السبت، أبريل 23

إستقلال الجامعات مطلب أساسى للثوار

إستقلال الجامعات مطلب أساسى للثوار
اد- عبدالعزيزنور
كلية الزراعة جامعة الإسكندرية
nouraziz2000@yahoo.com
الدستور هو «مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد سلطات الدولة وحقوق الأفراد وواجباتهم، وشكل العلاقة بين السلطات الرئيسية في الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية.. وأن القواعد الدستورية تتميز عادة بقدر كبير من الثبات والاستقرار مقارنة بالقوانين العادية»، و الدستور المصري يعد من أعرق الدساتير على مستوى العالم ولكنة لم ينجح على مر هذه الأزمان والعصور منذ نشأته في تحديد هذه العلاقة، بالشكل المناسب والمرضي، لمعظم مؤسسات الدولة. بل كان سببا دائما في نشوب أزمات بين سلطات الدولة الثلاث وسببا مباشرا في إثارة الشعب ضد النظام الحاكم. و ارتبطت الدساتير المصرية منذ نشأتها على مر العصور بالانتفاضات الشعبية والثورات الوطنية، وكان أول ثمارها دستور عام 1882 بعد ثورة عرابى لينظم اختصاصات مجلس النواب ودور أعضائه وعلاقتهم بالملك، كما نص على أن يكون أعضاء المجلس بالانتخاب. لكن ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، لإحكام سيطرتها التامة على مصر، وبإندلاع ثورة 1919. و نشأة أحزاب سياسية أثرت في مسيرة الحركة الوطنية مثل الحزب الوطني والأحرار والدستوري والنبلاء والأمة.. فصدر تصريح 28 فبراير (شباط) 1922،بإعلان انتهاء الحماية البريطانية والاعتراف بمصر دولة ذات سيادة، الأمر الذي مهد لصدور (دستور 1923) فى عهد الملك فؤاد والذىيعد واحدا من أفضل الدساتير التي وضعت في مصر؛ لما يتمتع به من ليبرالية وديمقراطية برلمانية وكان يضاهي أعرق النظم الديمقراطية، وأنه أسس ما يسمى الدولة المدنية التي تنظم سلطات الدولة، لكنه تعرض لأزمات وتقلبات دستورية أدت إلى تدميره الى ان ألغى نهائيا بقرارمن مجلس قيادة الثورة في 10 ديسمبر 1952 . فلقد نجح النظام السياسي في مصر في الستينيات في توجيه النظام التعليمي ليخدم غاياته في تغيير العلاقات الطبقية في المجتمع على نحو ضمن استقراره، على حين ترك النظام السياسي في مصر منذ السبعينيات النظام التعليمي ليعكس اتساع الهوة الطبقية في المجتمع، مما أدى إلى إستحداث قوى اجتماعية جديدة تناصب العداء للنظام و يهدد استقراره والسعى إلى تغييره وهذا مانجح فية شباب الثورة فى 25 يناير 2011ومن هذا المنطلق فإنة يتعين إستعراض سريع لتطور المنظومة التعليمية فى الدساتير المصرية فى خلال التسعون عاما الماضية وذلك على النحو التالى :
أولا: د ستور1923: ذكر دستور 1923 التعليم في ثلاث مواد في إطار الحديث عن حقوق المصريين وواجباتهم وذلك في بابه الثاني، وقضت هذه المواد بأن التعليم حر ما لم يخل بالنظام العام أو يناف الآداب( مادة17)، وهو ما يعنى عدم احتكار الحكومة للوظيفة التعليمية ، ويفتح الباب أمام المؤسسات الخاصة، ولكن في إطار قواعد عامة تضعها الحكومة، ذلك أن "تنظيم أمور التعليم العام يكون بالقانون" ( مادة18)، ولكن الدولة ملزمة بتوفير التعليم الأولى، ف"التعليم الأولى إلزامي للمصريين من بنين وبنات، وهو مجاني في المكاتب العامة"
ثانيا: د ستور 1956: هذا الدستور في أربع مواد(48-51)، فكرر في المادة 84 الإشارة إلى حرية التعليم في حدود القانون والنظام العام والآداب، ومن ثم أوضحت المادة أن ما تضعه الحكومة من قوانين يرسم الحدود للتعليم الحر، ثم أضاف هذا الدستور مادة تشدد على أن التعليم حق للمصريين جميعا ، وألقى على الدولة مسئولية توفيره بالنص على أن " تكفله الدولة بإنشاء مختلف أنواع المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية والتوسع فيها تدريجيا،" كما توسع في بيان مجالات مسئولية الدولة خصوصا بالنسبة للشباب، فقد دعا الدولة إلى أن تهتم خاصة بنمو الشباب البدني والعقلي والخلقي، أما فيما يتعلق بمجانية التعليم فقد ظهرت بوادر الفلسفة الجديدة في الإشارة في المادة 50 إلى أن التعليم في مراحله المختلفة بالمجان في مدارس الدولة في الحدود التي ينظمها القانون، ولكن في حالة التعليم الابتدائي ، فهو إجباري وبالمجان في مدارس الدولة، فمع التشديد على الإجبار في تلقى التعليم الأولى وبالمجان في مدارس الدولة ، هناك نقلة في التوسع في مبدأ المجانية في كافة مدارس الدولة ، أي في مراحل التعليم الأخرى ولكن في الحدود التي ينظمها القانون. ويتضح الاهتمام الأكبر لنظام يوليو بالتعليم أولا في التفصيل الأكبر لالتزام الدولة في هذا المجال و بالصياغة الأكثر تفصيلا لما يتعلق به في دستور جمهورية مصر الصادر في 16 يناير سنة 1956
ثالثا :الدستور المؤقت 1964: سبق هذا الدستور المؤقت إعلان دستوري في سنة 1962 وصدر بعد أن قطعت الدولة شوطا طويلا من التحول الاشتراكي ولكنة بالنسبة للتعليم اكتفى بالاقتباس من مواد دستور جمهورية مصر في سنة 1956 مع استثناء واحد وهو إضافة الجامعات إلى مراحل التعليم في مدارس الدولة التي يتاح فيها التعليم بالمجان(نص المادة 93 ) "تشرف الدولة على التعليم، وينظم القانون شئونه، وهو في مراحله المختلفة في مدارس الدولة وجامعاتها بالمجان" وأسقط الإشارة التي وردت في دستور 1956 إلى كون التعليم حرا في حدود القانون والنظام العام والآداب، وتفسير ذلك هو انتصار الفلسفة التي ترى في التعليم أداة لتدعيم الوحدة الوطنية وذلك بتنشئة النشء جميعا على ثقافة واحدة، وانسجاما مع ذلك انحسر التعليم الأجنبي والخاص، واهتمت الحكومة بإدخال مقررات التربية الوطنية في مراحل التعليم قبل الجامعي وإدخال ما سمى بالمقررات القومية حول ثورة يوليو والتحول الاشتراكي والمجتمع العرى في كافة كليات الجامعات المصرية. و الدستور المؤقت في سنة 1964 حفل البابان الثاني والثالث منة هذا بمواد عديدة توضح أبعاد التحول الاشتراكي فالأساس الاقتصادي للدولة هو الاقتصاد الاشتراكي، (المادة9) ، ويكون توجيه الاقتصاد القومي بأكمله وفقا لخطة التنمية،( المادة 10) والقطاع العام القوى والقادر يقود التقدم في جميع المجالات، ويتحمل المسئولية الرئيسية في خطة التنمية( المادة 31-أ-)، والدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين( مادة 8) وتكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي( المادة 20) والعمل في الجمهورية العربية المتحدة حق وواجب وشرف لكل مواطن قادر( المادة 21) والدولة تكفل للمواطنين معاملة عادلة فيما يتعلق بين أمور أخرى بالتأمين الاجتماعي، والتأمين الصحي والتأمين ضد البطالة( المادة 40)، والرعاية الصحية حق مكفول للمصريين جميعا( المادة 42) . ولذلك فإن تقرير مجانية التعليم كان منسجما مع هذا التوجه العام نحو مجتمع يشدد على" تذويب الفوارق بين الطبقات" وعلى كون التضامن الاجتماعي هو أساس المجتمع وعلى التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين،
رابعا: الدستور الدائم لجمهورية مصرالعربية 1971 :حمل الدستور الدائم لمصر 1971 جزءا من ملامح الدستور المؤقت 1964فى الفترة التى شهدت تنامى المد الاشتراكي الى جانب بذورا توحي ببداية التحول عن الفلسفة الاشتراكية التي سادت طوال الستينيات حيث تكررت الإشارة إلى أن التعليم إلزامي في المرحلة الابتدائية ، وأن الدولة تعمل على مد الإلزام إلى مراحل أخرى ( المادة 18)، وهو ما يوحى بالاكتفاء مؤقتا بالالتزام في المرحلة الابتدائية، وأشارت المادة 20 إلى كون التعليم بالمجان في مؤسسات الدولة التعليمية في مراحله المختلفة دون ذكر الجامعات تحديدا، وربما يوحى ذلك بضيق واضعي الدستور بمجانية التعليم على المستوى الجامعي. وربما عكس ذلك إدراك واضعي الدستور بصعوبة تحقيق الأهداف الطموحة لدستور 1964، فقد تذكروا استمرار الأمية ، ولذلك شددت المادة 21 على أن محو الأمية واجب وطني تجند كل طاقات الشعب من أجل تحقيقه، كما كانت هناك إضافة مهمة تشي برؤية جديدة لفلسفة التعليم‘ فقد أكدت المادة 19 على أن التربية الدينية مادة أساسية في مناهج التعليم العام. ولم تنطور التعديلات الدستورية المدخلة فى سنة 2007 على أى تغيير فى المواد الخاصة بالتعليم.
خامسا :الإعلان الدستورى لسنة 2011: جاء ألإعلان الدستورى لسنة 2011 فى63 مادةولم من قريب او بعيد الى منظومة التعليم بإعتبارها الركيزة الاساسية لتقدم البلاد إلا انة يفهم ضمنيا من نص المادة 62( كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستورى يبقى صحيحا ونافذا ، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الإعلان)بأن ما يخص التعليم طبقا لدستور 1971 مازال ساربا فى حين ان المواد القضائية جاءت فى سبعة مواد من الإعلان فى المواد 46 و47و48و49و50و51و52ونصها مايلى
: مـــــادة 46: السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون .
مـــــادة 47: القضاة مستقلون، وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً، ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة .
مــــادة 48: مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى .
مـــــادة 49: المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون .ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها. مـــــادة 50: يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، وينظم طريقة تشكيلها ، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم .
مـــــادة 51:ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الدستورية .
مـــــادة 52 :جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية .
ومما سبق يتضح ان الإعلان الدستورى الجديد لعام 2011لم يكن منصفالمنظومة التعليم فى مصر بصفة عامة وللجامعات المصرية بصفة خاصة وهى تنادى بالإستقلال التام عن وزارة التعليم العالى والدولة للبحث العلمى اسوة بالقضاء من منطلق ان التعليم لايقل اهمية عن تحقيق العدالة ولايجب ان يقف خلفها اذا ما ارادت الثورةا لتغييرمن اجل تحقيق التقدم والعدالة ومرجع ما سبق أن السلطة المنوط بها اجراء التعديلات قد خلت من اى عنلصر جامعية يؤرقها تردى أحوال التعليم بصفة عامة فىمصروالتعليم العالى بصفة خاصةوصاغتها مجموعة من القانونيين وضعوا البنود الخاصة بهم لحماية نفوذهم ولتحقيق طموحاتهم أمام من سيتولى السلطة فيما بعد. و مثل هذة الممارسات قد عرضت البلاد للعديد من الأزمات والتقلبات السياسية والثورات ، ومن حرصنا على المساهمةفى «عقد اجتماعي» جديد ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكومين ويوفر للبلاد جودة وضمانة عالية لتعليم متميز يدفع البلاد الى مصاف الدول المتقد مة فنناشد نحن أساتذة الجامعات أسرة المجلس العسكرى الموقر والاستاذ الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بإعتبارةأحد أقطاب الجامعة و رمز من رموز ثورة 25 يناير2011 ضرورة إعادة صياغة الإعلان الدستورى الجديد لعام 2011 ليتضمن المواد ألتالية :
مـــــادة 1 : المجلس الأعلى للجامعات هيئة تعليمية مستقلة قائمة بذاتها، وتختص دون غيرها بالرقابة الكاملةعلى وضع القوانين واللوائح المنظمة للجامعات والمعاهد العليا على الوجه المبين فى القانون الجارى إعدادة حاليا.
مـــــادة 2: يحدد قانون الجامعات اختصاصاتها، وينظم طريقة تشكيلها ، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم.
. مــــادة 3: الجامعة هيئة تعليمية مستقلة، ويختص مجلس الجامعة برسم السياسات العامة التى تضمن تقدمها فى مجالات العلم والبحث وخدمة وتنمية المجتمع ويحدد قانون الجامعات اختصاصات الجامعة الأخرى.
مـــــادة 4 : أساتذة الجامعات مستقلون، وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً، ولا سلطان عليهم فيما يخص اجتهاداتهم العلمية لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى شئون التعليم الجامعى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر