الحمية الغذائية.. ونصائح لا تغفل عنها
(ي ب/ د ب ا)
هل الحمية القاسية مجدية لتخفيف الوزن؟ وما تأثيرها على الصحة؟ أسئلة انطلقت منها الهيئة الألمانية المعنية بحماية المستهلك لتقدم مجموعة من النصائح البسيطة والفعالة لكل من يريد أن يخفف وزنه ويحافظ على مكتسبات الحمية بلا مشقة
نصحت هيئة ألمانية معنية بحماية المستهلك كل من يسعى إلى فقدان الوزن بتناول كميات أقل من الطعام بدلا من إتباع أنظمة الحمية السريعة القاسية، لتجنب ما يعرف باسم "تأثير اليويو"، والذي يتمثل في التأرجح بين السمنة وفقدان الوزن عدة مرات. فقبل الإقبال على تناول قدر آخر من الطعام، ينبغي على الاشخاص الذين يتبعون أنظمة الحمية التريث والتوقف لفترة وجيزة، إذ أنهم بهذه الطريقة يولدون شعورا لديهم بالقدر الذي يحتاجونه من الطعام للإحساس بالشبع، تجنبا لتناول المزيد من الطعام بما يفوق حد الشبع.
وفقا لما ذكرته هيئة حماية المستهلك في ولاية شمال الراين-فيستفاليا غربي ألمانيا. تؤكد نصيحة الهيئة الحاجة إلى وجبات منتظمة، وضرورة تناول ثلاث وجبات رئيسية يوميا، ووجبتين خفيفتين بين الوجبات الثلاث بحد أقصى. فذلك يسهل الحفاظ على الوزن الذي تم الوصول إليه بعد اتباع نظام الحمية ، ذلك أن تناول وجبات منتظمة يحول دون الإحساس بالجوع.
ينصح الخبراء بتناول الفواكه عند الشعور بالرغبة في تناول الحلويات
وتقول الهيئة إن التقليل من كميات السكر التي يتم تناولها يفيد الاشخاص الذين يتبعون أنظمة الحمية، ونصحت بتجنب الحلوى والمشروبات المحلاة بالسكر. وينصح بتناول الفواكه عند الإحساس بالحاجة إلى تناول الحلوى، بما في ذلك الفواكه المحفوظة المضاف إليها القليل من السكر. كما تذكر الهيئة الاشخاص الذين يتبعون أنظمة الحمية بضرورة ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على ما فقدوه من الوزن.
الجمعة، سبتمبر 2
الخلايا الجذعية: علاج هندي لكل الامراض
الخلايا الجذعية: علاج هندي لكل الامراض
ذكرت تقارير أن معهد عموم الهند للعلوم الطبية الذي يتخذ من نيودلهي مقرا له طور طريقة للعلاج بالخلايا الجذعية وذلك بحقن المرضى بخلايا لتحسين حالاتهم.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إنديا" إن العلاج الرائد هو نتيجة عامين من الابحاث خلال الفترة من شباط /فبراير عام 2003 إلى كانون الثاني /يناير عام 2005 في معهد الابحاث الطبية الهندي.
والخلايا الجذعية هي خلايا قابلة للتغير لها القدرة على النمو داخل أي نوع من أنسجة الجلد أو القلب أو الكبد أو أي عضو آخر مما يؤدي إلى تكاثرها.
وقال مدير المعهد الدكتور بي. فينجوجوبال إن 35 مريضا ممن يعانون من مشكلات في القلب لا يمكن معها علاجهم بالجراحة العادية لتغيير الشرايين جرى حقنهم بخلايا جذعية في المعهد في عام 2003.
وبعد ستة أشهر نشط 56 بالمئة من عضلات القلب الميتة في جميع المرضى وبعد 18 شهرا نشط 64 بالمئة منها وليس هناك أي وفيات بين المرضى وجميعهم كانوا في مرحلة كان فيها زرع القلب الحل الوحيد.
وقال فينوجوبال إن اثنين من المرضى كانا يعانيان من حالة مزمنة من مرض السكر تتطلب تناول 36 وحدة من الانسولين يوميا جرى حقنهم بخلايا جذعية والان يحتاجون فقط إلى نصف قرص يوميا.
وأشار إلى أن المرضى ممن يعانون من ضعف عضلي وشلل مخي يجرى أيضا علاجهم من خلال حقنهم بخلايا جذعية وسيجرى أيضا اختبار العلاج على أمراض اضطرابات جهاز المناعة والسرطان.
وتستخرج الخلايا الجذعية المستخدمة في العلاج من نخاع العظام للمرضى أو تؤخذ من الحبل السري لطفل حديث الولادة وتجمد بنوك دم الحبل السري عينات الخلايا الجذعية عند درجة حرارة 270 درجة تحت الصفر في أوعية النيتروجين المسال.
وقال فانوجوبال إن "تلك الخلايا يمكن استخدامها بعد 50 عاما من ميلاد شخص لعلاج الامراض التي ربما تتطور بسبب الاستعداد الوراثي".
وأضاف أن احتمالات استخدام الخلايا الجذعية في المستقبل كبيرة لاسيما بالنسبة للهند التي يظهر بها كل أنواع الامراض وغالبا ما يجرى تشخيص حالات الاشخاص في مرحلة متأخرة ولذلك تكون توجهات تكاثر الخلايا الجذعية مفيدة للغاية.
وقال فينوجوبال إن مركزا وطنيا للخلايا الجذعية يجرى بناؤه في المعهد سينسق الابحاث وتطبيقاتها.
ذكرت تقارير أن معهد عموم الهند للعلوم الطبية الذي يتخذ من نيودلهي مقرا له طور طريقة للعلاج بالخلايا الجذعية وذلك بحقن المرضى بخلايا لتحسين حالاتهم.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إنديا" إن العلاج الرائد هو نتيجة عامين من الابحاث خلال الفترة من شباط /فبراير عام 2003 إلى كانون الثاني /يناير عام 2005 في معهد الابحاث الطبية الهندي.
والخلايا الجذعية هي خلايا قابلة للتغير لها القدرة على النمو داخل أي نوع من أنسجة الجلد أو القلب أو الكبد أو أي عضو آخر مما يؤدي إلى تكاثرها.
وقال مدير المعهد الدكتور بي. فينجوجوبال إن 35 مريضا ممن يعانون من مشكلات في القلب لا يمكن معها علاجهم بالجراحة العادية لتغيير الشرايين جرى حقنهم بخلايا جذعية في المعهد في عام 2003.
وبعد ستة أشهر نشط 56 بالمئة من عضلات القلب الميتة في جميع المرضى وبعد 18 شهرا نشط 64 بالمئة منها وليس هناك أي وفيات بين المرضى وجميعهم كانوا في مرحلة كان فيها زرع القلب الحل الوحيد.
وقال فينوجوبال إن اثنين من المرضى كانا يعانيان من حالة مزمنة من مرض السكر تتطلب تناول 36 وحدة من الانسولين يوميا جرى حقنهم بخلايا جذعية والان يحتاجون فقط إلى نصف قرص يوميا.
وأشار إلى أن المرضى ممن يعانون من ضعف عضلي وشلل مخي يجرى أيضا علاجهم من خلال حقنهم بخلايا جذعية وسيجرى أيضا اختبار العلاج على أمراض اضطرابات جهاز المناعة والسرطان.
وتستخرج الخلايا الجذعية المستخدمة في العلاج من نخاع العظام للمرضى أو تؤخذ من الحبل السري لطفل حديث الولادة وتجمد بنوك دم الحبل السري عينات الخلايا الجذعية عند درجة حرارة 270 درجة تحت الصفر في أوعية النيتروجين المسال.
وقال فانوجوبال إن "تلك الخلايا يمكن استخدامها بعد 50 عاما من ميلاد شخص لعلاج الامراض التي ربما تتطور بسبب الاستعداد الوراثي".
وأضاف أن احتمالات استخدام الخلايا الجذعية في المستقبل كبيرة لاسيما بالنسبة للهند التي يظهر بها كل أنواع الامراض وغالبا ما يجرى تشخيص حالات الاشخاص في مرحلة متأخرة ولذلك تكون توجهات تكاثر الخلايا الجذعية مفيدة للغاية.
وقال فينوجوبال إن مركزا وطنيا للخلايا الجذعية يجرى بناؤه في المعهد سينسق الابحاث وتطبيقاتها.
التمر دواء لكل داء
التمر دواء لكل داء
أشار تقرير طبي ألماني الى ان التمر أشبه بمنجم غني بالعناصر الغذائية المتكاملة والأساسية للانسان على صعيد الكم والنوع، يساعد على إنتاج الطاقة وإصلاح الأنسجة التالفة.
أصبح التمر على أنواعه من المواد الغذائية التي اعتاد الالمان على شرائها ليس فقط من المحلات العربية والتركية بل ومن المحلات الالمانية، وذلك الى جانب التين المجفف والفاكهة المجففة، بعد ان ادركوا فوائده الجمة للصحة. ويشير تقرير نشر في مجلة اوبوتيكي ( الصيدلية) ان البعض قد لا يعرف ان التمر يعتبر أشبه بمنجم غني بالعناصر الغذائية المتكاملة والأساسية للانسان على صعيد الكم والنوع، يساعد على إنتاج الطاقة وإصلاح الأنسجة التالفة.
فالتمر غني بمحتواه من الطاقة الحرارية، حيث ان كلغ واحد منه يمد الجسم بما يزيد عن ال3000 سعرة حرارية لان فيه ما يقارب من ال80 في المائة من السكريات المحسوبة على اساس الوزن الطازج للثمرة. بمعنى ان تناول الانسان 15 تمرة يوميا، اي ما يقارب من مائة غرام، يمد جسمه بكامل احتياجاته اليومية من الماغنسيوم والنحاس والكبريت، ونصف احتياجاته من الحديد وربع احتياجاته من الكالسيوم والبوتاسيوم.
والمعروف ان التمر يشتمل في تركيبه على الماء والكربوهيدارت والدهنيات والبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف ومواد أخرى ذات اهمية كبيرة لوقاية الجسم مثل المضادات الحيوية ومضادات السرطان ومنشطات الاعصاب ومضادات الروماتيزم والالياف المهمة في منع الاصابة بسرطان الامعاء الغليظة.
وأصبح التمر يوصف من قبل خبراء التغذية ايضا لانه غذاء كامل لا ينقصه اي عنصر غذائي، ويتكون من الماء والسكريات والالياف والاحماض الامينية والاحماض الدهنية والاملاح والمعادن وفيتامينات اي و دي وسي. ويتفق الكثير من الأطباء والاختصاصيون في علم الصحة في المانيا على انه ثبت وبشكل عملي الاهمية الصحية للتمور في عدة جوانب، منها انه يساعد على خفض نسبة الكوليسترول بالدم والوقاية من تصلب الشرايين لاحتوائه على مادة البكتين. ويساهم في منع الاصابة بالبواسير وتقليل تشكل الحصيات في المرارة، وتسهيل مراحل الحمل والولادة لما يحتويه من ألياف جيدة والسكريات السريعة الهضم. كما وانه علاج لفقر الدم بسبب احتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين ب، وكذلك هو علاج لمن يشتكي من هشاشة العظام لانه يتوفر على كالسيوم وفوسفور وفيتامين أ.
وأصبح بعض أطباء الاسنان، خاصة المهاجرين منهم من البلدان العربية وتركيا، يؤكدون ان التمر يلعب دورا في منع تسوس الأسنان لاحتوائه على مادة الفلور والوقاية من السموم لاحتوائه على الصوديوم والبوتاسيوم وفيتامين سي. وفوائد التمر لا تعد، فهو يفيد في علاج الالتهابات الجلدية لانه يحتوي على فيتامين النياسين وفي علاج الضعف العام للجسم وضيق التنفس وتقلص الأوعية الدموية وبقع الجلد الحمراء وضعف العظام والأسنان لاحتوائه على مركب سي اي CA وحامض الاسكوربيك، وفي علاج أمراض اللثة، وضعف الأوعية الدموية الشعرية وضعف العضلات والغضاريف، كما يمكن استخلاص عدد كبير من الأدوية والمضادات الحيوية والفيتامينات من التمر لاستخدامها كعقاقير للوصفات الطبية لعلاج الأمراض الآنفة الذكر.
أشار تقرير طبي ألماني الى ان التمر أشبه بمنجم غني بالعناصر الغذائية المتكاملة والأساسية للانسان على صعيد الكم والنوع، يساعد على إنتاج الطاقة وإصلاح الأنسجة التالفة.
أصبح التمر على أنواعه من المواد الغذائية التي اعتاد الالمان على شرائها ليس فقط من المحلات العربية والتركية بل ومن المحلات الالمانية، وذلك الى جانب التين المجفف والفاكهة المجففة، بعد ان ادركوا فوائده الجمة للصحة. ويشير تقرير نشر في مجلة اوبوتيكي ( الصيدلية) ان البعض قد لا يعرف ان التمر يعتبر أشبه بمنجم غني بالعناصر الغذائية المتكاملة والأساسية للانسان على صعيد الكم والنوع، يساعد على إنتاج الطاقة وإصلاح الأنسجة التالفة.
فالتمر غني بمحتواه من الطاقة الحرارية، حيث ان كلغ واحد منه يمد الجسم بما يزيد عن ال3000 سعرة حرارية لان فيه ما يقارب من ال80 في المائة من السكريات المحسوبة على اساس الوزن الطازج للثمرة. بمعنى ان تناول الانسان 15 تمرة يوميا، اي ما يقارب من مائة غرام، يمد جسمه بكامل احتياجاته اليومية من الماغنسيوم والنحاس والكبريت، ونصف احتياجاته من الحديد وربع احتياجاته من الكالسيوم والبوتاسيوم.
والمعروف ان التمر يشتمل في تركيبه على الماء والكربوهيدارت والدهنيات والبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف ومواد أخرى ذات اهمية كبيرة لوقاية الجسم مثل المضادات الحيوية ومضادات السرطان ومنشطات الاعصاب ومضادات الروماتيزم والالياف المهمة في منع الاصابة بسرطان الامعاء الغليظة.
وأصبح التمر يوصف من قبل خبراء التغذية ايضا لانه غذاء كامل لا ينقصه اي عنصر غذائي، ويتكون من الماء والسكريات والالياف والاحماض الامينية والاحماض الدهنية والاملاح والمعادن وفيتامينات اي و دي وسي. ويتفق الكثير من الأطباء والاختصاصيون في علم الصحة في المانيا على انه ثبت وبشكل عملي الاهمية الصحية للتمور في عدة جوانب، منها انه يساعد على خفض نسبة الكوليسترول بالدم والوقاية من تصلب الشرايين لاحتوائه على مادة البكتين. ويساهم في منع الاصابة بالبواسير وتقليل تشكل الحصيات في المرارة، وتسهيل مراحل الحمل والولادة لما يحتويه من ألياف جيدة والسكريات السريعة الهضم. كما وانه علاج لفقر الدم بسبب احتوائه على الحديد والنحاس وفيتامين ب، وكذلك هو علاج لمن يشتكي من هشاشة العظام لانه يتوفر على كالسيوم وفوسفور وفيتامين أ.
وأصبح بعض أطباء الاسنان، خاصة المهاجرين منهم من البلدان العربية وتركيا، يؤكدون ان التمر يلعب دورا في منع تسوس الأسنان لاحتوائه على مادة الفلور والوقاية من السموم لاحتوائه على الصوديوم والبوتاسيوم وفيتامين سي. وفوائد التمر لا تعد، فهو يفيد في علاج الالتهابات الجلدية لانه يحتوي على فيتامين النياسين وفي علاج الضعف العام للجسم وضيق التنفس وتقلص الأوعية الدموية وبقع الجلد الحمراء وضعف العظام والأسنان لاحتوائه على مركب سي اي CA وحامض الاسكوربيك، وفي علاج أمراض اللثة، وضعف الأوعية الدموية الشعرية وضعف العضلات والغضاريف، كما يمكن استخلاص عدد كبير من الأدوية والمضادات الحيوية والفيتامينات من التمر لاستخدامها كعقاقير للوصفات الطبية لعلاج الأمراض الآنفة الذكر.
الثلاثاء، أغسطس 30
التحرك المصرى فى مواجهة القرصنة الصومالية
التحرك المصرى فى مواجهة القرصنة الصومالية
ســامح راشــد*
العدد 118 : 12 يناير 2009
رغم القرارات الدولية والتحركات البحرية لعدد من الدول، لا تزال أزمة القرصنة البحرية في منطقة القرن الإفريقي وخليج عدن مستمرة دون أفق واضح لكيفية إنهائها أو التعامل معها. وتباينت مواقف الدول والأطراف المعنية بتلك القضية سواء المشاطئة لمناطق القرصنة، أو مالكة السفن المهددة بها. ورغم الاتفاق على ضرورة إيجاد معالجة سريعة وحاسمة لمنع تلك الظاهرة من الاستمرار والتفاقم، إلا أن التحرك الحاصل حتى الآن لا يزال محدوداً وجزئياً، ولم يتمكن المجتمع الدولي بعد من التوصل إلى آلية ناجعة لتحقيق هذا الغرض، أو حتى وضع صيغة واحدة تتبعها الدول المعنية في مواجهة ذلك الإرهاب البحري.
وتندرج مصر ضمن أكثر الدول اهتماماً وانغماساً في تلك القضية، حيث تتأثر بها مباشرة فيما تتعرض له السفن المصرية المارة في مناطق القرصنة، وبشكل غير مباشر بتأثر الملاحة في قناة السويس، فضلاً عن التداعيات السلبية للقرصنة على الأمن الوطني المصري.
لذا فإن ثمة مصلحة أساسية لمصر في معالجة تلك المشكلة، ما يستدعي بدوره تحرك القاهرة ومبادرتها إلى اتخاذ إجراء عملي يحافظ على مصالحها، سواء بالتنسيق مع الأطراف الأخرى المعنية وكذلك الجهات الدولية ذات الاهتمام، أو بشكل منفرد إذا كان من شأن التنسيق والترتيب مع الأطراف الأخرى سيعطل الحركة المصرية المطلوبة، أو يحد من فعاليتها بما يفقدها جدواها.
أبعاد المشكلة
هناك حزمة متشابكة من الأبعاد المتداخلة في أزمة القرصنة البحرية المثارة حالياً، ومصر من الدول القليلة المهمومة بهذه الأبعاد معاً وليس بأحدها أو بعضها فقط، وهذه الأبعاد هي أيضاً التي تشكل حزمة المصالح/ المخاطر التي يفترض أن تتشكل بموجبها الموقف المصري والتحركات المصرية تجاه تلك القضية.
اقتصادياً: تمثل سلامة الملاحة الدولية في المناطق القريبة من البحر الأحمر مصلحة مباشرة لمصر في سلامة وأمن الملاحة في البحر الأحمر ذاته. ما يعني استمرار عائدات قناة السويس كممر مائي عالمي دون تأثر. وتأتي عائدات القناة ضمن أعلى ثلاثة مصادر للدخل القومي المصري، مع تحويلات العاملين المصريين بالخارج، والسياحة. ما يعني أن أي انخفاض في عائدات القناة يمس مباشرة الوضع الاقتصادي المصري بدءاً برصيد النقد الأجنبي، مروراً بالعجز في الموازنة، وانتهاء بخلل سياسات تخصيص الموارد وتمويل الإنفاق الحكومي سواء الخدمي أو الاستثماري.
وحتى نهاية ديسمبر 2008 لم يتضح بعد ما إذا كانت الخسائر التي تعرضت لها قناة السويس ناجمة عن عمليات القرصنة وبالتالي انخفاض حركة الملاحة ومرور السفن في القناة، أم بسبب الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على حركة التجارة الدولية. لكن الثابت أن عادات القناة شهدت انخفاضاً متتالياً في الربع الأخير من عام 2008 ( 469.6 مليون دولار في سبتمبر/ 467.5 مليون دولار في أكتوبر/ 419.8 مليون دولار في نوفمبر/ مليون دور في ديسمبر).
ووفقاً للخبراء والمتخصصين، فإن عائدات قناة السويس ستتأثر بشدة بعمليات القرصنة إذا استمرت تلك الظاهرة، وذلك استناداً إلى نوايا بعض كبرى الشركات الملاحية في العالم، التي أعلنت أنها بصدد التفكير في تغيير مسار سفنها التجارية من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح. ورغم التكلفة الأعلى والظروف المناخية والملاحية الأصعب في مسار رأس الرجاء مقارنة بالمرور في قناة السويس ثم البحر الأحمر، إلا أن ضمان وصول الشحنات البحرية بسلام قد يدفع الشركات المالكة للسفن وكذلك الدول والأطراف المستقبلة لتلك الشحنات إلى تحمل القدر المحسوب من المخاطرة والتكلفة، مقابل المغامرة غير محمودة العواقب بالمرور في منطقة بحرية غير آمنة.
وقد ظهرت بالفعل إشارات في ذلك الاتجاه، حيث حولت شركة إيه.بي مولر ـ مايرسك الدانماركية مسار جانب من أسطول ناقلاتها النفطية المكون من 50 ناقلة إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً من القناة، وقالت رابطة إنترتانكو الملاحية الدولية إن شركات أخرى قامت بالخطوة ذاتها. بينما تدرس شركات أخرى اللجوء إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن القناة، منها فرونتلاين النرويجية التي تنقل جزءاً كبيراً من نفط الشرق الأوسط.
وإضافة إلى المردود السلبي المباشر لعمليات القرصنة على عائدات القناة، هناك أيضاً الفدية التي تطلبها جماعات القرصنة للإفراج عن السفن المختطفة. ففي حالة اختطاف سفن مصرية تكون الشركة المالكة للسفينة -سواء كانت حكومية أو خاصة- مطالبة بدفع الفدية التي تصل أحياناً إلى ملايين الدولارات حسب طبيعة وحمولة السفينة المختطفة، ما يمثل بدوره عبئاً اقتصادياً في حالة عدم التعامل مع الظاهرة أو إنهاء حالات الاختطاف بوسائل أخرى غير تلبية مطلب دفع الفدية.
استراتيجياً: نقصد بالبعد الاستراتيجي في قضية القرصنة، المستوى الممتد من التأثيرات والأوضاع المترتبة على تلك العمليات، ففي حالة استمرار القرصنة بوتيرتها الحالية دون مواجهة أو تحجيم، فسيعني ذلك نجاح جماعات القرصنة في تحويل منطقة خليج عدن وجنوب باب المندب إلى منطقة محظورة بحرياً، وهو ما يغري بدوره تلك الجماعات بتوسيع نشاطها ليشمل مناطق أخرى، ربما أكثر اقتراباً من مصر.. سواء قريباً من باب المندب، أو أقرب من ذلك داخل مياه البحر الأحمر ذاته.
ما يعني أن السيطرة الفعلية على ممر باب المندب -أي المدخل الجنوبي للبحر الأحمر- لن تقتصر على الأطراف الشرعية المخولة بذلك، أي الدول المطلة عليه. وهو ما سيتطلب ـ حينئذ ـ تدخلاً مباشراً ومواجهات مسلحة مع جماعات القرصنة، بما يعنيه ذلك من خلل في استقرار البحر الأحمر.
معنوياً: ربما لا يكون هذا البعد ظاهراً في المرحلة الحالية من احتدام الأزمة، لكنه يمثل أحد الأبعاد المهمة وسيتبلور بوضوح في المراحل التالية، سواء تم إنهاء المشكلة جذرياً وقُضي على عمليات القرصنة البحرية في القرن الإفريقي وخليج عدن، أو استمرت عمليات القرصنة واتخذت صفة الديمومة. وسيختلف بالطبع المردود المعنوي والنفسي على مصر في الحالتين، فالمكانة والثقل اللذان تتمتع مصر بهما كدولة كبيرة في المحيط الإقليمي، سيشهدان إما ازدهاراً وعنفواناً في الحالة الأولى، أو انحساراً وتقلصاً في الحالة الثانية.
وستظهر الأهمية السياسية لذلك البعد المعنوي، إذا ما تم التوصل مستقبلاً إلى صيغة ما أو تصور للأمن والاستقرار في البحر الأحمر، أو إذا فكرت الدول المطلة على البحر الأحمر في تكوين تجمع إقليمي أو منظمة خاصة بها. فعندها سيكون لهذا البعد دوره وتأثيره في وضعية وموقع كل من الدول المشاطئة للبحر داخل ذلك الكيان الجديد، بالإضافة ـ بالطبع ـ للاعتبارات الأخرى الخاصة بمقومات القوة الشاملة للدولة وتاريخها الدبلوماسي وقدراتها التنظيمية وغيرها من العوامل. لكن المتوقع أن يكون لأزمة القرصنة وطريقة تعامل الدول المعنية معها ـ ومن أهمها مصر ـ وللصورة الذهنية المترتبة على ذلك، انعكاس ملموس على وضعية وموقع كل دولة في أي ترتيبات أو أوضاع إقليمية تستجد مستقبلاً.
في ضوء ما سبق، من البداهة القول إن الوضع القائم في مياه خليج عدن وقرب السواحل الصومالية، يفرض أعباء حقيقية على السياسة المصرية بمختلف أدواتها الدبلوماسية والإعلامية والعسكرية. بعض تلك الأعباء أصبح ماثلاً بالفعل وينتظر القيام به، وبعضها الآخر لا يزال قيد التبلور أو لم يظهر على السطح بعد. إلا أن تشابك أبعاد الأزمة وتسارعها في الأشهر بل الأسابيع الأخيرة من عام 2008، يجعل السياسة المصرية مطالبة بسرعة الاستجابة لمتطلبات الموقف الراهن، والتعجيل بالتحركات والخطوات المطلوبة للتعامل معه.
التحرك المصري.. القائم والمطلوب
لمصر موقف معلن من ظاهرة القرصنة البحرية التي تفاقمت مؤخراً، ويمكن رصد بعض الملاحظات عليه تتلخص في:
* تأخر التحرك السياسي المصري للتفاعل مع ظاهرة القرصنة، إلى ما بعد تعرض سفينة مصرية للاختطاف، على الرغم من وجود الظاهرة من عدة سنوات، وتفاقمها بشكل ملحوظ خلال عام 2008، حتى أن عمليات اختطاف السفن تجاوزت 80 حالة حتى نهاية شهر نوفمبر 2008. وقد بدأ التحرك المصري بدعوة الدول العربية المطلة على البحر الأحمر لاجتماع تشاوري، وذلك مطلع نوفمبر 2008، في وقت كانت عدة دول أجنبية قد شرعت بالفعل في إرسال سفن حربية وقطعاً من أساطيلها لمواجهة عمليات القرصنة.
* تذبذب الموقف المصري بشأن فكرة التحرك العسكري لمواجهة ظاهرة القرصنة، بين الامتناع عن تحديد موقف واضح، إلى إبداء إمكانية التدخل عسكرياً، إلى ترشيد هذا الاحتمال وربطه بأن يكون التحرك جماعياً تحت مظلة الأمم المتحدة.
غلب على الخطاب المصري الميل إلى تطمين الرأي العام الداخلي، وذلك بالتركيز على عدم وجود أية تهديدات أو مخاطر على مصر، وأن عمليات القرصنة بعيدة عن مصر. وهو خطاب غير ملائم، حيث حدد مخاطر القرصنة في مدى اقترابها من سواحل الدولة أو مياهها الإقليمية، ما يعكس اجتزاءً لمفهوم الأمن الوطني، وقصره على تأمين المساحة الجغرافية الخاصة بالدولة أو النطاق الحيوي المباشر لها على أقصى تقدير. ووضح قصور ذلك الخطاب وعدم واقعيته مع تعرض سفينة مصرية للاختطاف والاضطرار إلى دفع الفدية للإفراج عنها.
يحسب للسياسة المصرية، إدراكها الأسباب الأصلية لتنامي ظاهرة القرصنة، حيث تركز مصر دائماً على ضرورة حل المشكلة الصومالية وإعادة بناء الدولة الصومالية، حيث كان انهيارها وتفكك أوصالها سبباً جوهرياً فيما آلت إليه الأوضاع على السواحل الصومالية.
يمكن القول إن السياسة المصرية تجاه ظاهرة القرصنة البحرية في خليج عدن وأمام السواحل الصومالية، قد اتسمت إلى حد كبير بالبطء وعدم الاستجابة السريعة -الضرورية في هذه الحالات- لتطورات الموقف. فضلاً عما يعنيه ذلك من غياب المبادرة وافتقاد سمة أو ميزة الاستباق في التفاعل مع مستجدات البيئة الخارجية.
بالتالي، على السياسة المصرية إعادة النظر في طريقة إدارة أزمة القرصنة. ونقطة البداية في ذلك هو مراجعة توصيف الظاهرة أو المشكلة القائمة واعتبارها بالفعل أزمة كان يفترض التعامل معها من هذا المنطلق من البداية، بل وقبل ذلك عندما كانت لا تزال مجرد عمليات محدودة.
وعلى سبيل المثال، كان من المتاح أمام القاهرة فتح قنوات اتصال مباشر مع الفصائل والقوى الصومالية المسيطرة على المناطق التي تنطلق منها جماعات القرصنة، مثل إقليم بونت لاند الذي يقع فيه ميناء آيل وهو محطة الانطلاق الرئيسية لجماعات القرصنة. وكانت الفرصة ملائمة للتعامل مع الفصائل الصومالية المختلفة في ضوء خروج القوات الإثيوبية والفراغ السياسي والعسكري المترتب على ذلك.
بشكل عام، ربما يتوجب على جهات وأجهزة التخطيط وصنع القرارات الاستراتيجية بوجه خاص، وقرارات السياسة الخارجية بوجه عام، تطوير الرؤى والتقديرات التقليدية الخاصة بالمصالح المصرية وبالتالي للتهديدات والمخاطر المحتملة عليها. على أن يستتبع ذلك بدوره تضييق المسافة الفاصلة بين توصيف أو تقدير الموقف، والإجراء العملي الواجب اتخاذه. بحيث يكون الإجراء أو التحرك أكثر سرعة وتوافقاً مع متطلبات الموقف أو الأزمة القائمة.
*نائب مدير تحرير مجلة السياسة الدولية samehrashed@gmail.com
تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصرى
تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصرى
أكرم حنا خليل*
العدد 119 : 25 يناير 2009
لا شك أن الأزمة المالية التى نشأت أساسا فى الولايات المتحدة وامتدت إلى باقى اقتصادات العالم وما يستتبعها من ركود اقتصادى سيؤثر على قطاعات كثيرة فى الاقتصاد المصرى، وقد كانت سوق المال المصرية هى الأسرع تأثراً بالأزمة وقد ظهر ذلك جلياً فى أداء البورصة على وجه التحديد. فقد تأثرت البورصة المصرية بالانهيار الكبير فى أسعار البورصات العالمية حيث هرع المستثمرون الأجانب ببيع أوراقهم المالية فى البورصة المصرية لتغطية مراكزهم المالية المكشوفة بعد تعرضهم للخسائر فى الأسواق الخارجية
بالإضافة إلى أن أغلب الشركات الكبيرة فى البورصة المصرية مسجلة أيضاً فى البورصات العالمية (مثل بورصتى لندن ونيويورك) ويتم تداول أسهمها بها وبالتالى تنخفض قيمة أسهم هذه الشركات بالتبعية فى البورصة المصرية عندما تتدهور أسعارها فى أسواق الأوراق المالية بالخارج، إلى جانب تأثير العامل النفسى حيث تسود حالة من الخوف والهلع بين صغار المستثمرين المصريين (يشكلون نحو 70% من مجموع المتعاملين فى البورصة) مما يدفع هؤلاء للقيام بعمليات بيع مكثفة وخاصة بعد تحرك الحدود السعرية حتى مستوى 20%،وقد انعكس ذلك فى انخفاض المتوسط الشهرى لمؤشر هيئة سوق المال من 2727.7 نقطة فى أغسطس إلى 1556.7 نقطة فى نوفمبر 2008، كما انخفض المتوسط الشهرى لمؤشر البورصة (Case 30) من 8449.6 نقطة فى أغسطس إلى 4205.9 نقطة فى نوفمبر 2008 وسجل مؤخراً 3780.38 فى 21/1/2009، وقد انخفض رأس المال السوقى للشركات المدرجة فى البورصة من حوالى 695 مليار جنيه خلال شهر أغسطس إلى 461 مليار جنيه خلال شهر نوفمبر 2008 أى أن حجم خسائر رسملة السوق خلال هذه الفترة بلغت نحو 234 مليار دولار. وقد أسفرت هذه التطورات السلبية عن انخفاض أسعار الأسهم عن القيمة العادلة بنسب تجاوزت 50% فى كثير من الأحيان مما عرض عدد كبير من المتعاملين لخسائر فادحة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الانخفاض فى أسعار الأسهم قد حدثت قبل وقوع الأزمة وذلك بسبب بعض القرارات الاقتصادية وبخاصة بداية من شهر مايو 2008 إلا أن الانخفاض الكبير حدث مع العدوى من الأسواق الخارجية بعد منتصف سبتمبر 2008,.
السياحة المصرية
تزامنت حدة الأزمة مع قبل بدء الموسم السياحى فى مصر مباشرة الأمر الذى انعكس بالسلب على النشاط السياحى. وقد كانت التقديرات الأولية لتأثر السياحة بالأزمة تشير إلى أن بداية التأثر ستكون بداية من شهر مارس إلا أن التأثير جاء مبكراً، وقد أكد وزير السياحة أن المشكلة الاقتصادية العالمية بدأت تظهر آثارها على السياحة المصرية فى أغسطس الماضى ولكن الانخفاض بلغ فى ديسمبر الماضى 4.5% فقط. وأشار أمين عام غرفة الفنادق إلى أن حجم الحجوزات يواجه تراجعاً حاداً بسبب انخفاض معدل الإقبال وأن جميع المؤشرات تفيد بتراجع حجم التعاقدات خلال الفترة المقبلة، كما تناقلت وسائل الإعلام أخباراً تتعلق بتسريح العمالة المؤقتة فى عدد كبير من الفنادق العائمة والثابتة فى كل من الغردقة وشرم الشيخ ودهب دون أن تمنحهم أى حقوق وكذلك تسريح العمالة المؤقتة فى بعض الفنادق العائمة فى النيل بين الأقصر وأسوان.
إلى جانب ذلك فإن تزامن الأزمة مع القصف الإسرائيلى لقطاع غزة يهدد فنادق مدينتى طابا ونويبع بالإغلاق. وقد سيطرت حالة من القلق على عدد من مقدمى الخدمات السياحية، خاصة فى المناطق السياحية النشطة، إثر تأخر مجموعة من المنظمين الأوروبيين فى سداد المستحقات المالية للفنادق المصرية وغيرهم من وسطاء البرامج السياحية من الشركات.
ويشير الوضع السابق إلى تراجع حصيلة البلاد من السياحة خلال الفترة القادمة وهو ما يؤثر بالسلب على الصناعات والقطاعات المرتبطة بالسياحة حيث يعتمد قطاع السياحة فى مصر على 62 مهنة. وقد أظهرت البيانات المتوفرة حتى الآن، أن معدل الزيادة فى الإيرادات السياحية تراجع من 17% خلال شهر أغسطس إلى 10.8% خلال شهر سبتمبر 2008، وتراجع معدل النمو خلال الربع الأول من عام 2008/2009 ليسجل 15.2% مقابل 32% خلال نفس الفترة من العام السابق. ويُقَدَر التراجع فى الإيراد بنحو 20% للمواسم السياحية التالية فى عام 2009 . وقد يستمر الاتجاه التناقصى حال استمرار الأزمة وتفاقم تداعياتها وحال الممارسات السلوكية الضارة من جانب القائمين على النشاط بضرب الأسعار لاجتذاب شرائح سوقية. حركة التجارة الدولية فى قناة السويس
كذلك فإن حركة التجارة الدولية وبالتالى نشاط المنافذ البحرية والبرية لنقل البضائع ستتراجع بسبب الركود العالمى، وكذلك نشاط ناقلات البترول مع انخفاض الطلب عليه، الأمر الذى يؤدى إلى تراجع حركة السفن العابر لقناة السويس وحمولاتها، إلى جانب تحول بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح بسبب زيادة حالة القرصنة على السواحل الصومالية، مما يؤدى إلى انخفاض الدخل من قناة السويس.
وبالفعل تراجعت حركة السفن والحمولات فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2008 جراء الأزمة المالية وانخفضت عائدات القناة من 504.5 مليون دولار فى أغسطس إلى 469.6 مليون دولار فى سبتمبر ثم إلى 467.5 مليون دولار فى أكتوبر وإلى 419.8 مليون دولار فى نوفمبر ثم إلى 391.8 مليون دولار فى ديسمبر 2008 مقارنة بـ 426.3 مليون دولار فى ديسمبر 2007.
قطاع البترول
ولا شك أن انخفاض أسعار البترول نتيجة الأزمة سيؤثر على حصيلة مصر من البترول وهو ما بدأت مؤشراته خلال الفترة (يوليو - سبتمبر) 2008 إذ حقق الميزان البترولى فائضاً بلغ 1.6 مليار دولار فقط مقابل 3.5 مليار دولار خلال الفترة (أبريل ـ يونيو) 2008 وهنا تجدر الإشارة إلى أن انخفاض أسعار البترول وإن كان لها تأثير سلبى على الحصيلة من العملة الصعبة إلا أنها ستقلل بند الدعم المقدم للمواد البترولية وهو ما يؤدى إلى خفض فى جانب المصروفات مما يساهم فى خفض عجز الموازنة العامة للدولة
كذلك ستؤثر الأزمة على حصيلة الصادرات السلعية بالانخفاض نظراً لتضرر الشركاء التجاريين فى أوروبا والولايات المتحدة جراء الأزمة، كما ستؤدى إلى انخفاض صافى تحويلات المصريين العاملين بالخارج مع تأثر دول الخليج بالأزمة وقد تؤدى إلى إنهاء عقود كثيرين منهم والعودة إلى مصر والانضمام إلى القوة العاملة العاطلة مما يزيد معدل البطالة.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
ولا شك أن الأزمة ستساهم فى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبالرغم من عدم الانعكاس الكامل لآثار الأزمة على أداء ميزان المدفوعات فى الربع الأول من عام 2008/2009 إلا أن البيانات أظهرت انخفاضاً فى صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 44% عن الفترة المثيلة من عام 2007/2008، كما ارتفعت التدفقات للخارج فى استثمارات محفظة الأوراق المالية إلى نحو 3.5 مليار دولار مقابل 1.4 مليار دولار فى الفترة المثيلة من عام 2007/2008 ولسوف تنعكس كل العوامل السابقة سلباً على ميزان المدفوعات الذى تراجع الفائض به خلال الربع الأول من 2008/2009 بنحو 54.5% ليسجل فائضاً هو 0.5 مليار دولار مقابل فائض بلغ 1.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالى السابق.
لقد سببت الأزمة المالية الطاحنة ركوداً فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومن المقدر أن ينتقل إلى مصر ويتوقع أن يؤدى هذا إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للعامين 2008/2009 و 2009/2010، ويؤدى الركود - فى حالة حدوثه - إلى نقص الطلب الداخلى بما يؤثر سلباً على قطاعات الإنتاج وهو ما قد يتسبب فى انخفاض نسبة تشغيل الطاقات المحلية ومن ثم ارتفاع معدل البطالة نتيجة الاستغناء عن جزء من العمالة المؤقتة وعدم فتح فرص عمل جديدة.
تباطؤ معدل النمو
وقد أظهرت نتائج الربع الأول من عام 2008/2009 تباطؤ معدل النمو.إذ لم تكن آثار الأزمة المالية قد انتقلت واستفحلت فى مصر بعد، فإن معدل النمو تراجع إلى 5.8% مقابل 6.5% فى الربع المناظر من عام 2007/2008، وهو ما يدحض التصريحات الوردية لبعض المسئولين من أن معدل النمو خلال عام 2008/2009 سيكون 6% وأن الأزمة ستظل فى الجانب النقدى ولن تنتقل إلى الجانب العينى.
كذلك فإن الأزمة المالية وتأثيراتها على الاقتصاد المصرى سوف تنعكس بالسلب على متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى وهو ما قد يزيد من حدة التوترات والاحتقان داخل المجتمع بسبب ما يُطلَق عليه ثورة التطلعات، والتى نتجت عن العولمة وثورة الاتصالات والمعرفة بحيث أصبح الكون قرية صغيرة وأصبح المواطن المصرى يشاهد بعينية مستوى معيشة المواطنين فى البلاد المتقدمة بل ومستوى معيشة المواطنين الأثرياء فى وطنه، وفى نفس الوقت لا يستطيع أن يجد عملاً كريماً أو أن يرفع من مستوى معيشته أو .. الخ، الأمر الذى يؤدى فى حالات الركود إلى مزيد من الاحتقان والتوتر، وهو ما يمكن تشبيهه بنار تحت الرماد.
وقد رصدت الحكومة المصرية 15 مليار جنيه لعلاج آثار الأزمة على الاقتصاد وإعطاء رسالة مطمئنة للسوق بأن فى مقدورها التدخل الفاعل بغرض تصحيح أيه اختلالات قد يتعرض لها إزاء الانفتاح على العالم الخارجى والالتزام بآليات السوق الحر، وهو المبلغ الذى يعتبره البعض بأنه قليل وغير كافى على محو الآثار السلبية للأزمة.
الأثر على القطاع المصرفى
شهد الجهاز المصرفى المصرى العديد من التطورات خلال الفترة الماضية بدأت مع إصدار قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد (2003) والذى نص على ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع بالكامل عن خمسمائة مليون جنيه وألا يقل رأس المال المخصص لنشاط فروع البنوك الأجنبية فى جمهورية مصر العربية عن 50 مليون دولار أمريكى أو ما يعادلها بالعملات الحرة، وبذلك تم رفع رأسمال البنوك العاملة فى مصر حتى تكون قادرة على مواجهة التحديات والمنافسة بعد تحرير الخدمات المصرفية.
وقد تم تطوير وإصلاح الجهاز المصرفى عبر أربعة محاور، هى: الخصخصة والاندماجات لتكوين كيانات ضخمة، وإعادة هيكلة البنوك العامة (مالياً وإدارياً)، وحل مشكلة الديون المتعثرة بالقطاع المصرفى، وأخيراً تعزيز الرقابة على البنوك من خلال تطوير قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزى المصرى، وقد قطعت مصر خطوات هامة فى هذا المجال. كذلك كان للبنك المركزى دوراً حيوياً وفعالاً خلال الفترة الماضية وعمل على استقرار سوق النقد وسعر الصرف(عن طريق سياسة الانتربنك)، وأصدر العديد من القرارات والتعليمات الهامة والجادة التى تنظم العمل المصرفى منها إلزام فروع البنوك الأجنبية بعدم تحويل كل ودائعها للبنك الأم وأن يكون التحويل فى حدود 10% فقط من حجم الودائع وبذلك لا يُخشَى على الودائع الموجودة طرف فروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر من الضياع جراء الأزمة المالية العالمية وخسائر هذه البنوك الأجنبية فى موطنها الأصلى.
وقد جرى العرف المصرفى على أن البنك المركزى يضمن جميع الودائع الموجودة لدى كل البنوك العاملة فى مصر بما فيها فروع البنوك الأجنبية بنسبة 100%، وبالرغم من أنه لا يوجد نص فى القانون بذلك فإن هذا العرف المصرفى قد أخذ قوة القانون وهو ما صرح به البنك المركزى مراراً وتكراراً، الأمر الذى يؤكد الحفاظ على ودائع العملاء من الضياع ويعطى إشارة طمأنة لهم.
ولما كان عمل البنوك هو تلقى الودائع وتوظيفها(إقراضها)، ولما كانت الودائع مضمونة من قبل المركزى، فإنه ينبغى معرفة آثار الأزمة على جانب القروض والائتمان. وبداية يمكن القول بأنه وإن كانت الأزمة قد بدأت فى أمريكا بسبب التوسع غير المحسوب فى التمويل العقارى، فإن الوضع مختلف تماماً فى مصر ولن تتأثر البنوك المصرية بالقروض التى منحتها للتمويل العقارى لأن نظام التمويل السائد فى مصر( والذى أقره البنك المركزى المصرى) قائم على تحمل العميل نسبة تتراوح بين (25% - 30%) من قيمة العقار ويتحمل البنك النسبة المتبقية من قيمة العقار على أن يقوم العميل برهن العقار للبنك، وبهذه الطريقة فإن البنك يضمن استرداد أمواله حتى لو انخفضت قيمة العقار بنسبة 25%.
أما القروض الأخرى كالقروض الشخصية والقروض المقدمة لمجتمع الأعمال، فإن حالة الركود التى تشهدها البلاد بسبب الأزمة المالية (وما يستتبعها من عدم قدرة بعض العملاء على تصريف ما لديهم من مخزون أو عدم قدرة العملاء على تحصيل ما لديهم من مديونيات قبل عملاء آخرين أو أن يفقد بعض العاملين وظائفهم ومن ثم تنخفض دخولهم أو تنعدم .. الخ) قد تؤدى إلى حدوث حالات من التعثر وهذه الحالات قد تكون خارجة عن إرادة العميل وإنما نتيجة النشاط الاقتصادى العام. ولا ينبغى فى هذه الحالة تقطيع الرقاب كما حدث فى نهاية التسعينيات، وإنما يجب التفرقة بين العميل الجاد والملتزم وبين العميل الغير جاد، بحيث يمكن تشجيع العملاء الجادين ومساندتهم عن طريق جدولة المديونية أو إعطائهم فترة سماح أو .. الخ حتى يتمكن العملاء مرة أخرى من السداد واستعادة النشاط الاقتصادى لعافيته.
وفى حالات الركود فإن البنوك تمسك يدها ولا تقدم الائتمان خشية تعثر العملاء، وهذه السلوكيات إذا سادت فإنها تعمق الركود وتطيل مدة بقائه، لذا فإنه من المفيد فى هذه الحالة إن يشجع البنك المركزى البنوك العاملة على تقديم الائتمان الجيد لعملائها وإعادة جدولة القروض التى يتعثر أصحابها ذوى الجدارة الائتمانية الجيدة بسبب الركود. وحسناً فعل البنك المركزى حينما قرر إعفاء البنوك التى تمنح قروضاً وتسهيلات ائتمانية للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من نسبة الاحتياطى البالغة 14% وذلك فى حدود ما يتم منحه منها اعتباراً من الأول من يناير 2009 ، لتشجيع البنوك على منح الائتمان لتلك الشركات والمنشآت.
وإن كانت الأزمة المالية قد جففت منابع السيولة فى البنوك بالخارج فإن الحالة مختلفة فى مصر، فالبنوك المصرية لا تعانى من مشكلة سيولة تتطلب خطة إنقاذ من جانب الحكومة وإنما يتوفر لديها سيولة كبيرة حيث أن التوظيفات (الإقراض والخصم) لم تتعدى 56% مما لديها من ودائع فى نهاية سبتمبر 2008 ، مقارنة بنحو 70.6% فى عام 2003، الأمر الذى يمكنها من استخدامها فى مواجهة متطلبات النشاط الاقتصادى.
ونظراً لما تتمتع به البنوك من سيولة ومقدرة على دراسة جدوى المشروعات، فإن بعض الاقتصاديين ينصحون بأن تشرع البنوك فى تنفيذ مشروعات استثمارية كبيرة زراعية وصناعية تسهم فى تنشيط الاقتصاد وتقلل من حدة الركود وتولد فرص عمالة إضافية وتحقق الأمان والربحية للبنوك، وبذلك تتحقق مصلحة البنوك والمجتمع معا.
وقد تتأثر ربحية البنوك نتيجة تراجع تسهيلات تمويل التجارة وبخاصة اعتمادات التصدير والاستيراد وما يرتبط بها من عمليات صرف أجنبى مما ينعكس على ايرادات البنوك من العمولات المحصلة والتى تمثل جانباً مهماً من مصادر ربحيتها، حيث بلغت نسبة الايرادات بخلاف الفوائد إلى متوسط الأصول نحو 2.8% خلال الفترة (يناير - يونيو2008 ، أى أعلى من نسبة صافى الدخل من الفوائد إلى متوسط الأصول والتى بلغت 1.3% فقط خلال نفس الفترة.
وثمة مخاطرة أخرى قد تتعرض لها البنوك المصرية تتمثل فى انكشاف أوضاع العملات الأجنبية، إذ أن الودائع بالعملات الأجنبية تمثل ما نسبته 25.28% من إجمالى الودائع فى نهاية أكتوبر 2008، كما أن صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفى سجلت 260333 مليون جنيه وبلغت أرصدة البنوك المصرية ـ بخلاف البنك المركزى ـ لدى البنوك فى الخارج نحو 70676 مليون جم فى حين بلغت التزامات البنوك المصرية ـ بخلاف البنك المركزى ـ قبل البنوك فى الخارج نحو 19083 مليون جنيه.
والودائع بالعملات الأجنبية لابد من توظيفها ومن المنطقى أن يتم توظيف جزء منها بالداخل والجزء الآخر بالخارج، والتوظيفات فى الخارج تنطوى على قدر من المخاطر فى ظل ما تتعرض له المؤسسات المالية من انهيار. بالإضافة إلى ضعف العائد على استثمار الودائع الأجنبية بالخارج فى ظل تخفيض متتالى لأسعار الفائدة، فالبنك الفيدرالى الأمريكى قام بتخفيض سعر الفائدة على الإقراض لتتراوح ما بين 0% و 0.25% فى 16/12/2008، وتبعه المركزى البريطانى فى 8/1/2009 لتصبح أسعار الفائدة الرسمية عند 1.5% وهو أدنى مستوى لها منذ تأسيسه فى 1694م، وخفض البنك المركزى الأوروبى سعر الفائدة الرئيسى إلى 2% فى 15 /1/2009 ، أما المركزى اليابانى فابقى مؤخراً على سعر الفائدة عند0.1%
وهنا يثار تساؤل حول جدوى إبقاء المركزى المصرى على سعر الفائدة مرتفع عند 11.5% للإيداع و 13.5% للإقراض وسعر إعادة الخصم عند 11.5% .والإجابة تكمن فى أن المركزى يرى أن معدلات التضخم المحلية مازالت مرتفعة حيث سجلت 20.3% فى نوفمبر مقارنة بـ 20.2% فى أكتوبر 2008 وفقاً لأسعار المستهلكين، وهذا معناه أن سعر الفائدة الحقيقى بالسالب، أى نحو 9.5% ، أى أن الادخار بالسالب الأمر الذى يؤثر بالسلب على دخول طبقات كثيرة من المجتمع وبخاصة أصحاب المعاشات وكبار السن الذين يعيشون على عائد المدخرات.
وهنا تكون الحاجة ملحة لاستخدام أكثر من أداة لمحاربة التضخم، الذى يتوقع له أن ينخفض بسبب الأزمة المالية. ويلاحظ أن عددا من رجال الأعمال يطالبون بتخفيض سعر الفائدة حتى يكون ذلك دافعا على الاستثمار ومن ثم الخروج من حالة الركود. غير أن البعض يرى أن سعر الفائدة ليس هو الأساس فى الإقدام على الاستثمار إذ أنه قد يتم خفض سعر الفائدة ولكن المعوقات البيروقراطية لمنح القروض والحرص الزائد من البنوك فى فترات الركود قد تكون عائق أكبر من سعر الفائدة.
ويطالب رجال الأعمال أيضاً بتخفيض قيمة الجنيه لتشجيع الصادرات غير أن المركزى يرفض ذلك، لأن خفض قيمة الجنيه لن تترتب عليه زيادة محسوسة فى الصادرات لعدم مرونة الصادرات (بدرجة كبيرة) لسعر الصرف، إضافة لأن ذلك يمثل عبئاً على الواردات التى تمثل أضعاف الصادارات السلعية مما يهدد بانفجار التضخم فى الداخل.
إضافة لما سبق فإن صافى الاحتياطيات الدولية قد تأثرت بالأزمة وبالرغم من أنه يتم استثمارها فى أدوات آمنة إلا أنها قيمتها تأثرت بالانخفاض بما يقارب المليار دولار نتيجة الأزمة، فانخفضت قيمتها من 35024 مليون دولار فى نهاية سبتمبر، وهى تكفى لنحو 6.9 شهر من الواردات السلعية، إلى 34112 مليون دولار فى نهاية ديسمبر 2008، وهى تكفى لنحو 6.7 شهر من الواردات السلعية.
وفى النهاية، ونظراً لخطورة الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها والمخاطر التى قد يتعرض لها الاقتصاد المصرى والتى لم تتكشف بعد، فإن الكثير من الخبراء يطالب بإنشاء وحدة لادارة الأزمة ومتابعة تطوراتها لحظة بلحظة ودراسة تأثيراتها ذلك على الاقتصاد الوطنى ومن ثم التعامل مع الموقف بسرعة لأن الحالة لا تسمح بالتأخير.
* باحث في الشئون الاقتصادية
--------------------------------------------------------------------------------
أكرم حنا خليل*
العدد 119 : 25 يناير 2009
لا شك أن الأزمة المالية التى نشأت أساسا فى الولايات المتحدة وامتدت إلى باقى اقتصادات العالم وما يستتبعها من ركود اقتصادى سيؤثر على قطاعات كثيرة فى الاقتصاد المصرى، وقد كانت سوق المال المصرية هى الأسرع تأثراً بالأزمة وقد ظهر ذلك جلياً فى أداء البورصة على وجه التحديد. فقد تأثرت البورصة المصرية بالانهيار الكبير فى أسعار البورصات العالمية حيث هرع المستثمرون الأجانب ببيع أوراقهم المالية فى البورصة المصرية لتغطية مراكزهم المالية المكشوفة بعد تعرضهم للخسائر فى الأسواق الخارجية
بالإضافة إلى أن أغلب الشركات الكبيرة فى البورصة المصرية مسجلة أيضاً فى البورصات العالمية (مثل بورصتى لندن ونيويورك) ويتم تداول أسهمها بها وبالتالى تنخفض قيمة أسهم هذه الشركات بالتبعية فى البورصة المصرية عندما تتدهور أسعارها فى أسواق الأوراق المالية بالخارج، إلى جانب تأثير العامل النفسى حيث تسود حالة من الخوف والهلع بين صغار المستثمرين المصريين (يشكلون نحو 70% من مجموع المتعاملين فى البورصة) مما يدفع هؤلاء للقيام بعمليات بيع مكثفة وخاصة بعد تحرك الحدود السعرية حتى مستوى 20%،وقد انعكس ذلك فى انخفاض المتوسط الشهرى لمؤشر هيئة سوق المال من 2727.7 نقطة فى أغسطس إلى 1556.7 نقطة فى نوفمبر 2008، كما انخفض المتوسط الشهرى لمؤشر البورصة (Case 30) من 8449.6 نقطة فى أغسطس إلى 4205.9 نقطة فى نوفمبر 2008 وسجل مؤخراً 3780.38 فى 21/1/2009، وقد انخفض رأس المال السوقى للشركات المدرجة فى البورصة من حوالى 695 مليار جنيه خلال شهر أغسطس إلى 461 مليار جنيه خلال شهر نوفمبر 2008 أى أن حجم خسائر رسملة السوق خلال هذه الفترة بلغت نحو 234 مليار دولار. وقد أسفرت هذه التطورات السلبية عن انخفاض أسعار الأسهم عن القيمة العادلة بنسب تجاوزت 50% فى كثير من الأحيان مما عرض عدد كبير من المتعاملين لخسائر فادحة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الانخفاض فى أسعار الأسهم قد حدثت قبل وقوع الأزمة وذلك بسبب بعض القرارات الاقتصادية وبخاصة بداية من شهر مايو 2008 إلا أن الانخفاض الكبير حدث مع العدوى من الأسواق الخارجية بعد منتصف سبتمبر 2008,.
السياحة المصرية
تزامنت حدة الأزمة مع قبل بدء الموسم السياحى فى مصر مباشرة الأمر الذى انعكس بالسلب على النشاط السياحى. وقد كانت التقديرات الأولية لتأثر السياحة بالأزمة تشير إلى أن بداية التأثر ستكون بداية من شهر مارس إلا أن التأثير جاء مبكراً، وقد أكد وزير السياحة أن المشكلة الاقتصادية العالمية بدأت تظهر آثارها على السياحة المصرية فى أغسطس الماضى ولكن الانخفاض بلغ فى ديسمبر الماضى 4.5% فقط. وأشار أمين عام غرفة الفنادق إلى أن حجم الحجوزات يواجه تراجعاً حاداً بسبب انخفاض معدل الإقبال وأن جميع المؤشرات تفيد بتراجع حجم التعاقدات خلال الفترة المقبلة، كما تناقلت وسائل الإعلام أخباراً تتعلق بتسريح العمالة المؤقتة فى عدد كبير من الفنادق العائمة والثابتة فى كل من الغردقة وشرم الشيخ ودهب دون أن تمنحهم أى حقوق وكذلك تسريح العمالة المؤقتة فى بعض الفنادق العائمة فى النيل بين الأقصر وأسوان.
إلى جانب ذلك فإن تزامن الأزمة مع القصف الإسرائيلى لقطاع غزة يهدد فنادق مدينتى طابا ونويبع بالإغلاق. وقد سيطرت حالة من القلق على عدد من مقدمى الخدمات السياحية، خاصة فى المناطق السياحية النشطة، إثر تأخر مجموعة من المنظمين الأوروبيين فى سداد المستحقات المالية للفنادق المصرية وغيرهم من وسطاء البرامج السياحية من الشركات.
ويشير الوضع السابق إلى تراجع حصيلة البلاد من السياحة خلال الفترة القادمة وهو ما يؤثر بالسلب على الصناعات والقطاعات المرتبطة بالسياحة حيث يعتمد قطاع السياحة فى مصر على 62 مهنة. وقد أظهرت البيانات المتوفرة حتى الآن، أن معدل الزيادة فى الإيرادات السياحية تراجع من 17% خلال شهر أغسطس إلى 10.8% خلال شهر سبتمبر 2008، وتراجع معدل النمو خلال الربع الأول من عام 2008/2009 ليسجل 15.2% مقابل 32% خلال نفس الفترة من العام السابق. ويُقَدَر التراجع فى الإيراد بنحو 20% للمواسم السياحية التالية فى عام 2009 . وقد يستمر الاتجاه التناقصى حال استمرار الأزمة وتفاقم تداعياتها وحال الممارسات السلوكية الضارة من جانب القائمين على النشاط بضرب الأسعار لاجتذاب شرائح سوقية. حركة التجارة الدولية فى قناة السويس
كذلك فإن حركة التجارة الدولية وبالتالى نشاط المنافذ البحرية والبرية لنقل البضائع ستتراجع بسبب الركود العالمى، وكذلك نشاط ناقلات البترول مع انخفاض الطلب عليه، الأمر الذى يؤدى إلى تراجع حركة السفن العابر لقناة السويس وحمولاتها، إلى جانب تحول بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح بسبب زيادة حالة القرصنة على السواحل الصومالية، مما يؤدى إلى انخفاض الدخل من قناة السويس.
وبالفعل تراجعت حركة السفن والحمولات فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2008 جراء الأزمة المالية وانخفضت عائدات القناة من 504.5 مليون دولار فى أغسطس إلى 469.6 مليون دولار فى سبتمبر ثم إلى 467.5 مليون دولار فى أكتوبر وإلى 419.8 مليون دولار فى نوفمبر ثم إلى 391.8 مليون دولار فى ديسمبر 2008 مقارنة بـ 426.3 مليون دولار فى ديسمبر 2007.
قطاع البترول
ولا شك أن انخفاض أسعار البترول نتيجة الأزمة سيؤثر على حصيلة مصر من البترول وهو ما بدأت مؤشراته خلال الفترة (يوليو - سبتمبر) 2008 إذ حقق الميزان البترولى فائضاً بلغ 1.6 مليار دولار فقط مقابل 3.5 مليار دولار خلال الفترة (أبريل ـ يونيو) 2008 وهنا تجدر الإشارة إلى أن انخفاض أسعار البترول وإن كان لها تأثير سلبى على الحصيلة من العملة الصعبة إلا أنها ستقلل بند الدعم المقدم للمواد البترولية وهو ما يؤدى إلى خفض فى جانب المصروفات مما يساهم فى خفض عجز الموازنة العامة للدولة
كذلك ستؤثر الأزمة على حصيلة الصادرات السلعية بالانخفاض نظراً لتضرر الشركاء التجاريين فى أوروبا والولايات المتحدة جراء الأزمة، كما ستؤدى إلى انخفاض صافى تحويلات المصريين العاملين بالخارج مع تأثر دول الخليج بالأزمة وقد تؤدى إلى إنهاء عقود كثيرين منهم والعودة إلى مصر والانضمام إلى القوة العاملة العاطلة مما يزيد معدل البطالة.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة
ولا شك أن الأزمة ستساهم فى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبالرغم من عدم الانعكاس الكامل لآثار الأزمة على أداء ميزان المدفوعات فى الربع الأول من عام 2008/2009 إلا أن البيانات أظهرت انخفاضاً فى صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 44% عن الفترة المثيلة من عام 2007/2008، كما ارتفعت التدفقات للخارج فى استثمارات محفظة الأوراق المالية إلى نحو 3.5 مليار دولار مقابل 1.4 مليار دولار فى الفترة المثيلة من عام 2007/2008 ولسوف تنعكس كل العوامل السابقة سلباً على ميزان المدفوعات الذى تراجع الفائض به خلال الربع الأول من 2008/2009 بنحو 54.5% ليسجل فائضاً هو 0.5 مليار دولار مقابل فائض بلغ 1.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالى السابق.
لقد سببت الأزمة المالية الطاحنة ركوداً فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومن المقدر أن ينتقل إلى مصر ويتوقع أن يؤدى هذا إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى للعامين 2008/2009 و 2009/2010، ويؤدى الركود - فى حالة حدوثه - إلى نقص الطلب الداخلى بما يؤثر سلباً على قطاعات الإنتاج وهو ما قد يتسبب فى انخفاض نسبة تشغيل الطاقات المحلية ومن ثم ارتفاع معدل البطالة نتيجة الاستغناء عن جزء من العمالة المؤقتة وعدم فتح فرص عمل جديدة.
تباطؤ معدل النمو
وقد أظهرت نتائج الربع الأول من عام 2008/2009 تباطؤ معدل النمو.إذ لم تكن آثار الأزمة المالية قد انتقلت واستفحلت فى مصر بعد، فإن معدل النمو تراجع إلى 5.8% مقابل 6.5% فى الربع المناظر من عام 2007/2008، وهو ما يدحض التصريحات الوردية لبعض المسئولين من أن معدل النمو خلال عام 2008/2009 سيكون 6% وأن الأزمة ستظل فى الجانب النقدى ولن تنتقل إلى الجانب العينى.
كذلك فإن الأزمة المالية وتأثيراتها على الاقتصاد المصرى سوف تنعكس بالسلب على متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى وهو ما قد يزيد من حدة التوترات والاحتقان داخل المجتمع بسبب ما يُطلَق عليه ثورة التطلعات، والتى نتجت عن العولمة وثورة الاتصالات والمعرفة بحيث أصبح الكون قرية صغيرة وأصبح المواطن المصرى يشاهد بعينية مستوى معيشة المواطنين فى البلاد المتقدمة بل ومستوى معيشة المواطنين الأثرياء فى وطنه، وفى نفس الوقت لا يستطيع أن يجد عملاً كريماً أو أن يرفع من مستوى معيشته أو .. الخ، الأمر الذى يؤدى فى حالات الركود إلى مزيد من الاحتقان والتوتر، وهو ما يمكن تشبيهه بنار تحت الرماد.
وقد رصدت الحكومة المصرية 15 مليار جنيه لعلاج آثار الأزمة على الاقتصاد وإعطاء رسالة مطمئنة للسوق بأن فى مقدورها التدخل الفاعل بغرض تصحيح أيه اختلالات قد يتعرض لها إزاء الانفتاح على العالم الخارجى والالتزام بآليات السوق الحر، وهو المبلغ الذى يعتبره البعض بأنه قليل وغير كافى على محو الآثار السلبية للأزمة.
الأثر على القطاع المصرفى
شهد الجهاز المصرفى المصرى العديد من التطورات خلال الفترة الماضية بدأت مع إصدار قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد (2003) والذى نص على ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع بالكامل عن خمسمائة مليون جنيه وألا يقل رأس المال المخصص لنشاط فروع البنوك الأجنبية فى جمهورية مصر العربية عن 50 مليون دولار أمريكى أو ما يعادلها بالعملات الحرة، وبذلك تم رفع رأسمال البنوك العاملة فى مصر حتى تكون قادرة على مواجهة التحديات والمنافسة بعد تحرير الخدمات المصرفية.
وقد تم تطوير وإصلاح الجهاز المصرفى عبر أربعة محاور، هى: الخصخصة والاندماجات لتكوين كيانات ضخمة، وإعادة هيكلة البنوك العامة (مالياً وإدارياً)، وحل مشكلة الديون المتعثرة بالقطاع المصرفى، وأخيراً تعزيز الرقابة على البنوك من خلال تطوير قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزى المصرى، وقد قطعت مصر خطوات هامة فى هذا المجال. كذلك كان للبنك المركزى دوراً حيوياً وفعالاً خلال الفترة الماضية وعمل على استقرار سوق النقد وسعر الصرف(عن طريق سياسة الانتربنك)، وأصدر العديد من القرارات والتعليمات الهامة والجادة التى تنظم العمل المصرفى منها إلزام فروع البنوك الأجنبية بعدم تحويل كل ودائعها للبنك الأم وأن يكون التحويل فى حدود 10% فقط من حجم الودائع وبذلك لا يُخشَى على الودائع الموجودة طرف فروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر من الضياع جراء الأزمة المالية العالمية وخسائر هذه البنوك الأجنبية فى موطنها الأصلى.
وقد جرى العرف المصرفى على أن البنك المركزى يضمن جميع الودائع الموجودة لدى كل البنوك العاملة فى مصر بما فيها فروع البنوك الأجنبية بنسبة 100%، وبالرغم من أنه لا يوجد نص فى القانون بذلك فإن هذا العرف المصرفى قد أخذ قوة القانون وهو ما صرح به البنك المركزى مراراً وتكراراً، الأمر الذى يؤكد الحفاظ على ودائع العملاء من الضياع ويعطى إشارة طمأنة لهم.
ولما كان عمل البنوك هو تلقى الودائع وتوظيفها(إقراضها)، ولما كانت الودائع مضمونة من قبل المركزى، فإنه ينبغى معرفة آثار الأزمة على جانب القروض والائتمان. وبداية يمكن القول بأنه وإن كانت الأزمة قد بدأت فى أمريكا بسبب التوسع غير المحسوب فى التمويل العقارى، فإن الوضع مختلف تماماً فى مصر ولن تتأثر البنوك المصرية بالقروض التى منحتها للتمويل العقارى لأن نظام التمويل السائد فى مصر( والذى أقره البنك المركزى المصرى) قائم على تحمل العميل نسبة تتراوح بين (25% - 30%) من قيمة العقار ويتحمل البنك النسبة المتبقية من قيمة العقار على أن يقوم العميل برهن العقار للبنك، وبهذه الطريقة فإن البنك يضمن استرداد أمواله حتى لو انخفضت قيمة العقار بنسبة 25%.
أما القروض الأخرى كالقروض الشخصية والقروض المقدمة لمجتمع الأعمال، فإن حالة الركود التى تشهدها البلاد بسبب الأزمة المالية (وما يستتبعها من عدم قدرة بعض العملاء على تصريف ما لديهم من مخزون أو عدم قدرة العملاء على تحصيل ما لديهم من مديونيات قبل عملاء آخرين أو أن يفقد بعض العاملين وظائفهم ومن ثم تنخفض دخولهم أو تنعدم .. الخ) قد تؤدى إلى حدوث حالات من التعثر وهذه الحالات قد تكون خارجة عن إرادة العميل وإنما نتيجة النشاط الاقتصادى العام. ولا ينبغى فى هذه الحالة تقطيع الرقاب كما حدث فى نهاية التسعينيات، وإنما يجب التفرقة بين العميل الجاد والملتزم وبين العميل الغير جاد، بحيث يمكن تشجيع العملاء الجادين ومساندتهم عن طريق جدولة المديونية أو إعطائهم فترة سماح أو .. الخ حتى يتمكن العملاء مرة أخرى من السداد واستعادة النشاط الاقتصادى لعافيته.
وفى حالات الركود فإن البنوك تمسك يدها ولا تقدم الائتمان خشية تعثر العملاء، وهذه السلوكيات إذا سادت فإنها تعمق الركود وتطيل مدة بقائه، لذا فإنه من المفيد فى هذه الحالة إن يشجع البنك المركزى البنوك العاملة على تقديم الائتمان الجيد لعملائها وإعادة جدولة القروض التى يتعثر أصحابها ذوى الجدارة الائتمانية الجيدة بسبب الركود. وحسناً فعل البنك المركزى حينما قرر إعفاء البنوك التى تمنح قروضاً وتسهيلات ائتمانية للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من نسبة الاحتياطى البالغة 14% وذلك فى حدود ما يتم منحه منها اعتباراً من الأول من يناير 2009 ، لتشجيع البنوك على منح الائتمان لتلك الشركات والمنشآت.
وإن كانت الأزمة المالية قد جففت منابع السيولة فى البنوك بالخارج فإن الحالة مختلفة فى مصر، فالبنوك المصرية لا تعانى من مشكلة سيولة تتطلب خطة إنقاذ من جانب الحكومة وإنما يتوفر لديها سيولة كبيرة حيث أن التوظيفات (الإقراض والخصم) لم تتعدى 56% مما لديها من ودائع فى نهاية سبتمبر 2008 ، مقارنة بنحو 70.6% فى عام 2003، الأمر الذى يمكنها من استخدامها فى مواجهة متطلبات النشاط الاقتصادى.
ونظراً لما تتمتع به البنوك من سيولة ومقدرة على دراسة جدوى المشروعات، فإن بعض الاقتصاديين ينصحون بأن تشرع البنوك فى تنفيذ مشروعات استثمارية كبيرة زراعية وصناعية تسهم فى تنشيط الاقتصاد وتقلل من حدة الركود وتولد فرص عمالة إضافية وتحقق الأمان والربحية للبنوك، وبذلك تتحقق مصلحة البنوك والمجتمع معا.
وقد تتأثر ربحية البنوك نتيجة تراجع تسهيلات تمويل التجارة وبخاصة اعتمادات التصدير والاستيراد وما يرتبط بها من عمليات صرف أجنبى مما ينعكس على ايرادات البنوك من العمولات المحصلة والتى تمثل جانباً مهماً من مصادر ربحيتها، حيث بلغت نسبة الايرادات بخلاف الفوائد إلى متوسط الأصول نحو 2.8% خلال الفترة (يناير - يونيو2008 ، أى أعلى من نسبة صافى الدخل من الفوائد إلى متوسط الأصول والتى بلغت 1.3% فقط خلال نفس الفترة.
وثمة مخاطرة أخرى قد تتعرض لها البنوك المصرية تتمثل فى انكشاف أوضاع العملات الأجنبية، إذ أن الودائع بالعملات الأجنبية تمثل ما نسبته 25.28% من إجمالى الودائع فى نهاية أكتوبر 2008، كما أن صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفى سجلت 260333 مليون جنيه وبلغت أرصدة البنوك المصرية ـ بخلاف البنك المركزى ـ لدى البنوك فى الخارج نحو 70676 مليون جم فى حين بلغت التزامات البنوك المصرية ـ بخلاف البنك المركزى ـ قبل البنوك فى الخارج نحو 19083 مليون جنيه.
والودائع بالعملات الأجنبية لابد من توظيفها ومن المنطقى أن يتم توظيف جزء منها بالداخل والجزء الآخر بالخارج، والتوظيفات فى الخارج تنطوى على قدر من المخاطر فى ظل ما تتعرض له المؤسسات المالية من انهيار. بالإضافة إلى ضعف العائد على استثمار الودائع الأجنبية بالخارج فى ظل تخفيض متتالى لأسعار الفائدة، فالبنك الفيدرالى الأمريكى قام بتخفيض سعر الفائدة على الإقراض لتتراوح ما بين 0% و 0.25% فى 16/12/2008، وتبعه المركزى البريطانى فى 8/1/2009 لتصبح أسعار الفائدة الرسمية عند 1.5% وهو أدنى مستوى لها منذ تأسيسه فى 1694م، وخفض البنك المركزى الأوروبى سعر الفائدة الرئيسى إلى 2% فى 15 /1/2009 ، أما المركزى اليابانى فابقى مؤخراً على سعر الفائدة عند0.1%
وهنا يثار تساؤل حول جدوى إبقاء المركزى المصرى على سعر الفائدة مرتفع عند 11.5% للإيداع و 13.5% للإقراض وسعر إعادة الخصم عند 11.5% .والإجابة تكمن فى أن المركزى يرى أن معدلات التضخم المحلية مازالت مرتفعة حيث سجلت 20.3% فى نوفمبر مقارنة بـ 20.2% فى أكتوبر 2008 وفقاً لأسعار المستهلكين، وهذا معناه أن سعر الفائدة الحقيقى بالسالب، أى نحو 9.5% ، أى أن الادخار بالسالب الأمر الذى يؤثر بالسلب على دخول طبقات كثيرة من المجتمع وبخاصة أصحاب المعاشات وكبار السن الذين يعيشون على عائد المدخرات.
وهنا تكون الحاجة ملحة لاستخدام أكثر من أداة لمحاربة التضخم، الذى يتوقع له أن ينخفض بسبب الأزمة المالية. ويلاحظ أن عددا من رجال الأعمال يطالبون بتخفيض سعر الفائدة حتى يكون ذلك دافعا على الاستثمار ومن ثم الخروج من حالة الركود. غير أن البعض يرى أن سعر الفائدة ليس هو الأساس فى الإقدام على الاستثمار إذ أنه قد يتم خفض سعر الفائدة ولكن المعوقات البيروقراطية لمنح القروض والحرص الزائد من البنوك فى فترات الركود قد تكون عائق أكبر من سعر الفائدة.
ويطالب رجال الأعمال أيضاً بتخفيض قيمة الجنيه لتشجيع الصادرات غير أن المركزى يرفض ذلك، لأن خفض قيمة الجنيه لن تترتب عليه زيادة محسوسة فى الصادرات لعدم مرونة الصادرات (بدرجة كبيرة) لسعر الصرف، إضافة لأن ذلك يمثل عبئاً على الواردات التى تمثل أضعاف الصادارات السلعية مما يهدد بانفجار التضخم فى الداخل.
إضافة لما سبق فإن صافى الاحتياطيات الدولية قد تأثرت بالأزمة وبالرغم من أنه يتم استثمارها فى أدوات آمنة إلا أنها قيمتها تأثرت بالانخفاض بما يقارب المليار دولار نتيجة الأزمة، فانخفضت قيمتها من 35024 مليون دولار فى نهاية سبتمبر، وهى تكفى لنحو 6.9 شهر من الواردات السلعية، إلى 34112 مليون دولار فى نهاية ديسمبر 2008، وهى تكفى لنحو 6.7 شهر من الواردات السلعية.
وفى النهاية، ونظراً لخطورة الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها والمخاطر التى قد يتعرض لها الاقتصاد المصرى والتى لم تتكشف بعد، فإن الكثير من الخبراء يطالب بإنشاء وحدة لادارة الأزمة ومتابعة تطوراتها لحظة بلحظة ودراسة تأثيراتها ذلك على الاقتصاد الوطنى ومن ثم التعامل مع الموقف بسرعة لأن الحالة لا تسمح بالتأخير.
* باحث في الشئون الاقتصادية
--------------------------------------------------------------------------------
قطر
أى طموح لقطر ؟
د. حسن أبوطالب
العدد 120 : 10 فبراير 2009
فى دراسات العلاقات الدولية مبحث شائع يتحدث عن الدول الصغيرة والتحديات التى تواجهها، لاسيما إذا كانت محشورة جغرافيا بين اكثر من بلد كبير بمعانى المساحة والسكان والتاريخ والدور والتأثير. والبلدان كما الافراد لها مزاج عام ونفسية جماعية تميزها عن البلدان الأخرى، وتفسر جزءا كبيرا من تصرفاتها ومواقفها السياسية..
وكما فى الأسرة الواحدة هناك الكبير والصغير، وهناك الشقى البائس والغنى الميسور، والتعيس الكئيب والمرح الفكه، وهناك الطموح وهناك الكسول، وهناك المغامر النزق وهناك الحكيم القدير. ولكل سلوكه ولكل تصرفاته. والامر نفسه ينطبق على الدول والجماعات. وليس مهما أن يكون البلد صغير المساحة وقليل السكان، ولكن المهم هو النضج فى السلوك والفكر والقيادة واستيعاب التجربة التاريخية سواء الذاتية أو تجارب الاخرين. .
ففى العالم المعاصر يصعب القول بعدم المعرفة او انكار قدرات الأخرين، أو تسلق الاشجار السامقة دون سابق معرفة. ومع ذلك نجد من يخاطر عن عدم قدرة وغياب علم، ونواجه طموحات اكبر من الامكانيات، ومساعى لنيل مكانة اكبر مما تتيحه الموارد المتوافرة. والاخيرة ليست فقط حسابات ضخمة فى البنوك أو بنايات شاهقة أو الدعايات الزاعقة، بل هى موارد الفكر والعلم والثروة البشرية والخبرة والمكانة والدور. وفى عالمنا العربى يمكن أن نجد كل هذه النماذج من الطموح المقبول إلى الطموح الجامح، ومن المغامرات غير المحسوبة إلى التحركات المقدرة بدقة..
قطر هنا كدولة تعد نموذجا خاصا، فهى تدخل فى باب الدول الصغيرة بحكم المساحة والجغرافيا وعدد السكان، وهى فى باب الدول المؤثرة اقتصاديا بحكم امتلاكها وانتاجها كميات هائلة من الغاز الطبيعى، الذى يترتب عليه عوائد مالية ضخمة سنويا. وبحكم الموقع، حيث تطل على الخليج الذى يستقطب اهتمامات القوى الكبيرة والمتوسطة جميعها، فهى فى بؤرة الاهتمام الدولى لا شك فى ذلك. وبحكم امتلاكها قناة اخبارية ذائعة الصيت فهى تشارك فى تحديد جزء معتبر من اهتمامات الرأى العام العربى. .
وبحكم تطلعاتها الواسعة فهى تسعى فى كل اتجاه حتى يستقر فى الاذهان أنها لاعب اقليمى وعربى يمسك بتلابيب بعض الملفات الحيوية من لبنان إلى اليمن والسودان وفلسطين. وبحكم علاقاتها الدفاعية والعسكرية مع الولايات المتحدة فتنال حمايتها، وبحكم انفتاحها على إسرائيل، عدوة العرب الاولى حسب معايير قناتها الاخبارية ذائعة الصيت، تجد من يؤيد خطواتها فى قلب واشنطن حيث اللوبى الاسرائيلى ذائع الصيت قوى الشكيمة. وبحكم جيرتها مع إيران تنفتح عليها وفقا لمصالحها الذاتية، ولا يهم ان كان ذلك الانفتاح يضر أو يفيد مصالح أعضاء معها فى تجمع واحد، يحمل أسم مجلس التعاون لدول الخليج العربية. .
تبدو سياسة قطر ملتوية بعض الشئ، تذهب إلى الانفراد والتميز حتى ولو كان الامر دون سند، وتطمح فى أن تكون نقطة مصالحة عربية وإقليمية، وهذا حقها شريطة الا تغمط حقوق من صاغوا المبادرات وهيأوا الشروط. فقد استضافت الزعماء اللبنانيين بعد عامين من أزمة دستورية وسياسية وانتهى الاجتماع باتفاق الدوحة، والذى كان فى الاصل مبادرة عربية شاركت فى صياغتها دول عربية عديدة تحت مظلة الجامعة العربية منها مصر والسعودرية وسوريا وغيرهم. لكن الدعاية الموجهة أغفلت اصل الشئ، وركزت على موقع الاجتماع. .
كما تطمح أن تكون نقطة انطلاق للنفوذ الامريكى فى المنطقة، وهى بالفعل كذلك وإن أنكرت. والتصور القطرى ان قاعدة عسكرية للولايات المتحدة على الاراضى القطرية لا تقدم لها الحماية وحسب، بل ايضا توفر لها مكانة خاصة لدى البيت الابيض وفى المنطقة وتتيح لها حرية حركة اكبر فى قضايا الاقليم، ويحد من قدرة واشنطن على إيذائها..
وبينما كانت السعودية فى نهاية العام 2002 تكافح مع واشنطن من اجل انهاء الوجود العسكرى الامريكى على أراضيها، برزت قطر كمقر جديد لهذه القوات الامريكية، التى وجدت الاستضافة المميزة فى قاعدة العيديد، والتى اصبحت اكبر قاعدة عسكرية امريكية فى منطقة الخليج، وفيها القيادة المركزية الامريكية، والتى حملت عبء إدارة غزو العراق مارس 2003، ومنها انطلقت الطائرات والصواريخ فى اتجاه المراكز العسكرية والمدنية العراقية، وفى الوقت نفسه كانت القناة الاخبارية القطرية تطلق حممها من الكلمات والانتقادات على الولايات المتحدة التى تغزو العراق العربى وتقتل العراقيين الابرياء. تماما كما حدث فى العدوان الاسرائيلى على قطاع غزة يناير الماضى. .
إذ بينما حملت القناة الاخبارية على اسرائيل وما تفعله قواتها وآلتها العسكرية الهمجية فى الفلسطينيين الابرياء، كانت قاعدة العيديد تقوم بدور آخر فى دعم العودان الاسرائيلى، إذ قررت القيادة المركزية الامريكية ان تضع القاعدة على اهبة الاستعداد لحماية إٍسرائيل إن تطلب الامر ذلك، وفقا لما اعلنه متحدث رسمى بوزارة الدفاع الامريكية. وبينما كانت الدوحة تستضيف بعض القادة فى اجتماع من أجل نصرة غزة، كانت بعض الطائرات الامريكية ـ حسب تقارير نشرت فى الصحافة الامريكية ـ تحمل شحنات من الاسلحة والصواريخ من فائض الاسلحة الامريكية فى قاعدة العيديد متوجهة إلى إسرائيل لكى تستكمل مهمتها فى قتل الابرياء وتدمير حياتهم ومواردهم البسيطة..
وبينما كانت الولايات المتحدة تضغط على دول عربية وخليجية تحديدا من اجل تجفيف المنابع المالية للجماعات والمنظمات التى صنفتها ضمن الحرب على الارهاب، اعتبرت قطر نفسها مستثناة من ذلك، سواء كانت هذه الجماعات عربية أو افغانية..
هكذا هى قطر الصغيرة حجما والطموحة فوق أكبر من طاقاتها، جملة من العناصر المتداخلة والمتشابكة والمتناقضة أحيانا والمتكاملة أحيانا اخرى. ولا شك أن بعضا من سياستها العربية يكشف عن نوع من المغامرة المحسوبة وفقا لقيادتها السياسية، والجامحة بحكم نتائجها ومردوها عربيا وإقليميا. .
فهى تحمل على الدول العربية التى لديها علاقات تعاقدية مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه تفتح قنوات علنية وسرية معها، والغريب أنها لا تعتبر ذلك مفارقة أو تناقضا فى المواقف، فلديها لكل موقف تفسير. فهى تنفتح حسب تفسيرها على إسٍرائيل من أجل تعزيز فرص السلام واقناع الاسرائيليين بأن السلام مع العرب سيجلب لهم خيرات كثيرة، وتقنع الفلسطينيين بما فى ذلك حماس والجهاد ان هذه العلاقات تهدف إلى مصلحة فلسطينية بالاساس، والغريب أنهم يصدقون. وفى الوقت نفسه فهى تعلن حربا إعلامية على الدول العربية التى لديها علاقات تعاقدية مع تل أبيب. .
وبينما تدرك دول عربية عديدة، من بينها دول مجلس التعاون الخليجى ان إيران بحاجة إلى سياسة عربية جماعية حازمة تميز بن العلاقة الحسنة المطلوبة وبين التدخلات الايرانية المرفوضة، تقف الدوحة موقفا متميزا، إذ تعتبر أن إيران هى القوة الصاعدة فى اقليم الخليج، بل تعمل على محاصرة النفوذ الطبيعى لبلد خليجى كبير كالسعودية. ولا ضير أن تختلف المناهج تجاه بلد جار، ولكن تغليف الامور على غير طبيعتها من شأنه أن يقود إلى نتائج خاطئة ومردود سلبى على الجميع. .
وما قامت به قطر إبان العدوان الاسرائيلى على غزة، يعبر عن ذلك النزوع الجارف نحو لعب دور يطيح بكل المعادلات القائمة دون سند من مكانة أو موارد وتاريخ. فالدعوة إلى عقد قمة عربية هى حق لا نزاع فيه لاى بلد عربى، والتجارب السابقة تقول أن تلك الدعوات عادة ما كانت تخضع لمشاورات عربية شاملة بغية ان تكون القمة إن عقدت ذات نفع عام، وليست خطوة إلى المجهول. ولذا كان إصرار قطر على عقد القمة تحت مسمى نصرة غزة، وقبل ثلاثة أيام من عقد قمة الكويت الاقتصادية استعد العرب لها جميعا طوال عامين سابقين، خطوة فى المجهول وليست عملا مفيدا لدعم الأهل فى غزة. .
ورب ضارة نافعة فقد ثبت فى هذا الاجتماع الذى حضره رئيس إيران وزعيم حركة حماس وعدد محدود من القادة العرب، أن دعم غزة بحاجة إلى أكثر من الكلمات الرنانة أو مجرد التركيز على إدانة مصر التى تحملت الكثير، أو إشاعة أن قطر بيدها الحل والعقد. وإذا كان من حق قطر ان تمارس سياستها الخارجية وفقا لما تراه مصالحها، فالمؤكد أنه ليس من حقها أن تعطى الدروس والعبر لمن لديهم تاريخ وتراث وريادة.
د. حسن أبوطالب
العدد 120 : 10 فبراير 2009
فى دراسات العلاقات الدولية مبحث شائع يتحدث عن الدول الصغيرة والتحديات التى تواجهها، لاسيما إذا كانت محشورة جغرافيا بين اكثر من بلد كبير بمعانى المساحة والسكان والتاريخ والدور والتأثير. والبلدان كما الافراد لها مزاج عام ونفسية جماعية تميزها عن البلدان الأخرى، وتفسر جزءا كبيرا من تصرفاتها ومواقفها السياسية..
وكما فى الأسرة الواحدة هناك الكبير والصغير، وهناك الشقى البائس والغنى الميسور، والتعيس الكئيب والمرح الفكه، وهناك الطموح وهناك الكسول، وهناك المغامر النزق وهناك الحكيم القدير. ولكل سلوكه ولكل تصرفاته. والامر نفسه ينطبق على الدول والجماعات. وليس مهما أن يكون البلد صغير المساحة وقليل السكان، ولكن المهم هو النضج فى السلوك والفكر والقيادة واستيعاب التجربة التاريخية سواء الذاتية أو تجارب الاخرين. .
ففى العالم المعاصر يصعب القول بعدم المعرفة او انكار قدرات الأخرين، أو تسلق الاشجار السامقة دون سابق معرفة. ومع ذلك نجد من يخاطر عن عدم قدرة وغياب علم، ونواجه طموحات اكبر من الامكانيات، ومساعى لنيل مكانة اكبر مما تتيحه الموارد المتوافرة. والاخيرة ليست فقط حسابات ضخمة فى البنوك أو بنايات شاهقة أو الدعايات الزاعقة، بل هى موارد الفكر والعلم والثروة البشرية والخبرة والمكانة والدور. وفى عالمنا العربى يمكن أن نجد كل هذه النماذج من الطموح المقبول إلى الطموح الجامح، ومن المغامرات غير المحسوبة إلى التحركات المقدرة بدقة..
قطر هنا كدولة تعد نموذجا خاصا، فهى تدخل فى باب الدول الصغيرة بحكم المساحة والجغرافيا وعدد السكان، وهى فى باب الدول المؤثرة اقتصاديا بحكم امتلاكها وانتاجها كميات هائلة من الغاز الطبيعى، الذى يترتب عليه عوائد مالية ضخمة سنويا. وبحكم الموقع، حيث تطل على الخليج الذى يستقطب اهتمامات القوى الكبيرة والمتوسطة جميعها، فهى فى بؤرة الاهتمام الدولى لا شك فى ذلك. وبحكم امتلاكها قناة اخبارية ذائعة الصيت فهى تشارك فى تحديد جزء معتبر من اهتمامات الرأى العام العربى. .
وبحكم تطلعاتها الواسعة فهى تسعى فى كل اتجاه حتى يستقر فى الاذهان أنها لاعب اقليمى وعربى يمسك بتلابيب بعض الملفات الحيوية من لبنان إلى اليمن والسودان وفلسطين. وبحكم علاقاتها الدفاعية والعسكرية مع الولايات المتحدة فتنال حمايتها، وبحكم انفتاحها على إسرائيل، عدوة العرب الاولى حسب معايير قناتها الاخبارية ذائعة الصيت، تجد من يؤيد خطواتها فى قلب واشنطن حيث اللوبى الاسرائيلى ذائع الصيت قوى الشكيمة. وبحكم جيرتها مع إيران تنفتح عليها وفقا لمصالحها الذاتية، ولا يهم ان كان ذلك الانفتاح يضر أو يفيد مصالح أعضاء معها فى تجمع واحد، يحمل أسم مجلس التعاون لدول الخليج العربية. .
تبدو سياسة قطر ملتوية بعض الشئ، تذهب إلى الانفراد والتميز حتى ولو كان الامر دون سند، وتطمح فى أن تكون نقطة مصالحة عربية وإقليمية، وهذا حقها شريطة الا تغمط حقوق من صاغوا المبادرات وهيأوا الشروط. فقد استضافت الزعماء اللبنانيين بعد عامين من أزمة دستورية وسياسية وانتهى الاجتماع باتفاق الدوحة، والذى كان فى الاصل مبادرة عربية شاركت فى صياغتها دول عربية عديدة تحت مظلة الجامعة العربية منها مصر والسعودرية وسوريا وغيرهم. لكن الدعاية الموجهة أغفلت اصل الشئ، وركزت على موقع الاجتماع. .
كما تطمح أن تكون نقطة انطلاق للنفوذ الامريكى فى المنطقة، وهى بالفعل كذلك وإن أنكرت. والتصور القطرى ان قاعدة عسكرية للولايات المتحدة على الاراضى القطرية لا تقدم لها الحماية وحسب، بل ايضا توفر لها مكانة خاصة لدى البيت الابيض وفى المنطقة وتتيح لها حرية حركة اكبر فى قضايا الاقليم، ويحد من قدرة واشنطن على إيذائها..
وبينما كانت السعودية فى نهاية العام 2002 تكافح مع واشنطن من اجل انهاء الوجود العسكرى الامريكى على أراضيها، برزت قطر كمقر جديد لهذه القوات الامريكية، التى وجدت الاستضافة المميزة فى قاعدة العيديد، والتى اصبحت اكبر قاعدة عسكرية امريكية فى منطقة الخليج، وفيها القيادة المركزية الامريكية، والتى حملت عبء إدارة غزو العراق مارس 2003، ومنها انطلقت الطائرات والصواريخ فى اتجاه المراكز العسكرية والمدنية العراقية، وفى الوقت نفسه كانت القناة الاخبارية القطرية تطلق حممها من الكلمات والانتقادات على الولايات المتحدة التى تغزو العراق العربى وتقتل العراقيين الابرياء. تماما كما حدث فى العدوان الاسرائيلى على قطاع غزة يناير الماضى. .
إذ بينما حملت القناة الاخبارية على اسرائيل وما تفعله قواتها وآلتها العسكرية الهمجية فى الفلسطينيين الابرياء، كانت قاعدة العيديد تقوم بدور آخر فى دعم العودان الاسرائيلى، إذ قررت القيادة المركزية الامريكية ان تضع القاعدة على اهبة الاستعداد لحماية إٍسرائيل إن تطلب الامر ذلك، وفقا لما اعلنه متحدث رسمى بوزارة الدفاع الامريكية. وبينما كانت الدوحة تستضيف بعض القادة فى اجتماع من أجل نصرة غزة، كانت بعض الطائرات الامريكية ـ حسب تقارير نشرت فى الصحافة الامريكية ـ تحمل شحنات من الاسلحة والصواريخ من فائض الاسلحة الامريكية فى قاعدة العيديد متوجهة إلى إسرائيل لكى تستكمل مهمتها فى قتل الابرياء وتدمير حياتهم ومواردهم البسيطة..
وبينما كانت الولايات المتحدة تضغط على دول عربية وخليجية تحديدا من اجل تجفيف المنابع المالية للجماعات والمنظمات التى صنفتها ضمن الحرب على الارهاب، اعتبرت قطر نفسها مستثناة من ذلك، سواء كانت هذه الجماعات عربية أو افغانية..
هكذا هى قطر الصغيرة حجما والطموحة فوق أكبر من طاقاتها، جملة من العناصر المتداخلة والمتشابكة والمتناقضة أحيانا والمتكاملة أحيانا اخرى. ولا شك أن بعضا من سياستها العربية يكشف عن نوع من المغامرة المحسوبة وفقا لقيادتها السياسية، والجامحة بحكم نتائجها ومردوها عربيا وإقليميا. .
فهى تحمل على الدول العربية التى لديها علاقات تعاقدية مع إسرائيل، وفى الوقت نفسه تفتح قنوات علنية وسرية معها، والغريب أنها لا تعتبر ذلك مفارقة أو تناقضا فى المواقف، فلديها لكل موقف تفسير. فهى تنفتح حسب تفسيرها على إسٍرائيل من أجل تعزيز فرص السلام واقناع الاسرائيليين بأن السلام مع العرب سيجلب لهم خيرات كثيرة، وتقنع الفلسطينيين بما فى ذلك حماس والجهاد ان هذه العلاقات تهدف إلى مصلحة فلسطينية بالاساس، والغريب أنهم يصدقون. وفى الوقت نفسه فهى تعلن حربا إعلامية على الدول العربية التى لديها علاقات تعاقدية مع تل أبيب. .
وبينما تدرك دول عربية عديدة، من بينها دول مجلس التعاون الخليجى ان إيران بحاجة إلى سياسة عربية جماعية حازمة تميز بن العلاقة الحسنة المطلوبة وبين التدخلات الايرانية المرفوضة، تقف الدوحة موقفا متميزا، إذ تعتبر أن إيران هى القوة الصاعدة فى اقليم الخليج، بل تعمل على محاصرة النفوذ الطبيعى لبلد خليجى كبير كالسعودية. ولا ضير أن تختلف المناهج تجاه بلد جار، ولكن تغليف الامور على غير طبيعتها من شأنه أن يقود إلى نتائج خاطئة ومردود سلبى على الجميع. .
وما قامت به قطر إبان العدوان الاسرائيلى على غزة، يعبر عن ذلك النزوع الجارف نحو لعب دور يطيح بكل المعادلات القائمة دون سند من مكانة أو موارد وتاريخ. فالدعوة إلى عقد قمة عربية هى حق لا نزاع فيه لاى بلد عربى، والتجارب السابقة تقول أن تلك الدعوات عادة ما كانت تخضع لمشاورات عربية شاملة بغية ان تكون القمة إن عقدت ذات نفع عام، وليست خطوة إلى المجهول. ولذا كان إصرار قطر على عقد القمة تحت مسمى نصرة غزة، وقبل ثلاثة أيام من عقد قمة الكويت الاقتصادية استعد العرب لها جميعا طوال عامين سابقين، خطوة فى المجهول وليست عملا مفيدا لدعم الأهل فى غزة. .
ورب ضارة نافعة فقد ثبت فى هذا الاجتماع الذى حضره رئيس إيران وزعيم حركة حماس وعدد محدود من القادة العرب، أن دعم غزة بحاجة إلى أكثر من الكلمات الرنانة أو مجرد التركيز على إدانة مصر التى تحملت الكثير، أو إشاعة أن قطر بيدها الحل والعقد. وإذا كان من حق قطر ان تمارس سياستها الخارجية وفقا لما تراه مصالحها، فالمؤكد أنه ليس من حقها أن تعطى الدروس والعبر لمن لديهم تاريخ وتراث وريادة.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مشاركة مميزة
-
Can I sign u AHMED MOHAMED EL-WAZIRY" , "sami _rn2000" , "FAIRS animal" , "DR Abd-El-Rahman" , &quo...
-
http://www.ahram.org.eg/Egypt/News/123073.aspx اللهم لاتجعل هلاك مصر على يد الجنزورى اد-عبدالعزيزنور nouraziz2000@yahoo.com (رسالة مو...
-
Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of ... Inter-Agency Network for Education in Emergencies Terminology of Fragil...