السبت، يوليو 23

أراء حرة - طهر قلبك من الحسد (3)

أراء حرة - طهر قلبك من الحسد (3)
طهر قلبك من الحسد (3) بقلم: جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
155
عدد القراءات
الحاسد إنسان سلبي إن من يلجأ إلى الحسد والنظر لما عند الغير إنسان غير سوي نفسيا وهو إنسان سلبي في تعامله، فالأولى له بدلا من أن يتمنى زوال النعمة من عند أخيه فليجتهد ويأخذ بأسباب النجاح والتفوق كي يحقق مثلها وربما أفضل منها، بدلا من أن يحصد ثمار الخيبة والتقاعس، فليجتهد وليزرع شجرة وليضئ شمعة خير له من أن يلعن الظلام، ورحم الله الشيخ الشعراوي عندما سمعته يتحدث عن الحسد وضرب مثلا لذلك فقال: "لو أن طالبا نبغ في بلدك ودخل كلية الطب ولم يتحقق ذلك لولدك، فلِمَ تحسده وتحسد أباه على ذلك؟! أوليس من الأ

وللحسد حالات أولا: أن ينظر المرء إلى ما عند الغَيْر من نعمة دنيوية، فيتمنَّى زوالَها عنه، سواء تمنى انتقالها إليه أو لم يتمنَّ ذلك، وهذه الحالة هي المُرادَة بالحسد عند الإطلاق، وذلك حسد مذموم؛ لأن الحاسد كالساخط على قضاء الله تعالى، وهو مَنْهي عنه، فقد رُوِيَ عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "الحسد يأكل الحسناتِ كما تأكل النارُ الحطب" ورُوِيَ عن معاوية بن حيدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "الحسد يُفْسِد الإيمان كما يُفْسِد الصبرُ العسلَ". ثانيا: أن ينظر المرء إلى ما عند الغير من نعمة أخروية كالتَّدَيُّن والعبادة والطاعة والذكر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والالتزام بشرع الله تعالى ونحو ذلك، فيتمنى زوالها عنه سواءً تمناها لنفسه أو لا، وذلك حسد مذموم كذلك للنصوص الدالة على حكمه، فإن استهان بهذه النعمة، وسخِر من صاحبها كما يفعل بعض الجُهَّال فقد أضاف إلى إثم الحسد إثمَ الاستهزاء، وفي هؤلاء يقول الحق سبحانه: {إنَّ الذين أجْرَمُوا كانوا مِن الذينَ آمنوا يَضْحَكون * وإذا مَرُّوا بهم يَتَغَامَزُونَ وإذا انْقَلَبُوا إلى أهْلِهُمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وإذا رَأَوْهُمْ قالوا إنْ هؤلاءِ لضَالُّونَ * وما أُرْسِلُوا عليهِم حَافِظينَ} [المطففين: 29-33]. ثالثا: أن ينظر المرء إلى ما عند غيره من نعمة دنيوية، فلا يتمنى زوالها عنه، ولا يعمل على إزالتها، أو تحويلها عنه بالقول أو الفعل، ولا يتمنى زيادتها له، وإنما يتمنى مثلَها أو أحسنَ منها لنفسه، ويعمل على تحصيل ذلك بطرُق مشروعة، فهذا مباح، بل هو مطلوب لأن التنافس في اكتساب أسباب النِّعم يتحقق به إعمار الأرض ولا يَصدُق على هذه الحالة مُسَمَّى الحسد على وجه الحقيقة، وإنما هي غبطة. رابعا: أن ينظر المرء إلى ما عند الغير من نعمة أخروية، فلا يتمنى زوالها عن صاحبه، وإنما يتمنى لنفسه مثلَها أو أفضل منها، وتلك غبطة محمودة لحديث ابن مسعود السابق: "لا حَسَدَ إلا في اثنتين...". ومِن ثَمَّ فإن الحسد الذي لا يكون فيه تمني زوال النعمة عن الغير هو في الحقيقة غِبْطة، فإذا كانت في طاعة كانت محمودة، وإذا كانت في معصية كانت مذمومة، وأما الحسد الذي يُتَمَنَّى فيه زوال نعمة دنيوية أو أخروية عن الغير، فهو مذموم للنصوص الواردة فيه. الحسد بالعين إن الحسد بالعين حقيقة واقعة ففي الحديث: "العين حقٌّ، ولو كان شيء سابَقَ القَدَرَ لسبقتْه العين"، وكذلك الحسد -وهو تمنِّي زوال نعمة- موجود بين الناس، وهو مذموم. والذي يَحْسُدُ غيره بمعنى من المعنَيَيْن السابقين إنسان ارتكب مُحرَّمًا، وعليه أن يعوِّد نفسه الدعاء بالبركة لمن رأي فيه شيئًا طيبًا، وأن يُحب للناس ما يُحب لنفسه. والمؤمن معرَّض لأنْ يَحْسُده إنسان آخر، وما عليه إلا أن يتحصَّن بقوة الإيمان والثقة بالله وقراءة القرآن وبخاصَّة آية الكرسي وأواخر سورة البقرة وسورة يس، ويدعو الله أن يَقِيَهُ شرَّ الحاسدين ويقرأ أيضا: "قل هو الله أحد، قل أعوذ بربِّ الفلق، قل أعوذ برب الناس" فهذه السور هامة في هذا المجال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر