التخريب خطوة خطوة!
بقلم: عصام رفعت
بقلم: عصام رفعت
1258
هل تلاحظون ما يحدث في مصر الآن؟ انه باختصار التخريب خطوة خطوة لتدمير هذا الوطن والا كيف نفسر كل ما يحدث علي الساحة وفي إطار غياب أمني واضح شاعت فيه الفوضي وارهاب البلطجية والتناحر الطائفي والفئوي وانطلقت فيه كل المطالب والملفات والمشاعر المكبوتة في عدوي متزايدة لم يسبق لها مثيل.
إن مصر فيما تواجهه الآن ليس مجرد أزمة أو فترة انتقالية ولكنها فترة تشهد عمليات تخريب خطوة خطوة خطيرة قد تعصف بواقع هذا الوطن ومستقبله وتفقده مكانته وامكانياته في دولة ليست صغيرة ولكنها تضم58 مليونا من السكان نصفهم يعاني الفقر الشديد, فضلا عن عشرة ملايين عاطل يبحثون عن العمل. ان الصورة بجد قاسية وشديدة وبغير أمن واستقرار, ونحن هنا نتحدث عن احوال اقتصادية سوف تضع البلد في اقتصاد بلا حكومة او اقتصاد في ظروف غياب الدولة وهي حالة ــ لا قدر الله ــ تعني فقد موارد الدولة وامكانياتها وقدراتها وتردي الخدمات ومزيدا من الانهيار الاقتصادي وهروب الاموال إلي الخارج وتوقف التنمية والمشروعات والاستثمار.
ما هي ملامح الوضع الاقتصادي؟
حتي هذه اللحظة لم يجب أحد في المجموعة الاقتصادية الوزارية عن هذا السؤال وكل ما نسمعه ونقرأ عنه هو أن هناك عجزا كبيرا ومتزايدا في ميزانية الدولة وان المطالب الفئوية تزيد الميزانية ارهاقا وأن التصدير انخفض بشكل مثير وان السياحة تكاد تكون منعدمة وان البنك المركزي خسر اكثر من7 مليارات دولار من احتياطيه النقدي وأن العمل متوقف في كثير من المصانع وان الفجوة التمويلية21 مليار دولار نطلبها قرضا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
إذا كانت هي تلك المؤشرات أو ملامح الوضع الاقتصادي كما ينشر عنه فإنه في الوقت نفسه لا نعتقد أن هناك دراسة جادة تحدد بوضوح حجم هذه الخسائر وما هي خطط مواجهتها. وانشغل الجميع بحوادث فردية هنا أو هناك تتعلق بمصير كاميليا شحاتة أو ما فجرته اعبير طلعتب من مآساة في امبابة والزحف نحو السفارة الاسرائيلية والسفارة الامريكية ومليونية الذهاب الي غزة ونقص السولار وانفض الجميع عن حقيقة الوضع الاقتصادي وأهمية أن تدور عجلة العمل أو ببساطة ان يبدأ الجميع العمل من أجل إعادة بناء مصر مرة أخري وانتزاعها من حالة الشلل التي أصابت الاقتصاد.
انشغل الرأي العام بتلك التيارات والانتماءات وانشغل ايضا بملفات الفساد ومن تجري محاكمتهم, ومن هم في السجن دون أن نتطرق الي إنقاذ اقتصاد هذا البلد سواء مما جري أو مما يجري علي الارض الآن.
باختصار ما جري علي أرض اقتصاد مصر خاصة وبتركيز شديد خلال السنوات العشر الأخيرة التي جاءت في إطار ما يسمي بالعولمة وحكومة رجال الأعمال وزواج السلطة ورأس المال أن الشركات الاجنبية الكبري عقدت صفقات مربحة ومعها سعت النخبة الحاكمة إلي تكديس الثروات الضخمة التي تعود بالربح علي صناعات الكماليات في أوروبا أو غيرها كما انتعشت سوق العقارات ليستفيد منها قلة من المضاربين وأصحاب النفوذ وتحصن بعض رجال الاعمال في جلباب السلطة في وقت تتزايد فيه معدلات البطالة بين الشباب وتوجد بؤر واسعة للأمية والمرض وتنتشر العشوائيات وتنخفض القوة الشرائية والدخل لدي40% علي الاقل من السكان وينتشر الفساد بكل صوره وأشكاله وأنواعه ويزداد الاحباط وتختنق الطبقة الوسطي بين خيارين كلهما أكثر مرارة, إما التعلق بأهداب الطبقة العليا بممر للفساد أو الهبوط الي الطبقة الفقيرة والمعدمة كما يدار القطاع الخاص بإداراة فوضوية تمارس الفساد علي أعلي مستوي كفريسة للنظام وثمن للاقتراب منه ثم يعلن عن معدل نمو مرتفع تحصل عليها مؤسسات النخبة الحاكمة دون أن يتساقط النمو الي ابناء الوطن.
لم يكن هناك اهتمام بتطوير حقيقي في الاقتصاد, فقد أصبح الاقتصاد المصري يدار لصالح مجموعة مستفيدة في قطاعات المال والاتجار بالمال والمضاربة في البورصة وحققت المليارات من وراء ذلك في قطاع العقارات الفاخرة والتوزيع التجاري واحتكارات الاستيراد للسلع الغذائية وغيرها وفي مقدمتها القمح وارتفعت اسعار العقارات لتضاعف ثراء أتباع النظام وتخطت ثرواتهم المتزايدة كل الحدود, وبقي الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحقيقي محدودا للغاية في مجالات الزراعة والصناعة والابحاث والصناعات الطبية والطاقة الشمسية وتدوير النفايات وادارة المياه وغيرها, واتجه القطاع الخاص الي الاستثمار في نشاطات ذات ربح عال لا تتضمن اية مخاطر وانعدمت لديه اي اتجاهات للاستثمار في الابحاث والتنمية والتطوير.
والآن ونحن أمام مخاطر جسيمة رغم أننا مازلنا أمام اقتصاد متماسك ولكن بطبيعة الحال فإن المتاعب والازمات تظهر حدتها بعد فترة قصيرة بمعني اننا الآن قد لا نواجه ازمات حادة ولكنها تنتظرنا بعد شهور قليلة, حيث تظهر نتائج العبث الجاري الآن وعلينا أن نلحق أنفسنا وهذا يدخل في نطاق الممكن لان الطاقة الكامنة والقدرات داخل الاقتصاد المصري لا تزال قائمة ومن ثم فإنه من السهل استعادتها إلي أوضاعها الطبيعية ولكن بشروط.
عودة الي المخاطر الجسيمة التي نتعرض لها ونشير اليها باختصار وأولها أهمية سرعة تحديد البوصلة واتجاهاتها ومصير الوطن.
أما الخطر الثاني فهو معالجة ضعف النظام الاقتصادي والحيلولة دون سقوطه وأهمية تأمين امدادات المواد الغذائية والخامات وقطع الغيار وتحويل الاقتصاد الي اقتصاد انتاجي يعتمد علي الموارد المتاحة ووضع سياسة جديدة للنمو مستوحاة من تجربة مصر وتجارب الدول الاخري دون ربط ذلك بانتظار قروض مشروطة من مؤسسات دولية أو غيرها. ويكمن الخطر الثالث الذي ينبغي سرعة مواجهته وتسويته فهو التناقضات الاجتماعية التي ظهرت وتوحدت في مطالب فئوية دفعت بها الي الساحة السياسية, ومن المؤكد أهمية تلبية المطالب العادلة لاصلاح الاجور غير أن استمرارها مرتهن بسرعة انقاذ الاقتصاد وتحويله الي اقتصاد انتاجي وتنويع انشطته بعيدا عن السمسرة والوساطات المالية وتجارة التوزيع والعقارات وتحقيق العدالة الضريبية.
وأخيرا فإن مستقبل مصر مرتهن بمدي قدرتنا علي تجاوز مخاطر المرحلة الحالية ومدي الوعي بها والعمل الحقيقي لوحدة الامة لا الاكتفاء بأننا يد واحدة.. يجب أن تكون يدا واحدة تعمل.. فمن يبدأ هذا الحوار ويفتح الملف الشائك لنصل الي خارطة طريق لاصلاح ما أفسده النظام وتجنب الوطن مخاطر جسيمة لا قدر الله
ما هي ملامح الوضع الاقتصادي؟
حتي هذه اللحظة لم يجب أحد في المجموعة الاقتصادية الوزارية عن هذا السؤال وكل ما نسمعه ونقرأ عنه هو أن هناك عجزا كبيرا ومتزايدا في ميزانية الدولة وان المطالب الفئوية تزيد الميزانية ارهاقا وأن التصدير انخفض بشكل مثير وان السياحة تكاد تكون منعدمة وان البنك المركزي خسر اكثر من7 مليارات دولار من احتياطيه النقدي وأن العمل متوقف في كثير من المصانع وان الفجوة التمويلية21 مليار دولار نطلبها قرضا من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
إذا كانت هي تلك المؤشرات أو ملامح الوضع الاقتصادي كما ينشر عنه فإنه في الوقت نفسه لا نعتقد أن هناك دراسة جادة تحدد بوضوح حجم هذه الخسائر وما هي خطط مواجهتها. وانشغل الجميع بحوادث فردية هنا أو هناك تتعلق بمصير كاميليا شحاتة أو ما فجرته اعبير طلعتب من مآساة في امبابة والزحف نحو السفارة الاسرائيلية والسفارة الامريكية ومليونية الذهاب الي غزة ونقص السولار وانفض الجميع عن حقيقة الوضع الاقتصادي وأهمية أن تدور عجلة العمل أو ببساطة ان يبدأ الجميع العمل من أجل إعادة بناء مصر مرة أخري وانتزاعها من حالة الشلل التي أصابت الاقتصاد.
انشغل الرأي العام بتلك التيارات والانتماءات وانشغل ايضا بملفات الفساد ومن تجري محاكمتهم, ومن هم في السجن دون أن نتطرق الي إنقاذ اقتصاد هذا البلد سواء مما جري أو مما يجري علي الارض الآن.
باختصار ما جري علي أرض اقتصاد مصر خاصة وبتركيز شديد خلال السنوات العشر الأخيرة التي جاءت في إطار ما يسمي بالعولمة وحكومة رجال الأعمال وزواج السلطة ورأس المال أن الشركات الاجنبية الكبري عقدت صفقات مربحة ومعها سعت النخبة الحاكمة إلي تكديس الثروات الضخمة التي تعود بالربح علي صناعات الكماليات في أوروبا أو غيرها كما انتعشت سوق العقارات ليستفيد منها قلة من المضاربين وأصحاب النفوذ وتحصن بعض رجال الاعمال في جلباب السلطة في وقت تتزايد فيه معدلات البطالة بين الشباب وتوجد بؤر واسعة للأمية والمرض وتنتشر العشوائيات وتنخفض القوة الشرائية والدخل لدي40% علي الاقل من السكان وينتشر الفساد بكل صوره وأشكاله وأنواعه ويزداد الاحباط وتختنق الطبقة الوسطي بين خيارين كلهما أكثر مرارة, إما التعلق بأهداب الطبقة العليا بممر للفساد أو الهبوط الي الطبقة الفقيرة والمعدمة كما يدار القطاع الخاص بإداراة فوضوية تمارس الفساد علي أعلي مستوي كفريسة للنظام وثمن للاقتراب منه ثم يعلن عن معدل نمو مرتفع تحصل عليها مؤسسات النخبة الحاكمة دون أن يتساقط النمو الي ابناء الوطن.
لم يكن هناك اهتمام بتطوير حقيقي في الاقتصاد, فقد أصبح الاقتصاد المصري يدار لصالح مجموعة مستفيدة في قطاعات المال والاتجار بالمال والمضاربة في البورصة وحققت المليارات من وراء ذلك في قطاع العقارات الفاخرة والتوزيع التجاري واحتكارات الاستيراد للسلع الغذائية وغيرها وفي مقدمتها القمح وارتفعت اسعار العقارات لتضاعف ثراء أتباع النظام وتخطت ثرواتهم المتزايدة كل الحدود, وبقي الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحقيقي محدودا للغاية في مجالات الزراعة والصناعة والابحاث والصناعات الطبية والطاقة الشمسية وتدوير النفايات وادارة المياه وغيرها, واتجه القطاع الخاص الي الاستثمار في نشاطات ذات ربح عال لا تتضمن اية مخاطر وانعدمت لديه اي اتجاهات للاستثمار في الابحاث والتنمية والتطوير.
والآن ونحن أمام مخاطر جسيمة رغم أننا مازلنا أمام اقتصاد متماسك ولكن بطبيعة الحال فإن المتاعب والازمات تظهر حدتها بعد فترة قصيرة بمعني اننا الآن قد لا نواجه ازمات حادة ولكنها تنتظرنا بعد شهور قليلة, حيث تظهر نتائج العبث الجاري الآن وعلينا أن نلحق أنفسنا وهذا يدخل في نطاق الممكن لان الطاقة الكامنة والقدرات داخل الاقتصاد المصري لا تزال قائمة ومن ثم فإنه من السهل استعادتها إلي أوضاعها الطبيعية ولكن بشروط.
عودة الي المخاطر الجسيمة التي نتعرض لها ونشير اليها باختصار وأولها أهمية سرعة تحديد البوصلة واتجاهاتها ومصير الوطن.
أما الخطر الثاني فهو معالجة ضعف النظام الاقتصادي والحيلولة دون سقوطه وأهمية تأمين امدادات المواد الغذائية والخامات وقطع الغيار وتحويل الاقتصاد الي اقتصاد انتاجي يعتمد علي الموارد المتاحة ووضع سياسة جديدة للنمو مستوحاة من تجربة مصر وتجارب الدول الاخري دون ربط ذلك بانتظار قروض مشروطة من مؤسسات دولية أو غيرها. ويكمن الخطر الثالث الذي ينبغي سرعة مواجهته وتسويته فهو التناقضات الاجتماعية التي ظهرت وتوحدت في مطالب فئوية دفعت بها الي الساحة السياسية, ومن المؤكد أهمية تلبية المطالب العادلة لاصلاح الاجور غير أن استمرارها مرتهن بسرعة انقاذ الاقتصاد وتحويله الي اقتصاد انتاجي وتنويع انشطته بعيدا عن السمسرة والوساطات المالية وتجارة التوزيع والعقارات وتحقيق العدالة الضريبية.
وأخيرا فإن مستقبل مصر مرتهن بمدي قدرتنا علي تجاوز مخاطر المرحلة الحالية ومدي الوعي بها والعمل الحقيقي لوحدة الامة لا الاكتفاء بأننا يد واحدة.. يجب أن تكون يدا واحدة تعمل.. فمن يبدأ هذا الحوار ويفتح الملف الشائك لنصل الي خارطة طريق لاصلاح ما أفسده النظام وتجنب الوطن مخاطر جسيمة لا قدر الله