إلى كل الأطراف واللاعبين.. إلى المجلس العسكرى وحكومته.. إلى ائتلافات الثورة وقادتها ومفكريها ومنظريها.. إلى الإخوان المسلمين وقادتهم وأعضائهم وأنصارهم وحزبهم.. إلى السلفيين بأطيافهم ومنابرهم وأتباعهم.. إلى الأحزاب القديمة والجديدة والوليدة.. إلى مرشحى الرئاسة المحتملين وغير المحتملين.. إلى الشعب المصرى كله: نحن أمة فى خطر.. أنت - قطعاً - لست بحاجة لأن أقول لك أين هى مكامن الخطر.. فما المسؤول بأعلم من السائل.. الخوف يسكن الجميع.. والخطر يفترش خريطة مصر..!
إلى كل اللاعبين والمقامرين: ثمة مصير ينتظرنا سوف نكتبه بأيدينا.. أمامنا النماذج واضحة.. ففى ظل الحالة الراهنة إما أن نصبح العراق.. لبنان.. السودان.. أو «تركيا والبرازيل وماليزيا».. أربعة مصائر، ثلاثة منها أقرب إلى الجحيم، والرابع هو الحلم الذى يراودنا جميعاً.. هو الحلم الذى قامت من أجله الثورة، وهو أيضاً ما لم نفعل من أجله شيئاً حتى الآن..!
العراق.. يوماً ما كان قوة العرب الصاعدة.. بلداً يمتلك عناصر النمو وفرص التطور.. ثروات طبيعية بلا حدود، وقوى بشرية تخترق الحدود.. لذا كان لابد من «اغتيال» هذا البلد العربى قبل أن يتحول إلى قوة عظمى فى الشرق الأوسط، وسواء كان بيد صدام حسين أو بغبائه السياسى أو بمؤامرة دولية، أو كل ذلك معاً، أصبح العراق مستعمرة للغرب، وبؤرة للعنف، وأرضاً خصبة للإرهاب.. والمحصلة: ضاع العراق.. وبترت أمريكا وإسرائيل اليد اليسرى من جسد العرب..!
لبنان.. واحة العرب الساحرة.. مشروع نموذجى لدولة سياحية بلا أعداء.. كان لابد أن تتحول إلى كيان طائفى لا يعرف التسامح.. أكلت نفسها بنفسها.. وأراد لها الغرب وإسرائيل أن تصبح «ملعب» لكل الدول وأجهزة المخابرات، وصادقت هى على هذا القرار بخاتم الطائفية الدينية والسياسية.. ومن يصعد جبل بيروت سيلمح دمعة قانية تنحدر من السفح إلى خدّ المدينة الجريحة دائماً.. والمحصلة: شعب متحضر يعشق الحياة، لكنه يعيش فى «ملعب» كبير للأعداء..!
السودان.. سلة غذاء العرب التى تعيش على الكفاف.. أرض تنبت على نفسها.. وشعب عريق ومثقف.. بوابة مصر والعرب إلى أفريقيا.. وبلد يحتضن النيل فى عنفوانه.. كان بمقدوره أن يصبح قلب العرب النابض بالخير.. لذا كان لابد من تقسيمه، ومخططات التقسيم والتفتيت تولد دائماً من رحم الطائفية الدينية أو العرقية.. ومن أجل ذلك تعمل أجهزة المخابرات دائماً.. فقأ الغرب عيناً للعرب.. وسوف يمضى السودان عقوداً وعهوداً فى تضميد جراح التقسيم، لكنه لن ينسى أنه ذاته كان أحد الأسباب الرئيسية فى نجاح المؤامرة.. والمحصلة: بلد كبير يمشى على «عكاز مكسور»..!
مصر أيها المقامرون هى كل هؤلاء مجتمعين.. هى العراق بثرواته الطبيعية والبشرية بل ويزيد.. وهى لبنان بسحرها وأكثر وفتنتها للسائحين وأشد.. وهى السودان بأرضه ونيله واتساعه وخيره.. وهبها الله عز وجل من كل بقعة ووطن آية.. هى اليد اليمنى للعرب التى لم تُبتر بعد أن ضاع العراق.. وهى دفقة التسامح ومخزون التماسك بعد أن تمزق لبنان.. وهى الجسد الواحد المتوحد بعد تفتيت السودان.. هى القلب إذن.. والقلب سر الحياة، وآخر ما يستسلم فى أعضاء الجسد.. فهل ندرك ما نفعل الآن؟!
نحن أيها المقامرون نوجه طعنات نافذة إلى القلب.. لم نتعلم الدروس ولم نتفحص المصائر.. نلهث وراء مكاسب شخصية ونتطاحن على مصالح ضيقة.. ولأن مصر جمعت فضائل شقيقاتها، فإن الخطر عليها أعظم.. مصير العراق غير بعيد، وسيكون بأيدينا.. عنف ودم وسيادة مهددة.. ونيران الفتنة فى لبنان لها رماد فى أرضنا، وليس صعباً على من يريد إشعالها أن ينفخ قليلاً، ونحن سنكمل كل شىء.. وشبح تقسيم السودان يطل من فم الأفعى، فإذا كانت دعوات حماية الأقليات الدينية فى مصر تُطرح الآن على استحياء فإن التاريخ علمنا أن المخططات الكبرى والمؤامرات العظمى تبدأ دائماً على استحياء..!
فى العراق ولبنان والسودان.. كان «المصير» يكتبه أهل الدار.. تلك هى الوصفة السحرية التى توصل إليها الغرب.. ونحن فى مصر لا نتعلم من الآخر، وإنما نهوى دائماً التعلم فى أنفسنا..!
كلنا نجلس على مائدة قمار كبيرة.. مائدة تمتد من أسوان إلى الإسكندرية.. مائدة لها عروق وشرايين وتتدفق فيها الدماء.. وأدوات اللعبة سكاكين وسنج وحجارة و«مولوتوف» ومؤامرات وصفقات وشعارات جوفاء.. والقلب يدمى.. والنبض يخفت.. والمقامرون يواصلون اللعب فى قلب مصر..!
■ المصير الرابع.. لاحقاً..!
melgalad@almasry-alyoum.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق