الإصلاح الاقتصادي.. من أين يبدأ؟
بقلم: عاطف الغمري
بقلم: عاطف الغمري
107
الأمر الذي لا خلاف عليه, أن ثورة 25 يناير, هي حدث وقع في عالم يتغير, وكانت أداته المستخلصة من هذا التغيير,
هي استخدام مواقع الاتصال الاجتماعي علي شبكة الانترنت, التي تعد من المظاهر المهمة للتغيير الذي أفرزه انتقال العالم إلي عصر ثورة المعلومات, وذلك ضمن متغيرات متعددة الأشكال والمفاهيم والمباديء السياسية والاقتصادية, والتي يتصدرها تغير مفهوم قوة الدولة, التي كانت تقاس من قبل بما تملكه من قدرات عسكرية, تليها في الترتيب بقية مكونات قوة الدولة.
ونتيجة لهذه المتغيرات, فإن ما كان يصلح من أفكار وتوجهات ونظريات في سنوات سابقة, لم يعد كله صالحا الآن لحكم دولة وإدارة شئونها, وفي إطار ظروفنا الراهنة في مصر, فإن مما يثير القلق في الصورة العامة للحراك السياسي, منذ 25 يناير وحتي الآن, ما يعكسه الخطاب السياسي للغالبية العظمي من الذين أعلنوا ترشيح أنفسهم للرئاسة, والذي يفتقد الرؤية الاستراتيجية عند الكثيرين التي تلم بأبعاد هذا التغيير, الذي يشمل كل شيء, بما في ذلك تغير مفهوم الإصلاح الاقتصادي والتنمية, وهو ما يعد في المرحلة الحالية, قضية مصر الأولي, مع وجود استثناءات قليلة ومتميزة بين المرشحين.
في فترة التسعينيات من القرن العشرين, وبناء علي تحولات النظام الدولي بانتهاء الحرب الباردة, وبناء علي ظهور البدايات المبشرة للتجارب الناجحة للدول التي حققت صعودا اقتصاديا في آسيا, كان قد استقر في الفكر السياسي في العالم في هذه السنوات, أن القدرة الاقتصادية التنافسية, قد صعدت إلي قمة مكونات الأمن القومي للدولة لتتساوي مع القدرة العسكرية, وقد تتجاوزها أحيانا, وهذا تطور دفع بدوره إلي إعطاء أولوية للأمن القومي الاقتصادي, موازيا للأمن القومي للدولة بمعناه الاستراتيجي والتقليدي.. علي ضوء ذلك يكون السؤال: ــ من أين يبدأ الإصلاح الاقتصادي؟!.
بداية ـ أن الإصلاح الاقتصادي, لابد أن يسبقه الإصلاح السياسي, خاصة ما يتعلق بإقرار الأمن الداخلي, وسيادة دولة القانون, وحفظ كرامة المواطن, وترسيخ الديمقراطية, وتبني دستور توافقي متوازن, يعبر عن المصريين جميعا.
ونظرا للتداخل بين السياسة والاقتصاد, فإنه يلزم أن تتبلور للدولة فلسفة سياسية واقتصادية واضحة ومحددة المعالم, تبني علي أساس مشروع قومي للتقدم والنهضة, يستوعب كل موارد الدولة ما هو مستغل, وما هو غير مستغل, ويضع في حساباته كل مشكلات مصر, منها ما هو اقتصادي, ومنها ما قد لا يكون اقتصاديا في طبيعته لكنه يتأثر بالاقتصاد ويؤثر فيه. وهو ما يعني التنوع في أهل العلم والخبرة, الذين يعهد إليهم بصياغة المشروع القومي, والذي يعد عملا سياسيا استراتيجيا, لا يختص به رجال اقتصاد, فحسب لكنهم يشاركون فيه مع غيرهم من أهل المعرفة.هنا تكون محاولة الاجابة عن السؤال: الإصلاح الاقتصادي من أين يبدأ؟.
1 ــ اعادة صياغة الفلسفة الاقتصادية للدولة, والتحديد الواضح لهويتها السياسية والاقتصادية.
بما يعظم هدف الانتاج, صناعيا وزراعيا, ويزيل خطايا النظام السابق, بما أرساه من قواعد هدم فكرة الإنتاج, من أجل حماية ثقافة العمولات التي تفشت بشكل تخريبي, والتي استحوذت عليها الطبقة الحاسمة, والتي توسعت عشوائيا في الاستيراد (مصر تستورد 75% من احتياجاتها من المواد الغذائية من الخارج) والعمل بكل الطرق لإبقاء مصر دولة مستهلكة مستوردة, والأمثلة لا تعد ولا تحصي علي سلوكيات العداء للانتاج من بينها: ــ الغاء المشروع القومي لتنمية سيناء (6991) ــ عدم تنفيذ مشروع إقامة المدينة الصناعية التكنولوجية شمال غرب خليج السويس والتي وقع عقد إنشائها رئيسا وزراء مصر والصين في يونيو 2006 ــ إلغاء مشروع إقامة مصنع إنتاج مبيدات آمنة للاستخدام المحلي والتصدير بمنحة مجانية من الوكالة الدولة للطاقة الذرية 2007.
2 ــ أن البداية للإصلاح الاقتصادي تكون بتشخيص لأوضاع مصر الاقتصادية, وبناء علي ما لديها تتحدد رؤية للهدف الذي تريد مصر أن تكونه, وما تستطيعه لبلوغ ذلك, مع الاستفادة من ايجابيات التغييرات الداخلية في مصر, وتغير المزاج النفسي للمصريين, الذين كانوا قبل 25يناير قد أعطوا ظهرهم للنظام القائم في الدولة, وتفادي أي سلبيات موجودة الآن, وأيضا الاستفادة من الفرص المتاحة لعلاقات مع دول أخري, ومن تجارب نجحت في دول مثل الصين, والهند, وسنغافورة, وماليزيا, والبرازيل, وتركيا وجنوب إفريقيا, وبما يراعي جوانب الخصوصية في الحالة المصرية.
3 ــ أن مصر بطبيعتها دولة يمتد عمقها الاستراتيجي, إلي اتجاهات متعددة ومتنوعة, وتتطلب احتياجات أمنها القومي, أن تمد جسورا في هذا العمق: ـ في إفريقيا جوارها الاسترايتيجي ــ وفي آسيا الصاعدة بقوة ــ وفي العالم العربي, حيث انتماؤها القومي, وذلك وفق فلسفة سياسية متطورة.
4 ــ لما كان الاصلاح السياسي هو نقطة الانطلاق لأي إصلاح اقتصادي ناجح, فإن الديمقراطية تكون هي مربط الفرس, فهي المنطلق للحكم الصالح, والسلام الاجتماعي, والعدالة الاجتماعية, والأمن القومي, والانتماء والهوية, والتنمية الاقتصادية.
.. ورغم حجم المشكلات المتراكمة والمتوارثة, من نظام هدم الدولة الذي سقط في 25 يناير, فإن هذا لا يمنع من التفاؤل بمستقبل مصر, فمصر تملك من الموارد المادية والبشرية, ومن طاقة روح الوطنية التي اطلقتها ثورة 25 يناير, ما يؤهلها لقفزة اقتصادية في سنوات قليلة, وهي نظرة مستخلصة من المقارنة بدول كانت فقيرة جدا في كل شيء لكنها, وفي سنوات محدودة صعدت إلي مستوي الدولة المتقدمة والغنية, لا شيء, سوي أنها وضعت يدها علي المفاتيح الحقيقية, للبدء بالإصلاح الاقتصادي, بناء علي رؤية سياسية محددة.
ونتيجة لهذه المتغيرات, فإن ما كان يصلح من أفكار وتوجهات ونظريات في سنوات سابقة, لم يعد كله صالحا الآن لحكم دولة وإدارة شئونها, وفي إطار ظروفنا الراهنة في مصر, فإن مما يثير القلق في الصورة العامة للحراك السياسي, منذ 25 يناير وحتي الآن, ما يعكسه الخطاب السياسي للغالبية العظمي من الذين أعلنوا ترشيح أنفسهم للرئاسة, والذي يفتقد الرؤية الاستراتيجية عند الكثيرين التي تلم بأبعاد هذا التغيير, الذي يشمل كل شيء, بما في ذلك تغير مفهوم الإصلاح الاقتصادي والتنمية, وهو ما يعد في المرحلة الحالية, قضية مصر الأولي, مع وجود استثناءات قليلة ومتميزة بين المرشحين.
في فترة التسعينيات من القرن العشرين, وبناء علي تحولات النظام الدولي بانتهاء الحرب الباردة, وبناء علي ظهور البدايات المبشرة للتجارب الناجحة للدول التي حققت صعودا اقتصاديا في آسيا, كان قد استقر في الفكر السياسي في العالم في هذه السنوات, أن القدرة الاقتصادية التنافسية, قد صعدت إلي قمة مكونات الأمن القومي للدولة لتتساوي مع القدرة العسكرية, وقد تتجاوزها أحيانا, وهذا تطور دفع بدوره إلي إعطاء أولوية للأمن القومي الاقتصادي, موازيا للأمن القومي للدولة بمعناه الاستراتيجي والتقليدي.. علي ضوء ذلك يكون السؤال: ــ من أين يبدأ الإصلاح الاقتصادي؟!.
بداية ـ أن الإصلاح الاقتصادي, لابد أن يسبقه الإصلاح السياسي, خاصة ما يتعلق بإقرار الأمن الداخلي, وسيادة دولة القانون, وحفظ كرامة المواطن, وترسيخ الديمقراطية, وتبني دستور توافقي متوازن, يعبر عن المصريين جميعا.
ونظرا للتداخل بين السياسة والاقتصاد, فإنه يلزم أن تتبلور للدولة فلسفة سياسية واقتصادية واضحة ومحددة المعالم, تبني علي أساس مشروع قومي للتقدم والنهضة, يستوعب كل موارد الدولة ما هو مستغل, وما هو غير مستغل, ويضع في حساباته كل مشكلات مصر, منها ما هو اقتصادي, ومنها ما قد لا يكون اقتصاديا في طبيعته لكنه يتأثر بالاقتصاد ويؤثر فيه. وهو ما يعني التنوع في أهل العلم والخبرة, الذين يعهد إليهم بصياغة المشروع القومي, والذي يعد عملا سياسيا استراتيجيا, لا يختص به رجال اقتصاد, فحسب لكنهم يشاركون فيه مع غيرهم من أهل المعرفة.هنا تكون محاولة الاجابة عن السؤال: الإصلاح الاقتصادي من أين يبدأ؟.
1 ــ اعادة صياغة الفلسفة الاقتصادية للدولة, والتحديد الواضح لهويتها السياسية والاقتصادية.
بما يعظم هدف الانتاج, صناعيا وزراعيا, ويزيل خطايا النظام السابق, بما أرساه من قواعد هدم فكرة الإنتاج, من أجل حماية ثقافة العمولات التي تفشت بشكل تخريبي, والتي استحوذت عليها الطبقة الحاسمة, والتي توسعت عشوائيا في الاستيراد (مصر تستورد 75% من احتياجاتها من المواد الغذائية من الخارج) والعمل بكل الطرق لإبقاء مصر دولة مستهلكة مستوردة, والأمثلة لا تعد ولا تحصي علي سلوكيات العداء للانتاج من بينها: ــ الغاء المشروع القومي لتنمية سيناء (6991) ــ عدم تنفيذ مشروع إقامة المدينة الصناعية التكنولوجية شمال غرب خليج السويس والتي وقع عقد إنشائها رئيسا وزراء مصر والصين في يونيو 2006 ــ إلغاء مشروع إقامة مصنع إنتاج مبيدات آمنة للاستخدام المحلي والتصدير بمنحة مجانية من الوكالة الدولة للطاقة الذرية 2007.
2 ــ أن البداية للإصلاح الاقتصادي تكون بتشخيص لأوضاع مصر الاقتصادية, وبناء علي ما لديها تتحدد رؤية للهدف الذي تريد مصر أن تكونه, وما تستطيعه لبلوغ ذلك, مع الاستفادة من ايجابيات التغييرات الداخلية في مصر, وتغير المزاج النفسي للمصريين, الذين كانوا قبل 25يناير قد أعطوا ظهرهم للنظام القائم في الدولة, وتفادي أي سلبيات موجودة الآن, وأيضا الاستفادة من الفرص المتاحة لعلاقات مع دول أخري, ومن تجارب نجحت في دول مثل الصين, والهند, وسنغافورة, وماليزيا, والبرازيل, وتركيا وجنوب إفريقيا, وبما يراعي جوانب الخصوصية في الحالة المصرية.
3 ــ أن مصر بطبيعتها دولة يمتد عمقها الاستراتيجي, إلي اتجاهات متعددة ومتنوعة, وتتطلب احتياجات أمنها القومي, أن تمد جسورا في هذا العمق: ـ في إفريقيا جوارها الاسترايتيجي ــ وفي آسيا الصاعدة بقوة ــ وفي العالم العربي, حيث انتماؤها القومي, وذلك وفق فلسفة سياسية متطورة.
4 ــ لما كان الاصلاح السياسي هو نقطة الانطلاق لأي إصلاح اقتصادي ناجح, فإن الديمقراطية تكون هي مربط الفرس, فهي المنطلق للحكم الصالح, والسلام الاجتماعي, والعدالة الاجتماعية, والأمن القومي, والانتماء والهوية, والتنمية الاقتصادية.
.. ورغم حجم المشكلات المتراكمة والمتوارثة, من نظام هدم الدولة الذي سقط في 25 يناير, فإن هذا لا يمنع من التفاؤل بمستقبل مصر, فمصر تملك من الموارد المادية والبشرية, ومن طاقة روح الوطنية التي اطلقتها ثورة 25 يناير, ما يؤهلها لقفزة اقتصادية في سنوات قليلة, وهي نظرة مستخلصة من المقارنة بدول كانت فقيرة جدا في كل شيء لكنها, وفي سنوات محدودة صعدت إلي مستوي الدولة المتقدمة والغنية, لا شيء, سوي أنها وضعت يدها علي المفاتيح الحقيقية, للبدء بالإصلاح الاقتصادي, بناء علي رؤية سياسية محددة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق