الخزان النوبى نوفره أم نحفره الآن |
روزاليوسف الأسبوعية : 01 - 01 - 2011 |
المهندسون والحفارون سعداء باندفاع مياه إحدي الآبار في الثمانينات
154 تريليون متر مكعب من الماء العذب.. هذا هو حجم «الكنز الجوفى» الذى تسبح فوقه صحراء مصر الغربية، والذى يعرف بخزان الحجر الرملى النوبى أو «الخزان النوبى».. ومع اتساع نطاق الجفاف الذى يضرب أغلب القارة الأفريقية والخلافات المتكررة بين دول حوض النيل حول حصص المياه برزت الحاجة إلى استخدام طرق غير تقليدية فى الرى.
والسؤال المطروح هنا هو: هل نستثمر الخزان - الذى يعتبر أكبر خزان جوفى للمياه العذبة فى العالم - الآن لتعمير الصحراء، أم نترك حق استغلاله للأجيال القادمة؟
الخزان النوبى.. نوفره أم نحفره الآن؟
مياه البئر وقد تحولت إلي ترعة صغيرة لاستزراع الأراضي
الخزان يقع فى منطقة شاسعة موزعة بين أربع دول هى مصر وليبيا والسودان وتشاد.
يروى الجيولوجى على محمود ورور - رئيس مجلس إدارة إحدى شركات حفر المياه الجوفية - عن قصة الخزان الجوفى النوبى: إن جمال عبدالناصر عندما قرر إنشاء واد جديد بديل عن الدلتا أنشأ الهيئة العامة لتعمير الصحارى، وكانت تتبع القوات المسلحة يرأسها اللواء حسن صبيح رئيس سلاح المهندسين.. الهيئة عينت المهندسين والجيولوجيين وخبراء المياه، وكان ذلك عام 1959 ولأن العلاقات كانت جيدة مع الولايات المتحدة فقد أمدتنا بمساعدات الحفر، وتم إرسال بعثات من الجيولوجيين وخبراء المياه إلى أمريكا، كما تم إرسال خبراء أمريكيين إلى مصر لتدريب المصريين على المعدات الأمريكية وأدوات الحفر.
وكانت التقديرات الأولية تشير إلى أن عمر الخزان الجوفى 20 ألف سنة، وقدرت كمية المياه بحوالى 66 ألف مليار متر مكعب، لكن الدراسات المهمة فى 2001 أثبتت أن كمية المياه 154 ألف مليار متر مكعب من المياه.
الحياة فى الصحراء الغربية كانت صعبة حتى إن الوصول للواحات الخارجة والبحرية كان يستغرق ثلاثة أيام لأن الطرق كانت وعرة، واستعنا بعدة شركات أمريكية ويوغوسلافية للدراسات الميدانية عن مواقع الآبار.. معظم الذين شاركوا فى حفر الآبار كانوا يعيشون فى معسكرات مثل الجيش ولا يحصلون على إجازات إلا كل 6 أشهر.. وأهم ما قمت به أنى شاركت فى حفر أكبر بئر متدفقة فى العالم حتى الآن لأنها تخرج 34 ألف متر مكعب مياها فى اليوم، وتحول المنطقة إلى ترعة هائلة، ومن ضخامتها قمنا بتركيب 2 بلف - محبسين - لإمكانية غلق البئر، المعروف أننا نضع محبسا واحدا على كل بئر، لذلك سميت هذه البئر «قصر الفرافرة» حتى إننا عندما نفتح محبس البئر كانت الأرض تهتز من تحتنا.
ولى الشرف أن تمت تسمية إحدى الآبار على اسمى «بئر ورور»، وهناك ما يسمى ب «بئر مر» لأن طعم المياه به بعض المرارة وبئر «أبوالحصين» أى الثعلب وسميت كذلك لأن الثعلب كان يشتم رائحة المياه فى تلك البئر وينبشها دلالة على وجود المياه، أيضا هناك بئر «صفصف» لأنها وجدت داخل واحة من النخل والدوم.
يضيف الجيولوجى على ورور: يغطى هذا الخزان فى مصر مساحة 700 ألف كيلومتر مربع تضم الوادى الجديد وهضبة العوينات ومنطقة توشكى فى الجنوب الغربى ليمتد شمالا إلى سيوة، وقد تكوَّن هذا الخزان منذ 30 ألف عام، ويصل سمك الطبقة الحاملة للمياه إلى 350 مترا عمقا، وتصل درجة ملوحة المياه فيه حول الواحات بالوادى الجديد من 250 إلى 500 جزء من المليون وتزيد الملوحة كلما اتجهنا شمالا.
أحدث الدراسات تشير إلى أن الخزان النوبى يحتوى على 154 ألف مليار متر مكعب من المياه، ومنذ الستينيات فى بدء حفر الآبار حتى الآن تم استغلال 5,2 مليار متر مكعب فقط.
ومع تصريحات المسئولين بالاستعداد فى حفر آبار جديدة اعترضت عدة آراء على استنزاف الآبار الجديدة لحاجة الأجيال المقبلة، وظهرت آراء مضادة تؤكد أن هناك ضرورة ملحة لحفر مزيد من الآبار وإنشاء مجتمعات جديدة خاصة فى ظل التغيرات المناخية استعدادا لما قد يحدث من اضطرار سكان بعض المناطق للهجرة.
لذلك يمكن استغلال تلك الآبار فى دعم البنية الأساسية لتلك المجتمعات الجديدة، لكن مع الالتزام بالأسس العلمية المتطورة فى ترشيد استهلاك المياه.
خلاف خبراء المياه الجوفية يؤكد أن هناك إهدارا ما يزيد على 30% من مياه الآبار المستخدمة بالفعل بترك الآبار مندفعة خلال الأراضى الصحراوية، وأنه تتم زراعة محاصيل تروى بكميات كثيرة من المياه مثل البرسيم.
وأهمية الحديث عن المياه فى تلك الفترة فتح ملف الخزان النوبى، مما يضع عدة تساؤلات واستفسارات حول وضع الآبار الحالية وأسلوب استثمارها منذ الستينيات حتى الآن.. والجدوى الاقتصادية من حفر الآبار وخلافات الرأى حول مستقبل الخزان النوبى.
المياه تتدفق من إحدي آبار الخزان الجوفي النوبي
تاريخ دراسات حفر آبار الخزان النوبى كما يسرده لنا الدكتور محمد إبراهيم جاد - أستاذ المياه الجوفية بمركز بحوث الصحراء والخبير الدولى للمياه بالبنك الدولى - بدأ بشكل رسمى عندما أعلن جمال عبدالناصر عن مشروع الوادى الجديد، الذى يشمل الواحات الداخلة والخارجة والفرافرة وسيوة بهدف تقليل الكثافة السكانية على الدلتا والوادى.. وأجرت بيوت الخبرة العالمية كشركة بارسون الإنجليزية دراسة وافية لإمكانيات الخزان بالصحراء الغربية وتوصلت إلى إمكانية زراعة 50 ألف فدان إلا أن المشروع توقف بعد عام 1967 لظروف الحرب والمشاكل الفنية للآبار المحفورة وأن أماكن اختيار حفر الآبار لم تكن بالدقة الكافية، كما أشارت الدراسة الإنجليزية من المنفذين المصريين فتحولت معظم الآبار بواحة الخارجة إلى آبار غير ارتوازية وانخفض منسوب المياه الجوفية لأكثر من 150 متراً عمقا بعد أن كانت ارتوازية وحدثت نفس الظاهرة فى واحة الداخلة إضافة لتأثر الآبار لبعضها البعض لقربها المكانى وعدم توزعها توزيعا هيدرولوجيا دقيقا.
من أهم الدراسات التى تمت عام 1970 ما قام به الدكتور إبراهيم حميدة - أستاذ المياه الجوفية وأحد العلماء القلائل فى العالم المختص بالمياه الجوفية - وأشارت تلك الدراسات إلى أن انخفاض المياه الجوفية لن يتعدى 60 مترا خلال 50 عاما، وذلك باستخدام النماذج الرياضية، وهذه الدراسة هى الأقرب للصحة ثم تبعتها دراسات عديدة مثل دراسة اللواء محمد على عزت بالجيش، وكان مسئولا عن الوادى الجديد، حيث تم عمل نموذج رياضى لإمكانيات الخزان الجوفى، وبالأخص فى منخفضى الخارجة والداخلة، وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن استخراج 18 مليون متر مكعب من المياه الجوفية دون حدوث انخفاض أكثر من 35 مترا فى منسوب المياه الجوفية.
ودراسة أخرى شاملة تمت عام 1977 قام بها مكتب استشارى إيطالى «بييروكورى» على واحة الفرافرة وأكدت أنها من الواحات الواعدة التى لن تتأثر المياه الجوفية لأكثر من 20 مترا عند استثمار ما يقرب من 18 مليون متر مكعب سنويا.
وفى عام 1980 تم إجراء نموذج رياضى للصحراء الغربية كلها، وتبين من النتائج أنه يمكن استثمار حوالى 80 مليون متر مكعب سنويا مع حدوث انخفاض فى الضغوط «أى الحفر فى البئر حتى عمق 180 مترا» يصل إلى 180 مترا فى البئر خلال 50 عاما.
وفى عام 1993 اقترحت دراسة قام بها بيت خبرة ألمانى «هنيل دكيرل» أنه يمكن زيادة الاستثمارات بالخزان النوبى لتصل إلى 400 مليون متر مكعب سنويا، دون حدوث هبوط يزيد على 60 مترا فى البئر.
دراسة «سيدارى» فى 2001 أشارت إلى أنه يمكن زيادة الاستثمارات إلى 500 مليون متر مكعب سنويا مع حدوث هبوط متفاوت.
بخلاف دراسات أخرى فى 2006 لزراعة 186 ألف فدان بشرق العوينات مع الوصول إلى أقصى هبوط فى البئر 125 مترا، والمعروف أن حفر عمق أكثر من ذلك يزيد من الجدوى الاقتصادية لاستغلال الآبار لأن تكلفة الرفع فى تلك الحالة ستتعدى القيمة الاقتصادية العائدة من استخراج المياه.
لكن كما يقول د. إبراهيم جاد إن أحدث القياسات الحقلية الفعلية أشارت إلى أن معدل استنزاف خزان الحجر الرملى النوبى يصل إلى نصف مليار «500 مليون متر مكعب سنويا».. وذلك من خلال حفر أكثر من 800 بئر عميقة متوسطة، تكلفة البئر الواحدة تتعدى المليون جنيه وتصل قيمتها اليوم إلى 5,2 مليون جنيه.
ويتراوح حفر البئر ما بين 3 و6 أشهر حسب الطبيعة الجيولوجية لمكان الحفر.. وتقوم بالحفر العميق شركات كبرى متخصصة معظمها قطاع خاص، أهمها شركة ريجوا التى كانت تابعة للدولة ثم تمت خصخصتها وتحويلها إلى شركة مساهمة، وقد تم استصلاح حوالى نصف مليون فدان باستخدام تلك الآبار.
الحفار العملاق بشائر الخير كما يسمونه أهالي الواحة
وعن وضع الآبار الحالية واتجاه الدولة لحفر المزيد من الآبار يقول الدكتور إبراهيم جاد: إن الخزان الجوفى فى مصر يحتوى على كميات هائلة من المياه، إلا أن تكلفة استخراجها أصبحت مرتفعة جدا، مما يقلل من قيمتها الاقتصادية، كما أن البعد الاستراتيجى كحق الأجيال المقبلة يعتبر قيدا آخر للاعتماد على المياه الجوفية فى سد الطلب على المياه.. وفى ظروف الأزمة المالية الطاحنة والجفاف والتغيرات المناخية تتجه الأنظار إلى هذا المخزون لاستنزافه.. إلا أننى أرى أنه يجب تحت أى ظرف من الظروف عدم استخدام أكثر من 20% من المخزون مهما كانت المتطلبات.. وعلينا التركيز على المصادر غير التقليدية كإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى فى الزراعة، حيث يمكن توفير 10 مليارات من الصرف الزراعى بعد إعادة استخدامه، وتحلية مياه البحر لأغراض الشرب فى القرى السياحية وترشيد استهلاك مياه النيل.
وإذا كانت آبار الخزان النوبى قد ساعدت على إقامة حياة جديدة تشمل زراعة وصناعة وتجمع سكانى، إلا أن عدم إدارة الموارد المائية الجوفية بأسس علمية سليمة ترتب عليه تأثر بعض مناطق المياه وانخفاض ضغوط المياه داخل الآبار بها نتيجة عدم التوزيع السكانى المناسب للآبار، ومثال على ذلك أن آبار منخفض الخارجة تم حفرها كلها على خط مستقيم مواز للطرق الأسفلتية، مما تسبب فى تأثر بعضها ونضوب المياه الجوفية فى أغلبها لطبيعة المنخفض الجيولوجى رغم أن معظم الدراسات التى تمت مبنية على أسس سليمة، لكن منفذى المشروع كانوا يتجاوزون فى تطبيق هذه الدراسات، مما أثر على استدامة المشروع وضرورة البحث فى أماكن أخرى أبعد.
ويجب هنا أن نستفيد من الآخرين حتى لو كانوا أعداءنا، ففى إسرائيل يتم تدوير مياه الآبار أكثر من ثلاث دورات.
أما عن طبيعة المياه الجوفية فى الخزان النوبى فيشير الدكتور إبراهيم جاد إلى أنها من أجود أنواع المياه الجوفية، وملوحتها أقل من ملوحة مياه النيل خاصة فى واحة سيوة، حيث تتراوح الملوحة بين 120 و300 جزء فى المليون، إلا أنها تحتوى على نسبة عالية من الحديد على الأخص كلما اتجهنا جنوبا ناحية منخفض الخارجة، حيث مناجم الحديد المنتشرة فى التكوين الجيولوجى بالخارجة والوادى الجديد، ويمكن التخلص من الحديد بالأكسدة عن طريق أحواض مكشوفة تتجمع فيها المياه ويتحول فيها أيون الحديد 2 الذائب فى الماء بالأكسدة إلى أيون الحديد 3 ويترسب، وبالتالى يتم التخلص من الحديد الزائد.
خريطة توضح اتجاهات حركة المياه الجوفية بخزان الحجر الرملي النوبي من اتجاه الجنوب الغربي إلي الشمال الشرقي
وهناك أماكن شاسعة لم يتم الحفر فيها من قبل مثل منطقة درب الأربعين وهو طريق طوله 400 كيلومتر وجنوب الداخلة حتى الحدود السودانية 350 كيلومترا.. وما بين توشكى ودرب الأربعين وهذه المناطق مجهولة لم يتم استكشافها أو إجراء دراسات حولها.
د. جاد يشير إلى أنه شارك فى دراسة مهمة مع الدكاترة إبراهيم حميدة - أستاذ المياه الجوفية - ومغاورى شحاتة - رئيس جامعة المنوفية الأسبق وأستاذ المياه الجوفية - وحسين إدريس عن تغيير الخريطة الجغرافية لمصر ونقل الكثافة السكانية إلى الصحراء الغربية واستيعاب 5,2 مليون نسمة فى منطقة الواحات وما بين الواحات، واعتمدت الدراسة على وجود الآبار الحالية التى كان مقدرا لها أن تكفى 100 عام وبحساب كم المياه واستنباط تقنية جديدة ضاعفت العمر الزمنى الافتراضى للآبار، وجدنا أنها تكفى لمدة 300 عام، وقد تم تقديم تقرير علمى بالدراسة إلى ثلاث وزارات: الزراعة والرى والإسكان وانعقدت بالفعل ورشة عمل منذ شهرين اجتمع خلالها رجال المال والاقتصاد والخبراء العلميون لطرح شركة قابضة لتنفيذ تلك الدراسة.
يختلف الجيولوجى على محمود ورور مع الرأى السابق فى ضرورة حفر آبار جديدة فى ظل وجود دراسات علمية متقدمة تعمل على ترشيد استخراج المياه، مؤكدا أن الدولة مضطرة لذلك مع التكدس السكانى وقلة المساحة الزراعية المنزرعة، والدليل على التطور العلمى فى ترشيد مياه الآبار أنه منذ سنوات كان يتم زرع فدان الأرز بحوالى 60 مترا مكعبا من المياه فى الساعة ومع التقدم أمكن استزراع الفدان بحوالى 15 متر مكعب مياها فى الساعة.
كما تم حفر حوالى 800 بئر فى مناطق الخزان النوبى، لكن معظم المستثمرين لا يلتزمون بالدراسات الموضوعة ولا المقننات المائية الموضوعة، بل إنهم يزرعون محاصيل عالية الاستهلاك للمياه مثل البرسيم، فالمفترض أن تتم زراعة القمح والشعير والذرة، وهذا ما نحتاجه ولأن تلك المحاصيل تستهلك نصف ما يأخذه البرسيم.
وللعلم هناك آبار محفورة منذ الستينيات ونتيجة تآكل قطر الماسورة المحيطة بالبئر تندفع المياه بشكل مستمر لتهدر فى الأراضى الصحراوية، مما ترتب عليه تكون برك «بحيرات صناعية» مثل بحيرة موط فى الوادى الجديد، ومعظم بحيرات سيوة عبارة عن آبار متدفقة، صحيح أنه يتم استغلالها سياحيا، لكن الحاجة الأهم هو توفير وتخزين تلك المياه لرى الأراضى الزراعية والشرب، وهناك مزارعون يقومون بحفر الآبار بأدوات بدائية يترتب عليها إهدار المياه أكثر من المطلوب استخدامه، وهذا يحدث فى المناطق التى تخرج فيها المياه من الآبار تحت ضغطها الذاتى أى بدون مضخة.
