مازال الآلاف من سكان القري يعانون تفشي الأمراض الخطيرة والمزمنة لتلوث مياه الشرب بالصرف الصحي, حيث لا توجد أسباب معلنة توضح لماذا تأخر مشروع الصرف الصحي عن بعض القري وتوقف في البعض الآخر.
ورغم قيام الأهالي بتحليل مياه الشرب ببعض المعامل المعتمدة مثل جامعة أسيوط التي أثبتت أن مياه الشرب مثلا في قرية موشا بمركز أسيوط وكوم المنصورة بأبنوب غير صالحة للاستخدام الآدمي, إلا أن المسئولين مازالوا يصرون علي أنها مطابقة للمواصفات, مما يؤكد الاحتياج الشديد لمشروعات الصرف الصحي للتخلص من الكارثة, وما فاقم الأزمة إلقاء سيارات الكسح حمولاتها في الترع والمصارف التي تروي المزروعات دون أدني رقابة من المسئولين خاصة رؤساء المراكز والقري حيث لا يتم تحرير محاضر لتلك السيارات التي تعمل تحت أنظارهم.
ففي مدينة أسيوط يقول مؤمن الأمين: شهدت المدينة منذ فترة قريبة غرق جميع الشوارع بمياه الصرف لتعطل ماكينات السحب بمحطة البركة التي أنشئت منذ1957 وكانت المباني وقتها لا تتعدي طابقين, ولكن الآن مع التوسع العمراني أصبحت بالمحافظة أبراج شاهقة ولا تتحمل المحطة هذا الضغط المتزايد والمحطة الحالية متهالكة وتشكل خطورة متكررة علي المحافظة, مشيرا إلي أن المشكلة الحقيقية تتمثل في الشبكات المتهالكة التي لم تتم صيانتها أو استبدالها منذ زمن بعيد, ونتج عن تعطل المحطة غرق مدرسة التحرير, مما اضطر لنقلها إلي مدرسة أخري وقيام الشركة بقطع المياه عن المواطنين دون أي إنذار مسبق لتخزين الاحتياجات اليومية وعاشت المحافظة بلا نقطة مياه ولا رغيف عيش, وفي مركز أبنوب يقول بداري حامد عبدالحليم, المقيم بقرية كوم المنصورة متهكما: لا يختلف الوضع كثيرا عن بقية القري, إلا أن90% من الأهالي مصابون بأمراض مزمنة نتيجة لأن القرية تعوم علي بركة من الصرف الصحي حيث لا يخلو منزل من مريض إما بالفشل الكلوي أو السرطان أو أمراض أخري احتار فيها الأطباء ويضطر الأهالي الذين لا يملك معظمهم قوت يومه لصرف الغالي والنفيس علي علاج أبنائهم ولم يحرك المسئولون ساكنا لمعاناة المرضي رغم التقدم بالعديد من الشكاوي ولكن دون جدوي.
ويضيف كامل عمرو: لقد سئمنا الشكوي فلا حياة لمن تنادي فلا نطلب سوي كوب مياه وأرجو أن يضاف ذلك لمطالب ثورة25 يناير لأنه أسمي ما نريد تحقيقه الآن في قريتنا كوم المنصورة, مشيرا إلي أن ضعف التيار الكهربائي أدي إلي انقطاع مياه الشرب لفترات طويلة, فنحن نطالب بالانتهاء من مشروع محطة المعالجة الذي بدأ العمل به في ديسمبر2009 لخدمة أبنوب والفتح وحتي الآن لم يتم الانتهاء منه حيث وصلت تكلفتها إلي320 مليون جنيه وتخدم نحو نصف مليون مواطن من أهالي المركزين و44 قرية أم وتابعة وتبلغ طاقتها الإجمالية نحو68 ألف م3 لكل يوم.
وفي ساحل سليم يقول هلال عبدالحميد, أحد مؤسسي حزب المصري الديمقراطي: إن مشكلة الصرف الصحي تم بدء العمل لحلها منذ عشر سنوات وإلي الآن لم يتم الانتهاء منه, والشركة المسئولة عن التنفيذ لم تتسلم أي مستحقات مما حول الشوارع إلي مطبات وحفر, وفي أثناء زيارة اللواء السيد البرعي المحافظ وعد الأهالي بحل المشكلة مع شركة المقاولات في غضون شهرين, كما أمر بتمهيد الشوارع للبدء في الرصف والتجميل, حيث يضم المركز أربع وحدات محلية.
سناء السعيد نائب رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية الأسرة الريفية تقول: إن المشكلة في تزايد مستمر لبعد المركز عن مدينة أسيوط وأصيب التحرك الحكومي بالبطء الشديد وغابت لجان المتابعة والتقييم, مما فاقم الأزمة حتي وصل الحال بسيارات الكسح إلي إلقاء حمولاتها في الترع والمصارف, مما ينذر بكارثة صحية بدأت نتائجها في الظهور بعد انتشار الأمراض والأوبئة التي أصابت معظم المواطنين, خاصة مرضي الفشل الكلوي والسرطان.