حوادث - جريمة السويس طعنة في قلب المجتمع
جريمة السويس طعنة في قلب المجتمع
متابعة من السويس ـ عمرو غنيمة:
جاءت جريمة مقتل طالب هندسة البترول بالسويس لتفجر ثورة غضب ليس في مدينة الثوار ولكن في كل شوارع مصر بل تعدتها إلي الفضاء الألكتروني في مصر والعالم.
أهالى السويس يشيعون الضحية من مسجد الأربعين
وكادت تحدث فتنة بين التيارات الدينية والليبرالية وصلت إلي حد الاتهامات المباشرة علي الفضائيات. إلا أن سرعة القبض علي الجناة الثلاثة أخمدت الفتنة وكشفت ملابسات الجريمة والتي كان دافعها التشدد الديني من ثلاثة ملتحين ولكنهم لا ينتمون إلي أي من الجماعات الدينية المعروفة في الشارع السياسي.. الجريمة أصابت المجتمع بالصدمة خاصة مع صدور بيان مجهول منسوب إلي هيئة مجهولة تطلق علي نفسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما أثار الفزع والهلع في نفوس المواطنين عن الإرهاب القادم باسم الدين.. حتي إن رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي طلب من رجال الشرطة سرعة التحرك لمواجهة جماعات الحسبة المتشددة وتجريم أفعالهم ورفض فرض الوصاية علي المجتمع خاصة وأن الجريمة تواكبت مع بعض التصرفات الخاصة بالتعرض للمواطنين بالطريق العام خاصة للفتيات والسيدات ومطالبتهن برداء معين, ووصل الأمر إلي نوع من التهديد.
ولكن نجاح أجهزة الأمن بالسويس في سرعة ضبط الجناة بعد مرور72 ساعة من مقتل الشاب, نزع فتيل الفتنة بعد أن ترددت وأشيع عن بدء إنتشار جماعات متشددة تتعرض لحرية المواطنين وتعطي لنفسها سلطة الدولة تحت مظلة هيئة أطلقت علي نفسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي غير موجودة علي أرض الواقع واتخذت من الحادث تواجدا وهميا, حيث كشفت أجهزة الأمن في تحقيقاتها الأولية مع الجناة أن الحادث جاء نتيجة مشاجرة وتشدد ديني في الجدل بين الجناة والشاب القتيل.
وفي الوقت الذي كانت تستعد فيه السويس للزيارة المرتقبة للمدينة حسب وعد الرئيس الجديد خلال حملته الانتخابية بأن تكون السويس أولي المحافظات التي سيزورها باعتبارها مفجرة الثورة التي أطلقت سراحه من السجن إلي كرسي الرئاسة.
موعد مع الجريمة
وتعود أحداث الجريمة التي وقعت في السابعة والنصف من مساء يوم25 يونيو الماضي عندما كان يسير الطالب أحمد حسين عيد البالغ من العمر20 عاما مع خطيبته( أ. س) بالحدائق المجاورة لسينما رنيسانس بوسط المدينة بجوار الكورنيش المطل علي ساحل خليج السويس وإذا بثلاثة ملتحين يرتدون جلاليب بيضاء ويستقلون دراجة نارية تعرض أحدهم ويدعي الشيخ وليد للفتاة لنهرها بتشدد مما دفع خطيبها للشجار معه وطالبه بعدم توجيه كلام لخطيبته وأن يكون الكلام معه كرجل لرجل, وتطور الشجار الكلامي إلي أن دفع المجني عليه وليد أرضا فأسرع صديقه مجدي للشجار معه مما زاد حدة الخلاف والتشابك بالأيدي وسط صراخ خطيبته لتستنجد بالمارة فأسرع الجاني الثالث للتدخل بترك الدراجة النارية وتم استخدام أداة الجريمة وهي سلاح أبيض( كاتر), وسارع المتهم الثالث ويدعي عنتر باستخدامه وضرب به المجني عليه ضربة واحدة بفخذه فقطعت أحد الأوردة الدموية الرئيسية وغرق المجني عليه في دمائه وسط فزع الجميع من الشهود والجناة. وفر الجناة الثلاثة مستقلين الموتوسيكل للهروب فورا مستغلين مفارق المرور الكثيرة بميدان رنيسانس.
واتفقوا علي أن يتجه كل منهم إلي منزله دون التحدث إلي بعضهم بهواتفهم المحمولة ليبعدوا الشبهات عنهم, وتركوا المجني عليه غارقا في دمائه بحديقة رنيسانس.
وانشغلت خطيبة المجني عليه وشهود العيان في إنقاذ طالب الهندسة ضحية التشدد, حيث طلبوا الإسعاف وتم نقله لمستشفي التأمين الصحي لوقف نزيف الدم ومع خطورته وعدم توفر تخصص علاجه من الأطباء سارع أهل الطالب بنقله إلي مستشفي الجامعة بالإسماعيلية باعتباره يخضع لمظلة التأمين الصحي للطلبة, ولكن عملية نقل الدماء لم تسعفه ولم يمهله القدر لتعلن المستشفي عن وفاته وسط حسرة لأهل القتيل الذين تلقوا نبأ نجاحه بتفوق في الصف الثاني بكلية هندسة البترول يوم مقتله الذي فجر ثورة من الغضب تعدت حدود السويس بسبب دوافع الجريمة وانتشرت الشائعات كالنار في الهشيم.
والكل أطلق العنان لخياله في دوافع الجريمة زاد منها البيان الذي نشر علي صفحة الفيس بوك أعلنت فيها هيئة تحت مسمي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئوليتها عن الحادث وأكدت في البيان أنها تجري تحقيقات مع أعضائها بالسويس لتطور منهجها إلي القتل. وهو مسار تحقيق آخر علي هامش القضية للوصول إلي القائمين علي هذا الموقع.
وجاء نبأ مقتل طالب الهندسة لأستنفار جميع جهود أجهزة الأمن بقيادة اللواء عادل رفعت من خلال المباحث الجنائية بقيادة العميد سامي لطفي وتوسيع نطاق البحث بتوجيهات من وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بعد أن لقي الحادث اهتماما شخصيا من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية في أول اجتماع له مع قيادات الشرطة وطالب بسرعة ضبط الجناة في الحادث الذي أثار مخاوف المصريين من أن يكون هناك نهج جديد للجماعات الإسلامية المتشددة في الشارع المصري بعد أن تزامنت معه عدة حوادث منها قتل الموسيقيين في الشرقية وحرق إحدي الراقصات في الإسماعيلية إلا أن قضية مقتل طالب السويس بالطريق العام وفي إحدي الحدائق المخصصة للتنزه أثار فزع الجميع.
وقام اللواء أحمد جمال الدين مساعد وزير الداخلية للأمن العام بتسخير جميع إمكانيات مصلحة الأمن العام لهذه القضية وتم تكثيف التحقيق مع خطيبة المجني عليه التي أدلت بأوصاف المتهمين وأنهم يرتدون جلاليب بيضاء وملتحين وأدلت بأوصاف الدراجة النارية إلا أن هول الصدمة أصابها بإنهيار عصبي وعدم التركيز لكنها كشفت عن وجود سيدة في مكان الحادث نجح النقيب مؤمن عادل معاون مباحث السويس في الوصول إليها لتتوافق روايتها مع أقوال خطيبة المجني عليه وشاهدين آخرين نجحت جهود رجال المباحث في الوصول إليهما بعد أن قام العميد سامي عزازي رئيس المباحث الجنائية بتكليف خبراء المعمل الجنائي برسم صور إلكترونية من الوصف الذي أدلي به الشهود والعثور علي صورة لأحد الجناة ويدعي الشيخ وليد.
كما كشف أحد الشهود عن أنه سمع الجناة وهم ينادون فيما بينهم باسم عنتر مما أدي إلي تضييق الخناق وسرعة الوصول إلي الجناة, وفي مقدمتهم شخص يدعي الشيخ وليد28 عاما تم الوصول إليه حيث كان معروفا لدي أجهزة الأمن بكثرة إتصاله للإرشاد عن الأماكن التي بها قصور وتهديد للمارة.
واختفي من مسرح الجريمة فتم ضبطه وبمواجهته بالشهود تعرفوا عليه. وتبين من التحريات أن أحد المتهمين كان يقوم بتحفيظ القرآن الكريم والآخر كان يعمل بمسجد النبي موسي وتم استبعاده بسبب تشدده في التعامل مع المترددين علي المسجد. وعند ضبط المتهم الأول أنكر في بداية الأمر إلا أن فريق البحث أطبق عليه الخناق وأكدوا له أنه يتحمل الجريمة بمفرده إذا لم يرشد عن باقي الجناه بعد أن كشفت التحقيقات أنهم أصدقاء منذ فترة ويعمل أحدهم بميناء السويس والثاني بشركة للنظافة25 سنة والمتهم الرئيسي الذي استخدم السلاح الأبيض ويدعي عنتر25 سنة, واضطر المتهم الأول إلي الإرشاد عن زميليه, والدراجة النارية التي تطابقت مواصفاتها مع وصف الشهود.
وأكد مدير الأمن اللواء عادل رفعت أنه سيتم القبض علي أي شخص يتعرض للمارة بالطريق العام تحت مسمي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه لا توجد هيئة بهذا المسمي علي أرض الواقع.
ومع توتر الأحداث ولدواع أمنية وخوفا من بطش أهالي الطالب المجني عليه بالمتهمين الذين تم ضبطهم فجر أمس الأول قرر المستشار أحمد عبدالحليم المحامي العام لنيابات السويس إحالتهم إلي نيابة إستئناف الإسماعيلية لمباشرة التحقيق تحت إشراف المستشار مجدي الديب المحامي العام الأول.
والغريب أن التحقيقات الأولية كشفت أن أهل القتيل كانوا قد تلقوا رسالة من أحد الجناة بعد أن توصلوا إليه من خلال وسطاء قبل القبض عليه نفي في رسالته علاقته بالحادث. كما فجرت القضية جدلا ومباراة علي الفضائيات بين القنوات الدينية والليبرالية حول أبعاد وتداعيات الحادث, وعما إذا كان هناك نهج لتنصيب جماعات بعينها محل أجهزة الأمن والسلطة القضائية وفرض وصايتها علي المجتمع.
وفي أبعاد أخري للجريمة أمر اللواء محمد عبدالمنعم هاشم محافظ السويس بالتحقيق حول الاهمال الطبي كأحد جوانب القضية ومدي تقديم الخدمات الصحية للطالب القتيل قبل نقله خارج السويس لعدم وجود أطباء في مستشفي التأمين الصحي بالسويس للتعامل مع حالة المجني عليه