السبت، يونيو 4
مواصفات وزير الخارجية القادم،
مواصفات وزير الخارجية القادم، حسب ما يتم تداوله فى الوزارة، هى: ألا يكون قد سبق له العمل بالقرب من الرئيس السابق مبارك، أو سفارة مصر فى واشنطن، أو بعثتها فى نيويورك، ليكون بعيدا عن الميول الأمريكية، وهو الأمر الذى أخرج سفير مصر فى واشنطن سامح شكرى من حلبة المنافسة على المنصب، وكذلك ماجد عبدالفتاح رئيس بعثة مصر فى الأمم المتحدة.
ثورة العرب القادمة (3-3) - احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
ثورة العرب القادمة
(3-3)13-3-2011 - احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
ثورة العرب القادمة (3-3) فاهيم فى التنمية
يعد البحث العلمى هو ثالث وآخر مراحل الهرم التعليمى. وفى هذا الصدد يجب البدء بالقول إنه لا يمكن لأى دولة أن تحقق إنجازا حقيقيا فى مجالات البحث العلمى لو لم يكن لديها خطة واضحة يتم تنفيذها بكفاءة من أجل توفير موارد على المدى الطويل لأغراض البحث العلمى. وفى غياب هذه الخطة يصعب تصور وجود أى التزام من قبل المجتمع أو من قبل القطاع الخاص للالتزام بمشاريع وأهداف البحث العلمى والإسهام فى تمويله.
يجب أيضا القول إن الدول النامية يمكن لها أن توجد لنفسها مكانا على الساحة الدولية فى سنوات ليست بالكثيرة على العكس مما يقال من أن الأمر يحتاج إلى جيل أو جيلين.. ومن أمثلة ذلك ما حققته الصين والهند وكوريا الجنبية وماليزيا، وما تحققه الآن كل من الهند وتركيا.
بالإضافة إلى هذا، يجب القول إنه من الخطأ أن ينظر إلى البحث العلمى ومجالات تطبيقاته على أنه رفاهية لا تملكها الدول النامية، لأن ذلك القول ثبت خطأه، حيث تمكنت العديد من الدول النامية بل والفقيرة أحيانا من تخطى الحاجز الفاصل بينها وبين نظيراتها المتقدمة بمزيد من الاستثمار الوافر فى مجالات البحث العلمى والتنمية.
وأخيرا، إنه لن يمكن الاستفادة من البحث العلمى فى تحقيق التنمية لو لم يتم الاستثمار فى نشر وتطوير منظومة التعليم التى تشمل العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والهندسة.
البيئة المواتية
إن البحث العلمى الهادف للوصول إلى نتائج جيدة يتطلب بالضرورة أن يقوم الباحثون بالعمل فى بيئة مواتية للبحث ومشجعة على التنسيق بين الدارسين لمختلف المجالات العلمية ولا يمكن الوصول إلى هذا السياق عن طريق إجراء ترتيبات إدارية تبدو مشجعة للبحث العلمى ولكنها فى الحقيقة لا تؤدى الغرض منه، لأن البحث العلمى لا يحقق نتائجه إذا ما تم التعامل معه بمناهج بيروقراطية. كما أن الاهتمام بإنشاء مبان كبيرة تخصص لأغراض البحث العلمى لا يكفى وحده فى غياب العلماء والطلاب القادرين على تحقيق الأغراض المأمولة.
ولا يجب أبدا إلهاء اهتمام الطلاب وأعضاء هيئات التدريس عن أغراض البحث العلمى بإشغالهم فى أمور مثل ربط الترقيات بأعداد، وليس بجودة، الأبحاث، وما إلى ذلك من الأمور الإدارية، كما لا يجب محاولة تحويل القيادات العلمية القادرة على الدفع بالبحث العلمى لأدوات سياسية لأن ذلك ببساطة يعنى أنه لن يكون لدى أحد الوقت ولا الطاقة اللازمة للانشغال بالبحث والمعرفة.
وفى الوقت نفسه، فإن توفير الموارد الخاصة بالبحث هو أمر أساسى، لأن العقول المبتكرة لا تستطيع تحقيق الإنجازات فى غياب الأدوات والموارد اللازمة. إن الدول التى تهتم بتوفير متطلبات وموارد البحث العلمى هى ذاتها الدول التى ستحظى بالعديد من براءات الاختراع للاكتشافات العلمية الجديدة.
البحث عن آفاق جديدة للمعرفة هو نقطة الانطلاق لتحقيق نجاحات فى التنمية، كما أن توفير مراكز للتميز هو بالتأكيد الساحة التى يستطيع من خلالها الشباب من العلماء تقديم ابتكارات حديثة.
مراكز التميز
إن تجربتى الشخصية تقول إن الانجذاب إلى العلم يرتبط بالأساس بمتعة الاكتشاف التى بدأت فى حالتى عندما كنت طالبا فى المدرسة أحاول فك شفرة احتراق المادة. وفى هذه السن المبكرة، فإن رؤية تحول احتراق الخشب لغازات يمكن إشعالها بأعواد الثقاب كان بمثابة اكتشاف شكل فيما بعد المستقبل العلمى.
وعندما انظر حولى وأحاول الإجابة عن السؤال المرتبط بالأسباب الكامنة وراء كون جامعة كالتك ـ حيث أمضيت العقود الثلاثة الأخيرة من العمل ـ عريقة تخرج فيها 35 من الحائزين على جائزة نوبل فى العلوم والطب، فإننى أجد نفسى أمام إجابة واضحة للغاية وهى أن جامعة كالتك تؤمن فعلا بأن البحث العلمى يجب أن يكون متعة العلماء الجادين، وأن توفير الموارد والأجواء المناسبة للعلماء هو أساس الإنجاز فى البحث العلمى ـ وذلك كله يتم بعيدا عن الأجواء البيروقراطية أو السياقات السياسية.
وقد حان الوقت لمصر، كما لغيرها من الدول العربية، أن تبادر بتبنى هذا النهج، وأن تعمل على تأسيس وإطلاق مراكز للتميز، وأن تقوم بتوفير الموارد اللازمة للبحث العلمى وتطبيقاته. ولا يجب أبدا أن يكون الاهتمام ببناء مثل هذه المراكز أقل درجة للحكومات العربية من المدن الإعلامية المهولة التى تم إنشاؤها فى كثير من العواصم والمدن العربية. فى الوقت نفسه، يجب أن يكون لهذه المراكز القدر اللازم من الاستقلالية بما يسمح لها ببناء هياكلها الأكاديمية والإدارية تبعا لحاجاتها ومتطلبات العمل بها. كما أنه من الضرورى فى الإطار نفسه أن يتم إيجاد طريقة مناسبة لتوفير المنح التعليمية لمن يستحقها ولتوفير الهيبة الأكاديمية والاحترام اللازم للأساتذة العاملين فى مثل هذه المراكز.
بالتوازى مع إنشاء هذه المراكز، يجب أن تعمل الحكومات على زيادة البعثات التعليمية للخارج التى توفرها لشباب الباحثين، على أن تكون هناك البيئة المستقرة عند العودة إلى الوطن لاستئناف ما تلقوه من أساليب ومعارف خلال تلك البعثات بعيدا عن معوقات البيروقراطية وإلا تحولت تلك البعثات إلى إضاعة للمجهود والموارد المالية.
فجوة المعرفة
إن التحدى الماثل أمامنا فى العالم العربى يتعلق بتقليل الفجوة الفاصلة بيننا وبين العالم فى الكثير من مجالات المعرفة.
إننى أتذكر عندما كنت طالبا للدراسات العليا فى أمريكا فى الستينيات حيث كان الاتحاد السوفييتى قد سبق فى الوصول بالقمر الصناعى «sputnik» بالدوران حول الأرض، بينما كانت أمريكا لديها مشروع لغزو الفضاء الخارجى، بدأت أولى خطواته بوصول رائد الفضاء نيل آرمسترونج وسيره على سطح القمر فى 1969. واليوم، فإن أمريكا تقوم بإرسال مركبات فضائية وربما أيضا رواد فضاء إلى سطح المريخ وليس فقط القمر. إن العلماء يبحثون عن حيوات على سطح كواكب أخرى غير كوكب الأرض بغرض الوصول إلى موارد جديدة ومتجددة بل وربما، كما هو الحال بالنسبة لبعض الحكومات، التمكن من السيطرة على ما يدور على كوكب الأرض من خلال الفضاء الخارجى.
فى المجال الطبى، فإن الأبحاث والاكتشافات وصلت لدرجة من التطور أنها أصبحت تجرى على الجينات والخلايا بما يفتح آفاقا جديدة لتطوير عقاقير تساهم فى الشفاء من أمراض مستعصية.
إن العلماء أصبحوا قادرين على اجتزاء خلايا من الجلد البشرى كامل النمو وتحويلها إلى خلايا جذعية لاستنشاء أنسجة جديدة للقلب والعيون وأجزاء أخرى من الجسد البشرى. ومثل هذا النوع من التقدم الطبى كان بالتأكيد أمرا غير متصور من عشرين عاما مضت.
وفى العالم الميكرسكوبى لتطبيقات النانو تكنولوجى، فإن العلماء أصبحوا قادرين للمرة الأولى فى تاريخ البشرية من التعامل مع المادة من منظور رباعى الأبعاد، بما يمكنهم من الرؤية والتحكم فى المكان والزمان فى مسافة أقل من واحد على البليون من المتر وبسرعات زمنية فى أقل من واحد على مليون من البليون من الثانية. ومن شأن هذه التقنية الحديثة التى عملت على تطويرها مع فريق البحث العلمى فى جامعة كالتك ان تفتح آفاقا غير مسبوقة فى مجالات التطبيقات العلمية للمادة وفى مجالات العلوم الطبية والحيوية.
وما هذه إلا مجرد نماذج من أمثلة عديدة أخرى لتوضيح الفرق بين الدول التى تمتلك المعرفة وتلك التى لا تمتلكها.
والغرض من هذا، هو إيضاح مدى سطحية التفكير القائل بأن البحث العلمى هو مجرد رفاهية لا تقدر عليها كل المجتمعات. إن البحث هو الباب الذى يطرق الانسان للتوصل إلى معارف لم تكن تدور بخلده وليس فقط للتوصل إلى أن يعرف أكثر عما حصّله بالفعل من معارف.
المعرفة والتقدم
تقوم الحضارات وترتقى على أساس المعرفة، وتسقط عندما تتداعى أسباب هذه المعرفة، وتخبو إلى نقطة الاختفاء. ولقد بلغت الحضارة العربية والثقافة الإسلامية مستواها الأرفع عندما آمن قادة الأمة بأهمية العلم وقيمة المعرفة، وسعوا فى سبيل ضمان حقوق الإنسان وحرية العقل وحقه فى التفكير، فكان فى ذلك طريقا نحو تحقيق التقدم.
ولا توجد صعوبة كبيرة فى الحفاظ على المعرفة ونقلها، ولكن الصعوبة تكمن فى صناعة المعارف الجديدة، وهو الأمر الذى يتطلب أيضا استثمارا للمال والجهد دون توقع للربح على المدى القصير، مع إدراك أن ذلك من شأنه أن يكون مربحا وبشدة على المدى الطويل.
ولعل فى مثالين فقط من العديد من أمثلة الاختراع العلمى مثل استخدامات الليزر والترانزستور ما يوضح كيف يمكن للاكتشافات العلمية أن تكون مربحة على المدى الطويل، فهذان الاكتشافان حققا نقلة مذهلة فى مجالات الخدمات ومد الأسواق بحجم هائل من المنتجات.
إلى جانب ذلك ينبغى علينا أن ندرك أن المعرفة هى وسيلة من وسائل إثراء الثقافة والارتفاع بشأن المجتمع عن طريق ترجيح أسباب العقلانية والتعامل مع الحقائق المجردة بعيدا عن أسباب الكراهية والبغضاء والممارسات العنصرية.
وفى العصور الحديثة تراجعت بل وانعدمت أحيانا إسهامات العرب فى إيجاد المعارف الحديثة وتطويرها، وعلى ذلك فإن المجتمعات العربية أصبحت فى مواجهة تحديات كبيرة بعضها ينال من قدرة المجتمعات العربية على تحقيق أسباب التوسع الاقتصادى والحفاظ على الهوية الثقافية. والمشكلة الرئيسية هنا هى ذلك التردى الذى أصاب العملية التعليمية.
ولتكن الأمور واضحة للجميع، فبدون التعليم الجيد لن يتمكن أحد من تحقيق التقدم ـ مع الأخذ فى الاعتبار أن التقدم لا يقاس بالقدرة على شراء واستهلاك الابتكارات المنتجة فى الخارج.
الرؤية السياسية
تحتاج المجتمعات العربية للتحرك نحو بناء نهضة جديدة تقوم على ركيزة التعليم الحديث والسعى نحو تبنى العلم وانتهاج البحث وسيلة لتحقيق التنمية التى تحتاج إلى تطبيقات التكنولوجيا كما تحتاج للتفاعل المجتمعى. وقد يظن البعض أن هذا الأمر مستحيل، ولكنه ليس كذلك. إن المجتمعات العربية لديها بالفعل القدرة والإمكانات على بناء نهضة جديدة.
وإننى على ثقة من قدرة مصر على تحقيق النجاح بالرغم من كل التعقيدات والمشكلات التى تحيط بالتعليم والبحث العلمى فيها وبالرغم كذلك من المشكلات المتعلقة بالحكم فى مصر.
لقد أصبحت كل من تركيا وإيران قوتين بازغتين فى عالم الشرق الأوسط وإذا لم تتمكن مصر من اللحاق بهما، فإن قوة وتأثير العالم العربى فى المنطقة ستتراجع بالتأكيد.
كما أن العديد من الدول الإسلامية، مثل تركيا وماليزيا وقطر، تمكنت من تحقيق نقلة نوعية فى تطوير التعليم، وهو ما أسهم بالتأكيد فى تحسين الصورة النمطية لدى عالم اليوم عن الدين الإسلامى والثقافة الإسلامية. ولكن الحقيقة التى لا جدال فيها أن الوصول إلى التنمية هو أمر له متطلبات عديدة ينبغى الوفاء بها كاملة.
ولا يمكن ضمان تحقيق تغييرات مهمة وتقدم حقيقى فى العالم العربى فى غياب الرؤية السياسية السديدة والإرادة السياسية على أعلى مستوى فى دول العالم العربى. فى الماضى كان ممكنا ـ كما نعلم نحن فى العالم العربى ـ أن يغلق الحاكم الأبواب على دولته ولكن ذلك لم يعد الحال، ولن يكون ممكنا أبدا بعد اليوم. وعلى من لا يدرك ذلك أن ينظر حوله ليرى حرص كل منزل، فقيرا كان أم ميسورا، أن يكون لديه طبق يلتقط إرسال الأقمار الصناعية فيتابع قنوات إقليمية وعالمية ليتعرف عما يحدث فى العالم حوله وبحيث أصبح العالم بأسره مفتوحا أمام أولادنا، وعن طريق الفيس بوك ورسائل الموبايل أصبح من الممكن قيام ثورات لإسقاط أنظمة ديكتاتورية.
المستقبل.. العلم والإيمان
وفى سعينا نحو مستقبل أفضل، يجب ألا نقبل بأن يكون هناك نزاع بين العلم والدين. إن الهدف من التعليم هو بناء القدرات والخبرات الذهنية والبدنية والنفسية للشخص، وعلى هذا، فإن التعليم يهدف لتجاوز رغبة الأشخاص فى ممارسة التعنت الفكرى، كما أن أصل كلمة التعليم لغويا كامن فى كلمة علم والعلم هنا يراد به المعرفة. إن التعليم هو الوسيلة التى تنقل بها المجتمعات ما لديها من خبرات ومهارات وقيم من جيل إلى آخر ـ وهو بالتالى النسيج الذى تحاك به الحضارات.
ويتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بقدراته العقلية وعلينا بالتأكيد أن نستفيد من هذه الميزة وأن ندرك أن حياة الإنسان تحتاج للعلم كما تحتاج للإيمان. ولقد كانت لمصر تجربة ناجحة فى استلهام الإيمان واستخدام العلم لبناء حضارتها القديمة وهى بالتأكيد قادرة على فعل ذلك مرة ثانية. منذ عقود قليلة قال طه حسين، واحد من أهم الأدباء المصريين المعاصرين، إن العلم كالماء والهواء ـ ففى العلم إذن تكمن الحياة.
واليوم، فلدى العرب فرصة لاستعادة مكانة لائقة لهم فى التاريخ، وتجاوز أسباب التخلف الذى أسقطهم فريسة للاستعمار الغربى ـ وإن كان هذا الاستعمار هو فى ذاته جزء من المشكلة التى واجهت العرب بتداعياتها فيما بعد.
لقد حرصت القوة الاستعمارية دوما على أن تمارس السيطرة الثقافية إلى درجة يمكن وصفها باضطهاد وازدراء ثقافات الآخر، ولكننا لا ينبغى أن نبقى أنفسنا أسرى تاريخ الاستعمار الذى انقضى أو نترك أنفسنا لنقع فريسة لنظريات الفكر التآمرى. علينا أن نبدأ بالعمل ـ ونقطة البداية يجب أن تكون ساحاتنا الداخلية والمشاكل التى تعتمل بها، فبدون إيجاد حلول لهذه المشكلات لا أمل لدينا فى غد مشرق.
إن «الحرية والمعرفة والإيمان» هى المحددات الثلاثة لعمل مؤسسة أحمد زويل للمعرفة والتقدم الكائنة بالقاهرة. وبهذه المحددات الثلاثة يمكن لنا إعادة بناء النهضة الحديثة لعالمنا العربى لتشرق علينا إضاءات فجر جديد وعصر جديد هو عصر العلم.
واليوم، فعلينا أن نختار بين أن نكون 350 مليون نسمة من أهل الكهف أو نكون 350 مليون نسمة من أهل الكون
ثورة العرب القادمة(2-3) - احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
ثورة العرب القادمة(2-3) -
12-3-2011احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
ثورة العرب القادمة(1-3 بعد نجاح ثورة 25 يناير فى فتح آفاق غير مسبوقة لتحقيق الديمقراطية فى مصر، وفى وقت ينشغل فيه الرأى العام المصرى ــ كما فى العالم العربى على اتساعه ــ بحلم الإصلاح والتقدم، فإن المهمة العاجلة لإصلاح منظومة التعليم، سواء فى مصر أو غيرها من الدول العربية، هى بالتأكيد جزء لا يتجزأ من تحقيق النهضة العربية المقبلة. العالم المصرى وحائز نوبل الدكتور أحمد زويل يطرح تحليلًا ورؤية متكاملة لما يراه «ثورة العرب القادمة»، مؤكدًا أن إصلاح التعليم على حيويته ليس بالمهمة المستحيلة كما أنه ليس بالمهمة التى تحتاج عقودا لإنجازها.
«الشروق» تنشر فى حلقات ثلاث قراءة زويل لحال التعليم وسبل إحيائه لتعود مصر ويعود معها العالم العربى فى مصاف الأمم الناهضة.
طالعت مؤخرا دراسة مهمة حول جغرافيا المعرفة والسكان فى عالمنا. وأثارت هذه الدراسة ــ التى نشرها جويل كوهين وديفيد بلوم تحت عنوان «توفير التعليم لكل الأطفال.. خطة عمل دولية» ــ إعجابى واهتمامى فى آن واحد.
وتقول الدراسة بأنه فى الوقت الذى لا يمكن أن يعجز العالم عن القيام بالمهمة الملحة المتعلقة بتوفير التعليم لكل أطفاله فإن الحقيقة الماثلة أمام أعين الجميع تقول بأن هناك نحو ثلاثمائة مليون من أطفال العالم سيظلون محرومين من حقهم فى التعليم مع حلول العام 2015.
التحدى الكبير
إن تمكين الأجيال القادمة من الحصول على تعليم يمكنهم من الإمساك بناصية المعارف الحديثة والمتطورة هو بالتأكيد تحدٍ كبير، حتى إذا ما تعلق الأمر بالدول المتقدمة.
ومنذ عام تقريبا أطلق الرئيس الأمريكى باراك أوباما مشروعا طموحا تحت عنوان «التعليم الهادف لتطوير القدرة على الابتكار». والهدف من هذا المشروع هو أن يتمكن الطلاب الامريكيون خلال العقد القادم من رفع قدراتهم فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وعلم الرياضيات وهو المنظومة المتكاملة التى يمكن من خلالها ضمان اتساع قدرة المبتكرين وتطويرها.
وفى إطار هذا المشروع يتم تخصيص 250 مليون دولار لإطلاق وتنفيذ مبادرة تدريب وإعادة تأهيل للمعلمين الامريكيين بحيث يتم إعداد عشرة آلاف من المعلمين الجدد للعلوم والرياضيات ويتم بالتوازى مع ذلك إعادة تدريب مائة ألف من المعلمين الذين يقومون بالفعل بتدريس هذه المواد للطلاب الأمريكيين.
إننى أعلم أن التعليم بمختلف مراحله ــ وهو ما يستحوذ على قرابة تريليون دولار من ميزانية الولايات المتحدة الامريكية ــ هو أولوية أولى لدى الحكومة الأمريكية.
أما بالنسبة للعالم العربى فإن تطوير التعليم هو أمر حاسم لضمان مستقبل افضل للشعوب العربية. إن فشل منظومة التعليم فى العالم العربى هو احد اهم أسباب غضب الشباب فى البلدان العربية ــ ذلك الغضب الذى أصبح جليا ولا يمكن الاستمرار فى محاولة تجاهله، خاصة أن تبعات هذا الفشل لها أبعاد ثقافية واقتصادية وسياسية واضحة.
جيل الفيس بوك
لقد أطلق جيل الفيس بوك شرارة انتفاضات متتالية من أجل تحقيق الديمقراطية فى تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية.
إن التعامل مع أصل المشاكل التى نواجهها هو امر لا غنى عنه إذا ما كنا جادين فى حل هذه المشاكل وتجاوز آثارها.
وبالتأكيد فإن تطوير التعليم فى العالم العربى هو امر مفصلى بالنسبة لاستعادة النهضة العربية.
لقد أصبح من الحتمى أن نتحرك بخطوات أسرع نحو وضع التعليم وتطويره أولوية أولى على اجندات دول المنطقة العربية كلها.
ولا يمكن لشخص جاد أن ينكر أن النجاح والتقدم الذى حققته الولايات المتحدة الامريكية كما حققته دول أوروبية عديدة أو دول آخذة فى التقدم فى آسيا أو أمريكا اللاتينية لم يكن من الوارد تحقيقه وضمان استمراره بدون توفير مستوى جيد من التعليم لأبناء هذه الشعوب.
وبلغة اكثر مباشرة فإن هناك علاقة مباشرة لا يمكن اغفالها بين جودة التعليم ومستوى ارتقاء الشعوب.
وبالتأكيد فإن الحالة المصرية تمثل نموذجا جديرا بالتأمل فيما يخص العلاقة بين القوة الناجمة عن المعرفة وتأثير الحضارة العريقة، تلك الحضارة التى عاشت منذ ألفى عام أو يزيد على ضفاف المتوسط معتمدة على منارة مضيئة للعلم هى مكتبة الاسكندرية القديمة.
حضارات وعلماء
إن فكرة الحضارة فى ذاتها هى فكرة نابعة عن المعرفة.
وعلى ضفاف نهر النيل تمكنوا المصريون القدماء من تقديم مفاهيم جديدة فى علوم البناء والطب والفلك والكيمياء وكان لذلك تأثيره الأكيد على الحياة فى مصر القديمة وحضارتها العريقة كما وأن تأثيراته امتدت لحضارات أخرى مجاورة وتالية.
وإذا ما كان لى أن اتحدث عن مجال تخصصى العلمى على وجه التحديد فلابد أن اذكر أن القدماء المصريين كانوا هم من تمكن منذ أكثر من ستة آلاف عام من تعريف الزمن وادخال التقويم الزمنى المعتمد ولأول مرة على حركة الأرض حول الشمس.
ومؤخرا تمكن علماء فرنسيون من تقديم اكتشاف جديد ومذهل حيث أكدوا أن أبحاثهم تشير إلى أن مستحضرات التجميل المستخدمة فى عصر نفرتيتى كانت تحتوى على مواد طبيعية يتم تركيبها بغرض الحفاظ على صحة العيون وشفائها من الالتهابات والامراض المعدية.
وما زالت هذه الحضارة
القديمة للمصريين تقدم للغرب المتقدم اليوم الكثير والكثير من المعلومات والاكتشافات العلمية المثيرة للاهتمام.
ومنذ بداية الألفية سجلت الحضارة العربية الكثير من الإنجازات العلمية.
العام الماضى نشرت كتابا بالاشتراك مع سير جون توماس، من جامعة كمبريدج، حول الرؤية رباعية الأبعاد للميكروسكوب.
وفى هذا الكتاب أشرت للإسهامات المهمة فى مجال الرؤية والبصريات للعالم العربى الحسن بن الهيثم الذى عاش فى الفترة ما بين 965 و1040، متنقلا بين العراق ومصر. لقد طور ابن الهيثم نظريات، حول الإبصار والتقاط شبكية العين للصورة الواقعة تحت الضوء، استفاد منها علماء أمثال نيوتن، وفنانون أمثال دافنشى بل إن الاستفادة من هذه النظريات امتدت لتدخل فى أعمال مصورين فوتوغرافيين فى العصر الحديث.
وكانت تجربة ابن الهيثم المعروفة باسم «الحجرة المظلمة» هى الاساس الذى بنى عليه فيما بعد فن التصوير الفوتوغرافى حيث تعتمد هذه التجربة التى بينت أن الضوء له مسار مستقيم وعليه تتكون الصورة لأى مجسم عندما يمر الضوء خلال ثقب صندوق مظلم وبذلك أدخل ابن الهيثم فكرة الكاميرا الفوتوغرافية.
إن الاعمال التى قدمها ابن الهيثم وابن رشد، ذلك الفيلسوف الملم بالكثير من العلوم، وابن سينا، أبرز أطباء عصره على الاطلاق، والخوارزمى، عالم الرياضيات الذى استحدث مفاهيم جديدة فى علم الرياضيات ارتبطت باسمه، وغيرهم من علماء عصر النهضة العربية منذ قرون، تمكنوا من أن يجعلوا من عالمهم وعواصمهم فى بغداد والقاهرة وقرطبة منارات للعلم والمعرفة.
نهضة محمد على
وفى العصر الحديث ارتبط اسم مصر ايضا بمشاريع طموحة لتحقيق نهضة فى التعليم والثقافة والصناعة، وبالتأكيد فإن الرؤية التى تبناها محمد على لتحديث مصر كان لها دور مهم فى هذا الصدد.
لقد تمكن محمد على من تحويل مصر إلى مركز إقليمى للنهضة الاقتصادية والعسكرية معتمدا فى ذلك على تطوير وتحديث المجتمع المصرى ومستعينا بإرسال بعثات من الطلاب المصريين لتلقى العلم والمعرفة فى أوروبا.
وفى عصر محمد على تمكن رفاعة الطهطاوى ورفاق له، كانوا قد تلقوا العلم فى الغرب، من الاسهام فى تحقيق نهضة تعليمية واسعة فى مصر مستعينين فى ذلك بما ترجموه عن الفرنسية من روافد مختلفة للعلم والمعرفة.
وكان من شأن هذه النهضة التقدم بمصر إلى الصفوف الاولى الممسكة بمقاليد العلوم والآداب والثقافة.
وفى تلك السنوات ظهرت شخصيات مصرية رفيعة كان لها بصماتها فى مختلف المجالات الادبية والعلمية والفنية مثل طه حسين ونجيب محفوظ وعلى مصطفى مشرفة وأم كلثوم وعبدالوهاب وفاتن حمامة.
ومازالت الاسهامات المهمة لهؤلاء الادباء والفنانين والعلماء تمد الاجيال التالية بالإلهام عبر دول المنطقة.
ريادة مصر
ولا يمكن أن نغفل انه منذ قرن واحد فقط كان لمصر ريادة فى الحوكمة الرشيدة، كما أن مصر تمكنت فى الوقت نفسه من بناء مؤسسات تعليمية وعلمية رفيعة مثل جامعة القاهرة ومؤسسات مالية مهمة مثل البنك الأهلى ومؤسسات إعلامية مثل الاهرام الصحفية إلى غير ذلك من مؤسسات التصنيع بما فى ذلك صناعات النسيج وصناعة السينما.
وفى ذلك الوقت وبتلك الإمكانات كان لمصر القدرة على أن تكون المنهل العلمى لشخصيات بارزة ورائدة فى عالمنا العربى من بينهم على سبيل المثال المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد وعالم الرياضيات اللبنانى الاشهر مايكل عطية، وبالنسبة لى على المستوى الشخصى فإن الدكتور شاكر الفحام والد زوجتى هو رجل تعليم وآداب تولى رئاسة مجمع اللغة العربية فى سوريا وقد نهل هو الآخر من الثقافة المصرية.
بل إن قدرة مصر على توفير تعليم جيد لأبنائها استمرت حتى عقد الستينيات من القرن الماضى ــ أى بعد عقد واحد من ثورة يوليو ــ حيث تمكن ابناء جيلى من طلاب الجامعات المصرية من الحصول على تعليم لائق فى وقت كانت فيه الاجواء الثقافية مفعمة بالثراء والتنوع وكانت فيه أحلام النهضة الوطنية احلام كبرى يلتف حولها الجميع مثل بناء السد العالى وانشاء محطات للطاقة النووية بل والـتأهب للوقوف على مشارف غزو الفضاء.
العرب اليوم
وعندما يتفكر المرء فى هذه الخلفية الطويلة وعندما يكون الإنسان مدركا فى نفس الوقت أن منابع الطاقة البشرية لم تنضب فإن السؤال الذى لا بد له من أن يطرح نفسه هو: ما الذى حل بمستويات التعليم والبحث العلمى فى عالمنا العربى الراهن؟
إن اسهامات العالم العربى الجماعية فى مجالات البحث العلمى والاختراعات تكاد تكون غير موجودة أو ملحوظة.
إن من يقارن ما تستثمره الدول العربية فى مجالات البحث العلمى والتنمية العلمية والنظر فى النسبة المخصصة من إجمالى الناتج القومى فى مجالات التعليم والبحث وبين النموذجين الايرانى والتركى سيخلص بكل تأكيد أن ما تنفقه إيران أو تركيا على التعليم والبحث العلمى يفوق الميزانية المخصصة لنفس الغرض عن نظيراتها فى العالم العربى.
تركيا وإيران
فى عام 2009 أصدرت تركيا 22 ألف مؤلف علمى مقارنة بخمسة آلاف منشور علمى فى عام 2000، أما بالنسبة لإيران فارتفع عدد الاصدارات العلمية من 1300 فى عام 2000 إلى 15 ألفا فى عام 2009 ــ وفى ذلك بلا شك ما يعبر عن طفرة كبيرة.
وبحسب تقارير موثوقة صدرت مؤخرا فإن كلا من مصر والسعودية لم تنتج فى الفترة نفسها أكثر من 2000 من المطبوعات دون تحقيق زيادة تذكر هنا أو هناك.
ولم تتمكن أى من الجامعات العربية أن تضمن وجود اسمها على قائمة اهم 500 مؤسسة تعليمية فى العالم بصورة منتظمة ــ أحدى هذه القوائم تضمنت فى عام 2010 جامعة الإسكندرية.
ويقدر إبراهيم المعلم نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين أن حصة العالم العربى من اجمالى المبيعات العالمية للكتب لا يتجاوز الواحد بالمائة، وتحصل مصر على 4.. من هذه النسبة.
بينما يشير إلى أن نسبة الكتب العلمية لا تتجاوز نحو ثلاثة إلى خمسة بالمائة من هذه النسبة المتواضعة.
إن المدخلات التى يحققها البحث والتنمية فى إجمالى الناتج القومى لمصر تبقى شبه معدومة ومازالت مصر التى وصفها هيرودوت يوما بأنها هبة النيل تعتمد أساسيا فى دخلها القومى على هبات مصر مثل قناة السويس والسياحة وموارد طبيعية مثل الغاز والبترول.
فى الوقت نفسه فإن إسرائيل التى ليس لها من الطاقة البشرية سوى أقل من عشر ما تتمتع به مصر تحظى باقتصاد قوامه الرئيسى الصناعات التكنولوجية ويمكن القول إن نحو 90 بالمائة من الناتج القومى الاجمالى لها هو من موارد الصناعة والخدمات.
وإذا ما نظرنا إلى مستويات وسبل الانفاق الحكومى فى بلد عربى مثل مصر فإننا لا نجد الكثير من اسباب التفاؤل لو استمر الحال على ما هو عليه.
يقول الدكتور الشهير محمد غنيم فى تقرير أخير اعده، مستعينا بمعلومات واردة فى تقرير حديث للأمم المتحدة عن التنمية البشرية فى العالم العربى، إن إجمالى ما تنفقه الحكومة المصرية على التعليم سنويا لا يتجاوز 24 بليون جنيه، أى أقل من 5 بلايين دولار. وهذا الرقم لا يتجاوز 2.4 من الناتج القومى لمصر.
وبعملية حسابية بسيطة فإن النظر إلى هذا الرقم يعنى أن متوسط انفاق الحكومة المصرية على كل طالب لا يتجاوز فى العام الواحد 250 دولارا فى العام.
وبالمقارنة فإن إسرائيل تنفق ستة أضعاف هذا المبلغ حيث يحصل الطالب الاسرائيلى فى العام من انفاق حكومته على نحو 1500 دولار أو اكثر.
مصر والعالم
فى الوقت نفسه فإن أيا من طلاب الجامعات المصرية ــ الذين يبلغ عددهم نحو 2.2 مليون طالب ــ لا يحصل من الانفاق الحكومى على تعليمه أكثر من 500 دولار فى العام بينما تتكلف النفقات السنوية لتعليم قرينه من الطلاب المصريين فى بعض الجامعات الخاصة نحو 10 آلاف دولار إلى 15 ألف دولار سنويا.
هذه إذن حقيقة الوضعية المأساوية للتعليم فى مصر التى تدفع بأولياء أمور هؤلاء الطلاب لأن ينفقوا ما بين 10 بلايين إلى 15 بليون جنيه فى العام الواحد على الدروس الخصوصية سعيا وراء تحسين فرص أبنائهم فى تحصيل العلم وبالتالى تحقيق النجاح.
وإلى جانب ذلك فإن البنية التحتية للمدارس الحكومية فى مصر لا ترقى بحال من الاحوال لمستوى نظيرتها فى بلد صغير التعداد مثل فنلندا أو بلد له تقريبا نفس التعداد مثل كوريا الجنوبية، ذلك فى الوقت الذى يزيد فيه عدد التلاميذ فى المتوسط فى الفصل المدرسى بالمدارس الحكومية عن الـ60 مما يكاد يستحيل معه على المدرس أن يحقق التواصل اللازم مع التلاميذ لضمان نجاح او كفاءة العملية التعليمية.
أما بالنسبة لقاعات الدرس بالجامعات المصرية فهى دائما مكتظة بمئات أو ألوف من الطلاب.
وسواء تعلق الأمر بالتعليم فى المدارس او فى الجامعات فإن المنهج المتبع هو منهج التلقى المباشر دون تنمية قدرات التحليل او النقد وفى ظل تغييب شبه كامل لنظريات ومناهج التعليم الحديثة التى استفاد منها العالم المتقدم بأسره.
أما المناهج التعليمية ــ سواء فى المدارس أو الجامعات ــ فهى لا ترقى أبدا للمستوى المطلوب لتخريج كوادر بشرية قادرة على التنافس على المستوى العالمى فى عصر الفضاء وزمن ثورة المعلومات.
إلى جانب ذلك فإن الوضع الاقتصادى للمدرسين فى مصر يدعو للأسف وذلك بالرغم من محاولات بذلت أخيرا لرفع دخل المعلم المصرى وهو ما يدفع بالكثيرين للبحث عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية لتلاميذهم كوسيلة من وسائل تحقيق دخل إضافى
(ثورة العرب القادمة(1-3 - احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
(ثورة العرب القادمة(1-3 - احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
ثورة العرب القادمة(1-3 بعد نجاح ثورة 25 يناير فى فتح آفاق غير مسبوقة لتحقيق الديمقراطية فى مصر، وفى وقت ينشغل فيه الرأى العام المصرى ــ كما فى العالم العربى على اتساعه ــ بحلم الإصلاح والتقدم، فإن المهمة العاجلة لإصلاح منظومة التعليم، سواء فى مصر أو غيرها من الدول العربية، هى بالتأكيد جزء لا يتجزأ من تحقيق النهضة العربية المقبلة. العالم المصرى وحائز نوبل الدكتور أحمد زويل يطرح تحليلًا ورؤية متكاملة لما يراه «ثورة العرب القادمة»، مؤكدًا أن إصلاح التعليم على حيويته ليس بالمهمة المستحيلة كما أنه ليس بالمهمة التى تحتاج عقودا لإنجازها.
«الشروق» تنشر فى حلقات ثلاث قراءة زويل لحال التعليم وسبل إحيائه لتعود مصر ويعود معها العالم العربى فى مصاف الأمم الناهضة.
طالعت مؤخرا دراسة مهمة حول جغرافيا المعرفة والسكان فى عالمنا. وأثارت هذه الدراسة ــ التى نشرها جويل كوهين وديفيد بلوم تحت عنوان «توفير التعليم لكل الأطفال.. خطة عمل دولية» ــ إعجابى واهتمامى فى آن واحد.
وتقول الدراسة بأنه فى الوقت الذى لا يمكن أن يعجز العالم عن القيام بالمهمة الملحة المتعلقة بتوفير التعليم لكل أطفاله فإن الحقيقة الماثلة أمام أعين الجميع تقول بأن هناك نحو ثلاثمائة مليون من أطفال العالم سيظلون محرومين من حقهم فى التعليم مع حلول العام 2015.
التحدى الكبير
إن تمكين الأجيال القادمة من الحصول على تعليم يمكنهم من الإمساك بناصية المعارف الحديثة والمتطورة هو بالتأكيد تحدٍ كبير، حتى إذا ما تعلق الأمر بالدول المتقدمة.
ومنذ عام تقريبا أطلق الرئيس الأمريكى باراك أوباما مشروعا طموحا تحت عنوان «التعليم الهادف لتطوير القدرة على الابتكار». والهدف من هذا المشروع هو أن يتمكن الطلاب الامريكيون خلال العقد القادم من رفع قدراتهم فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة وعلم الرياضيات وهو المنظومة المتكاملة التى يمكن من خلالها ضمان اتساع قدرة المبتكرين وتطويرها.
وفى إطار هذا المشروع يتم تخصيص 250 مليون دولار لإطلاق وتنفيذ مبادرة تدريب وإعادة تأهيل للمعلمين الامريكيين بحيث يتم إعداد عشرة آلاف من المعلمين الجدد للعلوم والرياضيات ويتم بالتوازى مع ذلك إعادة تدريب مائة ألف من المعلمين الذين يقومون بالفعل بتدريس هذه المواد للطلاب الأمريكيين.
إننى أعلم أن التعليم بمختلف مراحله ــ وهو ما يستحوذ على قرابة تريليون دولار من ميزانية الولايات المتحدة الامريكية ــ هو أولوية أولى لدى الحكومة الأمريكية.
أما بالنسبة للعالم العربى فإن تطوير التعليم هو أمر حاسم لضمان مستقبل افضل للشعوب العربية. إن فشل منظومة التعليم فى العالم العربى هو احد اهم أسباب غضب الشباب فى البلدان العربية ــ ذلك الغضب الذى أصبح جليا ولا يمكن الاستمرار فى محاولة تجاهله، خاصة أن تبعات هذا الفشل لها أبعاد ثقافية واقتصادية وسياسية واضحة.
جيل الفيس بوك
لقد أطلق جيل الفيس بوك شرارة انتفاضات متتالية من أجل تحقيق الديمقراطية فى تونس ومصر والبحرين واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية.
إن التعامل مع أصل المشاكل التى نواجهها هو امر لا غنى عنه إذا ما كنا جادين فى حل هذه المشاكل وتجاوز آثارها.
وبالتأكيد فإن تطوير التعليم فى العالم العربى هو امر مفصلى بالنسبة لاستعادة النهضة العربية.
لقد أصبح من الحتمى أن نتحرك بخطوات أسرع نحو وضع التعليم وتطويره أولوية أولى على اجندات دول المنطقة العربية كلها.
ولا يمكن لشخص جاد أن ينكر أن النجاح والتقدم الذى حققته الولايات المتحدة الامريكية كما حققته دول أوروبية عديدة أو دول آخذة فى التقدم فى آسيا أو أمريكا اللاتينية لم يكن من الوارد تحقيقه وضمان استمراره بدون توفير مستوى جيد من التعليم لأبناء هذه الشعوب.
وبلغة اكثر مباشرة فإن هناك علاقة مباشرة لا يمكن اغفالها بين جودة التعليم ومستوى ارتقاء الشعوب.
وبالتأكيد فإن الحالة المصرية تمثل نموذجا جديرا بالتأمل فيما يخص العلاقة بين القوة الناجمة عن المعرفة وتأثير الحضارة العريقة، تلك الحضارة التى عاشت منذ ألفى عام أو يزيد على ضفاف المتوسط معتمدة على منارة مضيئة للعلم هى مكتبة الاسكندرية القديمة.
حضارات وعلماء
إن فكرة الحضارة فى ذاتها هى فكرة نابعة عن المعرفة.
وعلى ضفاف نهر النيل تمكنوا المصريون القدماء من تقديم مفاهيم جديدة فى علوم البناء والطب والفلك والكيمياء وكان لذلك تأثيره الأكيد على الحياة فى مصر القديمة وحضارتها العريقة كما وأن تأثيراته امتدت لحضارات أخرى مجاورة وتالية.
وإذا ما كان لى أن اتحدث عن مجال تخصصى العلمى على وجه التحديد فلابد أن اذكر أن القدماء المصريين كانوا هم من تمكن منذ أكثر من ستة آلاف عام من تعريف الزمن وادخال التقويم الزمنى المعتمد ولأول مرة على حركة الأرض حول الشمس.
ومؤخرا تمكن علماء فرنسيون من تقديم اكتشاف جديد ومذهل حيث أكدوا أن أبحاثهم تشير إلى أن مستحضرات التجميل المستخدمة فى عصر نفرتيتى كانت تحتوى على مواد طبيعية يتم تركيبها بغرض الحفاظ على صحة العيون وشفائها من الالتهابات والامراض المعدية.
وما زالت هذه الحضارة
القديمة للمصريين تقدم للغرب المتقدم اليوم الكثير والكثير من المعلومات والاكتشافات العلمية المثيرة للاهتمام.
ومنذ بداية الألفية سجلت الحضارة العربية الكثير من الإنجازات العلمية.
العام الماضى نشرت كتابا بالاشتراك مع سير جون توماس، من جامعة كمبريدج، حول الرؤية رباعية الأبعاد للميكروسكوب.
وفى هذا الكتاب أشرت للإسهامات المهمة فى مجال الرؤية والبصريات للعالم العربى الحسن بن الهيثم الذى عاش فى الفترة ما بين 965 و1040، متنقلا بين العراق ومصر. لقد طور ابن الهيثم نظريات، حول الإبصار والتقاط شبكية العين للصورة الواقعة تحت الضوء، استفاد منها علماء أمثال نيوتن، وفنانون أمثال دافنشى بل إن الاستفادة من هذه النظريات امتدت لتدخل فى أعمال مصورين فوتوغرافيين فى العصر الحديث.
وكانت تجربة ابن الهيثم المعروفة باسم «الحجرة المظلمة» هى الاساس الذى بنى عليه فيما بعد فن التصوير الفوتوغرافى حيث تعتمد هذه التجربة التى بينت أن الضوء له مسار مستقيم وعليه تتكون الصورة لأى مجسم عندما يمر الضوء خلال ثقب صندوق مظلم وبذلك أدخل ابن الهيثم فكرة الكاميرا الفوتوغرافية.
إن الاعمال التى قدمها ابن الهيثم وابن رشد، ذلك الفيلسوف الملم بالكثير من العلوم، وابن سينا، أبرز أطباء عصره على الاطلاق، والخوارزمى، عالم الرياضيات الذى استحدث مفاهيم جديدة فى علم الرياضيات ارتبطت باسمه، وغيرهم من علماء عصر النهضة العربية منذ قرون، تمكنوا من أن يجعلوا من عالمهم وعواصمهم فى بغداد والقاهرة وقرطبة منارات للعلم والمعرفة.
نهضة محمد على
وفى العصر الحديث ارتبط اسم مصر ايضا بمشاريع طموحة لتحقيق نهضة فى التعليم والثقافة والصناعة، وبالتأكيد فإن الرؤية التى تبناها محمد على لتحديث مصر كان لها دور مهم فى هذا الصدد.
لقد تمكن محمد على من تحويل مصر إلى مركز إقليمى للنهضة الاقتصادية والعسكرية معتمدا فى ذلك على تطوير وتحديث المجتمع المصرى ومستعينا بإرسال بعثات من الطلاب المصريين لتلقى العلم والمعرفة فى أوروبا.
وفى عصر محمد على تمكن رفاعة الطهطاوى ورفاق له، كانوا قد تلقوا العلم فى الغرب، من الاسهام فى تحقيق نهضة تعليمية واسعة فى مصر مستعينين فى ذلك بما ترجموه عن الفرنسية من روافد مختلفة للعلم والمعرفة.
وكان من شأن هذه النهضة التقدم بمصر إلى الصفوف الاولى الممسكة بمقاليد العلوم والآداب والثقافة.
وفى تلك السنوات ظهرت شخصيات مصرية رفيعة كان لها بصماتها فى مختلف المجالات الادبية والعلمية والفنية مثل طه حسين ونجيب محفوظ وعلى مصطفى مشرفة وأم كلثوم وعبدالوهاب وفاتن حمامة.
ومازالت الاسهامات المهمة لهؤلاء الادباء والفنانين والعلماء تمد الاجيال التالية بالإلهام عبر دول المنطقة.
ريادة مصر
ولا يمكن أن نغفل انه منذ قرن واحد فقط كان لمصر ريادة فى الحوكمة الرشيدة، كما أن مصر تمكنت فى الوقت نفسه من بناء مؤسسات تعليمية وعلمية رفيعة مثل جامعة القاهرة ومؤسسات مالية مهمة مثل البنك الأهلى ومؤسسات إعلامية مثل الاهرام الصحفية إلى غير ذلك من مؤسسات التصنيع بما فى ذلك صناعات النسيج وصناعة السينما.
وفى ذلك الوقت وبتلك الإمكانات كان لمصر القدرة على أن تكون المنهل العلمى لشخصيات بارزة ورائدة فى عالمنا العربى من بينهم على سبيل المثال المفكر الفلسطينى إدوارد سعيد وعالم الرياضيات اللبنانى الاشهر مايكل عطية، وبالنسبة لى على المستوى الشخصى فإن الدكتور شاكر الفحام والد زوجتى هو رجل تعليم وآداب تولى رئاسة مجمع اللغة العربية فى سوريا وقد نهل هو الآخر من الثقافة المصرية.
بل إن قدرة مصر على توفير تعليم جيد لأبنائها استمرت حتى عقد الستينيات من القرن الماضى ــ أى بعد عقد واحد من ثورة يوليو ــ حيث تمكن ابناء جيلى من طلاب الجامعات المصرية من الحصول على تعليم لائق فى وقت كانت فيه الاجواء الثقافية مفعمة بالثراء والتنوع وكانت فيه أحلام النهضة الوطنية احلام كبرى يلتف حولها الجميع مثل بناء السد العالى وانشاء محطات للطاقة النووية بل والـتأهب للوقوف على مشارف غزو الفضاء.
العرب اليوم
وعندما يتفكر المرء فى هذه الخلفية الطويلة وعندما يكون الإنسان مدركا فى نفس الوقت أن منابع الطاقة البشرية لم تنضب فإن السؤال الذى لا بد له من أن يطرح نفسه هو: ما الذى حل بمستويات التعليم والبحث العلمى فى عالمنا العربى الراهن؟
إن اسهامات العالم العربى الجماعية فى مجالات البحث العلمى والاختراعات تكاد تكون غير موجودة أو ملحوظة.
إن من يقارن ما تستثمره الدول العربية فى مجالات البحث العلمى والتنمية العلمية والنظر فى النسبة المخصصة من إجمالى الناتج القومى فى مجالات التعليم والبحث وبين النموذجين الايرانى والتركى سيخلص بكل تأكيد أن ما تنفقه إيران أو تركيا على التعليم والبحث العلمى يفوق الميزانية المخصصة لنفس الغرض عن نظيراتها فى العالم العربى.
تركيا وإيران
فى عام 2009 أصدرت تركيا 22 ألف مؤلف علمى مقارنة بخمسة آلاف منشور علمى فى عام 2000، أما بالنسبة لإيران فارتفع عدد الاصدارات العلمية من 1300 فى عام 2000 إلى 15 ألفا فى عام 2009 ــ وفى ذلك بلا شك ما يعبر عن طفرة كبيرة.
وبحسب تقارير موثوقة صدرت مؤخرا فإن كلا من مصر والسعودية لم تنتج فى الفترة نفسها أكثر من 2000 من المطبوعات دون تحقيق زيادة تذكر هنا أو هناك.
ولم تتمكن أى من الجامعات العربية أن تضمن وجود اسمها على قائمة اهم 500 مؤسسة تعليمية فى العالم بصورة منتظمة ــ أحدى هذه القوائم تضمنت فى عام 2010 جامعة الإسكندرية.
ويقدر إبراهيم المعلم نائب رئيس اتحاد الناشرين الدوليين أن حصة العالم العربى من اجمالى المبيعات العالمية للكتب لا يتجاوز الواحد بالمائة، وتحصل مصر على 4.. من هذه النسبة.
بينما يشير إلى أن نسبة الكتب العلمية لا تتجاوز نحو ثلاثة إلى خمسة بالمائة من هذه النسبة المتواضعة.
إن المدخلات التى يحققها البحث والتنمية فى إجمالى الناتج القومى لمصر تبقى شبه معدومة ومازالت مصر التى وصفها هيرودوت يوما بأنها هبة النيل تعتمد أساسيا فى دخلها القومى على هبات مصر مثل قناة السويس والسياحة وموارد طبيعية مثل الغاز والبترول.
فى الوقت نفسه فإن إسرائيل التى ليس لها من الطاقة البشرية سوى أقل من عشر ما تتمتع به مصر تحظى باقتصاد قوامه الرئيسى الصناعات التكنولوجية ويمكن القول إن نحو 90 بالمائة من الناتج القومى الاجمالى لها هو من موارد الصناعة والخدمات.
وإذا ما نظرنا إلى مستويات وسبل الانفاق الحكومى فى بلد عربى مثل مصر فإننا لا نجد الكثير من اسباب التفاؤل لو استمر الحال على ما هو عليه.
يقول الدكتور الشهير محمد غنيم فى تقرير أخير اعده، مستعينا بمعلومات واردة فى تقرير حديث للأمم المتحدة عن التنمية البشرية فى العالم العربى، إن إجمالى ما تنفقه الحكومة المصرية على التعليم سنويا لا يتجاوز 24 بليون جنيه، أى أقل من 5 بلايين دولار. وهذا الرقم لا يتجاوز 2.4 من الناتج القومى لمصر.
وبعملية حسابية بسيطة فإن النظر إلى هذا الرقم يعنى أن متوسط انفاق الحكومة المصرية على كل طالب لا يتجاوز فى العام الواحد 250 دولارا فى العام.
وبالمقارنة فإن إسرائيل تنفق ستة أضعاف هذا المبلغ حيث يحصل الطالب الاسرائيلى فى العام من انفاق حكومته على نحو 1500 دولار أو اكثر.
مصر والعالم
فى الوقت نفسه فإن أيا من طلاب الجامعات المصرية ــ الذين يبلغ عددهم نحو 2.2 مليون طالب ــ لا يحصل من الانفاق الحكومى على تعليمه أكثر من 500 دولار فى العام بينما تتكلف النفقات السنوية لتعليم قرينه من الطلاب المصريين فى بعض الجامعات الخاصة نحو 10 آلاف دولار إلى 15 ألف دولار سنويا.
هذه إذن حقيقة الوضعية المأساوية للتعليم فى مصر التى تدفع بأولياء أمور هؤلاء الطلاب لأن ينفقوا ما بين 10 بلايين إلى 15 بليون جنيه فى العام الواحد على الدروس الخصوصية سعيا وراء تحسين فرص أبنائهم فى تحصيل العلم وبالتالى تحقيق النجاح.
وإلى جانب ذلك فإن البنية التحتية للمدارس الحكومية فى مصر لا ترقى بحال من الاحوال لمستوى نظيرتها فى بلد صغير التعداد مثل فنلندا أو بلد له تقريبا نفس التعداد مثل كوريا الجنوبية، ذلك فى الوقت الذى يزيد فيه عدد التلاميذ فى المتوسط فى الفصل المدرسى بالمدارس الحكومية عن الـ60 مما يكاد يستحيل معه على المدرس أن يحقق التواصل اللازم مع التلاميذ لضمان نجاح او كفاءة العملية التعليمية.
أما بالنسبة لقاعات الدرس بالجامعات المصرية فهى دائما مكتظة بمئات أو ألوف من الطلاب.
وسواء تعلق الأمر بالتعليم فى المدارس او فى الجامعات فإن المنهج المتبع هو منهج التلقى المباشر دون تنمية قدرات التحليل او النقد وفى ظل تغييب شبه كامل لنظريات ومناهج التعليم الحديثة التى استفاد منها العالم المتقدم بأسره.
أما المناهج التعليمية ــ سواء فى المدارس أو الجامعات ــ فهى لا ترقى أبدا للمستوى المطلوب لتخريج كوادر بشرية قادرة على التنافس على المستوى العالمى فى عصر الفضاء وزمن ثورة المعلومات.
إلى جانب ذلك فإن الوضع الاقتصادى للمدرسين فى مصر يدعو للأسف وذلك بالرغم من محاولات بذلت أخيرا لرفع دخل المعلم المصرى وهو ما يدفع بالكثيرين للبحث عن تقديم خدمات الدروس الخصوصية لتلاميذهم كوسيلة من وسائل تحقيق دخل إضافى
مصر الأمل.. ثلاثية الرؤية - احمد زويل
-15 مايو 2011 احمد زويل - مقالات وأعمدة - جريدة الشروق
مصر الأمل.. ثلاثية الرؤية جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير، لترفع الستار عن وجود قوة مؤثرة من الشباب المصرى، له من المبادئ والآمال والقدرة على الفعل والتغيير بصورة لم يكن يتوقعها الغالبية فى مصر أو فى العالم الغربى.
قبيل مغادرتى القاهرة بعد أيام من تنحى السيد حسنى مبارك عن حكم مصر، فى الحادى عشر من فبراير، التقيت إسراء، فتاة مصرية من قيادات الثورة، وسألتها عن الهدف الذى كان لدى الشباب عندما أطلقوا ثورتهم فى ميدان التحرير، ومختلف أرجاء ومحافظات مصر، فأجابتنى أن الهدف كان «تغيير النظام».
ولقد تمكن الشعب المصرى من خلال الثورة وفى 18 يوما، أن يُسقط رأس النظام، وينهى 30 عاما من حكم فردى وشمولى.
وبنظرة موضوعية، يجد المرء نفسه أمام عملية تحول ديمقراطى تشمل إنهاء آثار الحكم السابق وإظهار معالمه، خاصة الفساد الذى كان متفشيًا فى أرجاء وأعماق الوطن، والتحرك نحو حقبة جديدة من تاريخ مصر.
وبالفعل، فإن التحولات التى شهدتها مصر خلال الشهور الثلاثة الماضية، تعد تحولات كبرى، خاصة إذا ما قارناها بالشهور الثلاثة ــ أى نفس المدة ــ التى سبقت بدء ثورة الخامس والعشرين من يناير.
الثورة النموذجية
ومن أهم ما يميز الثورة المصرية عن غيرها من الثورات العربية التى يتعرض أبناؤها لإراقة دمائهم من أقبلة الأنظمة فى ليبيا واليمن وغيرهما، أن هذه الثورة مثلت وحدة رائعة بين أبناء الشعب المصرى وبين الشعب وقواته المسلحة.
فى الوقت نفسه، فإننا عندما نتابع تفاصيل الفساد الذى عاش به النظام السابق، والذى كشف عنه مع سقوط رأسه، لابد لنا وأن نشعر بأن مصر كانت محروسة بالفعل، كونها لم تتعرض لعملية إفلاس كاملة بالرغم من كل هذا الفساد.
والرائع واللافت للنظر فعلا هى قدرة الشعب المصرى على التخلص من قيود خوف كبلته لعقود، فكسرها، وتجاوز سنوات من القهر والظلام تعرض لها.
ولهذا كله، فإن الثورة المصرية تمثل نموذجًا فريدًا لتحقيق التغيير فى منطقة الشرق الأوسط. ومن ينظر فى الشأن المصرى، سيدرك على الفور أنه، وبالرغم من اختلاف عقائد أبناء هذا الشعب، وهو الاختلاف الذى يمكن أن ينجم عنه فى بعض الأحيان بعض التوترات أو المشاحنات، فإن الشعب المصرى يبقى فى نهاية الأمر شعبا موحدا، غير قابل للانقسام على أى أساس قبلى أو الوقوع فى فتن طائفية بالمعنى الكامل للكلمة.
فالشعب المصرى يجمعه تاريخ مشترك وميراث ثقافى عريق يبقيه دوما موحدا فى إطار الحضارة المصرية «أم الدنيا».
وفى هذا يختلف النموذج المصرى عن البلدان الأخرى التى بها من التمايز القبلى والثقافى ما يمكن أن يفتح الباب أمام سيناريوهات للفوضى، بل ربما الحروب الأهلية، وهو ما يعنى أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها يمكن أن تقع فى براثن النزاعات والتعصب، وهو أيضا ما سيدفع بالمنطقة نحو الخلف بدلا من الأمام.
ولذلك، فمن الضرورى أن تنجح الثورة المصرية فى تتويج أهدافها لتكون نموذجا قابلا للاستلهام فى حالات أخرى. والثورة المصرية فى رأيى حالة مركزية ومهمة لأن مصر التى يبلغ الآن تعداد سكانها الـ 85 مليون نسمة هى أكبر الدول فى منطقة الشرق الأوسط، كما أنها مركز ثقل العالم العربى لدورها المحورى فى السياسة والثقافة والمعرفة، وأيضا للمكانة التاريخية للأزهر الشريف.
إن القوة الفكرية الهائلة والكامنة فى الشعب المصرى ما زالت قادرة على إعادة مصر لهذا الدور الريادى حتى بعد التراجع الملموس فى العقود السابقة.
وعلى المستوى العالمى فإن نجاح التجربة المصرية هو أمر أساسى لضمان الاستقرار الذى من شأنه الحفاظ على أمن الإقليم وإرساء الديمقراطية وأيضا تدفقات النفط والغاز من منطقة الشرق الأوسط لضمان إمدادات الطاقة فى العالم أجمع. والغرب يجب أن يقدم الدعم لهذه الثورات الشعبية فى العالم العربى، والتى تهدف بالأساس لتحقيق الديمقراطية، ذلك الهدف الذى لم يتمكن من تحقيقه بالحرب على العراق فى 2003 رغم تكلفة بلغت تريليونات الدولارات.
الديمقراطية والفوضى
ومع كل ما حققته الثورة المصرية من إنجازات، ومع كل ما تميزت به، بل وكل ما كشفت عنه من تحضر للشعب المصرى فإن هناك أمورًا توالت بعد انتهاء الثورة لا تتفق حسبما أراها مع قواعد الديمقراطية المتعارف عليها ولا مع قواعد الوطنية المصرية للثورات السابقة.
ومن ذلك التباين الكبير بين التألق الرائع للوحدة الوطنية التى عاشتها مصر أياما متتالية فى ثورتها التى تجسدت فى ميدان التحرير، حيث تداعت أى حواجز زائفة بين مسلمى الوطن وأقباطه، وأن نعود بعد أسابيع قليلة من انتهاء الثورة لنطالع أنباء مؤسفة ومؤلمة عن تشاحنات بين مسلمين وأقباط أو مسلمين بعضهم وبعض.
ولا يمكن بمنطق الثورة السلمية والشريفة أن يفسر المرء ما حدث من قطع الطرق ووقف القطارات ويصل الحد لإحراق بيوت العبادة ورفع أعلام لدول أجنبية على أرض الكنانة.
من المفهوم أنه بعد أى ثورة توجد فئات ومجموعات لديها أهداف ومصالح تسعى لتحقيقها من خلال عمليات شحن عشوائى لمشاعر البعض، ولكن هؤلاء سيكونون فى النهاية، وعندما تقام الدولة الديمقراطية بكامل أركانها، الخاسرين، لأن الغلبة ستكون للشعب المصرى القادر دوما على أن يظهر معدنه الحقيقى فى ظل كل الصعوبات، ولأن الغالبية العظمى من الشعب المصرى لا تريد الانجراف وراء التشاحن والفوضى، وإنما تسعى لبناء دولة ديمقراطية حديثة.
بناء المستقبل
والسؤال إذن هو، ماذا ينبغى أن نفعل فى هذه المرحلة؟ ومن منطلق خبرتى فى الدعوة والحث على تحقيق التغيير عبر عقدين من الزمن، ولأننى كنت طرفا مفاوضا أثناء الثورة المصرية، سواء من خلال التخاطب مع شباب الثورة أو مع الحكومة المصرية فى حينه، فإننى أعلم يقينا أن أهم ما يسعى إليه الشباب فى مصر هو مستقبل جديد، مستقبل يقدم لهم حياة تختلف عن تلك التى عاشوها فى ظل النظام القديم ومستقبل لتحقيق الإنتاج والتقدم، الذى يليق بمكانة مصر على المستويين العربى والعالمى.
مستقبل مصر الواعد يتطلب بالضرورة استقرار الوحدة الوطنية ليسعى الشعب متكاتفا لتحقيق أهداف ثلاثة أراها حتمية لبناء الدولة الديمقراطية، اقتصاديا وسياسيا. وعليه فإن ثلاثية الرؤية تتمثل فى:
«البعد السياسى» والذى أساسه يكون بناء الهيكل الحقيقى لنظام الحكم الديمقراطى الرشيد بما فى ذلك عدالة تطبيق القانون، ضبط أمن البلاد والانتقال إلى الشرعية الدستورية لحكم مستقر مبنى على مبادئ الثورة.
«البعد الاقتصادى» والذى يتطلب فى المدى القريب التحرك السريع نحو عودة الإنتاج إلى ما كان عليه مع إصلاحات فى المؤسسات الاقتصادية، وفى نفس الوقت فلابد من وضع رؤية شاملة لرفع الإنتاج المصرى والدخل القومى، وإصلاح الوضع المؤسوى لمحدودى الدخل.
«البعد القومى للنهضة» ولهذا البعد رؤية خاصة حيث فيه يلتحم الشعب مع الحكومة فى تبنى «مشاريع أحلام الوطن» والتى عن طريقهم يتم بناء جيل المستقبل ودفع مصر إلى مكانة العالم الأول، وتحديث العالم العربى ككل.
وهناك بعد رابع، بالمقارنة مع علوم الكون الطبيعية، هذا البعد يحدد ديناميكية العلاقة بين الجيش والحكومة من طرف والشعب من طرف آخر، وعليه فإن هذه الديناميكية لابد وأن تحدد بوضوح مسار التغيير الجديد والمدد الزمنية لاستكمال المسيرة، وذلك عن طريق حوار دائم وبناء.
وأعتقد جازما أن السعى نحو أى من هذه الأهداف الثلاثة، يتطلب أولا وقبل كل شىء، تحقيق الاستقرار الأمنى فى أسرع وقت، والذى ينبغى أن ينعم به أبناء الشعب المصرى، على أن يكون ذلك فى إطار مؤسسى لشرطة ما بعد الثورة، يباعد بين ما عرفه النظام السابق من آليات لتحقيق الأمن، ويعمل على احترام حقوق المواطن فى الوقت ذاته، فإن الإصلاحات السياسية الحقيقية ــ وليست تلك التى تكون مستمدة بشكل أو آخر من النظام السابق ــ ينبغى أن تكون سريعة، وأن تكون هادفة لتكوين المؤسسات الجديدة للدولة فى جميع القطاعات، وهو ما يتطلب بالضرورة أن يكون هناك تطبيق قاطع للقانون على كل المواطنين دون أدنى استثناء.
المأزق الاقتصادى.. والإنتاج
أما الإصلاحات الاقتصادية، والتى أراها هى حجر الزاوية للبناء والتقدم، فتلك هى التحدى الأصعب الذى يواجه مصر حاليا، كما سيواجهها فى المستقبل القريب، وذلك لأسباب عدة، أهمها أن السعى المصرى نحو بناء اقتصاد قوى يأتى بعد عقود من حكم السيد مبارك ودائرته المقربة، حيث تم استنزاف الكثير من الموارد المصرية.
إلى جانب ذلك، فإن الثقة فى مناخ الاستثمار فى مصر ليست عالية أبدا، وحركة السياحة ليست فى أحسن أحوالها، كما أن دعم المصريين فى الخارج، الذين لهم الكثير من القدرة على تقديم الدعم المادى والمهنى لمصر ما بعد الثورة، قد يتأثر بدرجة كبيرة، ربما بسبب عدم الارتياح إزاء بعض ما جاء فى التعديلات الدستورية، بالإضافة إلى أن أصحاب الأعمال المصريين، سواء كانوا من أصحاب الأعمال الصغيرة أو الكبيرة، يعانون تحديات لا يستهان بها.
لكن مع كل تلك الصعوبات، فإن بناء اقتصاد مصرى قوى ليس بالأمر المستحيل. إن استعادة التركيز على القضايا الجوهرية، والابتعاد عن الانخراط فى الأمور التى ليس لها جدوى تذكر، واسترجاع التسامح والتصالح الوطنى، وشعور الثقة فى الوطن وبين أبنائه يمكن بالتأكيد أن يدفع بالشعب المصرى نحو نهضة اقتصادية جديدة.
ولذلك ليس أمامنا من اليوم غير العمل والعمل الجاد من أجل الإنتاج. فالوقت لم يعد يسمح بإطلاق بعض الشعارات والتصريحات والاكتفاء بذلك.
إن تحقيق النمو الاقتصادى يتطلب أن يكون هناك استقرار فى معدلات النمو على المستوى المنظور، ليتم العمل على الأمد الطويل لرفعها بما يتناسب مع أهداف تحقيق التنمية والإنتاج المناسب لمصر، ورفع الإنتاج ينبغى أن يكون الشغل الشاغل لكل المجتمع المصرى، حيث لا يمكن لنا أن نقبل بأن يبقى الاقتصاد فى مصر ما بعد الثورة معتمدًا على عوائد قناة السويس والسياحة فقط.
الثروة البشرية
إن مصر ليس لها الكثير من الموارد الطبيعية، كما أن المساحة المزروعة من أرضها ليست بالمساحة الكبيرة، أقل من 10٪، ولكن مكمن الثروة المصرية الحقيقية هو أبناؤها. فمصر تتمتع بثروة بشرية هائلة إذا ما أحسن استغلالها من خلال العمل المنتج، ومن خلال مشاريع قومية يلتف حولها أبناء الشعب المصرى يمكن لها أن تحقق الكثير، خاصة إذا ما توازى ذلك مع مشروع نهضوى كبير لتحقيق طفرة فى مستوى التعليم والبحث العلمى، وبالتالى فى قدرات الثروة البشرية المصرية.
إن ما يطلق عليهم فى مصر الآن «شباب الفيس بوك»، يعلمون أن مصر كان لديها يوما مستوى من التقدم فى مجالات التعليم والبحث العلمى تفوق التى كانت لدى دولة مثل كوريا الجنوبية، والتى أصبحت الآن من أهم اقتصاديات العالم. كما أنهم يعلمون أنه خلال العقود الثلاثة، التى أمضاها السيد مبارك فى قصر الرئاسة تراجعت الأمور فى مصر بدرجة كبيرة، بينما تقدمت بلدان أخرى، وحققت طفرات.
فاستطاعت الصين أن ترفع حياة الملايين من مواطنيها من حال الفقر، كما استطاعت فى الوقت نفسه، أن ترسل روادا إلى الفضاء الخارجى، وأن تبنى مدنا عملاقة (Megacities)، وأن تصنع قطارات فائقة السرعة، وترفع مستوى التعليم بين طلاب المدن الصينية إلى المستويات الدولية. وبالتالى، فإن هؤلاء الشباب فى مصر يتساءلون: لماذا لم تحقق مصر ذلك، ولماذا لا تتحرك هى الأخرى نحو تحقيق مثل هذه الطفرات فى التعليم والتنمية؟
وبالطبع، فإن تحقيق مثل هذا النمو هو الهدف الذى ينبغى أن تسعى إليه مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن ذلك السعى سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصل إلى مبتغاه. ولأن الأمر سيستغرق شيئًا من الوقت، ويحتاج الكثير من العزيمة، فإن الأولوية الآن تحتاج لإشعال شمعة للأمل، لأن هذه الشمعة هى التى ستضئ الطريق نحو مستقبل أفضل.
الفرصة التاريخية.. المشروع القومى
إننى أنظر إلى مصر فأرى فرصة تاريخية لاستعادة هذا البلد لمكانة يستحقها بجدارة، كما أننى أرى الشعب المصرى القادر بالعزيمة والإيمان بحق بلاده فى التطور أن يحقق الهدف المبتغى من خلال عمل هو بالضرورة بسواعد المصريين أنفسهم.
وفى هذا الشأن، فإننى أقترح بناء مشروع مصر القومى للنهضة العلمية فى أسرع وقت، والذى عملت من أجله فى الـ12 عامًا الأخيرة مع النظام السابق وبدون جدوى لأسباب يعلمها الجميع ولا داعى هنا للعودة للماضى للحديث عنها.
إن هذا المشروع النهضوى والغير القابل للربح، يرتكز بدوره على ثلاثية مهمة، وهى:
«التعليم العصرى» وذلك لنشر المعرفة والعلوم الحديثة.
«المراكز المتميزة» وذلك للنهوض بالبحث العلمى والمشاركة العالمية.
«التكنولوجيا الإنتاجية» وذلك لبناء القاعدة الإنتاجية والمعتمدة على تكنولوجيا العصر.
هذا المشروع فى عصر العلم هو العمود الفقرى للتقدم وأيضا لبث فكر مجتمعى جديد.
وكما قلت سابقا، فإنه لا يمكن لهذا المشروع أن يرى النور بدون الإرادة الوطنية، وتحقيق الهيكل الأكاديمى والقانونى الخاص بالعمل فى مشروع كهذا، بحرية وشفافية، مع إيجاد التمويل اللازم من قبل الحكومة والشعب المصرى.
صندوق «اقرأ»
وفى أولى كلمات القرآن التى
أوحيت للنبى محمد، تكمن الحكمة: «اقرأ». وإذا ما أردنا تطبيق هذه الحكمة على حال مصر الآن، فإن ما نسعى إليه بالتأكيد هو تحقيق طفرة فى اقتناء المعرفة وتطبيقها لصالح البلاد.
وفى مبادرة جديدة، اقترحت إنشاء صندوق للشراكة القومية والدولية، يمكن أن يسمى «صندوق اقرأ» ــ بين المؤسسات الخاصة والحكومية ــ لدعم المشروع، ولكن لابد أن نعلم جميعا أن مثل هذا المشروع لا يمكن تحقيقه بالاعتماد على غير المصريين، وإن كنت أثق أنه عندما يصبح نجاح هذا المشروع واضحًا، فإنه سوف يجتذب الشراكة العالمية الفعالة والنافعة.
وفى اختيار كلمة «اقرأ» عنوانا للصندوق الذى أقترحه، فإننى أيضًا أطرح معنى عالميا، حيث أردت لها أن تكون المرادف العربى للكلمة الإنجليزية «READ» والتى هى اختصار لـ «Renaissance in Education And Development».
وينبغى أن يكون عمل هذا الصندوق بعيدا عن كل أغراض السياسة، وأن يتم تحت إدارة مجلس أمناء من الشخصيات البارزة المصرية والعربية والدولية، على أن يكون الهدف الرئيسى أمام هذا الصندوق هو رفع المستوى التعليمى والفكرى بما يؤدى إلى بناء استراتيجية واعدة لتحقيق نمو اقتصادى واسع، وإعادة صياغة البنية التحتية فى مصر، وفتح الآفاق أمام نهضة صناعية وثقافية تعود بنا إلى نهضة محمد على، ولكن فى سياق القرن الواحد والعشرين. إن الأمية ستبقى دوما عائقا قاسيا أمام تحقيق التنمية أو إرساء الديمقراطية، لهذا فإننى أقترح أن نسعى أيضا للعمل على محو كامل للأمية، وبناء مدارس علمية للموهوبين، وبناء مراكز تطبيقية لأغراض البنية الأساسية.
الإرادة والدعم
وفى البداية، فإن إطلاق هذا المشروع يحتاج إلى مليار دولار، كما يجب أن يتم فى الوقت نفسه إنشاء وقف مالى بقيمة مليار دولار أخرى، لأغراض تطوير المشروع وتوسيعه بصورة متدرجة، وعلينا أن نعلم أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا فى المملكة العربية السعودية لها وقف مالى يقرب من 20 مليار دولار.
وسيحتاج الأمر بالتأكيد خلال سنوات متتالية لمزيد من الأموال التى يمكن أن يسهم بها عدد من الدول المعنية بدعم استعادة النهضة المصرية ليتم توفير هذه الأموال من خلال البنك الدولى أو البنك العربى أو صندوق الإنماء الإسلامى، بجانب التبرعات الأساسية من الشعب والحكومة المصرية. ولكن كما ذكرت سالفا لا يمكن لهذا المشروع أن يتم بدون الإرادة المصرية والدعم المصرى، ثم بعد ذلك يتم الاستعانة بمؤسسات ودول أخرى، أما العكس فى الرؤية ففى رأى لا يؤدى إلى النتيجة المطلوبة من مشروع بهذا الثقل والأهمية.
وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن قرابة نصف سكان مصر هم من الشباب دون الثلاثين، فإننا سنجد أن الأموال المطلوب توفيرها لإطلاق وعمل هذا الصندوق الذى سيكون من أبرز نتائج نشاطه رفع مستوى كفاءة الفرد المهنية والفكرية، وتمهيد الأرض لإرساء الديمقراطية الحقيقية والمعتمدة على تبادل الآراء، فإننا سنجد أن تلك الأموال تعد النذر القليل بالمقارنة بمئات المليارات من الدولارات التى إهدرت وسرقت من مصر، وبدون فائدة للوطن وأبنائه.
وينبغى هنا أن أشير إلى الأثر النفسى الكبير الذى يمكن أن يلعبه إنشاء مثل هذا المشروع القومى الآن. فمصر هى دولة فى حالة من السيولة، تتنازعها أقطاب مختلفة من مخلفات النظام السابق إلى تيارات تمارس السياسة باسم الدين وبسمات من التعصب وغيرها، وكل يسعى لأن تكون له الكلمة الأخيرة فى تقرير مصير هذا البلد.
ومن خلال عملية إعادة بناء ناجحة لمؤسسات تعرضت للانهيار، فإن المشروع القومى مع صندوق «اقرأ» يمكن أن يسهم فى وضع مصر على بداية الاتجاه الصحيح فى الإنتاج من أجل الاقتصاد، والفكر من أجل التقدم. والفخر والاعتزاز من أجل بناء حضارة مستقبلية لمصر.
والجميع يعرف أن الأسر المصرية تعانى من نتائج تدهور التعليم الذى حل خلال العهد السابق. وأنا أثق أن كل أسرة مصرية، وبلا استثناء، تحلم اليوم بأمرين، أولهما: هو ضمان تعليم جيد لإبناءها. والثانى: هو الإسهام فى استعادة نهضة وعزة مصر.
التاريخ.. والأمل
يعلمنا التاريخ أن البلاد يمكن أن تستعيد تجارب النجاح، ومصر قادرة على ذلك. إن مصر قادرة على أن تستعيد مكانتها فى صنع الحضارة، وأن تكون مركز النهضة العلمية والفكرية والاقتصادية فى العالم العربى.
ولكن هذا لن يتم بالجدل السياسى عن الماضى والأيدولوجيات أو بالانشقاق الوطنى بين المسلمين والمسيحيين أو بالصراع بين المذاهب أو بالطموح السياسى مع إغفال مصلحة الأمة. وهنا يأتى دور هيبة الدولة واحترام القانون، والتسامح والمصالحة الوطنية، كما يأتى ضرورة عدم استغلال بعض رجال الإعلام وأهل السياسة للأوضاع الحالية فى مصر.
مصر فى حاجة إلى نقلة نوعية، من حالة شرعية الثورة إلى حالة دولة المؤسسات، لبناء الدولة الحديثة، وهذا يتطلب المشاركة البناءة والحقيقية، ويجب التذكر أن شبابنا فى أعز المحن فى الميدان كان يردد كلمة «سلمية»، وبالتالى فهم يتوقعون أن يكون شعار كل المصريين فيما بعد الثورة هو التسامح والتعايش السلمى!
إن ثورات تغيير النظم، كما يذكرنا التاريخ، كثيرا ما يعقب مراحلها الأولى بعض الاضطرابات، وفى بعض الأحيان انقلابات، وبالتالى فإننا يجب أن نبادر بالتغيير الشامل والعمل الجاد دون تردد، لأن أى تأخير ستكون له عواقب سلبية ستتحمل مصر والمنطقة بأسرها نتائجه لعقود قادمة، إن عامل الوقت هو عامل حاسم بكل تأكيد.
ولكننى عندما أُسئَل عن ثورة 25 يناير فأقول، وكما ذكرت مرارًا فى السابق، إننى «متفائل بمستقبل مصر»، أقول هذا ليس من منطلق العواطف ولكن لمعرفتى الشخصية بطموحات شباب مصر والمستمدة من لقاءاتى معهم، وأيضًا بمعرفتى التاريخية لعبقرية مصر، فقد تجلت هذه العبقرية مرارًا، كان آخرها النصر القومى فى عام 1973 بعد هزيمة 67 الفاجعة، والآن بعد نصر 2011، لابد وأن تهزم مصر الماضى وتبنى المستقبل.
وفقنا الله جميعا لخدمة مصر.. مصر الأمل
البرادعي ينتقد الحديث فقط على الماضي مطالب بالتحدث عن الفترة الانتقالية والشفافية - بوابة الشروق
الشروق السبت 4 يونيو 2011 11:39 ص بتوقيت القاهرة
محمد البرادعي
أعلن الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية ، والمرشح المحتمل للرئاسة ، أن معظم الحديث اليوم هو عن الماضي وفساده ،وأكد أن الضرورة الآن هي الحديث بالتوازي عن الفترة الانتقالية بتفاصيلها وتوقيتاتها.مشيرا لان أسبقيتنا تأتي النظر إلى الأمام.
وأشار البرادعي في تعليق له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي " توتيتر" اليوم السبت، ان هناك أخبار مستمرة عن" ثورة مضادة و مؤامرة لتقسيم مصر" وان الشعب يريد أن يعرف من المسؤول و ما هي خطة المواجهة و التصدي لهذا ،مؤكدا على أن الشفافية مطلوبة في هذا الوقت
أول طريق النهضة
استثمار العقول.. أول طريق النهضة
أسامة هيكل Sat, 04/06/2011 - 08:00 المصرى اليوم
كانت مشكلة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل أنه محبوب ومقنع لقطاع كبير من المصريين، فإذا تحدث صدقه الناس وتفاعلوا معه.. ولهذا كان النظام السابق يكرهه ويحرص على استبعاده كما كان يستبعد كل شخص تنطبق عليه تلك المواصفات.. وحينما اقترح الرجل مشروع جامعة العلوم، تجاهلها النظام السابق، فإن الشخص لم يكن يلقى القبول المطلوب من الرئيس السابق، ضحينا بمشروع كان يمكن أن نجنى الآن ثماره..
وحينما انتقد الرأى العام تراجع الحكومة عن تنفيذ المشروع، كانت الإجابات تثير السخرية، فمرة يتهمونه بأنه غير جاد، ومرة يتهمونه بأنه يطمع فى منصب وزارى، ومرة يتهمونه بأنه هو الذى تراجع عن تدبير التمويل اللازم للمشروع.. ولكن المهم أن المشروع لم ينفذ.. وظل الدكتور زويل يتردد على مصر دون يأس، واقتصر نشاطه على إلقاء محاضرات.. وكان عدد قليل من الوزراء والمسؤولين يقتنعون بالدكتور زويل وفكرته، ولكن لم يكن فى مقدورهم تغيير الواقع الأليم.
وفى مطلع العام الماضى، حضر الدكتور زويل لمصر مبعوثا علميا للرئيس الأمريكى باراك أوباما، فاستقبلته الحكومة بهذه الصفة، وكان الرجل يسعى لإقرار تعاون علمى بين مصر وعدة دول فى المنطقة مع الولايات المتحدة، وعقد 3 لقاءات مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وعدد من الوزراء، ولم يخرج بأى نتيجة، وكان حزينا لأن مصر لم تحدد رؤيتها الواضحة لهذا التعاون المطلوب، ولم يكن لها أى تصور لمستقبل مصر العلمى كما فعلت دول أخرى فى المنطقة شملتها نفس الزيارة.. وكنت أشعر بغيرته كلما تحدثنا عن هذا التقدم الذى حدث فى ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا ارتكازا على المنهج العلمى، بينما مصر لم تعتمد هذا المنهج الذى يبدأ بالاهتمام بالعلم واحتضان العلماء.
كان تعطيل النظام السابق لفكرة جامعة العلوم حرمانا للدولة المصرية من مركز للتميز ونقطة انطلاق لنهضة علمية حقيقية، فالفكرة تعتمد على اجتذاب الطلاب النابغين والمتميزين ووضعهم فى مناخ علمى حقيقى، ويتلقون العلم على أيدى علماء كبار بينهم حاصلون على جوائز نوبل، فيتخرج هؤلاء الطلاب علماء قادرين على حل مشاكل المجتمع وجذبه للأمام.. وهذا المشروع الضخم ستظهر نتيجته خلال 10 سنوات.. وهو مشروع قيمته ليست فى ثمن الأرض المقام عليها.. فهو مشروع لا يهدف للربح، وإنما يهدف لاستثمار العقول، وما يدره من أرباح سيضخ مرة أخرى لتعليم طلاب جدد وإنتاج علماء أكثر يستفيد منهم الوطن.
الفكرة ممتازة، ولكن النظام السابق كان يرفضها فقط لأن زويل هو صاحب الفكرة.. ولم تستح الحكومة حينما خصصت نفس أرض المشروع لإنشاء جامعة النيل التى أنشئت لأهداف خاصة برئيس الوزراء الأسبق، ولم تستح أن تدفع وزارة الاتصالات ثمن الأرض من ميزانيتها رغم ما فى الأمر من علامات استفهام. كان الكل يعلم الحقيقة..
وكان فى مصر رجال يدركون أهمية العلم والعلماء، ويشعرون باستياء من هذا الاستهتار بالعلم والعلماء.. ومن بين هؤلاء الدكتور عصام شرف.. ففى شهر يونيو الماضى، كان الدكتور عصام يؤسس جمعية عصر العلم التى اشتق اسمها من اسم كتاب الدكتور أحمد زويل، وكان يسعى لاجتذاب العلماء المصريين الكبار من خارج مصر كى يستفيد من أفكارهم ويحاول البحث عن تمويل لتنفيذها بشكل أهلى بعيد عن الحكومة، وكى يرعوا النوابغ الصغار فى مصر، واختار أن يكون الدكتور زويل رئيسا شرفيا لهذه الجمعية،
واختارنى لأدير ندوة له فى افتتاح الجمعية عقدت بمكتبة الإسكندرية، وطوال الطريق من القاهرة للإسكندرية لم يتوقف حديث الدكتور عصام شرف معى عما أصاب زويل ومشروعه بنبرة استياء وألم واضحتين، وكان مؤمنا أن نهضة مصر لن تقوم إلا على مثل هذه الأفكار.. ولم أكن وقتها أتوقع، ولم يكن هو نفسه يتوقع أن يحدث فى مصر ما حدث من تطورات أو أن يكون هو رئيس وزراء مصر.. ومنذ تولى هو هذا المنصب بدأت أشعر بأن هذا المشروع سوف يرى النور.. وبالفعل وافقت حكومة شرف على مشروع زويل المجمد منذ 11 عاما.. وأنتظر اللحظة التى أرى فيها خريجى هذه الجامعة وهم يساهمون فى تحقيق نهضة هذا الوطن.
أعتقد أن أحمد زويل الآن أسعد الناس وأكثرهم فرحا بأن المشروع الحلم سيتحول إلى حقيقة بعد معاناة شاهدتها بنفسى سنوات طوالا، وأرسل تهنئتى للمصريين الذين سيستفيدون من هذا المشروع.. وأقول شكرا للدكتور عصام شرف الذى كان عند حسن ظنى وظن المصريين به.. والمطلوب الآن أن نسرع فى سن قانون خاص لهذا المشروع يضمن استقلاليته واستمراريته حتى لا تواجهه العراقيل البيروقراطية، وحتى لا تأتى حكومة أخرى بعد سنوات فتهدم الفكرة لسبب أو لآخر.. المشوار طويل ويحتاج إلى تأمين.. واستثمار العقول هو استثمار بطبيعته طويل الأجل، وهو الأهم إذا كنا نطمح فعلا فى مستقبل أفضل لمصر.
osamaheikal@hotmail.com
أسامة هيكل Sat, 04/06/2011 - 08:00 المصرى اليوم
كانت مشكلة العالم الكبير الدكتور أحمد زويل أنه محبوب ومقنع لقطاع كبير من المصريين، فإذا تحدث صدقه الناس وتفاعلوا معه.. ولهذا كان النظام السابق يكرهه ويحرص على استبعاده كما كان يستبعد كل شخص تنطبق عليه تلك المواصفات.. وحينما اقترح الرجل مشروع جامعة العلوم، تجاهلها النظام السابق، فإن الشخص لم يكن يلقى القبول المطلوب من الرئيس السابق، ضحينا بمشروع كان يمكن أن نجنى الآن ثماره..
وحينما انتقد الرأى العام تراجع الحكومة عن تنفيذ المشروع، كانت الإجابات تثير السخرية، فمرة يتهمونه بأنه غير جاد، ومرة يتهمونه بأنه يطمع فى منصب وزارى، ومرة يتهمونه بأنه هو الذى تراجع عن تدبير التمويل اللازم للمشروع.. ولكن المهم أن المشروع لم ينفذ.. وظل الدكتور زويل يتردد على مصر دون يأس، واقتصر نشاطه على إلقاء محاضرات.. وكان عدد قليل من الوزراء والمسؤولين يقتنعون بالدكتور زويل وفكرته، ولكن لم يكن فى مقدورهم تغيير الواقع الأليم.
وفى مطلع العام الماضى، حضر الدكتور زويل لمصر مبعوثا علميا للرئيس الأمريكى باراك أوباما، فاستقبلته الحكومة بهذه الصفة، وكان الرجل يسعى لإقرار تعاون علمى بين مصر وعدة دول فى المنطقة مع الولايات المتحدة، وعقد 3 لقاءات مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف وعدد من الوزراء، ولم يخرج بأى نتيجة، وكان حزينا لأن مصر لم تحدد رؤيتها الواضحة لهذا التعاون المطلوب، ولم يكن لها أى تصور لمستقبل مصر العلمى كما فعلت دول أخرى فى المنطقة شملتها نفس الزيارة.. وكنت أشعر بغيرته كلما تحدثنا عن هذا التقدم الذى حدث فى ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا ارتكازا على المنهج العلمى، بينما مصر لم تعتمد هذا المنهج الذى يبدأ بالاهتمام بالعلم واحتضان العلماء.
كان تعطيل النظام السابق لفكرة جامعة العلوم حرمانا للدولة المصرية من مركز للتميز ونقطة انطلاق لنهضة علمية حقيقية، فالفكرة تعتمد على اجتذاب الطلاب النابغين والمتميزين ووضعهم فى مناخ علمى حقيقى، ويتلقون العلم على أيدى علماء كبار بينهم حاصلون على جوائز نوبل، فيتخرج هؤلاء الطلاب علماء قادرين على حل مشاكل المجتمع وجذبه للأمام.. وهذا المشروع الضخم ستظهر نتيجته خلال 10 سنوات.. وهو مشروع قيمته ليست فى ثمن الأرض المقام عليها.. فهو مشروع لا يهدف للربح، وإنما يهدف لاستثمار العقول، وما يدره من أرباح سيضخ مرة أخرى لتعليم طلاب جدد وإنتاج علماء أكثر يستفيد منهم الوطن.
الفكرة ممتازة، ولكن النظام السابق كان يرفضها فقط لأن زويل هو صاحب الفكرة.. ولم تستح الحكومة حينما خصصت نفس أرض المشروع لإنشاء جامعة النيل التى أنشئت لأهداف خاصة برئيس الوزراء الأسبق، ولم تستح أن تدفع وزارة الاتصالات ثمن الأرض من ميزانيتها رغم ما فى الأمر من علامات استفهام. كان الكل يعلم الحقيقة..
وكان فى مصر رجال يدركون أهمية العلم والعلماء، ويشعرون باستياء من هذا الاستهتار بالعلم والعلماء.. ومن بين هؤلاء الدكتور عصام شرف.. ففى شهر يونيو الماضى، كان الدكتور عصام يؤسس جمعية عصر العلم التى اشتق اسمها من اسم كتاب الدكتور أحمد زويل، وكان يسعى لاجتذاب العلماء المصريين الكبار من خارج مصر كى يستفيد من أفكارهم ويحاول البحث عن تمويل لتنفيذها بشكل أهلى بعيد عن الحكومة، وكى يرعوا النوابغ الصغار فى مصر، واختار أن يكون الدكتور زويل رئيسا شرفيا لهذه الجمعية،
واختارنى لأدير ندوة له فى افتتاح الجمعية عقدت بمكتبة الإسكندرية، وطوال الطريق من القاهرة للإسكندرية لم يتوقف حديث الدكتور عصام شرف معى عما أصاب زويل ومشروعه بنبرة استياء وألم واضحتين، وكان مؤمنا أن نهضة مصر لن تقوم إلا على مثل هذه الأفكار.. ولم أكن وقتها أتوقع، ولم يكن هو نفسه يتوقع أن يحدث فى مصر ما حدث من تطورات أو أن يكون هو رئيس وزراء مصر.. ومنذ تولى هو هذا المنصب بدأت أشعر بأن هذا المشروع سوف يرى النور.. وبالفعل وافقت حكومة شرف على مشروع زويل المجمد منذ 11 عاما.. وأنتظر اللحظة التى أرى فيها خريجى هذه الجامعة وهم يساهمون فى تحقيق نهضة هذا الوطن.
أعتقد أن أحمد زويل الآن أسعد الناس وأكثرهم فرحا بأن المشروع الحلم سيتحول إلى حقيقة بعد معاناة شاهدتها بنفسى سنوات طوالا، وأرسل تهنئتى للمصريين الذين سيستفيدون من هذا المشروع.. وأقول شكرا للدكتور عصام شرف الذى كان عند حسن ظنى وظن المصريين به.. والمطلوب الآن أن نسرع فى سن قانون خاص لهذا المشروع يضمن استقلاليته واستمراريته حتى لا تواجهه العراقيل البيروقراطية، وحتى لا تأتى حكومة أخرى بعد سنوات فتهدم الفكرة لسبب أو لآخر.. المشوار طويل ويحتاج إلى تأمين.. واستثمار العقول هو استثمار بطبيعته طويل الأجل، وهو الأهم إذا كنا نطمح فعلا فى مستقبل أفضل لمصر.
osamaheikal@hotmail.com
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مشاركة مميزة
-
Can I sign u AHMED MOHAMED EL-WAZIRY" , "sami _rn2000" , "FAIRS animal" , "DR Abd-El-Rahman" , &quo...
-
http://www.ahram.org.eg/Egypt/News/123073.aspx اللهم لاتجعل هلاك مصر على يد الجنزورى اد-عبدالعزيزنور nouraziz2000@yahoo.com (رسالة مو...
-
Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of ... Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of Fragil...