الفجوة العلفية بالمملكة العربية السعودية
والحلول المقترحة لتقليصها
ا.د.عبدالعزيزنور
استاذ الإنتاج
الحيوانى والسمكى
كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية
تشهد المملكة
حاليا زيادة الطلب على كافة منتجات الغذاء
بصفة عامة والمنتجات الحيوانية بصفة خاصة نتيجة
تأثير العديد من المتغيرات فى حياة المواطن السعودى ومنها زيادة متوسطات الدخول الفردية الحقيقية
والارتقاء بالمستويات الحياتية (الصحية والتعليمية والثقافية والإعلامية)، وما
تبعه من انفتاح حضاري وإعلامي على العالم وإدراك أهمية البروتين الحيواني في
التغذية، الى جانب معدلات زيادة سكانية مرتفعة( 2.9 % عام 2011 ).
و العالم بأسرة
يواجة مشاكل نقص انتاج الغذاء ومخزوناتة نتيجة للتغيرات المناخية ( الجفاف والتصحر
والفيضانات ...) والحروب الى جانب قيام
الدول الكبرى استخدام فوائض الغذاء لديها فى انتاج الوقود الحيوى . وتواجة المملكة
مشاكل محلية من أهمها، ندرة الموارد المائية
والظروف المناخية الصحراوية الجافة للسعودية، وتبني سياسات مائية تهدف لتحقيق"
الأمن المائى" مما تسبب فى إنخفاض الإنتاج الزراعي فى المحاصيل المستهلكة
للمياة وعلى قائمتها الحبوب والأعلاف ، بما يوحي بأننا فعلا متوجهين لأزمة غذائية....
إن إرتفاع الطلب
على المنتجات الحيوانية المختلفة زاد من الطلب على الأعلاف الحيوانية ولايكفى المنتج
المحلى منها على تغطية الطلب عليها مما دعى حكومة خادم
الحرمين الشريفين للتدخل وطرح سياساتها الرشيدة لتقليص هذة المشكلة والحد من آثارها
على المواطن السعودى حيث قامت بتشجيع المستثمرين
على إقامة المزيد من مشروعات الثروة الحيوانية والداجنية والسمكية ومنحهم التراخيص
والأراضي والقروض، الى جانب دعم مباشر ومستمر لمدخلات الإنتاج وخاصة الخامات
العلفية بإعتبار ان الأعلاف تعد أهم مدخلات الإنتاج في مشروعات الثروة الحيوانية
والداجنية والسمكية بالمملكة، وتتراوح تكلفة
التغذية ما بين 60 % - 75 % من إجمالى تكاليف
التشغيل في تلك المشروعات، ويعتبر الطلب على الأعلاف طلبا مشتقا من الطلب على
المنتجات الحيوانية النهائية المختلفة من لحوم مواشى ودواجن واسماك وألبان وبيض
وخلافة. كما تقوم الحكومة بتوفير البنية
الأساسية لخدمة هذه المشروعات بتنفيذ مشروعات توفيرالطاقة والمياه والطرق، وإنشاء
الأسواق المركزية والمسالخ الآلية المركزية وتوفير الخدمات البيطرية والإرشادية
وخلافة....كما شجعت الإسيثمار الزراعى فى الخارج واستيراد الأعلاف .
والمراعى الطبيعية بالمملكة تعد المصدر الرئيسي لتغذية قطعان حيوانات اللحم
فى البادية ، إضافة إلى محاصيل الأعلاف الخضراء من البرسيم والأعلاف الخضراء
الأخرى، والحبوب العلفية المنتجة محليا سواء المستخدم منها في الصورة الخام أو
الداخلة في تصنيع الأعلاف المركزة المنتجة محلياً ، بالإضافة إلى مخلفات قطاعي
الزراعة والصناعة التي تستخدم مباشرة في تغذية الحيوانات أو في تصنيع الأعلاف
المركزة . أن إنتاجية المراعى بالمملكة تبلغ حوالي 20.7 مليون طن مادة جافة رعوية
يبلغ منها الإنتاج الرعوي المأكول والمتاح لحيوانات الرعي حوالي 10.35 مليون طن
سنويا ( 50% من طاقتها الرعوية المتاحة) تكفى
لتغذية حوالي 2.3 مليون وحدة حيوانية (50% من حيوانات المملكة ) الأ ان تدهور حالة
هذة المراعى كنتيجة للرعى الجائر ادت الى
تقليص هذا المورد الطبيعى والمتاح الفعلى لحيوانات
الرعي لا يتجاوز 4.7 مليون طن تكفى حوالي
1.03 مليون وحدة حيوانية فقط، ومنة يتضح ان
مراعى المملكة الطبيعية لا تفى بتوفير الإختياجات الغذائية لحيوانات
البادية والحيوانات خارج الزمام، وأن هناك فجوة تقدر في مجموعها بحوالي 730 ألف
وحدة حيوانية، بذلك تقدر درجة الاكتفاء الذاتي في المراعى الطبيعية في المملكة
بحوالي 71%، وتواجه كافة مناطق المملكة فجوة في أعلاف مجترات البادية والحيوانات
خارج الزمام بدرجات متفاوتة، وتزيد الفجوة نسبيا في مناطق الرياض والمدينة المنورة
والمنطقة الشرقية ونجران، هذه الفجوة يتم تغطيتها من خلال جرعات علف إضافية من
مصادر علفية خارجية مثل الشعير أو الذرة أو الأعلاف المركزة الأخرى.
وبلغ انتاج الأعلاف الخضراء بالمملكة حوالى 3مليون طن علف اخضر عام 2009 ( حوالي 102 ألف هكتار برسيم أنتجت حوالي 2 مليون
طن، وحوالى 60 ألف هكتار مخاصيل اعلاف اخرى أنتجت حوالي 1021 ألف طن علف اخضر ).
ويتركز معظم انتاج الأعلاف الخضراءفى منطقة الرياض ( 47.7٪ ) ثم القصيم ( 11.3 ٪)، ثم الجوف (9.1٪
).
وفى ضوء استخدام الحبوب المنتجة في
المملكة في تغذية الإنسان بصفة اساسية فيتضح ان استخدامها في تغذية الحيوان ضئيلة
وبالتالى لا يمكن حسابها ضمن مكونات الموازنة العلفية في المملكة
ومنة يتضح ان المادة الجافة المتاحة
من المراعى والأعلاف الخضراء حوالي 7.68 مليون طن، منها حوالي 4.7 ملايين طن من
المراعى الطبيعية، وحوالي 2.98 ملون طن من الأعلاف الخضراء المزروعة. ولكن فى غضون
سنوات قليلة ستتوقف زراعة محاصيل العلف الخضراء حيث تدرس هيئة الخبراء في مجلس الوزراء
حاليا (عام 2014) إيقاف زراعة الأعلاف الخضراء في المملكة تدريجيا على مدى السنوات
الثلاث المقبلة حتى إيقافها تماما والاعتماد علىالاستيراد من الخارج وتوفير مصادر بديلة
محلياوإقرار استراتيجية وطنية للأعلاف لمدة خمس سنوات (2015م – 2020م )تركز على توفير
أعلاف للمملكة تتماشى مع سياسة الدولة في المحافظة على الموارد المائية ومنع استنزافها
وتوفير أكثر من ستة مليارات متر مكعب سنويا من المياه. وأوصت الاستراتيجية بدعم الاستثمار في صناعة الأعلاف
للاستفادة من تقديم أعلاف متكاملة تؤدي إلى توفير الاستهلاك وزيادة معدلات الإنتاج
وسد الفجوة الناجمة عن خفض استيراد الشعير وتدهور المراعي وانحسار زراعة الأعلاف الخضراء
محليا
فى عام 2008بلغ إنتاج الأعلاف المصنعة سنويا من 38 مصنع في مختلف انحاء المملكة حوالي 3.02
مليون طن، منها حوالي 2.07 مليون طن أعلاف الدواجن ( 68.7٪ ) وحوالي 836.2ألف طن
من أعلاف المجترات ( 27.70٪)، وحوالي 110.3 ألف طن من أعلاف الأسماك والأعلاف الأخرى
( 3.6% )من إجمالي إنتاج الأعلاف عام 2008. وتتركز مصانع إنتاج الأعلاف المركزة في
المملكة منطقة الرياض (17 مصنع )، 7 و مكة المكرمة(7) و المنطقة
الشرقية (5)، و القصيم (3). وتستورد
المملكة حوالي 80.2 ٪ من جملة الخامات العلفية المطلوبة لتشغيل هذة المصانع وتوفير حوالي 19.8 ٪ من مصادر داخلية.
و المشكلة فى عدم كفاية الطاقات الإنتاجية للأعلاف المركزة لاتخص مشروعات
الإنتاج الداجنى ( تشكل 68.7٪ من اجمالى الإنتاج الكلى بالمملكةعام 2008 )فهى
مكتفية ذاتيا خاصة فى المشروعات الإنتاجية الكبيرة والمتوسطة والتى توفر
احتياجاتها من الأعلاف من خلال مصانع أو وحدات إنتاج خاصة بها، ولكنها تخص توفير الأعلاف المركزة للمجترات بأنواعها(
أبقار، أغنام، ابل) واللآزمة لتغطية الفجوة العلفية المقدرة بحوالي 3.06 مليون طن اعلاف
مجترات سنويا، منها حوالي 94.4 ألف طن أعلاف أبقار ( 3.1٪ ) وحوالي 2.65 مليون طن أعلاف أغنام (86.5٪ )و حوالي 319.8 ألف طن اعلاف إبل ( 10.4٪ ). ويقدر البعض ان حجم سوق الأعلاف
( الشاغرفى عام 2013 ) يقارب نحو9 مليون طن
/ سنوياً الى جانب ان معدلات الطلب على المنتجات الحيوانية متنامي بمعدل5% سنويا بما يؤكد زيادة هذة
الفجوة مستقبلا خاصة عند التفعيل الكامل لإستراتيجية المملكة لتحقيق "الأمن
المائى" ووقف إنتاج القمح والأعلاف
الخضراء نهائيا بهدف المحافظة على المياه وترشيد استخداماتها بما يزيدالاعتماد على
الاستيراد من الخارج لتدبير معظم احتياجات المملكة من الخامات العلفية اللآزمة
لتغذية حيواناتها سواء من الأعلاف المركزة او المالئة على حد سواء. وكذلك التوسع
فى إنشاء مصانع جديدة للأعلاف المركزة والمتكاملة .
و بالرغم من دعم الدوله لنشاط تصنيع الأعلاف المركزة والمتكاملةو
تصنيف بعض مدخلات الأعلاف بانها خزن استراتيجي للسعودية و بناء على توصية خادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيزآل سعود عام 2011 م . و دعم صندوق التنمية الصناعية
لإقامة و إنشاء مصانع الأعلاف لا زال قطاع الأعلاف ضمن قائمة الانتظار في قوائم رجال
الأعمال و المستثمرين و تشير الإحصاءات عام 2011 بان عدد التراخيص المبدئية لإنشاء
مصانع الأعلاف وصل عددها الى ما يقارب 60 تصريح ولكن غياب المستثمر الحقيقي ادى الى
عدم إنشائها ممادعى الحكومة لإطلاق عدد من المبادرات ابرزها مبادرة ( الزراعة بالخارج
) و مبادرة ( استيراد الأعلاف الجاهزة من الخارج ) و تصنيفها من الدعم الوطني رغم استنزافها
من ميزانيه الدولة الشيء الكثير.
ونرى انة من الممكن تقليص الفجوة
العلفية بالمملكة من خلال تفعيل برامج تنمية مستدامة تعمل على تحقيق مايلى :
1- بإعتبار ان المراعى الطبيعية بالمملكة هى المصدر
الأساسى للموارد العلفية للمجترات فلا بد
من صيانتها وتنميتها لزيادة كميات الأعلاف المتاحة بها للمجترات على مدار العام .
2- الاستفادة القصوى من المخلفات الزراعية في إنتاج أعلاف
متكاملة (خاصة مخلفات 25مليون شجرة نخيل من سعف النخيل وكذا مخلفات تصنيع التمور من
نوى بلح –وتمور غير صالحة للتصنيع – ودبس).
3- استنباط سلالات نباتية (شجرية وشجيرية وحصولية ومستدامة)عالية
الجودة والإنتاجية وتتحمل الملوحة والجفاف.
4- تحسين الأحوال الوراثية ( انتخاب –تهجين ....) والبيئية(
اعلاف وتغذية ورعاية تناسلية وصحية .....) للحيوانات فى البادية بما يضمن سرعة
نموها وارتفاع معدلات التحويل الغذائى بها وزيادة انتاجيتها .
5- تشجيع الاستثمارات في مختلف مجالات تصنيع الأعلاف المركبة
والتى تحتاج إلى زيادة كبيرة فى الوقت الحالى، ودعوة المستسثمرين للمسارعة فى انشاء
مصانع الإعلاف وتنويع مصادر الخامات العلفية اللآزمة لها واستخدام البدائل
المختلفة بما يضمن انتاج اعلاف عالية الجودة ومستدامة ورخيصة .
6- دعم البنية الأساسية لهذا الإنتاج وتشجيع مربي ومنتجي الماشية
على تنمية استثماراتهم لزيادة طاقة القطاع الإنتاجية وتشجيع تصنيع واستهلاك الأعلاف
المركزة وتفعيل الإستراتيجية الوطنية للأعلاف بما يساعد على توفير مدخلات إنتاج محلية
تحافظ على مصادر المياه وتكلفة تحليتها.
7- تأمين وضمان توفر المواد الأولية اللازمة لتغذية الحيوان
فى إطار المخزون الإستراتيجى للغذاء.
8- تنظيم برامج الإرشاد الزراعي للتوعية بأهمية استهلاك الأعلاف
المركزة والجوانب الاقتصادية والغذائية ضمن تركيبة الأعلاف المستهلكة وبناء قاعدة معلومات
فيما يتعلق باللحوم الحمراء في المملكة وتشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي
نحو الاستثمار في الوحدات الإنتاجية الكبيرة مثل إقامة الشركات المساهمة في مواقع التنمية
الإقليمية بالمملكة ذات الميز النسبية والتنافسية في مجال تربية وإنتاج الماشية.
9- تشجيع وتحفيز الشركات الزراعية القائمة لإدخال الحيوان
ضمن استثماراتها في المشاريع الحديثة بغرض إيجاد قنوات إضافية لتوفير اللحوم الحمراء
.
10- وضع السياسات النقدية والمالية التي تشجع القطاع المصرفي
على تمويل الاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية خاصة في مجال إنتاج اللحوم الحمراء،
بما في ذلك سياسات الضمانات المقدمة مع الأخذ في الاعتبار التركيبة الراهنة لمؤسسات
القطاع والتي يغلب عليها الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة.
11- ضرورة معالجة مشكلات مشاريع
الإنتاج الحيواني القائمة خاصة مشاريع تربية
وإنتاج الحيوان المتعثرة، ووضع البرامج المناسبة لتنسيق استثماراتها في صورة اقتصادية
تمكنها من الاستمرار مثل تحويلها إلى جمعيات تعاونية، وتقديم الدعم والتسهيلات لها،
12- إجراء الدراسات المتخصصة للتعرف على الأسواق الخارجية المتخصصة
في مجال إنتاج اللحوم الحمراء بغرض تنويع مصادر الاستيراد مع الحفاظ على جودة المنتجات
المستوردة والاستفادة من اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع الدول المصدرة لهذه اللحوم
التي تمثل مصدراً دائماً في التعامل معه لتوفير هذه المنتجات بالمميزات الاقتصادية
التي يمكن تبادلها بين الطرفين في إطار المصلحة المشتركة.
13-
تفعيل دور الاستثمارات الحكومية
المشتركة بين المملكة والدول الأخرى في مجال الثروة الحيوانية وإنتاج اللحوم الحمراء
والتوجه نحو الاستغلال الأمثل لفرص الاستثمار الخارجية في هذا المجال من خلال الاستثمار
المباشر في مجال تربية وإنتاج اللحوم الحمراء وتشجيع الاستثمار الخارجي عبر الشركات
المساهمة في مجال إنتاج اللحوم الحمراء في إطار مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي
في الخارج.
14-
حظر تصدير
الماشية واللحوم الحمراء نظراً لوجود دعم تقدمة الدولة و لابد أن يصب في صالح استهلاك
المواطن من اللحوم الحمراء.
ومن اهم المؤشرات على ان إلإستثمار في قطاع تصنيع الأعلاف بالمملكة استثمارمثمر و ناجح هو توسعات
شركة أراسكو وزيادة انتاجها السنوى من 1.8
مليون طن الى 4 مليون طن من الأعلاف المركبة لتغطية احتياجات 35%من محتلف قطاعات الثروة الحيوانية بالمملكة وستخصص 75% من طاقتها لإنتاج 3 ملايين
طن من العلف المركب الكامل للماشية الذي تسوقه الشركة كبديل اقتصادي للشعير
والأعلاف الخضراء، فيما سيخصص مليون طن للوفاء بحاجات العملاء في قطاعات الدواجن
والأبقار والأسماك بما يعززالقدرة التنافسية للشركات المتوسطة والصغيرة في قطاع
الثروة الحيوانية، التي لا تستطيع الاستثمار في صناعة الأعلاف.