مريوط بحيرة فى خطر
استاذ دكتور عبدالعزيز نور
كلية الزراعة جامعة الاسكندرية
nouraziz2000@yahoo.com
ان اهتمام القيادة السياسية بضرورة التحرك الفورى لانقاذ اهم الثروات الطبيعية فى بحيرات مصر الشمالية للحفاظ على الثروة السمكية وتنشيط السياحة الداخليةيعد حدثا هاما ولايقل اهمية عن اى مشروع قومى عملاق تنفذه الدولة حاليا فى مختلف أنحاء البلاد . وهذة المقالة مشاركة منى فى هذا الحدث الكبير ،اقدم فيها خلاصة جهودى العلمية على مدى أربعون عاما مضت مع تحمسى الشديد بل وتفاؤلى بان الاستزراع السمكى فى مصر هو السبيل الرئيسى لتنمية الثروة الحيوانية وتوفير البروتينات الحيوانية الرخيصة للمواطنين .
وعنوان المقال هو اسم كتاب نشرة المرحوم الاستاذ الدكتور عادل ابوزهرة عام ٢٠٠٠ ويتضمن صرخة مدوية لكارثة كبيرة ألمت بالبحيرة وتعرضت للتحديات وقدمت الحلول .|.....ولقد كان لى شرف مسؤلية كتابة فصل كامل عن مشروعات الاستزراع السمكى لشباب الخريجين ببحيرةمريوط وهى البحيرة التى قضيت فيها سنوات طويلة من عمرى مستاجرا ومستثمرا لمزرعة سمكية بمنطقة مرغم غرب بطريق شركات البترول مساحتها عشرة أفدنة فى الفترة من ١٩٨٥ وحتى ٢٠١٠ ونجحت فى تحويل الهيش والأحراش وماتحوية من ثعابين برية الى مزرعة متكاملة بها زروع وحيوانات واسماك . كنت أربى بالمزرعة عجول الجاموس والأبقار بنظام الرعى الطبيعي فى الغطاء النباتى الفسيح حول المزرعة طوال اليوم مع وجبة علف مركزة إضافية تقدم فى الحظائر فى نهاية اليوم وذلك للحد من تكاليف التغذية وإنتاج بروتين حيوانى رخيص معتمدا على ماتحوية ضفاف البحيرة من اعلاف طبيعية متنوعة .
وفى مزرعة مرغم وفرنا البنية اللازمة لإجراء بحوثنا العلمية و اجرى احد الطلاب آنذاك وهو عميد لاحد كليات جامعة الاسكندرية العريقة حاليا بحوثة اللازمة لحصوله على درجة الماجستير ونفذنا فيها العديد من البحوث العلمية المتعلقة بتكثيف الانتاج السمكى المستزرع وكان الملفت للنظر اننا أقلمنا سمكة القاروص لتحمل درجات الملوحة المنخفضة واطلقناها فى احد الأحواض لنفاجئ بوزن ٦٠٠ جرام للسمكة بعد ستة اشهر فقط من إلقاء الاصبعيات وكنا نربى البلطى والبورى واللوت كمحاصيل أساسية . اذكر أيضا انه بعد عودتى من زيارة للمزارع السمكية بامريكا عام ١٩٩١ وبعد ماشاهدتة هناك من تبطين جوانب الأحواض برقائق البلاستيك الاسود فقررت تنفيذ ذلك بأحواض المزرعةلمنع نمو البوص الذى يحوى الثعابين التى تتغذى على سمك المزرعة فتقدم الأهالي بشكوى ضده اننى حولت المزرعة لحمامات سباحة وهم معذورون فلم يدركوا حجم التقدم العلمى والإنجازات فى الاستزراع السمكى آنذاك وهو مانراة واقعا اليوم .
البحيرة تعانى من العديد من التحديات وهذة التحديات ليست وليدة هذة الأيام ولكن جذورها تمتد الى يوم ان اتخذ الأمريكان من خلال هيئة المعونة الأمريكية فى بداية ثمانينات القرن الماضى قرارهم بإلقاء مخلفات الصرف الصحى لمدينة الاسكندرية بالكامل ببحيرة مريوط بدون معالجة ولسوء حظ البحيرة ان تتركز حولها مصانع تكرير البترول والسيراميك وغيرها ويتم صرف الكيماويات الخطرة على البحيرة خلسة ودون رقابة صارمة ونظرا لغياب جهة واحدة مسؤولة عن البحيرة وغياب التنسيق بين الوزارات المختلفة بدأ الخلل الناجم عن تناقص منسوب المياة والاطماء وجفاف مساحات كبيرة من أطراف البحيرة مما شجع الجميع تنفيذيين او اهالى على حد سواءعلى التعدي بالردم والبناء عليها . ولقد ساهمت حادثة غرق الاسكندرية فى الآونة الاخيرة فى التشديد على ضخ كميات متزايدة من مياة البحيرة للبحر تحسباوتفاديا لاخطار قد تهدد مدينة الاسكندرية بالغرق . كل هذة العوامل مجتمعة أدت الى ازدهار المياة بالعناصر ونمو غزير للنباتات المائية وانتشار البوص والبلانكتون النباتى والحيواني وخلل فى جودة المياة وتدهور شديد فى الانتاج السمكى فى البحيرة ونقص حاد فى أرزاق الصيادين وايواء الهاربين من العدالة وتجار المخدرات وخلافة من مشاكل امنية جسيمة تجرى بعيدا عن اعين الشرطة .
ان تجربتنا الرائدة التى اجريت على مدار ست سنوات متصلة والمنشور نتائجها فى ارقى الدوريات العالمية عن نتائج الاستزراع السمكى وتنمية الثروة الحيوانية لدى شباب الخريجين بقرية الجمالية على شواطئ بحيرة المنزلة بحافظة الدقهليه حيث قمنا بتربية سمكة المبروك الفضى التى تتغذى على الهوائي النباتية (الطحالب ) لتنمو بمعدل من كيلوالى كيلو وربع للسمكة فى العام الاول ومضاعفات ذلك فى الأعوام التالية وتحقيق انتاج سنوى ٣ طن للقفص الواحد (10x10x3متر ) بدون استخدام اى اعلاف صناعية ولتحد من النمو العشوائى الغزير للطحالب فى البحيرة بما يسهم فى افساح المجال للأسماك الأخرى للتواجد والتكاثر مع تربية عجول الأبقار والجاموس على البوص الأخضر من البحيرة والمدعوم بقوالب الملح المعدني -مولاس - يوريا وتحقيق ٥٥٠ جرام معدل نمو يومى بدون اى اعلاف تعد اساسا لتنمية جميع بحيراتنا الشمالية وهى مريوط وادكو والبرلس والمنزلة . حيث لانعتقد فى جدوى جهود القضاء على النباتا المائية بالطرق الميكانيكية (الكراكات ) المستخدمة ولا بالمبيدت الضارة بالبيئة المائية ولكننا نثق كثيرا فى جدوى المعالجة البيولوجية باستخدام الاسماك الصديقة للبيئة وهى اساسا مجموعة اسماك الكارب الآسيوي والموجودة بمصر داخل المفرخات الحكومية وهى المبروك الفضى للهوائم النباتية ومبروك الرأس الكبيرة للهوائم الحيوانية ومبروك الحشائش للنباتات الراقية الخضراء كالبوص وخلافة والمبروك العادى والبلطى التى يمكن ان تعيش على فضلات هذة الاسماك الى جانب مشروعات تربية عجول البقر والجاموس للاستفادة من الغطاء الخضرى حول الجسور كمسابقة ذكرة .
ان هذة التجربة يمكن استنساخها وتطويرها لتكون روشتة العلاج الآمنة والرخيصة لبحيرة مريوط .
ان من أجدى الحلول لاستعادة حيوية بحيراتنا الشمالية بما فيها بحيرة مريوط هى :
١-انشاء مصرف داير حول كل بحيرة بارتفاع ٥متر وعرض ثابت لايقل عن ٨ متر لمنع وصول اى ملوثات سواء من الصرف الصناعى وخلافةا والتعدى بالردم وغيرة.
٢-رفع منسوب المياة بعمق لايقل عن مترين فى اى منطقة بالبحيرة .
٣- التخلص من البوص بحشة يدويا بعمق ١٠-١٥ سم اسفل سطح المياة بحيث لاتظهر البراعم فوق سطح المياة .
٤- انشاء مفرخات سمكية لاسماك البلطى والكارب بانواعه وأحواض تحسين لليرقات وصولا الى طور الاصبعيات ثم اطلاقها فى البحيرة مع وضع خطة علمية متقنة تضمن التوازن مع العناصر فى البيئة المائية والغذاء الطبيعي ومراقبة دقيقة لجودة المياة ونمو الاسماك .
٥- فتح ممرات شعاعية داخل البحيرة بالكراكات بما يسمح بتدوير المياة وتجديدها .
٦-تنشيط السياحة الداخلية والألعاب المائية وتنظيم مسابقات الصيد للهواة .
٧- عمل دورات تدريبية للصيادين لتوعيتهم بأهمية ماتقوم بة الدولة لرعايتهم وتوفير فرص عمل جديدة لهم ولابنائهم .
٨- المراقبة الجادة لطرق ووسائل الصيد وطرد المخالفين من داخل البحيرة .
٩- انشاء مراكز لاستقبال وتجهيز الاسماك للتسويق .
١٠-انشاء معمل بيطرى للحصول على عينات دورية عشوائية للمياة والأسماك للوقوف على الحالة الصحية .
١١- تشجيع الجامعات على اجراء المزيد من البحوث المتعلقة ببرامج التنقية البيولوجية وإثراء البحيرات باصبعيات الاسماك وتكثيف الانتاج السمكى منها وتنظيم مواعيد الصيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق