تقرير اللجنة الثلاثية النهائي لسد النهضة:التصميمات الأثيوبية للسد قاصرة.. والسودان يتراجع عن تجميد مشاركته في اتفاقية حوض النيل
تقرير اللجنة الثلاثية النهائي لسد النهضة:التصميمات الأثيوبية للسد قاصرة.. والسودان يتراجع عن تجميد مشاركته في اتفاقية حوض النيل
كتب ـ اسلام فرحات:
11170
العمل يتواصل فى موقع سد النهضة رغم الملاحظات الفنية
في اجتماع طارئ برئاسة الرئيس محمد مرسي الليلة قبل الماضية لبحث تداعيات سد النهضة الإثيوبي, قدم وزير الري د. محمد بهاء الدين عرضا مفصلا لمشروع السد, ونتائج تقرير اللجنة الثلاثية الفنية, كما طرح وزير الخارجية تصورا للتحرك المستقبلي والبدائل المتاحة للتعامل مع الملف, وقرر المجلس وفقا لما أعلنه المتحدث الرئاسي, اعتماد الخطة التي قدمها وزير الخارجية للتعامل مع الموقف, بما يحافظ علي المصالح المصرية والعلاقات الوثيقة مع الدول الشقيقة في حوض النيل, كما تم تشكيل لجنة قومية تضم الجهات الرسمية والشعبية والخبراء المختصين, علي أن ترفع تقارير لرئيس الجمهورية, وتقوم بإطلاع الرأي العام علي نتائج أعمالها.
وفي تطور جديد في ملف الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل, والتي رفضت مصر والسودان التوقيع عليها, قررت السودان, وبشكل مفاجئ وسري, التراجع عن قرار تجميد المشاركة في مشروعات مبادرة حوض النيل, وبدء العودة لدفع أقساطها ومساهماتها السنوية, مع احتمال أن توقع علي إتفاقية عنتيبي الإطارية, وذلك تحت ضغوط إثيوبية لاستقطاب السودان, وفصل التكتل( المصري السوداني) وإضعاف موقف مصر التي مازالت متمسكة بموقفها بتجميد أنشطتها, وعدم دفع المساهمات بمشروعات مبادرة حوض النيل.
وعلي جانب آخر, أكد وزير المياه والطاقة الإثيوبي المايهوتجنو, أن سد النهضة لا يمثل أي تهديد لمصر والسودان, ولا داعي لقلق الدولتين, وقال: ليس لدينا أي خطط للإضرار بدولتي المصب, ونحن علي استعداد لإجراء مناقشات مع مصر بشأن أي مسائل لديها, واستبعد الوزير الإثيوبي اللجوء إلي التحكيم الدولي قائلا: لا أري أي مسائل تدعو إلي الذهاب إلي هذا المستوي.
من ناحية أخري كشفت مصادر مطلعة بملف النيل لـ الأ هرام ملخص التقرير النهائي الرسمي لـلجنة الثلاثية لتقييم اثار سد النهضة الذي تم عرضه علي رئاسة الجمهورية حيث أكدت أن معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبي, بها قصور في منهجية عمل تلك الدراسات والتي تحتاج إلي تحديث بعض, قديمة, ويجب أن يتم تحديثها ووصفت المصادر تليه الدراسات بأنها لا ترقي لمستوي مشروع بهذا الحجم علي نهر عابر للحدود.
وأوصي التقرير النهائي بأهمية وجود احتياطات إنشائية تسمح بتوفير الحد الأدني من احتياجات دولتي المصب من المياه تحت الظروف الطارئة والتي لم يتم توضيحها في الدراسات الإثيوبية والتصميمات المقدمة للجنة, كما أن جزءا من تلك الدراسات يحتاج إلي تحديث في ضوء ما توفر من بيانات ومعلومات تم الحصول عليها من واقع الأنشطة المعملية والحقلية المتعلقة بالمشروع, حيث إن بعضا من تلك الدراسات تم إعدادها بعد الإعلان عن تنفيذ السد في1-4-2011, وكذلك أثناء عمل اللجنة.
وكشف التقرير أن التقرير النهائي تضمن أيضا تأكيد الخبراء علي عدم إمكانية الاعتماد علي تلك النتائج, حيث إنها مبنية علي بيانات وطريقة تحليل غير محققة ونموذج محاكاة مبسط, وتحتاج إلي دراسات معمقة لتعتمد علي نماذج رياضية أكثر تمثيلا لواقع النظام الهيدرولوجي لنهر النيل وظروف التشغيل تحت السيناريوهات المختلفة.
وأكد التقرير أنه لا يوجد تحليل اقتصادي من واقع الدراسات المقدمة من الجانب الإثيوبي فيما يخص السد وارتفاعه والقدرة التصميمية لمحطة الكهرباء, وأوضح التقرير النهائي أن الجانب الإثيوبي لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدي خطورتها علي دولتي المصب, وأكد التقرير علي وجود قصور شديد في الدراسات والتصميمات الخاصة بالسد المساعد والذي لم تقم الحكومة الإثيوبية بتقديم المستندات التصميمية الخاصة به للجنة بشكل يسمح لها بالتقييم.
وأشار التقرير إلي عدم توفير الجانب الإثيوبي لعدد من الدراسات وأهمها دراسة عن تأثير انهيار السد, وهي إحدي الدراسات الأساسية التي يجب إتمامها قبل الشروع في إنشاء أي سد.
كما أشار التقرير إلي أن الدراسات الإثيوبية تشير إلي أن ملء السد في فترات الفيضان العالية والمتوسطة سيكون له تأثير علي الكهرباء المولدة من السد العالي فقط, وأن الدراسات أوضحت أيضا أنه في حال ملء الخزان في فترات الجفاف فإن منسوب السد العالي يصل إلي أقل منسوب تشغيل له لمدة أربع سنوات متتالية, مما سيكون له تأثير بالغ علي توفير المياه اللازمة للري وعدم القدرة علي توليد الكهرباء لفترات طويلة.
وأشار التقرير النهائي إلي وجود بعض التأثيرات البيئية والاجتماعية والتي تتمثل في الإضرار بالثروة السمكية والمرتبطة بتدهور نوعية المياه نتيجة تحلل الزراعات الموجودة بمنطقة بحيرة السد, بالإضافة إلي تأثر صناعة الطوب بالسودان نتيجة تقليل كمية الترسيبات الواردة مع المياه, فضلا عن تدهور خصوبة التربية الزراعية بالسودان, كما تضمن الجزء الخاص بتصميمات السد مجموعة كبيرة من المشاكل الإنشائية, خاصة فيما يتعلق بأسس تصميم مكونات السد, وكذلك الدراسات وطرق التصميم المستخدمة لهذه المكونات.
و من جانبة قال الدكتور محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والري الأسبق إنه يجب أن تكون هناك اتفاقيات مع أثيوبيا حول كيفية مواجهة الآثار السلبية لسد النهضة مثل الآثار الفنية والبيئية, مشيرا إلي أنه إن لم تستجب أثيوبيا للتفاوض فعلي مصر الضغط علي الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للضغط علي الأثيوبيين.
وأضاف أبوزيد, في كلمته خلال اجتماع الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين, أن مصر تعيش أزمة مائية حقيقية لأن واردات الماء لم تتغير منذ توقيع اتفاقية تقاسم مياه النيل عام1959 والتي بموجبها يصلنا5 ر55 مليار متر مكعب من المياه وكان تعدادنا حينها20 مليون نسمة فقط أما الآن فتعدادنا حوالي85 مليون وحصتنا من مياه النيل كما هي لم تتغير.
وأوضح أن التقرير الخاص باللجنة الثلاثية حول سد النهضة الأثيوبي أوصي بإجراء المزيد من الدراسات عن الموضوعات؟ ؟غير المتفق عليها مثل فترة الملء والتخزين والتصرفات وأمان جسم السد وموضوع الترسيب؟ ؟والطمي والآثار الجانبية و البيئية.
وقال إن هذه الدراسات يجب أن تكون محل التفاوض لذلك يجب أن يبدأ فورا وبوضوح وشفافية والإسراع بالتفاوض علي أعلي مستوي لأن هذا سيؤدي إلي التوصل لحل المشكلة.
وأعرب أبوزيد عن أمله في أن تنتهي هذه المفاوضات إلي اتفاق يترجم في صورة اتفاقية توقع بين أثيوبيا ومصر والسودان ويصدق عليها من الهيئات الدولية, وإذا فشل التفاوض تلجأ كل من مصر و السودان للتحكيم الدولي بموافقة من أثيوبيا وهو ما ينص عليه القانون الدولي, مستبعدا أبو زيد اللجوء إلي الحل العسكري نظرا للعلاقات التاريخية و الحضارية بين مصر وأثيوبيا بجانب أن مثل هذا الحل لا يجدي في عهدنا المعاصر.
وأضاف أن هناك بالطبع بجانب سد النهضة سدودا أخري مقترحة في منطقة البارو أكوبو بجنوب السودان وهي تمثل المستقبل الاستراتيجي لمستقبل المياه في مصر.
وقال أبوزيد إنه من المعروف أيضا أن معظم دول حوض النيل لديها أحواض أخري فرعية توفر لها مصادر إضافية ومنها الكونغو مثلا حيث يتواجد بها نهر الكونغو الذي يبلغ تصرفه20 مرة تصرف نهر النيل ليلقي في المحيط الأطلنطي سنويا1000 مليار متر مكعب من المياه ويفتح ذلك المجال لاستغلال جانب من هذا الفاقد إما عن طريق تحويل المجري إلي حوض النيل أو استثماره داخل الكونغو في توليد الطاقة الكهربائية.