التهاب الكبد الفيروسى الحاد .. التعافى بالغذاء
آخر تحديث: الاثنين 25 يوليو 2011 11:04 ص بتوقيت القاهرة
«مهما قدرت على أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية.. ومهما قدرت على أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب»
عرف العرب أصول علم التغذية العلاجية فى العصر الوسيط قبل أن تنهض أوروبا من عصور الظلام. دونوا الملاحظات ووصفوا التجارب العلمية وربطوا بين الطعام والأمراض وذكروا الأعشاب وتأثيراتها. ظلت كتبهم مراجع فى جامعات أوروبا فى عصر النهضة بولونيا وبادو فى إيطاليا ومونبيلييه وباريس فى فرنسا وأدنبرة وكامبردج بإنجلترا. هذه ليست دعوة لتجاهل الأدوية متى كانت ضرورة لكنها دعوة لإعادة النظر فى أهمية الغذاء ودوره فى أيام الصحة وساعات المرض. الكبد.. ذلك العضو النبيل فى جسد الإنسان والذى تجرى فيه آلاف العمليات الحيوية المعقدة التى تحفظ على الإنسان صحته وتسانده فى مرضه، بينما هو صامت وديع لا يبدى حراكا ولا يشعر الإنسان بوجوده، رغم كل تلك التفاعلات النشطة والحركة الدؤوب المستمرة إلا إذا أصابه مرض وسكنه الألم. علاقة الكبد بالغذاء علاقة متبادلة فهو مخزن الطاقة الذى يختزنها، صور كثيرة مختلفة تمد الجسم بها وقت الحاجة، بينما هناك أمراض كثيرة قد تصيب الكبد بما يدمر خلاياه ويعوق وظائفه منها تسمم الكبد الذى يواكب السمنة فيحتل الخلايا ويفسد عملها، الأمر الذى يحدث خللا فى أماكن عديدة من الجسم أهمها المخ. ● دور الكبد الحيوى المهم للتغذية: الكبد هو مصنع الغذاء الذى يتيح للإنسان استقبال ما يأكله فى صورة ملائمة تماما لطبيعة خلاياه وأنسجته كل وفقا لحاجته وما يمكنه من أداء دوره على الوجه الأكمل. بعد تمام عملية الهضم التى تبدأ من الفم وتستمر فى المعدة ثم الأمعاء يمر الطعام إلى الكبد بعد امتصاصه من خلال شبكة من الأوردة تبطن جدران الأمعاء. يمر الطعام من خلال الدورة البابية عبر الوريد البابى إلى الكبد. يستقبل الكبد أنواع الغذاء على اختلافها الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والمعادن والفيتامينات كل له مساره وناتجه. يحول الكبد السكر إلى سكر مركب معقد «الجليكوجين» يختزن كرصيد للطاقة، حينما يحتاجها الإنسان يحولها الكبد نفسه إلى سكر جلوكوز يأخذه مرة أخرى للدم ليحافظ على مستواه دون تذبذب. أما البروتينات، فالكبد يستقبلها فى صورتها البسيطة أحماض أمينية يعيد تركيبها الجسم وتنتهى تلك العمليات الحيوية غالبا بتكوين مادة الأمونيا السامة الذى يتصدى لها الكبد فى عملية معقدة ليحولها إلى بولينا تفرزها الكلى فى البول. للكبد أيضا قدرة على تحويل البروتين لوحدات سكر إذا ما انخفضت مستويات السكر واحتاج الجسم طاقة. أما الدهون فالكبد يسهم فى هضمها بتوفير السائل المرارى وإذا زادت يتم تخزينها فى هيئة دهون ثلاثية «تراى جلسيرايد». ● دور التغذية فى حالات التهاب الكبد الحاد:
مع تعدد الفيروسات المسببة لالتهاب الكبد الحاد واختلاف طرق العدوى والتباين الكبير فى مستقبل المرض والمريض إلا أن قواعد التغذية لا تختلف، إذ إن الهدف دائما يظل حماية خلايا الكبد ودعمها فى المرحلة الحادة من المرض ثم العمل على دعمها بصورة أخرى وحمايتها من أعراض سوء التغذية ونقص العناصر الأساسية التى يسببها المرض والتهاب الخلايا فى المرحلة اللاحقة التى هى إما مرحلة التعافى من المرض أو تحوله إلى مرض مزمن يلازم خلايا الكبد ويؤدى غالبا لتليفه. ــ التهاب الكبد الفيروسى الحاد غالبا ما تصاحبه أعراض واضحة مثل الشعور بالتعب والإجهاد لأقل جهد والعزوف عن الطعام وفقدان الشهية وربما الغثيان والقىء والإسهال وآلام البطن خاصة مع تضخم الكبد مع الملاحظات المعروفة عن البول والبراز «البول فى لون الشاى والبراز فاتح». ــ العرض الأول من النظام الغذائى هو دعم خلايا الكبد فى مواجهة عدوان الفيروس عليها بتوفير كل العناصر الغذائية التى يحتاجها الكبد مثل مضادات الأكسدة على اختلاف مصادرها وما يطلق عليه الأغذية الوظيفية التى لها أثر العلاج على الكبد والوقاية ربما قبل المرض. ــ من الحكمة أن يرتبط النظام الغذائى بما يحقق تقدما أفضل لحالة المريض فرغم الاتفاق على الأساسيات فإن لكل إنسان خصوصية حتى فى المرض لذا يجب دائما مراجعة مفردات النظام الغذائى وفقا لحالة المريض وفترة المرض وما يحققه من خطوات فى اتجاه التعافى. ● ماذا يأكل إذن مريض التهاب الكبد الفيروسى الحاد؟: ــ يجب أن تغلب السكريات والنشويات معقدة التركيب على غذاء المريض، فتحتل نسبة ما لا يقل عن 55٪ من نسبة ما يأكل مثل الأرز والمكرونة المسلوقة والبطاطس والبطاطا وكل ما يحلو له من الخضراوات المطهية على البخار «البروكلى، الجزر». ــ يظل عالقا فى الأذهان، معتقد أن مصاب التهاب الكبد يجب أن يقتصر غذاؤه على عسل النحل والعصائر. الواقع أن عسل النحل بالفعل مفيد ومكوناته 20٪ من الماء إلى جانب 75٪ من السكريات المختلطة والجلوكوز، الفراكتوز، السكروز ثم بعض من الأملاح المعدنية والفيتامينات وبعض الانزيمات الهاضمة مثل الأميليز وقد يحتوى على حبوب اللقاح وفقا للموسم الذى تم جمعه فيه وبعض من المركبات التى تعد مضادات حيوية طبيعية وهو مصدر جيد وسهل للطاقة التى تمد الإنسان بصورة سريعة مباشرة ويكفى الإنسان منه ثلاث ملاعق كبيرة يوميا «50 جراما» تزيد فائدتها إذا ما تمت إضافتها للبن الزبادى خاصة فى الإفطار الوجبة التى يجب التأكيد عليها دائما. ــ البروتينات: لها أهمية فى إعادة بناء خلايا الكبد ويمكن تناولها فى حدود 1.5 جرام لكل كيلو جرام من جسم الإنسان ويفضل تنوع مصادرها بين اللحم البتلو أو لحم الدجاج الأبيض منزوع الجلد أو الأرانب ويفضل أيضا إما شيها أو سلقها أو طهيها على البخار فى المرحلة الأولى من المرض. البروتينات النباتية لها أيضا دورها مثل الفول المصفى والفاصوليا واللوبيا وعيش الغراب. ــ لا يمكن تجاهل الدهون بصورة قاطعة فأقل القليل منها لازم ليس فقط لإضفاء الطعم الطيب على الطعام إنما لأنها لازمة للطاقة أيضا حتى لا يلجأ الكبد لتكسير البروتينات العملية التى يصاحبها خروج الأمونيا، الأمر الذى قد يربك الكبد ويبدد طاقته فى تحويلها للبولينا التى تفرز فى البول. ــ شرب الماء أمر حيوى ولازم لعمليات الجسم الحيوية ولتعويض فقدان السوائل فى العرق أو الإسهال. ــ كل أنواع العصائر الطازجة متاحة ومستحبة خاصة عصائر الخضراوات التى يمكن خلطها لتنوع المذاق «الكرفس مع التفاح الأخضر والجزر والبرتقال» الجزر، الطماطم، البقدونس، الخيار، الأناناس، التفاح، كلها مفيدة مختلفة المذاق غنية بمضادات الأكسدة. قد لا يحتاج الإنسان إلى أى إضافات غذائية أو فيتامينات إذا تناول غذاء صحيا متنوعا تحضر فيه الكربوهيدرات بقوة إلى جانب مضادات الأكسدة من مصادرها الطبيعية والبروتينات وتنحسر الدهون. ــ الراحة أمر نسبى يرجع للمريض نفسه: يحسن أن يلجأ إليها فى الأيام الأولى لكن التعافى يبدأ مع الرغبة فى الحركة. قد لا يحتاج التهاب الكبد الفيروسى إلا لحكمة أبو بكر الرازى ليتعافى من مرضه ويعاود أيام الصحة والعافية