السبت، يوليو 23

أراء حرة - طهر قلبك من الحسد(2)

أراء حرة - طهر قلبك من الحسد(2)
طهر قلبك من الحسد(2) بقلم: جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
223
عدد القراءات
قال أحد الحكماء: تجنَّبْ أربعة أشياء تَخْلُص من أربعة أشياء‏:‏ تجنب الحسد لتتخلص من الحزن، ولا تجالس جليس السوء لتتخلص من الملامة، ولا ترتكب المعاصي لتخلص من النار، ولا تجمع المال لتخلص من العداوة‏.

يقول صاحب الإحياء أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: الحسد لا يكون إلا على النعمة، ويكون الحسد مذموما إذا تمنى العبد زوال النعمة عن المحسود، أما إذا تمنى أن يكون له مثل أخيه ولا يتمنى أن تزول النعمة عنه، فهذا حسد محمود ويسمى غبطة، والغبطة إن كانت في الطاعة فهي محمودة، وإن كانت في المعصية فهي مذمومة، وإن كانت في الجائز فهي مباحة والغبطة تسمى حسدا مجازا. وقال النووي رحمه الله: قال العلماء: هو حقيقي (أي الحسد): تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصريحة، ومجازي: هو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإذا كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإذا كانت طاعة فهي مستحبة. وقيل: الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا. وقيل: أن تكره النعم على أخيك وتحب زوالها، فتعريف الحسد: كراهة النعمة وحب وإرادة زوالها عن المنعم عليه، والغبطة: ألاّ تحب زوالها، ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها. والمنافسة: هي أن يرى بغيره نعمة في دين أو دنيا، فيغتم ألا يكون أنعم الله عليه بمثل تلك النعمة، فيحب أن يلحق به ويكون مثله، لا يغتم من أجل المنعم عليه نفاسة منه عليه، ولكن غمّاً ألا يكون مثله. وعلينا أن نؤمن أن الله سبحانه لم يجمع النِّعَم الدنيوية عند أحد من خَلْقه، فقد يُعطى المرءُ مالاً وولدًا، ويُحرَم الصحة، أو يُعطى مالاً وصحة، ويُحرَم الولد، أو يُعطى الصحة والولد، ويُحرم المال، أو يُعطى ذلك ويُحْرم الاستقرار والسعادة، وهكذا فإن مَن أُعْطِي نعمة أو أكثر حُرِمَ ما سواها، وأولى بمَن حُرِمَ بعض النِّعَم ألا ينظر إلى ما أنعم الله به على غيره مما حُرِمَ منه؛ حتى لا يصل به الحال إلى عدم شكر الله تعالى على ما أنعم به عليه، أو تَمَنِّي زوال هذه النعمة عن الغير، أو تمنِّي تحولها إليه دون غيره، بل ينبغي أن يَعتَبِر بقول الله تعالى: {ولا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ به بعضَكم على بعضٍ للرجالِ نصيبٌ مما اكْتَسَبوا وللنساءِ نصيبٌ مما اكْتَسَبْنَ واسْأَلُوا اللهَ مِن فضلِه.. }[النساء: 32]. وبقوله سبحانه: {ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنَا به أزواجًا مِنْهم زَهْرَةَ الحياةِ الدنيا لنَفْتِنَهُمْ فيه ورِزْقُ ربِّك خيرٌ وأبْقَى} [طه: 131]، ولا ينبغي أن ينظر إلى مَن فوقه في النِّعَم، بل ينظر إلى مَن دونه فيها، حتى لا يَزْدَري نعمةَ الله عليه، فقد رُوِيَ عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "انْظُروا إلى مَن هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقَكم؛ فهو أجدرُ أن لا تزدروا نعمةَ الله عليكم"، إذ المرء لا يكون على حال في هذه الدنيا، إلا وُجِدَ من أهلها مَن هو أدنى حالًا منه، فإذا تفكَّر في ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممَّن فُضِّل عليه بذلك، فيُلْزِمْ نفسَه شكرَ الله عليها، وأما نظره إلى مَن يَفُوقه في النِّعَم فهو باعث من بواعث الحسد، ولهذا كان الأجدر به أن ينظر إلى مَن دونَه فيها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مدونة نهضة مصر