتي لا يكون ذلك حجة لحجب المعلومات.
ويطالب الشباب بما يطالب به كل الأحرار في هذا البلد بأن يطرح مشروع الدستور الجديد لحوار مجتمعي واسع تشارك فيه جميع القوي السياسية, وألا يكون في لجنة إعداد الدستور أعضاء من البرلمان, ويشارك فيها نخبة متميزة من المتخصصين ومن ممثلي الأطياف السياسية والثقافية, والنص في الدستور علي حرية العبادة, وإقامة الشعائر الدينية, وحق غير المسلمين في تطبيق شرائعهم في الأحوال الشخصية, والنص علي كيفية محاسبة رئيس الجمهورية, والوزراء, والمحافظين, والنص علي آلية تعديل الدستور, وتحديد المقصود بالعدالة الاجتماعية بالنص علي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمختلف المواطنين, والتزام الدولة بها, والنص علي استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية.
هذا بعض ما يراه ممثلو الشباب, ومن حقهم أن تكون رؤيتهم أمام الجميع, وأن تؤخذ في الاعتبار لأنها معبرة عن رأي ممثلين عن الذين أشعلوا شرارة الثورة, ونقلوا مصر إلي عهد جديد.

قضايا واراء - يا عقلاء الأمة اتحدوا

قضايا واراء - يا عقلاء الأمة اتحدوا


يا عقلاء الأمة اتحدوا
بقلم: رجب البنا
رجب البنا
902
 
عدد القراءات


ما يصدر من بعض قيادات تيار الإسلام السياسي لابد أن يثير القلق علي مستقبل البلد, فالشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يرفض قبول حكم القانون وهو رجل قانون ويعلم الناس الآداب والقيم الإسلامية‏,‏ وهو يهدد ويتوعد إذا لم تمتثل اللجنة العليا للانتخابات وتعلن ترشيحه‏.
فهل يمكن أن يكون الترشح للرئاسة بالقوة وبالمخالفة للقانون؟ والدكتور محمد مرسي بدأ حملته الانتخابية برئاسة المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين الذي أعلن في أول مؤتمر انتخابي أن الدكتور محمد مرسي بايعه علي السمع والطاعة وأنه يحله من هذه البيعة ولم يعلن الدكتور محمد مرسي تحلله منها, فهل يمكن أن يكون مصرا ملتزما بالسمع والطاعة لشخص مهما تكن مكانته, وحتي لو تحلل من البيعة فكيف يتحلل من التزامه تجاه المرشد العام للجماعة التي ينتمي اليها ويعتمد علي أصوات أعضائها الذين بايعوا علي السمع والطاعة, وهو سيختار مستشاريه ومعاونيه, وربما سفراءه, ومحافظيه, من أعضاء هذه الجماعة..ملتزمون بالسمع والطاعة أيضا للمرشد العام بالإضافة الي رئيس وأعضاء مجلس الشعب ورئيس وأعضاء مجلس الشوري من الاخوان وهكذا يكون المرشد العام هو الحاكم الأوحد لمصر.
قد يفسر لنا اللغز ما أعلنه الدكتور محمد مرسي نفسه في نفس المؤتمر بقوله: ها نحن سنعيد الفتح الأسلامي من جديد, وهذا هو الفتح الأسلامي الثاني لمصر بعد فتح عمرو بن العاص لها. وقوله: إنه سيحكم مصر كما فعل الفاروق عمر بن الخطاب, ثم قول الدكتور صفوت حجازي إن د. محمد مرسي هو الأقدر علي إعادة الخلافة الأسلامية والولايات العربية التي ستكون عاصمتها القدس الشريف!
والشيخ حسن أبو الأشبال ـ أحد قيادات الدعوة السلفية ـ يحرض المواطنين ليلة الهجوم علي وزارة الدفاع عبر قناة فضائية ويدعوهم الي التوجه الي مقر الوزارة ومحاصرتها والقبض علي رئيس وأعضاء المجلس العسكري والحكم بأعدامهم في الميدان. والأستاذ أحمد أبو بركة محامي الأخوان يهدد: (لو لم يعدل المجلس العسكري قانون المحكمة الدستورية سننزل الي الشارع).
هذه أمثلة لأقوال ومواقف تثير القلق بعد ثورة أول أهدافها الحرية, حرية الفكر, وحرية الإنسان في الاختيار, ولا يمكن أن يكون لشخص أو لجماعة سلطة تفوق سلطة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي قال له الله لتحديد اختصاصه: لست عليهم بمسيطر فكيف لبشر ـ ليس رسولا ـ أن يسيطر علي جماعة ويريد أن يسيطر علي جميع مؤسسات البلد ويخضع له الجميع بالسمع والطاعة؟.
ويثير القلق ما شاهده الناس في التليفزيون من أحاديث تستخدم آيات القرآن في غير مواضعها ويدعي المتحدثون أن المتظاهرين أمام وزارة الدفاع كانوا واقفين وليس في أيديهم شيء ولا في نيتهم الاعتداء علي وزارة الدفاع ولكن الجنود هم الذين اعتدوا عليهم دون سبب, يا سبحان الله, وكيف ذلك جميع قنوات التليفزيونات في العالم عرضت مشاهد لهؤلاء المتظاهرين وهم يلقون الحجارة علي جنودنا, ويشعلون الحرائق, ويوجهون لهم الاهانات لاستفزازهم بالقول وبالأشارة, وشاهدنا بعضهم فوق سطح مسجد النور وبعضهم يطلق الرصاص من فتحتي المئذنة, فكيف يسمح مسلم لنفسه بأن يدلي بشهادة زور ويدعي أن المتظاهرين كانوا مسالمين وواقفين فقط للتعبير عن رأيهم, وقد شاهدنا من يقطع الأسلاك الشائكة ليفتح طريق الهجوم وسمعنا هدير الغوغاء خلفه الله أكبر وكأن هذه غزوة ضد الأعداء!!
ويثير القلق أن نري من يبرر الجريمة التي حدثت ويقول إن التظاهر يحدث أمام وزارات الدفاع حتي في الدول المتقدمة, وهذا صحيح, ولكن لم يحدث أبدا أن تجمع الغوغاء لاقتحام وزارة دفاع, ولم يحدث أن كان المتظاهرون يحملون الحجارة وزجاجات المولوتوف والعصي والدروع.. ووزارة الدفاع ليست مقرا لممارسة عمل سياسي, وإنما هي مقر إدارة العمليات العسكرية وقيادة الجيوش, فهل كان المقصود التأثير سلبيا علي معنويات القوات المسلحة, أو كسر الأدارة العسكرية المسئولة عن حماية البلاد.
ويثير القلق أن يتباري أعضاء مجلس الشعب من أعضاء الأخوان في إدانة القوات المسلحة لأنها قامت بواجب الدفاع الشرعي عن شرف العسكرية المصرية.
يا عقلاء الأمة اتحدوا حتي لا يتحول القلق الي ما هو أسوأ.

قضايا واراء - مراجعات السلفيين

قضايا واراء - مراجعات السلفيين


مراجعات السلفيين
بقلم: رجب البنا
رجب البنا
973
 
عدد القراءات


لم يشارك السلفيون في ثورة‏52‏ يناير‏,‏ بل إنهم أعلنوا موقفهم في الأيام الأولي بتحريم الخروج علي الحاكم ولو كان ظالما‏,‏ وظلوا علي المبدأ الذي ساروا عليه عشرات السنين‏,‏ وهو أن يلتزموا بالحديث الشريف من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه.
وكان قرارهم عدم اللجوء الي إنكار سياسات النظام السابق باليد أو باللسان, وإنما إنكاره بالقلب ليس غير, اتقاء لشروره والعكوف علي الصلاة والذكر وفعل الطاعات.
وكان منهجهم الابتعاد عن العمل السياسي تفاديا لبطش السلطة, والعمل علي إقامة الدولة الاسلامية وفقا لمفهومهم عن طريق التربية والعمل وفقا للأمر الإلهي: عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم ولذلك مارسوا حياتهم كما كان يمارسها السلف الصالح.. والتزموا حتي في ملابسهم وطعامهم وعلاقاتهم الاجتماعية بما كان عليه المسلمون الأوائل في القرنين السادس والسابع!
وبعد الثورة ظهروا في المليونيات, وخرجوا إلي المجتمع, وأسسوا أحزابا دون أن تكون لهم سابق خبرة في العمل السياسي, وخاضوا انتخابات مجلس الشعب وحصلوا علي عدد من المقاعد لأن أعدادهم ليست قليلة, وخطابهم الديني يجذب فئات من الشعب تعاني القهر منذ عشرات السنين وتبحث عن وعد بالعدل والحرية, ولكنهم فوجئوا بأن أحزابهم صار لها وجود في العلن, وأصواتهم يمكن أن ترتفع في مجلس الشعب والفضائيات والمؤتمرات بما كانوا يقولونه لأنفسهم سرا, فظهر منهم التشدد, والانفعال, ورفض التجديد, ومقاومة المفاهيم الحديثة مثل الليبرالية والديمقراطية فحكموا بأنها كفر ومروق عن الاسلام بدون دراسة هادئة لهذه المفاهيم, وهاجموا السياحة, وحرية الفكر والفن, وحقوق المرأة, والأقباط.. إلخ.. ورفضوا الاجتهاد والتجديد وفقه الأولويات, وركزوا علي قضايا فرعية, ورأينا من يهدم الأضرحة, ومن يقطع أذن إنسان ويعطي لنفسه هذا الحق, ومن يطالب بانشاء تنظيم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعقاب الناس في الشوارع إذا ساروا في أوقات الصلاة, أو اذا خرجت امرأة بملابس تخالف المواصفات المعتمدة لديهم.. وهكذا أثاروا مخاوف الناس في الداخل والخارج وظهرت مقالات في الصحف العالمية تحاول استشراف مستقبل الدول الاسلامية اذا سيطر عليها هذا التيار.
ويبدو أن السلفيين مقتنعون بأنهم الفرقة الناجية وفقا لما هو منسوب للرسول صلي الله عليه وسلم عن انقسام المسلمين ـ في زمن ما ـ إلي سبعين فرقة كلها في النار ماعدا فرقة واحدة هي الفرقة الناجية, والحقيقة أن كل جماعة من الجماعات الاسلامية تعتبر نفسها الفرقة الناجية وليس غيرها! ويبدو أنهم سوف يحتاجون الي وقت ـ قد يطول ـ لكي يصلوا الي مرحلة التطبيع مع مجتمعهم ومواطنيهم وقبولهم كما هم دون رفض أو إدانة, ولكي يدركوا أن الاختلاف في الفهم والتفسير للنصوص مسألة طبيعية لاختلاف العقول والظروف والثقافات واختلاف مناهج وأدوات التفسير, ولكي يدركوا أنه لا وصاية لأحد من العباد علي العباد, والحساب والعقاب علي المخالفين من سلطة الله وحده, والخطأ أن تعتبر جماعة من الناس أنها هي الاسلام وليست فقط واحدة بين جماعات أخري ولها مالهم وعليها ماعليهم, واذا كان فريق يري أنه علي صواب وعلي الطريق المستقيم فيجب الاعتراف للآخرين بأن يروا ذلك في أنفسهم, والخلاف مشروع في الفكر وفي الفقه الاسلامي وفي كل ماهو من اجتهاد البشر أيا كانت منزلتهم, وكان الإمام مالك يخالف أراء بعض كبار الصحابة ويقول هم رجال ونحن رجال ولا عصمة لأحد إلا صاحب القبر هذا, ويشير إلي قبر الرسول صلي الله عليه وسلم, ليس من الاسلام أن يحاول أحد فرض رأيه أو موقفه حتي مع الكافرين( لا إكراه في الدين) و الله يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون وليس في الاسلام إضفاء القداسة علي شخص أو علي رأي أو علي فعل, فكل ماصدر ومايصدر عن البشر هو عمل إنساني قابل للآخذ والرد وللرفض أو التعديل.. والحكمة الذهبية أن اختلاف المسلمين رحمة, وهذه قمة الاحترام للتعددية التي تثري الحياة والفكر.
من أجل ذلك أقول إن السلفيين يحتاجون الي حوار فيما بينهم, ومع الجماعات والمجموعات الأخري, وليس هناك من يشك في صفاء قلوبهم وإخلاصهم وحبهم لله ورسوله.. ولكن من الحب مايدفع الي الشطط.. وهذه مجرد ملاحظات ليس لها من هدف إلا الإصلاح وبدافع الحب لمن يحب الله ورسوله.

قضايا واراء - السلفيون بين الدين والسياسة

قضايا واراء - السلفيون بين الدين والسياسة


السلفيون بين الدين والسياسة
بقلم: رجب البنا
رجب البنا
310
 
عدد القراءات


قبل ثورة‏25‏ يناير لم يكن السلفيون قد ظهروا في العلن كحركة سياسية‏,‏ بل إنهم لم يشاركوا في بداية الثورة‏.‏ وكانوا يعترضون عليها وأعلنوا أن الخروج علي الحاكم حرام شرعا‏.
 وبعد نجاحها ومشاركة الإخوان فيها, غيروا موقفهم, ودخلوا الحياة السياسية التي يرفضونها ويعتبرون أنفسهم حركة دينية اصلاحية سلمية وسيلتها الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة للعودة الي ما كان عليه السلف الصالح, لكنهم غيروا هذا الموقف وانشأوا ثلاثة أحزاب بعد أن كانوا يرفضون الأحزاب من الأساس, ويرون أن الأمة يجب أن تتوحد علي عقيدة واحدة ولاتتفرق في أحزاب. وشاركوا في انتخابات مجلسي الشعب والشوري بالقوائم الحزبية وبالمرشحين الفرديين وكان فوزهم بعدد من المقاعد مفاجأة للمراقبين والسياسيين بل وكان مفاجأة لهم أيضا.. وأصبح من الواجب أن يتعرف المصريون علي هذا الفصيل الجديد الذي يريد أن يشارك في حكم مصر اليوم ويأمل ـ طبعا ـ في أن ينفرد بحكمها غدا ان أمكن!!
والسلفيون ينسبون عقائدهم الي السلف الصالح من أوائل المسلمين, أي التابعين وتابعي التابعين.. يقولون أنهم يتبعون ما كان عليه أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم لاينقصون مما كانوا يفعلونه ولايزيدون, ويتبعون أيضا الجيل الذي تلا التابعين من الملتزمين بالسنة النبوية.. والبداية يشرحها الامام أبوحنيفة في كتاب مشهور باسم الفقة الأكبر في علم التوحيد يشرح فيه العقائد الاسلامية في صورتها الأولي.. أي: الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث وبأن القدر خيره وشره من الله تعالي, وكذلك الايمان بالحساب والميزان في الآخرة, وبالجنة والنار, وبالصراط والحوض وغير ذلك من مواقف القيامة.. وأما مشكلة: هل الانسان مخير أو هو مسير بما قدره الله عليه؟ فيرون أن الله يعلم أفعال البشر, وقد خلق الإنسان خاليا من الكفر والإيمان, ثم أرسل اليهم من يهديهم ويأمرهم وينهاهم, فكفر من كفر بفعله وجحوده, وآمن من آمن بفعله وتصديقه.. الأول كفر بخذلان الله له, والثاني آمن بنصرة الله له.. لم يجبر الله الخلق علي فعل من الأفعال, ولكن خاطب الله العقل الانساني, وقد خاطب الله الانسان: ألست بربكم, قالوا بلي شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين.. وكان ذلك في العالم الذري بين الله وبين الأرواح.. وبعد ذلك نسي الإنسان هذا الميثاق, فالبعض صحت فطرته وتذكر ما عهد الله عليه والبعض الآخر فسدت فطرته وكفر.. الله لم يخلق الإنسان مؤمنا أو كافرا ولكن خلقه شخصا, وهداه النجدين.
هذه بداية الفلسفة السلفية, وبعد ذلك ظهرت الصورة الأخيرة لها علي يد ابن تيمية في دمشق في فترة ازدهار المذهب الحنبلي الذي ينادي بالعودة إلي عقيدة السلف ببراهين وحجج لم يسبقه أحد بقولها ولذلك حكم عليه بعض علماء مصر و الشام بأن ما يقوله بدعة, ووصل الخلاف الي حد المعارك بينه وبين هؤلاء العلماء.. وظل متمسكا بموقفه الذي يتلخص في أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين هم أعلم بالله وآياته لأنهم هم: أهل القرآن وورثة الأنبياء والذين جاءوا بعد ذلك من اتباع الفلسفة والهند واليونان وورثة المجوس والمشركين... الخ.
وإن الاسلام ليس في حاجة الي أبناء الفرس والروم, وفروخ الهند والفلاسفة يأتون فيبينون له العقيدة الصحيحة. ويعيب ابن تيمية علي أصحاب المذاهب أنهم يتحدثون علي أساس العقل, ومذهبه قائم علي الاتباع للسلف وليس اتباع العقل, وهكذا فهم صفات الله كما جاءت في القرآن ومنها العلم, ولكن علم الله ليس كعلم البشر, وهكذا صفات القدرة والمشيئة, وأيضا يكون فهم قول الله: يد الله فوق أيديهم أو ثم استوي علي العرش وان الله سميع بصير.. الله له هذه الصفات ولكنها ليست كمثيلاتها في البشر..
وفي مصر كان السلفيون موجودين دائما ومنذ زمن طويل باسم جماعة أنصار السنة وكانت لهم دائما علاقة بالسلفيين في السعودية, وكانت لهم مساجد ودعاة ويحاربون التصوف والفرق الصوفية ويحاربون وجود أضرحة لأولياء الله الصالحين ويقررون بأن الصلاة في مسجد فيه ضريح حرام, ومن أهم مبادئهم وجوب طاعة الحاكم حتي ولو كان ظالما ولايجوز الخروج عليه إلا في حالة واحدة هي حين يكون كافرا, وكانوا ضد دخول البرلمان ويعتبرونه خطأ وخرابا لأن مجلس الشعب يتولي التشريع والتشريع لا يكون إلا الله, ومن آرائهم أن الديمقراطية كفر لايكتفون باعتبارها حراما.. ولهم مواقف وآراء دينية واجتماعية متشددة ومتطرفة أحيانا, ومن ستر ربنا أنهم بدأوا في تغيير بعض مواقفهم وآرائهم, ولاشك أن دخولهم البرلمان, واشتراكهم في تحمل المسئولية, ووجود عناصر متعلمة تعليما عاليا بين صفوفهم واحتكاكهم بالمجتمع بعد العزلة ـ وبالتيارات والأفكار والأحزاب وبجماهير الشعب وبشبابه بصفة خاصة.. سيكون له أثره في تحولهم من التشدد الي الوسطية والاعتدال.. ودعونا نأمل ذلك ونواصل فهم أفكارهم وعقائدهم لأنهم أصبحوا من الأطراف الفاعلة في معادلة السياسة والحكم وتقرير المصير, وهم شركاء في الوطن ومصيره.

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر