قبل أن تظهر نتائج التحقيقات في الهجمات المزدوجة، التي كانت العاصمة النرويجية أوسلو مسرحا لها، والتي أدت إلى مقتل ما يقرب من مائة شخص، ظل كثير من المحللين السياسيين والمتخصصين في قضايا الإرهاب يتهمون عبر وسائل الإعلام الألمانية، جماعات إسلامية متطرفة بالوقوف وراء هذا الاعتداء.
وقد ثبت أن هذا الاتهام لم يكن في محله بعد أن اعترف المتهم اندرس، على لسان محاميه، بارتكابه لمجزرة أوسلو، وقيل إنه نرويجي الأصل والجنسية وينتمي إلى اليمين المتطرف.
وفي حوار مع مجلة (دويتشه فيله) يرجع الخبير الألماني في شئون الجماعات الإسلامية وقضايا الإرهاب، لوتس روجلر، هذه الاتهامات المسبقة للجماعات الإسلامية المتطرفة إلى الأجواء الأمنية المشحونة التى خلفتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأيضا إلى انتشار مناخ يتسم بنوع من الكراهية والخوف من الإسلام داخل المجتمع الألماني تستغله الجماعات اليمينية المتطرفة، كما يرى الخبير الألماني أن بلاده ليست بمنأى عما وقع في النرويج، بالنظر إلى نشاط اليمين المتطرف في البلاد منذ مدة طويلة.
وذكر أنه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر نعيش في أجواء أمنية تساعد على هذا الاتهام المتسرع الموجه للمجموعات الإسلامية المتطرفة بعد القيام بأعمال إرهابية في أوروبا.
من جهة أخرى كانت هناك أعمال إرهابية متوقعة منذ مدة في ألمانيا وأوروبا أعلن عنها تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن، وكذلك بسبب وجود قوات غربية في أفغانستان. وبالتالي كانت وسائل الإعلام وأجهزة الأمن الداخلي قلقة من احتمال وقوع أعمال إرهابية داخل الأراضي الأوروبية.
وقال الخبير الألماني في شئون الجماعات الإسلامية وقضايا الإرهاب، لوتس روجلر فى حوار مجلة (دويتشه فيله): "لقد ساهمت أجواء العمليات الإرهابية التي سادت في الأعوام الأخيرة، في نشوء نوع من الهستيريا داخل المجتمع، وزادت من حدة مناخ يتسم بنوع من الكراهية والخوف والمعاداة للإسلام بشكل عام. وتستفيد الجماعات اليمينية المتطرفة الموجودة في ألمانيا من هذه الأجواء، وهي تسهم بدورها في تصعيد هذا التوتر داخل المجتمع الألماني.
وذكر للأسف الشديد، دار هذا النقاش حول رفض مبدأ التعدد الثقافي في السنوات الأخيرة ولازال يدور في ألمانيا، شأنها في ذلك شأن مجتمعات أوروبية أخرى، وهذا النقاش يدور خاصة حول المهاجرين المسلمين وكيفية التعامل معهم داخل المجتمعات الأوروبية. وفي خضم هذا النقاش ظهرت أصوات وقوى سياسية معادية جدا للوجود الإسلامي في أوروبا. مما ساهم للأسف الشديد في قبول بعض الأطروحات العنصرية وشبه العنصرية المعادية لوجود الأجانب داخل المجتمعات الأوروبية ومنها المجتمع الألماني.
وأضاف أن منظمات اليمين المتطرف موجودة في ألمانيا منذ زمن بعيد، وهي تتابع أيضا ما يجري في بلدان أوروبية أخرى بما في ذلك النرويج، أو هولندا، حيث حصلت أحزاب اليمين المتطرف على عدد كبير من الأصوات في الانتخابات البرلمانية هناك. ولا يمكن أن نقول إن في ألمانيا، لا يمكن أن يحدث ما حدث في النرويج، لأن المناخ العام في البلاد، حتى ولو اتسم بشيء من التسامح والتعايش داخل المجتمع، فهذا المناخ يتسم أيضا بالكراهية والعداء تجاه المسلمين والإسلام في بعض الأوساط داخل المجتمع الألماني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق