الخميس، يونيو 6

منابع النيل‏..‏ والثقافة لا ينفصلان

منابع النيل‏..‏ والثقافة لا ينفصلان



منابع النيل‏..‏ والثقافة لا ينفصلان
النقطة الأولي التي أود الحديث فيها هي أنه لا جديد في أن الدولة العبرية أدارت الصراع مع مصر بطريقة شاملة‏,‏ لم يظهر فيها أي تراخ‏, حتي بعد معاهدة كامب ديفيد, وبعد التغيرات الجذرية في الواقع السياسي والاقتصادي المصري بالاتجاه غربا ورأسماليا, وبعد ظهور قطاعات من الرأي العام المصري, خاصة لدي النخب السياسية والفكرية تؤيد التطبيع.
ولم تتردد الدولة العبرية في أن تتحرك في الدوائر نفسها, التي اعتبرتها مصر منذ فلسفة الثورة مطلع الخمسينيات مجالا لحركتها وتحقيق دورها, وها نحن نري الدور والنفوذ الصهيوني في الدائرة العربية, قطر مثالا, وفي الدائرة الإفريقية منابع النيل مثالا, وفي الدائرة الإسلامية ودائرة عدم الانحياز والتحرر الوطني الهند والصين وتركيا وغيرها أمثلة! والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تستطيع مصر برئاسة مرسي, وهيمنة جماعة الإخوان المسلمين أن تعالج الأمر ابتداء بمواجهة التفتت الديني والمذهبي والطائفي والسياسي والاجتماعي داخل الوطن, وهو تفتت طالما راهن العدو الصهيوني علي إحداثه, ولخصه أحد كبار قادتهم قبل رحيل حسني مبارك, عندما قال ذلك الصهيوني: لقد كانت مصر ملعبا مفتوحا بالنسبة لنا, وخاصة علي الصعيد الطائفي وفعلنا ما نشاء, ولن يستطيع أي رئيس مصري قادم بعد مبارك أن يعيد مصر إلي ما كانت عليه, وكان ذلك التصريح مقترنا بتصريح الوزير بن إليعازر, الذي قال هو الآخر: إن الرئيس مبارك كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل! ثم كيف تستطيع مصر الآن أن تواجه ما فعلته الدولة العبرية في الدوائر الخارجية التي أشرت إليها؟!
إن إدارة الرئيس مرسي ومعها السلطة العليا التي توجهها ـ أي مكتب الإرشاد ـ لم يفصحا عن أي تصور استراتيجي لإدارة الصراع مع الدولة العبرية, خاصة أن تلك الأخيرة لا تتردد في أن تؤكد علنا أو ضمنا بالقول وبالفعل أن لديها حزمة واحدة شاملة هي حل المسألة الفلسطينية وفق الشروط الصهيونية, ثم مسألة المياه في المنطقة, بما في ذلك خروج مياه النيل خارج دول الحوض, ثم مسألة الشرق الأوسط الجديد الذي ينهي حكاية المنظومة العربية وكل ما له علاقة بنظام عربي ذي سمات قومية أو تحررية أو حتي إسلامية.
لقد شغلونا بمثل ما انشغلت به بيزنطة في العصور الوسطي, وحتي الآن مازال الصراع في مصر يدور من حول الشريعة ومبادئها وأدلتها, وما هو كلي وما هو فرعي, ويدور من حول التمكين والأخونة إلي آخر هذا العبث الذي أنهك الوطن, مثلما أنهكت بيزنطة بالجدل حول طبيعة السيد المسيح, وأظن أنه قد آن الأوان لكي يفصح الرئيس وإدارته ومكتب الإرشاد عن استراتيجية الحكم, ليس فقط بالنسبة لإدارة الصراع مع الدولة العبرية, ولكن بالنسبة للدور المصري في المنطقة وفي العالم, ولن ينتقص من قدرهم شيئا إذا أعلنوا أنهم يتخذون من رصيد مصر الناصرية مرتكزا أو أنهم ليس لديهم أي تصور, وأن الأصل عندهم كما قال كبيرهم مهدي عاكف هو أن مصر لا تهمهم أي بالبلدي مثلما صكها هو طظ في مصر!
النقطة الثانية التي أود التطرق إليها هي ما اصطلح علي تسميته بالقوة الناعمة لمصر, أي إنجازاتها الثقافية, بالمعني الشامل للثقافة, وكذلك قدراتها العلمية, وهي قوة تتعرض الآن لمزيد من الصدوع والفوالق, التي لم تبدأ في هذه المرحلة وإنما ارتبطت بالنصف الثاني من عقد السبعينيات حيث ساد منطق انفتاح السداح مداح, وتحولت كل قيمة عليا محترمة إلي سلعة تجارية, وليتها كانت تجارة لائقة ولكنها كانت بأسلوب الشنطة والشروة.. وفي جيبك كم.. تساوي إيه؟!.
الآن وبعيدا عن تعليق الأمور علي شماعة مؤامرة التمكين الإخواني, فإن الأسلوب الذي يعتمده بعض وزراء الحكم الإخواني في نسف ما هو قائم, خاصة في مجال الثقافة والإعلام حتي يتم بناء الجديد علي نظافة, هو أسلوب انتحاري أقرب إلي ذلك الذي يلف نفسه بحزام ناسف ويفجر الهدف ولا بأس من تفجير جسده.. مع فارق أساسي أن الوزراء الانتحاريين لا يدركون أن صروح الثقافة المصرية هي أشجار ضاربة بجذورها في عمق الوجدان الوطني, وأنه يمكن نسف أعضائها وأجزاء من جذوعها, ولكن لا يمكن نسف الجذور الممتدة في الجغرافيا والتاريخ إلي أعماق سحيقة. كان من المتصور منطقيا أن يأتي الوزير الجديد ويعلن عن خططه, وعن سبل تحقيقها ومداها الزمني, ثم يجلس إلي معاونيه الموجودين في كل الهيئات, ويعرف مدي استعداد كل منهم للعمل وفق هذه الخطط, ومن يرفض أو يراوغ أو ينافق فالوسائل لإقصائه معروفة! إننا إذا نظرنا إلي السعي المحموم للاتجاه السلفي, لكي يتم استئصال أهم منبع للثقافة الشعبية وللإبداع المصري, وهو الموالد والاحتفالات الدينية والإسلامية وأيضا المسيحية, ثم سعيهم كذلك إلي محو البصمة الإبداعية المصرية في تلاوة القرآن الكريم, وفي الإنشاد الديني, واتجاههم إلي إنهاء وجود ما يرون أنه فسق وخروج علي الدين, مثل الباليه والرقص الشعبي, وربما أيضا المسرح والمسلسلات والسينما إذا لم نتقيد بما يفرضونه, وربطنا ذلك بما يقوم به وزراء حكومة الإخوان لأدركنا حجم وعمق الخطر, الذي يتهدد القوة الناعمة المصرية, ناهيك عن الحال المتردية التي تمسك بخناق المؤسسات العلمية المصرية, مثل مراكز البحوث والجامعات, والتي وصل الأمر في بعضها إلي رفض تنفيذ أحكام قضائية نهائية جامعة النيل ومؤسسة زويل, واستخدام البلطجية والعنف المسلح تجاه الآخر الذي يحوز الحكم القضائي.. أرأيتم هول ما نحن فيه؟!
النقطة الثالثة والأخيرة, هي حتمية الربط بين ما تفعله الدولة العبرية, كما وضحت في النقطة الأولي, وبين حال قوتنا الناعمة ليصبح السؤال الأكثر خطورة هو: هل يمكن لمجتمع يتم تفتيته وتفكيكه ونسف جوانب قوته الحضارية والثقافية أن يدخل في صراعات طويلة المدي, وأن يحمي مقدرات وجوده وعلي رأسها مياه النيل؟ وهل سيتحمل الإخوان وحلفاؤهم المسئولية التاريخية وحدهم أم أننا جميعا شركاء في هذه المسئولية؟
نعم.. نحن جميعا شركاء لسببين, الأول: هو أننا نري حجم الخطر ومعه حجم الخطأ في إدارة الحكم, ولم نسع للتغيير وفق الأصول التي سعينا لإقرارها بعد ثورة يناير, والثاني: لأننا لا نبادر بإنشاء مؤسسات شعبية تسعي لإنقاذ قوتنا الناعمة وبالمبادرة لإيجاد أنشطة فنية مسرحية وسينمائية وفلكلورية ترعاها جمعيات أهلية ونشق طريقا جديدا, وعندها لن يجد الوزراء الانتحاريون إياهم إلا تقشير البصل وتقطيف الملوخية عملا ينشغلون به

انقلاب القيم بعد الثورة‏!‏

انقلاب القيم بعد الثورة‏!‏



انقلاب القيم بعد الثورة‏!‏
أقتبس عنوان هذا المقال من البحث الذي ألقيته في الملتقي الفكري الأول  الذي عقدته المجلة المصرية للتنمية والتخطيط التي يصدرها معهد التخطيط القومي, وذلك يومي29-30 أبريل.2013 كان عنوان الملتقي الذي أشرف علي إعداده الدكتور خضر أبو قوره أستاذ علم الاجتماع هو مأزق التنمية في الواقع المجتمعي المعاصر: أنساق القيم نموذجا.
واخترت عنوانا فرعيا لموضوع انقلاب القيم بعد الثورة يلخص في عبارة مفردة الأطروحة الرئيسية في البحث, وهي من الانصياع الكامل إلي التمرد المطلق.
وقد صغت هذه العبارة بعد تأمل عميق للأحوال السياسية والاجتماعية والثقافية قبل الثورة وبعدها.
أما ما قبل الثورة فقد رصدت فيه حالة الانصياع الكامل من قبل النخبة والجماهير للحكم السلطوي الغاشم للرئيس السابق, أو بعبارة أخري الاستسلام للسياسات المنحرفة التي انتهجها النظام, ولم يبدأ التمرد النسبي عليه إلا في السنوات العشر الأخيرة من حكمه الثلاثيني, حين ظهرت حركة كفاية وغيرها من الحركات الاحتجاجية.
وقد آثرت في بحثي الذي ألقيته في معهد التخطيط القومي وبعد تأمل طويل في ظاهرة انقلاب القيم التي تجلت في المظاهرات المليونية والاحتجاجات الفئوية, أن أعالج الموضوع أولا من خلال الإشارة الموجزة لصعود وسقوط النماذج المعرفية العالمية, وبزوغ ما أطلقت عليه الثورة الكونية بأبعادها الأربعة,
وهي الثورة السياسية, ونعني الانتقال من الشمولية والسلطوية إلي الديمقراطية والليبرالية, مع رصد ظاهرة سقوط فكرة الزعامة السياسية وتشكيل أحزاب سياسية جديدة مثل حزب الخضر في ألمانيا في الستينيات, لا تؤمن بالقيادات السياسية التي تتربع علي عرش قيادات الأحزاب إلي الأبد, وإنما علي العكس- تؤمن بالقيادة الجماعية التي تتغير كل عامين علي الأكثر, وهذا ما طبقته بالفعل حركة كفاية قبل الثورة حيث نصت لائحتها علي أن يتغير المنسق العام لها كل عامين.وهذا هو تفسير لماذا كانت ثورة25 يناير بلا قيادة وذلك لأنه تم الحشد الالكتروني لها إن صح التعبير- علي شبكة الإنترنت التي ينص قانونها الأخلاقي غير المكتوب علي أنه لا رئيس ولا مرءوس في الشبكة, وإنما يتم التفاعل بين أفراد متساوين.
والبعد الثاني من أبعاد الثورة الكونية هو الثورة القيمية, التي تعني الانتقال من القيم المادية إلي القيم ما بعد المادية. أي التحول من التركيز علي إشباع الحاجات الأساسية للإنسان إلي إشباع الحاجات المعنوية, كالدفاع عن الكرامة الإنسانية والاهتمام بإشباع الحاجات الروحية, وهذا يفسر النزوع إلي التدين في مجتمعات شتي تنتمي إلي ثقافات متعددة, وفي رحاب الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام.وهذا يفسر أحد أسباب ثورة25 يناير والتي كان من بين الوقود الثوري الذي أشعلها موقع كلنا خالد سعيد علي شبكة الإنترنت, والذي أداره سرا وائل غنيم أحد قيادات ثورة25 يناير للاحتجاج علي التعذيب الذي لقيه خالد سعيد علي يد الشرطة في الإسكندرية ووفاته نتيجة لذلك, وتحوله إلي أيقونة من أيقونات الثورة المصرية تماما مثل بوعزيزي الشاب الجامعي التونسي الذي أحرق نفسه بعدما أحس أن الشرطة قد جرحته في كرامته.
والثورة الثالثة هي الثورة المعرفية والتي تعني الانتقال من عصر الحداثة التي قامت علي أساس بروز الفرد بحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعقلانية, والاعتماد علي العلم والتكنولوجيا, وتبني نظرة خطيةLinear للتاريخ الإنساني تذهب إلي أنه سيتقدم من مرحلة إلي أخري.
وتم الانتقال إلي عصر ما بعد الحداثة الذي تعبر عنه تماما ظاهرة العولمة بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية, والتي تسعي إلي تذويب الحدود بين الدول وإطلاق سراح الاقتصاد والذي يعبر عنها التعريف الإجرائي الذي صغته لها وهي أن العولمة هي سرعة تدفق المعلومات والأفكار ورؤوس الأموال والسلع والبشر من بلد إلي بلد بدون قيود ولا حدود.
والثورة الرابعة هي الثورة الاتصالية, وأبرز تجلياتها البث التليفزيوني الفضائي وظهور شبكة الإنترنت باعتبارها فضاء عاما جديدا يتاح فيها لمواطني العالم إن صح التعبير- أن يتفاعلوا مباشرة بغير حدود ولا قيود.
وهي تعبر عن حركة الانتقال العظمي من المجتمع الواقعي إلي العالم الافتراضيCyberSpace. والأهمية القصوي لهذه الثورة الاتصالية أنها لعبت الدور الحاسم في ثورات الربيع العربي وقد تم الحشد الالكتروني لثورة25 يناير علي شبكة الإنترنت, حيث حدد موعد النزول إلي ميدان التحرير باليوم والساعة, وتم تبادل الرسائل الالكترونية من النشطاء السياسيين الذي أشرفوا علي التخطيط وقاموا بالتنفيذ باستخدام أسماء مستعارة.قامت الثورة أولا في تونس ولحقتها بعد أسابيع قليلة الثورة في مصر. وقد أدي اندلاع الثورة التونسية في تونس إلي سقوط النظام الاستبدادي وهروب الرئيس بن علي إلي الخارج خوفا من المصير الحتمي الذي كان سيلاقيه, وهو نفس ما حدث في مصر بعد سقوط النظام وإعلان الرئيس السابق مبارك تنحيه وتوجهه اختياريا إلي شرم الشيخ باعتبارها منفي اختياريا له, قبل أن يقدم إلي المحاكمة الجنائية الشهيرة.
ويبقي السؤال الرئيسي الذي طرحناه في محاضرة معهد التخطيط القومي.
ما هي طبيعة الانقلاب الذي حدث في القيم بعد الثورة, وكيف انتقلت النخب والجماهير من الانصياع الكامل إلي التمرد المطلق!
يمكن القول للإجابة عن هذا السؤال الاستراتيجي إن وقوع النظام الاستبدادي في مصر في أيام قليلة أعطي الجماهير ثقة مطلقة في قدراتها الكامنة علي التغيير الراديكالي للنظام السياسي, والدليل علي ذلك النجاحات المتوالية لها في تحقيق أهدافها بعدما ارتفع في ميدان التحرير الشعار الشهير الذي أصبح من بعد أيقونة الثورة من بعد, وهو الشعب يريد إسقاط النظام إلي أن سقط النظام بالفعل أمام أعين الجماهير مباشرة وفي العالم الواقعي.
سقط النظام ودخلنا في نفق المرحلة الانتقالية, حيث تشرذمت القوي الثورية إلي أن وصلنا إلي الانقسام السياسي الراهن بين الجبهة الدينية ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين التي استطاعت أن تقفز علي قطار الثورة المندفع وتهيمن علي السلطة كاملة بمفردها, والجبهة الثورية والليبرالية التي تعارض سياسات أخونة الدولة وأسلمة المجتمع. وفي غمار المصادمات الدامية بين الجماهير والأمن من ناحية, وبين أنصار الجبهات المتصارعة سقط شعار السلمية, وأصبح العنف هو سيد الموقف, واختلطت الثورة بالفوضي, وغلبت الانتهازية السياسية علي سلوك النخب السياسية من كل الفصائل, وأصبح المواطنون العاديون يميلون إلي البلطجية في صورتها السياسية ويمارسونها بصور شتي تحت لافتات الثورة المغدورة.

رحلة البحث عن القيم الضائعة‏!‏

رحلة البحث عن القيم الضائعة‏!‏

رحلة البحث عن القيم الضائعة‏!‏
غامرت في مقالاتي الأربعة الأخيرة بالإبحار في محيط القيم الزاخر بالعواصف النظرية والمشكلات العملية‏.‏ وقد حاولت في أحد هذه المقالات القيم بين الدولة والنظام والمجتمع أن أصوغ إطارا نظريا ينطوي علي التمييز بين ثلاثة مستويات‏.‏
المستوي الأول هو الدولة من ناحية القيم التي تصدر عنها. ومن المعروف أنه تاريخيا كانت هناك دول استعمارية لم تجد حرجا في استعمار دول أخري من العالم الثالث, بل اخترعت نظرية خاصة للتبرير الأخلاقي لهذا الاستعمار هي نظرية عبء الرجل الأبيض, أي المسئولية التاريخية الملقاة علي عاتق المستعمر الأبيض( الغربي) لكي يقوم بتمدين الشعوب البدائية, وذلك هروبا من الاعتراف بأن استعمار الشعوب مضاد للقيم المعلنة التي ترفعها هذه الدول ذاتها, وهي الحرية والإخاء والمساواة.
أما في مرحلة ما بعد الاستعمار فنحن نستطيع التفرقة بين دول تقليدية ودول تحديثية. ونقصد بذلك أنه في إطار العالم الثالث هناك دول أصرت نخبها السياسية الحاكمة علي أن تبقيها في إطار التقاليد الحاكمة القديمة الموروثة من الدول التي قامت علي أساس العصبية( لو استخدمنا مصطلح ابن خلدون الشهير) ودول تحديثية أدركت نخبها السياسية الحاكمة ضرورة الخروج من شرنقة التقاليد القديمة إلي رحاب التقاليد الحديثة للدول العصرية, عن طريق اتباع استراتيجيات التحديثModernization من توسيع إطار التعليم الأساسي والعالي إلي تحديث الاقتصاد وتبني القيم الاجتماعية العصرية, التي هي أعمدة نظرية الحداثة الغربية التقليدية, ونعني الفردية والعقلانية والاعتماد علي العلم والتكنولوجيا.
أما المستوي الثاني في إطارنا النظري- الذي لم يتح لنا لضيق المساحة التفصيل فيه- فهو يتعلق بطبيعة النظم السياسية المطبقة, التي قسمناها إلي نظم شمولية وسلطوية وليبرالية.
النظام الشمولي يقوم علي ممارسات فاسدة تؤدي إلي تشوه القيم الإنسانية, لأنه ينهض علي أساس القهر السياسي المعمم, ويمحو مؤسسات المجتمع المدني تماما. وتنفرد فيه النخبة السياسية المستبدة الحاكمة باتخاذ القرار, وتستولي علي السلطة والنفوذ والثروة, وتمارس القمع السياسي العنيف, فترسخ قيم الخوف من السلطة, والخنوع لأولي الأمر, وتستنكر قيم التمرد, وتقضي علي مبررات ثورة الجماهير المشروعة للمطالبة بالحقوق.
أما النظام السلطوي فهو لا يمارس القمع السياسي بشكل مباشر كالنظام الشمولي, لكنه يمارسه خفية وبأسلوب غير مباشر, بل قد يغطيه بأساليب قانونية فاسدة وتشريعات منحرفة, وهو يترك هامشا ضئيلا من الحرية الاجتماعية حتي يضفي الشرعية الشكلية علي ممارساته الاستبدادية أمام العالم الخارجي. ويبقي النظام السياسي الليبرالي الذي هو علي مستوي النظرية- أفضل هذه النظم السياسية المختلفة, لأنه ينهض علي أساس حرية التفكير وحرية التعبير والتعددية السياسية والحزبية وتداول السلطة وسيادة القانون.
وقد ترد قيود شتي في التطبيق علي المنطلقات النظرية للنموذج الليبرالي غير أنه بالقطع أفضل من كل من النموذج الشمولي والسلطوي.
ومصر الآن بعد ثورة25 يناير في قلب المعركة الكبري المتعلقة بالانتقال من النظام السلطوي السابق إلي النظام الديموقراطي الليبرالي المرتجي.
وتحول دون تمام هذه العملية- التي هي الخطوة الأولي للانطلاق في مجال النهضة الحضارية الحقيقية- ظاهرة الاستحواذ المطلق علي السلطة من قبل النخبة السياسية الإخوانية الحاكمة, وتسخير التشريعات المختلفة والدستور نفسه للهيمنة المطلقة علي مجمل الفضاء السياسي, والاستبعاد المطلق للمعارضة من دائرة اتخاذ القرار ومن مجال التشاور السياسي الضروري في أي نظام ديموقراطي, وخصوصا فيما يتعلق بسياسات الأمن القومي, والتشريعات الكبري التي تتعلق بأمن ومصالح الجماهير العريضة. غير أنه تبقي أهم المستويات قاطبة في إطارنا النظري المقترح وهو طبيعة المجتمع الذي نبحث عن إرساء القيم الإيجابية في تربته علي حساب القيم السلبية التي أدت إلي تدهور القيم بشكل عام, مما دفع بنا إلي البحث عن الوسائل المختلفة لإحيائها, بل لإعادة صياغتها لتكون قادرة علي صياغة المستقبل.
ونعني بطبيعة المجتمع هل هو مجتمع تقليدي يتشبث بالماضي ويقاوم تيارات العصرية المتجددة والتي تتمثل في تغير نماذج المجتمع العالمي, وأهمها الانتقال من قيم المجتمع الزراعي إلي قيم المجتمع الصناعي, وأخيرا إلي قيم مجتمع المعلومات العالمي؟
أم أنه مجتمع قادر علي التكيف مع تيارات التجديد العالمية؟ وهل هو مجتمع تسوده الآراء والتيارات الدينية المتشددة التي تسعي بكل طريقة إلي أن يكون الماضي هو المرجعية الأساسية في القيم والسلوك في الحاضر, بحيث يحكم الموتي من الأجيال الماضية من فقهاء ومفسرون ومفكري الحاضر, أم هو مجتمع يحرص علي احترام التقاليد ولكنه لا يقف مقاوما بعناد تاريخي كل صور التقدم بحجة أنه تقدم غربي مبتدع لا يتفق مع تراثنا وعاداتنا؟
غير أن هذا الإطار الواسع, الذي يحتاج في الواقع للتفصيل في مفرداته المتعددة يحتاج إلي مساحات لا تسعها المقالات الصحفية المحددة.
ولذلك نشرت تعليقات بعض قرائي الكرام علي شبكة الإنترنت يبدون فيها عدم رضائهم عن عدم تعمقي في بحث القيم, بل إن بعضهم دعاني صراحة إلي الدخول في الموضوع, وأن أتجاوز المقدمات التي سقتها لمناقشة الموضوع.
واحتراما مني لهذه الملاحظات النقدية الصائبة قررت تغيير استراتيجيتي في الكتابة, والاستعانة ببعض المراجع الأكاديمية الأصيلة التي أقدر إسهامها في موضوع دراسة المجتمع العربي تقديرا عاليا. وفي مقدمتها الكتاب الموسوعي للصديق الدكتور حليم بركات وهو عالم اجتماع مرموق ومؤلف روائي مبدع في الوقت نفسه. والكتاب عنوانه المجتمع العربي في القرن العشرين: بحث في تغير الأحوال والعلاقات, وقد نشره في صورته الأخيرة المعدلة( مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام2000).
وقد لفت نظري حين أعدت قراءة الكتاب لكي أحل مشكلة التحليل المنهجي لأزمة القيم أن حليم بركات في أحد الفصول المهمة يتحدث عن الاتجاهات القيمية الأساسية في المجتمع العربي. وقد أجملها في تسع قيم تستحق المناقشة النقدية. وهي قيم القضاء والقدر وقيم الاختيار الحر, والصراع بين القيم السلفية والقيم المستقبلية, وقيم الاتباع وقيم الإبداع, وقيم العقل و قيم القلب, وقيم المضمون وقيم الشكل, وقيم الامتثال وقيم التفرد, وقيم الشعور بالعار والشعور بالذنب, وقيم الانفتاح علي الآخر وقيم الانغلاق علي الذات, وقيم احترام السلطة وقيم التمرد عليها.
وهكذا في ضوء هذا الحصر الشامل قررت- بلغة المسابقات التليفزيونية- الاستعانة بصديق هو الدكتور حليم بركات الذي شاركته عديدا من المرات في جامعة جورج تاون الأمريكية في ندوات ولقاءات وكان معنا الصديق الراحل الدكتور هشام شرابي. ويعني ذلك أن مقالاتي المقبلة ستكون في وصفها الدقيق تهميشا علي متن حليم بركات.!

مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا

مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا

مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا
صرح السفير محمد مصطفى كمال سفير مصر لدي فرنسا بأن السفارة والبعثة المصرية بباريس نجحت فى سحب مخطوطة القرآن الكريم ووقف بيعها فى مزاد علنى كان مقرر يوم "الأحد" القادم بباريس وذلك بعد جهود حثيثة وإتصالات مكثفة مع الجهات الرسمية ومسئولى دار المزادات المعنية "أوزينا". ومن ناحيته ..قال جون بيير أوزينا مالك ورئيس دار المزادات ؟ فى تصريح لوكالة أنباء
الشرق الأوسط - انه قرر سحب المخطوطة القرآنية من المزاد الذى كان محددا أن يقام
فى التاسع من الشهر الجارى بمنطقة فونتنبليه بعد إتصالات ودية مع السفارة المصرية
بباريس.
وأضاف أنه نظرا للحساسية التي أثارها طرح بيع مخطوطة القرآن الكريم التى انقذها المستشرق
الفرنسى جون جوزيف مارسيل ابان حملة نابليون على مصر، فإن دار المزادات قررت
سحب المخطوطة من المزاد على المبيعات التاريخية بفونتينبلو في نهاية هذا الاسبوع.

وأوضح أوسينا ،الذى يشغل ايضا منصب رئيس جمعية المثمنين بفرنسا، انه اتخذ قراره بعد
أن تفهم القيمة التى تمثلها المخطوطة بالنسبة للشعب المصرى.
وكانت السفارة المصرية بفرنسا قد أجرت على مدار الأيام الماضية اتصالاتها مع المسئولين
رفيعى المستوى بوزارتى الخارجية والثقافة الفرنسية لبحث سبل إيقاف بيع نسخة
نادرة من القرآن الكريم تتضمن "فاتحة الكتاب" وأوائل سورة "البقرة"، فى مزاد علنى
كان مقرر فى التاسع من الشهر الجارى بفرنسا حيث قامت السفير محمد مصطفى كمال سفير
مصر بفرنسا والمستشار أحمد مجاهد نائب السفير المصرى بباريس بإجراء الاتصالات
المكثفة فى هذا الشأن وعلى أعلى المستويات فى الدولة الفرنسية لا سيما مع مسئولى
وزارتى الخارجية والثقافة، كما تواصلت السفارة مع دار المزادات الفرنسية التى تقوم
على تنظيم المزاد الخاص ببيع تلك المخطوطات النادرة من القرآن الكريم.
وكان الأزهر الشريف قد بادر بالمطالبة بإعادة هذه المخطوطة النادرة من القرآن الكريم
التى اختفت من مكتبته خلال الحملة الفرنسية على مصر منذ أكثر من مائتي سنة، وتم
نقلها بعد ذلك إلى فرنسا، حيث خاطب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وزير الخارجية
المصري محمد كامل عمرو قبل أيام، للتدخل لدى الجهات الفرنسية والدولية لوقف مزاد
علنى تنظمه صالة مزادات "أوزينا" في منطقة فونتينبلو بفرنسا في 9 يونيو الحالي،
لبيع هذه المخطوطات النادرة.
يذكر أن المخطوطات القرآنية المختفية من مكتبة الأزهر تتكون من 47 صفحة باللغة العربية،
وانتشلها المستشرق الفرنسى جون جوزيف مارسيل عام 1798 من النيران التى كادت
أن تلتهمها إبان المواجهات التي اندلعت في الأزهر الشريف بين قوات الحملة الفرنسية
على مصر بقيادة نابليون بونابرت والثوار المصريين خلال ثورة القاهرة الأولى فى
23 أكتوبر 1798.
وكانت دار المزادات الفرنسية "أوزينا" قد أعلنت فى نهاية الشهر المنصرم عن تنظيمها
مزادا علنيا تعرض خلاله مخطوطة من القرآن الكريم عثر عليها مستشرق فرنسى شارك فى
الحملة الفرنسية على مصر.
وأعلنت "أوزينا" أن السعر التقديرى لبدء طرح هذه المخطوطات يتراوح بين 10 آلاف و 15
ألف يورو.
ويشار الي أن الحملة العسكرية الفرنسية على مصر التي اطلقت في عام 1798 قد أدت إلى
تشكيل حركة مقاومة مصرية اتخذت من الجامع الأزهر، أقدم مساجد العاصمة المصرية مقرا
لها بعد جامع عمرو بن العاص، مركزا لها.

مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا

مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا


مصر تنجح فى سحب مخطوطة القرآن الكريم من مزاد بفرنسا
صرح السفير محمد مصطفى كمال سفير مصر لدي فرنسا بأن السفارة والبعثة المصرية بباريس نجحت فى سحب مخطوطة القرآن الكريم ووقف بيعها فى مزاد علنى كان مقرر يوم "الأحد" القادم بباريس وذلك بعد جهود حثيثة وإتصالات مكثفة مع الجهات الرسمية ومسئولى دار المزادات المعنية "أوزينا". ومن ناحيته ..قال جون بيير أوزينا مالك ورئيس دار المزادات ؟ فى تصريح لوكالة أنباء
الشرق الأوسط - انه قرر سحب المخطوطة القرآنية من المزاد الذى كان محددا أن يقام
فى التاسع من الشهر الجارى بمنطقة فونتنبليه بعد إتصالات ودية مع السفارة المصرية
بباريس.
وأضاف أنه نظرا للحساسية التي أثارها طرح بيع مخطوطة القرآن الكريم التى انقذها المستشرق
الفرنسى جون جوزيف مارسيل ابان حملة نابليون على مصر، فإن دار المزادات قررت
سحب المخطوطة من المزاد على المبيعات التاريخية بفونتينبلو في نهاية هذا الاسبوع.

وأوضح أوسينا ،الذى يشغل ايضا منصب رئيس جمعية المثمنين بفرنسا، انه اتخذ قراره بعد
أن تفهم القيمة التى تمثلها المخطوطة بالنسبة للشعب المصرى.
وكانت السفارة المصرية بفرنسا قد أجرت على مدار الأيام الماضية اتصالاتها مع المسئولين
رفيعى المستوى بوزارتى الخارجية والثقافة الفرنسية لبحث سبل إيقاف بيع نسخة
نادرة من القرآن الكريم تتضمن "فاتحة الكتاب" وأوائل سورة "البقرة"، فى مزاد علنى
كان مقرر فى التاسع من الشهر الجارى بفرنسا حيث قامت السفير محمد مصطفى كمال سفير
مصر بفرنسا والمستشار أحمد مجاهد نائب السفير المصرى بباريس بإجراء الاتصالات
المكثفة فى هذا الشأن وعلى أعلى المستويات فى الدولة الفرنسية لا سيما مع مسئولى
وزارتى الخارجية والثقافة، كما تواصلت السفارة مع دار المزادات الفرنسية التى تقوم
على تنظيم المزاد الخاص ببيع تلك المخطوطات النادرة من القرآن الكريم.
وكان الأزهر الشريف قد بادر بالمطالبة بإعادة هذه المخطوطة النادرة من القرآن الكريم
التى اختفت من مكتبته خلال الحملة الفرنسية على مصر منذ أكثر من مائتي سنة، وتم
نقلها بعد ذلك إلى فرنسا، حيث خاطب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وزير الخارجية
المصري محمد كامل عمرو قبل أيام، للتدخل لدى الجهات الفرنسية والدولية لوقف مزاد
علنى تنظمه صالة مزادات "أوزينا" في منطقة فونتينبلو بفرنسا في 9 يونيو الحالي،
لبيع هذه المخطوطات النادرة.
يذكر أن المخطوطات القرآنية المختفية من مكتبة الأزهر تتكون من 47 صفحة باللغة العربية،
وانتشلها المستشرق الفرنسى جون جوزيف مارسيل عام 1798 من النيران التى كادت
أن تلتهمها إبان المواجهات التي اندلعت في الأزهر الشريف بين قوات الحملة الفرنسية
على مصر بقيادة نابليون بونابرت والثوار المصريين خلال ثورة القاهرة الأولى فى
23 أكتوبر 1798.
وكانت دار المزادات الفرنسية "أوزينا" قد أعلنت فى نهاية الشهر المنصرم عن تنظيمها
مزادا علنيا تعرض خلاله مخطوطة من القرآن الكريم عثر عليها مستشرق فرنسى شارك فى
الحملة الفرنسية على مصر.
وأعلنت "أوزينا" أن السعر التقديرى لبدء طرح هذه المخطوطات يتراوح بين 10 آلاف و 15
ألف يورو.
ويشار الي أن الحملة العسكرية الفرنسية على مصر التي اطلقت في عام 1798 قد أدت إلى
تشكيل حركة مقاومة مصرية اتخذت من الجامع الأزهر، أقدم مساجد العاصمة المصرية مقرا
لها بعد جامع عمرو بن العاص، مركزا لها.

وهــــم الحـــــوار الوطنــــي

وهــــم الحـــــوار الوطنــــي


وهــــم الحـــــوار الوطنــــي
مشهد الحوار الذي جري برئاسة الجمهورية بشأن التعامل مع سد النهضة‏,‏ جعلنا نتأكد أن الحوار الوطني بهذه الطريقة وهم‏, طالما وصل لحد العبث بالأمن القومي. فلا يعقل أن تتم مناقشة أمور بهذه الأهمية علي الهواء مباشرة, ولايمكن الثقة في أن النخبة التي حضرت اللقاء مسئولة عن تقديم مشورة أو يقع علي عاتقها اتخاذ قرار, لأن ما حصل فضيحة في منهج حل الأزمات, وكفيل بنسف الأفكار الجادة التي تتولد عن أي نقاش.
إذا كانت أزمة مصيرية في حجم سد النهضة يتم تناولها باستخفاف, ودون حضور خبير واحد في مجال المياه, فلابد أن نتوقع المزيد من المشكلات مع إثيوبيا, التي لديها أصلا هواجس تاريخية, نجح بعض السادة الحضور في تعزيزها, عندما أشاروا صراحة إلي حلول عسكرية غير منطقية, ووسائل تجسس عفا عليها الزمن, وأدوات لشراء الذمم انتهت منذ قرون. ولديها أيضا مخاوف مسبقة من الطرق الإقصائية التي تتبعها بعض تيارات الإسلام السياسي. وقد نوهت إلي ذلك في عدد من توجهاتها. لذلك عندما يسمع المسئولون في أديس أبابا, كلام النخبة المنتقاة التي شاركت في حوار الاتحادية, سوف يتيقنون أن دوافع القلق مشروعة, وأن حرصهم علي اتخاذ إجراءات وقائية, سواء بالتلويح بخطوات وقائية محلية أو اللجوء إلي جهات دولية, مسألة ضرورية. فقد منح من تحاوروا تحت رعاية رئيس الجمهورية صكوك الغفران لإثيوبيا, عن أي تصورات وممارسات وربما تجاوزات, أقدمت أو يمكن أن تقدم عليها خلالها الفترة المقبلة.
الرسالة التي وصلتني لما حدث في الاتحادية, أن فكرة الحوار الوطني أصبحت مطية, يلجأ إليها الحاكم عندما يشتد عليه الخناق السياسي, ويجد صعوبة في الوصول لحلول لأي مشكلة مزمنة أو طارئة. وقد عودتنا الحوارات التي تمت في زمن الرئيس المخلوع أنها تأتي لزوم البريق الإعلامي, وأداة لطمس جهود المخلصين, والشوشرة علي آراء الخبراء والنابغين. وكان من الطبيعي أن تنتهي إلي لا شيء. ومع أن الزمن تغير والمشكلات اختلفت والأشخاص تبدلوا, غير أن النتيجة تبدو واحدة, وهي لا شيء يتمخض عن الحوار. والأخطر أنها أصبحت بالسالب. بمعني أن سلسلة الحوارات التي ناقشت علي مدي الأشهر الماضية حزمة من القضايا الوطنية, أسفرت عن زيادة الهوة بين الحكم وقوي المعارضة الرئيسية, التي قاطعت معظمها. وكل طرف لم يكتف باحتكار الحكمة والفضيلة, بل يفضل دائما التقليل من شأن الطرف الآخر. فتتفاقم الأزمات, ويصبح المشهد أشد شراسة مما كان عليه قبل الحوار. ووصل بنا الحال عندما يسمع فيها البعض دعوة لـ حوار وطني يضع يديه علي قلبه, حيث تحولت إلي نذير شؤم ودليل علي مزيد من التراشقات, وقد تكون مقدمة لأزمة أو فضيحة جديدة.
أخشي أن يكون هناك مستفيدون من العك الوطني, وأخشي أكثر أن يكون هناك من يحرصون علي فشل أي دعوة للنقاش العام, في الحكم والمعارضة. لأن الحوار الوطني الخالص يتضمن رؤي واضحة تعبر عن المواقف الحقيقية لكل طرف, ويتطلب عدم التشبث بالأفكار الأيديولوجية الجامدة أو المصالح الحزبية المؤقتة, وتقديم تنازلات قدر الإمكان حتي يتسني الوصول لنقطة وسط, تعطي دفعة واقعية لتجاوز العقبات والمشكلات التي يستهدف الحوار تسويتها. والأهم أنه يشمل القوي والعناصر والخبرات التي لها علاقة مباشرة بالقضية موضوع الحوار. لكن ما رأيناه في قصر الاتحادية قبل أيام تخطي مرحلة حوار الطرشان, وانتقل إلي مرحلة الإضرار بالمصالح العليا للبلاد, التي تستوجب مساءلة قانونية لمن تسبب فيها, لأن محو النتائج السلبية التي نجمت وسوف تنجم عن هذه الجولة, تحتاج إلي جهود مضنية لإزالتها من أذهان الأفارقة عموما.
لقد نجح البعض في أن يصل بنا إلي عدم الإيمان بجدوي أي نقاش مجتمعي, والاقتناع بأن الحوار الوطني حق يراد به باطل, بعد أن ظهر بعض القوي السياسية في صورة سيئة, وتأكدنا أن المسافة بين القوي المختلفة طالت أكثر مما يجب, ولا مست قضايا غاية في الحيوية. بالتالي علي رئيس الجمهورية ترتيب الأوراق وإعطاء أولوية للقضايا المحلية, التي يمثل التوافق حولها بدون مزايدات سياسية أو أغراض حزبية, نقطة البداية الفعلية للتقليل من حجم الخلافات, وتترك الملفات الخارجية لأصحاب الخبرات النوعية, علي أن يتم النقاش بعيدا عن فضائح النقل المباشر علي الهواء. لأن البديل أمام الرئيس مرسي هو أن يتحمل المسئولية دون حاجة لأي ستار, واتخاذ القرارات بالتشاور مع معاونيه فقط. فمباراة الحوار الوطني لها شروط من الواجب توافرها قبل إشارة الحكم لضربة البداية

مصر تعرض أزمة سد النهضة علي وزراء المياه الأفارقة

مصر تعرض أزمة سد النهضة علي وزراء المياه الأفارقة



مصر تعرض أزمة سد النهضة علي وزراء المياه الأفارقة
كتب ـ إسلام فرحات‏:‏
4
1405
في إطار الجهود المصرية لاحتواء الآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي‏,‏ يعقد وزراء المياه الأفارقة‏,‏ وتسعة من وزراء المياه في دول حوض النيل‏,‏ اجتماعا مهما في القاهرة غدا برئاسة مصر‏ . وسوف تعرض مصر خلال الاجتماع تداعيات بناء السد, وسيتم الإعلان رسميا عن بدء فعاليات العمل بمشروع الخط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط عبر نهر النيل.
 ووصل بالفعل إلي القاهرة أمس وزراء المياه في كل من نيجيريا, وتشاد, وكينيا, ويصل باقي الوزراء خلال الساعات المقبلة.
وكشفت مصادر دبلوماسية في العاصمة الكينية نيروبي عن أن دول حوض النيل الموقعة علي اتفاقية عنتيبي الإطارية الرامية لإعادة تقسيم مياه النيل, سوف تعقد خلال الشهر الحالي اجتماعا طارئا لدراسة الوضع بناء علي طلب إثيوبيا.
وقالت المصادر: إن أديس أبابا تسعي من وراء الاجتماع إلي الحصول علي دعم دول اتفاقية عنتيبي وتأييدها لمشروع سد النهضة, وحثها علي إقامة مشاريع مائية مماثلة لتحقيق استفادة أكبر من مياه النيل.
من ناحية أخري, أكد مسئول سوداني التزام بلاده باتفاقية مياه النيل الموقعة مع مصر, وقال ـ في تصريحات لصحيفة الصحافة السودانية أمس ـ إن حل أي خلاف بين مصر وإثيوبيا والسودان لا يكون إلا من خلال المزيد من التعاون.
علي صعيد آخر, يتوجه إلي أديس أبابا خلال ساعات بناء علي تعليمات رئاسية وفد مصري رفيع المستوي, يقوده الدكتور محمد بهاء الدين, وزير الموارد المائية والري, ويضم خبراء المياه والسدود والبيئة والقانون الدولي, في زيارة رسمية لإثيوبيا لإجراء محادثات مع المسئولين الإثيوبيين حول أزمة سد النهضة الإثيوبي, والآثار السلبية المحتملة علي مصر نتيجة تشييده.
وقد أكد بهاء الدين أن مصر لن تسمح بأي نقص في تدفقات مياه نهر النيل القادمة إليها من إثيوبيا, مشيرا إلي أن مصر تعاني عجزا مائيا قدره7 مليارات متر مكعب سنويا., تقارير ص4]

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر