اليوم السابع | بالصور.. 3 ملايين زبال فى القاهرة الكبرى يطالبون الرئيس بإصدار قرار جمهورى بإنهاء عقود شركات النظافة الأجنبية.. وإلغاء الرسوم من فاتورة الكهرباء.. وعودة "الخنزير" فى مقابل حل مشكلة القمامة فى أسبوع
بالصور.. 3 ملايين زبال فى القاهرة الكبرى يطالبون الرئيس بإصدار قرار جمهورى بإنهاء عقود شركات النظافة الأجنبية.. وإلغاء الرسوم من فاتورة الكهرباء.. وعودة "الخنزير" فى مقابل حل مشكلة القمامة فى أسبوع
الإثنين، 9 يوليو 2012 - 02:43
جانب من عملية فرز الزبالة
كتبت منال العيسوى
"الزبالون" كلمة السر الحقيقية لإنهاء مشكلة القمامة فى مصر لأنها ببساطة أكل عيشهم وشغلتهم الوحيدة، ويعرفون أسرارها، تربوا فى حواريها وشوارعها وطباع أهلها، وأيضا يملكون حلول عملية فى القضاء عليها، ولديهم رؤيتهم التى تستحق أن توضع فى الحسبان خلال خطة المائة يوم التى طرحها الرئيس الدكتور محمد مرسى باعتبارهم شريكا أساسيا فيها.
"اليوم السابع" ناقش الزبالين واستطلع رؤيتهم حول خطة المائة يوم ومدى مشاركتهم فيها، واستمع إلى طلباتهم من الرئيس الجديد لمصر.
ما يزيد عن 3 ملايين زبال فى محيط القاهرة الكبرى ما بين جامع للقمامة وعامل يعيد تدويرها، مع بزوغ أول خيط لضوء الفجر تجدهم يخرجون أسرابا من منطقة مقابلة لقلعة صلاح الدين الأيوبى، ومن قلب الجبل بحى الزبالين فى المقطم، يتحركون كخلايا نحل، لينتشروا فى شوارع القاهرة وحواريها، يقودون عربات خشبية صغيرة وبها أجولة من البلاستيك، يقصدون "باب كريم"، ورزقه، لم يعنى لهم الرزق ما يجمعونه من مال مقابل حملهم للقمامة من العمائر والفيلات، بقدر ما تعنى لهم محتويات هذه القمامة، فمن كان حظه جيد امتلأت أجولته بالمخلفات الصلبة من ورق وكارتون وزجاجات مياه معدنية، وبعض علب الكانز، ومن نزلت عليه لعنة قاده حظه العثر لأن تحتوى أكياسه كثير من المواد العضوية والرخوة من بقايا الطعام.
من بداية قلعة صلاح الدين الأيوبى لمسافة تمتد 20 كيلو داخل بطن جبل المقطم حتى أسفل منطقة الدويقة ومنشية ناصر، هناك مليون و750 ألف نسمة، بينهم نصف مليون يعملون فى القمامة بحى الزبالين ما بين الجمع والتدوير وتجار القمامة، "اليوم السابع" التقى جزءا كبيرا منهم ورصد تفاصيل حياتهم داخل جمهورية الزبالين بمنطقة الزرايب ورؤيتهم لخطة المائة يوم التى طرحها الرئيس وعلى أولويتها القمامة.
وفى مدخل المقطم، تجد نقيب الزبالين قابعا فى بيته يتابع أسراب الزبالين والحمام فوق البرج الذى يميز منزله لمن يدخل الحى، وخروجهم لحوارى وشوارع القاهرة، وبعبارة "القمامة بحر واحنا السمك" اختزل شحاتة إبراهيم شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، حياة أكثر من 62 ألف جامع للقمامة و300 ألف يعملون فى تدويرها بمصانع بسيطة فى حى الزبالين بالمقطم، على أن القمامة بمثابة البحر وهم السمك لا يستطعيون العيش بدونها فهى مصدر رزقهم الوحيد، تآلفوا معها، وعرفوا أسرارها وأيضا قيمتها، ويملكون الحلول الأكثر فاعلية للقضاء على مشكلة تراكمها فى شوارع القاهرة، فالحياة عندهم تبدأ من القمامة.
وحول خطة الـ100 يوم، قال المقدس نحن باعتبارنا مواطنين ولدينا انتماؤنا لمصر والوطن شركاء رئيسيون فى هذه الخطة، وسندعم الرئيس مرسى بكل ما نملك من أسطول سيارات يتجاوز الـ1700 سيارة لنعيد للقاهرة وجهها الجميل، فالحل بسيط وله شقان، إما أن يصدر الرئيس قرارا جمهوريا بإنهاء كل عقود الشركات الأجنبية، وإن وجد صعوبة فى ذلك لأنه قال إنه سيحترم كل الاتفاقيات الدولية لم يتبق سوى أن يعقد اجتماعا مع هذه الشركات ويضغط عليها للبعد عن ظلم الزبال، ففى الوقت الذى يجمعون فيه ملايين يعطوننا "10 قروش" لكل وحدة سكنية، أو يتركونا نتعامل بأنفسنا مع المواطنين فى مقابل أن نأخذ من 2 إلى 3 جنيه شهريا، ونكيف أمورنا، نأخذ من السكان فلوسنا ونصرف على نقل المواد الرخوة، وفى هذه الحالة لا بد من إلغاء رسوم النظافة الموضوعة على فاتورة الكهرباء حتى لا يتم جمع رسوم النظافة مرتين، وهنا يكون المواطن صاحب القرار "أقدمله خدمة بمقابل وفى حال عدم شيلها مايدينيش فلوس، وطبعا لو دا حصل أنا هبقى الخسران، فهكون حريص على أنى أشيلها بشكل مستمر تحت إشراف المحافظة".
وتعهد المقدس بأن هذا لو حدث ستحل مشكلة القمامة فى أسبوع، وليس 100 يوم، قائلا: "نحن مليون زبال فى القاهرة الكبرى، ويعمل تحت أيدينا 2 مليون آخرين نجمع 8 ملايين طن من المخلفات يوميا، نلقى منه 4 ملايين مخلفات عضوية وبقايا طعام ونعيد تدوير الأربعة الباقية، ونمتلك أسطول سيارات يتجاوز الـ1700 سيارة حديثة بخلاف سيارات الكارو، قائلا: وعلى مسئوليتى وأنا على استعداد أن تصبح القاهرة نظيفة مرة أخرى خلال أسبوع".
من "فيللا" النقيب تستطيع أن تشهد حركة السيارات التى تنقل أكوام القمامة وأطفال يهرولون للعمل فى مصانع التدوير البسيطة التى لا يخلوا منها منزل أو زقاق فى حى الزبالين، أسر بأكملها القمامة مصدر حياتهم، بينهم المتعلمون والحاصلون على مؤهلات عليا ومتوسطة لكنهم متمسكون بمهنه أجداهم وآبائهم.
وقف هانى نعيم جرجس، خريج تجارة جامعة عين شمس، يروى أسرار عالم القمامة، قائلا: "المسألة تبدأ بأخذ أحد كبار الزبالين ترخيص منطقة من خلال شركة باسمه، ويقدم ورقة ويكون معروفا لدى الحى فيأخد مربعا سكنيا، ويبدأ يفرقه على الغلابة مقابل 300 جنيها شهريا، ثم يجمعون القمامة ويأتون بها لحى الزبالين، ويتم فرزها لتدخل مراحل التدوير، فمثلا إسرائيل عياد بمحافظة الجيزة بيرخص منطقة مثل 6 أكتوبر، ويجمع الزبالون القمامة يوميا، هو بيقبض 600 ويدى الزبال 300 جنيه".
وحين تجوب حى الزبالين سترصد عينك كافة مراحل التدوير ونساء ورجال وأطفال يعملون بدأب كخلية نحل، فمن داخل أحد مصانع الفرز، تجد أناسا لم يتعد عددهم أصابع اليدين يفرزون البلاستك بمفرده وكذا الكارتون والورق ثم الكانزات الصلبة والألومنيوم، وزجاجات المياه المعدنية، ولكل سعره، فيقول جرجس 27 عاما: "سعر كيلو زجاجات المياه المعدنية من 180 إلى 220 قرشا والكيلو"بيرمى" حوالى 35 إلى 40 زجاجة، وكيلو البلاستيك بـ2 جنيه والزجاج بالشيكارة بـ5 جنيه لأنه رخيص والكارتون بالطن بـ180 جنيها، والقمامة الخام لا تباع لأنه مش مفروزة ولا نعرف ماذا بها، وبعد الفرز السعر يتحدد لكل نوع على حدة".
وقفت مريم وبناتها الاثنتان تفرز سيارة نصف نقل تأخذ منها ما تحتاجه ويتم تجميع المواد العضوية التى لا يتم تدويرها، والتخلص منها فى مقلب الوفاء والأمل، وتقول مريم: "المواد العضوية كان الأول الخنزير بياكلها بس دلوقت خلاص مفيش خنازير، فبنجمعها ونوديها مقلب الوفاء والأمل لدفنها، بس مفيش تقدير للست اللى بنلم زبالتها ونرحمها من ريحتها لو قعدت يومين بتقدر، ولا حتى الحكومة بتقدر، أنا جوزى بيطلع من الفجر ويرجع على الساعة 7، ونبدأ احنا والعيال دورنا، احنا بنعمل فيهم جميل، يبقى الساكن يطل على المواطن اللى بيشيله الزبالة".
ومن مكان الفرز لبداية تدوير الكارتون يقف شرخة أبو فرح "شاب فى الـ30 من عمره" يتابع مينا وشنودة ومرقص وبطرس وهم يدخلون الكارتون داخل مكابس الكهرباء لاستخراج الكارتون مكبوس على شكل بالات مضغوطة مربعة، ويتم تحميلها على مصانع بالعاشر من رمضان يعاد تصنيعها مرة أخرى".
شنودة عامل بالإنتاج اليومى فى تدوير الكارتون يعمل باليومية، مقابل من 50 إلى 75 جنيها للطن، وينتج من 3 إلى 5 أطنان، ويعمل 12 ساعة من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، ويحصل على راحة لمدة ساعة من الواحدة ظهرا حتى الثانية".
ومن الكارتون للزجاج يقف محمد بكرى، يعمل منذ أكثر من 15 سنة يروى كيف يفصل الزجاج الأبيض عن الأخضر عن العسلى ليحضره لمرحلة التكسير والغسيل، وإعادة التصنيع، قائلا: أنا وأولادى كنا نعمل فى هذه المهنة بقالنا عمر لكن العيال زهقوا منها واشتغلوا شغلانة تانية.
مروة ومنى وأحمد وعلاء ومينا وغباشة أطفال لا تتعدى أعمارهم الخمسة عشر عاما لهم دور مهم فى عمليات الفرز تجدهم منتشرين فى كل مصانع التدوير، فكل مصنع يتخصص فى مرحلة واحدة، ويفرز بنفسه، ويبيع الباقى، منى يوميتها 50 جنيها، وعمرها 12 سنة، وتعمل منذ 5 سنوات لتفرز الورق والكارتون، وكذلك محمد وعلاء، جميعهم يُعتمد عليهم بشكل أساسى.
وفى مرحلة تدوير الزجاجات البلاستيك وقصها وتجهيزها للتدوير، وتمر بمرحتين التكسير والغسيل وتجهز لتصدر إلى الصين ويعاد استيرادها كمواد خام لإعادة تصنيعها، وتسمى "البى دى تى"، يقول هانى جرجس إنه لا يوجد لدينا خطوط إنتاج لها حتى المستورد الصينى لا يصدرها، لأنهم محتفظين بخط تصنيع البى دى تى وتحويلها لخيوط، وخط السحب نفسه غير موجود فى مصر وهناك من حاولوا استيراد هذه الماكينات لكنهم فشلوا.
عن حل مشكلة القمامة فى مصر، قال نقيب الزبالين شحاتة المقدس: "أنا رئيس جمهورية شرفى للزبالين وكل واحد منهم له تخصصه، فى القاهرة فيها خمس مناطق للزبالين لكن حى الزبالين هنا بالمقطم يعتبر عاصمة الزبالين، 62 ألف مواطن يعملون فى نقل وجمع القمامة يعمل بمصانع التدوير 100 ألف تاجر، و200 ألف مواطن يعملون فى إعادة تدوير المواد الصلبة التى توفر على الدولة ملايين الدولارات فى استيراد المواد الصلبة الخام من الخارج، ودى شغلتنا أبا عن جد ورجوع الخنزير مرة أخرى سيساهم فى حل المشكلة لأن الخنزير كان بياكل يوميا 4 آلاف طن قمامة، إحنا بنرفع من القاهرة يوميا 8 آلاف طن قمامة، منها 4 آلاف مواد عضوية ورخوة، ولو حسبناها نسبة وتناسب فيه فى مصر حوالى 15 مليون مسيحى، بالإضافة إلى 25 مليون سائح أجنبى يأتون إلى مصر، ما يعنى أن هناك حوالى 40 مليون شخص يعتمدون اعتمادا كليا على لحوم الخنزير، ودلوقت بطلناها، فبقوا يركزوا على اللحوم البلدية بدل لحم الخنزير اللى كان ثروة حيوانية، لأنه كان بيوفر للدولة كتير وأتوقع أنه على نهاية 2012 كيلو اللحمة هيوصل 200 جنيه".
وتفق مهع الجميع قائلين: "إحنا مصريين أجددنا بنوا الهرم والسد العالى عيب علينا نجيب ناس من بره تنضف مصر، تيجى باليونوفورم والعربيات وبتمر على الشوارع من بره وتسيب الحوارى والأزقة مرتعا للقمامة".
"اليوم السابع" ناقش الزبالين واستطلع رؤيتهم حول خطة المائة يوم ومدى مشاركتهم فيها، واستمع إلى طلباتهم من الرئيس الجديد لمصر.
ما يزيد عن 3 ملايين زبال فى محيط القاهرة الكبرى ما بين جامع للقمامة وعامل يعيد تدويرها، مع بزوغ أول خيط لضوء الفجر تجدهم يخرجون أسرابا من منطقة مقابلة لقلعة صلاح الدين الأيوبى، ومن قلب الجبل بحى الزبالين فى المقطم، يتحركون كخلايا نحل، لينتشروا فى شوارع القاهرة وحواريها، يقودون عربات خشبية صغيرة وبها أجولة من البلاستيك، يقصدون "باب كريم"، ورزقه، لم يعنى لهم الرزق ما يجمعونه من مال مقابل حملهم للقمامة من العمائر والفيلات، بقدر ما تعنى لهم محتويات هذه القمامة، فمن كان حظه جيد امتلأت أجولته بالمخلفات الصلبة من ورق وكارتون وزجاجات مياه معدنية، وبعض علب الكانز، ومن نزلت عليه لعنة قاده حظه العثر لأن تحتوى أكياسه كثير من المواد العضوية والرخوة من بقايا الطعام.
من بداية قلعة صلاح الدين الأيوبى لمسافة تمتد 20 كيلو داخل بطن جبل المقطم حتى أسفل منطقة الدويقة ومنشية ناصر، هناك مليون و750 ألف نسمة، بينهم نصف مليون يعملون فى القمامة بحى الزبالين ما بين الجمع والتدوير وتجار القمامة، "اليوم السابع" التقى جزءا كبيرا منهم ورصد تفاصيل حياتهم داخل جمهورية الزبالين بمنطقة الزرايب ورؤيتهم لخطة المائة يوم التى طرحها الرئيس وعلى أولويتها القمامة.
وفى مدخل المقطم، تجد نقيب الزبالين قابعا فى بيته يتابع أسراب الزبالين والحمام فوق البرج الذى يميز منزله لمن يدخل الحى، وخروجهم لحوارى وشوارع القاهرة، وبعبارة "القمامة بحر واحنا السمك" اختزل شحاتة إبراهيم شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، حياة أكثر من 62 ألف جامع للقمامة و300 ألف يعملون فى تدويرها بمصانع بسيطة فى حى الزبالين بالمقطم، على أن القمامة بمثابة البحر وهم السمك لا يستطعيون العيش بدونها فهى مصدر رزقهم الوحيد، تآلفوا معها، وعرفوا أسرارها وأيضا قيمتها، ويملكون الحلول الأكثر فاعلية للقضاء على مشكلة تراكمها فى شوارع القاهرة، فالحياة عندهم تبدأ من القمامة.
وحول خطة الـ100 يوم، قال المقدس نحن باعتبارنا مواطنين ولدينا انتماؤنا لمصر والوطن شركاء رئيسيون فى هذه الخطة، وسندعم الرئيس مرسى بكل ما نملك من أسطول سيارات يتجاوز الـ1700 سيارة لنعيد للقاهرة وجهها الجميل، فالحل بسيط وله شقان، إما أن يصدر الرئيس قرارا جمهوريا بإنهاء كل عقود الشركات الأجنبية، وإن وجد صعوبة فى ذلك لأنه قال إنه سيحترم كل الاتفاقيات الدولية لم يتبق سوى أن يعقد اجتماعا مع هذه الشركات ويضغط عليها للبعد عن ظلم الزبال، ففى الوقت الذى يجمعون فيه ملايين يعطوننا "10 قروش" لكل وحدة سكنية، أو يتركونا نتعامل بأنفسنا مع المواطنين فى مقابل أن نأخذ من 2 إلى 3 جنيه شهريا، ونكيف أمورنا، نأخذ من السكان فلوسنا ونصرف على نقل المواد الرخوة، وفى هذه الحالة لا بد من إلغاء رسوم النظافة الموضوعة على فاتورة الكهرباء حتى لا يتم جمع رسوم النظافة مرتين، وهنا يكون المواطن صاحب القرار "أقدمله خدمة بمقابل وفى حال عدم شيلها مايدينيش فلوس، وطبعا لو دا حصل أنا هبقى الخسران، فهكون حريص على أنى أشيلها بشكل مستمر تحت إشراف المحافظة".
وتعهد المقدس بأن هذا لو حدث ستحل مشكلة القمامة فى أسبوع، وليس 100 يوم، قائلا: "نحن مليون زبال فى القاهرة الكبرى، ويعمل تحت أيدينا 2 مليون آخرين نجمع 8 ملايين طن من المخلفات يوميا، نلقى منه 4 ملايين مخلفات عضوية وبقايا طعام ونعيد تدوير الأربعة الباقية، ونمتلك أسطول سيارات يتجاوز الـ1700 سيارة حديثة بخلاف سيارات الكارو، قائلا: وعلى مسئوليتى وأنا على استعداد أن تصبح القاهرة نظيفة مرة أخرى خلال أسبوع".
من "فيللا" النقيب تستطيع أن تشهد حركة السيارات التى تنقل أكوام القمامة وأطفال يهرولون للعمل فى مصانع التدوير البسيطة التى لا يخلوا منها منزل أو زقاق فى حى الزبالين، أسر بأكملها القمامة مصدر حياتهم، بينهم المتعلمون والحاصلون على مؤهلات عليا ومتوسطة لكنهم متمسكون بمهنه أجداهم وآبائهم.
وقف هانى نعيم جرجس، خريج تجارة جامعة عين شمس، يروى أسرار عالم القمامة، قائلا: "المسألة تبدأ بأخذ أحد كبار الزبالين ترخيص منطقة من خلال شركة باسمه، ويقدم ورقة ويكون معروفا لدى الحى فيأخد مربعا سكنيا، ويبدأ يفرقه على الغلابة مقابل 300 جنيها شهريا، ثم يجمعون القمامة ويأتون بها لحى الزبالين، ويتم فرزها لتدخل مراحل التدوير، فمثلا إسرائيل عياد بمحافظة الجيزة بيرخص منطقة مثل 6 أكتوبر، ويجمع الزبالون القمامة يوميا، هو بيقبض 600 ويدى الزبال 300 جنيه".
وحين تجوب حى الزبالين سترصد عينك كافة مراحل التدوير ونساء ورجال وأطفال يعملون بدأب كخلية نحل، فمن داخل أحد مصانع الفرز، تجد أناسا لم يتعد عددهم أصابع اليدين يفرزون البلاستك بمفرده وكذا الكارتون والورق ثم الكانزات الصلبة والألومنيوم، وزجاجات المياه المعدنية، ولكل سعره، فيقول جرجس 27 عاما: "سعر كيلو زجاجات المياه المعدنية من 180 إلى 220 قرشا والكيلو"بيرمى" حوالى 35 إلى 40 زجاجة، وكيلو البلاستيك بـ2 جنيه والزجاج بالشيكارة بـ5 جنيه لأنه رخيص والكارتون بالطن بـ180 جنيها، والقمامة الخام لا تباع لأنه مش مفروزة ولا نعرف ماذا بها، وبعد الفرز السعر يتحدد لكل نوع على حدة".
وقفت مريم وبناتها الاثنتان تفرز سيارة نصف نقل تأخذ منها ما تحتاجه ويتم تجميع المواد العضوية التى لا يتم تدويرها، والتخلص منها فى مقلب الوفاء والأمل، وتقول مريم: "المواد العضوية كان الأول الخنزير بياكلها بس دلوقت خلاص مفيش خنازير، فبنجمعها ونوديها مقلب الوفاء والأمل لدفنها، بس مفيش تقدير للست اللى بنلم زبالتها ونرحمها من ريحتها لو قعدت يومين بتقدر، ولا حتى الحكومة بتقدر، أنا جوزى بيطلع من الفجر ويرجع على الساعة 7، ونبدأ احنا والعيال دورنا، احنا بنعمل فيهم جميل، يبقى الساكن يطل على المواطن اللى بيشيله الزبالة".
ومن مكان الفرز لبداية تدوير الكارتون يقف شرخة أبو فرح "شاب فى الـ30 من عمره" يتابع مينا وشنودة ومرقص وبطرس وهم يدخلون الكارتون داخل مكابس الكهرباء لاستخراج الكارتون مكبوس على شكل بالات مضغوطة مربعة، ويتم تحميلها على مصانع بالعاشر من رمضان يعاد تصنيعها مرة أخرى".
شنودة عامل بالإنتاج اليومى فى تدوير الكارتون يعمل باليومية، مقابل من 50 إلى 75 جنيها للطن، وينتج من 3 إلى 5 أطنان، ويعمل 12 ساعة من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، ويحصل على راحة لمدة ساعة من الواحدة ظهرا حتى الثانية".
ومن الكارتون للزجاج يقف محمد بكرى، يعمل منذ أكثر من 15 سنة يروى كيف يفصل الزجاج الأبيض عن الأخضر عن العسلى ليحضره لمرحلة التكسير والغسيل، وإعادة التصنيع، قائلا: أنا وأولادى كنا نعمل فى هذه المهنة بقالنا عمر لكن العيال زهقوا منها واشتغلوا شغلانة تانية.
مروة ومنى وأحمد وعلاء ومينا وغباشة أطفال لا تتعدى أعمارهم الخمسة عشر عاما لهم دور مهم فى عمليات الفرز تجدهم منتشرين فى كل مصانع التدوير، فكل مصنع يتخصص فى مرحلة واحدة، ويفرز بنفسه، ويبيع الباقى، منى يوميتها 50 جنيها، وعمرها 12 سنة، وتعمل منذ 5 سنوات لتفرز الورق والكارتون، وكذلك محمد وعلاء، جميعهم يُعتمد عليهم بشكل أساسى.
وفى مرحلة تدوير الزجاجات البلاستيك وقصها وتجهيزها للتدوير، وتمر بمرحتين التكسير والغسيل وتجهز لتصدر إلى الصين ويعاد استيرادها كمواد خام لإعادة تصنيعها، وتسمى "البى دى تى"، يقول هانى جرجس إنه لا يوجد لدينا خطوط إنتاج لها حتى المستورد الصينى لا يصدرها، لأنهم محتفظين بخط تصنيع البى دى تى وتحويلها لخيوط، وخط السحب نفسه غير موجود فى مصر وهناك من حاولوا استيراد هذه الماكينات لكنهم فشلوا.
عن حل مشكلة القمامة فى مصر، قال نقيب الزبالين شحاتة المقدس: "أنا رئيس جمهورية شرفى للزبالين وكل واحد منهم له تخصصه، فى القاهرة فيها خمس مناطق للزبالين لكن حى الزبالين هنا بالمقطم يعتبر عاصمة الزبالين، 62 ألف مواطن يعملون فى نقل وجمع القمامة يعمل بمصانع التدوير 100 ألف تاجر، و200 ألف مواطن يعملون فى إعادة تدوير المواد الصلبة التى توفر على الدولة ملايين الدولارات فى استيراد المواد الصلبة الخام من الخارج، ودى شغلتنا أبا عن جد ورجوع الخنزير مرة أخرى سيساهم فى حل المشكلة لأن الخنزير كان بياكل يوميا 4 آلاف طن قمامة، إحنا بنرفع من القاهرة يوميا 8 آلاف طن قمامة، منها 4 آلاف مواد عضوية ورخوة، ولو حسبناها نسبة وتناسب فيه فى مصر حوالى 15 مليون مسيحى، بالإضافة إلى 25 مليون سائح أجنبى يأتون إلى مصر، ما يعنى أن هناك حوالى 40 مليون شخص يعتمدون اعتمادا كليا على لحوم الخنزير، ودلوقت بطلناها، فبقوا يركزوا على اللحوم البلدية بدل لحم الخنزير اللى كان ثروة حيوانية، لأنه كان بيوفر للدولة كتير وأتوقع أنه على نهاية 2012 كيلو اللحمة هيوصل 200 جنيه".
وتفق مهع الجميع قائلين: "إحنا مصريين أجددنا بنوا الهرم والسد العالى عيب علينا نجيب ناس من بره تنضف مصر، تيجى باليونوفورم والعربيات وبتمر على الشوارع من بره وتسيب الحوارى والأزقة مرتعا للقمامة".