ويطالب الجيولوجى على ورور بوجود قوانين صارمة فى استخدام المياه الجوفية بأسلوب الرى الحديث بالتنقيط أو استخدام المحاور ومنع الزراعة بالغمر تماما خاصة فى الأراضى الصحراوية.. لأن نتيجة إهدار المياه بدأ منسوب المياه يهبط فى واحات الخارجة والداخلة.
والآبار المتروكة متدفقة بدون سيطرة فنية عليها لقدم البئر يجب غلقها، وحفر آبار جديدة يمكن تشديد وسائل التحكم من خلال المحابس الحديثة لأن الآبار القديمة التى حفرت على قطر 9 بوصات نتيجة إهدار المياه اضطررنا إلى تغيير قطر الحفر إلى 14 بوصة واستخدام المضخات لهبوط المياه للأعماق.
ويؤكد الجيولوجى على ورور أنه يتم إهدار 30% من مياه الآبار الموجودة حاليا بسبب عدم الرقابة سواء من وزارة الرى أو المحليات، كما أن بعض المناطق مثل شرق العوينات بها مناطق مجهزة للاستصلاح يجب ألا تتعدى مساحات استزراعها 220 ألف فدان بكميات من مياه الآبار تصل إلى 7,4 مليون متر مكعب فى اليوم، أى 250 مترا مكعبا/ ساعة للبئر، وذلك حسب الدراسة المهمة التى قامت بها الشركة العامة للبترول مع جامعة برلين.
يؤكد الدكتور مغاورى شحاتة - رئيس جامعة المنوفية الأسبق وأستاذ المياه الجوفية - أن معظم الدراسات التى أجريت على آبار الخزان الجوفى النوبى لم تتفق فى تحديد رقم متقارب من حجم المياه الجوفية فى الصحراء الغربية، ويرجع ذلك إلى نقص المعلومات وضعف الدراسات التى أجريت فى مراحل مبكرة واستخدام بيانات غير دقيقة وإهدار الخبرات المصرية فى مجال المياه الجوفية، وقد أدى كل ذلك إلى عدم تمكين متخذى القرار لوضع سياسة استخدام أمثل للمياه الجوفية فى الخزان النوبى.
ويضيف إن ما حدث من انخفاض فى الضغوط وبالتالى كمية المياه فى منطقتى الداخلة والخارجة ليس دليلا على قلة المياه، لكنه مؤشر لسوء إدارتها، وذلك بسبب سوء توزيع الآبار وتقارب المسافات بينها.
أيضا سوء تصميم الآبار والتركيز على السحب من نفس النطاق وسوء مادة المواسير المستخدمة فى الآبار أدى إلى تآكل بعضها خاصة مواسير المصافى، وبالتالى أدى ذلك إلى تناقص الضغوط وقلة إنتاجية الآبار.
الاختلافات فى تقدير كميات المياه الجوفية فى الخزان الجوفى - كما يقول د. مغاورى - هى أهم القرائن التى يتخذها المنادون بعدم وجود مياه جوفية كافية فى الصحراء الغربية، مما أدى إلى صرف النظر عن استثمار المياه الجوفية فى بعض الفترات رغم أهميتها.
من أهم التجارب الناجحة فى استغلال المياه الجوفية ما قام به اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية عندما كان محافظا لقنا، حاول وقف التعدى والبناء على الأراضى الزراعية فقرر مد 5 طرق من آخر شريط أخضر على طول محافظة قنا، وذلك حتى الظهير الصحراوى، وأقر مشروعا بتملك ألف متر لكل مواطن بسعر المتر 10 جنيهات، وبين المسافات التى أقرها المحافظ للبناء كانت هناك مساحات بين كل أراض للبناء خصصها للزراعة وإعطاء 20 فدانا بواقع 50 جنيها للفدان، وقال اللواء عادل لبيب ل«روزاليوسف» سألت الدكتور محمود أبوزيد عندما كان وزيرا للرى بمد ترع من مياه النيل فأكد أن استغلال النيل من الصعوبة ويحتاج أدوات رفع، وأكد لنا وزير الرى أنه يمكن استغلال آبار الخزان النوبى، لكن وجدنا أن عمق و186 مترا فقط فاستعنا بما يسمى الخزان العلوى، وبالفعل أقرت لجنة الزراعة بمجلس الشورى استصلاح واستزراع الظهير الصحراوى لمحافظة قنا.. ومازال هذا المشروع ساريا حتى الآن.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق