قضايا واراء - ألوان التصوف وحقائق المتصوفين
شهدت الأحداث المعاصرة مواقف سياسية للصوفية في مصر تجاه قضية اختيار الرئيس, حيث أعلن فريق منهم تأييده لأحد المرشحين في جولة الإعادة ونظرا لأن الصوفية يمثلون قطاعا عريضا في المجتمع المصري كما انهم ليسوا فريقا او جماعة واحدة لهذا فقد رأينا إلقاء الضوء علي ألوان التصوف وحقائق المتصوفين:
شهدت الأحداث المعاصرة مواقف سياسية للصوفية في مصر تجاه قضية اختيار الرئيس, حيث أعلن فريق منهم تأييده لأحد المرشحين في جولة الإعادة ونظرا لأن الصوفية يمثلون قطاعا عريضا في المجتمع المصري كما انهم ليسوا فريقا او جماعة واحدة لهذا فقد رأينا إلقاء الضوء علي ألوان التصوف وحقائق المتصوفين:
من العقبات الكبري أمام فهم التصوف عقبة الخلط بين ألوانه, ووضعه كله في سلة واحدة, ومن ثم رفضه كله, أو قبوله جميعه دونما تمييز.. والحقيقة.. التي تغيب عن الكثيرين.. أن التصوف ليس نهجا واحدا, إذ منه التصوف الشرعي الذي هو علم القلوب والسلوك والإحسان المضبوط بضوابط الشريعة وأحكامها.. وهو الذي كان عليه كبار الزهاد والأقطاب والعارفين الذين سلكوا طريق المجاهدات والرياضات الروحية, منذ عصر صحابة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وحتي هذا العصر الذي نعيش فيه.. لقد جاهدوا أنفسهم, حتي فني عن مشاغلهم كل ماسوي الله.. ومع هذا, وفي ذات الوقت, عاشوا قضايا الإسلام وأمته, فكانوا أئمة الجهاد الذي خاضته الأمة في مواجهة المخاطر والتحديات.. لقد أقاموا الدين في قلوبهم وسلوكهم, وجاهدوا أعداءه في ميادين القتال, وقادوا الأمة في مقاومة الاستبداء, وزادوا عن حياض دار الإسلام, ووسعوا دوائر انتشار هذا الدين الحنيف بالقدوة والنموذج والمثال.. كانوا أئمة في فقه الورع وفي فقه الواقع والأحكام علي حد سواء.
> ومن التصوف ـ كذلك لون فلسفي باطني, غرق أصحابه في الباطنية, التي تحللت من الشريعة والأحكام والتكاليف, سالكة سبيل التأويل المنفلت من ضوابط اللغة وقواعد الدين.. ولقد مثل هؤلاء ـ في تاريخنا ـ نزعة شاذة تماهت مع نظائرها من النزعات الباطنية في لاهوت بعض الديانات السابقة, سماوية كانت أو وضعية.. ولقد مثلت هذه النزعات الباطنية ـ في تاريخنا ـ غبشا لحق بنقاء العقائد الاسلامية, بل ومنافذ لاختراقات الآخر الديني والفلسفي لعقل الأمة وحياض من دار الإسلام.. وكان ظهور هذه النزعات الباطنية ـ كما يقول جمال الدين الأفغاني, 1254 ـ1314هـ 1838 ـ1897م] بداية الانحطاط الذي أصاب حضارة الإسلام.
ولقد تحدث الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده, 1266 ـ1323 هــ1849 ـ1905 م] عن التطوير الذي لحق التصوف الحق, والذي انتهي به الي المظهريات والخرافات والصياغات التي اقتربت ظواهرها عن الشركيات.. فقال: إنه لم يوجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس.. وإنه بضعف هذه الطبقة وزوالها فقدنا الدين.. وإن سبب ما ألم بهم هو تحامل الفقهاء عليهم, وأخذ الأمراء بقول الفقهاء فيهم, فأولئك يكفرون, وهؤلاء يعذبون ويقتلون حتي ظهروا بغير مظهر طائفتهم.. ثم قام أناس يقلدونهم فيما كان يظهر منهم مما كانوا مضطرين الي الظهور به, وهو ليس من التصوف ولم يعرفوا من أمورهم الصحيحة الا قليلا. وهكذا كان البعد عن التصوف رويدا رويدا, حتي انقرضت هذه الطبقة انقراضا تاما إلا ما لا نعلم ولقد صدر عن الصوفية كلام ما كان ينبغي ان يظهر ولا ان يكتب ومنه مايوهم الحلول ولوكنت سلطانا لضربت عنق من يقول به!.. إن علينا ان نعمل بالكتاب لانه واضح مبين, وبالنسبة لانها بيضاء واضحة.. وبسيرة السلف, لانهم اعلم الناس بهما.. واما كلام الصوفية, فقد صرحوا بأنه رموز واصطلاحات لايعرفها الا اهلها الذين سلكوا هذه الطريقة إلي نهايتها, وصرحوا بأن من أخذ بظاهر أقوالهم ضل, وهذا ظاهر, فإن كتب محيي الدين بن عربي (560 ـ638 هـ 1165 ـ1240م]. مملوءة بما يخالف عقائد الدين وأصوله. وهذا كتاب, الإنسان الكامل] للشيخ عبدالكريم الجيلي,767 ـ832هـ 1365 ـ1428م] هو في الظاهر أقرب الي النصرانية منه الي الإسلام, ولكن هذا الظاهر غير مراد, وإنما الكلام رموز لمقاصد يعرفها من عرف مفتاحها. وعند ماكنت رئيسا للمطبوعات امرت بمنع كتاب, الفتوحات المكية] وأمثالها, لأن أمثال هذه الكتب لايحل النظر فيها إلا لأهلها.. وأنا لا أنكر ان للصوفية اذواقا خاصة وعلما وجدانيا ـ بل وربما حصل في شيء من ذلك وقتاما ـ لكن هذا خاص بمن يحصل له, لايصح ان ينقله لغيره بالعبارة ولا أن يكتبه ويدونه علما. إن هذا الذوق يحصل للإنسان في حالة غير طبيعية, ولكونه خروجا عن الحالة الطبيعية لا ينبغي ان يخاطب به المتقيد بالنواميس الطبيعية.هكذا تحدث الامام محمد عبده حديث الخبير بتصوف الصوفية وفقه الفقهاء.. والخبير بالتاريخ الذي تحول بالتصوف من علم الأخلاق وتربية النفوس الي صياغات جهلت جماهير الطرق الصوفية حقائقها, وغابت عنها مفاتيح هذه الحقائق, ولم يبق لها منها سوي الظواهر المملوءة بما يخالف عقائد الدين وأصوله.فالدين يؤخذ من الكتاب والسنة, ومن فهم السلف لهما, لانهم الأعلم بهما.. وأذواق الصوفية حقائق, لكنها ثمرات لحالات غير طبيعية, ولذلك لايجوز التصريح بها ولاكتابتها لمن يعيشون في النواميس الطبيعية.. ولقد سطر الصوفية تراثا امتلأت ظواهره بكثير من المخالفات العقدية, ولذلك وجب حجب هذا التراث عن الذين لايملكون مفاتيح معرفة حقائق هذه الظواهر.. ولأن هذا لم يحدث, فلقد شاع في أوساط الطرق الصوفية من العقائد والمقولات ماجعل الفقهاء يخوضون صراعا طويلا مع الصوفية.. حوله الامراء والحكام الي صراع دام في كثير من الاحياء, الامر الذي ألجأ الصوفية الي اسرار ورموز زادت حقل التصوف غموضا وبلبلة واضطرابا, الامر الذي باعد بين بعض هذه الطرق الصوفية وبين حقيقة التصوف كعلم للاخلاق وتربية النفوس. هكذا تحدث الفيلسوف ـ الصوفي ـ الإمام محمد عبده ـ فشخص هذه القضية ـ المشكلة تشخيصا عبقريا..
> وجدير بالذكر تميز الثقافة الإسلامية ـ عبر تاريخها ـ بالحقيقة التي تقول ان الذين تركوا بصمات واضحة وثابتة في هذه الثقافة هم العلماء الذين جمعوا بين قلب الصوفي و عقل الفيلسوف لان القلوب ترطب حسابات العقول, ولان العقول تضبط خطرات القلوب.. هؤلاء هم أهل التصوف بحق.., الذين جمعوا بين عقول الفلاسفة وقلوب الصوفية, فكانوا فقهاء وفي ذات الوقت عارفين.
> ومن التصوف ـ كذلك لون فلسفي باطني, غرق أصحابه في الباطنية, التي تحللت من الشريعة والأحكام والتكاليف, سالكة سبيل التأويل المنفلت من ضوابط اللغة وقواعد الدين.. ولقد مثل هؤلاء ـ في تاريخنا ـ نزعة شاذة تماهت مع نظائرها من النزعات الباطنية في لاهوت بعض الديانات السابقة, سماوية كانت أو وضعية.. ولقد مثلت هذه النزعات الباطنية ـ في تاريخنا ـ غبشا لحق بنقاء العقائد الاسلامية, بل ومنافذ لاختراقات الآخر الديني والفلسفي لعقل الأمة وحياض من دار الإسلام.. وكان ظهور هذه النزعات الباطنية ـ كما يقول جمال الدين الأفغاني, 1254 ـ1314هـ 1838 ـ1897م] بداية الانحطاط الذي أصاب حضارة الإسلام.
ولقد تحدث الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده, 1266 ـ1323 هــ1849 ـ1905 م] عن التطوير الذي لحق التصوف الحق, والذي انتهي به الي المظهريات والخرافات والصياغات التي اقتربت ظواهرها عن الشركيات.. فقال: إنه لم يوجد في أمة من الأمم من يضاهي الصوفية في علم الأخلاق وتربية النفوس.. وإنه بضعف هذه الطبقة وزوالها فقدنا الدين.. وإن سبب ما ألم بهم هو تحامل الفقهاء عليهم, وأخذ الأمراء بقول الفقهاء فيهم, فأولئك يكفرون, وهؤلاء يعذبون ويقتلون حتي ظهروا بغير مظهر طائفتهم.. ثم قام أناس يقلدونهم فيما كان يظهر منهم مما كانوا مضطرين الي الظهور به, وهو ليس من التصوف ولم يعرفوا من أمورهم الصحيحة الا قليلا. وهكذا كان البعد عن التصوف رويدا رويدا, حتي انقرضت هذه الطبقة انقراضا تاما إلا ما لا نعلم ولقد صدر عن الصوفية كلام ما كان ينبغي ان يظهر ولا ان يكتب ومنه مايوهم الحلول ولوكنت سلطانا لضربت عنق من يقول به!.. إن علينا ان نعمل بالكتاب لانه واضح مبين, وبالنسبة لانها بيضاء واضحة.. وبسيرة السلف, لانهم اعلم الناس بهما.. واما كلام الصوفية, فقد صرحوا بأنه رموز واصطلاحات لايعرفها الا اهلها الذين سلكوا هذه الطريقة إلي نهايتها, وصرحوا بأن من أخذ بظاهر أقوالهم ضل, وهذا ظاهر, فإن كتب محيي الدين بن عربي (560 ـ638 هـ 1165 ـ1240م]. مملوءة بما يخالف عقائد الدين وأصوله. وهذا كتاب, الإنسان الكامل] للشيخ عبدالكريم الجيلي,767 ـ832هـ 1365 ـ1428م] هو في الظاهر أقرب الي النصرانية منه الي الإسلام, ولكن هذا الظاهر غير مراد, وإنما الكلام رموز لمقاصد يعرفها من عرف مفتاحها. وعند ماكنت رئيسا للمطبوعات امرت بمنع كتاب, الفتوحات المكية] وأمثالها, لأن أمثال هذه الكتب لايحل النظر فيها إلا لأهلها.. وأنا لا أنكر ان للصوفية اذواقا خاصة وعلما وجدانيا ـ بل وربما حصل في شيء من ذلك وقتاما ـ لكن هذا خاص بمن يحصل له, لايصح ان ينقله لغيره بالعبارة ولا أن يكتبه ويدونه علما. إن هذا الذوق يحصل للإنسان في حالة غير طبيعية, ولكونه خروجا عن الحالة الطبيعية لا ينبغي ان يخاطب به المتقيد بالنواميس الطبيعية.هكذا تحدث الامام محمد عبده حديث الخبير بتصوف الصوفية وفقه الفقهاء.. والخبير بالتاريخ الذي تحول بالتصوف من علم الأخلاق وتربية النفوس الي صياغات جهلت جماهير الطرق الصوفية حقائقها, وغابت عنها مفاتيح هذه الحقائق, ولم يبق لها منها سوي الظواهر المملوءة بما يخالف عقائد الدين وأصوله.فالدين يؤخذ من الكتاب والسنة, ومن فهم السلف لهما, لانهم الأعلم بهما.. وأذواق الصوفية حقائق, لكنها ثمرات لحالات غير طبيعية, ولذلك لايجوز التصريح بها ولاكتابتها لمن يعيشون في النواميس الطبيعية.. ولقد سطر الصوفية تراثا امتلأت ظواهره بكثير من المخالفات العقدية, ولذلك وجب حجب هذا التراث عن الذين لايملكون مفاتيح معرفة حقائق هذه الظواهر.. ولأن هذا لم يحدث, فلقد شاع في أوساط الطرق الصوفية من العقائد والمقولات ماجعل الفقهاء يخوضون صراعا طويلا مع الصوفية.. حوله الامراء والحكام الي صراع دام في كثير من الاحياء, الامر الذي ألجأ الصوفية الي اسرار ورموز زادت حقل التصوف غموضا وبلبلة واضطرابا, الامر الذي باعد بين بعض هذه الطرق الصوفية وبين حقيقة التصوف كعلم للاخلاق وتربية النفوس. هكذا تحدث الفيلسوف ـ الصوفي ـ الإمام محمد عبده ـ فشخص هذه القضية ـ المشكلة تشخيصا عبقريا..
> وجدير بالذكر تميز الثقافة الإسلامية ـ عبر تاريخها ـ بالحقيقة التي تقول ان الذين تركوا بصمات واضحة وثابتة في هذه الثقافة هم العلماء الذين جمعوا بين قلب الصوفي و عقل الفيلسوف لان القلوب ترطب حسابات العقول, ولان العقول تضبط خطرات القلوب.. هؤلاء هم أهل التصوف بحق.., الذين جمعوا بين عقول الفلاسفة وقلوب الصوفية, فكانوا فقهاء وفي ذات الوقت عارفين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق