المحافظات - اغتيال ترعة المحمودية.. والفاعل معلوم!
تستحق أن يطلق عليها الآن المرض المستعصي بعد ان تحولت الي جزء خبيث موبوء بجميع الأمراض البيئية والاجتماعية ويستدعي الامر ضرورة اجراء جراحة عاجلة لانقاذها..
انها ترعة المحمودية بالاسكندرية ترعة مياه الشرب العذبة تلك الترعة التي أمر محمد علي بحفرها في8 مايو عام1807 لتبدأ من النيل قرب قرية العطف وقتها لتصل مياه النيل للإسكندرية ولتكون أيضا ممرا مائيا للمراكب التجارية بين الاسكندرية ومياه النيل, وقد أولي محمد علي عناية كبيرة لهذه الترعة وبذل جهودا جبارة من أجل الانتهاء منها وكان الغرض من انشاء هذه الترعة إحياء الاراضي بمديرية البحيرة وجعل الترعة طريقا للمواصلات النيلية بين الاسكندرية وبقية المديريات.
وقد عهد محمد علي بتصميم حفر ترعة المحمودية الي مهندس فرنسي يدعي المسيو كوست, وفي يوم24 يناير عام1820 تم الانتهاء منها حيث بلغ طولها76 كيلو مترا في المسافة الواقعة عند مديرية العطف في رشيد وحتي مصب الترعة عند منطقة مينا البصل وهي بذلك تمر في الاسكندرية والبحيرة حيث يبلغ طول الجزء الواقع بمحافظة البحيرة حوالي58 كيلو مترا بينما طول الجزء الواقع بمحافظة الاسكندرية والذي يخترق احياء المنتزه وشرق ووسط وغرب حوالي18 كيلو مترا..
ويشهد التاريخ وفاة أكثر من10 آلاف من الفلاحين اثناء حفر الترعة تم دفنهم علي جانبيها لذلك أطلق عليها ملحمة الشهداء.. وقد أطلق عليها ترعة المحمودية بعد ذلك نسبة الي السلطان محمود الثاني سلطان الاستانة لأن مصر أيام محمد علي كانت ولاية عثمانية ومن نتائج حفر ترعة المحمودية أن صارت تعمل بها السفن التجارية التي تحمل حاصلات البلاد الزراعية وواردتها وكانت سببا في عمران البلاد وإحياء أراضيها واتسعت حركة التجارة.. كما ساعدت مياه الترعة علي الاكثار من الزراعة وإنشاء البساتين والحدائق علي ضفافها الي جانب انها المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمحافظتي الاسكندرية والبحيرة..
وقد شجع جمال وروعة الترعة بعد الانتهاء منها العديد من الاغنياء وصفوة المجتمع أن آنذاك الي القيام ببناء القصور والفيلات علي جانبي الترعة للاستمتاع بالجمال والهدوء هذه كانت الصورة الرائعة لترعة المحمودية في الماضي الجميل..
أما الحاضر فيتباكي علي هذا الشريان المائي التاريخي بنظرة متأنية علي ترعة المحمودية... المصدر الرئيسي لمياه الشرب نجدها وقد تحول الي مقالب للقمامة علي الجانبين بل وداخل المجري المائي ذاته الذي يئن من انخفاض منسوب المياه به حتي أصبحت اجزاء كبيرة منه مياها ضحلة نتيجة قلة المياه فتحولت الي مقالب للقمامة والحيوانات النافقة التي أصبحت مشهدا طبيعيا لرؤية الحيوانات طافية علي صفحات مياه الترعة..
وفي بعض المناطق بالترعة والتي خدمها الحظ بموفور من المياه أصبحت حمام سباحة للخيول والحيوانات, وقد تحالف ورد النيل مع إهمال المسئولين وقلة وعي المواطنين في اختفاء أجزاء كبيرة من الترعة بجميع أنواع المخلفات.. وفي عام1992 تنبه المسئولون بمحافظة الاسكندرية الي وجود هذا الشريان المائي المهم فأعلنوا عن خطة لتطهيره وتطويره ليصبح الكورنيش الثاني لمحافظة الاسكندرية وكم كانت فرحة الشعب السكندري بهذا القرار الذي بدأ تنفيذه بتبطين جانبي الترعة بعدد من المناطق التي تمر بها وذلك بتكلفة بلغت عشرات الملايين من الجنيهات... وللأسف لم يستكمل هذا المشروع لماذا لا ندري؟
أما علي جانبي الترعة فالصورة لا تقل بشاعة فقد قام العديد من المواطنين باحتلال المسطحات الخضراء وتحويلها الي أماكن للإجرام وأيضا قام البعض ببناء الزرائب للحيوانات ومخازن الخردة وخلافه..
والحال لا يختلف كثيرا في المناطق التي تمر بها الترعة بمحافظة البحيرة حيث شهدت الترعة إلقاء أطنان من الصرف الصحي داخل جوفها وهو الصرف الناتج من مدن شبراخيت والرحمانية ودمنهور علي الرغم من أنها المصدر الاساسي لمآخذ محطات مياه الشرب في محافظتي الاسكندرية والبحيرة ترعة المحمودية مسئولية من؟ سؤال توجهنا به لجهاز شئون البيئة بالإسكندرية فجاء الرد من مصدر مسئول حيث أكد بقوله.. كل المسطحات المائية مسئولية وزارة الاشغال والموارد المائية اما فيما يتعلق بترعة المحمودية.. فقد قامت المحافظة بالتنسيق مع وزارة الاشغال والموارد المائية بوضع خطة لازالة جميع التعديات والاشغالات الموجودة علي مسطح الترعة منذ عام1992 ثم بدأنا بعد ذلك مرحلة تطهيرها لتعود مجري ملاحيا ومصدرا لمياه الشرب مع تطوير جانبي الترعة والمناطق المحيطة بها وإنشاء كورنيش علي جانبي الترعة مع وجود مساحات خضراء,..
ويستطرد قائلا.... كما تقوم شركة الغاز الطبيعي بالتعاون مع جهاز شئون البيئة بتحويل الشركات التي تقع علي جانبي الترعة والتي تستخدم المازوت كوقود مما يؤثر سلبا علي البيئة بسبب الانبعاثات الغازية الناتجة عن ذلك واستخدام الغاز الطبيعي كوقود وجار حاليا تحويل32 شركة تستخدم المازوت كي تستخدم الغاز الطبيعي
اغتيال ترعة المحمودية.. والفاعل معلوم!
الإسكندرية: حنان المصري
622
كانت تستحق عن جدارة أن يطلق عليها ميدان الشهداء أو ملحمة الشهداء منذ ان كانت حلما يراود المصريين قبل200 سنة ولكن مع مرور كل تلك السنوات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق