عنوانه:, صورتان متضادتان عند السنة والشيعة], قدم فيه تصور الفريقين للهدي النبوي, ولصحابة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وحوارييه..
وفي هذا الكتاب, يقدم الندوي تصور أهل السنة والجماعة لإنجازات الهدي النبوي الذي أقام مؤسسات الصناعة الثقيلة ـ مؤسسات التربية ـ التي أعادت صياغة الإنسان بمنظومة القيم والأخلاق الإسلامية.
> عندما انتقل الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي الرفيق الأعلي, كان الذين دخلوا في الاسلام 124.000ـ وعندما ترجم العلماء الصفوة الصحابة, الذين تربوا في مدرسة النبوة, حصوا نحوا من ثمانية آلاف, منهم أكثر من ألف من النساء... وهي أعلي نسبة من الحواريين الذين صنعهم علي عينه رسول من الرسل أو نبي من الأنبياء ـ علي مر تاريخ النبوات والرسالات ـ.. فضلا عن الذين تربوا في النهضات والثورات.. ولهذه الحقيقة, التي مثلتها هذه الصورة, شهد الغربيون المنصفون ـ من غير المسلمين ـ أن المقدمين من عظماء الإنسانية مائة, أولهم رسول الاسلام, صلي الله عليه وسلم.
> وفي مقابل هذه الصورة للهدي النبوي وتربيته للصحابة والحواريين, وعلي الضد منها, تأتي تلك الصورة البائسة والشوهاء, التي صنعتها أكاذيب الشيعة لرسول الإسلام الذين معه من الأصحاب.. فلقد صوروا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ مربيا فاشلا, عجز عن تربية صحابته وحوارييه, بل أزواجه!..
لقد حكم الشيعة بالكفر والردة والضلال والنفاق والفسوق علي جمهور الأمة.. وعلي الدولة, والحضارة, والثقافة, والتاريخ.. ونسبوا إلي إمامهم الخامس أبو جعفر محمد الباقر [57ـ144هـ 676 ـ732م] كلاما شاذا يقول: كان الناس علي ردة بعد النبي صلي الله عليه وسلم ـ إلا ثلاثة: المقداء بن الأسود, وأبو ذر الغفاري, وسلمان الفارسي!!
> كذلك صوروا رسول الاسلام ـ صلي الله عليه وسلم ـ طالب ملك وراثي في نسله من فاطمة ـ رضي الله عنها ـ.. ثم قاموا بإضفاء العصمة علي هؤلاء الأئمة الاثني عشر, حتي لقد جعلوا إمامتهم فوق النبوة, لأن النبوة ـ بزعمهم ـ لطف خاص, بينما الإمامة لطف عام!.. بل لقد ذهبوا إلي حد تأليه الأئمة واشراكهم مع الله في الولاية التكوينية علي كل ذرة من ذرات هذا الكون.
> ولما لم يشهد القرآن الكريم علي شئ من هذا الغلو, ذهبوا إلي ادعاء تحريفه, وإلي أنه قد كان ـ في زعمهم ـ سبعين ألف آية, لم يبق منه سوي 6236 آية!.. ضاربين عرض الحائط بوعد الله ـ سبحانه وتعالي بحفظ هذا القرآن من أي تحريف أو تغيير أو تبديل:, إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] ـ الحجر: 9
> وعلي هذه الدعاوي الشاذة اجتمعت الشيعة عبر تاريخها, وفي أوثق مصادرها الحديثية والأصولية ـ وفي مقدمتها, الكافي] للكليني,329هـ 941م] ـ واستمر ذلك حتي عصرنا الراهن, فكتب الخميني,1320ـ1409هـ,1902ـ1989م] يقول: إن للأئمة مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون. وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل, لقد كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين, وجعل لهم من المنزلة والزلفي ما لا يعلمه إلا الله!..
> أما الصحابة ـ برأي الخميني فلم يكن لهم هم إلا الدنيا والحصول علي الحكم دون الاسلام والقرآن. لقد اتخذوا القرآن ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة. وقد سهل عليهم اخراج آيات القرآن التي كانت تدل علي خلافة علي رضي الله عنه ـ بل فصل, وعلي امامة الأئمة, وكذلك تحريف الكتاب السماوي, واقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا علي وجه دائم بحيث يبقي هذا العار في حق القرآن والمسلمين إلي يوم الدين. إن تهمة التحريف التي يوجهونها إلي اليهود والنصاري إنما هي ثابتة عليهم!!
هكذا صور الشيعة الاسلام وقرآنه ورسوله وصحابته ـ الذين صنعهم الرسول علي عينه, والذين أقاموا الدين والدولة والأمة والحضارة التي أنارت الدنيا وعلمت الأمم والشعوب.. ولا تزال.
> ولقد تتبع العلامة أبو الحسن الندوي معالم هذه الصورة الشيعية الشاذة التي رسموها للهدي النبوي وللصحابة والحواريين. وقام بتنفيذها ـ واستخدم في هذا التفنيد أقوال الامام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ التي جمعها الشيعة أنفسهم في كتاب:, نهج البلاغة].. كما استشهد بكتابات علماء الغرب الذين كتبوا في تاريخ صدر الاسلام.. ثم طرق بابا مهما من خلال التتبع للثقافة الشيعية, وكيف أن مكانة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قد تراجعت ـ في التراث الشيعي لحساب مكانة الإمام علي.. بل إن مكانة الإمام علي قد تراجعت لحساب مكانة الإمام الحسين ـ حتي لقد سموا أماكن صلواتهم بالحسينيات بدلا من أن تسمي بيوت الله!.. كما غطت أشعار المراثي ومناقب الأئمة وأحداث كربلاء علي المدائح النبوية عند الشعراء الشيعة.. ووصل الأمر باعتراف آية الله مطهري إلي حد هجر القرآن الكريم, بدعوي أن المخاطب به هم الأئمة وحدهم.. وانكار حجية العقل, بدعوي أنه لا دخل للعقل في الدين.. ورفض حجية الإجماع, لأن خلافة أبي بكر الصديق قد ثبتت بالإجماع!! وهكذا بلغ الحقد هذه المستويات من الشذوذ.